الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين، كنا يا أخوة، بفضل الله عز وجل قد تحدثنا في الحلقات الماضية عن ستة من المدود التسعة، التي لا غنى لقارئ القرآن الكريم عن معرفتها ونذكِّر بها فنقول: هي المد الطبيعي، ومد البدل، ومد العوض، والمد المنفصل، والمد المتصل، ومد الصلة، تكلمنا على هذه الستة.
واليوم بإذنه تعالى، نتكلم على المد السابع وهو المدود التسعة، وهو المد اللازم، المد اللازم، يا أخوة، أمره سهل كل ما في الأمر أن يأتي حرف المد وبعده حرف ساكن سكونا أصلياً، ونعني بالسكون الأصلي، أن يكون الحرف ساكناً في الوصل وساكناً في الوقف، يعني يأتي حرف المد وبعده حرف ساكن، هذا الساكن، إن وصلنا الكلمة بما بعدها يبقى ساكناً وإن وقفنا على هذه الكلمة يبقى ساكناً، هذا ما نعنيه بكلمة السكون الأصلي.
مثلاً سيدي نقول تعلمونَ في الوصل، لكن إذا وقفنا لا نقول تعملونَ، بل نقول تعملونْ، فهذه النون لما سكنت، سكنت فقط في حالة الوقف، فلا يسمى سكوناً، لأمر عارض وهو الوقف، ولا يسمى سكونها سكوناً أصلياً.
 المد اللازم يأتي حرف المد وبعده حرف ساكن، لكن هذا السكون دائم سواء وصلنا أو وقفنا، المثال يوضح ذلك، مثلاً في سورة الفاتحة كلنا يقرأه، قوله تعالى: (والضالِّين)، (والضا)، هل رأيتم هذه الألف، (ضا)، هذه ألف قبلها مفتوح، إذاً حرف مد، وجاء بعده لام مشددة، ونحن نعلم أن الحرف المشدد حقيقته حرفان حرف ساكن وبعده حرف متحرك، يعني اللام في كلمة ( الضالِّين )، هي في الحقيقة لامان لامٌ ساكنة، وبعدها لام مكسورة، فالألف في قوله تعالى: (والضالِّين)، جاءت بعدها اللام الساكنة إذاً تحقق الشرط فهذا المد لا بد من تطويله، وقد أجمع العلماء فيما نقلوه عن رسول الله صلى اله عليه وسلم على مده مداً طويلاً مشبعاً بمقدار ست حركات، إذاً هذا المد سماه العلماء المد اللازم، لأنه لازم أن يمد، أجمعوا كلهم على مده وأجمعوا على مقدار، تذكرون يا اخوة، في درس قبل سابق تكلمنا عن المد المتصل وقلنا بأن المد المتصل يسمى المد الواجب، لأن القراء نقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوب مده، لكنهم لم يروه عنه صلى الله عليه وسلم على مقدار واحد، إذاً يجب أن يطول المتصل ولكن يطول بمقادير مختلفة بحسب ما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما هذا المد فإنهم نقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تطويله ونقلوا عنه مقداراً واحداً، مداً طويلاً:

﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

[ سورة الفاتحة: 7 ]

 مثال آخر:

﴿ الطَّامَّةُ ﴾

[ سورة النازعات: 34]

مثال آخر:

﴿ الْحَاقَّةُ ﴾

[ سورة الحاقة: 1]

 أيضاً، نلاحظ بأن هذه الألفات جاء بعدها حرف ساكن مشدد، قد يكون الحرف الساكن غير مشدد، مثل قوله تعالى:

﴿ أَالْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ ﴾

[ سورة يونس:: 91]

لاحظوا،

﴿ أَالْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ ﴾

 ، لاحظوا، (ا)، حرف مد وهو ألف ساكنة مفتوح ما قبلها، وبعدها لام ساكنة غير مشددة، ولم يأت المد اللازم الذي بعده سكون غير مشدد إلا في هذه الكلمة على رواية حفص عن عاصم،

﴿ أَالْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ ﴾

 ، وقد يكون هذا المد في حرف من الحروف المقطعة التي ابتدأ الله عز وجل بها بعض السور كقوله تعالى:

﴿ يس ﴾

[ سورة يس:: 1]

 لاحظوا حرف السين، عند نطقنا لهذا الحرف ننطق ثلاثة أحرف سين مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها نون ساكنة، وهذه النون الساكنة سواء وقفنا على كلمة ( يس ) أوصلناها بقوله تعالى:

﴿ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾

[ سورة يس:: 2]

 إذاً هنا مد لا بد من تطويله بمقدار ست حركات وهو مد لازم، نستطيع أن نرى على الشاشة بعد قليل تعريف المد اللازم، وبعض الأمثلة على ذلك المد، فلذلك قال العلماء رحمهم الله، المد اللازم هو أن يأتي حرف المد وبعده حرف ساكن سكونا أصلياً في الكلمة نفسها، نحو ( الطامَّة، أَالْآنَ، والضالِّين، ن) من قوله تعالى:

﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾

[ سورة القلم:: 1]

وتقرأ: نون، الميم من ( حم )، نلاحظ بأن الحاء مددناها بمقدار حركتين فقط، لأنه مد طبيعي بينما ( ميم )، مددناها ست حركات لأننا نطقنا ميما مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها ميم ساكنة، ونلاحظ على الشاشة مقدار المد اللازم، ويمد اللازم بمقدار ست حركات لكل القراء.
 كل القراء حفص وغيره اجمعوا على هذا المد هذا المد مداً طويلاً، علماءنا جزاهم الله خيراً، من باب تسهيل تقسيم المادة العلمية، قسموا المد اللازم إلى نوعين قالوا: المد اللازم إلى نوعين قالوا المد اللازم يأتي في القرآن إما في كلمة مثل ( الطامَّة )، وإما في حرف من الحروف المقطعة، يعني في حرف فقالوا المد اللازم إما كلمي، وإما حرفي ثم إن كل واحد من هاذين، الكلمي والحرفي، قد يكون الحرف الساكن الذي بعد حرف المد ساكناً فقط، وقد يكون ساكناً مشدداً، فقالوا: المد اللازم الكلمي قد يكون مخففاً مثل قوله تعالى:

﴿أَالْآنَ ﴾

، لاحظوا اللام، أَالْآنَ، ليست مشددة، وقد يكون مثقلاً، مثقلاً يعني مشدداً، إذا سمعتم كلمة مثقل يعني مشدد مثل ( والضالِّين )، وإن كان حرفياً أيضاً يقسم إلى قسمين، إما أن يكون مخففاً كما مر معنا ( نون )، ( صاد )، وإما أن يكون مثقلاً كاللام من قوله تعالى: (الم) لاحظوا ألف لا مد فيها بينما ( لام )، تتألف من لام مفتوحة بعدها ألف بعدها ميم ساكنة وبعدها في النطق ميم، ميم تتألف من ثلاثة أحرف ميم مكسورة، بعدها ياء ساكنة، بعد ميم ساكنة، ( لام )، آخرها ميم ساكنة وميم أولها ميم مكسورة، فندغم الميم الساكنة في الميم المتحركة، كما مر معنا في بحث سابق عن إدغام الحرفين المتماثلين إذا التقيا، والأول ساكن فينشأ مد لازم حرفي ولكنه مثقل، هل يختلف المثقل عن المخفف والكلمي عن الحرفي من حيث الطول والقصر؟ أبداً، قلت لكم في بداية الحديث المد اللازم بكل أنواعه ست حركات، لكن من باب سهولة التقسيم للدرس قسمه علماءنا إلى هذه الأقسام الأربعة.
 نلاحظ على الشاشة هذا التقسيم الذي ذكرناه من تقسيم المد اللازم إلى قسمين، كلمي، وحرفي، نلاحظ على الشاشة أنواع المد اللازم، إما أن يكون المد كلمياً، وإما أن يكون حرفياً، وكل منهما إما أن يكون مخففاً وإما أن يكون مثقلاً، مثال اللازم الكلمي المخفف (أَالْآنَ)، ومثال اللازم الكلمي المثقل ( والضالِّين )، ومثال اللازم الحرفي المخفف ( صاد )، ومثال اللازم الحرفي المثقل لام من، (ألم )، يعني ألم يا أخوة، ألف لا مد فيها، ولام مد لازم حرفي مثقل، وميم مد لازم حرفي مخفف.
 إنشاء الله تعالى سوف نتكلم في الحلقة القادمة، طالما نتحدث عن الحروف المقطعة، سوف نفرد الحلقة القادمة بإذنه تعالى، للحديث عن الأحرف المقطعة التي ابتدأ الله عز وجل بها بعض السور والذي بعض الأخوة يعاني منها من صعوبات في النطق، ولا يدري كيف تقرأ، كقوله تعالى: (ا لا م ص)، (ك ه ي ع ص ) إلى آخره من تلك الحروف نفرد لها الحلقة القادمة بإذنه تعالى، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.