- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠1العقيدة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الأدلة القطعية على رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام:
4- الاستدلال بالمعجزة التي يجريها الله على يد النبي:
لازلنا في موضوع الإيمان بالرسل, وقد تحدثنا في الدرس الماضي عن الدليل الثالث على الإيمان بالرسل, وهو ما ورد في الكتب السماوية السابقة من بشارات بالأنبياء بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام, واليوم ننتقل إلى الدليل الرابع من الأدلة على صدق إرسال الرسل ونبوة الأنبياء إن شاء الله:
الدليل الرابع: هو الاستدلال بالمعجزة التي يجريها الله سبحانه وتعالى على يد النبي: لقد علمنا من تاريخ الأمم أن كل أمةٍ جاء فيها رسول يدّعي النبوة كانت تطلب منه برهاناً على صدقه, ومن حقها أن تطالب بهذا البرهان إن لم يحصل لها العلم بنبوته من طريق آخر, وذلك للتثبت من صحة نبوته, يشهد بهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام:
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَة "
كل نبي أيده الله سبحانه وتعالى بمعجزة تُثبت لقومه أنه نبي, ما المعجزة؟ فالمعجزة: ممكنة عقلاً، ممتنعة عادةً، يجريها الله على يد من أراد أن يؤيده ليثبت بذلك صدق نبوته وصحة رسالته. الذي خلق الماء، أعطاه هذا التركيب، هذه السيولة هو الذي صممه هكذا، هو قادر على أن يجعله طريقاً يبساً, فالمعجزة ممكنة عقلاً, ممتنعة عادة, لذلك لا تُجرى إلا على يد نبي تأكيداً للناس على أن هذا هو نبي مُرسل من عند الله سبحانه وتعالى, أن يضرب موسى بعصاه الحجر فتنفجر اثنتا عشرة عيناً، هذه معجزة، أن يأتي سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فيحيي الميت، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، أو ينبئهم بما في بيوتهم, هذه أشياء لا يستطيع بشر أن يفعلها، إنها فوق إمكانات البشر، الحواجز المادية تحجب علم البشر، سيدنا موسى أمسك العصا فإذا هي ثعبان مبين، نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين، ضرب البحر فأصبح طريقاً يبساً، ضرب الصخر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، هذه كلها أشياء ممتنعة عادة، ممكنة عقلاً، خالق الكون بإمكانه أن يفعل ما يشاء هو على كل شيء قدير قال الله:
﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾
مما تعلمنا في الكيمياء أن العناصر لها نواة, وحول النواة كهارب, هناك عنصر حوله كهروب واحد، هذا أبسط العناصر، هناك عنصر حوله كهروبان وهكذا, فهناك عنصر بنيته صلبة, وهناك عنصر آخر بنيته غازية، والعناصر كما تعرفون: إما أن تكون صلبة كالمعادن وأشباه المعادن، وإما أن تكون سائلة, وإما أن تكون غازية، فبين عنصرين أحدهما صلب والآخر غازي كهروب واحد, فلو أن الله سبحانه وتعالى أجرى تعديلاً طفيفاً على بنية العنصر كان غازاً فصار صخراً، كان ماءً فصار طريقاً يبساً، فالمعجزة ممكنة عقلاً، هو الخالق، هو المصمم، هو المخطط، الذي أعطى الحديد هذه القساوة يمكن أن يجعله ليناً قال الله:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾
الخالق الذي جعل الإنسان عن طريق أب وأم, يمكن أن يجعله عن طريق أبٍ من دون أم، أو عن طريق أمٍ من دون أب، فالمعجزة كما تحدثنا عنها في دروس سابقة حينما وصلنا إلى واجب الوجوب والمستحيل والممكن، فأي شيء آخر غير الشيء الذي عليه ممكنة عقلاً، فممكن أن يكون الماء صلباً والحديد سائلاً، ممكن أن يعيش الإنسان بدون طعام، كل شيء ممكن، لذلك ربنا عزّ وجل قال:
﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾
فالذي صممه أن يعيش بالطعام, يمكن أن يصممه أن يعيش من دون طعام، لكن هذا الذي هو عليه الإنسان هو ليس في الإمكان أبدع مما كان, هو أنسب وضع له، فهذا الذي ينكر وقوع المعجزة فقد عطّل تفكيره, هذا الكون من صممه؟ خالقه, مادام قد صممه على هذا الوضع فبقدرة الخالق أن يصممه تصميماً آخر,على وضعٍ آخر, النار من أعطاها قدرة الإحراق؟ الله سبحانه وتعالى الذي أعطاها قدرة الإحراق يستطيع أن يسلبها هذه القدرة قال الله:
﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾
قال المفسرون: لولا أن الله عزّ وجل قال:
﴿وَسَلامًا ﴾
لمات من شدة البرد وهو في النار قال تعالى:
﴿بَرْدًا وَسَلامًا ﴾
إذا فكرت في الكون تستشف عظمة الخالق، لا تستبعد أن تقع أية معجزة يجريها الله عزّ وجل على يد نبيه, فالإيمان بالمعجزة أمر ممكن عقلاً ممتنع عادة، لا يستطيع أن يفعلها سائر البشر، حينما يأتي النبي بهذا, فهذه شهادة من عند الله بأن هذا الرسول رسولي وهو صادق فيما يقول, لأن الذين يتحداهم الرسول بالمعجزة بشراً أو غيرهم، لا يستطيعون الإتيان بمثلها منفردين ولا مجتمعين في حدود قدراتهم الممنوحة لهم بحسب مستواهم, أحياناً يجري الله سبحانه وتعالى المعجزة على يد النبي من دون أن يطالَبَ بها، وأحياناً يُطالَبُ بها, فإذا جاءت من دون طلب, فمعنى ذلك أن حكمة الله سبحانه وتعالى اقتضت أن تؤيد هذا النبي الكريم بهذه المعجزة, وإن طُولب بها النبي فكان الإتيان بها تحدياً لهؤلاء المعاجزين، الذين علقوا إيمانهم بهذا النبي على أن يأتي لهم بمعجزة.
من شروط المعجزة:
1- أن تكون خارقة للعادة:
العلماء وضعوا بعض الشروط للمعجزة:
أولاً: أن تكون من الأمور الخارقة للمعتاد المألوف في قوانين الكون وأنظمته الدائمة: مثلاً لو أصيب إنسان بمرض, وجاء الطبيب وفحص المريض, وعرف الداء وشخّص له الدواء, وتناول الدواء وشفي الداء، هذا أمر ممكن عادة, فلا يسمى إبراء هذا المريض بمعجزة، ولكن أن يأتي نبي كريم فيضع يده على هذا المريض فيشفى، يضع يده على عينيه فيبصر، يضع يده على جلد الأبرص فيعود جلداً ناصع البياض متألقاً، هذا هو الخارق للعادة، يجب أن تكون المعجزة خارقة للعادة, أما إن كانت وفق مألوف العادة لا ترقى إلى مستوى المعجزة.
2- التحدي:
ثانياً: أن يتحدى بها النبي من تناولتهم دعوته وشملتهم رسالته: فإن جرى خارق العادة على يد غير مدعي الرسالة، المتحدي بالإتيان بمثلها فإنــها لا تكون معجزة وقد تكون كرامة، يعني يجب أن تتم هذه على يد النبي نفسه، ولو تمت على يد آخر هذه ليست معجزة إنما هي كرامة.
3- أن تتعذر معارضته:
ثالثاً: أن تَعجز الأمة وجميع البشر عن المعارضة بمثلها على الصورة الخارقة التي تم تحديهم بها: يعني أن يصل الإنسان إلى كوكب بمركبة هذا ليس بمعجـزة, لأن قوانين الأرض كلها طُبقت على هذه المركبة، فهذه المركبة فيها ضغط جوي، فيها هواء، فيها طعام، فيها اتصال لاسلكي، هذه البذلة الفضائية التي ارتداها رواد الفضاء، فيها ضغط كاف، فيها هواء مضغوط، فيها تنفس، فحينما يتم خرق العادة وفق قوانين الأرض هذا لا يُعد معجزة، ولكنه يجب أن تتم خلافاً لقوانين الأرض، حتى أن صعود الإنسان إلى القمر كان وفق قوانين الأرض، ما هي المركبة الفضائية؟ هي جميع الشروط المتوافرة على سطح الأرض جمعت في هذه المركبة, هذا وفق قوانيــن الأرض، لكن الإسراء والمعراج معجزة، لأنها خلاف القوانين التي ألفها البشر، ولكن هذه المعجزة ليست للناس، إنها خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام:
﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾
4- أن لا تكون مكذبة له:
رابعاً: يشترط في المعجزة بالإضافة إلى الشروط السابقة ألا يكون الأمر الخارق للعادة متضمناً تكذيب مدعي النبوة الذي جرى هذا الأمر الخارق على يديه: قد يأتي على يديه أمر خارق لكن يُكذبه لا يصدقه, كما حكي أن مسيلمة الكذاب لما قيل: إن محمداً وضع يده على عين أرمد فشفيت، فأرنا مثل ذلك فوضع يده على عين أرمد فعميت، هذا العمل خارق للعادة لكنه كذّبه ولم يصدقه, أما إذا طُلبت المعجزة تعنتاً، وشططاً، واستخفافاً، فأغلب الظن أن الله سبحانه تعالى لا يستجيب لهؤلاء المتعنتين، أنت كمعلم حينما تُسـأل بدافع الفهم تُجيب, أما حينما تُسأل بدافع آخر لا تجيب قال تعالى:
﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾
افعل ما شئت لن نؤمن بك، إذاً هؤلاء القوم لا يستحقون أن يجري الله لهم معجزة، كفار قريش طلبوا من النبي عليه الصلاة والسلام بعض المعجزات تعنتاً، وسخريةً، وتعجيزاً، وقالوا:
﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً﴾
تعليق صغير: أن الذي يتعامى عن ما في الكون من معجزات، الكون بوضعه الراهن, بأنظمته الطبيعية، بسننه الثابتة، بقوانينه المحكمة، هو بحد ذاته معجزة، فمن تعامى عن هذه المعجزة، لن يؤمن بخرق هذه العوائد، لذلك ورد في الأثر::
"حسبكم الكون معجزة "
الكون بما فيه دليل على المعجزة:
الشمس: ستة آلاف درجة على سطحها، عشرون مليون درجة في باطنها، مضى تألقها خمسة آلاف مليون عام، فمن أين تأتي الشمس بهذه الطاقة؟ هناك نجمٌ يسع الشمس والأرض مع المسافة بينهما، هناك ثقوب بالفضاء سوداء إذا دخلتها الأرض أصبحت كالبيضة مع وزنها نفسه
خلق الإنسان معجزة، هذا القلب الذي ينبض في رحم الأم، قلب الجنين الذي ينبض وهو في الرحم، ليس هناك هواء وليس هناك رئة، الرئة معطلة والهواء غير موجود، فالله سبحانه وتعالى بحكمة بالغة جعل بين الأذينين ثقباً، للقلب أذينان وبطينان، الذي اكتشفه عالم اسمه بوتال هذا الثقب يسمح بمرور الدم من الأذين الأيسر إلى الأذين الأيمن، لأن الدم يتلقى ويتجدد ويكسب الأوكسجين عن طريق دم الأم من خلال المشيمة، فيأتي الدم إلى الأذين الأيسر فينتقل عبر هذا الثقب إلى الأذين الأيمن في الجنين, هذا الجنين خرج إلى الدنيا وأمسكته القابلة من قدميه, واستنشق الهواء لأول مرة، وصرخ صرخته المعهودة, ما الذي حصل؟ هكذا الأطباء قالوا: قال تأتي جلطة فتغلق هذا الثقب، والله إنها معجزة, لو أن الإنسان بقي ثقبه مفتوحاً لأصيب بمرض اسمه مرض الـزرق الذي لا يسمح للإنسان أن يعيش فوق عشر سنوات، يحتاج لكي يسير أمتاراً إلى جهد كبير، دمه أزرق، لأن الدم بدل أن يذهب إلى الرئة ليتخلص من غاز الفحم، ويأخذ الأوكسجين من الهواء الخارجي، ينتقل مباشرة عبر هذا الثقب إلى الأذين الأيمن، إذن يبقى الدم غير نقي, من أين يأتي الإنسان بالطاقة؟ يحتاج إلى أوكسجين لحرق المواد السكرية، فلو أن هناك عملية جراحية معقدة تُجرى لهذا الإنسان، العلماء قالوا: احتمال نجاحها 30% وتكلف أكثر من 200 - 300 ألف ليرة، يحتاجون إلى شق الصدر بالمنشار، وتوسيع هذه الريش وإخراج القلب من مكانه، وقطع الشرايين الكبرى، ووصلها بقلب صناعي, وشق القلب، وفتح الجدار بين الأذينين، وإغلاق هذا الثقب عن طريق الخياطة وبعدئذٍ يمسدون القلب، إما أن يتحرك وإما أن يموت، احتمال الموت بالمئة سبعين، يد من وصلت إلى هذا الثقب وأغلقته؟ إنها معجزة.
طائر يطير من شمال أمريكا إلى جنوبها، أطول رحلة يقوم بها 86 ساعة طيران متصلة، هل في الأرض كلها طائرة تطير في الجو ستاً وثمانين ساعة متصلة؟ أليس هذا معجزة؟
أن يأتي سمك من أعالي الأنهار في أمريكا ويتجه نحو المحيط الأطلسي، إلى أن يصل إلى غرب أوروبا، ينمو ويكبر، ثم يعود إلى مسقط رأسه، هذا السمك، وهو على سواحل فرنسا أو سواحل إسبانيا فيتجه غرباً إلى مسقط رأسه، لو كانت زاوية اتجاهه درجة زيادة، يأتي إلى شمال أمريكا، فكيف يتجه هذا السمك وهو تحت الماء إلى مصب الأمازون؟ كيف يرسم له هذا الطريق ؟ أليس هذه معجزة ؟ سمك من أعالي النيل " ثعبان الماء"، يخرج من أعاليه إلى البحر المتوسط يتجه غرباً إلى مضيق جبل طارق، يصعد شمالاً على سواحل إسبانيا، ثم يدخل بحر المانش ليصل إلى بحر الشمال ويعود من حيث جاء، أريد أن أؤكد لكم أن الكون بحد ذاته هو معجزة, كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: " حسبكم الكون معجزة ".
خلق الإنسان, تحدثنا عن المخيخ يوم الجمعة, التوازن، هل التوازن سهل؟ عملية بالغة التعقيد، أن تمشي على قدميك، أن تقف، أن تركع، أن تسجد، أن تقوم، لولا هذا الجهاز العصبي، لما أمكنك أن تفعل هذا، لكن لو كان أحد يمشي وشاهد أفعى، ماذا يحدث له؟ من منكم يصدق أن هناك أعمال داخلية تجري في الجسم لا يصدقها العقل، إذا وقعت عين إنسان على منظر أفعى, يتم الإحساس بالعين, وتنتقل الصورة عبر العصب البصري إلى الدماغ، الدماغ يترجم هذه الصورة، في الدماغ إدراك, وفي العين إحساس، الدماغ يدرك أن هذه أفعى وخطيرة وسمها خطير، وقد تكون لدغتها مميتة، الدماغ ملك الجهاز العصبي، يأمر ملكة الجهاز الهرموني وهي الغدة النخامية، ملكة جميع الغدد الصماء في الجسد تأتمر بأمر ملكة واحدة هي الغدة النخامية، لا يزيد حجمها على حبة العدس في الدماغ، الدماغ يأمر ملكة الغدة النخامية النظام الهرموني عن طريق ضابط اتصال, هناك ضابط اتصال بين المخ وبين الغدة النخامية, هذا الضابط هو الجسم تحت السرير البصري في جذع الدماغ، الغدة النخامية تعطي أمراً عاماً إلى الكظر، غدة فوق الكلية، هناك خطر أيها الكظر تصرف، " هذه كلها كلمات مجازية، ليس هناك إلا الله عزّ وجل "، الكظر يصدر أمر هرموني إلى كل الشرايين والأوردة بتضييق لمعتها لتوفير الدم للعضلات، تجد رجل له وجه أزهر مورّد، فإذا خاف اصفر وجهه، أين لونه الأحمر؟ لأنَّ الكظر أعطى أمر لكل الشرايين لتضييق اللمعة، لقد ذهب جزء من دمه الذي قد وفرناه من الشرايين ليتجه إلى العضلات ليعينها على مواجهة الخطر، يصدر الكظر أمراً ثانياً إلى القلب بمضاعفة ضرباته، لماذا ؟ لأن سرعة الدم في الشرايين تحددها عدد ضربات القلب، فمن أجل تلبية حاجة العضلات إلى الطاقة، الدم يسرع في الشرايين عن طريق سرعة ضربات القلب، من أعطى القلــب هذا الأمر, قال: الكظر؟ لو أن القلب أسرع والرئة على الوضع الطبيعي، مستحيل، لا يلحق القلب، لابد من أن يزداد خفقان الرئتين من أجل تلبية حاجة القلب بتصفية الدم، يخرج أمر رابع للكبد بطرح كمية سكر زائدة في الدم من أجل أن تحترق، وتوفر للعضلات طاقة، أليس هذا معجزة؟ فهل تدري ماذا حصل؟.
لماذا الماء، اجعل الماء بدرجة الغليان لمئة درجة وبرّده لتسعين درجة لانكمش، لو لدينا أجهزة دقيقة جداً تقيس حجم الماء لانكمش "70/60/40/30/10/9/8/5/+4 درجات" وبعد هذه الدرجة ينعكس الموضوع يزداد حجم الماء، فلولا هذه الظاهرة لما كنّا على سطح الأرض, لولا أن الماء يزداد حجمه عندما يصل تبريده إلى درجة + 4، البحار يتجمد منها القسم السطحي فقط، كلما تجمد الماء، ازداد حجمه، قلّت كثافته، طفا على سطح الماء، بهذه الطريقة تبقى البحار كلها سائلة, لو أنه برد انكمش، فزادت كثافته، فغاص في الماء، خلال سنوات تصبح البحار كلها متجمدة من سطحها إلى أعماقها، وإذا تجمدت انعدم التبخر، وإذا انعدم التبخر انعدم المطر، وإذا انعدم المطر انعدم الإنبات، وإذا انعدم الإنبات مات الحيوان، وإذا مات الحيوان مات الإنسان وانتهت الحياة كلها من على سطح الأرض، أليس هذا بمعجزة؟
أشعة الشمس أشعة قاتلة، فيها مواد ضارة بالإنسان, من خلق طبقة الأوزون، هذه الطبقة تحمي الكائنات الحية التي على سطح الأرض من أشعة الشمس الضارة، كل سبعة أشخاص في أمريكا، واحد منهم مصاب بسرطان الجلد, السبب؟ أن كثرة إطلاق الصـواريخ والمركبات، طبقة الأوزون تخلخلت، من تخلخل هذه الطبقة نفذت أشعة الشمس المؤذية، من خلق طبقة الأوزون؟ أليست هذه بمعجزة؟
هذه الشجرة لو أنَّ الماء انقطع عنها؟ هذه الشجرة ماذا يحصل لها؟ أول شيء يحصل لها أن أوراقها تذبل، لماذا كان الذبول في أوراقها؟ لأن الشجرة إذا انقطع الماء عنها تستهلك أول ما تستهلك ماء أوراقها، ثم تستهلك ماء الأغصان، ثم تستهلك ماء الفروع، ثم تستهلك ماء الجذع، ثم آخر ما تستهلكه ماء الجذور، حفاظاً على الأمل، يعود البستاني إلى بستانه بعد شهرين الشجرة يابسة, لكن بقية حياة في جذرها، يسقيها فتعود كما كانت؟ والله أشعر مهما تكلمت عن ظواهر الكون العدد لا يُحصى، وهذا العلم محدود، ربنا عزّ وجل قال:
﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾
تكريم الله للنبي محمد بأن جعل معجزته مستمرة إلى يوم القيامة:
لذلك من تكريم الله سبحانه وتعالى لنبينا عليه الصلاة والسلام أن المعجزة التي جاء بها مستمرة، وهي القرآن الكريم, أما المعجزات التي جاء بها الأنبياء انقلبت إلى أخبار, كوقائع انتهت بقيت أخباراً، لما فرعون تتبّع سيدنا موسى فانتقل من ضفة إلى أخرى كلها ماء، فهذه معجزة انتهت وبقيت خبراً, إما أن تصدقه إن كنت مؤمناً أو تكذبه إن كنت غير ذلك, لكن المعجزة التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام وهي القرآن الكريم مستمرة, قال الله:
﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
سوف نتابع هذا الموضوع إن شاء الله تعالى في دروس قادمة.