- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠1برنامج حياة المسلم 1
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، زد وبارك، أنعم وأكرم على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في مجلس علم وإيمان في حلقة جديدة من برنامجكم الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور الداعية محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا وأستاذنا .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وحفظ لكم إذاعتكم.
المذيع:
اللهم آمين، بوجودكم يا دكتورنا، وبدعائكم الطيب.
شيخنا الكريم؛ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم في الآية السادسة من سورة التحريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(( افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله))
دكتور محمد راتب النابلسي حديثنا عن تربية الأولاد تربية إيمانية، ونبدأ مع فضيلتكم بما يخطر في بالكم في البداية في هذا المفهوم: التربية الإيمانية.
ارتباط سعادة الآباء بتربية الأبناء :
الدكتور راتب :
والله أنا أرى مع أنني واثق جداً مما سأقول: لو بلغ الإنسان أعلى منصب في الأرض إطلاقاً، وجمع أكبر ثروة فيها، وكانت أمور حياته كما يتمنى بكل شيء، ولم يكن ابنه كما يتمنى فهو أشقى الناس.
لذلك انطلاقاً من حرص الإنسان على سعادته هو عليه أن يربي أبناءه، لأن مفهوم قرة العين، الآية تقول:
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾
هذا المفهوم لا يعرفه إلا من ذاقه، أن يرى الأب ابنه صادقاً، متفوقاً في دراسته، أميناً، ديناً، يصلي الصلوات الخمس، شعور الأب والأم لا يوصف، فأحد أكبر أسباب السعادة أن يكون الابن كما يتمنى الأب، فهذا الطلب يحتاج إلى جهد كبير جداً.
الحقيقة أن الأبحاث العلمية الحديثة تؤكد أن التربية تبدأ من ساعة الولادة، نحن ماذا نفعل في معظم الحالات؟ نهمل أبناءنا في السنوات الأولى، ثم ننتبه لهم إذا انحرفوا، وعندئذٍ يكون المسعى غير ناجح، و هناك دراسات تربوية علمية دقيقة جداً أن كل شيء تتمنى من ابنك أن يكون على ما هو عليه، من علم، من فهم، من أخلاق، من ذكاء، من كياسة، من ذوق، من نظافة، من نظام، هذه كلها ترسخ فيه من ساعة الولادة إلى سن السابعة.
دكتور في الجامعة قال لنا بعد أن ذكر هذه الحقيقة قال: بعد هذا التاريخ العوض بسلامتكم.
أخذ عادات خاطئة، تقاليد خاطئة، حتى بأكله هو إنسان نهم، عنده مشكلة بالسمنة، كل شيء تريده في ابنك يجب أن تسعى للتوجيه له منذ ولادته حتى السنة السابعة.
المذيع:
دكتور، من تجاوز السابعة يفقد أهله الأمل فيه؟
الدكتور راتب :
لا يفقد الأمل، لكن السنوات المجدية المؤثرة، الفعالة، التي تنقلب إلى عادات، إلى سلوك يومي طوال حياته، هي السنوات الأولى، فنحن إذا أهملنا الأولاد في هذه السنوات نرتكب خطأ كبيراً جداً.
مثلاً الطفل بكى، الآن ولد، بكى أرضعناه، بكى نظفناه، بكى بلا سبب حملناه، عندما حملناه تعود أن يبكي بلا سبب، أول بكاء جائع، البكاء الثاني غير نظيف، البكاء الثالث امتحان لنا، فنحن إذا انتبهنا إلى تربيته أرحناه وارتحنا معه، فالعناية تبدأ من الولادة.
مثلاً بنت صغيرة جداً، ذهبت مع أمها إلى بيت الجيران، تأخرت الأم عندهم، جاء الأب الأكل غير جاهز، فغضب، فعندما يسأل: أين كنتم؟ تقول له: لم نذهب إلى أي مكان، البنت الصغيرة شربت الكذب من أمها، رأت أمها تكذب على أبيها.
فموضوع التربية موضوع خطير جداً، إذا لم يقل الأب الصالح مع الأولاد الصالحين: أنا أسعد إنسان في الأرض، فأنا مسؤول، وإذا كان أولاده غير صالحين مهما حقق من نجاح فردي هذا النجاح لا قيمة له، معنى هذا أن عنده خللاً داخلياً.
المذيع:
دكتور، أعود مع فضيلتكم إلى المفهوم في التربية الإيمانية، ما هو الواجب على الأب وما هو الواجب على الأم في تربية أولادهم؟ هل عليهم أن يجعلوهم ملائكة تسير على الأرض؟ ما المطلوب؟
التربية بالقدوة :
الدكتور راتب :
قبل هذا يأتي الأب يسأل زوجته: هل كتب الأولاد الوظائف؟ نعم، هل تناولوا طعام العشاء؟ تناولوا، هل سألتها: هل صلوا؟ الدين لم يدخل بالتربية، صلى، لم يصلّ، تابع فيلماً لا يرضي الله، هل يوجد معه بالآيباد برنامج لا يرضي الله، لم ينتبه له، المشكلة أن الأب حينما ينتبه لتربية ابنه دينياً، عرفه بالله، أمره بالصلاة، وكان قدوة له بالصلاة، ما وجد الابن من أبيه كذباً إطلاقاً، ولا ضجيجاً، ولا غضباً غير معقول، ولا كلمات لا تليق، رأى انضباطاً، أحياناً لم يتكلم الأب أية كلمة تربوية توجيهية
التزام الأب بالمعايير الأخلاقية تربية، أي الصدق دعوة للصدق، والأمانة دعوة للأمانة، والحلم دعوة للحلم، أن يرى الابن أباه كاملاً في البيت، متوازناً، رحيماً، عطوفاً، منصفاً، عادلاً، لا يبطش، لا يسبّ، لا يتكلم بكلمات بذيئة، أن يرى الطفل أباه ملتزماً بمعايير أخلاقية عالية، هذه الرؤية وحدها تربية، لو لم يقدم له أية كلمة توجيهية.
المذيع:
هذه التربية بالقدوة دكتور؟
الدكتور راتب :
بالقدوة، القدوة قبل الدعوة.
المذيع:
هل هي أشد تأثيراً من الدعوة الكلامية دكتور؟
الدكتور راتب :
بمليون مرة، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم.
المذيع:
حتى الأبناء.
الدكتور راتب :
حتى الأبناء، ممكن أن يتكلم الأب طرفة فاحشة، فإذا سمع من ابنه كلمة بذيئة ضربه، هو تكلم قبل ساعة، أما إن لم يكن هناك خطأ بالكلام، ولا تعليقات لا تليق، ولا متابعة لأفلام لا ترضي الله أمام ابنه مثلاً، هذا كله الابن يراه دون أن يشعر، عندنا شي بالإنسان اسمه: العقل الباطن، أنت ركزت بعقل ابنك الباطن الأخلاق، من دون كلمة توجيه، بيت إسلامي، بيت إيماني، لا يوجد كلمة بذيئة، ولا طرفة فاحشة.
المذيع:
ألا نبحث هكذا عن آباء وأمهات مثاليين، وقد يكون هذا غير واقع، قد يخطؤون، ويزل لسانهم بكلمة لا تليق.
الإيمان هو روح التربية الإسلامية :
الدكتور راتب :
عفواً نحن نقول: فاقد الشيء لا يعطيه، لا تنتظر من أب غير ملتزم لا بمبادئ، ولا بقيم أن يربي ابنه، هو تربى على التفلت، فاقد الشيء لا يعطيه، أنا أدعو الآباء أن يمكنوا إيمانهم بالله، يحرصون على استقامتهم التامة، عندئذٍ إذا تكلموا مع أولادهم كان لكلامهم أثر بالغ، أثر حقيقي، أثر إصلاحي، أثر تقطف ثماره في حياته الدنيا.
عفواً، تصور بيتاً - سامحني بهذه الكلمة - فيه ثلاجة، ومكيف، وغسالة، ومروحة، أي جهاز كهربائي موجود بهذا البيت لكن لا يوجد كهرباء، كل هذه الأجهزة كتل بلاستيكية لا معنى لها، تسري الكهرباء في البيت، الغسالة غسلت، والثلاجة بردت، والمكيف كيّف، أعطى هواء بارداً.
الإيمان هو روح التربية الإسلامية، روح البيت، إن وجد الإيمان وجد كل شيء، إن وجد الإيمان، يوجد زوجة تحب زوجها حباً حقيقياً، إن لم يكن هناك إيمان يوجد تطلع الزوجة لغير زوجها دون أن تشعر، يوجد إيمان الزوج يتعلق بزوجته، لأنها حلاله، أم أولاده، هو اختارها، فإذا ضعف إيمانه، ونظر إلى غيرها، وكانت علاقته مع غيرها لا تليق به، انتهت الأسرة، فهي الأساس، مستحيل أن تطيعه وتخسر، في بيتك، وفي عملك، ومع نفسك، أو أن تعصيه وتربح.
المذيع:
دكتور، الخطأ وارد قد يكون الأب ملتزماً، أو الأم ملتزمة، الزلل وارد، والخطأ وارد.
الدكتور راتب :
أنا لم أقل أبداً إن الإنسان معصوم، أنا أعرف كمؤمن إن شاء الله أن أكون كما أتمنى، في حياة المؤمنين إنسان واحد معصوم هو رسول الله، عصمه الله لأنه مشرع من أن يخطئ في أقواله، وأفعاله، وإقراره، وصفاته، ما سواه ساعة وساعة، أنا لا أتكلم عن العصمة، هذه للأنبياء، أتكلم عن خطأ بسيط لا يقدم ولا يؤخر يقع منا جميعاً.
المذيع:
ليس منهجاً، لا قدر الله كذب بواحدة واستغفر الله، لكنه ليس منهجاً كاملاً.
الدكتور راتب :
لا ليس منهجه، أما حينما يكون الكذب منهجاً.
المذيع:
سيتلقاه الابن.
الدكتور راتب :
يكبر حجمه، والأب يعرف ذلك، الابن يعرف أن أباه ليس بهذا المستوى، فأحياناً الإنسان يكبر حجمه الاجتماعي، أو القيادي، وهو كاذب بهذا التكبير، والابن يعرف الحقيقة.
المذيع:
أعطى درساً مجانياً بالكذب لابنه في هذه الحالة.
دكتور، ذكرت نقطة أن كل إنسان يحكم عليه في نجاحه إذا كان ابنه يشبهه، مثلاً هل الأب المتدين يحكم بمشواره في هذه الحياة إذا أنتج عائلة تحمل نفس القيم والمبادئ التي يؤمن بها؟
من أدى الذي عليه و لم يكن ابنه كما تمنى فهذا قضاء و قدر :
الدكتور راتب :
أولاً: حينما تؤدي الذي عليك أداءً تاماً وكاملاً، والتمام عددي، والكمال نوعي، إذا أديت الذي عليك، ولحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة كانت النتيجة على خلاف ما تتمنى فهذا شيء لا علاقة لك به، هذا قضاء وقدر.
المذيع:
أي إذا أدى الأب أو الأم مهمته التربوية فوق طاقته البشرية الكاملة.
الدكتور راتب :
إذا كان الابن اختياره البعد عن الله اختياراً أساسياً.
المذيع:
لا علاقة للأم والأب ولا يحاسبون.
الدكتور راتب :
سيدنا نوح هو قدوتنا، له ابن لم يرض الله عز وجل.
المذيع:
لكن هذه ليست قاعدة في الحياة، القاعدة سبحان الله على ما تربي ابنك عليه ينشأ.
الدكتور راتب :
أنا أكاد أقول، ولعلي هناك من يسألني: أخطاء الأبناء سببها حصراً الآباء والمعلمون، أخطاؤنا كمربين، كآباء أو معلمين تظهر على أولادنا انحرافات لا نريدها نحن.
المذيع:
دكتور، لدينا ثلاثة أسئلة نطرحها على فضيلتكم، ونتوسع بالإجابة بها بعد فاصل بإذن فضيلتكم.
السؤال الأول؛ ما هي حدود التربية الإيمانية وهي الفريضة على الأب والأم، أي بماذا يعد آثماً إن لم يفعل، أكيد ليس كل أب قادر أن يحفظ ابنه القرآن، وكتب الأحاديث.
النقطة الثانية دكتور ماذا يفعل من ضلت بوصلة أولاده، ما هو واجب الأب والأم في هذه الحالة؟
والسؤال الثالث دكتور أيضاً لمن ابنه لنقل لم يقبل هذا الكلام، لم يقبل هذا المنهج كيف يتعامل معه؟
دكتور، ما هو الحد الأدنى للتربية الإيمانية، أقل من هذا نقول قد قصر الأب والأم؟
الحد الأدنى للتربية الإيمانية :
الدكتور راتب :
أضرب مثلاً: مظلي نزل بالمظلة، قد يجهل لون المظلة، نوع الخيوط التي نسجت منها، قد يجهل شكلها، بيضوي، مربع، مستطيل، دائري، قد يجهل أشياء كثيرة، قد يجهل مئة معلومة، إلا معلومة واحدة إذا جهلها نزل ميتاً، طريقة فتحها.
هذا عبر عنه العلماء الإسلاميون: بما ينبغي أن يعلم من الدين بالضرورة، طبيب، مهندس، محام، خطاط، يوجد حد أدنى في الدين لا بد من معرفته والعمل به، لأنك إنسان، لأنك خلقت من عند الواحد الديان، لأنه يوجد موت، وجنة أو نار، فهذا الكلام يغطي جميع البشر كائناً من كان، هذا الإنسان لأنه مخلوق للجنة بالأساس، والإنسان هو المخلوق الأول، والمكرم، والمكلف، فيجب أن يعرف من خلقه، ولماذا خلقه، ولماذا جاء به إلى الدنيا، وما أهم شيء في الدنيا، ولماذا الموت، وماذا بعد الموت، وماذا في الآخرة، هذا الكلام يعد من الموضوعات التي ينبغي أن تعلم بالضرورة، هذه فرض عين على كل مسلم، طبيب اختصاصي، مهندس، معلم، عامل بالسكك الحديدية، هذا لابد منه، ينبغي أن يعلم بالضرورة، أركان الإيمان، وأركان الإسلام، والأحكام الشرعية المتعلقة بحرفتك.
المذيع:
إذاً دور الأب والأم بحده الأدنى في التربية الإيمانية دكتور أن يعلم أولاده أركان الإيمان.
الدكتور راتب :
أركان الإيمان، وأركان الإسلام، والمعلومات الدقيقة في حرفتك، هذا طالب، هذا مدرس، هذا تاجر، هذا محام.
المذيع:
ما زاد عن ذلك دكتور، مثلاً تحفيظ الأبناء للقرآن الكريم، دلهم على الصلاة، على الصيام.
الدكتور راتب :
أفضل بكثير، أفضل بمليون مرة.
المذيع:
لكن لو لم يفعله الأب.
الدكتور راتب :
هذا الحد الأدنى أركان الإيمان، مع أركان الإسلام، مع المعلومات التي يحتاجها الإنسان في هويته، زوجة؛ حقوق الزوج، خادم؛ حقوق الخادم، واجبات الخادم.
المذيع:
جميل! حتى نوضح إذاً دكتور كل أب وأم بنفسه عليه فريضة عين لا تسقط عنه، أن يعلم ابنه أركان الإيمان، وأن يعلم ابنه أركان الإسلام، ويحثه على الصلوات الخمس، وعلى صيام رمضان، والزكاة، والصيام، والحج، مثلاً يوجد جزيئات، مثلاً وجود خادمة في البيت، أو حارس كيف يتعامل معه، هذه تعد فريضة.
احترام الأب و الأم مع محبتهما و الهيبة منهما :
الدكتور راتب :
الآن عندنا بنود أساسية، القدوة قبل الدعوة، التعليم بالقدوة أبلغ ألف مرة من التعليم التلقيني، والإحسان قبل البيان، الأب الغضوب الذي ضرب مباشرة، هذا عطل دور الأب التربوي، يجب أن يحبك ابنك، هذه نقطة دقيقة جداً.
أقول لك كلمة دقيقة: يوجد حالة تحتاج إلى جهد كبير، قد يخافك حتى الموت، وقد يحبك حتى التسيب، كلاهما غلط، البطولة بالموقف المتوسط، أن يحبك بقدر ما يخافك، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾
فالأب يجب أن يُحب، والأب يجب أن يحترم بآن واحد، يُحترم بقدر ما يُحب، ويُحب بقدر ما يُحترم.
المذيع:
وإن كان خارج الموضوع دكتور لكن كيف يحقق الأب هذه المعادلة، أن يكون وجوده مع محبة.
الدكتور راتب :
أولاً: عطاؤه يعمل محبة، أي أعطى أولاده حاجاتهم، ابنه ثيابه أنيقة مثلاً، أعطاه شيئاً يضعه بجيبه من بعض الأموال، أمن له حاجاته الأساسية، طلب منه كمبيوتر أحضره له مثلاً العطاء يساوي محبة، والرفق يساوي محبة، لا يوجد ضرب، ولا شتم، لا يقل له: الله لا يوفقك، هي ليست واردة إطلاقاً.
المذيع:
إذاً العطاء والمحبة تولد؟
الدكتور راتب :
لا، الأصل هو العطاء.
شيء ثان التوجيه، يوجد توجيه، بابا هذه حرام، هذه لا تجوز، مثلاً هذا القلم من أين أحضرته؟ وجدته، أكيد وجدته؟ أي يجب أن تتابع معه الأمر.
المذيع:
يتنقل الابن بين احترام والده محبة وهيبة، وهذا دور مهم.
الدكتور راتب :
هذا خطير جداً.
المذيع:
كذلك للأم دكتور، أم فقط للأب؟
الدكتور راتب :
نفس الشي، الأب مثلاً التعظيم أقوى، والأم الرحمة أقوى.
المذيع:
سبحان الله! جميل.
دكتورنا الكريم، ماذا لو أدى الأب والأم هذه المهمة لكن الابن اختار طريقاً آخر؟
التربية مع الإقناع :
الدكتور راتب :
الأب معافى.
المذيع:
لكنه يتألم إذا وجد ابنه في اتجاه الخطأ دكتور.
الدكتور راتب :
يتألم بسبب إيمانه، يتألم بسبب أن هذا ابنه، هذا امتداده.
المذيع:
كيف ينقذه دكتور؟
الدكتور راتب :
لا يوجد غير التربية، هل هناك طريقة ثانية؟ الضرب لا يفعل شيئاً إطلاقاً.
المذيع:
عليه أن يبقى بالإقناع والتربية مع ابنه.
الدكتور راتب :
الإنسان عندما يعتني بابنه من يوم ولادته في الأعم الأغلب تكون التربية جيدة جداً، ما الذي يحدث؟ إهمال أولي، يتنبه إلى أخطاء كبيرة بالابن، وهذا بعد فوات الأوان.
المذيع:
دكتور، اسمح لي بقضية، كثير من التربويين يتحدثون عن نقطة عن أهمية التنشئة في بداية العمر، الآن كثير من المستمعين أولادهم كبروا، الذي في المدرسة، والذي أنهى المدرسة، هؤلاء يشعرون بنوع من أنواع الإحباط، أنه طالما الولد كبر لا مجال لإصلاحه الآن.
على الإنسان ألا يقنط من إصلاح ابنه :
الدكتور راتب :
سيدي، الإصلاح مستمر، لكن أقول: السنوات المجدية الفعالة فعالية عالية جداً مئة بالمئة بالبدايات، لكن بعد ذلك يوجد أثر، لا يقنط، ثم إن الله قال:
﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾
الآية تعطي شيئاً من الطمأنينة.
المذيع:
دكتورنا الكريم، لو أحد الأبناء أو البنات كان على معصية، الأب كولي أمر هل هو مأمور أن ينهاه ولو وصل بالنهاية إلى حد القوة في ذلك أضرب لفضيلتكم مثالاً: الابن لا يريد أن يصلي صلواته الخمس، الفرائض.
الضرب ضمن ضوابط الضرب المقبولة لمن عصى ربه في الفرائض :
الدكتور راتب :
يوجد توجيه نبوي: اضربوهم.
المذيع:
نوضحها دكتور، ما المقصود علموهم الصلاة على سبع، واضربوهم على عشر نوضحها دكتور؟
الدكتور راتب :
ضرب رمزي، هناك ضرب تشف، هذا ممنوع.
المذيع:
الضرب المؤذي دكتور مسموح؟
الدكتور راتب :
لا ليس مسموحاً.
المذيع:
ضرب التشفي مسموح، والضرب المبرح، والذي يترك عاهة على الجسد؟
الدكتور راتب :
لا، كله ممنوع، ضرب رمزي، أي أنت أخطأت.
المذيع:
توبيخ، على اليد مثلاً لكنها لا تترك أثراً، ولا تؤذي، ولا تكسر عظماً.
الدكتور راتب :
اتقوا الوجه، الوجه مكان تكريم الإنسان.
المذيع:
أتوسع بالتفصيل دكتور حتى تكون واضحة تماماً عند كل المستمعين، أي ضرب دكتور يترك علامة، أو أثراً، أو كسر عظم، غير مقبول شرعاً.
الدكتور راتب :
وضرب الوجه ممنوع أصلاً، اتقوا الوجه تكريماً للإنسان، الوجه مكان كرامته.
المذيع:
إذاً المسموح في هذا دكتور الضرب وهو ضرب التوبيخ الذي هو إشارة، ولا يعد عنفاً، ولا ضرباً، ولا كسراً، ولا جرحاً، ولا أذى.
الدكتور راتب :
يقولون: من أطاع عصاك فقد عصاك، أقول لك كلمة دقيقة: الأب بحكمته البالغة عندما يكون هناك خطأ من ابنه ينبهه عليه، يقول له: أنا أول مرة أسامحك، المرة الثانية أبنهك، الثالثة يوجد مقابل خطئك عقاب، قد يكون حرماناً من مبلغ معين، قد يكون إعراضاً عن الابن، عندما يصل للضرب يكون عندنا خطأ كبير، عندك ألف طريق أن ابنك يسمعك من دون ضرب، الضرب آخر حل لطالب حالته المرضية شديدة جداً.
المذيع:
وكما تفضلت ضمن ضوابط الضرب المقبولة.
العنف لا يلد إلا العنف :
الدكتور راتب :
عفواً، الآن أنا بالتعليم قضيت أربعين سنة، الطالب عندما رأى مني رحمة، ودرساً واضحاً، وعطفاً أبوياً، الطالب عندما يغلط أنا لا أنظر إليه أبداً، يغلي غلياناً، من أطاع عصاك فقد عصاك، يجب أن يطيعك بالتوجيه فقط، بالتوجيه، والحب، والإلقاء، هذا التوجيه الراقي جداً، الضرب أنا ضده بشكل غير معقول، يعمل شرخاً، يسمونه بعلم النفس: خبرة مؤلمة، وأقول كلمة ثانية: إذا كان الضربة خبرة مؤلمة جداً فالألم يتضاعف ألف ضعف إذا أنت ضربته أمام أخته، أو أمام رفيقه، أنا والله أتمنى أن ينتبه الآباء، لا يضربوا أحد أبنائهم أمام أخواتهم، ولا أمام أصدقائهم، له مكانته.
المذيع:
دكتور حتى أتأكد من وضوح الفكرة لدى الجميع، إذاً الأصل أن الأب يعلم أولاده أركان الإيمان، والإسلام، وما يرتبط في حياتهم، ما زاد عن ذلك زاده الله، لكنه ليس فريضة، لو قصر الابن وخرج عن هذه البوصلة دور الأب بالنصيحة والإقناع.
الدكتور راتب :
مرة، واثنتان، وثلاث، ثم أنا ماذا أفعل؟ انظر يا بني، أنت من الممكن أن تغلط.
((كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ))
لكن كلما غلطت أضع عندي إشارة على دفتري، الإشارة الخامسة فيها مشكلة، أعطيته فرصة خمس مرات، وأقول له: هذه الإشارة الثانية يا بني، أنا لا أريد أن أحرمه، ولا أن أضربه، لكن عملت له توجيهاً، عندك خمس فرص مسامح فيها طوال السنة، لك في هذه السنة الدراسية خمسة أخطاء، الآن هذه واحدة يا بني، صاروا اثنتين انتبه، أما الخامسة فهناك حرمان، وإعراض عنه مدة أسبوع.
المذيع:
لو كان الأب رحيماً، ولم يجعل عقاباً عند الخامسة.
الدكتور راتب :
أما على أول غلطة فقد ضربه كفان، هذه لا تصح.
المذيع:
إذاً هذا العنف من البداية الضرب مرفوض، والعكس دكتور؟
الدكتور راتب :
والعنف لا يلد إلا العنف.
المذيع:
والتراخي دكتور.
الدكتور راتب :
قبل، عندما كنت عنيفاً مع ابنك، ابنك حتماً عنيف مع أخته الصغيرة، يضربها، والأخت مع الأصغر منها، وآخر ابن مع القطة، العنف يمشي، العنف لا يلد إلا العنف.
المذيع:
مجموعة من الآباء والأمهات دكتور يتراخون من باب محبة أولادهم لا يوجد شيء اسمه عقوبة، لا يوجد شيء اسمه حرمان.
عدم التراخي عند عقوبة الأبناء :
الدكتور راتب :
أخلاق الطفل تصبح سيئة، لا يُحب من قبل أحد، والله أعرف أطفالاً لا أحد يطيق أن ينظر إليهم، من إرخاء الحبل للابن.
المذيع:
دكتور بعض الآباء والأمهات يجعلون كما تفضلت لديك أربعة أخطاء أو خمسة، عند الخامسة تعاقب، عندما يبدأ العقاب مثلاً يريد أن يحرمه لنفترض من زيارة صديقه، أو أن يذهب إلى الملعب، يحن قلبه، ويتنازل عن هذه العقوبة، ويسامحه.
الدكتور راتب :
إذا سامحه كل مرة لم يعد للعقوبة قيمة، لابد من مرة تنفذ بحذافيرها.
المذيع:
لو عفا وعاقب، أي سدد وقارب، تجده جيداً من باب محبة الطفل.
دكتونا، لو وقع الابن في مخالفة شرعية، إلى أي حد من حق الأب، بنت وصلت سن التكليف الشرعي دكتور ولا تريد أن ترتدي الحجاب؟
تدريب الأولاد منذ الصغر على الأحكام التأديبية :
الدكتور راتب :
أريد أن أقول كلمة دقيقة: البنت عندما يكون عمرها خمس سنوات يجب ألا ألبسها تنورة قصيرة مثلاً، هذا غلط.
المذيع:
هي طفلة دكتور.
الدكتور راتب :
هي طفلة، لكن هكذا تربت، ليس من المعقول بيوم واحد أقول لها: هذا لا يصح، يوجد آداب، وأحكام شرعية، ليست تكليفية، تأديبية، طفل صغير خلع ملابسه أمام الناس، هو ليس عورة، لكن عندما خلع ملابسه أمام الناس لم يفهم حدود العورة، فأنا يجب أن أعلمه ليس الأحكام التشريعية بل الأحكام التأديبية، والفرق كبير بينهما، أعلمه منذ الصغر ألا يخلع ملابسه أمام أحد.
المذيع:
ما المقصود بالأحكام التأديبية دكتور؟
الدكتور راتب :
أي تدربه على الأحكام الشرعية تدريباً، مرحلة تدريبية للأحكام الشرعية.
المذيع:
كما ضربت مثالاً شيخنا هي تكلف عند سن التمييز الشرعي بالحجاب، فنحن نعلمها الأحكام التأديبية كالاحتشام شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى عمر الحجاب.
الدكتور راتب :
التنورة معقولة، ليست قصيرة جداً.
المذيع:
وكذلك الولد لا يخلع ملابسه أمام أحد، عندما يصل سن التكليف يكون مهيئاً.
الدكتور راتب :
يصير هذا العمل طبيعياً.
المذيع:
إذا لم تقبل بعد كل محاولات الإقناع ابنتي بالحجاب، ما المفروض والمطلوب مني شرعاً؟ إذا لم يقبل ابني الصلاة وهي فريضة ماذا أفعل معه؟
دكتورنا الكريم، تحدثنا عن قضية موجودة في كثير من العائلات؛ الأب يهتم بشرع الله والأم كذلك، الأولاد والبنات عندما يصلون إلى سن التمييز، نوعاً ما يبدؤون يفكرون بعقلهم أكثر من تقليد العائلات، هي وصلت سن التكليف الشرعي لا تريد الحجاب، هو أصبح مميزاً ولا يريد الصلاة، ماذا أفعل كأب وأم؟
حاجة كل طفل إلى حاضنة إيمانية :
الدكتور راتب :
الحقيقة البيئة بالبيت إذا فيها صلاة، وكانت العلاقات والصداقات كلهم يصلون، هذه يسمونها الحاضنة الإيمانية، إذا الحاضة الإيمانية فيها صلاة من الصعب ألا يصلي الابن، أما إذا كان الأكثرية لا يصلون فهو مرتاح، لا يريد أن يصلي، فأنا عندما أكون قد هيأت لابني حاضنة إيمانية، أصلي العشاء مثلاً بهم كإمام، بابا توضأ وتعال لتصلي معنا، فأنا من دون قهر، من دون عنف، من دون تعنيف، من دون سباب، تعال لنصلي، حتى الله يحبنا، حتى الله يرزقنا، حتى الله يكافئنا، يسعدنا.
هذا الكلام الإيجابي أقوى من السلبي، دائماً أقنع ولا تقمع، إذا قلت لولدك: إذا فعلت كذا سأضربك هذا خطأ، قل له: إذا أنت تفوقت عندك مكافأة، نفس العملية.
المذيع:
دكتور، لو قمنا بكل هذه الخطوات، وبالنهاية كان عناده يحول دون هذه الفريضة.
حاجة التربية إلى ضبط و إقناع :
الدكتور راتب :
عندئذٍ قدوتك سيدنا نوح.
المذيع:
أقبل ابنتي تخرج بلا حجاب دكتور وأقول: أنا فعلت، ولا أمارس بالإكراه عليها الحجاب؟
الدكتور راتب :
أنت أب سيدي، معك سلطة.
المذيع:
هل أجبرها على الحجاب حتى ولو غير مقتنعة دكتور؟ إن كانت غير مقتنعة.
الدكتور راتب :
أبداً، أقنعها.
المذيع:
لا تريد الإقناع دكتور حالياً مثلاً؟
الدكتور راتب :
عدم قناعتها فيه خطأ من الأب بالأساس.
المذيع:
أنا أعرف كثيراً من العائلات وقعت في هذا المطب.
الدكتور راتب :
رفقة الصديقات من دون ضبط، قالوا لها: لا تجربي الحجاب يشوهك، أعوذ بالله.
المذيع:
دكتور، قد تكون بيئتنا نحن صالحة لكن المدرسة كما تعرف الكثير من المدارس فيها من كل الأشكال والألوان فتتأثر.
الدكتور راتب :
يوجد كثير من الآباء مثلاً الساعة الرابعة انصرف الأولاد، يجب أن يكونوا بالبيت في الساعة الرابعة والربع، لا يوجد مجال لتقضي فترة خارج المنزل إطلاقاً، لا يوجد مجال أبداً، يوجد ضبط، التربية تحتاج إلى ضبط، التربية تحتاج إلى إيجابيات أولاً، أنت لا تنفِ، أو لا تنه عن السلبيات إذا لم يكن هناك إيجابيات، أنا قناعتي أن أهيئ البديل، أهيئ مثلاً بديلاً إيمانياً، صديقات مؤمنات.
أحد أصدقائنا جمع رفاقه المقربين، وقال: نحن يجب أن تكون صداقات أولادنا ضمن هذه الأسرة، خمس أسر ملتزمة، الكل يصلون، بيوتهم محتشمة، البنات محجبات، فإذا أنت اخترت لابنك صديقاً من هنا، أو صديقة من هنا، عملت أنت حاضنة إيمانية.
المذيع:
دكتور، هذا لا يشابه الحقيقة؟ عندما يكبر الأولاد، ويذهبون إلى العمل والجامعة، لن يبقوا ضمن هذه الدائرة الطيبة الخلوقة سيحتكون بالبر والفاجر.
مرحلة التأسيس أهم مرحلة في حياة الطفل :
الدكتور راتب :
لأنهم تأسسوا.
المذيع:
الآن مرحلة التأسيس، فهنا نمت هذه الحاضنة.
الدكتور راتب :
التأسيس صار مقياساً، يرون شخصاً كاذباً، أو منحرفاً مثلاً لا يتمنون أن يكونوا مثله.
المذيع:
جميل، لأنه تأسس على هذا، أعود إلى فضيلتكم دكتور وأدرك أنها قضية حساسة، ولكن منتشرة كثيراً، لو مع كل هذه النقاط الإيجابية في التربية رفض الابن الصلاة، ورفضت البنت الحجاب ماذا يفعل الأب؟ يجبرهم ولو بغير قناعة؟
الابتعاد عن القطيعة التامة للابن أو البنت :
الدكتور راتب :
والله أنا ضد القطيعة التامة، القطيعة التامة فيها تطرف وبعد ذلك تفلت تام، هل يستطيع الأب أن يطرد ابنته، إلى أين تذهب؟ طرد ابنه أين ذهب؟ بقاء الابن والبنت بالبيت أفضل مليار مرة رغم كل أخطائهم، يبقى مضبوطاً، جاء ونام بالبيت، من طرق الباب؟ من رن الهاتف؟ يبقى تحت رقابة معينة، أنا من ألد أعداء طرد البنت من البيت، وطرد الابن من البيت.
المذيع:
دكتور بعض الآباء والأمهات يتخذون منهجاً بصناعة أبنائهم دينياً منذ الصغر أي مثلاً يقدمون ابنهم وهو صغير للإمامة، هل ترى هذه القضية جميلة؟
العقاب والمكافأة يمتنان القيم بالتربية :
الدكتور راتب :
جيدة جداً، هذه تحتاج إلى ثناء، عمل شيئاً إسلامياً جيداً يثني عليه بمكافأة، بحفلة، مثلاً حفظ جزء عم، أعمل له سهرة، أهم شيء المكافأة، يوجد شيء بالتربية اسمه: العقاب والمكافأة، يمتنان القيم بالتربية، حفظ جزء عم أدعو أخواته البنات، وأصهاره لسهرة، وأعمل لهم عشاء مثلاً على شرف أن ابننا حفظ جزء عم.
المذيع:
أنت ميزته بحفظ القرآن.
الدكتور راتب :
تحتاج إلى مكافأة سيدي، أقول لك كلمة، أنا أقول لك: لا يوجد عطاء أبلغ ولا أعظم من الحكمة؟
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
المذيع:
دكتور، تحدثنا في هذه الحلقة، وأبحرنا كثيراً في عالم التربية، النقطة المهمة جداً قبل أن نصل للختام دكتور، كيف أربي ابني تربية إيمانية؟ إذا بالإمكان أن آخذ من فضيلتكم مجموعة من مشواركم التربوي، ومن النصائح العلمية في مشواركم الدعوي، كنقاط دكتور كيف نربي أولادنا تربية ناجحة؟
كيفية تربية أولادنا تربية ناجحة :
الدكتور راتب :
البيت الإسلامي الذي فيه صلوات، الذي فيه غض بصر، لا يوجد بالتلفاز أفلام فاضحة، لا يوجد قناة متفلتة، البيت الإسلامي هو الحصن الحصين للتربية الإسلامية الصحيحة، ألا يكون بالبيئة شيء خاطئ، هو ليس صعباً، إذا كان البيت ملتزماً، لا يوجد زائر مع زوجته المتفلتة، هذه ليست واردة إطلاقاً، الزائر مسلم، وزوجته محجبة.
المذيع:
لو جاء جارك دكتور، ولم يكن منضبطاً.
الدكتور راتب :
لا يوجد مانع، نقول له: هذه غلطة، حماك الله منها يا بني، هناك كلمة: البيان يشفي الغليل، ويذهب الشيطان.
المذيع:
تخشى أحياناً من هذا البيان دكتور أن يسيء هذا الطفل الظن بهؤلاء الآخرين عندما وضحت له الخطأ.
الدكتور راتب :
يوجد طريقة، لا نسمي، هناك أناس عملوا هكذا، لا تحدد، التوجيه دقيق جداً، لا تربط التوجيه بشخص، يوجد طالب لا يدرس مثلاً، غيره صار طبيباً، والثاني صار مهندساً، وهو يشتغل عاملاً مثلاً، يتألم ألماً لا حدود له، أنا أرى أن الأمثلة أقوى بكثير من تعيين الأسماء.
المذيع:
لو تصارعت بعض قيم أفراد العائلة مثلاً دكتور كبيت الجد والجدة مع القيم التي أنت تزرعها ببيتك ماذا تفعل؟ مثلاً أنت تمنع أولادك من مشاهدة مواد غير مضبوطة عبر التلفاز، يذهبون لعمهم، أو لجدهم.
الحفاظ على قيم الأولاد إن تصارعت قيمنا مع بعض قيم أفراد العائلة :
الدكتور راتب :
عندما أجد أن هناك تفلتاً بغيابي لا أسمح لهم بالزيارة إلا معي، إذا كانت الجدة لا ترعى حق ابنها الذي قد ربى ابنه تربية إسلامية، و تدع ابنه يرى أفلاماً ثانية أنا لن أسمح لابني أن يذهب لوحده، أقول له: لا يمكن إلا أن تكون معي، بنعومة.
المذيع:
وأنت تطلب من هؤلاء الأهل أن يتوقفوا عن هذه المخالفات.
الدكتور راتب :
إذا أنتم نفذتم رغبتي مع أولادي وهم عندكم أنا سأدعهم يزورونكم، أما إذا تفلتوا عندكم فلا، سآتي أنا و إياهم.
المذيع:
ولا تعد قطيعة.
الدكتور راتب :
لا أبداً، بالعكس، هذا صون، لماذا القطيعة؟
المذيع:
لو الأولاد دكتور صاروا يسألون الأب والأم، ويقول لهم الأب: لا تشاهدوا، والجد يقول لهم: شاهدوا مثلاً، هناك شيء فيه مخالفات شرعية، ألا تخاف من هذه البينة أن يساء لمقام الجد دكتور؟
تلافي أخطاء الكبار دون الإساءة لهم :
الدكتور راتب :
لا، أقول له: جدك أدامه الله لنا، وحفظه لنا، لم ينشأ على العلم، هناك أشياء ناتجة من عدم متابعته للعلم، أنا أحاول أن أتلافى أخطاء الكبار، تعلم أنت الصغير.
المذيع:
تضع النقاط على الحروف، والحق والباطل، لكن دون الإساءة للجد.
دكتور إضافة إلى كل هذه النصائح الراقية التي ذكرتها من التربية الإيجابية، والتربية بالقدوة، وتقديم الابن كإمام، وتوثيق مشاعره الدينية، وإكرامه بالمناسبات الدينية عندما تتحجب الفتاة، وعندما يحفظ جزء عم، ماذا أيضاً تزيد علينا من نصائح لنتمكن من تربية إيمانية لأولادنا.
اصطحاب الابن ليشهد لقاءات والده ويتعلم منه :
الدكتور راتب :
والله يوجد كلمة دقيقة: أن يكون معك ابنك، الله قال:
﴿ وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾
المعنى المألوف من هذه الآية؛ أن هذا الابن رأيته كيف ولد، وما أصله، أصله لقاء زوجي، وأصله ماء مهين، فأنت هذا الطفل يشهد لك كيف أنت ولدت، كما رأيت أن ابنك كيف خرج من بطن أمه، وكيف نما، فهو يشهد لك نشأتك.
يوجد معنى آخر دقيق جداً أرقى؛ ليشهد معك لقاءاتك، لا تنزعج عندما يكون ابنك معك، بالعكس.
المذيع:
ما الهدف من هذا دكتور؟
الدكتور راتب :
هو يتعلم منك، وأنت عندما تريد أن تسهر سهرات راقية جداً، ملتزمة، فيها حديث جيد، آخذ معي ابني.
﴿ وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾
الله يفتح عليك.
الدكتور راتب :
أنا الآن بعمان، عندي بالأسبوع سهرتان أو ثلاث، آخذ معي أحفادي، يسمعون كلاماً طيباً، كلاماً مهذباً، علية القوم، أطباء، ومهندسون، شيء جميل، فأنا أحب أن يرى أحفادي هذه النماذج.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، بدأنا في مطلع الحلقة بقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله))
ما المقصود بهذا الحديث دكتور؟
تعليم الأولاد كلمة التوحيد الأولى :
الدكتور راتب :
هذه كلمة التوحيد، لكنها تحتاج إلى شرح، كلمة التوحيد هي الكلمة الأولى، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، هذه كلمة الإسلام الأولى، فالتوحيد مضغوط بهذه الكلمة، فأنا هذه أبدأ بها، وأشرحها لهم، الله هو المعطي، هو المانع، هو الرافع، هو الخافض، هو المعز، هو المذل، تتمتع بصحة بفضله، الله جعلك من أم وأب بفضله مثلاً، لست لقيطاً مثلاً، أتكلم أشياء كثيرة عن هذا الشيء.
المذيع:
(( افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله))
بمعنى بمطلع عمرهم.
الدكتور راتب :
بمعنى لا إله إلا الله.
المذيع:
بمطلع عمرهم يعلمون هذا الشيء دكتور؟
الدكتور راتب :
انظر الأمطار، بعثها الله لنا، أنبت الزرع بالأمطار، أكلنا فواكه، أكلنا خبزاً، أريه أشياء.
المذيع:
الإنسان دكتور لا يملك قلوب الآخرين، ولا تغيير حياتهم، الأب والأم يسعون إلى كل هذه النقاط، ولكن مع ذلك يبقى في قلق وخوف من المستقبل، قلق وخوف من الفتن.
القلق على الأبناء من الفتن قلق مقدس :
الدكتور راتب :
هذا قلق مقدس، قلق إيجابي مقدس، قلق بالحد المعقول، أما إذا الأب بذل كل ما يستطيعه، وابنه أخذ اختياراً آخر صار لا علاقة له، صارت قدوته سيدنا نوح.
المذيع:
هذا قلق إيجابي لكن كما تفضلت سيبقى في مكانه.
الدكتور راتب :
أنا أسميه أيضاً: قلق مقدس، هناك أب لا يهمه ابنه، فيغلط، وأب لا يتمنى إلا أن يكون ابنه مستقيماً، يصلي.
المذيع:
هل يحاسب الأب والأم أولادهم على كل خطأ؟
محاسبة الأب و الأم أولادهم باعتدال :
الدكتور راتب :
طبعاً إذا كان بالإمكان أن يوجهوهم توجيهاً صحيحاً.
المذيع:
دكتور، ألا نخشى أن كل خطأ وجهوه إلى هذا الطفل أن يدخل الطفل في مرحلة أن ينزعج لكثرة التنبيهات؟
الدكتور راتب :
لا، تحتاج إلى اعتدال، مثلاً لك عشر ملاحظات، إذا غضضت النظر عن تسع فتكلم العاشرة.
المذيع:
أي ليس كل خطأ أقوله له.
الدكتور راتب :
لا، بالعكس شيء ممل، يخرج الابن من جلده بعد ذلك، أنا أقول لأخواني: ارتكب ابنك عشرة أخطاء مقبولة، اختر أكبرها ونبهه على واحد منها، الأسبوع الثاني يوجد عشرة أخرى، أهم واحدة، أعمل كل أسبوع توجيهاً مثلاً، ويجب أن يكون معي دفتر صغير أكتب بنداً، أو اثنين، أو ثلاثة، أهم واحدة، أعمل له جلسة لطيفة على بند منهم، لكن مع مضي الزمن غطينا الجميع.
المذيع:
هل تربية الأولاد دكتور محمد هي أصعب مهمة بالحياة؟
تربية الأولاد أصعب مهمة بالحياة :
الدكتور راتب :
والله التربية ليست سهلة، أنت تربي نفساً طليقة، الحقيقة معالجة أي جسم مادي؛ الجلد تقصه، يسمونه منجداً، تقص الجلد، الخياط يقص الثوب، هذا ابن، هذا له اختياره.
المذيع:
لو سألت فضيلتكم من تجربتكم الشخصية دكتور مع أولادكم وبناتكم، والآن مع أحفادكم، ما هي أكثر نصيحة من هذه النصائح التربوية التي وجدتها دكتور فعالة في تربيتهم إيمانياً؟
نصائح تربوية فعّالة في تربية الأولاد إيمانياً :
الدكتور راتب :
دعك من التوجيه، إذا الابن لم ير من أبيه أي خطأ فهذا أكبر توجيه، رأى فيه رحمة، رأى فيه مودة، رأى فيه حلماً، رأى فيه حباً، هذا الحب أصل في العلاقة.
يقول أفلاطون لأحد أولياء تلاميذه: خذ ابنك عني إنه لا يحبني.
الحب هو الأصل في العلاقات الأسرية، أنا أقول: إذا ابنك لم يحبك فلست أباً ناجحاً، يجب أن يحبك، أن يموت محبة بك، حلم، وأدب، ومحبة، حتى درسنا في علم النفس أخي الكريم، يجب أن تضم الطفل بسنوات معينة عشرين ضمة باليوم الواحد، وهذا ليس له علاقة بالدين إطلاقاً، أكل، وشرب، ونام، وارتاح، كل حاجاته مؤمنة، عنده حاجة إلى الضم، كم مرة باليوم؟ عليك أن تضمه عشرين مرة باليوم، هذا رأي علماء النفس سيدي، فالأب عندما يحمل ابنه ويضمه ويلاعبه مثلاً، النبي كان يركب على ظهره الحسن والحسين، يطيل السجود من أجلهما.
المذيع:
صلى الله عليه وسلم، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد رابت النابلسي على هذا اللقاء الطيب، جعلنا الله وإياكم من الذين يسيرون في تربية إيمانية لأنفسهم وعائلاتهم.
نختم حلقتنا بالدعاء، ونسأل الله القبول.
الدعاء :
الدكتور راتب :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
خاتمة و توديع :
المذيع:
الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
بين قوله سبحانه وتعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾
بين أن نأخذ بالأسباب لنقي أنفسنا وأهلنا عذاب الله، وبين أن نطمع برحمته في قوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾