وضع داكن
08-11-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 050 - الذين يصدون عن سبيل الله.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 حياكم الله، قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

 هو عنوان نقاشنا مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

 حديثنا عن الذين يصدون عن سبيل الله من هم؟ وما هو جزاؤهم ونخشى أن نكون نحن وإياكم دون أن ندري من الذين تنطبق عليهم هذه الكلمات؟

 

الابتلاء قدرنا :

الدكتور راتب :
لا بد من مقدمة أن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، وما سواه ممكن الوجود، معنى ممكن أي أنه ممكن أن يكون أو لا يكون، وهناك معنى آخر؛ ممكن أن يكون على ما هو كائن وعلى خلاف ما يكون، كان من الممكن أن يكون المؤمنون في كوكب، والكفار في كوكب، لا يوجد أية مشكلة، لا يوجد حروب، ولا مجرمون، ولا طغاة، وكان ممكن أن يكون الكفار في قارة، والمؤمنون في قارة، أو الكفار في حقبة، والمؤمنون في حقبة، لكن شاءت حكمة الله أن نجتمع معاً على أرض واحدة، وفي زمن واحد، والحكمة أن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، ولأن أهل الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، فمعركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية، وهذا قدرنا، أي مؤمن يوطن نفسه أن هناك معارضاً، ومنتقداً، هناك من يكذبه، ومن يبغضه، ومن يحاربه، هذا قدرنا، فالإنسان إذا دخل إلى الجامعة يكون موقناً أنه لا بد من امتحان منسجم مع الجامعة، أما إذا تصور جامعة بلا امتحان يكون قد أخطأ خطأ كبيراً، الابتلاء قدرنا، ونحن نبتلى بالطرف الآخر، الذين ينتقدون المؤمنين، يضعفون شأنهم، فإذا قوي الكافر نكل بهم، وإذا قوي المؤمن أنصف الكافر، عندما فتحت القدس من قبل الفرنجة تمّ ذبح سبعين ألفاً على أطراف بيت المقدس، فلما فتحها صلاح الدين لم يرق قطرة دم.
المذيع:
 ما معنى يصدون عن سبيل الله؟

 

شرح مبسط لمعنى يصدون عن سبيل الله :

الدكتور راتب :
 ماذا قلت في المقدمة؟ يوجد حق وباطل، يوجد دعاة إلى الله ومنفرون من الله، يوجد مندفعون إلى الله ومبعدون عن الله، يوجد طرف آخر، فالإنسان غير المؤمن حتى يستعيد توازنه النفسي يحب أن يكثر الكفار، كالطالب في الصف غير المجتهد، يتمنى الطلاب جميعاً ألا يكتبوا الوظيفة حتى ينسجم مع البقية، أما لو كان الكافر وحده فيشعر بضيق شديد، دائماً في العقل الباطن الكافر يحب أن يوسع دائرة الكفر، والمؤمن عكسه، يحب أن يوسع دائرة الإيمان، هذا يسعى لمزيد من الإيمان، وهذا إلى مزيد من الكفر، هذا شيء طبيعي جداً، هذا قدرنا، يوجد حق ويوجد باطل، أحياناً الحق يقوى ويضعف الباطل، أحياناً الباطل يقوى، نحن في عصر القوة للباطل في العالم كله، فلذلك:

(( بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس ))

[ الطبراني و أحمد عن عبد الرحمن بن سنة ]

المذيع:
 عندما نقول: يصدون عن سبيل الله هل نقصد فقط الكفار الذين يريدون للكفر أن يشيع بين الناس؟

 

سعي الكفار والمنافقين لانتشار الكفر :

الدكتور راتب :
 الكفار والمنافقون، الكفار كفار والمنافقون كفار مبطنون، المنافق كافر لكن مصالحه مع المؤمنين فيصلي أمامهم، قد يقوم بأعمال إسلامية أمامهم بغية انتزاع رضاهم، هذا منافق، المنافقون هم الكافرون، كافر مبطن، نحن مشكلتنا مع الكفار والمنافقين.
المذيع:
 ألا يمكن أن يعيش بيننا مسلم وليس منافقاً ولا كافراً لكنه يصد عن سبيل الله؟
الدكتور راتب :
 مقصر بعقله الباطن دون أن يشعر، ممكن.
المذيع:
 مثال لو إنسان أنهى الثانوية العامة وكان له تحصيل مرتفع أكاديمياً، فأراد مثلاً انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أراد الله به خيراً يفقهه في الدين "، وأراد أن يدرس الشريعة الإسلامية، يأتيه بعض الأشخاص مسلمين ومتدينين، أنت تخصصك يؤهلك لتدخل كلية الطب والهندسة لماذا تذهب إلى الشريعة؟ هل نقول لهؤلاء الذين صدوه عن دراسة العلم الشرعي أنهم ينطبق عليهم قول الله عز وجل:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

التدين شيء والدعوة شيء ثان :

الدكتور راتب :
 نوعاً ما، بحالة إذا كان الذي يثنيه عن متابعة الشريعة عنده قناعة أن هذا الصديق بإمكانه أن يحصّل الشريعة لوحده، ويدخل اختصاصاً يدر عليه مبلغاً كبيراً، صارت هذه وجهة نظر، الشريعة لا ترفض، لكن إما أن تتخذ حرفة أو تتخذ اتجاهاً، هناك صديق قد يكون معه وجهة نظر، أن الآن لا يوجد دخل إطلاقاً للشريعة، أما إن دخل كلية الطب فسيأخذ دخلاً كبيراً، و قد يفتح مستشفى، فيكون بهذا قد خدم الفقراء، وعليه أن يتدين، ويقرأ القرآن، ويتعلم العلم الشرعي، بهذا الشكل ليس كما نتوهم نحن، هذا مقبول، أما إذا شخص أحب أن يكون داعية، أن يكون معه اختصاص، التدين شيء والدعوة شيء ثان، التدين يدخل كلية الطب ويحضر درس علم، ويطبق، ويكون بيته إسلامياً، وعمله إسلامياً، ممكن، أما إذا شخص طموحه أن يكون داعية إسلامياً كبيراً فهذا يحتاج إلى اختصاص.
المذيع:
 إنسانة ارتدت الحجاب تلبية لفريضة الله عز وجل، تأتيها صديقة قريبة تقول لها: إن الحجاب لا يناسبك، هي بالحقيقة نفرتها من هذا الحجاب.

مخالفات يقع بها المؤمن فيصدّ بها عن سبيل الله دون أن يشعر :

الدكتور راتب :
 آثمة إثماً كبيراً، والذي يمدح المتحجبة يرقى عند الله، والذي يذمها يصغر عند الله.
المذيع:
 هل ينطبق عليها قول الله عز وجل:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

الدكتور راتب :
طبعاً درجات الصد، إذا قلت لإنسانة متحجبة: أنت الآن مثل الغراب، زهدتها في الحجاب، ما شاء الله عليك والله شيء جميل جداً، ادعي لي أن أكون متحجبة، شجعتها.
المذيع:
 إذاً نحن نصد عن سبيل الله دون أن نشعر، ماذا أيضاً من مخالفات قد نقع بها؟
الدكتور راتب :
 إذا شخص جاءه مبلغ كبير، رشوة، ورفضه، يتهم بعقله بمجتمع فاسد، هو مؤمن.
المذيع:
 يفترض أن يثبت.
الدكتور راتب :
 أن يمدح، أنا كلما أجد إنساناً قاوم شهوته، وقاوم مصلحته الرخيصة من أجل مبدأ ديني، أثني عليه كثيراً، أمامه وبغيابه، حتى أشجع على العمل الصالح، دخل كلية الطب، وحقق مبلغاً فلكياً، واشترى أجمل بيت، وبيت بالمصيف، وعنده سيارتان أو ثلاث ثم يموت، دخل شريعة وصار داعية إلى الله، وأسلم على يده آلاف، هذا إلى أبد الآبدين سعيد، على هوى ميزانك، إذا ميزانك دنيوي ممكن أن تقول له: ليس لك مصلحة بالشريعة، إذا ميزانك أخروي تقول له: أتمنى أن أكون مثلك.
المذيع:
 لكن كما تفضلت لو دخل إلى كلية الطب ونوى بهذا الفرع أن يساعد الناس فهو أيضاً أجره كبير.

 

كلما علا مقام المؤمن ازداد من حوله تعلقاً بالإسلام :

الدكتور راتب :
 أنا أتمنى الآن طبيب داعية، مهندس داعية، مدرس داعية، أتمنى الآن حينما يأتي الدين ضمن اختصاص علمي كبير تأثيره أبلغ، الآن فقط، أنا متفوق في الفيزياء أدخل إلى الصف، كلهم طلاب جامعة، تقول: أنا معي دكتوراه بالفيزياء النووية مثلاً، وأنا أتكلم عن آية فلكية، آية كونية، أشرحها، شرح الذي معه دكتوراه بالفيزياء النووية أبلغ من ألف خطيب، لأن معه مرتبة عالية جداً، شاهد الدين عظيم، القرآن عظيم، كلما علا مقامك في الدنيا وكنت متديناً رفعت شأن المسلمين.
 أنا الذي يحرق قلبي هذا المسلم كاتب عادي، مستخدم، حاجب، لا أشاهد مديراً عاماً لشركة ضخمة متمسكاً بدينه، أو مديراً بمنصب رفيع متمسكاً بدينه، هذا كلما علا مقام المؤمن ازداد من حوله تعلقاً بالإسلام.
المذيع:
 من هنا كان حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

الدكتور راتب :
 يوجد مستشفى في لبنان، فيها طبيب لم يكن من الطائفة المنصورة، طائفة شاذة، الله أكرمه بالإسلام على يدي، ولما عرفوا أبناء طائفته أنه أسلم لأن اختصاصه عال جداً، هو الأول في المستشفى، عشرات تبعوه و أسلموا، طائفة غير صحيحة إطلاقاً، هو يحمل بورد في أمراض النساء، والتزم، هناك أناس كثر ممن حوله أسلموا، كلما ارتفع مقامك وكنت مؤمناً رفعت من شأن الإسلام.
المذيع:
 إذاً تجدر الإشارة نقول: يصدون عن سبيل الله لينتبه الإنسان كثيراً..

 

الشريعة وحدها هي العلم الممتع النافع المسعد في الدنيا والآخرة :

الدكتور راتب :
 أحياناً ابتسامة فقط، نجحت؟ نعم، ماذا دخلت؟ شريعة.. شريعة؟! تحتقرها. منهج الله عز وجل أرقى من ألف اختصاص، كل علم ممتع لكن ما كل علم ممتع بنافع، فإذا كان العلم ممتعاً و نافعاً قد لا يكون مسعداً، البطولة أن يكون العلم ممتعاً ونافعاً ومسعداً، قد يكون في الدنيا، البطولة أن يكون في الآخرة، الشريعة وحدها هي العلم الممتع النافع المسعد في الدنيا والآخرة.

المذيع:
 العلوم الأخرى لو كان فيها نية لله ألا ينطبق هذا عليها؟

الدين الإسلامي دين عظيم :

الدكتور راتب :
 أصبحت أداةً، كلما ارتفع مقامك العلمي الدنيوي تستطيع أن تهيمن على أناس كثيرين، الذي معه بورد طب، ويصلي في المستشفى، هذا شيء كبير، يحمل أعلى شهادة في الطب ويصلي معنى هذا أن الله كبير عنده، الدين عظيم، هناك أناس يؤخذون بالمناصب الرفيعة، فإن شاهد وزيراً يصلي، مرة وزير عندنا لا يمكن أن يصلي أية صلاة إلا في الجامع، له مكانة تفوق حدّ الخيال:

(( استقيموا يستقم بكم ))

[أخرجه الطبراني عن سمرة بن جندب]

المذيع:
 متواصلون حول الآية الكريمة:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

 نخشى أن نقع وإياكم بهذا، مثلاً إنسان أتيحت له فرصة عمل بالربا وأراد أن يبتعد، بعض الناس يقول له: أنت مجنون؟ اذهب وأكمل عملك، فعلاً يصدون عن سبيل الله؟

 

من حمل همّ أمته فقد ساهم في تقدمها :

الدكتور راتب :
 لي قريب دخل في الشأن العام للأمة، كل من حوله يذمونه، أنا أمدحه، أنت ارتقيت إلى مستوى الشأن العام، حملت همّ الأمة، دفعته دفعاً إلى أن يتابع هذا الطريق، قد تهتم بشأنك الخاص، بيتك وزوجتك ودخلك، هو اهتم بالشأن العام، فساهم مساهمة طيبة في الشأن العام، أنا أثني عليه تشجيعاً له.
المذيع:
 أحياناً يخرج دكتور للتخصص في الخارج، إذا أراد أن يبقى في الخارج راتبه يكون عشرة أضعاف عما إذا عاد إلى بلده، لكن إذا كل المتفوقين استقروا في الخارج لم يبق من يبني أمتنا، غالبية الناس من أراد أن يعود يقولون له: أنت مجنون، خذ راتباً عالياً، أذكر أني سمعت درساً لفضيلتك أن من أعظم العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله أن يعمر وطنه، لننقل حال أمتنا إلى خير حال، كيف يمكن هذا؟

بناء الوطن من أعظم العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله :

الدكتور راتب :
 هذا الوطن الذي كما يقال: لحم كتفك من خيره، درست ابتدائي وإعدادي وتوجيهي وجامعة، والجامعة مجانية، هذا الوطن أعطاك المدارس، والمرافق العامة، والمؤسسات، أبوك اشترى بيتاً عن طريق جمعية خيرية، فذهبت إلى أمريكا، أعجبتك أمريكا، دخلك قد يكون عشرة أضعاف أو عشرين ضعفاً، هذا الوطن الذي رباك لتعود إلى وطنك كي تخدمه، أين حق الوطن عليك؟ أين حق المسلمين عليك؟ لذلك أنا ذهبت إلى أمريكا مرات كثيرة، قلت لهم: والله لو رجعتم إلى بلدكم سوف تجدون متاعب كثيرة، لأنها بلاد نامية، والله هذه المتاعب أنتم مجاهدون، هذا البلد الذي أرسلك لتأخذ أعلى شهادة دكتوراه لتعود لخدمته، فآثرت الرفاه والنعيم في بلاد الغرب أنت خنت الأمانة، صدق ولا أبالغ عدد ليس بالكثير على أصابع اليد رجع إلى بلدي، وفتح مستشفى، عندما يأتي طبيب معه بورد يسكن في بلده المتواضع معنى هذا أن أمريكا صارت في بلده، هناك عمل جراحي صعب يكلف ملايين الليرات، عندما يكون الطبيب في بلده، وقد كان في أمريكا، صارت أمريكا في بلده، أنا أرى أن الوفاء للأمة، للوطن، للدين، للمسلمين، سمّه ما شئت هذا وفاء، هذا البلد ربيت فيه، وأنت استخدمت خيره يجب أن يعود خيرك عليه.
المذيع:
 الناس تقول: إن البلد طارد للكفاءات، أنا أريد أن أعطيها.
الدكتور راتب :
 هذه حالة استثنائية، إذا استطاع أن يعود ويعمل لا يوجد مانع، إذا لم يهتموا به إطلاقاً عندئذ يكون مضطراً، عنده بلد إسلامي يذهب إلى بلاد النفط يأخذ معاشاً كبيراً، أيضاً خدم المسلمين، أما أن تخدم....أنا كنت في أمريكا أنت تخدم إنساناً كافراً أو يهودياً دون أن تشعر من يأتي إلى العيادة؟
المذيع:
 لكنهم يعطونك الذي تستحقه، في دولتك تأخذ راتب ألف عندهم خمسة عشر ألفاً مثلاً.
الدكتور راتب :
بذكائهم، لا يوجد آخرة عندهم سيدي، أنت عندما آثرت هذه الأمة المتعبة الفقيرة، جئتها بعلم عال، وخدمتها، الإله أليس موجوداً؟ ألا يحاسبك على هذه الإيجابية؟ مستحيل، والله يوجد أطباء عادوا معهم بورد، أقسم بالله كان دخله عشرين ضعفاً عن سوريا، أعاد مستشفى مهملة، أصلحها، طورها، رتبها، المرضى كلهم فقراء، قلت له: أنت في عبادة، أنت تركت بلداً فيه رقي ورفاه منقطع النظير وجئت إلى بلدك الفقير تعالج خمسين شخصاً في اليوم وبالمجان، أنت موظف في هذه المستشفى مجاناً، الله موجود، لا نغفل الله من حساباتنا، يراك أنت تخدم عباده الفقراء، قال لي طبيب مرة كلمة والله أبكاني، قال: في هذه المستشفى مرضى لا يعرفون أحداً، قد أهملوا إهمالاً يفوق حدّ الخيال، لا تحليل، ولا فحص ضغط، جاء هذا الطبيب الذي يحمل شهادة عليا، وجد فقراء، فحصهم فحصاً دقيقاً، إيكو، تصوير، تشخيص، تحليل دم، قال: أشعر بقرب من الله، قال: والله أعيش بجنة، فقير لا أحد يهتم به، أحياناً يأتي مريض له مكانته، الأطباء كلهم في غرفته، والاهتمام بغرفته، والأدوية الدقيقة بغرفته، والتحاليل يومية، يأتي شخص آخر لا أحد يعرفه، ليس له إلا الله، يأتي طبيب يفحصه تشعر بسعادة لا توصف.
قال لي طبيب الأسنان الأول في الشام: جاءت امرأة تعمل في التعليم، عندها خطأ بأسنانها الأمامية، سألته: كم الكلفة؟ قال لها: حوالي ستين ألفاً، وهي معلمة لا تحصل بالعشر سنوات ستين ألفاً، قالت له: شكراً، قال لي: عندما ذهبت أنا تألمت، الأسنان مهمة للمعلم إذا أراد أن يبتسم، قال لها: أختي الكريمة هل تقبلين مني أن أقوم لك أسنانك هدية وادعي لي؟ قالت له: أتمنى والله، قال لها: على عيني، أقسم بالله عاش شهراً في الجنة.
 مرة أخ يركب سيارته الساعة الثانية عشرة ليلاً بدمشق وجد امرأة تحمل طفلاً وتبكي، وزوجها أمامها، فتوقف، كان في ذلك الوقت أحداث لبنان، وقد هرب اللبنانيون إلى سوريا للبحث عن الأمن، وابنها حرارته تقارب الأربعين، ولا يوجد معهم مال، قال لي: أخذتها إلى المستشفى وقام الأطباء بفحص الولد، ثم أخذتها إلى الصيدلية الساعة الرابعة صباحاً، قال لي: والله شهر أعيش بجنة، لا أحد يعرف أنت عندما تعمل عملاً لله تبتغي به وجه الله، أنت أسعد إنسان، هؤلاء عباده، علامة محبتك لله خدمة عباده، سيدي رأيت عملاً في الأردن أحببته كثيراً، يوجد أفران درجة أولى، وقسم مجاني، يأتي إنسان يأخذ ربطة، هذه قليلة؟ لعلك ترزق به.
 قال لي مرة شخص: دخل إليه طفل معه ربع ليرة، يريد صحن فول، اشتهى، وقد كان صحن الفول بليرتين، ثمانية أضعاف، قال له: ادخل تفضل، ماذا قال له ابنه؟ معقول يا أبي؟ قال له الأب: يا بني اشتهى الفول.
 يوجد أناس يحبون الخير، هؤلاء الله يضاعف لهم أجرهم، هم محبوبون عند الله، وعند الناس، وأشخاص والعياذ بالله لهم كل عمل يهز أعماق الإنسان.
المذيع:
 هذه النماذج الطيبة مثل هذا الطبيب الذي عاد من أمريكا ليخدم الناس، لو جئت أنا لأصده عن هذا ماذا تفعل بنفسك؟
الدكتور راتب :
 والله كلام شيطاني.
المذيع:
 في مثل هذه الحالة كلامي شيطاني؟

العاقل من يدخل الله في حساباته :

الدكتور راتب :
 لست أنت، عفواً، هو استخدم المقياس المادي فقط، أنت فقط مادة، الغني لا يموت؟ لو معك مليارات، شخص عندنا في الشام عنده دار قمار، على فراش الموت استدعى إنساناً له عمل في الدين، قال له: معي ثمانمئة مليون من القمار، ماذا أفعل بهم؟ قال له: والله لو أنفقتهم كلهم لن تنفد، أصلحه الله، الله كبير، هذا الإنسان غفل عن الله، أين تمشي؟ هناك موت، وقبر، سيدي من بيت أربع غرف وصالون إلى قبر، من مكيف إلى قبر، من بيت مدفأ إلى قبر.
المذيع:
 سيدي لو كنت فضيلتك ماذا تقول له؟
الدكتور راتب :
 طبعاً أنا أقول له كحل وسط: أنفق ما تستطيع، لعل الله يغفر لك، هذه لعل لا يوجد إشكال عليها، لعل للترقب.
المذيع:
 كنت أسأل فضيلتك لمن يقول لمثل هذا الطبيب لا تفعل هذا، ولا تكن مع الفقراء، وارجع إلى أمريكا، هل ينطبق عليّ قول الله: الذين يصدون عن سبيل الله؟

من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة :

الدكتور راتب :
 نعم والله، هذا إذا رجع إلى أمريكا سيكون ابنه سبعة وتسعين بالمئة غير مسلم، خسر ابنه، ابنته لا تلتزم إطلاقاً، دخل إلى ابنته فوجد معها شاباً في الفراش، في غرفة ابنته، فقط لأنه عنف الشاب أخذوه إلى الشرطة، وقعوا تعهداً هذا جاء إلى البيت بدعوة من ابنتك، أنت لم تكن حضارياً، كنت همجياً، وقع تعهداً، عش في بلد الإسلام له قيمته، عش في بلد العرض له قيمته، الطهارة لها قيمتها:

(( من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة ))

[ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي]

 أي الإقامة دائمة، إلى نهاية الحياة، أنت اذهب وخذ دكتوراه، اجمع ثمن بيت وارجع، بلدك هذا لحم أكتافك من خيره.
المذيع:
 دكتور يوجد جاليات إسلامية كاملة ينطبق عليها هذا الحديث؟

 

العائلات المتدينة في بلاد الغرب لا وزر عليها إن دعت إلى الله :

الدكتور راتب :
 لا، إذا كان لك عمل دعوي لا يوجد مانع.
المذيع:
 ليس عملاً دعوياً، أنا بجانب جالية إسلامية، أنا تاجر، هنالك مسجد، ومركز إسلامي، ومدرسة، وبناتي محجبات.
الدكتور راتب :
 تكون في بلد الآن خاله يصلي، وعمه يصلي، وأخوه يصلي، وبيت حميه يصلون، الجو العام جو إسلامي، سهر سهرة فيها قرآن، فيها دين، في بلد آخر لا يوجد هذا.
المذيع:
 دكتور هذا للعائلات المتدينة، اليوم حتى في الدول الإسلامية كثير من الناس لا يصلون، يوجد كثير من الناس يختلطون.
الدكتور راتب :
 الذي يجلسون في بلدان متخلفة لا يصلون خسروا الدنيا والآخرة معاً، مثل اليهود الفقراء.
المذيع:
 الحديث دكتور:

(( استقيموا يستقم بكم ))

[أخرجه الطبراني عن سمرة بن جندب ]

 هل لنا أن نتوسع فيه؟

 

القدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان :

الدكتور راتب :
 تصور أن أباً ما سمع منه أبناؤه كلمة نابية، ولا كلمة بذيئة، ولا طرفة فاحشة، ولا كلاماً قاسياً، ولا سب، ولا ضرب، ولا كسر أبواب، ولا كسر زجاج، أب هادئ، أب لطيف، البيت كله صار فيه لطف، استقيموا - كأب، كرمز- يستقم بكم.
أنا أقول كلمة: أحياناً بيت بثلاثين سنة لم ترو فيه طرفة فاحشة، هذا الطفل ما سمع كلاماً نابياً، ما سمع كلمة بذيئة، ما سمع طرفة فاحشة، ما سمع تعليقاً قاسياً، هذه الأخلاق المنتظمة ينشأ عليها، هناك حالة لا تحتاج إلى توجيه إطلاقاً، القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان..
المذيع:
 إذا استقام هذا الأب يستقيم أولاده.
الدكتور راتب :
 هذا البيت لا يوجد به كلمة فاحشة، ولا موقف عنيف، ولا ضرب، ولا سب دين، إذا سمع الابن من أبيه مرتين هذا الكلام يحفظه، ويسب الدين.
المذيع:
 هو عنوان نقاشنا لهذا اليوم، قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾

[سورة الأعراف: 45]

 لمن يكفر ولمن يريد أن يجعل الناس على كفر، أو نحن نقع فيها دون أن نشعر بحسن نية أو بسوء نية، شيخنا الكريم، ما الذي يقابل الذين يصدون عن سبيل الله؟ من هم الطرف الآخر؟

 

الدعوة إلى الله سلوكاً و حلماً و رحمة :

الدكتور راتب :
 الذين يدعون إلى الله، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33 ]

 يدعوهم بلسانه، بسلوكه، بصبره، بحلمه، برأفته، برحمته، كل هذه الصفات تجلب الناس إليك، أنا أرى أن كمال الأخلاق أهم شيء بالداعية، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33 ]

 لا تكفي الدعوة إلى الله، والعمل الصالح الذي يدعمها، فلذلك الإنسان عندما يكون مؤمناً، عنده همّ كبير أن يوسع دائرة الإيمان، أحياناً يحضر العامل لك من الفرن طعاماً نفيساً جداً، لحم بعجين، أطعمه قرصين، كن رحيماً، أنا أحياناً أعطيه خمسة، أقول له: كُل يا عم، هذا أحب الدين، هذا بيت شيخ، أعطاني خمسة أقراص لآكلهم مثلاً، يجب أن تقرب الناس من الدين، ترحمهم، والله أناس كثيرون، صاحب معمل في الشام، قال: الإنتاج صفر، الآلات متوقفة كلها منذ ثمانية أشهر، والرواتب لم تتوقف، من أين يأكل العمال؟ قلت له: هذه صدقة ضرب مليون، عنده ثمانون عاملاً، لكن شعر بقرب من الله عجيب.
 معمل بحمص زرته مرة، أجر العامل ستة آلاف ليرة، هكذا الأجر العام، قال لي صاحب المعمل: هذا الأجر لا يكفي، أنا أعطيهم عشرين ألفاً، الكل يسكن في بيوت ملك، قال لي: الفرق كله مليونا ليرة، أنا أربح ثلاثين مليوناً، المعاش عشرون ألفاً، كم ضعف؟ ثلاثة أضعاف ونصف، عشرون ألفاً أعطاك روحه، إنتاجه مباع لستة أشهر نقدي من الإتقان، عندما أحبك العامل أتقن عمله.
المذيع:
هي دعوة عند الله..
الدكتور راتب :
 كلهم أصبحوا متدينين من أجله، يوجد صلاة جماعة في المعمل، كلهم يصلون الظهر وهو مسرورون، نظرت أنا قلت في نفسي: والله هذا الإنسان ذكي جداً، كان واقعياً، هذا الإنسان مثلي يريد أن يأكل، ليأكل اللحم، يريد أن يلبس في العيد ليلبس ما يريد، لا تكفيه ستة آلاف، السوق ستة آلاف يجب أن تعطيه حاجته، لا، أعطه سعر السوق.
المذيع:
 تاجر مع الله أولاً بقدوة هؤلاء للدعوة ثم تاجر بأفضل إنتاج وجودة من الصناعة، هذا تطبيق جميل للإسلام.
الدكتور راتب :
 إذا المسلم لم تعشقه فهو ليس مسلماً، لا تؤاخذني بهذه الكلمة، لأنه كريم، حليم، إذا شخص عنده صانع يتيم قد سرق فطرده، إذا طردته صار سارقاً، اتركه عندك، أدبه، حاسبه، انصحه.
المذيع:
 دكتور أنا سوف أضرب مثلاً عكس صاحب المعمل الذي ضربته، وأسألك إذا كان ينطبق عليه عنوان اليوم: يصدون عن سبيل الله، لو أنا صاحب معمل والدخل ستة آلاف وأنا أعطيهم خمسة آلاف والذي لا يعجبه فليترك العمل، وأؤخر الدفع، وأنا صاحب دين، وأصلي وقت الصلاة، هل أنا من الذين يصدون عن سبيل الله؟

 

العبادة الشعائرية لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية :

الدكتور راتب :
 والله العبادات الشعائرية والله ثم والله إذا ما رافقتها عبادة تعاملية لا تقدم ولا تؤخر، والأدلة:

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ سنن ابن ماجه عن ثوبان ]

 ما قيمة الصلاة من دون استقامة؟ هذه الصلاة، الصوم يذهب بالعمل السيئ، والحج يذهب بالعمل السيئ، والحج، والزكاة كذلك، العبادة الشعائرية لا تقبل ولا تصح ولا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية، أن تكون صادقاً، أميناً، ورعاً، عفيفاً.
المذيع:
 من ينفر عن دين الله هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله يعطي نموذجاً سيئاً، ما هو الحل لمن يصدون عن سبيل الله، كيف نجابههم؟

 

كيفية مجابهة من يصد عن سبيل الله :

الدكتور راتب :
 أول شيء ننصحهم مرة واثنتين وثلاث مرات، وأحياناً الذي ينصحه ألا يصلي حتى لا يسمى صاحب دين، أنا ألتقي مع المنصوح، الله موجود، مستحيل أن تطيعه وتخسر، والله أحياناً الإنسان يأخذ خيار الإيمان والاستقامة وبالظاهر يخسر، هو لا يخسر، يجمع بين كل المزايا.
 زوال الكون أهون على الله من أن يضيع وعوده للمؤمنين، وعدك بالنصر، وعدك بالأمن، بالحياة الطيبة، مستحيل أن تعصيه وتربح، ومستحيل أن تطيعه وتخسر.
المذيع:
 هذا في الآخرة؟
المذيع:
 في الدنيا قبل الآخرة، يوجد أناس كافرون وناجحون.
الدكتور راتب :
 مرض خبيث منتشر بكل جسمه، قال: ماذا آكل؟ قال: كُلْ ما تشاء. هل هذا مدح أم يأس؟ قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

هذا الكافر كل إمكانياته، وكل مكانته، وكل هيمنته، وكل ثرواته، مبنية على قطر شريانه التاجي، ميلمتر وثلث، صار ميلي أزمة قلبية، تشنج عضلي، أزمة صدرية، كل شيء يملكه على قطر شريانه التاجي، أو على سيولة دمه، تجمد في نقطة انتهى، شلت حركته، كلنا تحت رحمة الله عز وجل.
المذيع:
 وإن لم ينتصحوا دكتور؟
الدكتور راتب :
 أن ننصح من نصحهم، ألم ينصح شخصاً ألا يصلي في العمل حتى لا يصنف مع المتدينين، أنا أنصحه لا تخف، الآمر ضامن، هذه قاعدة، الآمر ضامن، إله قال لك: صلّ، يقوى مركزه بالصلاة أكثر.
المذيع:
 لمن يقع في هذا المطب دون أن يشعر.
الدكتور راتب :
 يتوب إلى الله.
المذيع:
 مثلاً زميلي في العمل أنا أقول له: لا تصلّ حتى لا يعتقدون أنك متدين، ثم يخرجونك من العمل.
الدكتور راتب :
 أقول له: أنا عندما قلت لك هذا الكلام كنت مخطئاً، سامحني.
المذيع:
 إذا كان هناك دول كاملة أو مؤسسات تصد الناس عن سبيل الله، بعض الأماكن الشبابية فكرتهم العمل المختلط، لا يشجعون الحجاب، يشجعون السلوكيات الخاطئة.

إقامة شرع الله أو الاعتزال :

الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الكهف: 16]

عندنا عزلة في الفقه بحث طويل عريض، مجتمع موبوء، اختلاط، سهرة، نساء كاسيات عاريات، قصير وضيق، وشقة وما شقة، هؤلاء الصبايا أنت ما وضعك معهم؟ هذه طرفة، إنسان دخل إلى ملهى فرأى امرأة شبه عارية بالعالي قال: أعوذ بالله، فرأى أخرى أيضاً تحت منها، فقال: أعوذ بالله، على اليمين مثلها، قال له شخص: ما الذي أدخلك إلى هنا؟
 يجب أن تبتعد عن أماكن السوء، هذا ليس مكانك، طريق كل النساء كاسيات عاريات، هذا الطريق ليس لك، يوجد منتزهان للتمتع بمحاسن المرأة، هناك شخص في الشام متقاعد، وعنده خمس بنات قد زوجهم، لا يوجد عنده شيء، عندنا شارع في الشام من العصر للمغرب معظم النساء كاسيات عاريات، فأكثر الورعين لا يمشون من هذا الشارع، فهذا يأتي من المزة للصالحية للجسر ويرجع فقط ليمتع عينيه بمحاسن النساء، صار معه ارتخاء جفون، لا يستطيع أن يراك حتى يمسك الجفن بيده ويرفعه، الله كبير.
المذيع:
 إذا الإنسان لم يستطع أن يقيم شرع الله عليه أن يعتزل، أما إذا استطعت أن أغير نحو الأفضل فعليّ أن أبقى فيه.
الدكتور راتب :
 عندنا لعبة شد الحبل، إذا كنت تستطيع أن تشد هذا الأخ- الصديق، القريب، الزميل- لك فعاشره، وإذا شدك له اتركه، هذا مقياس دقيق.
المذيع:
 في ختام حلقتنا هل من نصيحة تقدمها للأخوة المستمعين تحت بند الذين يصدون عن سبيل الله؟

 

طريق الدين كله خير :

الدكتور راتب :
 كلمة واحدة: استقيموا ولن تحصوا الخيرات، يا ترى سعادة بالنفس؟ سعادة بالنفس، تماسك نفسي؟ تماسك نفسي، رزق وافر؟ رزق وافر، زواج ناجح؟ زواج ناجح، أولاد أبرار؟ أولاد أبرار، طريق الدين كله خير، خير اجتماعي، وخير زوجي، وخير أبوة، وخير بنوة، هذا استقيموا ولن تحصوا الخيرات، منهج خالق الأكوان.
المذيع:
 هل لنا أن نختم بدعاء؟

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اللهم صن وجوهنا باليسار، و لا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، و نبتلى بحمد من أعطى، و ذم من منع، و أنت من فوقهم ولي العطاء، و بيدك وحدك خزائن الأرض و السماء، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، كان حديثنا عن الذين يصدون عن سبيل الله، أولئك الذين يريدون أن يبعدوا من يسير على منهج الله، إما كافر يريد أن يصدك، وإما مسلم منا بحسن أو سوء نية يصدك على أن تكون منضبطاً بشرع الله، تعالوا ننتبه لما نفعل ولما نقول، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور