- أحاديث رمضان
- /
- ٠06رمضان 1420 هـ - خواطر إيمانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
تقليد النبي في أساليب دعوته إلى الله :
أيها الأخوة الكرام؛ على الدعاة إلى الله أن يقتفوا أثر رسول الله في طريقة دعوته إلى الله، لن يفلحوا إلا إذا قلَّدوا النبي عليه الصلاة والسلام في أساليب دعوته إلى الله، وفي أركان دعوته، وفي منهج دعوته، هذه الآية يقول الله عز وجل:
﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾
ماذا يفعل الرسول؟
﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾
الدالة على عظمته، يتلوها عليهم، ويوضِّحها لهم، ويبيِّن لهم أبعادها..
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ﴾
لا بد من تزكية طالب العلم، يزكيهم بأن يكونوا صادقين، أمناء، رُحَماء، مُنْصفين، فما لم تنطو الدعوة على تزكية نفوس طالبي العلم فلا قيمة لها إطلاقاً..
﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾
المنهج التفصيلي؛ افعل ولا تفعل، هناك آياتٌ تعرِّف بالله، وهناك ثمرةٌ أخلاقيةٌ هي التزكية، وهناك منهجٌ تفصيليٌ في التعامل؛ الكتاب والحكمة، الحكمة السنة كما قال معظم المفسرين.
﴿ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ﴾
إذاً لابد من معرفةٍ بالله، ومعرفةٍ بمنهجه، وتزكية النفس، أيْ جانب معرفي، وجانب سلوكي، وجانب جمالي. الجانب المعرفي:
﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾
والجانب الجمالي الأخلاقي:
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ﴾
والجانب المنهجي التفصيلي؛ افعل ولا تفعل، كل شيء إما أن يكون أمراً، أو حلالاً، أو حراماً، أو مُسْتَحَباً، أو سُنَّةً، أو مُباحاً، أو مكروهاً.
الله عز وجل نعى على بني إسرائيل أنهم حملوا التوراة ولم يحملوها، حملوها لفظاً ولم يحملوها تَطْبيقاً، فهذا الذي يتقِن كتاب الله وليس في مستواه من حيث التطبيق، فهذه مشكلة كبيرة جداً، هذه مشكلة كأنَّك حَمَّلت دابةً كتاباً قَيِّماً، لم تفقه منه شيئاً ولم تعمل به، بل أتقنت ظاهره، فالبطولة بإتقان المضمون.
علامة محبة الإنسان لربه أنه لا يخاف الموت :
هناك مقياس دقيق ما إذا كنت من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة..
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾
أيْ لو الإنسان شعر بقرب أجله ترتعد فرائصه إن كان من أهل الدنيا، أما إن كان من أهل الآخرة.
والله أعرف رجلاً وله قصةٌ شهيرة، كان محسناً له أعمال طيبة جداً، إذا دخل عليه أناسٌ ليأخذوا التبرُع يفتح لهم صندوق الحديد، ويقول لهم: خذوا ما شئتم ولا تعلموني. أنشأ مسجداً، وله أعمال طيبة جداً، أصيب بمرض خبيث في دمه، ولحكمةٍ أرادها الله، الجواب عن طريق الهاتف رفع السماعة، سمع الجواب بأذنه أنه بعد ثلاثة أيام سيموت، الساعة الواحدة، والقصة نادرة جداً، لكنها واقعة، والذي رواها لي أعرفه جيِّداً، وقد سمعتها متواترةً.
فهذا الرجل عندما عرف أن أجله انتهى؛ أول يوم حلّ قضاياه المالية، وهو تاجر، له صديق يثق به قال له: هذه الصفقة ألغها، هذه الصفقة مدفوع ثمنها، استوردها وبعها، أعط الربح لأولادي، أول يوم أمضاه في حلّ مشاكله المالية، وثاني يوم استدعى كل أولاده وأصهاره وبناته وأقرباءه وودَّعهم، وثالث يوم له شيخ في الشام، وهو اغتسل بنفسه، فقد غَسَّل نفسه تغسيلاً من أعلى درجة، ولبس ثيابه واضطجع بفراشه، وجاء شيخه، وقرأ أمامه أوراداً، والساعة الواحدة سلمها، يقول لي صديقه: لم أر إنساناً أيقن بالموت وهو مطمئن ومرتاح كهذا الإنسان، إذا عملك طيب أيها الأخ، إذا كنت ملتزماً فالموت عُرس، الموت تُحْفَة، الموت ساعة اللقاء، ساعة الوصول، ساعة قبض الجائزة.
إنسان درس بفرنسا ثماني سنوات، اشتغل حارساً، وعمل بغسل الصحون بالمطاعم، ومات إلى أن أخذ الدكتوراه، وهو موعود ببلده أن يكون وزيراً، له بيت فخم جداً، وأجمل زوجة، وأحلى سيارة، يقضي سبع سنوات بالأمرين، يوم أخذ دكتوراه، وصدَّق الشهادة، وقطع بطاقة الطائرة، وجاء إلى المطار، وأخذ بطاقة صعود، ووضع رجله بأول درجة من سلم الطائرة، هذه اللحظة أسعد لحظة بحياته، لأنه انتهى التعب جاء التكريم، انتهى التكليف جاء التشريف، انتهى الجُهْد المُضني جاءت الراحة والمكانة، هذا حال الموت حينما يأتيه ملك الموت، كل هذا العمر لهذه الساعة.
لذلك: وا كربتاه يا أبت. قال: لا كرب على أبيكِ بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
علامة إيمانك، وعلامة استقامتك، وعلامة محبَّتك لله أنك لا تخاف الموت، تتمنى ألا تموت - أنا سأكون معكم واقعياً - ليزداد عملك الصالح فقط، تتمنى أن يطول عمرك ليزداد عملك الصالح، أما حينما تشعر أنه جاء الأجل فأهلاً وسهلاً، أنا أنتظر ساعة لقاء الله عز وجل.
الله عز وجل عرض على نبيه الكريم زهرة الدنيا، أو أن ينتقل إليه، قال:
(( بل الرفيق الأعلى ))
آثر ما عند الله، فهذا مقياس دقيق.
قيمة الإنسان بعمله و بإيمانه :
الآن:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾
اقرأ كل التفاسير: ذكر الله هي الخُطْبَة، فمن جاء في الساعة الأولى فكأنما قدم بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما قدم بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما قدم شاةً، ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما قدَّم دجاجةً، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما قدم بيضةً، ثم ينتهي الأجر، وتجلس الملائكة لتستمع إلى الخطبة.
وإذا شخص لم يصل إلا في آخر ركعة، يقول لك: لحقَّناها. ما مكانه في هذه الآية؟ يجب أن تأتي قبل الخطبة بخمس مراحل، أول مرحلة تقرأ قرآناً بالجامع، أنت تعال إلى الخطبة الآن، أما يأتي بآخر الخطبة، فالقضية قضية سقط الوجوب وإن لم يحصل المطلوب، قضية كتابة " ميم "، حضرنا.
﴿ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾
أحياناً الإنسان في أيام الشتاء القارس يركب سيارته، وبيته بالمهاجرين ليحضر كيلو فول من الميدان، يقول لك: الفول من عنده لذيذ. أما وقت صلاة الجمعة فيختار أقرب مسجد وهو غير مقتنع بخطيبه إطلاقاً، يريد أن ينتهي من هاتين الركعتين كيفما كان، معنى هذا أن دينه أرخص عليه من كيلو فول، من أجل كيلو فول يركب سيارته ربع ساعة من المهاجرين للميدان، أما من أجل أن يسمع خطبة جمعة محترمة، منظَّمة، مبرمجة، فيها نصوص صحيحة، فيها توجيه قويم، ولو كان المحل بعيداً، يقول لك: أخي أنا بيتي ببرزة. فمن أجل أشياء أقل من هذا بكثير تأتي إلى طرف المدينة الآخر، إذاً:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
ذِكْرِ اللَّهِ هو الخطبة، وليس الصلاة، الإنسان ينبغي أن يؤخذ بالحقائق لا بالمظاهر، قال:
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ﴾
فالعبرة أن الإنسان قيمته بعمله، كان الأحنف بن قيس قصير القامة، أسمر اللون، غائر العَيْنَين، ناتئ الوجنتين، أحنف الرجل، ضيق المنكبين، ليس شيءٌ من قُبْح المنظر إلا وهو آخذٌ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيِّد قومه، إذا غضب غضب لغضبته مئة ألف سيفٍ لا يسألونه فيما غَضِب، الرجل قيمته بعقيدته وأخلاقه وعمله فقط، ولا شيء آخر يوزَن به الرجال.
سيدنا ابن مسعود يبدو أنه كان نحيفاً جداً، رقيقاً جداً، مرة هبت رياحٌ كشفت عن ساقه، ساقه دقيق جداً، فتبسم أصحاب النبي، فقال:
(( أتعجبون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد))
فالإنسان قيمته بعمله وبإيمانه.
الطلاق مرتان :
الآن.. بربكم:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾
الإنسان يطلِّق زوجته طلقة أولى، تعتدُّ في البيت أول قرء، إن راجعها أول قُرء وثاني قرء وثالث قرء، وهي في البيت تتزين له، لماذا؟ لعل القضية صغيرة بساعة غضب طلَّق، ثاني يوم يجد القضية صغيرة، أول قرء، وثاني قرء، وثالث قرء، فإذا لم يراجعها معنى هذا أن القضية كبيرة جداً، صبر عنها تسعين يوماً، وهي في البيت، وفي أبهى زينة، لو لم يكن الموضوع خطيراً جداً لما أصرَّ على البعد عنها.
الآن بعد هذه المدة الطويلة ولم يقترب منها ملكت نفسها، يمكن أن يسترجعها بعقدٍ ومهرٍ جديدين ولا شيء عليه، أما ضمن ثلاثة قروء فيكفي أن يضع يده عليها فقد راجعها، لا عقد، ولا مهر، ولا شيء.
ممكن أن يعيد الكرة مرة ثانية يطلقها طلقة ثانية، وأول قرء، وثاني قرء، وثالث قرء، وإن وضع يده عليها راجعها، وإلا ملكت نفسها، ويمكن أن يستردها بعقدٍ ومهر، المرة الثالثة..
﴿ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾
الثالثة:
﴿فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾
ربنا عندما أمرنا أن نطلِّق النساء لعدتهن، فهذا الإنسان الذي يطلق امرأته أول مرة ثلاث طلقات متتابعة، هل هذا الطلاق شرعي؟ ألغى العِدَّة، إذا كان هناك ثلاث طلقات بطلقة واحدة لم يبق هناك عدة، فهو خالف نَصّ هذه الآية، ويوجد نص آخر.
من يتق الله يجعل له مخرجاً من كل شيء :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾
أيضاً ألغى هذه الآية، فالذي يطلِّق امرأته ثلاث طلقات دفعة واحدة ألغى الحكم الشرعي، والله عز وجل قال لك: يوجد عدة، يوجد ثلاثة قروء، أول مرة، تسعون يوماً بتسعين يوماً، مئة وثمانون يوماً وأنت مبتعد عنها نهائياً، معنى هذا المشكلة كبيرة، أما لأتفه سبب الطلاق بالثلاث، قال: " أيرتكب أحدكم أحموقته ويقول: يا بن عباس يا بن عباس؟"، هذا الطلاق البِدْعِي أن يطلق الإنسان امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد.
لذلك بعض الأئمَّة - والله وهو محقٌ في رأيه - يعد الطلقات الثلاث طلقة واحدة، لأن هذه الطلقات إن كانوا ثلاث الآية لم يعد لها معنى، العدة انتهت، التغت، وأنه لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، هذه انتهت.
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
من يتق الله في كسب ماله، يجعل الله له مخرجاً من إتلاف ماله، من يتقِ الله في تربية أولاده، يجعل الله له مخرجاً من عقوق الأولاد، من يتقِ الله في اختيار زوجته، يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، فهذه الآية واسعة جداً جداً، بكل أمر إذا اتقيت الله أنت في سلام، لا يوجد أخطار، ولا مطبَّات..
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
وَمَنْ يَتَّقِ الله ما معنى: " يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا "؟ معنى هذا لم يكن هناك مخرج، إذا خمسة أبواب مفتوحة لا توجد مشكلة، أما حينما تقول: أين المخرج؟ أي كله مغلق، الله عز وجل لحكمةٍ أرادها يضع الإنسان بظرف صعب، كله مغلق، فإن اتقيت الله عز وجل يفتح الله لك مخرجاً واسعاً.
من أيقن أن الله موجود و سيحاسبه لا يمكن أن يعصيه :
ثم يقول تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
فالله اختار من أسمائه اسمي العليم والقدير، وأنت حينما تؤمن أنه يعلم وقادر أن يحاسب، لابد من أن تستقيم على أمر الله، بشكل مبسَّط جداً: أنت واقف على الإشارة، الإشارة حمراء، والشرطي واقف، ويوجد موتور، وهناك سيارة فيها نقيب بالشرطة، وأنت مواطن عادي، فهل تمشي؟ لأنك تعلم أن وزير الداخلية علمه يطولك من خلال هذه الشُرطي، وقدرته تطولك من خلال قانون السير، فلا تعصي، العبرة أن توقن أن الله موجود، ويعلم، وسيحاسب، وسيعاقب فقط، لا يمكن أن تعصي إن أيقنت أن الله موجود، ويعلم، وسيحاسب، وسيعاقب.
مساواة المرأة للرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية :
النساء المؤمنات وصفن في القرآن الكريم:
﴿ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾
المرأة مساويةٌ للرجل تماماً في التكليف والتشريف والمسؤولية، وقد تكون قُلامة ظفر امرأةٍ تعدل عند الله ألف رجل متفلِّت، باب الجنة مفتوحٌ أمامها على مِصْراعيه، وباب القُرب من الله عز وجل في أعلى درجة، والإنسان كلما كان أكثر جاهليةً يرى أنها دونه، وكلما كان أكثر إيماناً الله عز وجل قال:
﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾
أي ليأمر أحدكم زوجته ولتأمره زوجته..
﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾
معنى ذلك يوجد مشاورة، إذاً هي شريكة حياتك، لك عليها درجة القيادة فقط، يكون عندنا كتيبة، فيها مقدَّمان، هذا أقدم بعشرين يوماً في تخرجه يكون قائد الكتيبة، عليه درجة القيادة، لكن ليس مقدَّماً وجندياً، لا، بل مقدماً أقدم من مقدم:
﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾
قضية أن الله اختار امرأة فرعون وهي صديقة النساء لتكون زوجة طاغية قال: أنا ربكم الأعلى، وقال: ما علمت لكم من إلهٍ غيري، هذه قضية خطيرة جداً، أيْ أنَّ المرأة مستقلةٌ في دينها عن زوجها، لم يستطع فرعون الجبار الطاغية أن يحمل امرأته أن تؤمن به أبداً..
﴿ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
الآن كل النساء تقريباً، هكذا يا أختي عملك غلط!! تقول لك: إن شاء الله برقبته، أنا ليس لي علاقة. أنتِ مكلفة ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعندما يكون هناك نساء يطبِّقن منهج الله ولا يعبأن إذا كان هناك أمر بمعصية من الزوج أبداً، إن شاء الله هو يريد، هكذا يريدون أهله، هكذا أحبوا، أنا ليس لي علاقة، هذا موقف انهزامي.
هذه امرأة فرعون، صدِّيقة النساء، ولم يستطع فرعون أن يحملها على الكفر، اخلعي الحجاب، تخلع الحجاب، هكذا يريد زوجها، انتهى الأمر.
مشكلة الإنسان مشكلة علم فقط، والدليل أهل النار وهم في النار يقولون:
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
قضية علم، أزمة علم فقط، لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم.
الزلازل من آيات الله العظمى :
الآن يتهدد الناس خطر الزلازل:
﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾
أنا شاهدت منظراً نادراً لبناء عال جداً في بلد غربي أصابه زلزال، وكان هناك مصور صدفةً، فحركة الطاولات، وحركة الجُدران، وحركة الأثاث، وفزع الناس..
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ*يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾
لي صديق بمصر، في أثناء الزلزال حملت زوجته ابنها، ونزلت، فإذا بها تحمل حذاء زوجها، معقول إنسان يغلط يحمل حذاء بدلاً من ابنه؟
﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾
أهمية المطر في حياة الناس :
مشكلتنا الآن:
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾
الله جلَّ جلاله. مرة واقف صاحب معمل تطريز مع صاحب معمل مع شخص صديق له، قال له: والله بعنا بيعاً كثيراً في هذه السنة، وأنا أسمع، قال له: ما السبب ؟ قال له: والله كان هناك أمطار غزيرة. انظر معمل تطريز يبيع قماشاً مطرَّزاً وعلاقته بالأمطار!! المطر سبب الرزق، يوجد أمطار، وخيرات، وبيع، وشراء، الآن كله واقف، ولا حركة، تتوقف مليون مصلحة مع انعدام المطر.
الحكمة من المصائب :
﴿ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴾
المؤمن هو العاقل، والشارد عن الله هو المجنون، فالنبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً مجنوناً سأل سؤال العارف: من هذا ؟ قالوا: هذا مجنون، قال: لا، هذا مبتلى، المجنون من عصى الله، كل مصائب الأرض يُمْكِن أن تفرَّغ في هذه القصة، أصحاب الجنة أرادوا أن يمنعوا حق الفقير، فأتلف الله محصولهم، في النهاية قال تعالى:
﴿ كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾
أيْ يا عبادي كل مصيبة أسوقها لكم من هذا القبيل، من أجل أن ترجعوا إلي..
﴿ كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾
ولماذا أيضاً؟ لأن عذاب الآخرة أشد، فربنا عز وجل يذيقنا من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون، هذا ملخص الملخص.
المؤمن ليس كالمجرم لأن هذا يتناقض مع وجود الله :
ثم:
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴾
هذا يتناقض مع وجود الله..
﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
وإذا قال الله: " فذرني " يجب أن ينخلع قلب الإنسان، فإذا جاء هذا الإنسان ودعاك إلى الله، وضح لك، بيّن لك الحلال، الحرام، عظمة الله، الجنة، النار، ولم تستجب، كأن الله يقول له: اتركه لي، معنى اتركه لي هذا نوع من التهديد، إذا لم يستجب لك يا محمد دعه لي، يبعث الله له مصيبة.
والله مرة إنسانة متفلتة جداً نصحوها، سائمة، منحرفة بزيها، وبمظهرها، وبتفلتها، وبحركاتها، كثير من الناس نصحوها، هي من أسرة على شاكلة أخرى، فبعد ذلك الله ساق لها مرضاً عُضالاً، تقول: إذا الله شفاني سأضع جلالاً، وليس حجاباً، من شدة الخوف، واليأس، الله عز وجل قادر أن يسوق للإنسان مصيبة فيعوي مثل الكلاب، فالإنسان عليه أن يتقي الله عز وجل.
إلى مـتى أنت باللذات مشــــغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول؟
* * *
يقول الله تعالى في الحديث القدسي:
((عبدي كبرت سنك، وانحنى ظهرك، وضعف بصرك، وشاب شعرك، فاستح مني فأنا أستحيي منك ))
اسمعوا فقط هذه الآيات:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾
شخص له أب توفى وهو جاهل أمي، فذهب لكي يزوره بالعيد، رأى طفلاً قال له: اقرأ لي قرآناً، أعطاه عشرة قروش، هذا قال:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾
نظر إليه ثم قال له: ألم تجد غير هذه الآية ؟ قال لنفسه: الآن يغيرها، فتابع..
﴿ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾
لا حول الله، وعندما قال:
﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ﴾
فمسكه، ألا توجد غير هذه الآيات بالقرآن الكريم؟ قال: أتريد الجنة بعشرة قروش؟!
الكون آية من آيات الله العظمى :
هناك إشارة أيها الأخوة؛
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
يوجد أشياء عظيمة جداً لا تبصرها أنت، تمسك كأس ماء يقول لك: هذا نقي. هذا لو أردت أن تكبره بمجهر إلكتروني تجد فيه مليون كائن حي، هذا الماء الصافي فيه بكتيريا، وفيه كائنات..
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
هذه إشارة دقيقة، كل ما تراه من نجوم، قال: هذه نجوم درب التبابنة، نجوم مجرة واحدة، لا يوجد غيرها، درب التبابنة، وهناك على شاكلتها مئة ألف مليون مجرة، حدثني أخ يدرس علم الفلك، قال لي: يوجد مجرة اسمها المرأة المُسلسلة، تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، أكبر من مجرتنا بسبع وعشرين مرة، وكأنها نجم واحد كلها، انظر إلى القبة السماوية كم نجمة فيها؟ عشرات الألوف، هذه مجرة واحدة، المرأة المسلسلة تظهر لنا نجمة واحدة فقط، وهي أكبر من مجرتنا بسبع وعشرين مرة، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
والإنسان..
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾
هذه نقطة ضعف لصالحه، إذاً هو يخاف، الله يؤدبه عن طريق التخويف، ويحب فيرقى إلى الله، يؤدبه عن طريق أن المال غال عليه فإذا أنفقه يرقى.