وضع داكن
26-04-2024
Logo
الترغيب والترهيب - الدرس : 104 - كتاب النكاح وما يتعلق به - ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته وحسن عشرتها والمرأة بحق زوجها وطاعته وترهيبها من إسقاطه ومخالفته
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

حق الزوجة على الزوج:

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ))

[أبي داود عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ ]

 الرجال أيها الأخوة الكرام حينما تطالبهم زوجاتهم بمال وفير من أجل الدنيا فيكسبون المال الحرام إرضاءً لزوجاتهم، عندئذ يستحقون نار جهنم، وهم في النار يرون أن أعدى أعدائهم زوجاتهم، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ ﴾

 

( سورة التغابن الآية: 14 )

 هذه عداوة مآل، لذلك الزوج المؤمن ليس مطالباً إلا أن يطعم زوجته مما يأكل، لو أن دخله يسمح له أن يأكل أخشن طعام ليس عليه أن يطعمها إلا مما يأكل، وأن يلبسها مما يلبس، وألا يضرب، وألا يقبح، وألا يهجر إلا في البيت، هذا من حق المرأة، أما ليس من حقها أن تكسب المال الحرام من أجل أن ترضيها، عندئذ تنقلب عدوة لك إلى أبد الآبدين:

 

(( مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ))

 

[أبي داود عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ ]

 أما أن يطعمها أخشن الطعام، وأن يأكل هو في المطاعم مع أصدقائه أطيب الطعام، هذا ما أنزل الله به من سلطان، تأكل مما يأكل، وتلبس مما يلبس، مكانتها محفوظة عنده، لا يهينها، لا يضربها، لا يسبها، لا يقبحها، أما أن يغدو خادماً، أن تمتد يده إلى الحرام لترضى عنه، هذا هو المزلق الخطير الذي وقع به الأزواج، لذلك تقول له: يا فلان أعطني وأعطني، قال: اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك.
 هذا موقف الزوج المؤمن، الشرع لم يكلفك أبداً أن تطعمها أكثر مما تأكل، وكل إنسان له دخل، والفقر ليس عاراً، الفقر قد يكون وسام شرف، والحلم خلاق، والقيم الأخلاقية التي تجدها عند الفقراء لا تجدها عند الأغنياء الشاردين، أما المؤمنين على العين والرأس.

 

من تعين زوجها على طاعة الله فأجرها عند الله كبير:

 

 يا أيها الأخوة الكرام، أحد أكبر مزالق المسلمين أنهم من أجل إرضاء زوجاتهم يكسبون المال الحرام، مع أنهم ليسوا مكلفين إلا أن يطعموهن مما يأكلون، أما أن تضغط عليه بشيء فيه حرام، هذا لا يعترف به.
 إلا أن هناك ملاحظة، الإنسان أحياناً يكون فقيراً فقر كسل لا فقر قدر، عندنا فقر كسل، فقر قدر، فقر إنفاق، فقر الإنفاق محمود، وفقر الكسل مذموم، وفقر القدر معذور، إنسان عنده عاهة طرق الأبواب كلها، نشيط جداً، ذكي جداً، و لكن الأمور معسرة، هذا فقر القدر، عندئذ يطعمها مما يأكل، أما يكره عمله يعمل يوماً ويرتاح عشرة أيام، هذا فقير فقر كسل، وفقر الكسل مذموم، والإنسان عندما يعمل عملاً جيداً، ويطعم أهله أطيب الطعام، ويلبسهم أجمل الثياب، هذا نوع من العبادة أيضاً.
 كيف تستطيع أن تملك قلب أهلك ؟ بالإنفاق، لذلك لا يوجد صفة في الزوج منفرة كالبخل، و لا يوجد صفة محببة كالكرم، والإنسان بالمال يستعبد الرجال، عجبت لمن يشتري العبيد بماله لما لا يشتري الأحرار بإحسانه ؟ العبد يشترى بالمال أما الحر يشترى بالإحسان.
 أحسن إلى الرجل تكن أميره، استغن عنه تكن نظيره، احتج إليه تكن أسيره، هذه أول نقطة لست مكلفاً إلا أن تطعمها مما تأكل، حتى الإنسان لا يمد يده إلى الحرام، هناك ضغوط داخلية هذا الضغط الداخلي يجب أن يوضع له حسم، والله لو قطعت إرباً إرباً لا أكسب قرشاً حراماً، الصحابية الجليلة التي كانت تودع زوجها وتقول: " اتقِ الله بنا، نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام " وأي زوجة تعين زوجها على طاعة الله لها أجر كبير.

الدنيا تطيب بطاعة الله وتُشقي بمعصية الله:

 

 

الحياة فيها أوهام كثيرة جداً، إنسان مع رضاء الله قد يأكل أخشن الطعام وهو عنده أطيب الطعام، ومع المعاصي والآثام لو أكل أطيب طعام هذا الأكل كالسم، إذا كان الكسب حراماً، إذا المال فيه اغتصاب، فيه عدوان، وأتيت بأهلك بأطيب الطعام لا يوجد سرور، ولا بركة، ولا راحة نفسية، قد تكون راحتك النفسية في طعام خشن جداً لكن مع رضوان الله، وقد يكون شقاؤك النفسي بطعام طيب لكن فيه سخط الله، إذا الإنسان سكن في بيت فخم لكنه مغتصب لهذا البيت، أو سكن بغرفتين صغيرتين قميئتين لكنهما ملكه الشخصي، الغرفتان الصغيرتان يشعر فيهما براحة نفسية، أما في البيت الكبير هناك شعور بالاغتصاب، و قطيعة مع الله عز وجل، الدنيا تطيب بطاعة الله وتشقي بمعصية الله.
 إنسان توفي والده وهو أكبر أخوته، اغتصب أموال أخوته، خجلوا منه مثل أبيهم كل شيء له، فبعد عشرين أو ثلاثين سنة صار معه أثناء قيادة السيارة جلطة، أخذوه إلى العناية المشددة مع أول صحوة طلب مسجلة قال: إن المحل الفلاني لأخوتي، والبيت الفلاني لأخوتي، اعترف بكل شيء اغتصبه من أخوته، وعندما شفي أو توهم أنه شفي طلب الشريط وكسره، وعاد إلى ما كان عليه، ثم جاءت القاضية بعد ثمانية أشهر.
 الإنسان وهو يتمتع بالمال الحرام تنشأ القطيعة، والبؤس، والشقاء، وعندما تأكل أخشن طعام، وتسكن في أصغر بيت، لكن هذا ملكك، هذا من دخلك الحلال، تشعر بسعادة، هذه السعادة بيد الله، هذه واحدة.

المرأة علاقتها بزوجها فإن أطاعته ومات وهو راض عنها دخلت الجنة:

(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ ))

[الترمذي وحسنة وابن ماجه وصححه الحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ]

 شيء سهل، الزوج صدقوني أمامه أكثر من مئة ألف بند حتى يسمح له بدخول الجنة، أما الزوجة معفاة من كسب المال، من العلاقات مع الناس، معفاة من الضغوط الخارجية، معفاة من الإغراءات الخارجية، علاقتها بزوجها فإذا أطاعته ومات وهو راض عنها دخلت الجنة.

 

(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ ))

 

[الترمذي وحسنة وابن ماجه وصححه الحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ]

 فالزوجة إما أن تكون عبئاً على زوجها، أو أن تكون في خدمة زوجها، فهناك زوجة ضابطة، دائماً هناك نكد في البيت هذه من أسوأ الزوجات، وهناك زوجة صابرة معِينة، هذه من أفضل الزوجات، إذا صامت شهرها، وصلت خمسها، وأطاعت زوجها، وحفظت نفسها فقد دخلت جنة ربها، جنتها ثمنها أربعة بنود فقط.

 

(( أي الناس أعظم حقاً على المرأة ))

 

[أخرجه الحاكم عن عائشة أم المؤمنين ]

 امرأة لها أب، لها أخ، لها أخوات، لها أولاد أخوة، أولاد أخوات، لها عمات، لها جيران، لها صديقات:

 

(( أي الناس أعظم حقاً على المرأة قال زوجها ))

 

[أخرجه الحاكم عن عائشة أم المؤمنين ]

  والزوجة المقصرة الفاسقة أهون الناس عليها زوجها، لا تقوم بخدمته، ولا تبدو أمامه كما ينبغي، ولا تحسن الكلام معه بل تقسو عليه، وتريه أبشع ما عندها، بينما أنوثتها، وجمالها، وأناقتها للآخرين، هذه المرأة التي يغضب الله عليها، لا تحصن زوجها ولا تريحه.

 

أول إنسان بحياة الرجل أمه و أول إنسان بحياة المرأة زوجها:

 

(( أي الناس أعظم حقاً على المرأة قال زوجها ))

[أخرجه الحاكم عن عائشة أم المؤمنين ]

(( فأي الناس أعظم حقاً على الرجل قال أمه ))

[أخرجه الحاكم عن عائشة أم المؤمنين ]

  يوجد بحياة الرجل أول إنسان بحياته أمه، بحياة المرأة أول إنسان بحياتها زوجها، هذا توجيه دقيق جداً، لا يوجد قلب فيه رحمة لشخص آخر كقلب الأم، الأم تتمنى أن تموت ليحيا ابنها، تتمنى أن تجوع ليأكل ابنها، تتمنى أن تعرى ليأكل ابنها، تتمنى أن يكون أحسن الناس، لا تنام الليل من أجله، فإذا ردّ عليها الرد القبيح حينما تكبر، فإذا رآها عبئاً عليه، فإذا خاطبها بلغة المفرد، فإذا فضل زوجته عليها، أنا أذكر قرأت في بعض كتب الحديث أن إنساناً لم يتمكن أن ينطق الشهادة في عهد رسول الله، ثم عُلم أن أمه لم تكن عنه راضية، أي أساء إليها، كان يفضل زوجته عليها، وهذه بالرجال من أكبر القبائح، أن امرأة انضمت للأسرة حديثاً تملك قلب زوجها فيقسو على أمه.

عِظم حق الزوج على الزوجة:

  و عن قيس بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 

(( أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ ملك لهم لَهُمْ فَقُلْتُ رَسُولُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِقَبْرِي أَكُنْتَ تَسْجُدُ لَهُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ))

 

[ أبي داود عن قيس بن سعد ]

  ما سمح النبي عليه الصلاة والسلام إطلاقاً أن يسجد أحد لأحد، فيما لو فرض فيما لو أمر أحداً أن يسجد لأحد لأمر المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها.

 

من تلكأت في تلبية حاجة زوجها غضب الله عليها:

 

 

(( إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ ))

[ الترمذي عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ ]

 أيضاً حينما تتلكأ المرأة في تلبية حاجات زوجها هذه يغضب الله عليها يؤكد هذا الحديث الآخر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ))

 

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

ابتعاد المرأة عن كفران نعمة المحسن:

 آخر حديث:

 

(( لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه ))

 

[ النسائي عَنْ عبد الله بن عمرو ]

  ليس لها أحد، ليس لها أهل، ليس هناك من ينفق عليها، ليس لها بيت يؤويها، ومع ذلك تقسو على زوجها، ولا تشكره، وتكون عبئاً عليه، هذه امرأة لا ينظر الله إليها، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع فاطمة و خديجة بنت خويلد وآسيا ومريم ))

 

[أخرجه الطبري في تفسيره عن أبي موسى الأشعري]

 وما سوى ذلك:

 

(( خلقن من ضلع أعوج وأعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقومه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستمتعوا بهن على عوجهن ))

 

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

  جِبلة المرأة مركبة من أشياء بعيدة عن طموحات الرجل، هي تريد المظاهر، هي تريد حظها من الدنيا، وقد لا تكون موافقة لزوجها فيما يرجوه.

 

ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بزوجتك بل أن تحتمل الأذى منها:

  على كلٍّ: كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام، استمتعوا بهن على عوج، أنت القائد، وأنت الرجل، وأنت لك القوامة، ولك القيادة لكن بالمعروف، وحينما قال الله عز وجل:

 

 

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

 

( سورة النساء الآية: 19 )

 فهم السادة المفسرون على النحو التالي: " ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها ".
 أيضاً الزوج الذي يصبر على أذى زوجته ويحتملها له عند الله أجر كبير، وفي درس آخر نتابع هذا الموضوع.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور