- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
زيت الزيتون هو الغذاء الأول الذي يرتبط بمرونة الشرايين :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( كلوا الزيت وائتدموا به وادهنوا به ))
هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لي هذا الموضع مقدمة سألت مرة طبيباً ما الذي يميت الإنسان ؟ لو أن الإنسان نجا من كل الأمراض التي نعرفها ، كيف يموت ؟ فقال لي : بتصلب الشرايين ، ذلك أن القلب حينما ينبض نبضته الشريان يتجاوب معه فيتمدد ولأنه مرن يرجع إلى مكانه الأول من تلقي النبضة القلبية ، والعودة بفعل المرونة إلى الحجم الأول يصبح الشريان قلباً آخر ، فكل شرايين الإنسان قلوب ، والدليل على ذلك لو وضعنا يدنا على شريان في معصمنا نشعر بنبض القلب ، إذاً الشريان قلب آخر مرن ، معنى المرونة أنه كالمطاط إذا مددته يتجاوب معك ، إذا تركته يعود إلى ما كان عليه ، فالشريان عنده مرونة فهو قلب آخر ، لذلك الإنسان إذا نام نوماً مديداً ما الذي يحصل ؟ مع النوم المديد يخفض القلب نبضاته إلى خمس وخمسين نبضة فقط ، وإلى خمسين ، فإذا سار الدم بطيئاً بطيئاً في الشرايين ذرات الدهن العالقة في الدم تترسب في جدر الشرايين ٍ، إن ترسبت في هذه الجدر تفقد الشرايين مرونتها وتتصلب لا تتجاوب مع القلب ، فإذا تصلبت تعب القلب ، وأكثر امراض القلب من تصلب الشرايين ، هذا المرض القاتل في النهاية ، فكلما حاولنا أن نحتاط بأن تبقى الشرايين مرنة فهذه الشرايين مرنة ، والذي يجعلها مرنة هو زيت الزيتون ، هو الغذاء الأول الذي يرتبط بمرونة الشرايين .
زيت الزيتون مادة ملينة ومجرفة :
شيء آخر؛ زيت الزيتون مادة ملينة ومجرفة :
(( كلوا الزيت وائتدموا به وادهنوا به ))
مادة ملينة ومجرفة ، لذلك الإنسان حينما يستيقظ لصلاة الفجر ، ماذا فعل ؟ طبق نصيحة طبية دقيقة جداً ، النوم المديد يجعل هذه الذرات الدهنية في الدم تترسب على جدر الشرايين ، وإن ترسبت قلت مرونة الشريان ، وإن ترسبت ضعفت المرونة في الشريان ، عندها يضعف القلب ، فلذلك من تمام الصحة الاستيقاظ على صلاة الفجر :
(( وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ))
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً ﴾
حرص الإنسان على سلامته و سعادته و استمراره :
لذلك الإنسان أعقد آلة في الكون ، هذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة العظيمة التعقيد تعقيد إعجاز صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، هذه تعليمات الخالق من عند الخبير ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
و لا يوجد إنسان على وجه الأرض - يوجد سبعة مليارات ومئتا مليون - إلا وهو حريص على سلامته وسعادته واستمراره ، سلامته باتباع تعليمات الصانع ، لأن الجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة الخبيرة ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
و لا يوجد إنسان إلا وهو حريص على سعادته ، كل ما في الكون من جمال مسحة من جمال الله ، الإنسان يحب في الأصل النوال والجمال والكمال ، فالنوال من عند الله ، والجمال من عند الله ، والكمال من عند الله ، هذه الأسماء الحسنى والصفات العلا التي نعرفها عن الله عز وجل هي سبب سعادتنا .
الفطرة و الصبغة و الطبع :
إذاً كل ما في الكون من جمال مسحة من جمال الله ، الإنسان يحب في الأصل النوال والجمال والكمال ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً ، لذلك ما من أمر أمرنا الله به إلا فطرنا أو بتعبير معاصر برمجنا على محبته ، وما من أمر نهانا الله عنه إلا برمجنا وولفنا وجعلنا كذلك نكرهه ، لذلك قال تعالى :
﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾
إذاً أنت مبرمج على أن هذا الذي أمرت به يسعدك ، وهذا الذي نهاك عنه يؤلمك ، فلذلك قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه﴾
أنت مفطور ومجبول ومبرمج ومولف على أمر الله ونهيه ، لذلك هذه الكآبة التي يشعر بها الإنسان إذا عصى الله هي كآبة خروجه عن فطرته ، الفطرة متطابقة مع الشرع فإذا خرجت عن منهج الله غير منتبه لمنهجه ، ما الذي يحاسبك ؟ فطرتك ، فالفطرة هي التي تحاسب الإنسان ، لذلك الكآبة والضيق ، قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه﴾
فأن تحب الخير هذا فطرة ، أن تحب العدل هذا فطرة ، أن تحب الكمال هذا فطرة ، أن تحب الكرم هذا فطرة ، لا تعني الفطرة أنك كامل ، الصبغة هي الكمال ، فالإنسان إذا استقام على أمر الله ثم توجه إلى الله اشتق من الله كمالاً ، هذا الكمال هو الصبغة ، فلذلك بين أن تحب الخير وبين أن تكون خيراً مسافة كبيرة ، صار عندنا فطرة وصبغة ، لكن هناك طبعاً ، ورد في بعض الآثار النبوية :
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ))
هناك إنسان طبعه اجتماعي ، طبعه فردي ، طبعه يجب السفر ، طبعه لا يحب السفر ، يعتني بهندامه كثيراً ، وهناك إنسان يعتني عناية معقولة ، إنسان أقل عناية ، هذه الطباع شيء آخر غير الأخلاق ، إنفاقه ، عزلته عن الناس ، انفتاحه على الناس ، حبه للسفر، حبه للإقامة ، هذه طباع وقد ورد أن المؤمن :
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ))
فإذا خان وكذب خرج عن إيمانه ، من هنا عندنا مصطلحات ثلاثة في هذا اللقاء الطيب ؛ الفطرة أن تحب الخير ، الصبغة أن تكون خيراً ، لأن الطبع أنت طبعت على حب المال والتكليف أن تنفقه ، أنت طبعت على التلذذ بمنظر المرأة والتكليف أن تغض البصر ، أنت طبعت على أخذ المال والتكليف أن تنفقه ، أنت فطرت على الخوض في فضائح الناس والتكليف أن تصمت ، من تناقض الطبع مع الفطرة يكون ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
صار عندك فطرة ، و صبغة ، و طبع ، الفطرة أن تحبّ الشيء الكامل ، والصبغة أن تكون كاملاً ، والطبع أن تتناقض على ما جبلت عليه في شؤون المادة ، تحب أخذ المال التكليف إنفاقه ، تحب الكشف عن فضائح الناس التكليف أن تستر ، تناقض الطبع مع التكليف هو ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
وإلى لقاء آخر ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .