- محاضرات خارجية / ٠31مقتطفات من برنامج سواعد الإخاء
- /
- مقتطفات من الموسم الثاني 2014 تركيا
وجوب تحرك المؤمن وفق منهج الله :
الدكتور راتب :
العكبري في كتابٍ ألفه قال: تؤخذ ألفاظه من حفاظه، وتؤخذ معانيه ممن يعانيه.
يقول العكبري في بعض كتبه حول التفسير: تؤخذ ألفاظ القرآن من حفاظه، وتؤخذ معانيه ممن يعانيه.
بمعنى أن أي مؤمن يتحرك وفق منهج الله، له علاقة طيبة بالله عز وجل، هذا يتحدث عن مشاعر يشعر بها، وعن حقائق يؤمن بها، وعن نور بين يديه، فحينما تفسر القرآن، وهناك تجارب عديدة جداً في علاقتي مع الله هذه تضفي على التفسير حيوية وأثراً، لذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾
فالإنسان لا يملك أن يحبه الناس، لكن الله عز وجل هو الذي يدفع الناس إلى يقبلوا على هذا الكلام، أو ذاك الكلام.فلذلك التفسير يحتاج إلى إطلاع أولاً، لابد من أن تطلع على معظم التفاسير، كي تبني على قاعدة صلبة، وبعد ذلك هناك معان قد تخطر في بالك، والقرآن حمّال أوجه، والله عز وجل يتفضل على بعض عباده بأن يفتح لهم باباً في فهم بعض الآيات، وهذا من فضل الله عز وجل، والقرآن كما قلت حمّال أوجه، ولا يستطع أحد أن يحتكر تفسير القرآن الكريم، هذا كتاب الله عز وجل.
أقرب إنسان إلى الله من دعا إليه و عمل صالحاً :
لكن أنا لي تعليق بسيط: الله عز وجل حينما قال:﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الآية تؤكد أن ليس على وجه الأرض إنسان أقرب إلى الله، وأفضل عند الله ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، والنبي هو الداعية الأول.﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾
إنني أعتقد أن الدعاة إلى الله ما لم يتبعوا منهج النبي في الدعوة لن يفلحوا، النبي له سنة، قالوا: أقواله وأفعاله وإقراره وصفاته، لكن له سنة دعوية، كيف دعا إلى الله عز وجل؟ هذه السنة الدعوية لو استنبطناها من دعوته، وجعلناها منهجاً للدعاة، عندئذٍ يفلح الداعية إذا اتبع النبي الكريم في منهجه الدعوي، هذا منهج دعوي.خصائص الدعوة إلى الله و الدعوة إلى الذات :
لذلك:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الدعوة إلى الله أنا أراها دعوة إلى الله خالصة، وقد تكون لا سمح الله دعوة إلى الذات، مغلفة بدعوة إلى الله.خصائص الدعوتين؛ الدعوة إلى الله الخالصة أساسها الاتباع، والدعوة إلى الذات أساسها الابتداع، تبتدع لتوهم للناس أنك متميز.
الدعوة إلى الله الخالصة أساسها التعاون، بينما الدعوة إلى الذات أساسها التنافس، فالذي يتعاون مع أخوانه الدعاة، ويشكل الدعاة بمجموعهم فريق عمل، هذا فريق العمل يعد من أرقى التطورات الحديثة، نحن عندنا في مفهوم فريق العمل مفهوم الواحد أو لا شيء، أي العشرة يبقون واحداً، كل واحد يحطم الآخر، بالمجتمع المتخلف هناك تنافس، بالمجتمع المتقدم الإسلامي هناك تعاون، فأنا أقول: علامة إخلاص الداعية التعاون مع أخوانه، وإذا اعتبرنا أن المعلومات التي عند كل داعية هي قاسم مشترك بين كل الدعاة، كل داعية أكرمه الله بتفوق في جانب من جوانب الدين، فإذا اعتبرنا أن كل داعية بمجموع معلوماته الدقيقة أخذ الوضع الوسطي، وله توفيق في المجال الفلاني، هذا في الإعجاز، هذا في التفسير، هذا في الحديث، هذا في الدعوة، هذا في التسليك إن صح التعبير، فهناك قاسم مشترك بين الدعاة، وهناك تميز يتميز به كل داعية، فإذا تعاونا فيما بيننا كل واحد سأل الآخر فيما تفوق به تكون هذه الحقائق والخبرات بين أيدي الجميع، أما إذا تنافسنا فهناك مشكلة كبيرة.
فالدعوة الخالصة إلى الله أساسها الاتباع، والدعوة إلى الذات أساسها الابتداع، والدعوة إلى الله أساسها التعاون، التعاون أمر إلهي.
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
الآن التعاون حضارة، والدعوة إلى الذات أساسها التنافس، الآن الدعوة إلى الله الخالصة أساسها الاعتراف بالآخر، كما أنك داعية بكل خلية في جسمك تعتقد أنك داعية، والدعاة الآخرون مخلصون ومتفوقون، إذاً الدعوة إلى الله أساسها الاعتراف بالآخر، والدعوة إلى الذات أساسها إلغاء الآخر.الإمام أحمد ابن حنبل يظن الناس أنه متشدد، مذهبه أخف مذهب، لكن كان يتشدد على نفسه، فالبطولة في العالم ألا يأخذ الرخص بأكملها، ويفتي بالأصعب، هذا خطأ كبير، الأولى أن يأخذ نفسه بالشدة، ويفتي بالأسهل.