- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠1برنامج حياة المسلم 1
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا، عنواننا لهذا اليوم النوافل، فهي باب عظيم من أبواب تقرب العبد إلى خالقه بعد أداء الفرائض، يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم:
(( .. ولا زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ))
لماذا كانت النوافل في شريعتنا دكتور إذا كان هناك فرائض ما الداعي لهذه النوافل؟
الغاية من النفل إثبات إيمان الإنسان و محبته لله :
الدكتور راتب :
أنت في دولة فرضت على المواطنين ضرائب كي تغطي نفقاتها، كي تغطي رواتب الموظفين، كي تغطي المشاريع، كي تغطي التعليم، الصحة، فهذا المبلغ الذي يدفعه المواطن ضريبة لتغطية الحاجات الأساسية، وهو يتمتع بميزات كثيرة، اشترى بيتاً، الطرقات كلها معبدة، يوجد حدائق و مدارس، التعليم مجاني، يوجد مليون ميزة تقدمها الدولة للمواطنين، هذه الميزات التعليم أحياناً يكون مجانياً، وهناك جامعات عندنا مجانية لا يوجد أقساط، الدولة تقدم خدمات عالية جداً، خدمات تعليمية، صحية، لذلك تأخذ الضرائب، الضريبة تغطي الحاجات الأساسية للدولة، الآن هذا المواطن مرتاح في هذا البلد، حريته قائمة، مصالحة قائمة، أحب أن يقدم للدولة مبلغاً إضافياً، هذا الإضافي لا يعد ضريبة، يعد تبرعاً، لذلك يقام له حفل تكريم، أعرف شخصاً قدم بناء ضخماً جداً لجامعة في سوريا، أقيم له حفل تكريم منقطع النظير، هو أدى ضرائبه كلها، لكن قدم بناء ليكون جامعة في مدينة في سوريا، هذه هي النافلة، هي عطاء طوعي ليس قسرياً، طوعي بدافع محبته لوطنه، لبلده، الآن النوافل تثبت إيمان الإنسان، مثلاً قال تعالى:
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾
أنفق المال محبة لله عز وجل، أو أنفق المال على الرغم من أنه يحبه، قال تعالى:
﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾
الزكاة فرض،
﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾
و
﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾
الزكاة فرض أما إيتاء المال على حبه فهو نفل، والنفل يؤكد محبتك لله. وما سميت الصدقة صدقة إلا لأنها تؤكد صدقه في إيمانه.
المذيع:
هنا اختلفت مصارف الزكاة والصدقة لهذا السبب؟
الفرق بين الزكاة و النفل :
الدكتور راتب :
نحن في الزكاة ليس لنا خيار، الله عز وجل حدد المصارف بثمانية أبواب فقط، لا تزيد ولا تنقص، لكن أحببت أن أعمل بناء للعجزة، في أوجه الاجتهادات يجب أن يكون من مال الصدقة، لأن الزكاة ينبغي أن تنصرف للفقراء، وهناك اجتهاد معاصر لبعض المجامع الفقهية إذا كان هذا المشروع في النهاية للفقراء ففيه إجازة، وهناك إجازة ثانية إذا قرية لا يوجد بها مسجد هذا استثناء ثان، صلاة الجمعة معطلة لعدم وجود مسجد، في هذه الحالات النادرة يمكن أن ينشأ المسجد بحده الأدنى من مال الزكاة.
المذيع:
إذاً النافلة هي اختبار لصدق العبد مع ربه لأن الفرائض هو ملزم فيها، فمن رحابة نفس أو ضيق نفس هو سوف يؤديها، لكن الصدقة لشيء مختلف.
الدكتور راتب :
وتؤكد صدق إيمانه.
المذيع:
لذلك كانت بناء المساجد من الصدقات وليس من الزكاة، حتى تكون بنفس طيبة، لو أردنا في حديثنا عن النوافل أن نعرف النافلة، ما هي النافلة؟
تعريف النفل :
الدكتور راتب :
عبادة لست مكلفاً بها، عبادة تفعلها بدافع المحبة، بدافع حب الخير، فاعلها يثاب عليها كثيراً.
المذيع:
وتاركها؟
الدكتور راتب :
ليس عليه شيء، الإنسان إذا أدى الفرائض لا شيء عليه، انتهى الأمر، لكن بين أداء الفرائض تأخذ علامة القبول فقط أي تأخذ خمساً وخمسين أو خمسين، فتنجح بمرتبة مقبول، أما الذي كان بمرتبة الشرف فهذا يأخذ خمساً وثمانين، فالنوافل ترفع قدر الإنسان عند الله، وتؤكد إخلاصه، وتزيد صلته بالله عز وجل.
المذيع:
دكتور النافلة ليست فرضاً على المسلم..
الدكتور راتب :
يوجد فرض، وواجب، وسنة مؤكدة، وسنة غير مؤكدة، وإباحة، وكراهة تنزيهية، وكراهة تحريمية، وحرام، أي عمل، أي سلوك، أي نشاط يجب أن يشمل بهذه المصطلحات.
المذيع:
النوافل أين تقع هل هي عند السنن كلها أم في أي مرتبة؟
النافلة عمل طوعي و تأتي بعد السنة :
الدكتور راتب :
بعد السنن.
المذيع:
الواجب لا يعد نافلة، نتحدث عن السنن.
الدكتور راتب :
سنة غير مؤكدة تأتي النافلة بعدها.
المذيع:
النوافل هل هي من السنن؟
الدكتور راتب :
لا، عندنا فرض وعندنا سنة، النافلة عمل طوعي لم نلزم به، فعلناه محبة لله، وابتغاء الإقبال عليه، الأكمل عندنا السنن نوعان؛ سنن رواتب فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، سنن الصلاة، العشاء مثلاً بعده يوجد ركعتان، الفجر يوجد ركعتان قبله، عندنا سنة راتبة وسنة غير راتبة، الراتبة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم دائماً، غير الراتبة فعلها النبي من حين لآخر.
المذيع:
غير الراتبة هذه التي تعد نوافل؟
الدكتور راتب :
تقترب منها، أما النوافل فهي عمل لم يكن مشرعاً أنت فعلته حباً بالله.
المذيع:
لم يكن فريضة على الإنسان، لماذا كان في الحديث القدسي:
(( .. ولا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..))
لماذا كانت النوافل بوابة محبة الله للعبد؟
النوافل بوابة محبة الله للعبد :
الدكتور راتب :
كما قلت لك: شخص دفع ضريبة، والثاني قدم بناء لجامعة، الضريبة إلزامية، والحد الأدنى للإنفاق لصالح الدولة، لكن تقديم بناء ضخم لجامعة هذا العمل نافلة، هذا عمل صالح لست ملزماً به، يدل على صدق المحبة والإخلاص.
المذيع:
أي الأعمال الصالحة من النوافل تلفت انتباه المستمعين لها، نوافل نتقرب بها إلى الله عز وجل مثل ماذا؟
الدعوة إلى الله أعظم عمل على الإطلاق :
الدكتور راتب :
والله هذا اجتهادي، لا يوجد عمل يفوق الدعوة إلى الله، لماذا؟ إذا أنت فرضاً وجدت ابن صديقك ضائعاً، وأطعمته شطيرة، أو قدمت له شيئاً، والتقيت مع صديقك قلت له: أنا شاهدت ابنك منذ يومين بالشارع الفلاني- هو فاقد ابنه- و قد أطعمته، يا أخي أحضره لعندي أولاً، يتمنى الأب أن تأتي به إليه، فأنت عندما تعمل عملاً طيباً توصل العبد بربه، تعرفه بربه، تعرفه بسر وجوده، بغاية وجوده، تعرفه بهويته أنه مخلوق أول، تعرفه بالآخرة، بالجنة، تعرفه بأساسيات الدين، أنت بهذا تكون قد قدمت أكبر هدية لله، أقنعت إنساناً أن ينضم إلى حقل المؤمنين، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
ولكن الدعوة إلى الله متى تكون محكمة؟ إذا سبقها عمل صالح، أنا ماذا أقول؟ املأ قلب هذا الإنسان بإحسانك حتى يفتح لك عقله لبيانك، الإنسان عبد الإحسان:
(( يا داود ذكر عبادي بإحساني، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ))
فالإحسان أصل، وأنا عندما أعمل إحساناً أستجلب قلوب من حولي، والحقيقة الإحسان مفتاح الإنسان، الإنسان يحب الكمال والجمال والنوال، لا يوجد إنسان من سبعة مليارات إنسان إلا ويحب الكمال، الصدق كمال، النجدة كمال، الإغاثة كمال، الكرم كمال، الصبر كمال، ويحب الجمال هذا شيء فطري بحياتنا، ويحب النوال العطاء، الإنسان يحب النوال والكمال والجمال، والثلاثة طرق سالكة إلى الله.
المذيع:
نريد من فضيلتكم مزيداً من الأمثلة غير الدعوة إلى الله، هل من نوافل نتقرب بها إلى الله عز وجل حتى يحبنا؟
الاعتناء بالأهل هو الأولوية في الشريعة :
الدكتور راتب :
أولاً: يوجد دوائر حول الإنسان، أصغر دائرة دائرة أسرته، هؤلاء الأولاد والفتيات، والشباب والشابات، والزوجة، من لهم غيرك؟ من يؤنسهم غيرك؟ من يعطهم العطاء غيرك؟ من لهم يربت على أكتافهم غيرك؟ فلذلك الجلوس مع الأهل عبادة، وبعلم النفس أن هذا الطفل المولود حديثاً يحتاج إلى عشرين ضمة في اليوم، حاجة أساسية غير الطعام والشراب، هذا الطفل المولود حديثاً أرضعته أمه شبع، نظفته ارتاح، عنده حاجة ثالثة أنت لا تنتبه إليها، هذا يحتاج إلى ضم، علماء النفس بعيدون عن الدين كلياً، هذا الموضوع علمي فقط، أنت حملت الطفل وضممته، هذا غذاء له، لذلك الطفل الذي يتربى في حضن والديه تربية صحيحة، يكبر رحيماً، صار بمنصب رفيع وقد يكون غير ملتزم دينياً لكن يصير عنده رحمة، طالما تلقى عطفاً أبوياً حقيقياً، وعطفاً من أمه حقيقياً، هذه العواطف تغذى بها، فأصبح يغذي بها الآخرين، يقولون: هذا عنده تربية بيتية عالية، وأنا الحقيقة لا أعرف ماذا أقول على الهواء؟ هذه الأم والأب في بيتهم عندهم مليون طريق إلى الله عز وجل، في البيت قبل أن تخرج.
المذيع:
هذه تدخل ضمن ملف النوافل.
الدكتور راتب :
مع النوافل طبعاً، أنت ممكن أن تسأل ابنك ما الذي حدث معه، نجح أم لم ينجح، تدخل تعشى الأولاد فقط؟ كتبوا وظائفهم؟ كتبوا، لا يهمك أمر دينهم، تدخل بعدما ناموا وتذهب قبل أن يستيقظوا.
المذيع:
هل الاعتناء بالأهل هو الأولوية في الشريعة؟
الدكتور راتب :
أنا عندي أولى الأولويات، مرة ثانية من لهم غيرك:
((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))
طبعاً الإنسان بحياته المدنية يلبس ثياباً أنيقة، يتعطر، يحلق، يتجمل، هذه أشياء طبيعية، ثيابه أنيقة، وحذاؤه لمّاع، وكلامه لطيف، وقميصه نظيف، ويوجد تناسب ألوان، و ساعة غالية، ومسبحة تركواز مثلاً، لكن أين أخلاقه الحقيقية؟ في البيت، في البيت لا يوجد رقيب، لا يوجد مسؤول تصافحه باحترام، لا يوجد شريك تخاف من غضبه، لا يوجد شخص يهمك أمره، سلوكك خارج البيت انا أسميه: بزنس، مصلحة، الترجمة الحرفية مصلحة فقط، أين أخلاقك؟ أين حلمك؟ أين رحمتك؟ في البيت، أنت تعمل اثنتي عشرة ساعة، الأكل جاهز، أعطاك الله العافية، أنا والله من دونك لا شيء، تبقى شهراً لا تنسى هذه الكلمات، والكلمة الطيبة صدقة، الطعام طيب، والله الطعام طيب، وأنا لن أجد مثل طعامك، تبقى هي تتغذى بالكلمات وتضاعف المودة بين الزوجين.
المذيع:
هذه عبادة؟
الدكتور راتب :
طبعاً، العمل الصالح هو العبادة، مطلق العمل الصالح عبادة، الزوجة من لها غيرك؟ لا أحد، هي أنثى تحب شخصاً يتغزل بها، والله أنأ أحبّ جمالك، ليس شرطاً أن تكون صادقاً مئة بالمئة، الكذب هنا مسموح، أنت عندما تطري على جمالها لكن بشكل معقول ليس بشكل مبالغ به، كي لا تعرف أنك تكذب عليها، إطراء معقول أنت يعجبك جمالها.
المذيع:
يعد عبادة؟
الدكتور راتب :
عبادة والله، يعجبك جمالها، قد يكون عندها نقص بنواحي جمالها، لا تتكلم عن هذا إطلاقاً، عندما تقول لها حطمتها، أنا أقول نصيحة لأخواننا المستمعين: رأس مال المرأة جمالها، هي عندها نقطة ضعف، وأنت ذكرتها بها مرتين أو ثلاث، هبطت، والله يصفر لونها، يتغير جمالها، عندما تمدح الزوجة مدحاً معقولاً من حين لآخر تتألق، والله وتبالغ بزينتها لترضيك.
المذيع:
حديثنا عن النوافل ونحن إن شاء الله على عتبة شهر رمضان المبارك، الآن بعض الناس يحتارون في تنظيم وقتهم في رمضان هل يتفرغ لعبادته الفردية؟ هو يقرأ القرآن، هو يصلي الليل، هو يذكر مجالس العلم، ولا يتفرغ للعمل الصالح، ولرعاية الأيتام، أو إذا كان داعية أن يلقي دروس العلم، فبعض الناس قد غلبت كفة من كفتين، إما أن ينعزل عن الآخرين، أو كل يومه عبادة وعمل صالح لكن هو لم يقرأ، لم يهذب نفسه.
من حكمة الإنسان أن ينوع في سلوكه :
الدكتور راتب :
أنا شخصياً لا أحب المواقف الحدية، ما الذي يمنع أن يكون له عبادته صلى التراويح في الجامع، وصلى الفرض في الجامع، وجلس مع أهله قبل الإفطار بساعة آنسهم، وبعدما جاء من التراويح جلس معهم نصف ساعة ثانية، لماذا نقول نحن هكذا أم هكذا؟ يجب أن ننوع، هذه البطولة، الحكمة تقتضي أن تنوع السلوك، أنا أقول: جلسة مع أولادك فيها مرح لا يوجد مانع، عندك طرفة حلوة احكها لا يوجد مانع، أضحكهم، كان إذا دخل بيته واحداً من أهل البيت، كان صلى الله عليه وسلم مؤنساً، كان في مهنة أهله، كان يكنس داره، يخصف نعله، يصغي الإناء للهرة، هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا شخص دخل بيته قد يكون وزيراً خارج البيت، أنت في البيت زوج، هؤلاء أولادك، هل معقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يركب الحسن على ظهره يطيل السجود من أجله، معقول؟ فأنت في البيت إنسان آخر، هذا البيت مملكتك، هذا البيت فيه أحبابك، قال تعالى:
﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ﴾
البيت ليس لك بل لها، بالدوائر الرسمية لك، لماذا الله عزا البيت للزوجة؟ سمح لها أن تديره، ترتب أموره، لا تتدخل في شؤونها كل يوم، هذه ضعيها هنا، هذا المنظر على الجدار غير جميل، اترك البيت لها، هذا معنى:
﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ﴾
نسب البيت إليها لا إلى الزوج، أنت خارج البيت تفوق واجلب أموالاً حلالاً، وتفوق بعملك، وخذ كتب شكر من الدوائر الحكومية، لكن البيت اتركه لها، ترتب غرفة الضيوف، غرفة الجلوس، هذه بطولة، أعطها فرصة لتثبت شخصيتها، واقبل أنت بأذواقها، ليس شرطاً أن تكون أنت قانعاً بأذواقها، ليس كل شيء غير مقتنع به يجب أن تتكلم عنه، سألت السيدة عائشة النبي الكريم: كيف حبك لي؟ قال لها: كعقدة الحبل، تسأله من حين لآخر: كيف العقدة؟ فيقول: على حالها. طمئنها، هناك أزواج يحبون أن يمزحوا بالطلاق، يهد أركانها، أعرف شخصاً ليلاً نهاراً يقول: أريد أن أطلقك، عاش معها خمساً وخمسين سنة كان أشقى زوج وهي خائفة لم تشعر بالاطمئنان، أنا كنت أقول لإخواني: إما طلقها أو اسكت، قلقة والله يذهب جمالها، عندها قلق، الطلاق للمرأة شيء خطير جداً، لأن الزواج كل فصول حياتها، فإذا طلقت انهدم كيانها.
المذيع:
حينما نتحدث عن النوافل هي عبادة إضافية يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل هل من نصائح حتى يحب الإنسان هذا الأمر أحياناً يستثقل العبادة.
الله عز وجل منهجه واقعي :
الدكتور راتب :
عندي حل لهذا السؤال؛ أحياناً إنسان يشعر بنشاط، مادام عنده نشاط اعمل نوافل، أحياناً تكون متعباً جداً، العمل صعب، ويوجد مشكلات في العمل، اكتف بالفرائض والسنن، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾
إذا شخص ابنه معه سحايا، دخل في متاهة، لم يعد يتابع النوافل، من طبيب لطبيب، من مستشفى إلى مستشفى، فالله منهجه واقعي، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ ﴾
أي كنت مشغولاً في معالجة، بقضية صحية، بقضية اجتماعية، عندك عقد قران لابنتك، تريد أن تهيئ للمدعوين لوازم الاحتفال، أنت مشغول دعك من الفرائض، هذه ليس لها علاقة بالموضوع، الفرائض لا يمكن أن تتغير إطلاقاً.
المذيع:
أمثلة مثل ماذا يمكن أن يدعه في حال الانشغال؟
الدكتور راتب :
السنة ليست نافلة، السنة يجب أن تصلى، النافلة بعد السنة كقيام الليل، صلاة الضحى هذه كلها نوافل.
المذيع:
ورد القرآن الكريم.
الدكتور راتب :
لا، أنا أفضل أن يبقى على صفحة الحد الأدنى، الآية دقيقة:
﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ ﴾
ماذا يقابلها؟ قال تعالى:
﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾
هذا ملمح دقيق في الآية.
المذيع:
أحياناً لا يكون الانشغال في الوقت أو التعب الجسدي، أحياناً تكون ضعف همة، الإنسان لا يجد في نفسه همة للعبادة.
الدكتور راتب :
ضعف الهمة له إيجابيات، عندما يكون عنده ضعف همة، تصير هذه النوافل نوعاً من العبادة الرتيبة، تصبح مملة، فيعمل الإنسان قفزة نوعية في العبادة ليستعيد نشاطه.
المذيع:
معنا اتصال محمد تفضل..
السائل:
عندي ملاحظة؛ الدكتور تكلم عن الزوجة أن يقدرها الزوج بالكلمة الطيبة، وأن يرفع معنوياتها.
معنا اتصال حسام تفضل..
السائل:
سؤال: صلاة الضحى هل تعتبر من النوافل؟
صلاة الضحى سنة غير مؤكدة :
الدكتور راتب :
لا، سنة، سنة غير مؤكدة.
المذيع:
سؤال ثان في سورة المدثر:
﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
تعريف الملائكة :
الدكتور راتب :
الملائكة أجسام نورانية، الله أكرمها بالعقل، ما أودع بها الشهوات، رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة كالمؤمن، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
المذيع:
أخي عبد السلام تفضل...
السائل:
ما هو أنسب وقت لصلاة الضحى؟
وقت صلاة الضحى :
الدكتور راتب :
بعد شروق الشمس بأربعين دقيقة، والأكمل أن تكون أقرب للفجر وهي من ركعتين لثماني ركعات، فإن صليت ركعتين يكفي.
المذيع:
أريد أن أسأل فضيلة الشيخ عن قراءة القرآن الكريم يومياً هل هي نافلة والاستماع للقرآن ومسك المسبحة؟
ضرورة قراءة القرآن و سماعه و التدقيق بمعانيه :
الدكتور راتب :
أولاً: سماع القرآن الكريم أنا أوافق عليه مع التشجيع، لكن كلما تفرغت لسماعه ودققت بمعانيه يكون الثواب أكبر، أحياناً يكون الاستمتاع شكلياً ليس له أي أثر، إذا كان مع السماع حديث عن الدنيا وأكل وشرب أنا لا أجد هذا مناسباً، أنت ممكن أن تستمعي أثناء الطبخ أو تجلسي وتنصتي له، أما إذا انشغلنا و لم ننتبه للقرآن فهذا شيء من عدم التقديس للقرآن.
المذيع:
قراءة القرآن الكريم يجب أن يكون بشكل دائم حتى لا نعد من الغافلين؟
الدكتور راتب :
الحد الأدنى صفحة أو صفحتان أفضل، خمس صفحات يحتاجون إلى عشر دقائق، تجد بعد فترة أنك ختمت القرآن، وهناك أناس يصلون والقرآن مفتوح، صار عندنا ختمة ثانية، بكل ركعة يقرأ صفحة، أنت تقرأ اهدنا الصراط المستقيم، كأن الله يقول لك: هذا هو الصراط، تقف عند الآيات وقفة متأنية جداً، تتفاعل معها إذا قمت للصلاة أخذت من الله درسين، فإذا أردت أن تحدث الله فادعه، وإذا أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن الكريم.
المذيع:
ماذا عن التسبيح واستخدام المسبحة هل يعد نافلة؟
التسبيح أصل في الدين :
الدكتور راتب :
والله السبحة قضية خلافية، ممكن أنا أسبح بأصابعي، التسبيح أصل، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هذه الباقيات الصالحات، ما معنى التسبيح؟ أي نزهته ومجدته، سبحان الله، والحمد لله حمدته، نعمة الإيجاد والإمداد والهدى والرشاد، ولا إله إلا الله وحدته، والله أكبر كبرته، هذا الدين كله، هذه تبقى، والباقيات الصالحات فيها معنى ضمني، أي البيت الفخم جداً هذا ليس من الباقيات الصالحات، سوف نغادره، الإنسان يدخل إلى بيته خمساً وثلاثين سنة بشكل عمودي، و لكن يوجد مرة واحدة يخرج بشكل أفقي، البطولة أن تعد لهذه الساعة.
المذيع:
تفضل أخي يزن اتصال جديد.
السائل:
لماذا فرض على المرأة بعض الأعمال من النوافل أن تستأذن الزوج مثل الصيام؟
الحكمة من استئذان المرأة زوجها عند صيام النوافل :
الدكتور راتب :
هي صائمة وهو يريد أن يأكل، تقول له: سخن وكُل، الصيام يحتاج إذناً من الزوج إلا قضاء الفرائض، عليها صوم أفطرت في رمضان لأسباب نسائية، اختارت يوماً والأولى أن تأخذ إذن زوجها، سوف أصوم غداً، وعليه ألا يقول لها: لا، ولكن لطف منها أن تستأذنه، ويجب أن تهيئ لها طعاماً.
المذيع:
بالنوافل هل له أن يمنعها؟
الدكتور راتب :
يجب أن تستأذنه، إذا صامت وأهملت بيتها وهي جائعة، دبروا أنفسكم، هذه مشكلة، إذا كانت تقوم بواجباتها الزوجية مئة بالمئة، لا يوجد مانع، سيسمح لها، وإذا صامت ولم تهمل لا يوجد مشكلة.
المذيع:
هل لنا أن نختم بدعاء؟
الدعاء :
الدكتور راتب:
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.
خاتمة و توديع :
المذيع :
بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.