وضع داكن
29-03-2024
Logo
حقائق الإيمان والإعجاز - الدرس : 08 - لماذا يخاف الإنسان -3- الخوف مستويات
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من لوازم الغفلة عن الله عز وجل الإساءة إلى خلقه:

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثامن من دروس حقائق الإيمان والإعجاز

ومازلنا في موضوع الخوف منطلقين من رأس الحكمة مخافة الله، لكن الخوف مستويات، فبين أن تخاف من عقاب الله هذا مستوى، وبين أن تخاف من انقطاع الصلة بالله هذا مستوى أرقى، فلذلك الإنسان حينما يغفل عن الله من لوازم الغفلة أنه يسيء لخلق الله عز وجل، لو أن الإقبال وعدم الإقبال لا علاقة له بالسلوك أية حالة نفسية أنت فيها مقبولة، لكن لأن الغفلة عن الله، ولأن عدم الخوف من الله، ولأنك كائن متحرك، فلابدّ من أن تأخذ ما ليس لك، أو أن تستطيل على خلق الله، أو أن تستعلي عليهم، أو أن تبتز أموالهم، أو أن تعتدي على أعراضهم، فلذلك الضمان الوحيد والرادع الأكبر أن تخاف من الله، هذه الحقيقة الواقعية، وأي انضباط آخر بعيد عن الخوف من الله عز وجل انضباط شكلي أولاً، وانضباط بالحدود الدنيا، أما حينما يقع الإنسان تحت إغراء المال، تحت إغراء سبائك الذهب اللامعة، أو تحت قهر سياط الجلادين اللاذعة، لولا خوفه من الله لانهارت قواه، وخرق الاستقامة، واستجاب لمن أغراه بالمال، أو هدده بالسياط.

الدماغ آية من آيات الله الدالة على عظمته فعلى الإنسان أن يُحسن استخدامه:

أيها اaلأخوة الكرام، ما الذي ينبغي أن يشعر به المؤمن وهو في الطريق إلى الله عز وجل ؟ أولاً الله عز وجل قال:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) ﴾

( سورة الإسراء )

أي إذا الخالق العظيم كرمك، خلقك في أحسن تقويم، خلقك تمشي على قدميك، جعل يديك طليقتين، أعطاك العقل، مئة و أربعون خلية في الدماغ استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، أربع عشرة مليار خلية سمراء هي الخلايا القشرية، بالذاكرة في ستين مليار صورة وحجم الذاكرة بحجم حبة العدس، مركز المحاكمة، الاستدلال، الاستنباط، الاستنتاج، تصور، تخيل، ذاكرة، هذا الدماغ وحده من آيات الله الدالة على عظمة الله، أيعقل أن تستخدم هذا الدماغ لإيقاع الأذى بالناس ؟ الله عز وجل قال: 

﴿ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)﴾ 

(سورة العلق)

الناصية مقدم الرأس وفي هذا المكان تتخذ القرارات، معقول دماغ معجز تستخدمه لإيذاء البشر ؟ هؤلاء الذين يصنعون الأسلحة الكيماوية لإهلاك البشر، أو الجرثومية، أو أنواع القنابل العنقودية، والقنابل الانشطارية، والحارقة، والخارقة، والقنابل الذكية، والقنابل التي تمشي على أشعة الليزر، هذه الأنواع الخطيرة من الأسلحة من صنع هذا الدماغ لقتل عباد الله، والآن موت كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيمَ قتل.

 

موقف من تفنن في إيذاء الناس يوم القيامة:

بالقرآن الكريم ملمح قال تعالى:

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) ﴾

( سورة التكوير)

حينما تنكشف الحقائق يوم القيامة، وحينما يقف الإنسان أمام ربه وقد منحه نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، وهو قد تفنن في إيذاء خلق الله عز وجل، ألا ترون إلى جرائم العالم ؟ إلى القتل العشوائي ؟ إلى نهب الثروات ؟ إلى إذلال الشعوب ؟ هؤلاء الذين يملكون القرار، أصحاب القرار، ما موقفهم يوم القيامة ؟ قال تعالى:

 

﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ 

( سورة إبراهيم )

فالإنسان حينما يقرأ قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُم فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

( سورة الإسراء )

هو موقفه مع الذي خلقه، وأمده، وكرمه، وأعلى شأنه، وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، موقفه أنه تفنن في إيذاء العباد، وفي إيذاء خلق الله عز وجل، لذلك ورد في بعض الأحاديث التي لا ترقى إلى مستوى الصحة الكاملة إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب.

 

على كل إنسان أن يخاف من أن يقابل إحسان الله عز وجل بالإساءة إلى خلقه:


والله أيها الأخوة، اسمعوا هذه الكلمات أرددها كثيراً، الآن في هذه الحرب العالمية الثالثة المعلنة على المسلمين

إن لم تكن طرفاً في مؤامرة قذرة هدفها إفقار المسلمين، أو إضلالهم، أو إفسادهم، أو إذلالهم، أو إبادتهم، أنت ملك، الذي سلمه الله عز وجل من أن يكون طرفاً مساهماً في إفقار المسلمين، أو إضلالهم، أو إفسادهم، أو إذلالهم، أو إبادتهم، نجا من جرائم سيحاسب عنها الإنسان حساباً عسيراً، فلذلك الخوف، الخوف من أن تقابل إحسان الله عز وجل بالإساءة إلى خلقه،

 قال تعالى:

﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) ﴾

( سورة الرحمن )

 

أنواع التكريم الإلهي للإنسان تسجيل أعماله خيرها و شرها:

 

أيها الأخوة، من أنواع التكريم الإلهي:

﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴾

( سورة الانفطار )

معك ملك يسجل لك حسناتك، أو يسجل عليك سيئاتك، ألا تستحي من الله أن تستخدم نعم الله في معصية الله ؟ يعني نعمة الله عز وجل لا تقدر بثمن، أعطاك عقلاً، أعطاك سمعاً، أعطاك بصراً، أعطاك نطقاً، أعطاك ذاكرة، أعطاك قواماً جميلاً، أعطاك زوجة، أعطاك أولاداً، يعني ما موقفك يوم القيامة إذا غششت المسلمين ؟ أضفت مادة مسرطنة لكنها تحسن لون المادة الغذائية فيرتفع سعرها من أجل أن تربح بعض الألوف بالحرام تسبب للمسلمين الأمراض الخبيثة ما موقفك ؟ والله يا أخوان أقول لكم من القلب إلى القلب قبل أن تفعل شيئاً، قبل أن تقدم على خطأ في البيع والشراء إيهاماً، تدليساً، غشاً، قبل أن تبتز أموال الناس، فكر أنك واقف بين يدي الله عز وجل.
أخ كريم حدثني مرة عنده معمل غذائيات للصغار، قال لي: هذا الأب المسلم أعطى ابنه عشر ليرات ليشتري شيئاً في المدرسة، هذه المادة الغذائية أحياناً تصنع من مواد انتهت صلاحيتها، وإذا انتهت صلاحيتها معنى ذلك أنها لا تنفع بل تؤذي، إنسان فقير دخله محدود، أعطى ابنه عشر ليرات من أجل أن تطعمه مادة غذائية فاسدة ؟ أكثر المعامل يشترون المواد التي انتهت صلاحيتها هذه لا تكشف هويتها في التصنيع، فأنت أمام منتج له شكل جيد، وله طعم لا بأس به، لكن الزبدة و الشوكولا والفانيليا هذه كلها مواد لها صلاحية، فانتهت صلاحيتها تباع بثلاثين بالمئة ناقص عن سعرها الحقيقي لأنها لا تباع في الأسواق، ما موقفك يوم القيامة إذا وقفت بين يدي الله عز وجل وقد جمعت ثروة على حساب صحة المسلمين ؟

 

من أراد أمراً فليتدبر عاقبته:

أيها الأخوة، إذا أردت أمراً تدبر عاقبته، قال تعالى:

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾

( سورة التكوير )

أنا والله أيها الأخوة، لا أرى على وجه الأرض صنفاً من الناس أغبى من الطغاة لأنهم ما أدخلوا الله في حساباتهم، إله سيسألك، وسيحاسبك، وستقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى، لذلك كلما خفته في الدنيا أمنك يوم القيامة، وكلما أمنته في الدنيا أخافك يوم القيامة، قال تعالى: 

﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) ﴾ 

( سورة الذاريات)

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ (40) ﴾

( سورة الروم)

الرزق مضمون، 

(( عبدي لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي، إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً ))

[ورد في الأثر]

طاعة الله عز وجل واجبة على كل إنسان لأنه تفضل عليه بنعم لا تعد و لا تحصى:

أيها الأخوة، إذاً لأن الله كرمنا، لأن الله رزقنا، لأن الله حفظنا، لأن الله:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾

( سورة الجاثية )

لأن الله سبحانه وتعالى تفضل علينا بهذا ينبغي أن نطيعه:

تعصي الإله وأنت تظهر حبـه ذاك لعمري في المقال شــنيع
لـو كان حبك صادقاً لأطعتـه إن المحب لمن يحب يطـــيع

***

أيها الأخوة الكرام، الحق الذي نؤمن به والحق هو الله، والحق الذي لابس خلق السماوات والأرض هو الشيء الثابت والهادف، قال تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾

( سورة المؤمنون )

غني يشتري طائرة خاصة له بثلاثمئة مليون، يمكن لهذه الطائرة أن تتسع لألف راكب الآن، بيت، وغرف نوم، وغرف استقبال، وغرف جلوس، وحمامات، وملايين مملينة تموت من الجوع في إفريقيا في الصومال، الإنسان يسأل، قال تعالى:

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

( سورة التكاثر )

تناقض العبثية مع وجود الله عز وجل:

فيا أيها الأخوة الكرام:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾

( سورة المؤمنون )

العبثية تتناقض مع وجود الله، غني وفقير، قوي وضعيف، صحيح ومريض، معمر ومات في شبابه، وسيم وذميم، قوي وضعيف، وتنتهي الحياة ولا شيء بعد الموت، هل يليق بكمال الله هذا ؟ لابدّ من يوم تسوى فيه الحسابات: 

﴿ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ 

( سورة يونس الآية: 4 )

﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾

( سورة الجاثية الآية: 22 )

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾

( سورة الحجر )

﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)﴾

( سورة المدثر )

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾

( سورة المؤمنون )

عدم وجود الشر المطلق و العبثية في الكون:

هناك سؤال، الآية الثانية:

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة الدخان )

بالكون لا يوجد عبثية و لا يوجد شرّ مطلق، هناك شرّ نسبي موظف للخير المطلق، الدليل قال تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾

( سورة عبس)

هذه البقرة لو أنها متوحشة كيف تنتفع بها ؟ الله عز وجل قال:

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾

( سورة يس الآية: 42 )

حيوان كبير مذلل، وعقرب صغير تخرج من جلدك إذا رأيته، الأفعى غير مذللة، الثعبان غير مذلل، أما الجمل مذلل، البقرة مذللة، الأنعام كلها مذللة، من جعلها كذلك ؟ طبعاً هناك مرض يصيب البقر اسمه جنون البقر، اضطروا في بريطانيا أن يحرقوا ثلاثين مليون بقرة، ثمنها ثلاثة وثلاثون مليار جنيه إسترليني لأنها جنت، فنعمة البقرة المذللة هذه سوف نحاسب عليها.

 

على الإنسان ألا يغير خلق الله عز وجل:

أنا كنت أقول إن جنون البقر من جنون البشر، لأن الله عز وجل خلقها لتأكل النبات،أطعموها مسحوق الجيف فجنت، هذا معنى قول الله عز وجل:

﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ (119) ﴾

( سورة النساء)

مشتقات الألبان كلما شرب النبي عليه الصلاة والسلام يقول اللهم زدنا منه.
مشتقات الألبان، الجبن، واللبن، والقشطة، والسمن، كلها من هذه المشتقات، البقرة معمل، لذلك قال تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) ﴾

( سور عبس )

الآيات الباهرات الدالة على عظمة رب الأرض والسماوات لا تنتهي منها:

1 ـ نعمة العقل:

أيها الأخوة، إنسان بكامل صحته، نبضه نظامي، ضغطه نظامي

لكن هناك مشكلة بعقله، هو اشترى هذا البيت يسعى أهله لإيداعه في مستشفى المجانين، نعمة العقل لا تقدر بثمن:

﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) ﴾

( سور يس )

حدثني أخ قال لي: والدي فقد ذاكرته، خرج من معمله، وبقي ساعتين يبحث عن بيته، لكن تذكر بيت ابنه فقد ذاكرة جزئي، إنسان لو فقد ذاكرته، فقد علمه، فقد معلوماته، فقد خبراته، نحن في نعم لا يعلمها إلا الله. 

2 ـ جهاز المناعة:

جهاز المناعة الذي أكرمنا الله به جيش، بما في هذه الكلمة من معنى، فرقة استطلاع، فرقة مقاتلين، فرقة تصنيع الدواء، فرقة خدمات، جيش بكل معاني هذه الكلمة، قال تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

( سورة التين )

3 ـ العينان و الأذنان:

والله أيها الأخوة ولا أبالغ يمكن أن تصل إلى الله، أن تعرف طرفاً من كمال الله من خلال جسمك فقط، عينان، أذنان، عينان لمعرفة البعد الثالث، عين واحدة صورة مسطحة، بالعين الثانية ترى البعد الثالث، أذنان من أجل أن تعرف جهة الصوت، هناك تناظر كامل بالإنسان.

4 ـ الدماغ و النخاع الشوكي و القلب:

أخطر جهاز هو الدماغ أين هو ؟

في صندوق من العظم، وبين الدماغ وبين العظم سائل، أغشية ثلاث وسائل، السائل لامتصاص الصدمة، لو أن طفلاً وقع على الأرض هذا الارتجاج يوزع على كامل سطح الدماغ فلا يتأثر عن طريق السائل، النخاع الشوكي يأتي بعد الدماغ في خطورته أين أودع ؟ في العمود الفقري، القلب يأتي بعد النخاع الشوكي أين أودع ؟ في القفص الصدري، معامل كريات الدم الحمراء أين هي ؟ في نقي العظام، الرحم في عظم الحوض، الدماغ في مكانه، العين في محجرها، لو أن العين على ظاهر الجبين لا أعتقد يبقى من الناس خمسة بالمئة لهم عيون، أما في محجر ترى حكمة الله عز وجل.
 

5 ـ المفاصل:

هذا المفصل لو ألغي هذا المفصل تفضل كُلْ، لابدّ أن تنبطح كالهرة وأن تأكل بلسانك من الصحن مباشرة، لا يوجد حل ثانٍ، إذا التغى المفصل التغت هذه الأصابع، التغى هذا الرسغ، والله يا أخوان يمكن أن نعرف الله، وأن نخشع في الصلاة فقط من جسم الإنسان، لذلك قال تعالى:

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

( سورة الذاريات ) 

6 ـ الأنف:

الأنف رطب، لماذا هو رطب ؟ هناك رطوبة لأن الدمع الفائض يسري في القناة الدمعية، القناة الدمعية دقيقة بحيث دقتها تفوق حدّ الخيال، لو أنها طمست وسدت، يمضي الإنسان كل عمره وهو يمسح عن خده الأيمن والأيسر إلى أن يلتهب الخد، هذه نعمة لا أحد ينتبه لها أن القناة الدمعية سالكة، لذلك: 

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ 

( سورة الذاريات )

7 ـ الماء:

هذا الماء قال تعالى: 

﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ 

( سورة الأنبياء الآية: 30 )

يعني هذا الماء لا لون له لو كان لونه زهر أو أزرق كل شيء بحياتنا صار زهر، لا طعم له، لا رائحة له، يتبخر بدرجة أربع عشرة، لو كان بدرجة مئة لا يوجد غسيل يجف إطلاقاً، تصور الشيء وخلاف ما هو عليه:

﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾

( سورة الأنبياء الآية: 30 )

8 ـ دوران الأرض:

والدرس الماضي ذكرت أن الأرض لو دارت على محور موازٍ لمستوي دورانها لأصبح ليل سرمدي ونهار سرمدي، النهار السرمدي الحرارة ثلاثمئة وخمسين، الحرارة فوق الصفر، والليل السرمدي صفر مطلق، مئتان وسبعون تحت الصفر، الحياة تنتهي، لو أنها دارت على محور عامودي التغى اختلاف الليل والنهار والتغت الفصول الأربعة، من صمم أن تدور الأرض على محور مائل ؟ حكمة الحكيم، علم العليم، قدرة القدير: 

﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40) ﴾

 

( سورة يس)

الموازنة بين صنع الخالق سبحانه و بين صنع الإنسان:

وازن بين إنسانة من لحم ودم تنطق، تتكلم، تفكر، وبين هذا التمثال الذي في محلات الألبسة:

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

( سورة لقمان الآية: 11 )

وازن بين وردة طبيعية تفوح منها رائحة عبقة رائعة، وبين وردة من مواد بترولية:

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ ﴾

( سورة لقمان الآية: 11 )

وازن بين كلية طبيعية تعمل بصمت، وبين كلية صناعية حجمها بحجم هذه الطاولة، ولابدّ من أن يستلقي الإنسان ثماني ساعات إلى جانبها بالأسبوع ثلاث مرات، يدفع كل مرة بضعة آلاف من الليرات. 

كل إنسان مسؤول و محاسب عن عمله يوم القيامة:

 

أيها الأخوة، الآيات الباهرات الدالة على عظمة رب الأرض والسماوات لا تنتهي، يوم القيامة أو الموت هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون

الميت حينما يشيع قال: هذا الميت روحه ترفرف فوق النعش، تقول: يا أهلي، يا ولدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، فأنفقته في حلّه وفي غير حلّه، فالهناء لكم والتبعة علي.
الله عز وجل يقول:

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) ﴾

( سورة الفرقان )

يعني أنا أدعوكم من خلال هذا الدرس، من خلال درس الخوف أن تخاف من الله، أن تخاف يوم العرض على الله، أن تخاف أن تقف بين يدي الله عز وجل من أجل أن تحاسب عن كل أعمالك:

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾

( سورة الحجر )

من خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة:

وعود على بدء هناك مستوى من الخوف أن تخاف من عقاب الله، هناك مستوى آخر أرقى من هذا أن تخاف أن تنقطع صلتك بالله

فالمؤمن مظنة صلاح، هو يخاف أن تنقطع صلته بالله عز وجل، ومهما بالغت من الخوف من الله فأنت الرابح الأول لأنه من خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة:

﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) ﴾

( سورة يس)

هذا النجاح:

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

( سورة آل عمران )

الإعجاز العلمي دليل قطعي يقيني على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن:

أيها الأخوة الكرام، مرة اطلعت على بحث مدهش، هذا البحث يؤكد أن النظرية العملاقة (النظرية النسبية التي جاء بها اينشتاين) هذه النظرية في القرن العشرين قلبت مفاهيم الفيزياء، والحركة، والسرعة، والحقيقة هي نظرية فذة تنطلق هذه النظرية من أن السرعة المطلقة في الكون، وهي سرعة الضوء، ليس في الكون أسرع من الضوء، كيف كشف اينشتاين هذه السرعة ؟ البحث طويل ولكن المدهش أكثر أن هناك آية فيها بضع كلمات تلخص هذه الآية نظرية اينشتاين، على أن الله عز وجل جعل في كتابه إعجازاً علمياً، هذا الإعجاز العلمي دليل قطعي يقيني على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم الآية الكريمة:

﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾

( سورة الحج )

حار العلماء في هذه الآية:

﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾

( سورة الحج )

كيف ؟ العرب تعدّ السنة القمرية، القمر يدور حول الأرض دورة كل شهر، نأخذ مركز الأرض ومركز القمر، نصل بينهما بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، إذا وصلنا بين مركز الأرض ومركز القمر بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، من أين نأتي بطوله ؟ ببساطة بالغة طوله هو المسافة بين الأرض والقمر مع نصف قطر الأرض ونصف قطر القمر وحسابه سهل جداً، هذا نصف القطر، ضرب اثنين، ينتج القطر، ضرب 3،14 هو المحيط، ضرب 12 بالسنة، ضرب ألف بألف سنة، طالب من طلاب المرحلة الإعدادية بآلة حاسبة في دقائق يحسب لنا كمن يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، هذا الرقم كم يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، لو قسمنا هذا الرقم على ثواني اليوم ستين بستين بأربع وعشرين، الناتج سرعة الضوء (299752)، يعني المسافة التي يقطعها القمر حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد: 

﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) ﴾ 

( سورة الحج )

سرعة الملائكة لا علاقة لها ببني البشر:

هناك إنسان يقول لك في آية " خمسين ألف سنة ":

﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) ﴾

( سورة المعارج )

نقول الجواب هذه سرعة الملائكة لا علاقة لها ببني البشر، السرعة المطلقة المادية سرعة الضوء وهذا الرقم 299752 مودع في جامعة الصوربون في باريس، قبل اكتشاف هذه النظرية، يعني عدد الكيلو مترات التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام لو قسمناه على ثوان اليوم لكان الرقم الدقيق لسرعة الضوء 299752، بضع كلمات بآية ضغطت بهما النظرية الكبيرة.

 

الإنسان المؤمن هدفه واضح ووسائله واضحة:

مرة قال لي أخ درست في أمريكا إدارة الأعمال، فأنا قرأت له آية أقسم لي بالله أن هذه الآية تلخص كل دراسته:

﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾

( سورة الملك )

الإنسان المؤمن هدفه واضح، هدفه الجنة، يختار لهذا الهدف آلاف الوسائل، يختار الصلاة، الصوم، ضبط اللسان، الصدق، الأمانة، العفة، فلما الهدف واضح وسائله واضحة، أما غير المؤمن: ﴿ مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا ﴾ واقفاً، انظر الواقف يرى إلى بعيد، لو شخص مشى على شكل ركوع حنى ظهره ومشى ماذا يرى ؟

الأرض فقط، معظم الناس يعيشون الجزئيات، الأسعار تقلقه 

كثيراً، البيع، الشراء، بيته، زوجته فقط، لا ينتبه إلى يوم القيامة، فجأة معه أزمة قلبية، كم يوم صار بالقبر، ترك بيتاً الآن تحت أطباق الثرى، لماذا خلق ؟ لا يعلم: 

﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ 

( سورة الملك )

فيا أيها الأخوة الكرام، هذا القرآن الكريم ربيع قلوبنا، هذا القرآن الكريم منهج ربنا، هذا القرآن الكريم سبيل خلاصنا، هذا القرآن الكريم حبل الله المتين، هذا القرآن الكريم حبل النجاة، صمام الأمان، من اتبعه نجا ومن تركه وراء ظهره هلك. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور