- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠1الترغيب والترهيب المنذري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
لا يوجد شيء أحبّ إلى عز وجل من التعاون و التكاتف:
أيها الأخوة الكرام، جاء في كتاب الترغيب والترهيب في فصل الترغيب في المسارعة إلى الخير، والبداءة به ليستن به، والترهيب من عكسه.
فقد أخبرنا المنذر بن جرير عن أبيه فقال:
(( كُنَّا في صَدْرِ النهارِ عِنْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قَوم عُرَاة مُجتابي النِّمار أو العَباءِ مُتَقَلِّدي السيوفِ عامَّتُهم من مُضَرَ بل كلُّهم مِنْ مُضَرَ - فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفَاقة ))
ثيابهم أثمال، جلدهم مفتقر إلى الطعام والشراب، في العين المجردة رأى النبي بأسهم، رأى النبي فاقتهم وفقرهم.
(( فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تغير لونه لما رأى بهم من الفَاقة فدخل ثم خَرَجَ فأمر بلالاً فأذَّن وأقام فصلَّى ثم خَطَبَ فقال ))
يتضح قبل أن نتابع الحديث أنه كاد الفقر أن يكون كفراً، وأنه ما ذهب الفقر إلى بلد إلا قال الكفر خذني معك، وأن الله سبحانه وتعالى ما أرادنا أن نكون هكذا، لذلك العلماء فرقوا بين فقر الكسل، وفقر القدر، فقر القدر محترم، وننهض جميعاً لمساعدته، لكن فقر الكسل ليس محترماً، هو كسل، وتسيب، وتسويف، فقال:
(( فقال يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تصدَّق رَجُل مِن دِينارِهِ من دِرْهَمِهِ من ثوبِهِ من صاع بُرِّه من صاع تَمرِهِ حتى قال ولو بشِقِّ تمرة ))
أي لا يوجد شيء أحب إلى عز وجل من التعاون، لا يوجد شيء أحب إلى الله من أن يكون المؤمنون أسرة واحدة، ينهض قويهم بضعيفهم، غنيهم بفقيرهم، الذي كفاه الله عز وجل لمن هو محتاج إلى أخيه.
(( ولو بشِقِّ تمرة قال فجاء رَجُل من الأَنصار بصُرَّة كادت كَفُّه تعجِزُ عنها بل قد عَجَزَتْ قال ثم تتابع الناسُ حتى رأيتُ كَوْمَيْنِ من طعام وثياب حتى رأَيتُ وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَهَلَّلَ كأنه مُدْهَنَة أي مذهب ))
أول الأمر تمعر وجهه، ثم أصبح وجهه مذهبة، بلون الذهب من شدة فرحه.
الدين لا يحتمل أن نضيف عليه شيئاً لأن الله أكمل هذا الدين وأتم نعمته على عباده:
الحقيقة الحديث تتمته، فقال:
(( فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حَسَنَة فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده، من غير أن يَنْقُصَ من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة سيِّئة كان عليه وِزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقُصَ من أوزارهم شيء ))
الآن هناك مشكلة، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( كل محدثَة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ))
هذا البارحة مرّ بنا، اليوم هناك شيء جديد:
(( ومن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة ))
كيف نوفق بين الحديثين ؟ العلماء قالوا: هناك بدعة في الدين، وهناك بدعة في اللغة، كل شيء جديد بدعة، الدين لا يحتمل أن تضيف عليه شيئاً، لأن الله أكمل هذا الدين وأتم نعمته على عباده، أكمله عدداً ونوعاً، أي عدد القضايا التي عالجها الدين تام عدداً، لا يحتمل الإضافة، ولا يحتمل الحذف، وطريق المعالجة كاملة، فكيف نقبل سنة جديدة ؟ العلماء قالوا: هذه السنة في اللغة شيء لم يكن من قبل.
ذكرت البارحة: إنسان دفأ مسجداً، أنار مسجداً، كبر الصوت، وضع سجاداً موحداً، عمل ماء ساخناً، عمل ماء حاراً، عمل ماء بارداً في الصيف، طبع كتاباً، عمل مصحفاً مرتلاً، أي شيء جديد يتعلق بالعقيدة والعبادة هذا نضعه تحت مظلة البحث، أي شيء جديد، فإما أن يوافق حكماً شرعياً، فهو على العين والرأس، وإما أن خالف حكماً شرعياً فهو مرفوض، وإما أن يكون هذا الشيء حيادياً، حكمه موقوف على طريقة استعماله، التصوير بالأعراس يخالف حكماً شرعياً هذا لم يكن من قبل، هذا مرفوض، محرم تحريماً كلياً، تكبير صوت بالمسجد، المسجد فيه أبهاء كثيرة، نقلنا الصوت لكل الأبهاء، اتسع إلى خمسة أضعاف حجم الحرم بنقل الصوت، هذا شيء يتوافق مع نشر الحق، آلة تسجيل هذه موقوفة، إن استخدمت في سماع القرآن ودروس العلم حلال، أما إذا استخدمت في سماع الأغاني الساقطة وغير الساقطة فحرام.
صار كل شيء جديد اسمه بدعة في اللغة لا في الدين، هذا تنطبق عليه الأحكام الشرعية الثلاثة، إما الإباحة، وإما التحريم، وإما أن يكون واجباً أن نفعله.
من سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة:
(( ومن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حسنة ))
لا بالعقيدة ولا بالعبادات، أنا سمعت بإفريقيا إذا توفي الإنسان فكل إنسان يعزي يدفع مبلغاً من المال لهذه الأسرة، توفى الرجل ترك أولاداً أيتاماً، أثناء التعزية تجمع مئة ألف، ثلاثمئة ألف، نصف مليون، هذا المبلغ يكون أساس استمرار الأسرة، بمحل تجاري، بعمل، بمشروع، بتأمين زواج، العرف هناك لو أن المتوفى غني أو مكتف هذا المبلغ يوزعه على روح المتوفي، يأخذه إن كان بحاجة إليه، يوزعه إن لم يكن بحاجة إليه، فصارت مناسبة الوفاة مناسبة مساعدة، الجميع ينهضون بهذا الذي ترك هذه الأسرة، هذا شيء لم يكن من قبل، سنة حسنة، في التعاون.
عملنا جمعية تأسيس بيوت للفقراء، عملنا جمعية تزويج للشباب، عملنا جمعية خيرية، عملنا ميتماً، دار أيتام، يمكن أن يتفتق ذهننا عن آلاف المشاريع التي هي لصالح المسلمين، يمكن أن نعمل جمعية تعاونية، يمكن أن نعمل جمعية تضامن، يمكن أن ننشئ بكل حي مستوصفاً، يمكن أن نوزع مواد تموينية، يتفتق ذهن الإنسان عن آلاف الأعمال الصالحة، هذا من السنة الحسنة، أما أن يتفتق ذهنك عن أن تضيف شيئاً في العقيدة، أن تدعي أن أب النبي نبي، وأن أمه نبية، ولا نبية في الإسلام، هناك أشياء تضاف على الإسلام ليست من الدين، هناك أشياء تضاف على العقيدة ليست من العقيدة.
التفريق بين البدعة في الدين و البدعة في اللغة:
إذاً: فرقوا بين البدعة في الدين، والبدعة في اللغة، البدعة في اللغة نفحصها إن وافقت نصاً شرعياً نقبلها، إن خالفت نصاً شرعياً نرفضها، إن لم يكن هناك نص يؤيدها ولا نص يحرمها نقول: الأصل في الأشياء الإباحة، البدعة في اللغة الشيء الجديد، الذي لم يكن من قبل.
أنا زرت بلبنان مسجداً، مساحته صغيرة جداً تقريباً ربع هذا المكان، بحي كثيف جداً، المسجد أربعة طوابق، بكل طابق وضعوا أجهزة تنقل الصورة، في أي مكان أنت في المسجد ترى الخطيب يخطب، والأجهزة كبيرة جداً تنقل الصورة، شيء جميل أن نستخدم التكنولوجيا، في التحايل على مساحة صغيرة، عملنا لها طوابق، هذا لم يكن من قبل على عهد النبي، لم يكن هناك مسجد أربعة طوابق، والذي يجلس في الطابق الأسفل يرى الخطيب كما هو بأجهزة كبيرة جداً، واضحة جداً، لا يوجد مانع إن استخدمنا التكنولوجيا في مساجدنا، في بيوتنا، طبعاً من دون أن يكون هناك شيء آخر يناقض هذا الشيء.
إذاً البدعة في اللغة موقوفة على الأحكام الشرعية، إما أن توافق حكماً شرعياً مبيحاً، وإما أن تخالف حكماً شرعياً محرماً، وإما أن يكون حكمها حكم موقوف على نوع استخدمها، يمكن أن نستخدم شيئاً استخداماً شرعياً، أما في الدين، في العقيدة:
(( كل محدثة بدعة ))
لأنك عندما تضيف تتهم الأصل بالنقص، كأنك استدركت على الله، أي أن الله نسي هذه القضية فأنت أضفتها، أنت حينما تضيف في عقيدة الإسلام، وفي عباداته كأنك استدركت على الله، وكأنك اتهمت الدين بالنقص.
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾
المشقة في الإسلام ليست مطلوبة لذاتها:
إذاً نوفق بين الحديثين:
(( كل محدثَة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ))
هذا في العقائد والعبادات، أما في أمور الدنيا، الآن هناك أجهزة حديثة، أنا لا أحرم ولا أحلل، هناك جهاز يمكن أن يسخن الطعام بثوان معدودة، لعل فيه خطراً لأنه قائم على الإشعاعات، لو فرضنا ثبت أنه ليس خطراً، إنسان مستعجل سخن الطعام بثانية، والصحن بارد بعده، فإن كان هناك شيء يقدم خدمة، ويريح الناس لا يوجد مانع، نحن لسنا ضد الجديد، لكن ضد البدعة في الدين، النبي قال:
(( أصلحوا دنياكم و اعملوا لآخرتكم))
يمكن أن تحل مشكلات كثيرة، يقول لك: تدفئة مركزية، تسخين ماء على الأشعة الشمسية، كل شيء جديد يتوافق مع الجو العام للإسلام لا يوجد مانع، الإنسان ينتقل من مكان لمكان بدابة، ينتقل بسيارة، ينتقل بطائرة، ينتقل بباخرة، ينتقل بقطار سريع، هذا شيء ليس له علاقة، تطوير الحياة الدنيا بالإسلام معه وليس ضده، من دون أن نخرج عن منهج الله عز وجل، هناك أشياء كثيرة بالبيت مريحة تحل مشكلة.
ذكرت البارحة نقطة دقيقة، المشقة في الإسلام ليست مطلوبة لذاتها، قاعدة.
النبي رأى رجلاً يقف في الشمس، فعجب من أمره، قال: ما شأن هذا ؟ قال نذر أن يقف في الشمس، شمس الحجاز وليست شمس دمشق، شمس الحجاز درجة الحرارة تقدر بست و خمسين درجة تحت الشمس، و أحياناً تقدر بستين درجة، شيء لا يحتمل، دقائق يصاب الإنسان بضربة شمس فيموت، فقال عليه الصلاة والسلام:
((إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ مُرْهُ فَلْيَرْكَبْ))
المشقة لا تطلب لذاتها إنما تطلب لطاعة الله و لطلب الجنة:
المشقة في الإسلام ليست مطلوبة لذاتها، الآن يمكن أن تحج بالطائرة بساعتين إلى جدة، والمشي أربعة أشهر، هل تصدقون الآن أن الله لا يقبل من الحاج أن يأتيه ماشياً لأن هناك طائرة وهو ميسور الحال، هناك سيارة، هناك قطار مثلاً، هناك باخرة، أما يوم كان الحج مشياً فقط، هذه مشقة، طريق إجباري وحيد عندئذٍ هي مقبولة، حينما تكون المشقة طريقاً واحداً إلى طاعة الله نرحب بها.
مثلاً، ليس هناك أغلى من الوطن، والدليل:
﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾
ومع ذلك لو أنك في مكان مجبر على معصية، مجبر ألا تقيم شعائر الله ، الإسلام يقتضي أن تضحي بمسقط رأسك، وأن تذهب إلى مكان تعبد الله فيه.
﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴾
هناك مشقة، طبعاً إنسان اقتلع من جذوره، ترك بيته، ترك تجارته، ترك مكانته، صار بمكان آخر إنساناً غريباً، مشقة كبيرة جداً، لكن لأن هذه المشقة طريق إجباري إلى طاعة الله نرحب بها، المشقة لا تطلب لذاتها، تطلب لطاعة الله، تطلب للجنة، أما أن نطلبها لذاتها غير مقبول إطلاقاً.
(( من سنّ في الإسلام سنة حسنة ))
شيء ريح الناس، الآن هناك أشياء كثيرة تريح الناس، لم يكن على عهد النبي كهرباء، إذاً أطفئوا النور و أحضروا الشمع، هذا الكلام غير معقول إطلاقاً، بكبسة زر تجد أن كل الجامع قد أضاء، يجب أن نعود إلى السراج، وإلى الشمع ؟ مستحيل هذا الكلام، على عهد النبي لم يكن هناك سيارة فلن نركب السيارة، هذه ليس لها علاقة بالدين، بالعكس هذه تصلح لنا دنيانا، تجد شخصاً من أطراف الدنيا، هناك أخوان يأتون من مكان بعيد ليصلوا الفجر، لا يستطيع أن يأتي مشياً في الصباح، فجاء بهذه السيارة، إذاً:
(( ومن سَنَّ في الِسلام سُنَّة سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة ))
الدال على الخير كفاعله:
أما الشيء اللطيف:
(( مَن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حَسَنَة فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده، من غير أن يَنْقُصَ من أجورهم شيء ))
من دون أن نكون مبالغين، لو فرضنا أن إنساناً قال: أين أستثمر مالي ؟ قيل له: هذه الجهة تعطيك أرباحاً طائلة، وضع هذا المال في هذه الجهة، هذه الجهة التي تعطي أرباحاً طائلة أعطت مثل هذا الربح لمن دله على هذه المؤسسة، معقول ؟ تعطيك مليون ومليون لمن دلها عليك، فكل إنسان يدل على الخير له أجر مثل فاعل الخير، والدال على الخير كفاعله.
فأنت إذا اعتنيت بإنسان حتى اهتدى إلى الله أعماله كلها، صدقاته كلها، صلواته كلها، زكاته كلها، أعماله الصالحة، بيته، أسرته عاش عشرين أو ثلاثين سنة هدى مئة إنسان، وكل إنسان هدى عشرين، ليوم القيامة وجد وراءه خمسمئة ألف، كلهم في صحيفتك ومن دون أن ينقص من أجره شيء، هذا عطاء كبير.
أيها الأخوة، صدقوني، أي شركة ضخمة في العالم، إذا إنسان امتلكها يكون أكبر غني في العالم ؟ أنا مرة قرأت خبراً صغيراً، شركة سيارات بألمانيا عندها فائض نقدي لا تجد أين تستثمر ألف مليون دولار، شركة سيارات، هذه الشركات الضخمة.
النبي عليه الصلاة والسلام يقول: يا علي:
(( فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ))
(( يَا عَلِيٌّ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِك رَجُلًا خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ))
((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها))
أن تعتني بإخوانك، تتفقدهم، أحياناً إنسان يغيب شهراً لا أحد يسأل عنه، معنى هذا أنه ليس له قيمة، أنت تفضلت وخبرته، اتصلت به هاتفياً، زرته، أين أنت يا فلان ؟ والله اشتقنا لك، الأخوان سألوا عنك، تنعشه، معنى هذا أنا غال على أخواني، و عندما غبت عنهم افتقدوني، هذا عمل عظيم، تفقدت أخوانك، سألت عنهم، مرض عدته، افتقر أعنته، بحاجة إلى شيء عاونته، اعتنيت به، فوجد عطفاً، و اهتماماً، و متابعة، و إحساناً، فقال لك: أنا أريد أن آتي معك، فالتزم، واستقام، وتاب، كل هذا بصحيفتك، أحياناً إنسان يضطر أن يتابع إنساناً، يزوره، يعتني به، يعطيه شريطاً، يجلس معه، يخدمه أياماً بأمور الدنيا، إلى أن يميل قلب هذا الإنسان إليه، فينضم إلى جامعه، ويستقيم، ويتصل بالله، هذا أحسن من أن تملك أضخم شركة بالعالم، فائضها النقدي ألف مليون دولار، لأن هذا المال يترك عند الموت، أما هذا العمل معك إلى الجنة.
من دعا إلى ضَلالَة كان عليه من الإثمِ مِثْلُ آثام من تَبِعَهُ:
الحديث الأخير:
(( مَنْ دعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثْلُ أجور مَنْ تَبِعَهُ، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضَلالَة كان عليه من الإثمِ مِثْلُ آثام من تَبِعَهُ، لا يَنْقُص ذلك من أوزارهم شيئاً ))
شبهة روجتها، جهاز عممته، فيه فسق، فيه فجور، فيه سهر للساعة الخامسة صباحاً، فيه مناظر إباحية، الابن رآه بالليل خلسة، بغياب الأب، الأب اضطر أن يسافر الابن علق فيه، ترك صلاته، وترك دينه، وترك حفظه لكتاب الله، ولحق الأمور الجنسية من وراء هذا الجهاز، هذه عمل خطير جداً.
(( ومن دعا إلى ضَلالَة كان عليه من الإثمِ مِثْلُ آثام من تَبِعَهُ، لا يَنْقُص ذلك من أوزارهم شيئاً ))
هناك ضلالات فكرية، كتاب، أنا أحياناً أعجب كيف أن هناك مكتبة تبيع كتاباً كله ضلالات، أخي هذا عملنا، صاحب المكتبة المؤمن لا يبيع إلا كتاب حق، و إلا فهو آثم، يروج كتاباً فيه ضلالات، أحياناً دور نشر تطبع كتاباً كله ضلالات، تريد أن تربح، يقول لك: أريد أن أعيش، هذا غلط كبير.
ولو طفيفة، إياك أن تكون سبباً في معصية، أحتاج أستاذاً لابنتي، على عيني عندي أستاذ جيد جداً، اخترت له أستاذاً جلس مع ابنته على انفراد، هذه خلوة، أستاذ رياضيات جلس مع طالبة بكلوريا بغرفة لوحدهم، هذه خلوة، إن صار شيئاً أنت مسؤول، وأغلب الظن يصير ألف شيء، ما دام جمعت بين شاب وشابة في خلوة فأنت مسؤول، والله أنا نصحتهم بأستاذ ممتاز بالرياضيات، لا يوجد أرقى من هذا، لكن صار هناك خلوة بالنصف.
إذا كان في معصية، في شبهة، أحياناً يدلك على تجارة لكن البضاعة محرمة لها إشكالات كثيرة جداً، يقول لك: هذا عملنا.
الدعوة إلى الله أعظم تجارة على الإطلاق:
إذاً هذين الحديثين خطيرين جداً:
(( مَنْ دعا إلى هُدى ومن دعا إلى ضَلالَة مَنْ دعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثْلُ أجور مَنْ تَبِعَهُ ))
هذا شيء يدفع الأخوان الكرام أن يبحث كل واحد منهم عن إنسان من أقربائه، من جيرانه، من زملائه، أولاده، من يلوذ به، أولاد خالته، أولاد عمته، يعتني بهم، يزورهم، يتفقدهم، يسمعهم شريطاً، يلقي عليهم كلمة، يهديهم هدية أحياناً، يستجلب قلبهم، حتى يهتدوا ويستقيموا، هذه أعظم تجارة على الإطلاق، أنا أحياناً أقول للإخوان: هذا الأخ الذي اعتنيت به حتى اهتدى إلى الله، والله خير لك من ألف مليون دولار، لأن هذا المبلغ الضخم تتركه في الدنيا وتذهب وحدك إلى الآخرة، أما هذه الهداية تذهب معك إلى الجنة.