- محاضرات خارجية / ٠31مقتطفات من برنامج سواعد الإخاء
- /
- مقتطفات من الموسم الثاني 2014 تركيا
الاحترام المتبادل بين الزوجين هو أساس سعادتهما :
الدكتور إبراهيم الدويش :
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
كنت قد دورت في نفسي قصة، وأعددتها منذ أيام، لكن قبل قليل وصلتني قصة أخرى شدني إليها حاجة السماع، وصلتني عبر حسابي في تويتر، قصة لعلي أذكرها وأجدها مناسبة، خاصة وأننا بأمس الحاجة إلى هذه المواقف.
إحدى الأخوات تقول: أبكاها زوجها، كما يحصل في كل بيت، خصومة، مشاكل، لا يخلو البيت من مثل هذه الأمور.
تقول: فرأيته يأخذ طفلته يحملها، ويقبلها، ويضمها، ويشمها، فنظرت إليه، وقلت له: أتحبها؟ فنظر إليّ مستنكراً! وهل أحد لا يحب ابنته؟ فقلت: لو أن زوجها أساء إليها، أو ضربها، أو أبكاها هل ترضى؟ قال: والله لأخقنه، ولأقتلنه، قلت: لأنك تحبها؟ قال: نعم، قالت: وكذلك أنا أبي يحبني، فكانت رسالة قصة قصيرة جميلة، لكنها رسالة من الزوجة لزوجها.
وأنا أقول هذه القصة رسالة لكل زوج، لكل شاب مقبل على الحياة، لكل زوجين، الاحترام المتبادل بين الزوجين هو أساس هذه السعادة في حياتكم.
ذكرني هذا بموقف الحبيب صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها، لما كانا جالسين، فعائشة رغم صغر سنها إلا أنها كانت ماهرة في حياتها الزوجية، استطاعت أن تكسب قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم بذكائها، وحنكتها، رضوان الله تعالى عليها.
كانت جالسة مرة من المرات معها شراب فشربت، ثم ناولته النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تواضعه وحسن خلقه صلوات الله وسلامه عليه، وفن تعامله مع زوجه قام وتحرى مكان فم عائشة من الإناء فشرب من مكان فمها.
رسالة رومنسية رائعة يرسلها الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى كل زوج، إلى كل زوجين، كيف يكون التعاون والإثارة والاستثارة في معاني الحب في الحياة الزوجية، وفي معاني العيش في سعادتنا، أو في حياتنا، وتكون السعادة.
تقول عائشة: وكنت أتعرق العرق؛ أي العظم الذي عليه اللحم، آخذه وأنهشه بأسناني، وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يضع فمه مكان فيّ، سبحان الله! ما أروع مثل هذه المواقف البيتية.
يبكي زوجته فترسل له رسالة جميلة يوم حمل ابنته الصغيرة طفلة يقبلها ويشمها، نعم أيها الزوج، كما تحب ابنتك، ولا ترضى أن يؤذيها أحد، أو أن يمسها أحد بسوء، كذلك كل أب وكل أخ لا يمكن أن يرضى أن تسيء إلى ابنته، أو إلى أخته، فهو أيضاً يحبها ويقدرها.
أختم بقصة جميلة أو طريفة؛ يوم من الأيام اتصل عليّ أحد الأخوة وقال لي: يا دكتور، يا شيخ هل يجوز أن تخرج المرأة من بيتها من دون إذن زوجها؟ من خلال السؤال وطريقة السؤال تبين لي أن زوجته قريبة، وأنه قد حصل بينهما خصومة طازجة الآن، وأنه يريد أن يسمعها كلامي، فقلت له بكل هدوء: لا يجوز، لكن على الرجل أن يقدر الظروف الحياتية والأمر بسيط، ولا يكون العسكري الآمر الناهي، وإذا به يقاطعني فجأة ويقول: أسمعت يا فلانة تعالي واسمعي، تعالي اسمعي كلام الشيخ، وإذا بي أسمع كلام الزوجة من بعيد، وهي تقول له: شيخ؟ أي شيخ؟ هذا ليس شيخاً، هذا كلب من كلابك، أعزكم الله، وأكرمكم الله.
لعلي أختم، ولعل الرسالة وصلت، ألقاكم في حلقة أخرى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من لطائف الطنطاوي :
الدكتور عائض القرني:
الطنطاوي أكبر عالم قرأت عنه في الدعابة، حتى أنا أهوى كتابه هتاف المجد في الدعابة، فالدعابة الكبير والقاصي والداني يجيدها أصلاً ويعيشها.
يقول في مذكراته وقد رواها مرة، هذه أكبر نكتة له، وموجودة في المذكرة، يقول: عينوني في مدينة في سوريا، سماها، قال: في المدينة هذه أكرمكم الله مجرى لمجاري المياه القديمة والخمجة مثل النهر، تفصل مدرستنا خشبة فقط، لا يمر منها إلا الماهر، وأنا متدرب في السياقة، فيقول: ركبت في الصباح ومعنا شيخ أستاذ لنا، فيه تصوف، وعنده عمامة، ومسبحة، ولحية، ركبته معي، اسمه طه، وسماه بالمذكرة، قلت له: أسألك بالله أن تركب، قال: الله يرضى عليك أن تتركتني يا شيخ علي، قلت: والله اركب معي، قال: فاستحى مني وركب، بكتبه، وجبته، والمسبحة، واللحية، فمشيت على هذه الخشبة، لو مشيت على مهل يمكن أن أرتبك، أسرعت قليلاً، وهي أصلاً مياه مجار أسأل الله العافية، أكرمكم الله، فلما اقتربت من الوصول نظرت للأسفل فارتبكت فطارت الدراجة مني في الهواء، والشيخ طه والكتب واللحية والعمامة من وارئي يسقطون في النهر، قال: وأنا سقطت على رأسه ولا أجيد السباحة، وعلى عمامته، والدراجة سقطت علينا، فكانت عمامته في جهة، وكتبه في جهة، وجبته في جهة، والمسبحة في جهة، ولحيته تطفو وتسبح، وما ترك لعنة في قواعد بانليون، ولا عند هتلر، ولا عند حمورابي، ثم زحفت أنا وهو، وجاء شخص يسحبنا، وخرجنا في منظر مزري، ثم قال لي: والله لأقطعك في الحياة، ولا تمر بي، حسبي الله عليك، ودعا عليّ سائر اليوم، قال: فكلما رأيته من بعيد يسب.
هذه من لطائفه غفر الله لنا وله ولكم ولجميع المسلمين، أقول ما تسمعون نفعكم بما سمعتم.
العدل قسري والإحسان طوعي :
الدكتور راتب :
على كل في حي من أحياء دمشق التراثي اسمه سوق ساروجا، يوجد جامع اسمه جامع الورد، كان يخطب به المفتي العام، كان رجلاً صالحاً- القصة قديمة جداً فهذا الخطيب خطيب هذا المسجد رأى رسول الله في المنام، وليس من عادتي أن أروي المنامات إلا لأن هذا المنام متميز.
قال النبي الكريم لخطيب هذا المسجد: قل لجارك فلان: إنه رفيقي في الجنة، فهذا الخطيب تألم، تأثر تأثراً بالغاً، هو دراسات، وعلم، وفهم، وتجويد، وقرآن، وخطابة، وهذا جاره بقال، فذهب إليه وقال له: لك عندي بشارة من رسول الله، ولكنني والله لن أقولها لك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك، رفض أن يقول شيئاً، بعد إلحاح منقطع النظير ذكر.
قال له: تزوجت امرأة وفي الشهر الخامس من زواجي كان حملها في الشهر التاسع، إذاً هذا الجنين ليس منه، وبإمكاني أن أطلقها، وأن أسحقها، وأن أفضحها، والدولة معي، والشريعة معي، وأهلها معي، ابنتهم زانية، لكن أردت أن أحملها على التوبة، فجاء بولادة في الليل، ولدت، حمل المولود تحت عباءته، ووقف أمام جامع الورد، إلى أن نوى الإمام فرض الصلاة، دخل إلى المسجد ووضع المولود وراء الباب، والتحق بالمصلين، فلما انتهت الصلاة بكى هذا المولود، فاستوى الناس وتحلقوا حوله، هو تأخر حتى تأكد أن معظم المصلين تحلقوا حول هذا المولود، فاقترب منهم، قال: خير ما القصة؟ قالوا: تعال وانظر! لقيط، قال: أعطوني إياه أنا أكفله، أخذه أمام أهل الحي بأكمله على أنه لقيط.
فأنا علقت على هذه القصة قول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾
العدل قسري، والإحسان طوعي، هذا نقل امرأة من أن تُفضح، بل قد تُقتل لأنها زانية، وجعلها امرأة صالحة بهذه الطريقة.
فلذلك أقول: دائماً يوجد حالات دقيقة جداً، الإحسان يفوق العدل.
أذكر قصة موظف عند تاجر، أثناء الحساب الأخير في السنة يوجد مبلغ كبير، تقريباً يقدر بسبعين ألفاً، قبض من الزبائن هذا المبلغ، ولم يؤده لصاحب المحل، فانفضح أمره، أصحاب المحل شريكان، الأول أراد أن يسلمه إلى القضاء، الثاني أراد أن يصلحه، فالثاني دفع المبلغ من جيبه، وتولى إصلاحه، هذا الإنسان عندما دفع المبلغ عنه، رده على سنوات عديدة، وتاب إلى الله، وحفظ كتاب الله، وصار إمام المسجد، وأنا قبل شهرين أو ثلاثة كنت في أمريكا ووجدته، وكان يؤم الناس، وله دعوة كبيرة هناك .
قلت سبحان الله! الشريك الأول لو سلمه للقضاء انتهى، أما الثاني فغلب الإحسان على العدل، فلذلك الله قال:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾