- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠1برنامج حياة المسلم 1
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا وأسعدنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مستمعينا الكرام أينما كنتم في حلقة جديدة مع فضيلة العلّامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
حياكم الله دكتور محمد، وحياكم الله مستمعينا، حديثنا اليوم عن سن التمييز عن المراهقة، فأهلاً وسهلاً بكم، نبدأ بقوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
شيخنا الكريم، فضيلة الدكتور محمد، هل بداية في فصل المصطلحات، هل هناك مصطلح إسلامي مثلاً لكلمة المراهقة، نسمع الناس يقولون: سن التمييز، سن التكليف؟
مصطلح المراهقة مصطلح طارئ من مجتمع التفلت :
الدكتور راتب :
أنا معلوماتي المتواضعة أن هذا المصلطح في الأصل لا وجود له، حينما يربى الشاب في بيت إسلامي، فيه مبادئ، وقيم، ولا يوجد به شاشات لا ترضي الله، ولا إثارة، ولا شيء بعيد يقترب من المعصية، هذه السن تلغى كلياً، متوازن، مرتاح، مع والده، مع والدته، مع أخواته، مع إخوته الصغار، بعمله، بدوامه، أما حينما الشاشة تثير غرائز الإنسان غير المنضبطة طبعاً، محطات فضائية غير منضبطة، فعندنا مشكلة، بينه وبين الزواج عشرون سنة قادمة، والأشياء التي تكون بين الزوجين يراها على الشاشة، مشكلة كبيرة جداً. فهذه مصطلح المراهقة في معلوماتي المتواضعة مصطلح طارئ، وليس أصيلاً في حياتنا، طارئ من مجتمع التفلت.
المذيع:
ماذا يعبر عنه دكتور في الشريعة؟ أي ما يقال مثلاً إن هذا الشاب وصل إلى سن التكليف أو سن التمييز؟
ما من شيء أحبّ إلى الله تعالى من شاب تائب :
الدكتور راتب :
بالشريعة ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب:
(( إن الله ليباهي الملائكة بالشاب التائب، يقول: انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي ))
أي لا يوجد سن أقرب إلى الله من الشاب التائب.
المذيع:
لكن دكتور أليست هذه التغيرات حتى الفيزيولوجية في جسم الإنسان سواء للذكور أو للإناث سيعقبها اختلاف في حياته حتى لو تربى في بيت إسلامي يراعي القيم، أليس من الطبيعي أن يراهق فيها دكتور؟
أهمية الانضباط في حياة كل إنسان :
الدكتور راتب :
أنا معلوماتي دقيقة جداً أخذتها من مصادر موثوقة، لو كان المجتمع منضبطاً تماماً، والعورات غير متكشفة، والأمور مضبوطة بكل وسائل الإعلام لا يوجد مثيرات.
سأقول كلمة دقيقة: هذه الشهوة أول شيء تثار، ثم تكبت أو تمارس، عنده بقية مبادئ وقيم يكتمها، لكن يوجد عنده شيء لأنها أثيرت، فأنا أقول: حينما لا نثير، ممكن تجلس على فضائيات منضبطة شهراً و لا يشعر الشاب بشيء ينقصه، أما يرى أشياء سوف يمارسها الإنسان بعد عشرين عاماً بوقت مبكر فعنده مشكلة.
المذيع:
خروجه شيخنا للبيئة المحيطة فيه، من الجيران من هو متدين، إلى المدرسة، إلى السوق، ألن يحرك هذه المشاعر التي فيه؟
الدكتور راتب :
هذه معطيات معاصرة، يوجد تفلت عام، أما لو عشنا بزمن انضباط فهذه المشكلة غير موجودة أصلاً.
المذيع:
ليست مرتبطة إذاً بتغيرات جذرية للوصول إلى سن التكليف الشرعي؟
الدكتور راتب :
أشياء بسيطة جداً، لا تغير من طبيعته الحقيقية.
المذيع:
يبقى مطمئناً كما تفضلت، ومتوازناً بالسلوك، جميل.
دكتور، هذا العمر الذي يمر اليوم فيه كثير من الشباب والفتيات من لحظة البلوغ ويبدأ الحساب والتكليف الشرعي من هذه اللحظة دكتور قبل ذلك لا يحاسب؟
زراعة القيم لدى الأولاد منذ ولادتهم :
الدكتور راتب :
هنا الموضوع أولاً خلافي، لماذا؟ مثلاً: الدول التي بخط الاستواء، بلوغ الفتيات يكون بالتاسعة، وهناك دول بشمال الأرض بالسويد تبلغ الفتاة في الثامنة عشرة، فهناك تفاوت، حينما الشهوة تنضج، والغريزة تُحس، وهناك مثيرات، هنا المشكلة، أما الانضباط فيخفف المشكلة كثيراً.
المذيع:
لكن يبدأ الحساب الشرعي دكتور من لحظة البلوغ بالنسبة للشاب وبالنسبة للفتاة؟
الدكتور راتب :
يوجد نقطة دقيقة جداً؛ لحظة البلوغ لا ممكن أن تنفذ بدقيقة، هذه الطفلة الصغيرة عمرها خمس سنوات لم نلبسها ثياباً قصيرة جداً، إنما ثياب معقولة محتشمة، لم نعمل أشياء لا ترضي الله، هي نشأت بعفة، نشأت بثياب محتشمة، لا يوجد عندها مشكلة، أما فجأة كان متاح لها كل شيء ثم مُنعت من أي شيء، هذه مشكلة كبيرة.
المذيع:
تقبلها سيكون صعباً.
الدكتور راتب :
صعب جداً.
المذيع:
إذاً هي زراعة مسبقة لهذه القيم لدى الأولاد.
الدكتور راتب :
أنا أرى أن هناك تربية للطفل منذ ولادته وحتى بلوغه، هي مهملة، يتفاجأ الأب أن ابنه صار مراهقاً، وطلباته غير معقولة، بأسرة ملتزمة منضبطة، لكن يوجد أشياء مفتوحة، غير مغلقة.
عفواً، كلمة أقولها لمرة واحدة: إذا كان بالتلفاز حوالي ثلاثمئة محطة، وربعهم إباحيات، أين ذاهب لتسهر مع زوجتك وعندك ثلاثة شباب بالبيت؟ إذا الشاشة ما انضبطت يوجد آثار تفوق حدّ الخيال.
المذيع:
ما العمل دكتور؟ هل يلغي التلفاز من بيته؟
بطولة الإنسان بالوازع لا بالرادع :
الدكتور راتب :
ينضبط بقنوات إسلامية، وإخبارية.
المذيع:
أي غربلة القنوات؟
الدكتور راتب :
ممكن تمسح كلياً من الجهاز، وأنا أحسن الظن بأخواننا الكرام، أكثر المتدينين ممسوحة كل الفضائيات الإباحية، لو أنت غبت لا يوجد شيء.
المذيع:
سامحني شيخنا، الفضائيات العامة مثل التلفزيونات الوطنية، ومثل الكثير من المؤسسات، وحتى بعض الفضائيات الإسلامية اليوم دكتور فيها هذه الأشياء؟
الدكتور راتب :
أصبحت مثل الطريق.
المذيع:
نوع من التبرج مثلاً.
الدكتور راتب :
مثل الطريق يجب أن يغض بصره، كالطريق تماماً.
المذيع:
تمنعها من بيتك، ولا تدع ابنك يتابعها، وتعلمه غض البصر، ماذا يفعل دكتور؟
الدكتور راتب :
أنا أميل أن يكون مسموحاً بها لكن يوجد وازع داخلي، أنا عندي وازع، ورادع، بطولتي بالوازع وليس بالرادع.
المذيع:
ما المقصود عفواً بالوازع والرادع؟
الفرق بين الوازع و الرادع :
الدكتور راتب :
الرادع خارجي، إذا ضبطه وقع بمشكلة، فإن كان بمفرده صار غير منضبط، لم يداوم، الروادع كلها خارجية.
المذيع:
الرادع مثلاً دكتور ضبطته يشاهد ما هو غير مقبول مثلاً أعاقبه، أحرمه التلفاز، هذا رادع.
الدكتور راتب :
ليس هذا قصدي، أنت لم تحضر التلفاز إلى بيتك إطلاقاً، هو يريد أن تشتري واحداً، أنت إذا أحضرت التلفاز وعلمته أن هذا يستخدم لاستخدامات راقية، استخدامات علمية، وفنية، لكن كلها منضبطة فأنت وجهته، لم يعد محروماً، لم يعد يسهر عند خالته ليشاهد التمثيلية، لا أريد أن أحرمه، أنا عندي حالة جديدة الآن، المعاصي تتناول بثانية، بكبسة زر، ولا أكتمك أحياناً تكتب بالمواقع شيئاً إسلامياً يظهر لك موقعاً إباحياً، العنوان إسلامي.
المذيع:
هذه تحتاج إلى تعزيز الوازع الداخلي.
الدكتور راتب :
الحقيقة أخطار الانترنيت خطيرة جداً، كما أن الانترنيت قدمت خدمات تفوق حدّ الخيال، أخطارها تفوق حدّ الخيال، بالبيت إذا كان الانترنيت منضبطاً، والفضائيات منضبطة، أما إذا كان هناك تفلت، والابن ذكي جداً، لا يترك والده يعرف هذا الشيء، أنا لا أريد أن أعتمد على الرادع الخارجي، أريد أن أنمي الوازع له.
المذيع:
يمكن أن يكون أفضل من والده بالتكنولوجيا.
الدكتور راتب :
أن أنمي له خوفه من الله.
المذيع:
شيخنا أنت لست مع إلغاء التكنولوجيا من البيت.
الدكتور راتب :
أنا مع أسلمت هذه الوسائل، كم فضائية إسلامية كلها، والله يوجد علماء كبار، تجلس ببيتك، ترى محاضرة لعالم كبير، قد لا يتاح لك أن تراه أساساً، شيء بمصر، شيء بالخليج، يوجد إيجابيات للانترنيت والفضائيات تفوق حدّ الخيال، وسلبيات تفوق حدّ الخيال، لكن بطولتي أن أحافظ على إيجابيات الجهازين.
المذيع:
هل هذا الشاب الذي يكون في الخامسة عشرة من عمره دكتور هو حريص أن تكون اهتماماته كوالده الذي يقدر عمره بخمسين سنة، ألا يرى أن هذا شيء مضحك، المشكلة دكتور أن هذه الفضائيات مخترقة.
الحرص على الألعاب التي تنمي القدرات و القيم و المبادئ :
الدكتور راتب :
هناك أشياء لا مانع منها، لكنها دقيقة، سيدنا يعقوب عندما قال له أولاده:
﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ﴾
موجودة في القرآن، فاللعب مطلوب، و لكن هناك لعب إسلامي، والله يوجد مليون لعبة إسلامية تنمي لك معلوماتك، تنمي لك قدراتك، تنمي لي مبادئك وقيمك.
والله أنا مرة شاهدة cd لمحمد الفاتح، والله بكيت فيه خمس مرات، لو عندنا سيديات راقية لأبطالنا الكبار الذين فتحوا العالم، مبادئهم، أخلاقهم، نصنع أمة من هذه السيديات، لكن هذه مشكلة.
أنا أقول لك كلمة لكنها دقيقة جداً أتمنى أن تكون واضحة: يوجد دراسة عميقة جداً جداً جداً للسيديات التي تباع في الأسواق، يركزون فيها على الإباحية والإلحاد، كلمتان دقيقتان، إباحية وإلحاد، هذا الذي يفعلونه في بلاد الغرب، أنا لا أتكلم أشياء ميئسة، لا والله، لكن هنا يوجد مشكلة كبيرة.
المذيع:
هل أصبحت الإباحية مدخلاً لنشر الإلحاد دكتور؟
الإباحية مدخل لنشر الإلحاد :
الدكتور راتب :
طبعاً لأنهم مع بعضهم.
المذيع:
الغرب يقترنون كثيراً مع بعضهم شيخنا، هل يروجون هذا من خلال الإباحية؟
الدكتور راتب :
الإلحاد لا يوجد من يحاسبك، أنت لحظة شهوتك لا يوجد من يحاسبك، والله أقسم بالله يوجد للمؤمن سعادة تفوق حدّ الخيال، إذا الإله العظيم رضي عن هذا الإنسان يمده بتجليات، بسعادة، بأمن، باستقرار، بسكينة يسعد بها ولو فقد كل شيء.
أنا اقول كلمة: إن لم يقل هذا الشاب المنضبط: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عنده مشكلة، أنا لا أريد أن أحرم الشاب السعادة، ولا الأمن، ولا الاستقرار، ولا التألق، ولا التفوق، أبداً:
(( أَلا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ))
يوجد جهد، لكن بعد ذلك يوجد ثمار يانعة.
المذيع:
جميل، إذاً أنت دكتور لست مع إزالة هذه الوسائل التكنولوجية من البيت كالتسالي.
ضرورة ترشيد الأجهزة التكنولوجية :
الدكتور راتب :
أسلمتها وترشيدها.
المذيع:
جميل، لو شيخنا لم يستطع أن يضبطها، مثلاً يحاول أن يفهم أولاده فيكتشف أنهم يشاهدون ما لا يرضي الله، يفهم، ويربي، ويعود في آخر اليوم إلى نفس المشكلة، هل أنت في هذه اللحظة مع قمع هذه الأجهزة؟
الدكتور راتب :
والله تحتاج إلى حكمة سيدي، إذا قمعتها بالبيت يراها عند رفيقه.
المذيع:
ماذا أفعل دكتور هل أبقيها وأنا أعرف أن ابني يتجاوز حدود الشرع؟
الدكتور راتب :
أنا مع أنصار التوعية، من أنصار الترشيد، ومن أنصار الإقناع، أقنع ولا تقمع، القمع حلّ غير ناجح.
المذيع:
وإذا الإقناع في عمر لم يؤت بنتيجة وتغلبه شهوته فيذهب إلى الخطأ؟
العناية بتربية الأولاد منذ ولادتهم :
الدكتور راتب :
يكون أنا عندي أخطاء بتربيته قديماً، هذا الجواب الدقيق، اعتن به من يوم ولادته مثلما قلت لا يزعحك هذا الازعاج أبداً، تاركه لسبع سنوات من دون توجيه، من دون مبادئ، من دون قيم.
المذيع:
جميل جداً! الله يفتح عليك دكتور، هل يحاسب الأب عن أولاده هذا سؤالنا ونقاشنا بعد فاصل قصير، نتوسع في هذه القضية وحديثنا عن فترة التميز الشرعي( المراهقة) فابقوا بالقرب.
حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم، أهلاً وسهلاً بكم.
أعمال الأولاد الإيجابية أو السلبية في صحيفة والدهم إلى يوم القيامة :
الدكتور راتب :
المفهوم المخالف كما أن الأب الذي ضبط أولاده، واعتنى بتربيتهم، واعتنى بإيمانهم، وبأخلاقهم، وبتألقهم، يكافأ مكافأة لا يعلمها إلا الله، بل إن المكافأة تفوق حدّ الخيال، كل أعمال أولاده الإيجابية في صحيفة الأب.
المذيع:
﴿ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
الدكتور راتب :
إذا أهمل الأب أولاده، كل الأخطاء الناجمة عن أولاده يدفع ثمنها الأب عقوقاً في الدنيا، ومسؤولية في الآخرة.
المذيع:
حتى لو كان مشغولاً بالعمل دكتور؟
العمل الذي يأخذ كل وقت الإنسان هو عقاب له :
الدكتور راتب :
هنا يوجد جواب دقيق: العمل الذي يأخذ كل وقتك هذا العمل عقاب لك، لست أباً، ولست أخاً، ولست ابناً، العمل الذي لا يدع لك وقت فراغ تمارس به مبادئك وقيمك هذا العمل ينبغي أن تركله بقدمك، أنا أتمنى أن يكون كلامي واضحاً، إذا لم يكن عندك وقت فراغ بحياتك غير النوم، والأكل، والشرب، والدوام، إذا لم يكن عندك وقت فراغ لمبادئك تتعلمها، لقيمك تنميها، هذا عمل خاسر، واركله بقدمك، أنت مخلوق للجنة، الجنة تحتاج إلى إيمان، والإيمان يحتاج إلى علم، والعلم يحتاج إلى حضور.
المذيع:
شيخنا، سيقول لك البعض سامحني أن هذا الكلام جميل لكنه مثالي، على أرض الواقع الناس تدور على فرصة عمل أينما كانت، فهل يترك هذا العمل؟
الدكتور راتب :
سيدي، أنا سأرد على المثالية التي تقال، حينما تكلم إنساناً بالمبادئ، هناك مثالية واقعية، وهناك واقع مثالي، بطولتي أن أنشئ واقعاً مثالياً، أو أنشئ مثالية لكن واقعية وليس هوائية.
المذيع:
أما غياب الأب مثلاً شيخنا مدة خمس عشرة ساعة في العمل يومياً عن أولاده؟
بطولة الإنسان أن يعطي كلّ ذي حق حقه :
الدكتور راتب :
لم يعد عنده وقت لتربية أولاده، خرج قبل أن يستيقظوا، ورجع بعدما ناموا، عندئذ أنت لست أباً.
المذيع:
يقول لك: العمل عبادة.
الدكتور راتب :
لا، هذا كلام مردود، أنت أب عندك مسؤولية تجاه أولادك، تجاه تربيتهم، وأخلاقهم، وعلمهم، أبداً، أعوذ بالله، البطولة سيدي أن أعطي كل ذي حق حقه، أنا أقول لك كلمة: لا يعفى الأب الذي اهتم بوالديه اهتماماً أنساه أولاده، لا يعفى، ولا يعفى أب اهتم بأولاده اهتماماً أنساه والديه، أو أنساه حرفته، فلم يتقنها.
المذيع:
والحل؟
الدكتور راتب :
الحل أن تعطي لكل ذي حق حقه، يوجد وقت لأولادي، وقت لزوجتي، من لها غيري؟ أنا أغيب هي تجلس بمفردها طوال النهار، ضاق خلقها، تأتي أنت تأكل ثم تنام، هذا لا يصح، الحد الأدنى أن تجلس معها حوالي ساعة، تتكلم معك، من لها غيرك؟
المذيع:
تتكلم بكلمتين مدة عشر دقائق فيضج رأسه بهذه الحكايات.
الدكتور راتب :
لذلك لا يوجد سعادة، هذه زوجة، شريكة حياة، أنا أقول، هذه بعلم النفس درسناها: يجب أن تستمع لزوجتك الحد الأدنى نصف ساعة باليوم، الحد الأدنى، لتكون زوجاً صالحاً.
المذيع:
أكرمك الله دكتور، ورفع مقامك.
إذاً شيخنا، الإنسان مأمور أن يعطي لكل ذي حق حقه، جزء منها لأولاده، وهذا مهم جداً، وهو عنوان حلقتنا، وجزء لأهله، لعبادته، لأمه، لزوجته، وهذه التفاصيل.
الدكتور راتب :
ولوالديه.
المذيع:
الإنسان الذي يغيب عن أولاده تحت بند هذا العمل، فلا يربيهم، ولا يعتني بهم، ويصبح وكأنه مورد مالي لاحتياجاتهم هو مقصر.
مسؤولية الآباء عند بلوغ أبنائهم مسؤولية مضاعفة :
الدكتور راتب :
مقصر أشد التقصير.
المذيع:
في سن التمييز هذا دكتورنا؟
الدكتور راتب :
الآخرون أنت لهم، وغيرك لهم، أما أولادك فمن لهم غيرك؟ لا أحد.
المذيع:
مسؤولية مضاعفة.
دكتورنا في هذا السن الخطير عندما يبدأ الأولاد و البنات في سن التكليف الشرعي، بعض الآباء يتحرجون أن يكونوا بالقرب من أولادهم، الأم مثلاً ترى ابنها صار مكلفاً تبتعد عنه لأنه صار ذكراً، الأب يرى ابنته كانت طفلة كان يلاعبها، ويقبلها، ويضعها بحضنه، الآن يعتبرها أصبحت شابة فيبتعد عنها.
وجوب الاستئذان قبل الدخول على النساء :
الدكتور راتب :
هذا كلام النبي، قال له:
(( استأذن على والدتك، قال له: إنها أمي، قال له: أتريد أن تراها عريانة؟ ))
المذيع:
الآن في دخول الباب، خوفاً من أن يكون يبدل ملابسه.
الدكتور راتب :
طبعاً أمه تبدل ملابسها.
المذيع:
بعض الآباء يبتعد عن ابنته حتى مثلاً لم يعد يقبلها، لم يعد يضمها، لم يعد يلاعبها.
حاجة كل بيت إلى الحبّ و الود :
الدكتور راتب :
لا، يقبلها من جبينها، أعوذ بالله، بالعكس القبلة لها أنواع، ولها أماكن معينة، كل واحد له مكان، الأب قبلته من جبين البنت.
المذيع:
يقبل ابنته من جبينها، هكذا كان عليه الصلاة والسلام يقبل ابنته.
الدكتور راتب :
من بين عينيها.
المذيع:
يا سلام! لكن طبعاً يراعي عمرها.
الدكتور راتب :
مسافر يريد أن يعانقها طبعاً يقبلها من جبينها.
المذيع:
يوجد آباء يخجلون شيخنا، يرى ابنته صارت صبية لم يعد يضمها لصدره.
الدكتور راتب :
لا، لا يوجد هذا الشيء، هي ابنته، أعوذ بالله ما هذا الكلام؟!
المذيع:
صار هناك نوع من الجفاف العاطفي.
الدكتور راتب :
لا يوجد أغلى من البنات، أعوذ بالله والله لا يخطر ببال إنسان بالأرض أن الأب عندما يضم ابنته يخطر بباله شيء ثان.
المذيع:
هذا نشاذ وشذوذ.
الدكتور راتب :
حالة شاذة، مرضية.
المذيع:
والأم نفس الشيء، مع ابنها الذكر نفس الشيء، ممكن أن تلاعبه وتقترب منه.
الدكتور راتب :
هذه أسرة سيدي، إذا البيت لم يكن جنة هناك مشكلة، وقد تكون مساحته ستين متراً، قد يكون الطعام متواضعاً جداً، قد يكون الأثاث كله على الأرض، نحن نحتاج إلى حب سيدي، هناك بيت فيه حب، يكون أسعد بيت بالأرض، وبيت لا يوجد به حب، مساحته أربعمئة و خمسون متراً، وصالونات، وغرف ضيوف، ولا يوجد حب.
المذيع:
شيخنا الآن ذكرت منهجيتين في تربية الأولاد؛ الأولى بالحب، والثانية بالإقناع والتربية بالقدوة، وقلنا كلاماً جوهرياً في تربية الأب مع أولاده، أنا أريد أن أذهب شيخنا إلى حالة مختلفة، لو الأب حاول أن يقنع أولاده لكنهم خالفوا رأيه، وكانت القضية مصيرية، مثال: البنت وصلت لسن التكليف الشرعي، ونحن نعرف حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
((إنَّ المرأةَ إذا بلغت المحيض لن يصلح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا))
الحديث أنها مكلفة بالحجاب الشرعي الكامل، ابنته لا تريد أن تتحجب دكتور، ماذا يفعل الأب هنا؟
الاعتناء بالفتاة منذ ولادتها :
الدكتور راتب :
أنا لا أصدق إطلاقاً، هذا اجتهادي الشخصي، وقد أكون مخطئاً، لا
أصدق أنا أعتني بابنتي من يوم ولادتها، بثيابها، بصديقاتها، لا يوجد عندها صديقة إلا محتشمة، محجبة، عندما أعتني بابنتي من أول يوم بالولادة لا يمكن أن أتفاجأ بإصرارها على السفور، مستحيل، أما أنا دائماً أهملها سبع سنوات، والتلفاز مفتوح، وكل شيء مفتوح، وتلبس ما تشاء، ثم أقول لها: تحجبي، لن تتحجب معك.
المذيع:
ماذا نعمل شيخنا، نحجبها بعمر السابعة؟
الدكتور راتب :
يؤمر بالصلاة لسبع، ويضرب لعشر، هو مكلف بسن الثالثة عشرة، الصلاة شاهد قوي، أنا عندما أتركه بلا صلاة حتى يبلغ الثالثة عشرة، لن يصلي، أنا أدربه على الصلاة من سن السابعة.
المذيع:
فجأة بعمر الثالثة عشرة لا يصلي.
الدكتور راتب :
أبداً يصلي من السابعة، تعال لتصلي، لست متوضئاً، أعيرك وضوئي بابا، لكن أريد أن أعلمه على الصلاة.
الدكتور راتب :
وعلى العشرة تشدد عليه، ما المقصود شيخنا اضربه على العشر؟
الوجه موطن الكرامة فعلى الإنسان الابتعاد عن ضربه :
الدكتور راتب :
اضربه ضرباً غير مبرح، ضرب إشارة، قد يضرب على كتفه، إشارة، المبرح ليس وارداً إطلاقاً.
المذيع:
لكن عفواً شيخنا لا يقصد الضرب بأداة.
الدكتور راتب :
أولا:
((اتقوا الوجه))
يا الله! موطن كرامتك، أنا أقول كلمة قاسية: إذا الإنسان ضرب ابنه كفاً يكون أحمق، الابن على وجهه لا يضرب، هذه واحدة.
وألا يضربه أمام أخواته، ولا إخوته، ولا أمام أحد، تعاقبه بينك وبينه، يقبل منك أقسى معاملة إذا قنع أنك أنت تحبه كثيراً، بينك وبينه.
المذيع:
هذا الضرب الشرعي شيخنا.
الحكمة من الهجر بالمضاجع :
الدكتور راتب :
الآن أقول لك مثل، لماذا الله قال:
﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ ﴾
أمر بالهجر، أكمل الآية:
﴿ فِي الْمَضَاجِعِ َ ﴾
لماذا بالمضاجع؟ قال: فقط اهجرها، ذهب ونام بغرفة ثانية، يوجد أريكة مريحة، علم الأولاد، إذا هجرتها يجب ألا يعرف أحد بالبيت، ولا أولادك.
المذيع:
كيف يهجرها في نفس المضجع؟
الدكتور راتب :
ينام هو بطرف التخت، وهي بطرف التخت، يوجد تخت عرضه يقدر بمترين.
المذيع:
لكن المهم ألا يعرف ذلك أحد من الأولاد.
الدكتور راتب :
أبداً:
﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ َ ﴾
ملمح دقيق جداً، إذا عرف الابن أن أمه وأباه مختلفان يتحطم، بأمه وبأبيه، يتمزق، يدفع الثمن الأولاد وحدهم.
المذيع:
أعود مع حضرتكم لأهمية الصلاة وخطورتها وتوضحيها شيخنا في قضية علمهم على الصلاة لسبع، واضربوهم لعشر، ذكرت شيخنا أن من آداب الضرب الموجودة ألا تضربه على الوجه، ولا تضربه ضرباً مبرحاً.
الابتعاد عن الضرب المبرح عند الأمر بالصلاة :
الدكتور راتب :
ضرب رمزي فقط.
المذيع:
ما رأي فضيلتكم ببعض الآباء الذين يستخدمون أدوات بالضرب كالنربيش أو سلك الكهرباء أو كيت و كيت.
الدكتور راتب :
هذا ليس أباً سيدي، هذا موظف بفرع مخابرات.
المذيع:
إذاً الضرب المقصود فيه توبيخ.
الدكتور راتب :
إشعار لعدم الرضا فقط.
المذيع:
هذا هو المقصود، أنا إذا مشيت مع ابني بكل هذه الخطوات شيخنا، وجاء سن التكليف، وابنتي لا تريد أن تتحجب، وابني لا يريد أن يصلي، ماذا أفعل؟
الدكتور راتب :
والله سيدي أنا هذه الأسئلة لا أستطيع أن أستوعبها، أنت عندما تهتم بالبنت منذ أن كانت صغيرة، لا يمكن أن تطلب منك شيئاً خلاف الأصول.
المذيع:
إذا تأثرت ببيئتها المدرسية، مثلاً لا أحد من صاحباتها متحجب، ولا تريد أن تتحجب مثلهم.
حاجة الزوجة إلى الطيبة و الإحسان و المحبة :
الدكتور راتب :
قصة سأرويها لكنها مهمة جداً، أنا قال لي أخ من إخواني، هذا تزوج امرأة متفلتة هو كان متفلتاً مثلها، هو اهتدى لله عز وجل، وهي لم تهتد، و لن تغير، لم يعد يتحمل أن تخرج زوجته بهذا الشكل، سألني يريد أن يطلقها، قلت له: لا تطلقها، أنت هكذا أخذتها، هكذا تزوجتها، الله هداك، الله صبر عليك، ثم هداك، وأنت اصبر عليها، قلت له: أنا لو كنت مكانك كنت سأعاملها معاملة تفوق حدّ الخيال، معاملة استثنائية، والله الآن هو حي يرزق، ويمكن يسمعني، أكرمها وهدايا وهي غير ملتزمة حوالي ستة أشهر، ثم أراد أن يذهب عند أهله، تفاجأ فيها وهي محجبة بحجاب كامل حتى الوجه، بالمعاملة الطيبة.
المذيع:
يا سلام!
الدكتور راتب :
سيدي، الزوجة تحتاج إلى طيبة، إلى إحسان، إلى محبة، إلى طمأنينة، هذا الذي يمزح مع زوجته بالطلاق إنسان أحمق، قلت لشخص مرة، يقول لزوجته: أريد أن أطلقك، قلت له: إما طلقها أو اسكت، تخوفها وأنت لا تنوي أن تطلقها، طمئنها يا أخي، أرحها، كلمة الطلاق تهز أركانها، طمئنها.
المذيع:
صحيح، نفس الشيء الأولاد إذا شعروا بالطمأنينة من قبل الأب والأم سيأخذون منهم هذه السلوكيات.
سلوكيات تشعر الأبناء بالطمأنينة :
الدكتور راتب :
والله هذه قصة قديمة أرويها، أضع ببيتي مبلغاً معيناً، وهناك دفتر وقلم، خذ قدر ما تريد.
المذيع:
تقريباً كم دينار كي نفهم نحن.
الدكتور راتب :
أنا أضع مثلاً ألف ليرة بالنسبة لي.
المذيع:
بالأردني كم تساوي دكتور؟ مثلاً حوالي عشرين أو ثلاثين ديناراً؟
الدكتور راتب :
تقريباً، أضعهم بالدرج و أضع إلى جانبهم دفتراً وقلماً، بابا خذ حاجتك، لكن اكتب، إذا رأى مالاً كثيراً أخذ حاجته.
المذيع:
حضرتك تضع المبلغ بشكل دائم، من يأخذ الأولاد أم البنات؟
الدكتور راتب :
يأخذون ما يحتاجون.
المذيع:
دون أن يرجع لك، يكتب على الدفتر اسمه والرقم.
الدكتور راتب :
كل ولد له دفتر خاص، أنا أخذت هذا المبلغ بتاريخ كذا، كي يشتري الطعام الفلاني، وجد نفسه يملك المال دائماً.
المذيع:
ما الفكرة عفواً دكتور من هذا الشيء.
الدكتور راتب :
ألا يشعر بالفقر، معه مال دائماً، لكن معه مال وسيحاسب عنه.
والله أعرف أخاً بالأردن، أنا تأثرت كثيراً بمبدئه، أخذ فواتير الكهرباء عن اثني عشر شهراً، قسمها على اثني عشر كان الناتج رقماً وسطياً، أخذ فواتير الماء، فواتير الهاتف، كله يأخده عن سنة، ويقسم على اثني عشر، الوسطي، قال لأولاده: أي رقم دون الرقم الوسطي لكم.
المذيع:
أي إذا وفروا بالفاتورة عائد للأولاد.
الدكتور راتب :
قال لي: لم يعودوا يشعلون ضوءاً لا لزوم له، لا ينسون هذا ولا دقيقة، حتى بالماء، حتى بالهاتف، كله ضبطوه.
المذيع:
هذا شيء، والذي يصرخ، ويعنف، ويسب أولاده، هذا شيء ثان، سبحان الله.
الدكتور راتب :
قال لي: والله تقريباً للربع نزلت الكهربا، وهذا أفضل من الصرف بلا فائدة.
المذيع:
يا سلام، ما أجمل هذا الشيء! لماذا أحياناً نحرم هذه المنهجيات من التربية شيخنا في التنشئة الاجتماعية؟
حرمان بعض الآباء من منهجيات التربية في التنشئة الاجتماعية :
الدكتور راتب :
التربية علم، معي دكتوراه في التربية، التربية علم قائم بذاته، لا أحد علم الأب ماذا يفعل مع أولاده، كلها خبرات قديمة جداً، قال: اقطع رأس القط من يوم العرس، ما هذا الكلام؟! يوم العرس يضرب زوجته؟! هذه وحشية، نحن عندنا أشياء وتقاليد مرفوضة إسلامياً، كلياً مرفوضة.
المذيع:
الله يفتح عليك يا دكتور، كلام حساس، وكلام خطير ومهم جداً.
بما أنه نتحدث شيخنا عن ملفات مهمة، عن الخلافات التي تجري بين الوالدين وخطورتها على الأولاد في سن التمييز، ونتحدث عن اختيار أصدقائهم.
وجوب حلّ الخلاف بين الآباء دون علم الأولاد :
الدكتور راتب :
والله من أعماق أعماق أعماقي أتمنى ألا يعلم الابن إطلاقاً بأي خلاف بين أبويه، اترك الخلاف بينك وبينها بغرفة النوم فقط، متلما قلت قبل قليل:
﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ َ﴾
فقط، هذه أمه، وهذا أبوه.
المذيع:
مشهد صارخ بين الزوجين، وشتم، وصراخ، وهي تخرج من البيت، وهو لا قدر الله يكسر شيئاً عليها.
الدكتور راتب :
سيدي يصير معهم حرج، هي أمه، وهذا والده، إن مال ناحية أمه يغضب والده.
المذيع:
ويؤثر على نفسيته.
الدكتور راتب :
والله البيت السعيد أقسم بالله يتحمل كل مشاكل الحياة خارج البيت، يمتصها كلها، يدخل لبيته بيته جنة، قد يكون البيت صغيراً، والأكل بسيطاً، لكن يوجد حب سيدي، الحب هو الأصل بحياتنا، الله يفتح عليكم يا رب.
دكتور كلام بغاية الروعة والجمال أخذناه، أنتقل إلى ملف القرارات، كثير من الأولاد والبنات بهذا السن شيخنا يعتبر نفسه ناضجاً، وهو في بداية قدرته على اتخاذ القرار الصحيح، ماذا يفعل الوالدين؟
منح الثقة للأولاد باستشارتهم و تقبل آرائهم :
الدكتور راتب :
الأب حينما يستشير ابنه الصغير، يعطيه معنويات تفوق حدّ الخيال.
المذيع:
كيف يستشيره دكتور؟
الدكتور راتب :
أنا بابا أريد أن أفتح هذا المحل، أفتحه مواداً غذائية أم ألبسة مثلاً؟ ماذا تقول أنت؟ والله أحياناً الأب يتلقى إجابات مذهلة من الأولاد، عندما تمنح الابن ثقة هذا شيء غير معقول إطلاقاً.
المذيع:
أنت تستشيره بأشيائك الشخصية كأب.
الدكتور راتب :
نعم، كأب، بابا نحن نعيش كأسرة، أنا أفكر أن أعمل هذا الشيء، أن نذهب نزهة سنوية، تختار هذا المكان أم هذا المكان؟ أيهما تراه أنسب؟ أحياناً تسمع منه أشياء جميلة جداً.
أقول لك كلمة ثانية؟ الاستشارة تقوي الشخصية، تعطيه قوة، هذا ابني، مستشاري، أحياناً يعطيك حلولاً لا تخطر ببالك، أنت عندك ضغوط، ضغوط كثيرة، هذه الضغوط جعلت رؤيتك غير صحيحة، فتكلم لك الصواب.
المذيع:
جميل! هذا شيخنا أنت تتحدث عفواً عن حاجاتي أنا كأب أستشيره فيها.
الدكتور راتب :
أنا صدق بالتعليم لي تجارب، أول يوم بالعام الدراسي أطلب من كل طالب سيرته الذاتية، أعرف ما وضعه، هذا أمه مطلقة، إذا هندامه لم يعجبني، معنى هذا أن أمه مطلقة، مسكين، هذا سبب هندامه غير الجيد، أمه مطلقة، هذا يتيم لا يوجد عنده مال ينفقه، آخذ السيرة الذاتية.
شيء ثان: أطلب منهم أن يتكلموا لي عن أخطائي بالتعليم معهم، لكن من دون اسم حتى لا يشعر بالحرج، والله أتلقى أشياء، الطفل ناقد كبير جداً، لو الأب قال لأولاده: اكتبوا لي على الورقة ما هي الأشياء التي تضايقكم مني.
المذيع:
هو يعرف خط كل ولد فيهم شيخنا ويميز.
الدكتور راتب :
سيدي الذي يريد أن يتقدم عليه أن يقبل النقد، هذه الكلمة دقيقة، عندما تلغي المعارضة تلغى أنت، بأي منصب قيادي، بأي منصب، من خفير لوزير.
المذيع:
نعتبرها رسالة سياسية دكتور.
التشجيع على تقبل آراء الآخرين :
الدكتور راتب :
عندما تلغي المعارضة تلغي نفسك، المعارضة تقوم، تنبهك لشيء أنت غائب عنك، وإذا لم يكن هناك معارضة يحدث انفجار مفاجئ.
المذيع:
هل كان هذا منهج قادة المسلمين، كالفاروق عمر أطيعوني ما أطعت الله فيكم .
الدكتور راتب :
فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.
المذيع:
كان يشجع على وجود المعارضة، والأب اليوم في عنواننا عن التعامل مع الأطفال في سن التمييز يشجع على أن يعبروا عن رأيهم حتى لو كان اعتراضاً على قرار الأب.
الدكتور راتب :
سيدنا عمر قال لأحد ولاته: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده، قال له: إذاً إن جاءني من أهلك أومن أتباعك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، قال له: إن الله استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإن لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية.
هذا منهج.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، كلام جميل.
الولد في قراراته الشخصية دكتور هل القرار له أم للأب مثلاً في اختيار الأصدقاء؟
حاجة كل ولد إلى صديق يعينه على الطاعة :
الدكتور راتب :
والله أنا أعرف أولاً لابد له من صديق، لكن أنت بلغه يا بني سأنصحك نصيحة، إذا أنت أحسنت اختيار الصديق تزداد قوة وعلماً، وإذا اخترت صديقاً آخر غير منضبط قد تنتهي عند الله وعندي، فأنا أعرف أباً يختار لأولاده أفضل الأصدقاء، كل واحد معه تعليمات عنه، يقول: خذ هذا، وهذا، وهذا، لكن يجب أن يكون الصديق إيجابياً يعينه على طاعة الله، يعينه على الصلاة، إلغاء الصديق مشكلة بالبيت.
مثلاً، كنت مرة بأمريكا، يدعو الابن أصدقاءه للغداء في بيته، تعمل أمه له غداء و ترحب بهم، شعر هذا الولد بمودة كبيرة، وأمه فرحت كثيراً.
لا تلغ أصدقاء الابن، إذا كان أصدقاء الابن أخلاقيين، لا تلغهم، وأنا دائماً أقول كلمة: إذا كنت تعنف ابنك أمام صديقه، تكون أنت قد ذبحته، أو أمام أخته، تعنفه بينك وبينه فقط.
المذيع:
شيخنا في هذا العمر الحساس، بعض الأهالي يهملون أولادهم مثلاً في اللباس، يمكن النبت تصل إلى سن التكليف الشرعي تريد أن تتحجب، فالأب مثلاً يجبرها على أن ترتدي ملابس مشابهة لملابس الأم، مثلاً لون قاتم أو كذا، بنت صغيرة، ما رأي فضيلتكم؟
عدم إجبار الأولاد على شيء لا يحبونه لأنهم خلقوا لزمن غير زمن آبائهم :
الدكتور راتب :
ممكن أن تكون الألوان غير ألوان الأم، ممكن أن يكون هذا الشيء هو المطلوب، إن كان ضيقاً نوسعه لم يعد هناك مشكلة، ممكن أن تعدل الألبسة، بحيث لا تصف لون البشرة، ولا حجمها، الضيق يصف حجمها، ولا أن تكون ذات لون صارخ.
المذيع:
لكن ليس من الضروري أن يشابه لباس الفتاة لباس أمها، البعض يحاول هذا.
الدكتور راتب :
لأنهم خلقوا لزمن غير زمنكم.
المذيع:
جميل! هذا في كل شيء حتى شيخنا في اختيار مثلاً التخصص الجامعي، إذا الأب لنفترض مثلاً يعمل في مجال اللغات، الابن ليس مضطراً أن يشابه والده.
أكبر هدية للمؤمن أنه أوتي الحكمة :
الدكتور راتب :
وقد لا ينجح مع أبيه، أريد أن أقول لك كلمة دقيقة: سيدي أكبر عطاء إلهي على الإطلاق أن تؤتى الحكمة من الله، فالذي أوتي الحكمة يجعل عدوه صديقاً، ويسعد بزوجة من الدرجة العاشرة، أوتي الحكمة، وتدبر أمره بالمال المحدود، والذي لا يملك الحكمة يجعل الصديق عدواً، ويشقى بزوجة من الدرجة الأولى، ولو كان عنده أموال وفيرة يتلفها، لذلك أكبر عطاء إلهي على الإطلاق الحكمة، ما قال: من يكن حكيماً، ما قال: من يأخذ الحكمة، لا تكون باختيارك، ولا أن تتخذها.
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
أي أكبر هدية للمؤمن أنه أوتي الحكمة.
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
المذيع:
ونعمة بالله رب العالمين، كلام بالغ الأهمية والجمال، الله يفتح عليكم يا دكتور.
شيخنا أحياناً الأولاد في هذا العمر يحبون أن يقلدوا أصحابهم، مثلاً رأى صديقه اشترى حذاء رياضة بمبلغ معين يريد أن يشتري مثله، ما رأي فضيلتكم بهذه القضية، يستجيب لهذه الطلبات؟
أقنع و لا تقمع :
الدكتور راتب :
والله أنا أقول كلمة دقيقة: أنت لا تخف، مسموح لك كأب، وكمربّ، بصرف النظر عن مالك قليل أو كثير، أن تقول: لا، عود ابنك أنه يا بابا هناك أشياء لا أتقبلها، وهذا لمصلحتك، يحتاج إلى إقناع سيدي، أقنع ولا تقمع، ملخص الملخص، هذا الشيء الآن يضرك يا بني، أنا لمصلحتك، فأنت عندما أنه يوجد إقناع، وتعليل، مثلاً:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
أمر إلهي، إله خلقك، قال:
﴿ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾
إله أقنعنا بأمره بالتعليل، أنت يجب أن تعلل لماذا منعته من هذا الصديق؟ هذا يجب ألا يدخل لبيتنا، لماذا بابا؟ بيّن له، نوع تربيته فيها خطأ، نوع كلامه فيه خطأ، علاقته غير منضبطة، قد يسحبك لعنده، الصاحب ساحب.
أنا أحكي لأخواني عن لعبة شد الحبل، العلاقة مع الأصدقاء تتمثل بهذه اللعبة، إذا استطعت أن تشدهم لعندك تابع اللقاء معهم، إذا استطاعوا أن يشدوك لغلط ابتعد عنهم، لعبة شد الحبل هي المقياس.
المذيع:
جميل! ما رأي فضيلتكم في عمل الأولاد والبنات، بهذا السن دكتور سواءً عملهم داخل المنزل، مع الأب والأم، أو عملهم الخارجي مثلاً للأولاد، إذا أبوهم عنده دكان يعمل فيه.
العمل ينمي ملكات الإنسان :
الدكتور راتب :
أنا أقول: العمل ضروري.
المذيع:
يفقد الشخصية؟
الدكتور راتب :
لا، بالعكس يلمعها، إذا اشتغل الطفل يعرف قيمة المال، والبنت عندما تشتغل تعرف قيمة المال، إذا كان هناك تبديد للمال فذلك لعدم فهم قيمته، هذا متعوب عليه، ثماني ساعات دوام حتى أخذ المعاش، أنت تصرفه على أشياء تافهة.
المذيع:
يصبح مدركاً لقيمة المال، ونفس الشيء بالبيت ممكن أن تعمل البنت مع أمها بالترتيب، بتنظيف البيت.
الدكتور راتب :
العمل ينمي ملكات الإنسان.
المذيع:
شيخنا حينما نجد جانباً من الضعف عند أولادنا بهذا العمر كيف نعالجه، سواء ضعف أكاديمي، أو ضعف بالشخصية، أو ضعف بالمستوى الإيماني، ما هي أفضل طريقة بخبرتكم التربوية؟
طرائق لإصلاح الضعف عند أولادنا :
الدكتور راتب :
مرة طالب أخذ صفراً بالإعراب، لا يفهم شيئاً إطلاقاً، ممكن أن يرسب، اللغة العريبة مادة مرسبة، يعيد السنة كلها من أجل علامتين أو ثلاث بالإعراب، أعطيته بيت شعر، وأعربته له، وقلت له: احفظه عن غيب، في اليوم الثاني، البيت صعب جداً، أخرجت عدداً من الطلاب إلى السبورة لإعراب هذا البيت، فلان لم يعرف، وفلان لم يعرف، قلت لهذا الطالب: أعربه أنت، فعربه، صفقوا له، طار عقله، أخذ علامة تامة آخر السنة بالإعراب، علامة تامة، رفعت معنوياته.
لا تسفه الابن، أنت لا تفهم، أنت حمار البعيد، هذه أعدها أنا جريمة، يجب أن تقول له: أنت تفهم وممكن أن تكون أحسن إنسان.
والله أعرف طبيباً، حتى يعمل حافزاً لابنه ليكون طبيباً، قال له: يا بني أنت آخرتك دكتور، ما شاء الله، أنت ذكي جداً، وعندنا خطاط كبير في السن قد يموت في أية لحظة، وخطه جميل جداً، سأعمل لك لوحة باسمك أنك دكتور، لوحة نحاسية كبيرة، الدكتور فلان، وهو مازال بالصف الرابع، وضعها بغرفته، يستيقظ صباحاً الدكتور فلان، صار طبيباً كبيراً.
قال لي مرة أحد الدعاة الكبار بحمص موجود، قال لي: كنت أمشي مع والدي فشاهدنا جدي، قال له: يا بني هذا ابنك سيكون طبيباً عندما يكبر، قال لي: هذه الكلمة رنت في أذني، وصرت طبيباً، أما لا تفهم، أنت البعيد كذا، أنت غبي.
المذيع:
ممكن أن تكون مؤهلاته عندما يكبر ضعيفة، لكن تم تعزيز الموضوع نفسياً.
الدكتور راتب :
إن الإنسان ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً.
المذيع:
شيخنا ملفنا الأخير ف