الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
مسلك الإيمان بالجن هو الخبر الصادق:
أيها الإخوة الأكارم؛ مع الدرس الحادي والعشرين من دروس العقيدة، أنهينا في الدرس الماضي موضوع الإيمان بالملائكة، واليوم ننتقل إلى موضوع آخر هو الإيمان بالجن، والمسلمون يا أيها الإخوة المسلمون؛ المسلمون كلهم يعتقدون بوجود مخلوقات غيبيّة عنا، جميعاً، لا نراها بحواسنا في الحالات العادية اسمها: الجن، لأن الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم، والنبي عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف قد أخبرا بوجودهم بشكل قاطع لا يحتمل التأويل.
في القرآن والسنة إشارات واضحة ونصوص صريحة لا تحتمل التأويل تُلزمنا أن نؤمن بالجن، هذه المخلوقات الغيبية لا نُحسّ بها، إلا أن وجودها من الأمور الممكنة عقلاً، تحدثنا في دروس سابقة كيف أن الأشياء من زاوية العقل، هناك أشياء موجودة ممكنة الوجود، وهناك أشياء مستحيلة الوجود، وهناك واجب الوجود وهو الله سبحانه وتعالى، كل شيء سوى الله ممكن الوجود، لكن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، هناك ممكن الوجود عقلاً، وهناك مستحيل الوجود عادة، أي بحسب العادة النار تُحرق، فإذا قلت: النار لا تحرق، هذا الكلام مستحيل بحسب العادة، لكن بحسب العقل الذي خلقها تُحرق قد يمنع عنها الإحراق، فوجود مخلوقات غيبية عنا لا نُحس بها من الأمور الممكنة عقلاً، فلا يكون إنكار المنكر لها إلا تكذيباً للخبر الصادق، طبعاً كما قلنا مراراً وتكراراً الإيمان بالملائكة، والإيمان بالجن، والإيمان باليوم الآخر، هذه كلها مغيبات، مسلك الإيمان بها مسلك الخبر الصادق، لكن الإيمان بالله استدلال عقلي يقيني قطعي، فهناك إيمان تحقيقي، وهناك إيمان تصديقي، فالإيمان بالملائكة والإيمان بالجن من نوع الإيمان التصديقي، لأن الله سبحانه وتعالى:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)﴾
أخبرنا في كتابه والنبي صاحب المعجزة المُصدَّق أيضاً أخبرنا بحديثه الشريف أن هناك مخلوقات لا نراها بأعيننا لكنها موجودة.
الاستشهاد بأمثلة لتوضيح الفهم:
إذا أردتم ما يشبه هذا في حياتنا، هناك أشياء كثيرة، فهذا الجو فيه بث إذاعي، من منكم يُشاهِد البث الإذاعي؟ لا يُشاهَد، لكنك إذا جئت بجهاز لاقط وأدرته تسمع صوت البث الإذاعي، فإذا قلت: أنا لأني لا أرى البث الإذاعي أُنكر وجوده هذا كلام فيه حمق، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، مادام هذا الشيء موجوداً، ولكن الحواس لا تراه لقصورها، ماذا ترى في هذا الكأس؟ ترى ماء صافياً عذباً زلالاً، لو أتيح لأحدكم أن يضع نقطة من هذا الماء تحت مجهر، أو ميكروسكوب، أو مجهر الكتروني، لرأى العجب العجاب، لرأى في هذه النقطة كائنات، ومخلوقات، وأحياء لا يعلمها إلا الله، قال: لو أدخلنا مبضع جراح على الصاد الموصد وهو من أرقى أنواع الأجهزة المُطَهرة لبقي عليه في المليمتر مربع لا أدري كم من الجراثيم، وهو في الصاد الموصد، في أشد الأجهزة تطويراً، فالحواس قاصرة، وفي هذا الجو أيضاً بثّ من الصور، لو أنك أدرت جهاز اللاقط لاقط الصور الرائي لرأيت البث، هل بإمكانك أن تنكر البث الإذاعي لأنك لا تراه؟ كذلك الجن مخلوقات، ليس بالإمكان أن تقول: هي غير موجودة لأني لا أراها، نقول لك: إن حواسك محدودة، إن حواسك المحدودة ليست مقياساً للإيمان بالجن، ولكن الإيمان بالجن دليلها كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام نبيه عليه الصلاة والسلام، ومسلك الإيمان بها مسلك الخبر الصادق.
الأدلة الواردة في الكتاب والسنة بوجوب الاعتقاد بالجن:
طبعاً كما تعوّدنا جميعاً ليس هناك فكرة تُقال في هذا المكان إلا مع الدليل، هكذا المؤمن، إذا كنت مبتدعاً فالدليل، وإذا كنت ناقلاً فالصحة، هذه قاعدة بين العلماء مضطردة، إذا كنت مبتدعاً، والله أنا رأيي في الموضوع الفلاني كذا وكذا، جميل، ما الدليل؟ هل عندك دليل من آية قرآنية أو حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو هل عندك إجماع من العلماء حول موضوع ما؟ أو هل عندك قياس؟ إذا كنت مبتدعاً فالدليل وإذا كنت ناقلاً فالصحة، إذا كنت ناقلاً ما دليل صحة هذا القول؟ فلان قال كذا وكذا، أسمعت من فِمهِ؟ لا والله، أقرأت كتاباً له؟ لا والله، أجلست في مجلسه؟ لا والله، هذا كلام مردود، لو تتبع الناس أو لو سلك الناس المسلك العلمي في النقل لكنا بحالة غير هذه الحالة، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
في كل علاقاتكم الاجتماعية لو كان الأخ المؤمن واعياً لدرجة أنه لا يقبل كلاماً عن فلان إلا بالدليل، أسمعت بأذنك منه؟ لا والله، أقرأت كتاباً له؟ لا، إذاً هذا الكلام مرفوض إلى أن يثبت الدليل على صحته، هكذا المؤمن، فكما عودناكم وكما تعودنا وكما هي حال العلماء الأجلاء لا فكرة تُلقى من دون دليل، فالإيمان بالجن مأخوذ من قوله تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)﴾
إذاً الجن ورد ذكرهم صراحة في القرآن الكريم.
علة تقديم الجن على الإنس والإنس على الجن في القرآن الكريم:
قال ربنا سبحانه وتعالى:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)﴾
إشارة لطيفة، لماذا قدّم الله سبحانه وتعالى الجن على الإنس في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ لأن خلق الجن سبق خلق الإنس، أما لماذا قدّم الله سبحانه وتعالى الجنّ على الإنس في هذه الآية الثانية؟ ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا﴾ لأن الجن أقدر من الإنس على خرق السماوات والأرض:
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)﴾
فلماذا هنا قدّم الله الإنس على الجن؟ لأن الإنس أقدر من الجن على صياغة الكلام، ما من تقديم، ما من تأخير، ما من حركة، ما من كلمة، ما من حرف، ما من ترتيب في كتاب الله إلا وينطوي على معنى دقيقٍ.
الإيمان بالجن من مستلزمات العقيدة الإسلامية:
قال العلماء: القرآن الكريم تَعرّض لذكر الجن فيه في أربعين آية، هذه الأربعون آية مجموعة في عشر سور، فالإيمان بالجن إذاً من مُسلّمات العقيدة الإسلامية، طبعاً أنا أُركز على كلمة الجن لأن هناك فِرقاً ضالة في شرقي آسيا تنفي وجود الجن، كما خصّص الله سبحانه وتعالى سورة كاملة ذكر فيها قصة نفرٍ منهم استمعوا للقرآن الكريم من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، طبعاً قصدت بالفرقة الضّالة التي تؤمن أن النبي عليه الصلاة والسلام ليس آخر الأنبياء، أي هذه الفرق ليست من الإسلام في شيء، في أقاصي شرقي آسيا موجودة ولها في أوروبا أيضاً نشاط تنفي أن يكون النبي آخر الأنبياء، بل إن هناك نبياً بعده، وتنفي أن يكون هناك جنّ وتفسر خاتم الأنبياء بأنه مُصدِّق الأنبياء وليس آخرهم، إلى ما هنالك، فالإيمان بالجن من مستلزمات العقيدة الإسلامية، هؤلاء الجن الذين استمعوا إلى القرآن الكريم من تلاوة النبي عليه الصلاة والسلام قال الله في هذا:
﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)﴾
إذاً فريق من الجن استمع للقرآن الكريم من فم النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا موقفه.
عقيدة الناس بالجن؛ يقول المؤلف: إن أكثر أهل الملل والنِحل وخصوصاً أتباع الأنبياء معتقدون بوجود الجن، باعتبار أن الأنبياء وهم صادقون بلا مِرْية قد أخبروا بوجودهم، ولا يتِمّ إيمان المؤمن بالله إلا بأن يُصدّق بجميع ما يخبر به رسوله، هذه نقطة دقيقة، أي أنت ليس لك خيار، هذا الحديث يعجبك، وهذا لا يعجبك، هذا الحديث تراه بعينك، هذا لا ترى آثاره، هذا الذي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ليس مؤمناً، وقد قرّع الله اليهود لأنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، فإذا آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم فكل الذي صحّ أنه قاله ما هو إلا وحي يوحى من عند الله سبحانه وتعالى.
من باب المنطق كيف نؤمن بوجود الجن؟ لدينا حالتان: إما أن نؤمن بوجودهم بحواسنا كما يؤمن أحدنا بوجود أخيه أمامه، يراه بعينه، يسمع صوته، يصافحه، حاسة اللمس، وحاسة السمع، وحاسة البصر، يسمع كلامه فيعي مضمونه، وإما أن يسلك في الإيمان بالجن مسلك الخبر الصادق، فنحن كما قلنا لابد من الخبر الصادق في الإيمان بموضوع الجن.
الجن كالملائكة ليسوا ملائكة، كالملائكة، لا نعرف من حقيقتهم إلا ما جاءنا عن طريق الخبر الصادق أي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأننا لا نتصل بهم عن طريق الحس اتصالاً يفيد العلم اليقيني حتى نعرف تكوينهم، وحسبنا أن نقتصر على ما وردت به النصوص.
1- هم صنف غير صنف الملائكة فهم مخلوقون من مارج من نار:
ما الذي جاءت به النصوص عن الإيمان بالجن؟
أنهم أولاً صنف غير صنف الملائكة، فهم مخلوقات سفلية وليسوا مخلوقات علوية، الملائكة مخلوقات علوية، بينما الجن مخلوقات سفلية، مخلوقون من مارجٍ من نار أي من أخلاط نارٍ صافية، وفي بيان عنصر خلقهم قال الله تعالى:
﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)﴾
وفي احتجاج إبليس على ربه حينما أمره بالسجود لآدم قال فيما يحكيه الله عنه في سورة الأعراف:
﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)﴾
فأولاً: الجن مخلوقون من النار، بدليل آيتين قرآنيتين.
ثانياً: إنهم مخلوقون قبل الإنس والدليل على ذلك قوله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)﴾
كل فكرة والدليل، وفي قصة أمر إبليس بالسجود لآدم واستكبار إبليس وقول الله في حقه:
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)﴾
دلالة واضحة على أن الجن مخلوقون قبل الإنس.
3- هم كالبشر يتناسلون ولهم ذرية:
شيء آخر؛ الملائكة لا يتناسلون كما قلنا، لا يتزاوجون، لا يتناكحون، لا يتناسلون، الجن عكس ذلك، فالجن يتناسلون ولهم ذرية، والدليل على ذلك؟ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾ إذاً الجن يتناكحون ويتناسلون ولهم ذرية.
وأقّر الله سبحانه وتعالى ما ذكره النفر من الجن الذين استمعوا القرآن من الرسول عليه الصلاة والسلام حين ذكروا أنّ للجن رجالاً، ومتى كان فيهم رجال ففيهم نساء، ذلك يقتضي التناسل، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)﴾
هذا دليل على أنهم يتناكحون ويتناسلون، منهم الرجال ومنهم الإناث.
4 - من شأنهم أنهم يروننا ولا نراهم:
من شأنهم أنهم يروننا من حيث لا نراهم، والدليل قوله تعالى:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)﴾
﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ﴾ على إبليس، على الشيطان.
5- هم مخلوقات قابلة للعلم والمعرفة وذات إرادة واختيار:
إذاً الجن صنف غير الملائكة، مخلوقون من نار، وأنهم مخلوقون قبل الإنس، وأنهم يتناسلون ولهم ذرية، وأنهم من شأنهم ألا نراهم، يروننا ولا نراهم، هناك شيء مهم جداً هؤلاء الجن مخلوقات قابلة للعلم والمعرفة، ذوو إرادة واختيار كالإنسان، فهم مكلفون مثلنا بالإيمان والعبادة، منهيون عن الكفر والعصيان، فكثير من خطابات التكليف والتحدي في القرآن الكريم يجمع الله فيها بين الجن والإنس، قال تعالى في سورة الذاريات: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ أي علّة خلق الإنس والجن العبادة، في أدق تعريفات العبادة طاعة تسبقها معرفة وتعقبها سعادة، لا عبادة بلا معرفة، ولا سعادة بلا عبادة، ولا عبادة بلا سعادة، أدق تعريفات العبادة أنها طاعة لله، انقياد كلي لأوامر الله، هذا الانقياد لا يكون إلا بعد معرفة الله:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)﴾
وإذا كان فلابد من أن يتبعه سعادة لا توصف، وقال تعالى:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)﴾
وقال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ .
6- الجن قسمان؛ مؤمن وكافر:
بالمناسبة، لأن الملائكة غير مكلفين بالأمانة، جميعاً عباد مُكْرَمون طائعون لله عز وجل، الملائكة جميعاً صنف واحد، لكن الجن قسمان، مؤمنون وكافرون، وهذا تابع لما منحهم الله به من إرادة واختيار، الذي اختار من الجن أن يكون مؤمناً آمن، والذي اختار أن يكون كافراً كفر، فبعضهم مؤمن وبعضهم كافر بحسب اختيارهم، فالكافرون من الجن هم الشياطين، أي حيثما وردت كلمة "شياطين" إذا ربنا قال:
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)﴾
أي الكفار من الإنس والكفار من الجن، أما إبليس فإبليس واحد، أما الشياطين فمن ذريته، إبليس هو الذي رفض أن يسجد لآدم، أي إبليس أصل الجن، هم جنود الشيطان الأول إبليس اللعين الذي كان أول من عصى أمر ربه من الجن، وأول من كفر بنعمة الله منهم، ما الدليل على أن هناك مؤمنين وكافرين؟ قال تعالى:
﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)﴾
إذا فريق من الجن آمنوا بالله: ﴿وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ وفي الآية الرابعة:
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)﴾
من سفيههم؟ إبليس اللعين، ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ أي أقرب المخلوقات للبشر الجن من حيث التكليف والاختيار والإرادة، وأنهم حملوا الأمانة، وأنهم مكلفون بالإيمان، منهم مؤمنون، منهم كفار، يتزاوجون، أقرب المخلوقات للإنس الجن:
﴿ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)﴾
هذا قول الجن، أحياناً يتصور أو يتوهم الإنسان أن كلمة قاسط أي إنسان عادل، لا، القاسط هو الظالم، والمُسقط هو العادل، سأل الحجاج مرة شخصاً رآه في الطريق قال له: من أنت؟ قال له: أنا فلان، قال له: أنا الحجاج فما قولك فيّ؟ قال له: أنت قاسط عادل، فقال الحجاج لأصحابه: هل تدرون ماذا قال لي؟ ظّنوه يمدحه، قال له: أنت قاسط عادل، قال لهم: قال لي: أنت ظالمٌ كافر، قالوا: كيف ذلك؟ قال:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)﴾
فالذي عدل عن الإيمان إلى الكفر فهو عادل، وأما قاسط: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ فلذلك هنا القاسطون أي الظالمون ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ .
7 - يحشرون يوم القيامة ويحاسبون على أعمالهم:
سابعاً: إن هؤلاء الجن يُحشرون يوم القيامة، ويحاسبون على أعمالهم، فيثابون ويعاقبون، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)﴾
وقال الله تعالى مُقرراً عقوبة الكافرين من الجن في سورة هود:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
هنا يوجد استنباط لطيف؛ لن تكون العقوبة إلا بعد مخالفة ناشئة عن تكليف، ولن يكون التكليف إلا بعد الاختيار، الإنسان مخير إذاً يُكلّف، يُخالف إذاً يعاقب، يوجد سلسلة.
8- لهم قدرات كبيرة ومهارات صناعية فائقة:
ثامناً: لهم قدرات كبيرة ومهارات خطيرة، فقد سخر الله لسليمان الجن يقومون له بأعمال البناء والغوص في البحار، والأعمال الصناعية الكبرى كالجفان الكبيرة، والقدور الراسية، والأعمال الفنية كالتماثيل والصور، وقد كانت جائزة ثم حُرِّمت في الإسلام إلى غير ذلك من أعمال كبيرة مختلفة، قال تعالى:
﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37)﴾
لهم قدرات كبيرة جداً، وقال تعالى حكاية لقول أحد الجن من جنود سليمان الذين سخرهم الله له، حين قال الجنيّ لسليمان: أنا آتيك بعرش بلقيس قبل أن تقوم من مقامك:
﴿ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)﴾
عرش ملكة بكامله ينتقل من اليمن إلى بيت المقدس قبل أن تقوم من مقامك، إنسان يجلس نصف ساعة يقوم ليقضي حاجة، يقوم ليأكل، قبل أن تقوم من مقامك، إذاً للجن قدرات كبيرة جداً، قال تعالى:
﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)﴾
9- كانوا قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام:
تاسعاً: إنهم كانوا قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يسترقون السمع من أفواه الملائكة من السماء، الملائكة في السماء موكلون بأعمال كبيرة جداً مرت بنا في الدرس الماضي، فكان هؤلاء الجن يسترقون السمع من أفواه الملائكة في السماء وينقلونها إلى قرنائهم من الإنس في الأرض، وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال: كان الجن يقصدون السماء في الفترة بين عيسى ومحمد فيستمعون أخبار السماء ويُلقونها إلى الكهنة، فلما بعث الله محمداً عليه الصلاة والسلام حُرست السماء، وحيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت الشهب عليهم، ما الدليل؟
﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)﴾
أي كان الجن يسترقون السمع، ويتلقفون بعض الأخبار التي تعني أهل الأرض من الملائكة، فإذا ألقاها هؤلاء للكهان توهم الناس أن الكهان يعلمون الغيب، مثلاً: إذا كنت جالساً في بيت، ووجدت ورقة على الطاولة لصاحب البيت أن هناك موعداً في الساعة الخامسة سيأتي فلان لعندي، على مفكرته، خرج من الغرفة، وجدت هناك مفكرة على الطاولة قلبتها وجدت يوجد موعد الساعة الخامسة، الساعة الآن الرابعة، جلست، هناك أشخاص كثيرون قاعدون في الغرفة الساعة الخامسة طُرق الباب فقلت لواحد: أنا أعلم من بالباب، فلان، قال لك: كيف علمت؟ قال: أنا أعلم، الآن ترى، فلما فُتِح الباب دخل فلان، هذا إذا كان ساذجاً توهم أنك تعلم الغيب، لكنك استرقت من هذه المفكرة التي على الطاولة هذا الموعد، وعرفت اسم الذي سيطرق الباب الساعة الخامسة، فلما طُرق الباب قُلت: فلان بالباب، هذا ليس من علم الغيب في شيء، إنما هو استراق للسمع.
فيبدو من خلال هذه الآية أن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء، ويسترقون السمع، ويتلقفون بعض أخبار أهل الأرض من الملائكة فيلقونها في آذان الكهان الذين يتعاونون معهم على إضلال البشر، لذلك الكاهن يتوهم الساذج المُغفل غير الديّن أنه يعلم الغيب، فلما جاءت بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ضُرب حصارٌ على الجن لئلا يُتَقوّل عليه الأقاويل، ولئلا يتوهم أتباع النبي عليه الصلاة والسلام أن الجنّ لهم علاقة بموضوع الرسالة، قال تعالى: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا*وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ كما تلاحظون ليس هناك فكرة تُقال إلا مدعومة بآية أو حديث.
10- هم يأكلون أكلاً لا نعلم كيفيته ولا ماهيته:
عاشراً: إنهم يأكلون أكلاً لا نعلم كيفيته، ولا ماهيته، وإن الله قد جعل زادهم في العظام وغيرها، كما جاء في بعض الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
11- الجن لهم قدرة على التشكل بالأشكال الجسمية:
الجن لهم قدرة على التشكل بالأشكال الجسمية التي يمكن أن نراها بحسب استعداداتنا البشرية، فقد جاء في طائفة من الأخبار أن ظهور الجن أحياناً بشكل غير اعتيادي يتشكل بشكل أو بآخر ورد في هذا بعض الأخبار.
الموضوع المهم الذي يعني جميع المؤمنين، ما علاقة الجن بنا؟ هذه صفاتهم، آمنا بوجودهم وعرفنا صفاتهم، لكن هل للجن تأثير علينا؟ هذا أكبر سؤال، وإنّ مثل هذا السؤال يأتيني مراراً وتكراراً، فلان مسحور، فلان يخاوي الجن، فلان سنأخذه إلى هذا الشيخ ليفكّ عنه السحر، هذا الكلام الطويل المعقد الذي أضلّ الناس وضلوا به إن شاء الله سيُخصص له درس كامل في الدرس التالي.
هل للجن تأثير على الإنس؟ هل للشياطين سلطان على الإنس في عقائدهم وإرادتهم وأعمالهم؟ هل يُلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً؟ هل يعلم الجن الغيب؟ لا يوجد موضوع يثير حماس الناس وفضولهم وشغفهم كعلاقتنا بالجن، لأن الإنسان الساذج كلما ارتكب معصية يقول لك: الله يلعن إبليس، لماذا؟ لا دخل له، العن نفسك لا تلعن إبليس، إذا كان لإبليس سلطان عليك معك الحق بهذه اللعنة، فإن لم يكن له عليك سلطان فهذا اللعن لا معنى له، أنت المقصر، أنت العاصي، فلذلك موضوع علاقة الجن بالإنس، علاقتهم بأمر الغيب، هل لهم تأثير على أجسامنا؟ هل لهم سلطان على إرادتنا؟ على أعمالنا؟ على أقوالنا؟ هل يتعاون الجن مع الإنس؟ هل كل من يتعاون معهم فاسق أو كافر أم هناك أناس طيبون يتعاونون؟ هذا كله سأجيب عنه إن شاء الله تعالى بشكل مفصل في الدرس القادم ليكون هذا الدرس حاسماً في ردّ كل الشبهات، والافتراءات، والظنون، والأخيلة، والأوهام، والخرافات التي تستأثر على عقل الناس، وتجعلهم يعتقدون بالله اعتقاداً فاسداً يثبط عزائمهم ويصرفهم عن طريق الحق.
المشكلة إياكم أن تظنوا أنها صغيرة، قد تجد مثقفاً يقول لك: والله زارني شخص يحمل شهادة عليا قال لي: أنا مسحور أريد أن أذهب لأفك السحر عند فلان، ما هذا الكلام يا أخي؟ هناك حالات مثقف ودارس يقول لك: فلان سحروه، فلان يفكون له السحر، فلان الجن تعاونه، في ضرب مندل، أحياناً شخص يفقد شيء يعمل مندلاً، هذه عليها قصة، في الدرس القادم إن شاء الله، موضوع المندل، موضوع هذه مخاوية، وهذه متزوجة جني، هذه المعلومات كلها لا يوجد بيت، لا يوجد أسرة، لا يوجد شخص إلا ويحمل ركاماً، قصص كثيرة من هذه القصص، إما أنه معطل فكره أو إنه مصدقها أو مكذبها من دون بينة، يا أخي شاهدته بعيني، على كل هذا إن شاء الله تعالى لأهميته أنا جعلت القسم الأول من الجن مع موضوعات سهلة جداً، أي صفاتهم وردت فيها آيات صريحة واضحة كالشمس، لكن علاقتهم بنا موضوع خطير جداً، هذا الدرس القادم إن شاء الله تعالى يكون رداً حاسماً على كل تساؤل، أحياناً شخص يأتيني من مدينة أو من قرية بعيدة عن دمشق ليسألني هذا السؤال: إن فلاناً سحروه يا أخي، فلان سُحِر، كيف نفعل؟ أنفك عنه السحر عند بعض المشايخ؟ يسمونهم أيضاً مشايخ، هذا خطر كبير، يسمون من يتعامل مع الجن لإضلال البشر شيخاً أيضاً، الشيخ الفلاني مخاوٍ، مخاوٍ أي يتعامل مع الجن على إضلال البشر.
الملف مدقق