الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
عقد الزواج هو أقدس عقد على الإطلاق:
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الثالث من دروس سورة النساء، ومع الآية الرابعة، وهي قوله تعالى:
﴿ وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٍ مِّنۡهُ نَفۡسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا(4)﴾
أيها الإخوة الكرام، إن أقدس عقد على وجه الأرض عقد الزواج، لأن الله سبحانه وتعالى حينما خلق الذكر والأنثى جعل العلاقة بينهما من خلال الزواج فقط، وليس ثمة علاقة أخرى، علاقة الذكر بالأنثى علاقة زواج، لا علاقة صداقة، ولا علاقة مخادنة، ولا علاقة عشق، ولا علاقة تسلية، هناك عشرات العلاقات الآن في جاهلية القرن العشرين، علاقات بين الذكر والأنثى لا على أساس الزواج، على أساس التسلية أحياناً، أو على أساس الحب، على أُسسٍ ما أنزل الله بها من سلطان، لأن القناة الوحيدة النظيفة في العلاقة بين الجنسين هي الزواج، إذاً عقد الزواج هو أقدس عقد على الإطلاق.
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)﴾
ما يُتاح للزوج أن يرى من زوجته لا يتاح لأقرب الناس إليها، لا أبوها، ولا أخوها، ولا ابنها، ولا أي إنسان آخر يُتاح له من امرأةٍ ما يُتاح للزوج من زوجته، بل إن بعض العلماء، وهذا رأي الجمهور أن الزواج إن لم يكن على التأبيد فهو زنى، لأن الزواج المؤقت فيه غش للمرأة، يمكن أن تطلق لأسباب يقبلها الله منك، لكن حينما تعقد العقد، وفي نيتك أن يكون الطلاق بعد حين هذا خداع، وهذا غش للمرأة، لكن حالة العالم اليوم لا تُصدَّق، أحد الإحصاءات في أمريكا أن تسعين بالمئة من حالات الزواج من غير عقد، ولا اتفاق، ولا ورق، ولا تسجيل، إنما هي مساكنة تُستغَل كزوجة، وتُلفَظ في أية لحظة، وتُركَل بالقدم في أي ثانية، فوضى، لذلك الانهيار في المجتمعات الغربية ليس له حدود، لكننا ولله الحمد مع بقية الدين التي أنعم الله بها علينا، مع بقية الوفاء، بقية الحياء، ينعم العالم الإسلامي بأسر متماسكة في الأعم الأغلب، وكلما قلد الغرب انحلت هذه الأواصر.
يقاس تماسك المجتمع وقوته بتماسك أسره:
حدثني أخ قاضٍ شرعي أن نسب الطلاق في بلاد المسلمين تقل عن خمسة عشرة بالألف، بينما في بعض البلاد تزيد على خمسة وستين في المئة، نسب الخيانة الزوجية في بعض البلاد تزيد على سبعين في المئة من حالات الزواج، فالمجتمع يُقاس تماسكه وقوته بتماسك أسره، يعني شاءت حكمة الله أن يكون هذا المجتمع، هذا الصرح الكبير مؤلف من خلايا، الأسرة هي الخلية لذلك أي نظام يرعى الأسرة، ويقويها، ويدعمها ويزيل العقبات أمام إنشائها هو نظام يسهم في تقوية المجتمع، وأي نظام يسهم في تحلل الأسرة، وفي تفككها، وفي انحرافها هو نظام يهدِّم المجتمع،
وكأنني سمعت أن أقوى رئيس بلد في العالم قال: هناك خمسة أخطار تهدد أمريكا، قبل سنوات؛ أحدها، أنا تصورتُ أن تكون الصين أكبر تجمع بشري في الأرض، تصورت الاتحاد الأوربي، إنه تفكك الأسرة، إن أكبر خطر يهدد أمريكا تفكك الأسرة، لذلك لا زلنا بخير، لا زالت أُسَرنا بخير هذه بقية الدين، لأن هذه الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، تماماً كالحجر في حائط كبير، فكلما تضعضعت أحجار الأساس انهار البناء.
لذلك أيها الإخوة، وأنا أقول لكم بكل وضوح: إن العالم الغربي يسعى لا إلى أن ينتصر علينا عسكرياً، هذه قد تتم له أحياناً، ولكن يسعى إلى أن ينتصر علينا ثقافياً، بمعنى أن يهدم قواعد الأسرة المبنية على الشرع، لعلي ذكرت هذا من قبل، لكن لا بأس أن أعيده عليكم.
سفير أقوى بلد في العالم من تقاليد تعيينه كسفير أن يقام حفل في وزارة الخارجية، يحضره وزير الخارجية، ويعطيه أوراق اعتماده التي سوف يقدمها إلى رئيس البلد الذي يذهب إليه، هذا السفير معين في بوخارست في رومانيا، ومن تقاليد هذا البلد أن كل احتفال لا بد أن تكون الزوجة مع زوجها إلى جانبه، لتشهد أيامه العظيمة، هذا السفير وفي وزارة الخارجية، وفي وجود وزير الخارجية يأتي إلى الحفل مع شريكه الجنسي، ليس مع امرأته، لكن مع شريك جنسي، فحينما يصل المجتمع إلى هذا المستوى فاقرأ على الحضارة السلام، هي قوية جداً، لكنها في ميزان القيم في الوحل والحضيض، وحينما قال الله عز وجل:
﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)﴾
أي أنه لن تؤمن بالله قبل أن تكفر بالكفر، وما دامت جهة قوية طاغية في موضع احترام من قِبَل المسلمين فالطريق إلى الله ليست سالكة.
أي انحراف عن وحي السماء له آثار خطيرة لا يعلمها إلا الله:
لذلك أيها الإخوة، قواعد الزواج التي جاء بها الشرع مهمة جداً، وكما قلت قبل قليل العالم الغربي بدأ يحارب المسلمين لا بالأسلحة الفتاكة، بل بأن يفرض على المسلمين أنظمةً في الأحوال الشخصية، كأن يقول، وهذا الكلام أنا عندي موثق، هذا الكلام هو توصيات مؤتمرَي السكان اللذَين عُقِد أحدهما في القاهرة والثاني في بكين، والقرارات والتوصيات ارتقت إلى مستوى الإلزام، وأي بلد لا ينفذ هذه التوصيات تنتظره عقوبات قاسية جداً، أن يكون الزواج شيئاً، والعلاقة الجنسية شيئاً، والإنجاب شيئاً آخر، تزوج امرأةً، ولك علاقة مع امرأة، وتنجب من امرأة، وأن تكون الزوجة في حِلٍّ من أن تساكن زوجها، أو أن تنصاع لأمره، لها أن تسافر متى شاءت من دون إذنه، ولها أن تعمل أي عمل من دون إذنه، وأن يُسمَح بالإجهاض الآمن كما يقولون، وأن يُمنَع الزواج قبل سن الثلاثين، وأن يُسمَح لمن دون هذا السن بعلاقات تحت سمع الآباء وبصرهم، والحديث طويل حول هذا، ونحن بخير والحمد لله، رُفِضت هذه التوصيات جملةً وتفصيلاً، لأنها تتناقض مع أصل ديننا، فنحن معنا وحي السماء، نحن معنا تشريع خالق الأرض والسماء
نحن معنا كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأي انحراف عن وحي السماء فهناك آثار خطيرة لا يعلمها إلا الله، في بلد كالصين مُنِع الإنسان من إنجاب أكثر من ولد واحد، بقانون فيما أظن مطبق قبل سنوات ليس أكثر، ما هي نتائج هذا القانون، أن كل أسرة تنجب بنتاً تُخنَق إلى أن يأتيها الذكر فتسجله، قرأت خبراً موثقاً أن خمسين مليون شاب لا يجدون فتيات يتزوجونهن، لذلك نشأت هناك عصابات لخطف الفتيات في سن الزواج، لما حددنا إنجاب طفل واحد لهذه الأسرة اختل توازن المجتمع.
لذلك أيها الإخوة، حينما أمرنا الزوج أن يدفع لزوجته نصف ممتلكاته تهرب معظم الأزواج من تسجيل عقود القِران، مساكنة فقط، ليس معها وثيقة إطلاقاً، والشيء العجيب أن أي تغيير بمنهج الله نحصد نتيجته سلبيات لا تعقل.
ذكر لي أخ كريم من بلد في شمالي إفريقيا: صدر قرار بتقليد الغرب بمنح المرأة نصف أملاك زوجها عند الطلاق، قال لي أخ كريم ابنته هناك: إن سوق الزواج قد بار، فصار والد الفتاة يقدم لخاطب ابنته وصْل أمانة بمبلغ فلكي، إن طالبناك بنصف أملاكك طالبنا بهذا السند، حتى يستمر الزواج.
إن كنت حريصاً على سلامتك وسعادتك فينبغي أن تأتمر بأمر الخبير:
يا أيها الإخوة، هذه الأنظمة، أو هذه الأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن، وبيّنها النبي العدنان ليست من صنع بشر، إنها من عند خالق البشر، من عند الخبير، قال تعالى:
﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍۢ (14)﴾
هو الخبير، وأنت حينما تمتلك آلةً بالغة التعقيد، غالية الثمن، عظيمة النفع، وتصاب بخلل، ماذا تفعل؟ لك جار يبيع الخضراوات، وهو طيب جداً هل تدفع إليه هذه الآلة؟ طيبة نفسه شيء، وخبرته شيء آخر، لا تدفعها إلّا إلى وكالة البيع، حيث الخبراء من قبل الشركات المصنعة، إذاً إن كنت حريصاً على سلامتك وعلى سعادتك فينبغي أن تأتمر بأمر الخبير، فالله هو الخبير، وهو الصانع الحكيم، والجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تُتَّبع تعليماتها، هذه مقدمة.
نحن معنا تعليمات الخالق، تعليمات الصانع، معنا تعليمات الخبير، والخبير ينبغي أن يطاع، ولأن الله كان من الممكن أن يأتي بالناس جميعاً إلى الدنيا دفعة واحدة، وأن يأخذهم منها دُفعة واحدة، إذاً ليس ثمة يُتم، ولكن شاءت حكمة الله أن نأتيها تِباعاً، وأن نغادرها تباعاً، ما دام الأمر هكذا إذاً من الممكن أن يغادر الأب الدنيا وأولاده صغار.
عناية الأبناء بالآباء تكليف وليس بطبعٍ بينما عناية الآباء بالأبناء طبع:
إذاً هناك مشكلة أن أكبر داعم للطفل هو الأب، والعرب إن أرادت أن تسب إنساناً تقول له: لا أبا لك، أكبر داعم للطفل هو الأب، لأن الله أودع فيه حب أولاده والرغبة في تربيتهم وتنشئتهم، لذلك هذا طبع لا تكليف، وهل يُعقل أن يصدر مرسوم تشريعي يلزم الناس أن يتناولوا الطعام؟ مستحيل، لأن تناول الطعام طبع، لذلك أوصى الله عز وجل الأولاد بالآباء، لأن عناية الأبناء بالآباء تكليف، وليس بطبعٍ، بينما عناية الآباء بالأبناء طبع،
فحينما يحرص الأب على إطعام ابنه، وعلى إكسائه، وعلى نومه نوماً مريحاً، أنا لا أقول ليس له أجر، أقول أجره ضعيف جداً، لأن هذا من طبعه، هذه رحمة ليست كسبية، إنما هي وهبية، متى يؤجر؟ إذا حرص على دين ابنه، إذا حرص على أخلاقه، إذا حرص على أن يدخل الجنة، إذا كان سبباً في دخول الجنة، أقول لكم هذه الحقيقة أيها الإخوة، لو أن أباً عارضَ ابنه في سعيه لطلب الله عز وجل، لو أن أباً لم يرضَ لابنه أن يكون متديناً، ثم صار ابنه من كبار علماء الدنيا فلا أجر له، لأن هذا الأب ما أراد لهذا الابن أن يكون كذلك، فإن كان كذلك فليس له أجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إِنَّما الْأعمَالُ بِالنِّيَّات. ))
فالأب الذي يتمنى أن يكون ابنه صالحاً مؤمناً ولياً لله عز وجل، وكان ابنه كذلك فله أجر كبير، فإذاً لأن الناس يأتون إلى الدنيا تباعاً، ويغادرونها تباعاً نشأت حالة الموت، ومع الموت اليُتم، ومع اليتم الترمُّل، هذه ظاهرة في العالم كله، كتشريع لهذه الظاهرة يقول الله عز وجل: ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ طبعاً في الدرس الماضي قال الله عز وجل:
﴿ وَءَاتُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰٓ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ ٱلۡخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِۖ وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَهُمۡ إِلَىٰٓ أَمۡوَٰلِكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا(2)﴾
الآن كتشريع آخر متعلق بالزواج، عقد الزواج أقدس عقدٍ على الإطلاق، وأن الله سبحانه وتعالى أوجبَ للمرأة مهراً، وهذا المهر نحله اللهُ المرأةَ، هذا الحق نِحْلَةً من الله، لذلك أمر الأزواج أن يؤتوا نساءهم صدُقاتهن، يقول الله عز وجل: ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ الصدُقات هي المهور، وأي عقد زواج ليس فيه مهر هو عقد فاسد، لكن العقد الفاسد شيء والعقد الباطل شيء أخر.
العقد الباطل والعقد الفاسد:
العقد الباطل لا يُصحَّح، بينما العقد الفاسد يُصحَّح، يصحح بمهر المثل:
﴿ قَالَ إِنِّىٓ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَٰتَيْنِ عَلَىٰٓ أَن تَأْجُرَنِى ثَمَٰنِىَ حِجَجٍۢ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ(27)﴾
هذا الإيجاب: ﴿عَلَىٰٓ أَن تَأْجُرَنِى﴾
المهر: ﴿ثَمَٰنِىَ حِجَجٍۢ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ هذا الموقف الكامل من أولياء الفتيات، فسيدنا موسى رد عليه فقال:
﴿ قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ ۖ أَيَّمَا ٱلْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَٰنَ عَلَىَّ ۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ(28)﴾
قبلت: ﴿أَيَّمَا ٱلْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَٰنَ عَلَىَّ ۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ إذاً لا بد من إيجاب وقَبول ومَهر وشاهدَين، هذا هو عقد الزواج.
ضرورة المهر لأن الله فرضه وأمر به:
من أحد شروط الزواج تسمية المهر ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ الذي يحصل أنك إذا تزوجت امرأة من دون مهر، أو بمهر رمزي جداً كدرهم فضة تصبح الزوجة هينة على زوجها، لأتفه سبب يطلقها، أما إذا كان ثمة مهر معقول، فالمهر يجعله يفكر في قضية الطلاق، المهر يجعله يحسب حسابه، ويراجع نفسه، هناك مبلغ مئتا ألف مثلاً ينبغي أن تُدفَع، أنا لست مع مغالاة المهور، لأن أعظم النساء بركةً أقلهن مهراً، ولست مع إلغاء المهور، إلغاء المهور تطرُّف، ومهور بالملايين الكثيرة أيضاً تطرُّف، لكن مع المهر المعتدل، مع المهر الذي تُقِرُّه العادات الإسلامية، فالمهر ضروري، ولأن الله فرضه، ولأن الله أمر به ولأن الله أمر الأزواج أن يقدموه لزوجاتهم: ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ أي؛ عطاء من الله، وقال بعض المفسرين: نِحْلة أي أن تدفع مهرها إليها عن طيب نفس دون أن تفكر في استرداده.
أذكر قصةً لعلها مناسبة في هذا المقام، خطب شاب فتاةً أعجبه حُسْنها، ولم يعجبه دينها، متمسكة، فلما انتقلت إلى بيته كانت عقبةً أمام رغباته ونزواته، لم تقبل أن تكون مع أصدقائه، ولا أن تسهر معهم، ولا أن تجلس بينهم، هو يفكر بخلاف ذلك، يريدها زوجةً عصريةً، متفلّتة، أعجبَه حُسْنها، ولم يعجبه دينها، ومهرها كبير جداً، فخططت له أمه أن يضايقها مضايقةً لا تُحتَمل حتى تجود له بمهرها، والذي توقعت حصل، فضايقها، وضربها، وأهانها، وغاب عنها كثيراً، وجعلها تجوع وتعرى، إلى أن طلبت منه المخالعة دون أن تأخذ منه شيئاً، وكل هذا بتخطيط الأم، وكان الأب يستنكر ذلك، حدثني أخ كريم هذه القصة، لأنه يعرف الأطراف كلها، عندئذٍ خلعها ولم يعطِها شيئاً، ثم تزوج فتاةً كما يتمنى، وصارت معظم تندّراته بين أصدقائه كلما نجا من مشكلة يقول: نجونا من هذه المشكلة كما نجونا من مهر فلانة، وفي مرة كان يركب مركبته من مكان إلى مكان، ولحكمة بالغة ركبت زوجته إلى جنبه، وأمه خلفه، وأبوه خلف زوجته، وكلما مشى بين مركبتين يحذره أبوه أن يبطئ من سرعته يقول له: نجونا كما نجونا من مهر فلانة، وفي مكان ما قرب دمشق لم ينجُ فدخل بين مركبتين فشُقَّ نصفين، وأمه كذلك، ونجت الزوجة والأب الذي كان ينكر عليه فعله، هذا الذي يستهين بحقوق المرأة يجب أن يعلم أن الله كبير، وأنه سينتقم، يقول الله عز وجل:
﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ لذلك ورد في بعض الأحاديث أنه:
(( أيُّما رجلٍ تَزَوَّجَ امرأةً على ما قَلَّ مِنَ المَهْرِ أوْ كَثُرَ، ليس في نفسِهِ أنْ يُؤَدِّيَ إليها حقَّها؛ خَدَعَها، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقَّها؛ لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهوَ زَانٍ. ))
نِحْلَةً؛ منحة من الله، إذاً أنت كمؤمن ينبغي أن تنفذ، ونحلةً؛ أن تطيب نفسك بدفع هذا المهر، خرج من نفسك، ونِحلةً؛ ألاّ تنوي استرداده، فأناس كثيرون إذا فُرِض عليهم مهر كبير، يقول لك: اكتب، عندي الحل، الحل يضايقها، يهددها بالطلاق، إلى أن تتنازل له عن مهرها، فلذلك نِحلةً؛ أن تعطيه إياها طيّبةٌ نفسك، أن تعطيه إياها دون أن تنوي استرداده، أن تعطيه إياها لأن الله في عليائه فرضه لها، وأنت بهذا تُذعِن لأمر الله عز وجل.
المرأة تمتلك مهرها ولها أن تتصرف به إلا في حالات نادرة طبعاً:
لماذا قال الله قبل قليل:
﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰٓ أَلَّا تَعُولُواْ(3)﴾
يعني عندك يتيمة، وأنت وليّها، وأمرُها بيدك، وأنت وكيلها، لماذا أرشدك الله إلى عدم الزواج منها، بل أن تتزوج ما طاب لك من النساء؟ لِئلّا تظلمها في مهرها، هي لن تطالبك، تستحي منك، أنت وليّ نعمتها، فإذا خفت ألا تُقسِط في اليتامى فانكح غير اليتامى لذلك: ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ﴾ لكن هؤلاء النساء حينما يكرمها الله بزوج وفيّ، بزوج مؤمن، بزوج كريم يرعاها، ويحترم مشاعرها، ويحترم إنسانيتها، ويؤدي لها حقوقها، ويعطيها ما تستحق هي تحبه حباً جمّاً، فإن كان في ضائقة مالية، وقدمت له بعض مهرها قال: ﴿فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٍ مِّنۡهُ نَفۡسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا﴾ إذا قالت لك زوجتك: خذ هذه الإسوارة، وبعها، وانتفع بثمنها، وهي صادقة ومحبة، وأنت كل حياتها، وأنت كل أملها في الحياة، فلا مانع أبداً، لكن أن تُكرِهها إذا ورثت، إذا لم تعطِني أطلقك، لا، هذا إكراه، بالمناسبة من عظمة هذا الشرع أن المرأة تمتلك مهرها، ولها أن تتصرف به، وهي صاحبة القرار فيه، إلا في حالات نادرة طبعاً، لو أنها أرادت أن تتَّجِر به ببضاعة محرمة فلك أن تمنعها، أو بطريقة مُحرَّمة، أن تهرّب مثلاً، لك أن تمنعها، لأن هذا قد يصيبها بالأذى، أنت العاقل، أنت صاحب الرؤية، نساء كثيرات يتَّجِرْنَ بمادة محرمة أحياناً، هي بعيدة عن جو الأسواق، يقول لك: الربح عالٍ، لكن هذا فندق، خمس نجوم، فيه موبقات، وخمر، فلك أن تمنعها إذا أساءت التصرف بمالها، أما إنْ لم تُسِئ التصرف بمالها فهي حرة في أن تدير أموالها، وهذا الحق لم تكن تحظى به امرأة في العالم القديم، الإسلام وحده هو الذي أعطاها ذلك الحق، بل إن المرأة في بعض البلدان القديمة كانت تنتقل إرثاً من الأب إلى ابنه، كأنها قطعة أثاث، ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام لعظم هذا العقد بين الزوجين لم يشأ أن يضع مكانته النبوية في شأن شخصي، فحينما كرهت امرأة زوجها، وطلبت من رسول الله أن يخالعها زوجها، عن عبد الله بن عباس:
(( أنَّ زَوجَ بريرةَ كانَ عبدًا يقالُ لَهُ : مُغيثٌ كأنِّي أنظرُ إليهِ يطوفُ خَلفَها يبكي ودموعُهُ تسيلُ على لحيتِهِ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ للعبَّاسِ: يا عبَّاسُ ألا تَعجَبُ من حبِّ مُغيثٍ بَريرةَ ومن بغضِ بَريرةَ مغيثًا فقالَ لَها النَّبيُّ: لو راجَعتِهِ فإنَّهُ أبو ولدِكِ قالَت: يا رسولَ اللَّهِ أتأمرُني؟ قالَ :إنَّما أَنا شَفيعٌ قالت: فَلا حاجةَ لي فيهِ. ))
وعن عبد الله بن عباس:
(( أنَّ امرأةَ ثابتِ بنِ قيسٍ أتتِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَت: يا رسولَ اللَّهِ! ثابتُ بنُ قيسٍ، أما إنِّي ما أعيبُ عليهِ في خُلُقٍ ولا دينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفرَ في الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أتردِّينَ عليهِ حديقتَهُ ؟ قالَت: نعَم قالَ رسولُ اللَّهِ: اقبَلِ الحديقةَ وطلِّقها تَطليقةً. ))
هذه مخالعة: ﴿فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٍ مِّنۡهُ نَفۡسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا﴾ .
أحد أكبر أنواع العبادات أن تكسب المال الحلال لتصون به عرضك وتتقرب به إلى ربك:
بعض الأقوال لسيدنا عمر: إن المرأة قد يضغط عليها زوجها، وقد يستعطفها، وقد يستميلها، فتعطيه بعض مالها، إن صحت من غيبوبتها، وإن خطّأت نفسها فلها أن تستردّ ما أعطت لزوجها، هذا رأي سيدنا عمر رضي الله عنه، كل هذا من أجل أن تكون المرأة في أعلى درجة من التكريم، ومن الحرية، ومن الكرامة من دون أن تستخدم هذا استخداماً لا يرضي الله عز وجل، ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمًا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلًا مَّعۡرُوفًا(5)﴾
بصراحة تقوم حياتك على المال الذي بين يديك، بهذا المال تزوجت، بهذا المال اشتريت بيتاً، بهذا المال أنفقت على أهلك ثمن الطعام والشراب، بهذا المال كسوتَ أولادك، بهذا المال استرضيت زوجتك، بهذا المال عالجتَ أولادك المرضى عند الطبيب، بهذا المال أدخلتهم المدارس وتعلموا، بهذا المال أنفقت منه على الفقراء والمساكين فارتقيت عند الله، فالمال قِوام الحياة، وهذا الذي يزهد بالمال زهداً أبله غبياً، ثم يحتاج الناس يضع نفسه في مكان ذليل، يعني أنا أدعو الله عز وجل لي ولكم الدعاء المشهور:
اللهم صُن وجوهنا باليسار، ولا تبذِلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونُبتَلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت يا رب من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء، وبصراحة الآن أعداء المسلمين أحد أكبر خططهم أن يُفقِروا المسلمين بعبارة جديدة؛ تجفيف منابع الجمعيات الخيرية، أحد أكبر خِطَطهم إفقار المسلمين، وأنا أقول: وأحد أكبر أنواع العبادات اليوم أن تكسب المال الحلال لتصون به عِرْضك، ولتتقرب به إلى ربك.
ربع دين المرأة طاعتها لزوجها:
أيها الإخوة، عظمة الزواج الإسلامي أن الزواج الإسلامي يكون الله بين الزوجين، فكل طرفٍ يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر، وكل طرف يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر، لذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَٰنِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّلْعَٰلِمِينَ(32)﴾
والسماوات والأرض تعبير قرآني، أو مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، الكون كله دليل على عظمة الله.
﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(37)﴾
﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ(21)﴾
المودة والرحمة بين الزوجَين من خلق الله عز وجل، لذلك حينما سُئِل النبي عليه الصلاة والسلام:
(( يا رسول الله من أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: من أعظم الناس حقاً على الرجل؟ قال: أمه.))
[ المستدرك على الصحيحين ]
يعني أوّل رجل في عالم المرأة هو زوجها، هو الأصل، وكم من امرأةٍ مسلمة تهتم بغير زوجها أضعافاً مضاعفة عمّا تهتم بزوجها، أحياناً تغيب شهراً، تقول لك: عند ابني، وزوجك؟ كبر، فهذه المرأة التي لا تهتم بزوجها، لا تطيع الله عز وجل، بل إن ربع دين المرأة طاعتها لزوجها:
(( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. ))
(( لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه. ))
[ المستدرك على الصحيحين ]
ليست البطولة أن تتزوج بل البطولة أن تبقى متزوجاً:
أيها الإخوة، أي زوج يسيء إلى زوجته إنما هو يكفر نعمة الزواج، وأية امرأة تسيء إلى زوجها إنما هي تكفر نعمة الزواج: (لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه) وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. ))
طلِّقني تقول له، لماذا؟ لأسباب تافهة، ثم إنه أيضاً لأسباب تافهة يطلقها، لأسباب مضحكة، فقلت لأحد هؤلاء: أنت حينما تطلق زوجتك لأسباب تافهة ينبغي أن تتسكع على أبواب العلماء؛ الذي يفتي لك أن تعود إليك تشكّ في علمه، والذي يقسو عليك في الفتوى لا تحتمله، فأنت بين مُنتقدٍ ومتألم، وأنت تتسكع على أبواب العلماء لأنك ارتكبت أُحموقةً، وطلقت زوجتك لأسباب تافهة، الإنسان العاقل هذه زوجته جملةً وتفصيلاً مقبولة، يعاتبها، يهجرها، ليبتعد عن الطلاق، لذلك قال ابن عباس: أيرتكب أحدكم أُحموقتَه، ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس، والله ما رأيت سؤالاً يتردد في المساجد أكثر من سؤال الطلاق، تجد الشاب زوجته ممتازة لسبب تافه يطلقها، أو يحلف عليها بالطلاق، والذي لا أصدقه أن معظم الزوجات لأن زوجها حلف عليها ألا تذهب إلى بيت فلان فليس في حياتها شيء أهم من أن تزورهم، كي تكسر يمين زوجها، إنه حُمق ما بعده حمق من الزوجة، فيا أيها الإخوة هذا الزواج أقدس عقد، ليست البطولة أن تتزوج بل أن تبقى متزوجاً، والبطولة أيتها المرأة لا أن تتزوجي، أن تكوني تحت رجل صالح، وإلا تُطلَّقين، إذاً: ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ﴾ ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ﴾ ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا﴾ لكن أروع ما في الآية: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ المودة؛ قالوا: إنها سلوك يُعبَّر به عن الحب، لأنك تحب زوجتك تبتسم في وجهها، ولأنها تحبك تسعى لمرضاتك، فإذا انقطعت هذه المنفعة أصابها مرض عُضال معنى ذلك أنه صار لِزاماً أن تطلقها، لا، قال: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ فإن لم يكن عامل المودة قائماً، هناك عامل الرحمة، فكم من امرأة تعمل في البيوت لتطعم زوجها المشلول؟ فلذلك لما قلت لكم: نسب الطلاق في العالم الإسلامي خمسة عشر بالألف نسبة مثالية، لكن مع الأسف أصبحت الآن خمسة عشر بالمئة، وهذه الظاهرة جاءت مع انتشار الصحون، فلذلك أرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون كلٌّ منا سعيداً في بيته، وأن يفعل مع امرأته الأسباب التي تدعوها إلى محبته وطاعته، وأن تفعل المرأة مع زوجها الأسباب التي تدعوه إلى محبتها وخدمتها ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةًۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٍ مِّنۡهُ نَفۡسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا﴾ من الطُّرَف، قال بعض العلماء: اطلُب من زوجتك درهماً من مهرها واشترِ به عسلاً، واجعله يذوب بماء السماء، واشربه، لأن الله قال: ﴿فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا﴾
﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكًا فَأَنۢبَتْنَا بِهِۦ جَنَّٰتٍۢ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ(9)﴾
وهذا من باب الطُّرفة درهم من مَهر الزوجة يُشترى به عسل يُذاب في ماء السماء ويُشرَب، ففيه الشفاء إن شاء الله.
الملف مدقق