وضع داكن
07-11-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 141 - الجمال في الإسلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الكرام في حلقة جديدة مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أكرمكم الله، مرحباً بكم شيخنا، حلقتنا لهذا اليوم هي تحت عنوان: " الجمال في الإسلام" نبدؤها بقول النبي صلى الله عليه وسلم:

((إن الله جميل يحب الجمال))

[مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم]

 شيخنا ما هو الجمال في الإسلام، ما هو مفهومه في شريعتنا؟

مفهوم الجمال في الإسلام :

الدكتور راتب :
الحقيقة أن الله عز وجل جميل، كما تفضلت في الحديث، إذاً يتجلى على خلقه بالجمال، يوجد بستان جميل، وشجرة جميلة، ووردة جميلة، وموقف جميل، وكلام جميل، وطفل جميل، وأثاث جميل، وبيت جميل واسع جداً، الجمال يدخل في كل شيء، يدخل في حياتنا في أدق التفاصيل، موقف جميل، أحياناً تربية فيها جمال، لا يوجد بها كلمات قاسية:

((إن الله جميل يحب الجمال))

 حتى في تربية الأولاد، يوجد ضرب مبرح أحياناً، وسُباب لا يحتمل، ومؤاخذة لطيفة، ووعد ووعيد، الحقيقة كل حياتنا جمال، والمؤمن جميل يحب الجمال.
المذيع:
 إذاً هنا نقول:

((إن الله جميل يحب الجمال))

 هي دعوة أن يتجمل الإنسان بكل ما لديه.
الدكتور راتب :
 طبعاً، مليون بالمئة، يحب الجمال، الحياة كلها هي أن تحب ما أحب الله.
المذيع:
 ونعمة بالله، هل الجمال شيخنا مرتبط بالأمور المادية، أم أن هناك جمالاً معنوياً؟

الجمال مرتبط بكل تفاصيل الحياة :

الدكتور راتب :
 لا، لا أبداً، قد يكون الإنسان فقيراً جداً، لكن بيته فيه جمال، الأثاث رخيص، لكنه يوجد به تناسق، تناسق بالألوان، بالأثاث، بالجدران، أحياناً يوجد زهرة واحدة في آنية، أحياناً آية قرآنية بخطّ جميل، الحياة كلها جمال.
 أنا أقول: يجب أن يكون بيتنا جنة، لأن هذا البيت إذا كان جنة يجلب أفراده إليه، تختار إما أن يكون البيت ناجحاً، يجذب الأولاد، أو بيت غير ناجح ينفر الأولاد، يوجد بيت منفر، ما دام منفراً، مع الأصدقاء، بالطرقات، بالمقاهي، ما دام البيت يجلب الأولاد، الطفل له غرفة خاصة، فيها سريره، وفيها مكتبة صغيرة، فيها أحياناً مروحة، فيها شيء لطيف، الجمال بكل حياتنا، بكل تفاصيل حياتنا.
المذيع:
 إذاً الإنسان الذي يجمل بيته بهذه النية دكتور هو مأجور؟
الدكتور راتب :
 يشد أولاده للبيت، لم يعد هناك كلمة بذيئة يسمعها من شخص بالطريق، لا يوجد موقف لا يرضي الله فعله وما بلغ والده به.
المذيع:
 حتى بعض الجماليات المادية دكتور، مثل الزينة والإكسسوارات إذا لون فيها ليكون بيته جميلاً للأولاد بدل الخارج.
الدكتور راتب :
 لا يوجد مانع، إنسان ببحبوحة عمل لكل ابن غرفة، فيها سرير، ومكتبة، وعنده مناظر يحبها مثلاً، هذا شيء لطيف جداً.
المذيع:
 فيها أجر، جميل! هل هذا الجمال دكتور هو فطرة فُطرنا عليها؟

الجمال فطرة فُطر الإنسان عليها :

الدكتور راتب :
 أبداً.

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها))

[ أحمد في مسنده]

 يحب الجمال، يحب الكمال، يحب القوة، يحب التسامح، يحب مكارم الأخلاق، الأخلاق الجميلة جمال.
المذيع:
 جميل! إذاً هذه فطرة فُطرنا عليها، وبرمجنا عليها أننا نميل إلى الجمال.
الدكتور راتب :
 قطعاً من دون تردد.
المذيع:
 دكتور، هنالك كثير من الموجودات حولنا في هذا الكون خلقت، وبالنسبة لنا بالفهم لا حاجة لها، مثلاً كالورود، هي لا تؤكل، ولا تدخل في الصناعات، ولا شيء.

موجودات خلقت في الحياة للجمال و الزينة فقط :

الدكتور راتب :
 من خلقها؟
المذيع:
 الله.
الدكتور راتب :
لِمَ خلقها، خلقها كي نمتع أنفسنا بها، ليس لها وظيفة ثانية، هل هناك أحد يأكل وردة؟
المذيع:
 أنواعها بالآلاف دكتور.
الدكتور راتب :
 أعرف، لكن أنا اختصاصي عندنا لولائح على عرض الجدار، وكل وردة مساحتها أربعة سانتمترات بثلاثة، من هولندا، مئتا نوع نباتات زينة ضمن البيت، آلاف خارج البيت، خلقت لكي نمتع بها عيوننا، هولندا أول دولة بالعالم بنباتات الزينة.
المذيع:
 هذا دورها بالحياة للجمال والزينة.
الدكتور راتب :
 الأولى بالعالم، حتى أمريكا منها تستورد.
المذيع:
 سبحان الله! دكتورنا الكريم، نحن أُمرنا أن نتخلق بأخلاق الله، عندما نقول إن الله جميل، أنا كمسلم ما الرسالة التي يفترض أن أفهمها في هذا الملف الجمال؟ أي جمال آخذه؟

الجمال يجذب الإنسان إلى العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 أنت مسلم، لماذا جيء بك إلى الدنيا؟ لتعمل صالحاً، كيف تجذب الناس إلى عملك الصالح؟ بالجمال، إذا كان البيت أنيق، يشد الزوار إليه، لو البيت لم يكن فيه أناقة أبداً، فيه فوضى، يا لطيف، يصبح منفراً، إذا محل جميل يجلب الزبائن، محل فوضى غير نظيف، يوجد محلات تجارية نظيفة جداً، الحاجات مرتبة، بأماكنها كلها.
المذيع:
 دكتور، ما هو المعيار المقبول للجمال الذي يبتعد فيه الإنسان عن الإسراف، ويبتعد فيه أيضاً عن القبح؟

الذوق هو معيار الجمال :

الدكتور راتب :
والله سيدي، كل إنسان له دخل معين، والجمال حاجاته بحسب دخله، هناك إنسان فقير يختار ألواناً لطيفة جداً، قد تكون السجادة رخيصة، آلية، جميلة، ألوانها جميلة تتناسب مع الأثاث، مع الحائط، الجمال لا يحتاج إلى مال، يحتاج إلى ذوق، نحن قلنا: عندنا عقيدة و عبادة ومعاملة، هذا هرم، أول مساحة العقيدة، ثم العبادة، ثم المعاملة، ثم الذوق.
المذيع:
 جزء من الدين هذه الذوقيات، جميل!
 دكتور عفواً، ممكن الإنسان باهتمامه بهذا الجمال مثلاً أن يكون عنده لنفترض مثلاً خمسون سيارة، أو مئات القطع من صنف معين.
الدكتور راتب :
 هذا إذا كان شيئاً مباحاً فهو إسراف، وإذا كان محرماً فهو تبذير، والمسلم ليس مبذراً، ولا مسرفاً، هناك أشياء طبعاً مزعجة، نمرة واحد سعرها حوالي خمسين مليوناً، ماذا قدم للأمة؟ وإذا كان مئة؟! فقط للتفاخر، فقط قيم تافهة.
المذيع:
 إذاً الإنسان دكتور إذا وصل حدّ الإسراف في هذه المباحات فهو في خانة خطأ، وبالمقابل دكتور إذا لم يهتم بالجماليات، ولا بلبسه.

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور راتب :
 إذا كان مثلاً عنده حاجات، عنده مئة طقم، يلزمه ثلاثة، أربعة، خمسة، عشرة، بثمن الباقي يحل مشكلة أسرة، ينقذ إنساناً من خطأ كبير.
المذيع:
 لكن أنا لست مسؤولاً عن هذه الأسرة دكتور، هذا تعبي، وهذا جهدي، وأرتدي أشياء من عرقي.
الدكتور راتب :
 أنت لماذا جيء بك إلى الدنيا؟ لدفع ثمن الجنة، علة وجودك في الدنيا العمل الصالح، بعثت ابنك لباربس، ليأخد دكتوراه بالسوربون، مدينة عملاقة، كبيرة، طويلة، عريضة، متاحف، دور يسنما، دور لهو، متاجر، جامعات، علة وجود ابنك بهذه المدينة العملاقة الدراسة فقط، وأنت كمؤمن إنسان عرف الله، علة وجوده الوحيدة العمل الصالح.
المذيع:
 ونعمة بالله، إذاً هي حسنة دكتور وفضيلة بين سيئتين، بين الإسراف وبين عدم الاهتمام.
 دكتور الإنسان الذي لا يحب أن يهتم بالجمال، ولا بلباسه، ولا بمركبته، ولا ببيته.

الأناقة مطلب شرعي :

الدكتور راتب :
 منفر، الغرب معه أسوأ بضاعة، إلا أنه يسوقها أرقى تسويق، والشرق معه أنفس بضاعة، يسوقها أسوأ تسويق، أما الغرب فأحسن تسويق، العبرة بالتسويق.
المذيع:
 إذاً الإنسان مأمور أن يهتم بلباسه، ويعتني به.
الدكتور راتب :
 أنا لا أربط الأناقة بالمال، ممكن أن تكون السجادة وطنية، آلية، لكن لونها جميل، تناسب الطقم، وممكن أن تدهن الغرفة بلون يتناسب مع أثاث الغرفة، تضع منظراً طبيعياً بسيطاً.
المذيع:
 دكتور، هل يوجد حديث نبوي شريف عن هذا؟
الدكتور راتب :

((فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ))

[أبو داود عن قيس بن بشر التغلبي رحمه الله]

المذيع:
الأناقة هي مطلب شرعي هنا دكتور.
الدكتور راتب :
 وأنا أراها واجب للمؤمن، حتى يكمل تأثيره بالناس، لا تحترم إنساناً ثيابه غير أنيقة، لا تحترمه، أنا لا أتكلم عن المال إطلاقاً، قد تكون أفقر الناس، لكن أنت اشتريت لوناً مرتباً، أو هناك تناسق بالألوان.
المذيع:
 إذاً من يسرف ويكثر عن الحاجة فهو في خلل الإسراف.
الدكتور راتب :
 بالمباحات إسراف، بالمحرمات تبذير.
المذيع:
 في المقابل من لا يهتم بمنظره، ولا بشكله، ولا بلباسه أصبح منفراً، وأيضاً فيه خلل.
الدكتور راتب :
 لن يؤثر بالناس.
المذيع:
 يعتقد البعض دكتور أن الزهد هو اللباس الممزق.

الزهد هو أن تكون الدنيا بين يديك لا في قلبك :

الدكتور راتب :
 لا، لا أبداً هذا المفهوم يركل بالقدم.
المذيع:
 ليس هذا هو الزهد.
الدكتور راتب :
 أبداً، أبداً.
المذيع:
 إذاً ما هو الزهد كتور؟
الدكتور راتب :
 أن تكون الدنيا بين يديك لا في قلبك، هذه القصة كلها.
المذيع:
 ألا تكون أصلاً بحياتك؟

خيارات الإنسان بالعمل الصالح لا تعد و لا تحصى :

الدكتور راتب :
 لا، بالعكس يجب أن تكون، لأن:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[مسلم عن أبي هريرة]

 لماذا؟ القوي خياراته بالعمل الصالح لا تعد ولا تحصى، يوقع توقيعاً يمنع التدخين كمدير دائرة، يوقع توقيعاً يتمم زواجاً.

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

 والنبي جبار خواطر قال:

(( وفي كلّ خير))

[مسلم عن أبي هريرة]

المذيع:
 صلى الله عليه وسلم، جميل جداً، إذاً الإنسان لا هو مسرف، ولا هو مبذر باهتمامه بنفسه.
الدكتور راتب :
 والفضيلة وسط بين طرفين.
المذيع:
 شيخنا، في موضوع اللباس في حديث النبي عليه الصلاة والسلام:

((لا يدْخُلُ الجنةَ مَنّ كان في قلبه مثقالُ حبَّة من كِبْر، فقال رجل: إنَّ الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حَسَنا، ونعلُه حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبِرْ: بطَرُ الحقِّ وغمطُ الناس))

[مسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود]

 ما هو معيار اقتراب الإنسان من الأناقة أو اقترابه من الكبر في اللباس؟

معيار اقتراب الإنسان من الأناقة أو اقترابه من الكبر في اللباس :

الدكتور راتب :
 الكبر أن ترفض الحق، شخص عنده سهرة مختلطة، قال له شخص آخر بينه وبينه: الاختلاط لا يجوز، ونصحه على انفراد، قد يشتهي المرء زوجة فلان، أنيقة جداً، لها شكل متميز مثلاً، فيرفض هذا.

((الكبر بطَرُ الحقِّ وغمطُ الناس))

لا يعطي الإنسان حقه، لا يمدحه بما يليق به، يعتم على غيره، يرفض الحق، ويعتم على غيره، هذا الكبر، أما الثوب الجميل فمطلوب، والكلمة الجميلة مطلوبة، وهناك حركة جميلة مطلوبة، أحياناً الإنسان يضطجع اضطجاعاً لا يليق أمام الآخرين، أو يغلق الباب بشكل غير معقول، ما برّ أباه من حدّ نظره إليه، يوجد نظرة فيها جمال، لا تجلس قبله، ولا تمش أمامه.
المذيع:
 هذا جمال بر الوالدين، الجمال مفهوم بكل شيء.
الدكتور راتب :
 الحياة كلها جمال، لا يوجد حركة، ولا سكنة، ولا نظرة، ولا ثانية، إلا فيها جمال، استيقظ صباحاً: الحمد لله الذي مدّ لي في أجلي، وأذن لي بذكره، وعافاني في بدني، ثلاث نعم كبيرة.
المذيع:
 الآن نحن كان سؤالنا عن موضوع لباس الرجال، لباس المرأة يبدو بحاجة لتوسع كبير لأنه مربوط بعبادتها.
الدكتور راتب :
 كل سانتمتر من ثياب المرأة متعلق بدينها.
المذيع:
 إذاً في موضوع لباس الرجل دكتور من حقه أن يكون أنيقاً، وأن يكون جميلاً، ولا يصل إلى حد المبالغة بالإسراف، لأنه نُهي عنه، ولا يصل إلى حد عدم الاهتمام به، وبالتالي هو منفر بهذا اللباس، عليه أن يكون أنيقاً بهذا الحد الوسطي على ارتفاعه وانخفاضه قليلاً بين الناس.
 الجمال في الإسلام هو عنواننا، واستمرار نقاشنا، شيخنا الكريم قبل الفاصل أخبرتنا أن الله جميل يحب الجمال، فمطلوب أن يتجمل الإنسان في لباسه، وفي سلوكه، وفي بيته، وفي كل حياته.
الدكتور راتب :
 بحركته، هناك حركة جميلة، بقعوده، بجلوسه، هناك جلسة جميلة فيها أدب.
المذيع:
 وتحدثنا أن لباس الرجل الجميل هو البعيد عن الإسراف بالتكلف، والبعيد عن عدم الاهتمام، وبالتالي يؤدي إلى التنفير.
 دكتورنا، في ملف المرأة، اللباس مرتبط كثيراً بالحكم الشرعي، أي لباسها جزء من الحجاب، وجزء من دينها.

لباس المرأة جزء من حجابها و دينها :

الدكتور راتب :
 هي محببة للآخر، فالثياب تستر مفاتنها التي سمح لها أن تخرجها لزوجها أولاً، ولمحارمها ثانياً، لزوجها من دون قيود، أما لمحارمها فبقيود.
المذيع:
 اللباس بينها وبين زوجها هنا يصبح التجمل واحباً.
الدكتور راتب :
 واجب، وضروري، وفرض.
المذيع:
 هل هو عليها وحدها فقط دكتور أم أيضاً على الرجل؟

وجوب تزين المرأة لزوجها و الزوج لامرأته :

الدكتور راتب :
 لا، إني أحب أن أتزين لزوجتي- أحد الصحابة- إنها تحب أن أتزين لها كما أحب أن تتزين لي.
المذيع:
 إذاً التزين للزوج، ومن الطرفين هو واجب.
الدكتور راتب :
 عفواً إذا ارتدت ثياباً جميلة، ومعطرة، وأنت باللباس الدخلي، هذا لا يصح، مثلما تجملت تتجمل لها أنت أيضاً، هكذا الأصول.
المذيع:
 جميل! هذا جزء من ديننا.
الدكتور راتب :
 لماذا يكون الزوج منفراً؟ لماذا الأناقة فقط للطريق؟ وللقاءات، والاجتماعات، وهي زوجة لها عيون، يوجد ثياب بيت أنيقة.
المذيع:
 شيخنا عفواً نادراً ما نسمع أحداً يحث الرجل على الاهتمام بهذه التفاصيل، دائماً تُؤمر المرأة بها.
الدكتور راتب :
 صحابي: إني أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي، واضحة.
المذيع:
 جميل! لكن يبدو أننا مقصرون بهذا الفهم، وتطالب المرأة وحدها دائماً بالاهتمام بهذا الجانب.
 إذاً اهتمامها بجمال سلوكها، وشكلها، ولباسها أمام زوجها يصبح واجباً.

وجوب اهتمام المرأة بأناقتها أمام زوجها كي تحصنه :

الدكتور راتب :
واجب، فرض، الفرض يأتي بعد الواجب لأنها تحصنه، لا يشتهي سواها، أقول لك كلمة قاسية؟ لا يوجد مانع حينما تهمل المرأة زينتها، وهندامها، وثيابها، أن يتطلع زوجها إلى غيرها، إذاً هي لم تحصنه، تطبخ له طعاماً، خير إن شاء الله، والبيت مرتب، هو يريد أن تكون أيضاً هي في كامل أناقتها، يوجد جمال البيت، الطبخ طيب لكن يريد أن تكون هي مقبولة، أو سأقول كلمة ثانية: وزن زائد، صار وزنها غير معقول، مرفوضة، يكون عنده بالدائرة موظفة رشيقة، لفتت نظره.
المذيع:
 وأين غض البصر دكتور؟
الدكتور راتب :
 أول نظرة مسموح بها، رآها رشيقة، مشكلة موضوع الوزن، الوزن عند المرأة مهم جداً، أنا أعرف بالغرب يوجد تفلت شديد، المرأة حريصة على رشاقتها حتى التسعين، عندنا متى تزوجت المرأة اطمأنت، وهذا خطأ كبير، حينما تهمل أناقتها، وزينتها، ووزنها، يشتهي زوجها غيرها.
المذيع:
 هل يسمح بهذا الكلام شيخنا، لو ماتت زوجته هل سينظر إلى غيرها؟
الدكتور راتب :
 الآن يوجد مؤمنون على درجة كبيرة من الرقي، هذا موضوع ثان، أنا أتكلم عن المستمع، عن عامة الناس و ليس كلهم عندهم إيمان قوي، ليس الكل عنده ورع شديد.
المذيع:
 لكن نريد أن نوضح هذا من ناحية شرعية شيخنا، هي إذا قصرت متعمدة في حق زوجها في ملف الوزن، والأناقة هي آثمة، لأنها كانت سبباً في وقوعه في الحرام، هل هو أيضاً آثم إذا نظر للحرام؟

تقصير الزوجة لا يعفي الرجل من المسؤولية الشرعية :

الدكتور راتب :
 طبعاً آثم.
المذيع:
 أي لا يعفيه من المسؤولية الشرعية.
الدكتور راتب :
 تقصيرها لا يبرر أن يعصي الله.
المذيع:
 جميل، إذاً كل من يخطئ يحاسب، هي قصرت بالاهتمام بالجمال آثمة، وهو ما غض البصر آثم.
الدكتور راتب :
 لا ينظر مهما كلف الأمر.
المذيع:
 جميل، هذا توضيح مهم، بالمقابل دكتور هل هو مأمور بالاهتمام بهذا الجانب بحياتها؟
الدكتور راتب :

((فَأصْلحُوا رِحَالَكُم))

 حديث نبوي:

((وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ))

المذيع:
 أي مطلوب منه أن يضع لها عطراً حتى أيضاً يشبع هذا الجانب شيخنا؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، الإنسان بالبيت يلبس بيجامة مثلاً، أو كلابية، أنيقة، ومكوية، ونظيفة، ومعطرة.
المذيع:
 اسمح لي على لسان النساء دكتور أشكو لك رجال الوطن العربي طالما أننا نشن هجوماً على النساء، نشن هجوماً على الطرف الآخر من باب العدل، بعد الزواج دكتور لا يعود يهتم بها، ولا تشم منه رائحة وردة بعد اليوم، ولا عطر، ولا هدية، عتاب، ومشاكل.

الحبّ بين الزوجين يتنامى عند المؤمنين :

الدكتور راتب :

(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة))

 كلام النبي الكريم، أنا أقول لك كلمة دقيقة، لكن والله لا أبالغ: الحب بين الزوجين المؤمنين يتنامى، بين زوجين عاديين بعد أن أهملت نفسها بثيابها، ووزنها، انصرف عنها نفسياً، بقيت أم أولاده فقط.
المذيع:
 أحياناً دكتور، غيابها عنه بسبب غيابه هو في البداية عنها، لم يعد يسمعها كلمة حلوة، ولا يحضر لها هدية، ولا شيء، بعد الزواج انقلب إلى شخص آخر.
الدكتور راتب :
 والله أنا هذا الكلام أريد أن أقوله بشكل دقيق جداً، أنت بفترة الخطبة، أثنيت على جمالها، وعلى كمالها، وعلى أهلها، وعلى بيتها، بدرجة غير معقولة، بعد الزواج لا تعرف أن تقول لها كلمة طيبة، كلمة وحدة؟
المذيع:
 قبل الزواج يفتح لها باب السيارة شيخنا، وبعد الزواج يريد أن يخلص منها.
الدكتور راتب :
 أنا مؤمن، ولا أبالغ، ولست متخيلاً، أن الحب بين الزوجين يتنامى عند المؤمنين.
المذيع:
 والواجب على الطرفين.

غض البصر واجب على كل إنسان :

الدكتور راتب :
 وهناك شيء إلهي حينما علم الله منك الورع، وأنك قصرت طرفك على امرأتك، يوجد كتاب" الإنسان ذلك المجهول" هذا طبع منه خمسة ملايين نسخة، أقوى كتاب ألفه "ديل كارنيجي" بريطاني، الشيء الذي لا يصدق أن الرجل لا يسعد إلا إذا قصر طرفه على زوجته، اكتشفها اكتشافاً، عندنا في الدين هي منهج، لا يسعد بزوجته إلا إذا قصر طرفه عليها.
المذيع:
 نوضحها شيخ ما المقصود بها؟
الدكتور راتب :
 ألا يتأمل النساء الأخريات، الذي يملأ عينيه من الحرام، هو عنده زوجه، كلما رأى امرأة يدقق في تقاطيع جسمها، بمفاتنها، هذا في خطأ كبير بالدين، أين غض البصر؟ غض البصر فيه آية قرآنية سيدي وليس حديثاً، تقول: حديث صحيح، غير صحيح.

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 بل إن حفظ الفرج سببه غض البصر.
المذيع:
 يوجد تراتبط بينهما، كلام والله خطير وحساس دكتورنا، أعتذر أني أتوسع مع حضرتك بالتفاصيل، لكن أدرك أهمية هذا الموضوع.
الدكتور راتب :
 سيدي أريد أن أقول كلمة، وليكن ما يكن: أكثر المسلمين سهرات مختلطة، يرى زوجة أخيه، وزوجة أخيه الثانية، والثالثة، هذه أجمل، هذه أطول، هذه لونها أفتح، هذه شعرها أحلى، عينه على الثلاثة، أين غض البصر؟ هذا كلام صحيح أقوله لك، لأنه أخذ من كل واحدة ميزة، ليست في زوجته، جمعهم، وركبهم تركيباً فلم تعجبه زوجته.
المذيع:
 وهل هي كذلك أيضاً دكتور؟
الدكتور راتب :
 نفس الشي، هذا رشيق أكثر، أنيق أكثر، طبعاً، هي تملأ عينها من ميزات الرجل، وهو يملأ عينه من ميزات المرأة، لم يعد هناك توافق، أنا سأقول أيضاً: يجب على المرأة أن تعين زوجها على غض بصره بأناقتها ورشاقتها، ويجب عليه هو أن يعين زوجته على غض بصرها عن غيره بأناقته ورشاقته، هذا ملخص الملخص.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، دكتورنا نعود إلى ملف لباس المرأة، تحدثنا عن لباس الرجل كثيراً، حضرتك ذكرت بالأول فيما يرتبط بينها وبين زوجها الفرض عليها بالتجمل.
 الملف الثاني شيخنا أمام محارمها كالأب، والابن، والأخ.

ثياب الخدمة هي ثياب المرأة أمام محارمها :

الدكتور راتب :
 بثياب الخدمة، الخدمة أي ممكن أن تخدم مثلاً ويراها أخوها، أو خالها، أو عمها.
المذيع:
 ما هي ملابس الخدمة شيخنا؟
الدكتور راتب :
 بحسب ما قال الفقهاء: ثياب الخدمة، قبة مرتفعة، عندما تكون القبة هابطة كثيراً الأجزاء ظهرت، ونصف كم، لا يوجد بلا أكمام، ولا يوجد فوق الركبة، عند الركبة، ونصف الكم، هي ثياب الخدمة، هذه لأولادها، لأخواتها، لأبيها، وأخواتها البنات أيضاً، لا يجوز أن تظهر المرأة بالعورة المغلظة أمام أخواتها، يوجد حرمة.
المذيع:
 دكتور أحياناً الناس تقول لك: هذا أبوها، وهذا أخوها، من غير المعقول أن ينظر إليها، هذه أخته، وابنته.

وجوب الاستئذان قبل الدخول على النساء :

الدكتور راتب :
 لماذا النبي أمرنا أن نستأذن في الدخول على أمنا، أحد الصحابة قال له: إنها أمي، قال له: أتحب أن تراها عريانة؟ تبدل ملابسها، تريد أن تدخل بإذن، وعلى أختك، وعلى ابنتك، أبداً، هذا الدين سيدي، ابنته تغير ثيابها، هي شابة، ورآها بالثياب الداخلية، هو أب، وإذا كان أباً؟! أعوذ بالله، يجب أن يستأذن قبل الدخول على ابنته، وعلى أمه، وعلى أخته، وعلى عمته، وعلى خالته.
المذيع:
 إذاً هذا الملف الثاني الذي هو ملف ثياب الخدمة لدى محارمها.
 الآن دكتور علاقتها في المجتمع الخارجي، بالأجانب، بالرجال غير المحارم دكتور، ما الذي يفترض أن تظهر به عليهم؟

شروط ثياب المرأة أمام المجتمع الخارجي :

الدكتور راتب :
 والله هو الحجاب، الحجاب ثياب لا تشف عن لون البشرة، أي سميكة، وليست ضيقة، تظهر خطوط الجسم، وكأنها عارية، الآن البنطال كأنها عارية، و ألا تكون الثياب ذات لون فاقع يلفت النظر.
المذيع:
 بهذه القضية تحديداً دكتور يمكن النقطة الأولى والثانية واضحة عند كثير من الناس، أن يكون سميكاً لا يشف، وأن يكون واسعاً لا يصف ما تحته.
 الآن دكتور قضية الأناقة، هل هناك معيار شرعي باللباس في قضية الأناقة والجمال؟

المعيار الشرعي للباس في قضية الأناقة والجمال :

الدكتور راتب :
 بعد هذين الشرطين لا أستطيع أن أتدخل، إنسانة ميسورة ودخلها كبير، أخذت ثياباً غالية لا يوجد مشكلة، هناك فروق بين البشر، لا تحاسب على ثياب أنيقة، لكن يجب أن تحجب مفاتنها.
المذيع:
 لو كان فيها دكتور درجة من الأناقة الشديدة، ترتيب كثير، حيث يوجد أناقة عالية بين الحجاب، ولون الجلباب، ولون الحقيبة لدرجة تلفت النظر.
الدكتور راتب :
 لا شيء عليها أبداً، هذا إيماني، تناسق الألوان غير ممنوع إطلاقاً، هذا ذوق عال.
المذيع:
 أي إذا كان هناك ضيق باللباس، أو إذا كان شفافاً هنا الخلل؟
الدكتور راتب :
 حينما يصف البشرة وحجمها.
المذيع:
 هنا يوجد خلل، عدا ذلك دكتور تختار نوع القماش هذه قضية فردية، إذاً لا تعارض شيخنا بين الأناقة وبين الألوان.
الدكتور راتب :
 لون أحمر فاقع مثلاً، امرأة مسلمة وتلبس حجاباً، تحته فستان أحمر فاقع، أحياناً يوجد ألوان راقية، أحياناً تجد لوناً بنياً غامقاً، أو أسود مثلاً، هناك ألوان راقية ترفع من قيمة المرأة، لكن يجب ألا تلفت النظر، بدليل:

﴿ بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 69]

 آية قرآنية.
المذيع:
 أيضاً هي ألوان نسبية من مجتمع لمجتمع، في مجتمعات الألوان الفوسفورية هي الدارجة لديهم، في بعض الدول.
الدكتور راتب :
 البيئة لها علاقة بالموضوع.
المذيع:
 إذاً شيخنا هذه معايير ثلاثة، ألا يكون ضيقاً، وألا يكون شفافاً، وألا يكون ملفتاً للنظر، عدا ذلك لا يوجد مشكلة، تختار من اللون، من النوع ما تشاء.
 إذاً لا تعارض بين جمال الأناقة وجمال الاحتشام.
 دكتورنا لو كان التجمل في اللباس أنه ضيق قليلاً لكنه جميل هنا يصبح فيه خلل واضح.
الدكتور راتب :
 يوجد كلمة مثير، و ضيق صار فيه إثارة، فيه شفافية وإثارة.
المذيع:
 لو كان القماش سعره مرتفع دكتورنا هل هذا يؤدي للإثارة؟
الدكتور راتب :
 هذا كمال و ليس إثارة شهوة، هناك فرق، إذا كان المانطو مثلاً قماشه غالي الثمن، لا يثير الشهوة، امرأة غنية، دخلها كبير.
المذيع:
 شيخنا سؤال دقيق، هل يفترض بالحجاب أن يظهر المرأة غير جميلة أو قبيحة؟

الله جميل و يحبّ الجمال :

الدكتور راتب :
 لا، أبداً مستحيل، لأن الله جميل.
المذيع:
 لكن ليس من المفروض أن تكون مثيرة في ظهورها، لكن الأناقة أناقة الاحتشام، هذه لا حرج فيها، جميل.
 شيخنا الكريم، النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالجمال حتى بالصوت، فقال:

((زَيِّنُوا الْقُرآنَ بأصواتكم))

[أبو داود، والنسائي عن البراء بن عازب رضي الله عنه]

 المطلوب من القرآن أن تصل رسالة الله سبحانه وتعالى إلى من يستمع إليه ويتلقاه لماذا طلب منا أن نجمل أصواتنا عند القراءة دكتور؟

الصوت الحسن للمؤذن يثير الخشوع في قلوب الناس :

الدكتور راتب :
الحقيقة لأن الله جميل، الصوت الحسن مؤثر، لماذا يوجد قراء؟ هناك دليل:

(( ليؤذن عنك بلال، لأنه أندى منك صوتاً))

 ذوق النبي صلى الله عليه وسلم، والله يوجد مؤذن يثير الخشوع في قلوب الناس، و مؤذن والعياذ بالله شيء مزعج جداً.
المذيع:
 جميل، إذاً الإنسان مأمور بكل هذه التفاصيل.
الدكتور راتب :

((فإنه أندى منك صوتاً))

 النبي قدر الجمال.
المذيع:
 وكأنه تخصص، هذا صوته جميل، ذاك صوته غير جميل.
الدكتور راتب :
 نبراته واضحة بالصلاة، أحكام التجويد عنده قوية جداً.
المذيع:
 سيدنا حسان كان مفوهاً بالشعر، فكان يطلب منه الشعر، سبحان الله يجب توجيه كل إنسان بحسب إمكانياته وخبراته.

((إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ))

[ صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]

 ما علاقتها دكتورنا بالجمال؟

الكبر يفسد العمل :

الدكتور راتب :
 والله تفهم هذه فهماً خاطئاً، أنا أرفضه، هل من الضروري أن تقول إن سيارتك ثمنها يقدر بثلاثين مليوناً أمام عشرين شخصاً و أكثرهم موظفين؟ هل من الضروري أن تقول كم كلفتك دعوة الأشخاص وعندك من الحاضرين أصحاب الدخل المحدود؟ هذا كله كبر.
 أخي الكريم، إذا عندك ضيوف جاؤوك فجأة، ولا يوجد عندك شيء بالبيت تقدمه لهم، إلا كيلو لبن، هذا يضاف له أربعة كيلو ماء، صار عيران، و معه الثلج والملح صار شراباً راقياً جداً، كم قبِل من الإضافة؟ أربعة أضعاف وزنه، وصار لذيذاً، ضع لهذا الكيلو نقطة كاز واحدة ترميه فوراً، الكبر يفسد العمل.

((لا يدْخُلُ الجنةَ مَنّ كان في قلبه مثقالُ حبَّة من كِبْر))

[ مسلم عن عبد الله بن مسعود ]

 هذه نقطة الكاز التي أتلفت اللبن.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 دكتور أنتقل لمفهوم آخر في الجمال.
الدكتور راتب :
 المتكبر مقطوع عن الله سيدي.
المذيع:
 أنتقل لملف آخر شيخنا لقول الله تعالى:

﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾

[ سورة الحجر: 85]

 في حديثنا عن الجمال ما هو الصفح الجميل دكتور؟

تعريف الصفح الجميل :

الدكتور راتب :
 هو الصفح بلا معاتبة، أنا عفوت عنك يقول له هذا حوالي مئة مرة، هذا غير معقول، يكفي مرة واحدة.
المذيع:
 دكتور، أيضاً في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أو قول الله سبحانه وتعالى:

﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

ضرورة التجمل في المسجد :

الدكتور راتب :
 هي صلاة الجمعة، الجمعة عيد يا سيدي، يأتي أحياناً شخص إلى المسجد بثياب مبتذلة، أو هو قصاب، ثيابه كلها رائحتها لحم، أو لا يوجد نظافة زيادة، يؤذي من حوله.
المذيع:
 ما المطلوب منه شيخنا؟
الدكتور راتب :
 أن يتجمل في المسجد، بالنظافة، والعطر، العطر مطلوب.
المذيع:
 جميل، إذاً هذا هو الجمال.
الدكتور راتب :
 كان يعرف بالمسك، الشخص ليس منتبهاً، يشم رائحة النبي الكريم قبل أن يراه.
المذيع:
 من جمال هذه الرائحة تدل أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم من هنا.
 شيخنا الكريم، سامحني لهذا السؤال، وإن كان ليس لفضيلتكم موجهاً، لكن نناقش هذا مع حضرتكم، لماذا غاب مفهوم الجمال عن حياتنا الإسلامية والدعوية؟

غياب مفهوم الجمال عن حياتنا الإسلامية والدعوية :

الدكتور راتب :
 هذا التخلف.
المذيع:
 لماذا يوصف كثير من المسلمين ومساجدهم دكتور بأننا أقل جمالاً؟
الدكتور راتب :
 يوجد خطأ بالخطاب الديني، إذا الخطيب توهم أنك كلما ابتعدت عن الأناقة والذوق معنى هذا أنت من أهل الآخرة، هذا الكلام ليس صحيحاً، هو الذوق للمؤمن، ادخل لبيت مؤمن، قد يكون بيتاً متوسطاً، لكن يوجد به أناقة، نظافة، ذوق بالحاجات، بالألوان.
المذيع:
 حتى شيخنا في المساجد نفسها، يوجد مساجد بعيدة في بنائها كل البعد عن الجمال، الإنارة فيها شيء خاطئ، ودورات المياه قريبة من الصلاة، والرائحة مزعجة، ما توجيه فضيلتكم شيخنا؟

ضرورة العناية بالمساجد لأنها بيت الله :


الدكتور راتب :
 والله أنا أقول: دخلت مرة لمسجد، لفت نظري أن الحمامات فوق مستوى امرأة معها وسواس نظافة، ما هذه النظافة! هذا بيت الله عز وجل، أكثر شيء يوجد أناس يعتنون بدورات المياه في الجوامع، يوجد ورق مثلاً، مياه كافية، أناقة، سيدي هذا شيء جميل جداً، لكن أين البطولة؟ بالمرافق، السجاد نظيف لا يوجد عليه شيء، بالمرافق، النظافة تظهر في المرافق العامة، وفي البيت يجب أن يكون الحمام نظيفاً، وبيت الخلاء نظيفاً.المذيع:
 في كل تفاصيل الإنسان شيخنا، ذكرت حضرتك أيضاً بعض التفاصيل المعنوية، جمال بخلقه، جمال بانتقاء كلماته، بتعامله مع الناس.

الكلمة تدور مع الإنسان بكل ثانية بحياته :

الدكتور راتب :
 الكلمة تدور مع الإنسان بكل ثانية بحياته، أحياناً جلسته فيها جمال، هناك أناس يجلسون بتكبر بالجلسة، أعطى ظهره مسافة عالية جداً، هذه الجلسة ليست جيدة، أو يضع رجلاً فوق رجل، ووالده موجود، الأب جالس جلسة نظامية، والله رأيت مقابلة تلفزيونية عن أب وابنه، الابن يضع رجله الأولى فوق الثانية والأب يجلس جلسة عادية، هذه قلة ذوق.
 مثلاً يريد أن ينزل زوجته من بيت أهلها، جاء الساعة الواحدة ليلاً، وبيتهم بالطابق الرابع، بدل أن يصعد يزمر، يوقظ مئة أسرة، هذه قلة ذوق.
المذيع:
 وقد تدخل في باب الإثم، شيخنا الكريم يوجد قضية أحياناً تكلف بعض الناس أثناء الاهتمام بالجمال أي يحب أن تكون سيارته أنيقة جداً، أو يحب أن يكون بيته جميلاً فينفق عليه مبالغ كبيرة.

اعتماد الوسطية بكل شيء :

الدكتور راتب :
 هو تجاوز الحد المعقول.
المذيع:
 مرفوض، إذاً عليه أن يكون بهذا الملف بالوسط.
الدكتور راتب :
 الوسطية بكل شيء، دائماً نحن عندنا بكل شيء يوجد خمسة زيادة أو خمسة نقصان، أما الباقي الوسط فكل الناس هكذا، أي أنت خذ مئة شخص من حيث الجمال، تسعون وسطاً، و خمسة بغاية الجمال، وخمسة دون المستوى المطلوب، هكذا وزع الله الترتيبات.
 الذكاء بكل شيء، عالم روسي اكتشف أن من كل مئة شخص يوجد خمسة على درجة عالية من التفوق، وخمسة على درجة كبيرة من التخلف، أما الباقي فهو وسط بين الطرفين.
المذيع:
 ما الحكمة دكتور في تفاوت الجمال بين البشر؟

الحكمة من تفاوت الحظوظ بين البشر :

الدكتور راتب :
 فيها حكمة بالغة جداً، أن الجميل يمتحن بجماله، والدميم يمتحن بدمامته، لأن هذه حظوظ، الجمال حظ، والأناقة حظ، والذكاء حظ، الله موزع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء، أي الغني ممتحن بماله، هل أنفق إسرافاً وتبذيراً أم باقتصاد؟ هل نسي الفقراء أم أكرمهم؟ الغني ممتحن بماله، والقوي ممتحن بقوته، والوسيم ممتحن بوسامته، والذكي ممتحن بذكائه، ذكاؤه سخره للحق وليس للباطل، وليس للإيقاع بين الناس، فأنت ممتحن بكل شيء أوتيته من الله، وكل شيء زوي عنك، جاء الدعاء النبوي قال:

((اللَّهمَّ ما رَزَقْتَني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ قُوَّة لي فيما تُحِبُّ، وما زَوَيْتَ عني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ فَرَاغا لي فيما تُحِبُّ))

[الترمذي عن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري رضي الله عنه]

المذيع:
 الله يفتح عليكم يا شيخنا.
 شيخنا الكريم، المفهوم قبل الأخير لحلقتنا لهذا اليوم في جمال الدعوة، بعض الأشخاص دكتور يحرص فعلاً على الدعوة، فإذا أحضر هدية تكون جميلة، إذا اختار من الكلمات يختار ما هو أجمل، والبعض يريد أن يبلغ دون أي اهتمام بهذه التفاصيل، ماذا تقول في هذا القول؟

الاهتمام بجميع الأمور المتعلقة بالدعوة الإسلامية :

الدكتور راتب :
 سيدي، أنا لي بالتعليم أربعون سنة، أرى أن الدرس فوق أربعين دقيقة ممل، وأفضل وقت هو نصف الساعة الأولى، والأفضل من كل هذا أن يكون الدرس عشرين دقيقة، فكلما طال الدرس هناك إنسان مريض، إنسان عنده آلام بظهره، إنسان هناك من ينتظره بالبيت، إنسان يعد أناساً، أنا أتمنى على الدعاة هذه النقطة، هذا الأخ حضر درسك، لكن هو عنده مواعيد بعد درسك، يجب أن يعرف هذا الأخ الذي يحضر درسك متى ينتهي الدرس، عنده التزامات، عنده زيارات، عنده مواعيد.
 أنا أتمنى على الدعاة الكرام بارك الله بهم جميعاً أن يعرف الذي يحضر درسه متى ينتهي الدرس بدقة، وأقصى رقم أن يكون أربعين دقيقة، و أفضل شيء أن يكون الدرس عشرين دقيقة.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 سؤالي الأخير دكتور لك، وأعتذر إن كان مزعجاً لكن أنا أريد أن أقول لبعض الشباب الذين يستخدمون هذه المقولة، بعضهم لا يغض بصره دكتور، وعندما ينصحه أحد، يقول لك: الله جميل، وخلق الجمال، وخلقهم بهذا الجمال، فنحن ننظر.

على كل إنسان أن يغض بصره عن كل امرأة لا تحل له :

الدكتور راتب :
 لا هذا ليس وارداً، يأتي أمر إلهي موضوع استثنائي:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

المذيع:
 هل فيه قلة أدب مع ربنا شيخنا أن ربنا خلق الجمال؟
الدكتور راتب :
 طبعاً فيه أمر إلهي، الله جميل، وقال لك: تزوج، تزوج امرأة جميلة، لكن هذه التي في الطريق ليست لك، هي لغيرك.
المذيع:
 لأن البعض يستهين بهذه القضية ويمزح دكتور، الله يجزيك الخير لهذا التوجيه شيخنا حتى تصل الفكرة.
 نختم حلقتنا بالدعاء، ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحفظ بلاد الشام من كل ضر يا رب العالمين.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي "الجمال في الإسلام" كان حديثنا مستمعينا.
 سبحانك لله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور