وضع داكن
29-03-2024
Logo
العقيدة الإسلامية - الدرس : 20 - الإيمان بالملائكة : أصناف الملائكة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أعداد الملائكة:

 وصلنا في الدرس الماضي في موضوع الملائكة إلى أعداد الملائكة, فالملائكة لا تحصى أعدادهم و هناك ما يثبت ذلك فقد قال الله سبحانه وتعالى:

﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾

(سورة المدثر الآية: 31)

 

 والملائكة من جنود الله عز و جل، و من جنود الله عز و جل الكائنات الدقيقة التي لا ترى بالعين قال الله:

 

﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ﴾

 

( سورة المدثر الآية: 31)

 هذا النفي و الاستثناء المقصود به أن أعداد الملائكة لا تعد ولا تحصى والنبي عليه الصلاة والسلام

" قَالَ: إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرً "

( أخرجه الترمذي وابن ماجه في الزهد )

 

مشاهد من الفضاء الخارجي:

 المسافات بين النجوم يصعب على العقل تصورها يعني الفضاء الخارجي شيء عجيب جداً, بين المجرات مسافات شاسعة الله سبحانه و تعالى ذكرها في كتابه الكريم قال:

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

(سورة الواقعة الآية: 75- 76)

  إذا كان أقرب نجم للأرض عدا المجموعة الشمسية يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية, فإذا ظهر منه ضوء إلى أن يصل الضوء إلينا يحتاج إلى أربعة آلاف عام, ضوء القمر يصل إلينا في ثانية واحدة, ضوء الشمس في ثماني دقائق, المجموعة الشمسية ثلاث عشرة ساعة, نجم القطب أقرب نجم إلى الأرض عدا المجموعة الشمسية يحتاج ضوءه إلى أربعة آلاف سنة ضوئية, لو أن هناك طريقاً إليه و ركبنا سيارة لاستغرقت الرحلة أكثر من سبع وعشرين مليون مليون سنة هذا أقرب نجم، وأبعد نجم اكتشف حديثاً ثلاثة عشر ألف مليون سنة ضوئية, فضوء هذا النجم كان قد تألق و النجم في هذا المكان ومضى على تألقه ثلاثة عشر ألف مليون سنة والآن وصل إلينا, أين هذا النجم ؟ لا ندري, هذه المجرات سرعتها تقترب من سرعة الضوء يعني تقطع في الثانية الواحدة مائتين وأربعين ألف كيلو متر, و كانت في هذه الجهة قبل ثلاثة عشر ألف مليون سنة فأين هي الآن ؟

﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

( سورة الواقعة الآية: 75-76)

 لو تعلمون, لو تدرسون, لو تطلعون على حقائق الفلك, لو توضع هذه الحقائق بين أيديكم لخشعتم لله عز و جل لذلك يقول الله عزّ وجل:

﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾

( سورة فاطر الآية: 28)

 العلماء وحدهم يخشون الله, فكن عالماً حتى تخشى الله ولن تخشاه إلا إذا كنت عالماً, و لا يستخف بأوامر هذا الدين إلا الغبي الجاهل الأحمق " أطّت " يعني صوتت لكثرة الملائكة قال عليه الصلاة والسلام:

" أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا و فيه ملك ساجد أو راكع "

( أخرجه الترمذي وابن ماجه في الزهد )

 فأعداد الملائكة إذن ما في هذه السموات و ما في هذا الفضاء الخارجي موضع قدم إلا و فيه ملك ساجد أو راكع.

أصناف الملائكة:

1- جبريل عليه السلام ووظيفته:

 فقد جاء في النصوص الشرعية أن الملائكة أصناف, وكما قلت لكم في الدرس الماضي إن هذا الموضوع له مصدر واحد هو كتاب الله و ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم, و لا نستطيع أن نزيد على النصوص شيئاً, هذا الموضوع مسلك الإيمان به مسلك الخبر الصادق, و الخبر الصادق هو القرآن الكريم لأنه قطعي الثبوت قطعي الدلالة يضاف إلى القرآن الكريم ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم، فهناك الصنف الأول أكابر الملائكة و من أكابر الملائكة سيدنا جبريل و ميكائيل و في التنويه بهما قال الله تعالى:

﴿مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 98)

  أما جبريل عليه السلام فهو صاحب الوحي إلى الأنبياء و الرسل عليهم السلام و في التنويه بوظيفته و أمانته قال الله تعالى في سورة الشعراء:

﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾

(سورة الشعراء الآية: 192- 194)

 فسيدنا جبريل من أسمائه في كتاب الله أنه أمين و حي السماء, و من أسمائه أنه الروح و هذا الروح الأمين قال الله:

﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾

( سورة الشعراء الآية: 193)

 و قد بيّن الله سبحانه و تعالى أفضليته إذ شرفه فخصه بالذكر و قدمه في الترتيب على سائر الملائكة و جعله ناصراً لرسوله في معرض تهذيب نساء الرسول حينما تظاهرن عليه قال الله:

﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾

(سورة التحريم الآية: 4)

 ما هذا الكيد يا رب ؟ فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير, وصالح المؤمنين كما يقال في تفسير هذه الآية أبو بكر و عمر والملائكة بعد ذلك ظهير كل هؤلاء ليقفوا في وجه كيد النساء قال الله:

﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾

(سورة يوسف الآية: 28)

 لذلك وصف ربنا عز وجل كيد الشيطان قال:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾

( سورة النساء الآية: 76)

  ووصف كيد النساء قال:

 

﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾

 

( سورة يوسف الآية: 28)

 نعوذ بالله من كيد النساء, فأحياناً امرأة واحدة تسبب خصومات و قطيعة بين خمسة أسر وقد تودي إلى الطلاق و إلى الجريمة, والخبراء في الجرائم يقولون: في كل جريمة فتش عن امرأة " استنباط جانبي "، وسماه الله روح القدس، والقدس خلاصة الطهارة وأصلها وسرها شيء مقدس طاهر نقي وذلك تكريماً له فقال تعالى في سورة البقرة:

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 87)

 و مدحه الله سبحانه تعالى في ست صفات معروضة في كتاب الله فقال في سورة التكوير:

﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾

 

(سورة التكوير الآية: 19-21)

  لذلك قال بعض العلماء: إن جبريل رئيس الملائكة و الجان ومما يدل على رياسته " لك أن تقول: رئاسته و رياسته, رئاسته على التحقيق و رياسته على التخفيف و على التسهيل " إنه أمين في تبليغ رسالات ربه القولية و العملية هذا عن سيدنا جبريل.

2- ميكائيل وإسرافيل ووظيفتهما:

 أما سيدنا ميكائيل أو ميكال فقد ورد أنه صاحب أرزاق العباد الموكل بها, و من جملة أكابر الملائكة الذين وردت بهم الأخبار إسرافيل فقد ورد أنه صاحب الصور:

﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً﴾

(سورة النبأ الآية: 18)

 الذي ينفخ فيه بأمر الله النفخة الأولى فيهلك من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله, استثناهم من الموت بهذه النفخة لأن الله يتولى قبض أرواحهم بدون وساطة في نفخة الصور, ثم ينفخ فيه النفخة الثانية فيبعث كل المخلوقات إلى الحياة بعد الموت قال تعالى:

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾

(سورة الزُمر الآية: 68)

 الصور طبعاً البوق, والبوق كما قال العلماء: مخلوق أعده الله ليكون به النفخ لإهلاك الأحياء في السموات و الأرض عند قيام الساعة.

3- ملائكة الموت ووظائفهم:

  أما عزرائيل فهو ملك الموت, لكن كلمة عزرائيل لم ترد في الكتاب ولا في الأحاديث الصحيحة ولكنها وردت في الأخبار المأثورة, لكن عزرائيل اسمه شائع جداً بين الناس لشدة علاقتهم به، لقوله:

﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾

(سورة القصص الآية: 88)

 الذي يتولى عملية الموت هم صنف من الملائكة يرأسهم ملك الموت عزرائيل عليه السلام, فالأتباع يقومون بمعالجة الروح من الجسد ومالك الموت يقبض الروح قال الله:

﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾

(سورة الأنعام الآية: 61)

 هؤلاء الرسل يأتون إلى المؤمن بأجمل صورة، واحد على فِراش الموت وأولاده من حوله قال لهم: قبِّلوا يد عمّكم، أين عمكم ؟ لا يوجد أحد، أحب الناس إليه أخوه فجاء الموت بصورة أخيه, وقد يأتي ملك الموت بأبشع صورة, وقد يأتي على شكل ثعبان أقرع أو على شكل مخلوق مخيف، واحد طرقَ الباب على صديقه فسمع صُراخاً فتوقّع أنّهُ ميتٌ يموت فغادر, وبعدما غادر فُتِحَ الباب استغرب ! ودخل لِعنده وجدهُ يرتجف فسألهُ: خيراً, فأجابه: أتُشاهد هذه الطاقة هناك خرج منها واحد مُخيف ذو قرون وجهه كبير أسود، أظافرهُ طويلة يريد أن يخنقني ؟ هذا ملك الموت.
 كلما قضى الإنسان حياته بالطاعة بضبط نفسه، وبغض بصره، وبتحرير دخله وبالإحسان إلى الناس وبذكر الله، فإنه يستحق أن يموت ميتة يشتهيها كل إنسان, ينقلب القبر روضة من رياض الجنة وفي آية أخرى:

﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾

(سورة السجدة الآية: 11)

 رسلنا الملائكة و ملك الموت رئيس ملائكة الموت كما روت الأخبار والآثار سيدنا عزرائيل, ومن تفسير بعض الآيات:

﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً﴾

(سورة النازعات الآية: 1-2)

 النازعات ملائكة الموت ينزعون أرواح الكفار نزعاً، والناشطات ملائكة الموت يأخذون أرواح المؤمنين أخذاً نشطاً, وبعضهم قال: هناك ملائكة موكلون بأمور أخرى من تفسيرات هذه الآية:

﴿وَالصَّافَّاتِ صَفّاً * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً ﴾

(سورة الصافات الآية: 1-3)

﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً * فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً ﴾

(سورة الذاريات الآية: 1-4)

 من بعض تفسيرات هذه الآيات أنها الملائكة، و لها تفسير آخر أنها آيات كونية, وعلى كل هناك مهمات أخرى لا يعلمها إلا الله.

4- حملة العرش:

 

  من أصناف الملائكة أيضاً حملة العرش ليس معنا إلا هذه الآية:

﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾

( سورة الحاقة الآية: 16-17)

 لا تستبعدوا هناك آيات لا ندري تفسيرها إلا بعد الموت يعني كيف يحمل هؤلاء عرش الله عز و جل ؟ الله أعلم هكذا ورد في القرآن الكريم, و صنف آخر هم الحافون حول العرش قال تعالى:

﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

(سورة الزُمر الآية: 75)

 

5- ملائكة الجنة:

  من أصناف الملائكة أيضاً ملائكة الجنة, ففي وصف أهل الجنة قال الله تعالى في سورة الرعد:

﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾

(سورة الرعد الآية: 23-24)

6- ملائكة النار:

  من أصناف الملائكة أيضاً ملائكة النار و اسمهم الزبانية, فقد و صف الله تعالى سقر مبيناً أن المشرفين على العذاب فيها تسعة عشر من الملائكة فقال تعالى:

﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾

(سورة المُدثّر الآية: 26)

 هذا الذي:

 

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً ﴾

 

(سورة المُدثّر الآية: 18-31)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾

(سورة التحريم الآية: 6)

 فملائكة النار غلاظ شداد, وهل يكون السجّان ناعماً ؟ لا, و في تسمية ملائكة التعذيب بالزبانية ورد هذا في قوله تعالى:

﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾

(سورة العلق الآية: 15-19)

 رئيس ملائكة النار و خازنها اسمه مالك و الدليل على ذلك من قوله تعالى:

﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾

(سورة الزُخرف الآية: 77)

 أجمل وأدق وصف أن من كان في النار لا يموت فيها و لا يحيا, لا يموت فيستريح ولا يحيا فيسعد قال الله:

﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 77)

 

5- صنف من الملائكة موكلين ببني آدم ولكل واحد حسب وظيفته:

 

 هناك من أصناف الملائكة صنف موكل ببني آدم, منهم الموكلون بنفخ الأرواح في الأجنة, و منهم الموكلون بمراقبة أعمال المكلفين و حفظها و تسجيلها و كتابتها في صحف الأعمال, و عندهم القدرة على علم جميع ما يفعله الناس من خير أو شر دون غفلة أو نسيان قال الله:

﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾

( سورة ق الآية: 17-18)

 فالحركة والكذب والفحش و المزاح الرخيص و الغيبة والنميمة والسخرية والكبر كله مسجل, لكن العلماء قالوا: يمنع أن يسأل الإنسان كيف يكتبون ؟ وكيف يسجلون ؟ هذا شيء في علم الله سبحانه وتعالى, والذي يعنينا أنهم يكتبون و الحساب آنٍ و كتاب فيه كل صغيرة وكبيرة:

﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾

(سورة الكهف الآية: 49)

 في آية أخرى:

 

﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾

 

(سورة الإنفطار الآية: 9-12)

 فالمسجلة تسجل كل صوت لكنها لا تعلم أن هذا الكلام حق أو باطل, خير أو شر, فالملائكة ليسوا كائنات يتلقفون أعمال الإنسان من دون فهم, هم يعلمون أن هذا العمل خير وهذا شر وهذا يُعرض على الله، لذلك جاء في بعض الأحاديث الشريفة أن الله عز و جل رحمة بعباده جعل الملك الذي على الكتف الأيمن أميراً على الملك الذي على الكتف الأيسر, فإذا فعل الإنسان سيئة لا يستطيع ملك الشمال أن يسجل إلا بأمر من ملك اليمين, و ملك اليمين ينتظر لعله يتوب, لعله يندم, لعله يراجع نفسه, إذا فعل الإنسان الشر وأصر عليه وافتخر به ولم يتب منه, ولم يندم عليه عندئذ يأمر ملك اليمين ملك الشمال أن يكتب عليه هذا العمل:

 

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾

 

(سورة يس الآية: 12)

  هذه الآية دقيقة جداً نكتب ما قدموا و آثارهم كيف ؟ رجل مثلاً سرق و السرقة كتبت عليه, بعد أن يسرق و دون أن يتوب و دون أن يستغفر, وبعد أن يفعل هذه المعصية يكتب عليه هذا العمل هذا معنى قوله تعالى:

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ﴾

( سورة يس الآية: 12)

 و آثارهم, هذا الذي طلق هذه المرأة ظلماً فكفرت بربها لأنها حنقت على زوجها الذي يصلي, يصلي و طلقها لسبب تافه, وحينما حنقت عليه تركت الصلاة, وعندئذ خرجت عن طريق الحق فعلت ما فعلت, كل الذنوب التي ترتكبها هذه المرأة و ذريتها إلى يوم القيامة في صحيفة الذي طلقها ظلماً, فالإنسان قبل أن يطلق يجب أن يعد إلى المليون ولا سيما إن كان له أولاد من هذه الزوجة قال الله:

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾

( سورة يس الآية: 12)

 حينما قُمت بتصليح هذه السيارة ولم تعتنِ بضبط أجزائِها وأعطيتها لصاحِبَها فرَكِبَ مع أهلِهِ وأولادِهِ وزوجتِهِ فتدهورت ومات الزوج والزوجة بقي الأولاد الصغار، وهؤلاء لا مُعينَ لهم فنشأوا منحرفين، من يُصدّق أنَّ هذا الذي أهمل تصليح السيارة سيُحاسب عن هذهِ الآثار قال الله:

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾

( سورة يس الآية: 12)

 إنسان أرسل ابنه إلى بلاد الأجانب ليتعلّم اللغة الأجنبية، يسكن في غرفة عند أسرة، وهذه الأسرة متفلتة من الأصول فموضوع الزنا سهل عِندهم، فذهب إلى هذه البلاد وعاد يُتقن اللغة الإنكليزية لكنهُ عادَ زانياً, والله عزَّ وجل يُريهِ يومَ القيامة أنَّ هذا الابن الزاني كيف اختار امرأةً زانية ؟ وكيف أنجبَ منها ذُريّةً فاسدة ؟ وكيفَ أنَّ كُل الانحراف بسبب أنه أرسله ليُتقن اللغة الأجنبية فيُحاسب عن كُل هذا الفساد, ولذلك فالأب أو الابن يوم القيامة استحق أحدهما دخول النار ؟.

6- صنف من الملائكة موكلين ببني آدم يحفظونهم من كل شر:

 من أصناف الملائكة الموكلين ببني آدم المعقبات الحفظة الذين يحفظون الناس بأمر الله من كل ذي شر خفي أو ظاهر, أحياناً إنسان شرير يصرف عنك هذا ملك صرفه عنك, وأحياناً ننسى الكهرباء وهي مقطوعة لو أنها جاءت بالليل لأحرقت المحل، وبعد أن خرجت بخمسين متراً تعود إلى المحل من الذي أرجعك إلى المحل ؟ الملائكة, والدليل قوله تعالى:

﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾

(سورة الرعد الآية: 11)

 في حياة كُل واحد منا إذا كان طاهراً مؤمناً يشعر أن الله عزّ وجل قد نجّاه من آلاف الورطات ومن آلاف المشكلات، هؤلاء الصغار الملائكة يحفظونهم بأمر الله قد يقع مئة مرة على الأرض وقد تسمع جمجمته مثل الطنين حين يقع على الأرض ثم يقف لا شيء في صحته قال الله:

﴿ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾

( سورة الرعد الآية: 11)

 أحدهم أخبرني أن ابنه الصغير وقع من مقعد الجلوس إلى الأرض على السجادة مسافة لا تزيد عن الأربعين سنتمتراً فإذا بخرّاج في الجمجمة, و عملية كلفته عشرات الألوف وقلقاً و تعباً فالله عز و جل إذا حفظ فإنه يحفظ, أي إن للإنسان ملائكة يتعقبونه لا يفارقونه بل يُرافِقونَهُ في جميع الجهات, من بين يديه و من خلفه يحفظونه من المخاطر الظاهرة و الخفية بأمر الله و ضمن حدود قضاء الله و قدره.
 أحدهم يقول لك: كنت في سيارتي على الطريق فنمت, رأيت مناماً والسرعة 120 و بعدها صحي لا يزال على الطريق من أيقظه ؟ يحفظونه من أمر الله من هذا القبيل, هناك ملايين القصص هذه الآية دقيقة جداً، وهذه الآية تبث المحبة في قلوبنا تجاه الله عز و جل قال الله:

﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾

( سورة الرعد الآية: 11)

 أرسلت ابنتك إلى المدرسة في الصف الأول, لا يوجد عندها وعي قد تأتي سيارة مُسرعة وقد تقطع الطريق من يحفظها ؟ إذا كنت مسافراً وقرأت الدعاء " اللهم أنت الرفيق في السفر، و الخليفة في الأهل و المال و الولد " الله سبحانه وتعالى يحفظ لك الأسرة والولد, فمن يستجيب لك ويحفظ لك كل ذلك ؟ الله عز و جل يتفضل و يحفظ ذلك لك.

 

خلاصة الدرس:

 ملخص هذا الفصل: الملائكة مخلوقات مغيبة عنا لا نراهم, ذات أجسام نورانية قادرون على التشكل بالأشكال الجسمانية المختلفة المرئية لنا ويتمتعون بقدرات خارقة قال الله:

﴿ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾

(سورة النمل الآية: 39-40)

  عرش الملكة بلقيس ينتقل من اليمن إلى القدس قبل أن يرتد إليك طرفك لا حصر لهم, طائعون لله لا يعصونه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون, لا يتناكحون، ولا يتناسلون، ولا يأكلون، ولا يشربون, و إنما عباد مكرمون يحملون رسالات ربهم في العالمين ويؤدون وظائفهم في الأكوان بحسب مجرى الأقدار, وينفذون أوامر الله بحذافيرها على مراد الله العزيز الجبار.
 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور