- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠16برنامج ومضات قرآنية - قناة بغداد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
الدعاء هو الدين :
أيها الأخوة المشاهدون؛ لازلنا في برنامج:" ومضات قرآنية" والآية اليوم هي قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
الحقيقة الدقيقة أن هذه الآية تشف عن موضوع الدعاء، والدعاء هو الدين، بل هو قمة الدين، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾
أي الله عز وجل يعبأ بنا إذا دعوناه:
(( إن الله يحب الملحين في الدعاء ))
(( ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع ))
أنت بالدعاء تصل إلى أعلى درجات الإيمان، لذلك هذه الآية تشف عن حقيقة الدعاء، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾
الله عز وجل أقرب إلينا من حبل الوريد، أي هو معنا في سرنا وجهرنا، في نشاطنا، في حركتنا، يعلم كل شيء، إن نطقنا يعلم ما نقول، وإن أضمرنا يعلم ما نضمر، وإن تحركنا يرى حركتنا، هو أقرب إلينا من حبل الوريد، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾
يكفي أن تتجه إليه، يكفي أن تضم شفتيك ولا تنبس ببنت شفة، يمكن أن تدعوه بقلبك، قال تعالى:
﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ﴾
لمجرد أن تتجه إلى الله، وأن تدعوه لحقيقة ما فهو معك، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
شروط الدعاء :
نتمهل قليلاً، قال تعالى:
﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
كأن الترتيب له خاصة ينبغي أن نؤمن بالله أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، أنه ذات كاملة، موجود وواحد وكامل، وأنه معنا، إذا آمنا بالله الإيمان الحق هذا أول شروط الدعاء، ثم ينبغي أن نستجيب له، أن نلبي دعوته، أن نطيعه، أن نأتمر بما أمر، أن ننتهي عما عنه نهى وزجر، ينبغي أن نؤمن به أولاً، إلهاً واحداً، مسيراً خالقاً، رباً عليماً حكيماً، نؤمن بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، ثم أن نستجيب له طائعين، لذلك العبودية غاية التطبيق، غاية الخضوع لمنهج الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي ﴾
نؤمن ونستجيب، الآن ندعوه دعاءً صادقاً من أعماق قلوبنا، ندعوه ونحن على يقين بأنه فعّال لما يريد، أنه قادر على كل شيء، أن كل طلباتنا بيديه، فلذلك الإنسان قوي بالدعاء، والذي لا يدعو الله عز وجل هو لا يعرفه أصلاً.
الله عز وجل خلقنا ليرحمنا و يسعدنا :
لذلك أيها الأخوة الكرام؛ الله عز وجل يطمئننا أننا بمجرد أن نؤمن به الإيمان الصحيح الذي يمنعنا أن نعصيه، ولمجرد أن نؤمن باليوم الآخر الإيمان الذي يمنعنا أن نؤذي مخلوقاً، وأن نستجيب لله عز وجل، عندئذ نبلغ درجة سماها العلماء: الدعاء المستجاب، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
لذلك قيل: ما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا، وما أمرنا أن نعبده إلا ليقربنا، والله سبحانه وتعالى يريد أن يتوب علينا، يريد أن يقربنا، يريد أن يسعدنا، والدليل قوله تعالى:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
أي خلقهم ليرحمهم، فهذا الذي يستجيب لله عز وجل كأنه يحقق الهدف الأكبر من وجوده، قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
خلقنا لنعبده كي يسعدنا بعبادته، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
ينبغي أن تدعوه وأنت موقن بالإجابة، ينبغي أن تدعوه وأنت موقن أنه على كل شيء قدير، ينبغي أن تدعوه وأنت موقن أنه يريد أن يستجيب لك، ينبغي أن تدعوه وأنت موقن أنه يحبك.
المحبوبية أصل العلاقة بين الله وبين عباده :
لذلك الله عز وجل ما أراد أن تكون علاقتنا به علاقة إكراه، قال تعالى:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
بل أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب، قال تعالى:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
هذا الإله العظيم الذي بيده مصيرنا، بيده سعادتنا، بيده حاجاتنا، بيده تيسير أمورنا، هو أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب، قال تعالى:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
المحبوبية أصل العلاقة بين الله وبين عباده، لذلك:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
فلذلك أريد أن أؤكد للأخوة المشاهدين أن الإنسان يكون مستجاب الدعاء إذا آمن إيماناً يحمله على طاعة الله، وآمن باليوم الآخر إيماناً يمنعه أن يؤذي مخلوقاً، ثم تقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، عندئذ يبلغ درجة هي درجة الدعاء المستجاب، وأنت بالدعاء المستجاب أقوى إنسان، بل إن الله عز وجل لا يعبأ بنا أصلاً إن لم نكن ممن يدعوه، إذاً:
﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾