- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠1العقيدة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
تتمة مراحل اليوم الآخر:
3- البعث:
وصلنا في الدرس الماضي في موضوع الإيمان باليوم الآخر إلى حقائق عن يوم البعث واليوم الآخر، يبدأ اليوم الآخر بالبعث التي تعود فيه الحياة المادية للمخلوقات الحية، التي قرر الله عودة الحياة إليها، استكمالاً لأنظمة الله في الخلق، وليقيم الله في هذه الحياة الثانية عدله, وليتمم فضله، ويحقق الثمرة الفضلى للابتلاء الذي جعل ميدانه في الحياة الأولى الفانية.
فنحن في الحياة الفانية حياة ابتلاء، وفي الحياة الثانية حياة جزاء، وحياة إقامة العدل وفي المعتقدات الإسلامية حقائق كثيرة عن البعث، وأحوال اليوم الآخر فيه جاءت في الكتاب المجيد، والسنة المطهّرة.
الذي أريده ثانية أن أوضحه أنّ الأمور المتعلقة باليوم الآخر أمور نعرفها من خلال الخبر الصادق، وليس هناك مصدر آخر, لذلك لا نستطيع أن نزيد على النصوص قطعية الثبوت والدلالة التي وردت في كتاب الله، وفي الأحاديث الصحيحة المتواترة وغير المتواترة، والتي من خلالها هذه النصوص نستشف أحوال اليوم الآخر.
قضى الله بعلمه المسبق خلق الدنيا والآخرة لحكمة أرادها:
لقد تمت إرادة الله المرافقة لعلمه وحكمته، أُلح على هذا إرادة الله وفق علمه، ووفق حكمته، لا تستطيع ولا في لحظة واحدة أن تنفي عن إرادة الله العلم الذي لا حدود له، والحكمة التي لا حدود لها.
فقد تمت إرادة الله عزّ وجل المرافقة لعلمه وحكمته, أن يخلق عالمين:
1- عالماً فانياً: وهو عالم الدنيا الذي نحن فيه، وهو دار الامتحان.
2- عالماً آخر خالداً: وهو عالم الدار الآخرة، وهي دار الجزاء.
وكما تمت إرادته تعالى بأن يضع فضله ورحمته وعدله في مواضعها، فمن أحسن فآمن بالله، وأطاعه، واستقام على شريعته في الدنيا، فقد أعدّ الله له في الدار الآخرة، السعادة الأبدية الخالدة، والنعيم المقيم مكافأة منه وفضلاً, ومن أجرم, فكفر بالله، وعصى في دار الامتحان, فقد أعدَّ الله له في الدار الآخرة العقوبة، والانتقام جزاء منه وعدلاً، والدليل قال تعالى:
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾
البعث من الأمور الممكنة عقلاً الذي يستحيل إنكاره:
البعث ممكن عقلاً، و البعث: هو إعادة بناء الأجساد بعد فنائها، وإعادة الحياة لها بعد سلبها منها، فإن كل عقل سليم يدرك بداهة أن البدء والإعادة أمران متساويان، فمن يبدأ الخلق ثم يُفنيه، قادر على إعادته وبعثه لا محالة، والدليل, قال تعالى في سورة الروم:
﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
يبدأ الخلق في الدنيا، ثم يعيده في الآخرة، وهو أهون عليه، وكلما فكرت في عظمة الله عزّ وجل، رأيت أن إعادة الخلق هينة عليه عزّ وجل وعلا، وله المثل الأعلى في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم.
قدرة الله جلّ وعلا لا تقف دونها حدود في مجال الأمور الممكنة عقلاً التي لاستحالة فيها، هذه القدرة قادرة على أن تحيي الموتى حياة مادية جسدية وروحية، لتسوقهم إلى العالم الآخر, عالم الجزاء، وإقامة العدل الإلهي، أَو ليس مَن خلق السموات والأرض دون أن يجهد بخلقهن، بقادر على إحياء الموتى، وإعادة الحياة مرة ثانية، إنه قادر على كل شيء، إنما أمرُه إذا أراد أن يخلق شيئاً، مهما كان دقيقاً أو عظيماً، أن يقول له: كن فيكون، قوله تعالى:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
إذًا: البعث ممكن عقلاً.
البعث أمر واقع في وقته المحدد في علم الغيب:
البعث حقيقة لا شك فيها، لقد أخبرنا الله تعالى بأن البعث للدار الآخرة في يوم الجزاء حقيقة مقررة في قضاء الله وقدره، ستوضع موضع التنفيذ إذا جاء أجلها المحدد في علم الله، فالبعث أمرٌ واقع لا محالة، ستعود فيه الحياة إلى الأجساد التي رمت وبليت، وليس ذلك على الله ببعيد، ولا مستغرب على قدرته الذي خلق السموات والأرض، وخلْقُهن أكبر من خلق الناس.
أَو َليس الذي ابتدع خلْقَ الإنسان على غير مثال سابق بقادر على إعادة كل فردٍ من أفراد نوعه بعد موته، وفناء جسده؟ بلى إنه قادر، قال تعالى:
﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾
وهم يستطرق بعض الأذهان:
هناك وَهْم يقع فيه بعض المتعلمين، هذا الوهم هو أن الحياة الآخرة حياة روحية فقط، وليس فيها حياة مادية، لكن القرآن الكريم، والنص فيه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة، يؤكد أن الحياة في اليوم الآخر حياة مادية روحية معاً، فالنصوص الدينية القاطعة يجب علينا أن نتقيد بدلائلها في نوع هذه الحياة الثانية.
إنّ الإنسان ليس له الحق أن يتصور، ويحلل، ويفكر في بعد عن النصوص القرآنية التي لا تدع مجالاً للشك في أن الحياة الآخرة حياة مادية روحية معاً، فمِن المقرر في أصول العقيدة الإسلامية أنّ علمَ الله بما سيكون في مخلوقاته لا يكون إلا وفق مراده، ومراده تعالى مساير لحكمته العظيمة، ومن المقرر أيضاً في أصول العقيدة الإسلامية أن إخبار الله في نصوص دينية قاطعة التي بلغها الله أنبياءه، ورسله لا تكون إلا وفق علمه، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن الحياة الثانية حياة مادية مشابهة للحياة الأولى، فأيّ مبرر للفرار من مدلولات أخبار الله القاطعة التي بلّغها إلينا أنبياؤه ورسله الصادقون.
الأدلة الواردة من الكتاب حول بحث البعث روحاً وجسداً:
إننا بقليل من التأمل, لا نجد من المبررات شيئاً إلا مجرد التعنت على الله في ما أخبرنا به, قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾
آيات كثيرة لو رجعنا إليها، وإلى مشاهد يوم القيامة في القرآن الكريم، وإلى ألوان النعيم في الجنة، وإلى ألوان العذاب في النار، لوجدنا أن هناك عذاباً مادياً محضاً, قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾
﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾
﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ ﴾
نصوص قرآنية صريحة واضحة كثيرة، قطعية الدلالة تؤكد أن الحياة في الدار الآخرة حياة مادية وروحية في وقت واحد، فمَن ينكر الجانب المادي منها فقد كفر بآيات الله القاطعة.
ينبغي على من يريد الرد على حقائق الغيب أن يكون قائده العلم والدليل لا الهوى:
ومن وقع في توهمه أنه يريد أن ينزّه الله تعالى عن أن يجعل حياتنا الثانية الأبدية غير مصاحبة لجسد مادي، فبماذا يجيب عن نظام الخلق الأول, وهو نظام مادي نعيش في شروطه وظروفه؟ لذلك يجب علينا شرعاً أن نعتقد بهذه الحقيقة، حقيقة الحياة الثانية، اتباعاً لنصوص الشريعة القاطعة الواردة في القرآن الكريم، والسنة المطهرة.
فكلما قرأت آية أو آيات عن نعيم أهل الجنة, فينبغي أن تعتقد أن هناك نعيماً مادياً، ونعيماً روحياً في وقت واحد، فإذا أنكرت أحدهما، فقد أنكرت كتاب الله عزّ وجل، وحيثما قرأت في القرآن الكريم عن ألوان العذاب الذي يذوقه أهل النار, فيجب أن تعتقد اعتقاداً جازماً أن العذاب في جهنم عذاب مادي بالدرجة الأولى، وعذاب نفسي، فإذا أنكرت أحدهما فقد أنكرت بعض آيات القرآن الكريم.
هذه النقطة أردت أن أثيرها، وأن ألح عليها ليُنتزع من أذهان بعض الناس أن الحياة الآخرة حياة روحية محضة، وأن العذاب عذاب نفسي، بل إن العذاب عذاب مادي ونفسي، والنعيم نعيم مادي ونفسي، والآيات التي توضح هذا, وتؤكده كثيرة جداً.
4- الحشر:
ومن الحقائق الثابتة عن اليوم الآخر موضوع الحشر، فالحشر هو الجمع، وبعد البعث إلى الحياة الآخرة يوم القيامة, يتم حشر الخلائق لموقف الحساب، وقد تظاهرت الآيات القرآنية لتثبت حقيقة الحشر، وتعرض طائفة من الصور التي ستكون في ذلك اليوم الرهيب، وذلك لتقريب حقيقة ما سيجري فيه إلى الأذهان، ومن ذلك اليوم:
صفة أرض المحشر وأهله:
1- تشقق الأرض عن الخلائق يوم القيامة لبعثهم عقب النفخة الثانية كما مر معنا في الدرس الماضي، فيخرجون منها سراعاً إلى موقف الحشر, قال تعالى:
﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾
2- تسوية أرض المحشر، فتكون كلها بارزة، لا جبال فيها، ولا وديان، قال تعالى:
﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾
وقد جاء من كلام النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم توضيحاً لما جاء في كتاب الله، وردت صورة من صور الآخرة في حديث النبي عليه الصلاة والسلام, فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ"
قرصة النقي، أي كرغيف الخبز الأبيض المنخول, ليس فيها معلَم لأحد، أي ليس فيها علامة لأحد، أرض منبسطة.
3- ومن ذلك أن الحشر يعم الإنس، والجن، والملائكة، وكل دواب الأرض، وطيورها، أما حشر الإنس والجن فلأنهم مكلفون، وأما حشر الملائكة فليقوموا بوظائفهم وفق سنة الله في خلقه، وأما دواب الأرض وطيورها فقد جاء في إثبات حشرها, قوله تعالى:
﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾
الدواب في الأرض، والطيور في السماء، وقد جاء في كلام النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على الفائدة من حشرها، فمن ذلك القصاص مِن البهائم الظالمة في الدنيا للمظلومة منها، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
" لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ تَنْطَحُهَا "
لو أن شاة قرناء نطحت شاة جلحاء بلا قرون, لا قتصّ من القرناء يوم القيامة، فإذا كان الحساب على هذا المستوى فويل للإنسان الذي يعتدي على حقوق الآخرين، وفي بعض الأحاديث أن الطير الذي اصطاده الصياد للتسلية لا ليأكله يأتي يوم القيامة، وله دوي كدوي النحل، يقول: يا ربي سله فيم قتلني؟ وقد يذهب بك الظن أن الصيد مباح على إطلاقه، لا يا أخي، هو مباح إذا كنت مسافراً، وانتهى زادك، وخشيت على نفسك الهلاك، فلك أن تصطاد، وأن تأكل، فأنت مكرمٌ على الله عزّ وجل، أما أن يُتخذ الصيد هواية لقتل البهائم، وقتل الطيور بلا سبب، بل مجرد الهواية, فهذا في حكم الشرع محرمٌ قطعاً، ففي بحث الصيد، هناك صيد محرم ومباح وواجب ومكروه, فهذه الدواب التي خلقها الله لنا، لها وظيفة ثانية في الحشر وهي:
أولاً: يُقتص منها.
ثانياً: تؤدي الشهادة، فمن ركب دابة لمعصية تشهد عليه يوم القيامة, قال تعالى:
﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
4- أن المجرمين يحشرون يوم القيامة مُنكبين على وجوههم، عمياً، وبكماً، وصماً، قال تعالى:
﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ﴾
هذا كله في المحشر، لا زلنا في موضوع الحشر.
5- من ذلك ما يصيب أهل الموقف من فزع عام، يصدر فيه الناس أشتاتاً، قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
6- ومن ذلك ما يصيب الناسَ يوم الحشر من شدة, تتفاوت بتفاوت أحوالهم في الدنيا، إلى غير ذلك من صور، فيها إكرام للمؤمنين المتقين، وفيها إهانة للمجرمين الظالمين.
7- ومن ذلك أن الناس يوم القيامة يُحشرون حفاة عراة غُرلاً، والغُرل جمع أغرل، والأغرل الذي لم يُختن، وفي بعض الأحاديث أَنَّ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرلا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ الأمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ "
الأمر أفظع من أن يعنيهم ذلك.
صفة هول المحشر:
وفي بعض الأحاديث التي كنت أرويها في مناسبات أخرى, أن السيدة عائشة رضي الله عنها سألت النبي عليه الصلاة والسلام, أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة؟ لو أن إنساناً له جار، له زميل، له قريب, له ابن، له أب، له أخ، هل إذا رآه يوم الحشر يعرفه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده في ثلاث مواطن فإن أحداً لا يذكر إلا نفسه إذا وضعت الموازين ووزنت الأعمال حتى ينظر ابن آدم أيخف ميزانه أم يثقل وعند الصحف حتى ينظر أبيمينه يأخذ كتابه أم بشماله وعند الصراط "
عند فتح الصحف، وعند نصب الميزان، وعند السير على الصراط، في مثل هذه المواقف الثلاثة لا يعرف أحد أحداً إطلاقاً.
قد تقع عين الأم على ابنها، أقرب مِن هذا لا يوجد، تقول: يا ولدي جعلت لك صدري سقاء، وحجري وطاء، وبطني وعاءً، فهل من حسنة يعود علي خيرها اليوم؟ أتعطيني بعض حسناتك يا ولدي؟ فيقول الابن لأمه: ليتني أستطيع ذلك يا أماه، إنما أشكو مما أنت منه تشكين, هذا من أهوال يوم الحشر.
5- العرض والسؤال والحساب:
ثم بقي العرض، والسؤال، والحساب، والميزان، وكتب الأعمال، وشهادة الجوارح، هذه أيضاً من لوازم يوم القيامة، ولا يتم تنجيز المرحلة الأخيرة من العقاب أو الثواب قبل اجتياز مرحلة الحساب، وذلك للفصل بين الخلائق، ولإقامة الحكم بالعدل، ولتقرير مرتبة الإكرام، والفضل تمهيداً لمقتضى الجزاء المقرر بموجب قانون الجزاء الرباني, قال تعالى في سورة الغاشية:
﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾
فهناك حساب، ويسبق الحساب عرض فسؤال، قال تعالى مبيناً مرحلة العرض في سورة الكهف:
﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً﴾
الخلائق كلها عُرضت على الله عزّ وجل، وقد لبست ثوب عملها، كل إنسان يرتدي يوم القيامة ثوب عمله، وقال تعالى مبيناً السؤال في سورة الحجر:
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
لمَ فعلت كذا؟ لمَِ أكلت مال فلان؟ لِمَ كنت عاقاً لوالديك؟ لِمَ ظلمت زوجتك؟ لِمَ غششت الناس؟ العرض، ثم السؤال, ثم الحساب.
6- الميزان:
لإقامة العدل في الحكم عند الحساب يوم القيامة, فهناك ميزانُ حقٍ لا يظلم مثقال ذرة، قال تعالى في بيان هذا الميزان في سورة الأنبياء:
﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
الذين يعرفون الخردل، يعرفون معنى هذه الآية، لو أنك نظرت نظرةً خلاف ما أمر الله عزّ وجل، هذه النظرة مسجلة، سوف تحاسب عليها، فلو أن طبيباً يعالج امرأة، ونظر إلى عضو لا تشكو منه، فإن اللهَ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لو أنك قسمت شيئاً بينك، وبين أخيك، وأخذت أكثر مما أخذ، ولو كان طفيفاً لسجل عليك يوم القيامة، هذه الآية تكفي، بل والله هذه الآية تقسم الظهور، والذي لا يخاف الله عزّ وجل أحمق وغبي, قال تعالى:
﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾
الأدلة الواردة من السنة على يوم الحشر:
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا, ثُمَّ قرأ: ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ). وأَوَّلَ من يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ, وَإِنَّ أناساً من أصحابي َيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ, فَأَقُولُ: أصحابي أصحابي, فَيُقَول: إِنَّهم لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ, فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ... إلى قوله الحكيم) "
أنا كما ترون، أحب أن نبقى في القرآن، وكل حقيقة تُليت في القرآن, وفي أحاديث النبي العدنان عليه الصلاة والسلام، ما كان منها صحيحاً، وما كان منها متواتراً، وما جاءت بها كتب الصحاح، إذا بقينا في القرآن وفي هذه الأحاديث الصحاح، كان الذي نقوله حقاً وصدقاً, وهذا الموضوع كله موضوع إخباري، لا مجال للتحليل، ولا للزيادة، ولا للتعديل إطلاقاً، إنها حقائق وردت من خلال الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة.
ما هي وسائل الإثبات لإدانة المكلف في يوم المحشر:
1- شهادة كتب الأعمال مع الموكلين في تسجيلها وهم الملائكة:
أمّا وسائل الإثبات لإدانة المكلف فهي: شهادة كتب الأعمال, مسجل فيه كل حركاته، وكل سكناته، وكل أمواله في البيع والشراء، علاقاته الخاصة والعامة، زواجه، طلاقه، تربيته لأولاده، علاقته بجيرانه، اغتصابه لأموال الآخرين، تطاوله عليهم، أكله لحقوقهم، كل أعمال الإنسان, قال تعالى:
﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾
تصور رجلاً عاش سبع وستين سنة، إذا دخل البيت، وتصرف تصرفاً قاسيًا مع زوجته بلا سبب، سجلت عليه، أكل أكلاً, ونسي الطرف الآخر، سجلت عليه، طُرق الباب، وطُلب منه مساعدة، فقال: ما عندي, رفض أن يساعد، سجلت عليه، جاءت امرأة إلى البيت فنظر إليها، سُجلت عليه، فكل حركة، وكل سكينة, مسجلة عليه، هذا إذا كان سجل في كل يوم ستين أو سبعين صفحة, على 67 سنة فهي مجلدات.
وهناك آيات أخرى, تؤكد أن كتاب الأعمال مرقوم، ومرقوم لها معنيان:
1- المعنى الأول: صفحاته مرقمة ومختومة، ولا مجال للمراوغة والاحتيال. مع موظف في المالية, هل تستطيع أن تمزق صفحة؟ هذا معنى مرقوم، أي له أرقام ثابتة.
2- المعنى الثاني: من الرقم وهو الوشم، كل مخالفة مع صورتها، أي كل عمل وصورته تكون ملونة أيضاً.
ألم تفعل هذا العمل؟ هذه إدانة، فأكبر دليل يوم القيامة، شهادة كتب الأعمال التي سجلت فيها أعماله، وأقواله في الحياة الدنيا, قال عز وجل:
﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾
﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾
فأنت في الدنيا, إذا طلبك رئيسك في العمل، واتصل بالذاتية أعطونا الإضبارة، هناك نقص في المستودع، فأطلعك عليهم واحدًا واحدًا، إذا قرأها على مسامعك فقط، بماذا تشعر؟ هذا في الدنيا.
ثم تأتي شهادة الملائكة الكرام الكاتبين، الذين قاموا بوظيفة تسجيل الأعمال في الدنيا, دليل ثاني على إدانة هذا المكلف.
2- تسليم المكلفين كتبهم:
ويُسلم المكلفون كتب أعمالهم يوم القيامة بأيمانهم، إذا كانوا من أهل اليمين:
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾
وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أو من وراء ظهورهم إذا كانوا من أهل الشمال في الحياة الدنيا، وهم الذين كفروا وعملوا السيئات, قال تعالى:
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً *وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً﴾
هذا الكافر، إنه كان في غفلة، فقدْ كان له بيت فخم، وسيارة، وأموال، وولائم، وسهرات حمراء وخضراء، واعتداء على الأعراض، إنه كان في أهله مسروراً، أما المؤمن قال تعالى:
﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾
مثله - وله المثل الأعلى - كمثل الطالب جاء إلى البيت، ومعه جلاؤه، وقد نال الدرجة الأولى، يأتي فرحاً، بين أن ينقلب إلى أهله مسروراً، وبين أنه كان في أهله مسروراً، فالفرق كبير بين الحالتين, قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾
ما هي الأدلة إذا اعترف أو أنكر الإنسان هذه الأعمال:
1- شهادة الإقرار بالنفس:
شهادة الإنسان على نفسه بإقراره، واعترافه بجرمه، والاعتراف في القضاء سيد الأدلة، فإذا زنا شخص يجب أن نقيم عليه حدّ الرجم، ولا بد من أربعة شهود رأوه رأي العين، فإذا جاء الزاني المحصن، وأقرّ على نفسه، فليس هناك حاجة للشهود، لأن الاعتراف سيد الأدلة، والصلح سيد الأحكام.
2- شهادة الأعضاء:
الدليل الثاني: لو حاول الإنسان يوم القيامة أن يكذب, يختم على فمه، وتنطق أعضاؤه بجرمه، فتنطق جوارحُه يوم القيامة بإذن الله وقدرته شاهدة عليه، قال تعالى:
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
" كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ؟ قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ قَالَ يَقُولُ بَلَى قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي قَالَ فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ انْطِقِي قَالَ فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ قَالَ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ قَالَ فَيَقُولُ بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ "
تحدَّثنا عن العرض، والسؤال، والحساب، والميزان، وكتب الأعمال، وشهادة الملائكة والجوارح، وفي درس قادم إن شاء الله نأخذ الصراط، ثم الجنة والنار.