وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس حوارية - الدرس : 25 - الموت وعذاب القبر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

الموت : إنه انتقال خطير رأسا على عقب فأعدُّو له عُدَّته !!!

 أيها الإخوة ، في هذا الدرس أريد أن يكون واضحاً عندكم موضوع " الموت " ، ذلك أنه ما من حدث مستقبلي أخطر من مغادرة الدنيا ، فيما يبدو أن من كل شيء إلى لا شيء على الشبكية ، أما المؤمن فمن متاعب إلى الراحة الأبدية ، من القلق إلى الطمأنينة ، من الشقاء إلى السعادة .
 على كلٍ ينتقل الإنسان من ضياء المهود إلى ظلمة اللحود ، حينما يأتي المهد ، وكل الوسائل ، وكل الترفيه لهذا المولود ، فينتقل الإنسان في الموت من ضياء المهود إلى ظلمة اللحود ، ومن ملاعبة الأهل والولدان إلى مقاساة الهوام والديدان ، ومن التنعُّم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب ، ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحدة ، ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل .

أين هم الآن ؟!!

 أخذهم الموت على غرة ، وسكنوا القبور بعد حياة الترف واللذة ، وتساووا جميعاً بعد موتهم في تلك الحفرة ، لذلك :

أتيت القبور فســـاءلتها  أين الــــمعظم والمحتقر

 هناك عظماء في الأرض ، وأناس في الدرجة الدنيا الاجتماعية .

و أيــــن المذل بسلطانه  وأين الــقوي على ما قدر
تـــفانوا جميعاً فما مـخبر  ومـاتوا جميعاً ومات الخبر
فـيا سائلي عن أناس مضوا  أمـا لك في ما مضى معتبر
تـروح وتـغدو بنات الثرى  فتمحو محاسن تلك الـصور
***

 أيها الإخوة ، مرة قرأت كتابا اسمه قصص العرب ، من أربعة أجزاء ممتع جداً ، بعد أن انتهيت من قراءته لمعت أمامي فكرة ، أن الأقوياء ماتوا ، وأن الضعفاء ماتوا ، الأغنياء ماتوا ، والفقراء ماتوا ، الأصحاء ماتوا ، والمرضى ماتوا ، الأذكياء ماتوا ، والأغبياء ماتوا والإنسان بعد حين يمحى أثره .

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً﴾

( سورة الإنسان )

 وسيأتي عليه حين من الدهر ليس شيء مذكورا إلا من رحم الله عز وجل .

 

القبر أول منازل السائرين إلى الآخرة :

 عن هانئ مولا عثمان قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى تُبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ فقال سيدنا عثمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( القبر أول منازل الآخرة ))

[أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم ، عن عثمان بن عفان ]

 حينما ترى جنازة فهذا أول مرحلة من مراحل الآخرة ، تمشي في الجنازة فيفتح القبر ، ويفتح النعش ، وتحمل الجثة ، وتوضع في القبر ، يكشف عن وجهه ، توضع الرخامة ، ويُهال عليه التراب ، وانتهى الأمر ، هذا الميت دخل أول منازل الآخرة .

(( فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ))

[أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم ، عن عثمان بن عفان ] 

 إذا أمكن أن يذوق المؤمن ألواناً من متاعب الحياة الدنيا ، ثم ينتهي به المطاف إلى أن يصل إلى القبر طاهراً مطهراً فهو في أعلى درجات النجاح .

ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ، فأكثروا ذكر هادم اللذات :

 يقول عليه الصلاة والسلام :

(( ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ))

[ أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة ]

 والله أيها الإخوة ، كما وجه النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال الإنسان فقال :

(( أكثروا ذكر هادم اللذات ))

[ رواه الديلمي عن أنس ]

 لو يُتاح الإنسان أن يمشي في جنازة ، ولو يكن من أهل المتوفى لكان أفضل له ، لاحظ حينما يفتح النعش ، وتُحمل الجثة ، ويوضع في القبر ، أين كان ؟ كان في بيت من مئة متر مساحته ، وفي بيت ثمنه 80 مليونا ، هو اختار الرخام ، أتى به شحنا جويا من إيطالية ، اختار الجبصين ، اختار الأثاث ، اختار اللوحات الزيتية ، أتى بالأجهزة كلها ، أين صاحب هذا البيت ؟ في قبر يقول النبي الكريم :

(( ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ))

 لذلك كان بعض الصالحين حفر قبر في صحن داره ، وكان يضجع فيه كل خميس ، ويتلو قوله تعالى :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً﴾

( سورة المؤمنون )

 يخاطب نفسه ويقول لها : قومي لقد أرجعناك ، تفضل واعمل .
 وفي حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(( لا تمنوا الموت ، فإن هول المطلع شديد ))

[ أحمد ]

 الإمام الحسن البصري شيع جنازة فجلس على شفير القبر ، فقال : " إن أمراً هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله " .

 

الموت مصيبة :

 إخواننا الكرام ، أحيانا يكون خطُّ بيان الفقير صاعدا صعودا بطيئا ، الفقير المؤمن خطه البياني صاعد ، لكنه صعود بطيء ، والموت نقطة على هذا الخط ، والصعود مستمر ، بعض أهل الدنيا خطهم البياني صاعد صعوداً حاداً ، لكن السقوط من هذا المكان إلى القبر مريع خطُّ لذلك الله عز وجل سمّى الموت مصيبةً فقال :

﴿ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾

( سورة المائدة الآية : 106 )

 من بيت 400 م إلى قبر ، من بيت مكيف إلى قبر ، من بيت مدفأ إلى قبر ، من بيت فيه كل ألوان الأثاث إلى قبر .
 سيدنا عمر بن عبد العزيز كان إذا دخل بيت الحكم قصره إن صح التعبير ، كان شعاره هذه الآية :

﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾

( سورة الشعراء )

 يقول لك : عندهم بيوت وسيارات ، لكن لا بد من الموت .
 سيدنا عمر بن عبد العزيز يقول : " إذا مررت بهم فنادهم ـ هؤلاء الموتى ـ إن كنت منادياً ، وادعوهم إن كنت داعياً ، ومر بعسكرهم ، وانظر إلى تقارب منازلهم ، سَلْ غنيهم ما بقي من غناه ؟ واسألهم على الألسن التي كانوا يتكلمون بها ، وعن الأعين التي كانت للذات بها ينظرون ، واسألهم عن الجلود الرقيقة ، والوجوه الحسنة ، والأجسام الناعمة ، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان ؟ " .

 

انظرْ كيف تصير في قبرك :

 والله مرة حدثني أخ يبدو أن له صديقا حميما ، والقصة قديمة جداً ، إنسان من أكبر أغنياء دمشق ، عنده دائماً أربع زوجات ، وكل واحدة فوق الـ22 سنة يطلقها ، ويأخذ واحدة من سن 18 ، بالأنماط القديمة ، وبيت ، وقصر ، وسيارة ، وخيل ، مثل المرسيدس الآن ، وبستان ، وفواكه ، وثمار ، يأتي بمغنين ، يأتي بمن يلقون الطُّرَف حتى يضحك ، بعدما مات جاءت وشاية أن زوجته سممته ، فتحوا القبر ، أقسم لي بالله ، وقد رأى منظره بعد الموت ، بطنه منفوخ مثل الضرف ، لونه أزرق على أسود ، منظر مخيف ، وهذا المنظر كان سبب توبة صديقه إلى الله .
 أُكلت الألسن ، وغفرت الوجوه ، ومحيت المحاسن ، وكُسرت الفقار ، وبانت الأعضاء ، ومزقت الأشلاء ، فأين حجابهم ؟ وأين قبابهم ؟ وأين خدمهم ؟ وأين عبيدهم ، وأين جمعهم ؟ وأين كنوزهم ؟ أليسوا في منازل الخلوات ؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء ؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء ، قد حيل بينهم وبين العمل ، وفارقوا الأحبة والمال والأهل .
 إن هذه الساعة لا بد منها ، بربكم هل هناك من حدث أكثر واقعية من الموت ؟ وهل يمكن لإنسان ينجو من الموت ؟ أبداً ، بدءاً من الأنبياء ، وانتهاء بأصغر الناس ، الأقوياء ، والأغنياء والأنبياء ، كلهم ماتوا .
 والله كان عندي شريط ليس عليه كتابة ، سمعت أوله ، ظهر أنه شريط موضوع بآلة إجابة هاتفية ، استمعت إليه كله ، عددت الميتين فيه ، فإذا هم 12 رجلاً ، والله كلما أعمل مراجعة لدليل هاتف أمحي خمسة إلى ستة أسماء مات أصحابها ، انتهوا .
 مرة كنا في حفل ، جلس إلى جانبي أحد علماء دمشق عن يساري ، وعن يميني عالم ثان له شأن ، فعاتب الأول الثاني من خلالي ، أنا جالس في النصف ، قال له : دعيناكم إلى احتفال فما أتى أحد ، قال له : كل الذين دعوتهم ميتون ، ما هذا الأرشيف القديم ، قلنا له : سيدي إذا ما جاء ، وكان ميتا فهل هو معذور عندكم .
 لاحظ دليل هاتف ، من حين لآخر تمحو أسماء منه ، كل يوم نرى عدة نعوات ، أنا سألت إنسانا يدفن الموتى ، قال لي : هناك 150 وفاة يومياً في الشام ، لكن في يوم لا بد من أن يقرأ الناس نعوتنا .

فيا ساكن القبر غداً  ما الذي غرك من الدنيا
أين دارك الـفيحاء  أيـــن ثمارك اليانعة
أيــن رقاق ثيابك  أن طيبك وبـــخورك
أين كسوتك لصيفك  ولشتائك لــيت شعري
بأي خديك بدأ البِلى
***

حال الشهداء والصالحين بعد الموت :

 والله سمعت عن إمام جامع ، وكان من حُفاظ كتاب الله ، وكان صالحاً جداً ، أنهم فتحوا قبره بعد أربعين سنة ، أقسم بالله وهو عندي صادق أنه لا يزال مبتسماً ، وخده كما هو ، هناك فرق كبير بين المؤمن وغير المؤمن .
 هناك دبابات بحرب بقيت فترة طويلة جداً ، ومضروبة طبعاً ، بعدما استرجعنا بعض الأراضي وجدوا دبابة فيها أربعة أشخاص ، أربع هياكل عظمية ، وأحدهم قاعد على مقعد كما هو ، لم يحدث له أي طارئ ، الشهيد له ميزة ، لأنه قاتل لتكون كلمة الله هي العليا .
 في حرب قالوا : إن هنا ميتين ، هكذا قالوا ، تقدموا من واحد ، أقسم بالله أن الحرارة خمسين ، والجثة موجودة بمكان عام من خمسة أيام ، كأنه ميت الآن ، فإذا مات إنسان على نية الشهادة فله معاملة خاصة .

هكذا يجب أن تكون مع الموت لأن الأمر عظيم :

 يا مجاور الهلكات ، صرت في محلة الموت ، ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا ، وما يأتيني به من رسالة ربي .
 عن وهب بن الورد قال : بلغنا أن رجلاً فقيهاً دخل على عمر بن عبد العزيز فقال : سبحان الله ! فقال له عمر : وتبينت ذلك فعلاً ؟ فقال له : الأمر أعظم من ذلك ، فقال له عمر : يا فلان ، فكيف لو رأيتني بعد ثلاث ؟ وقد أدخلت قبري ، وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين ، وتقلصت الشفتان عن الأسنان ، وانفتاح الفم ، ونتأ البطن فعلى الصدر وخرج الصديد من الدبر ، كيف لو تراني ؟ .
 إخواننا الكرام ، ما مِن إنسان على الأرض إلا يدرك عند الموت الحقائق التي جاء بها الأنبياء .
 وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه : ويحك يا يزيد ، من ذا يصلي عنك بعد الموت ؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت ، من ذا يترضى عنك بعد الموت ، ثم يقول أيها الناس : ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم من الموت وموعده ، وقبره وبيته والثرا وفراشه ، والدود وأنيسه ، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر ، كيف يكون حاله ، ثم بكى من رحمة الله .
 قال الإمام الغزالي : " ويحيك يا نفس ـ والله ما رأيت كلاماً أبلغ من هذا ـ ويحك يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها ، لا شك أنك تمتنعين ، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ " .
 قال لك طبيب : هذه الأكلات تضر قلبك ، أوقفها ، توقفها نهائياً ، تكون في دعوة ، والأكل في أعلى درجة فلا تأكل ، ونفسك تتوق .
 " لو أن طبيبا منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين ، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً ما أكفرك ، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله إذاً ما أجهلك " .
 يقول بعض العلماء : ينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنه ميت ، هناك خواطر لا تضنوا بها على أنفسكم ، يا ترى أنا إذا مت أين يغسلونني ؟ في الحمام ؟ في المطبخ ؟ في الصالون ؟ يا ترى أموت ليلاً أم نهاراً أم مسافرا .
 مرة كنت مسافرا إلى المغرب ، في تونس طبعاً في الانتظار نصف ساعة في الطائرة ، فتح مكان البضائع فظهر نعش ، هذا ذهب مسافرا مع بطاقة طائرة ورجع مع البضاعة ، ويخلَّص في الجمرك أيضاً ، يعامل كبضاعة تماماً ، مع شهادة ، مع وزن ، مع كل شيء ، قد يسافر الإنسان فيا ترى أيرجع راكبا أم يرجع في النعش ؟ لا يعرف أحد .
 ينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنه ميت ، وأنه قد لحق بهم ، ودخل معسكرهم ، وأنه محتاج إلى ما هو إليهم محتاجون ، وراغب فيما فيه يرغبون .
 النبي الكريم مر بقبر كان حوله أصحابه ، قال صاحب هذا القبر :

(( ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون ))

[ رواه ابن المبارك عن أبي هريرة ]

 ويقول عليه الصلاة والسلام :

(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))

[ ورد في الأثر ]

وحشة بعد أُنسٍ :

 كان يسكن بيتا ثمنه 80 مليونا ، وعنده مركبة ثمنها 24 مليونا ، وله يخت في البحر ، وطائرة خاصة ، ومزارع فخمة جداً ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))

 قال العلماء : فليأتِ إليهم ما يحب أن يؤتى إليه ، وليتحفهم بما يحب أن يتحف به ، ويتفكر في تغير ألوانهم ، وتقطع أبدانهم ، وليتفكر في أحوالهم ، وكيف صاروا بعد الأنس بهم ، والتسلي بحديثهم .
 تجد الشخص محبوبا أينما جلس يرحبون به ويحترمونه ، ويضعونه في صدر المجلس ، ويصغون إليه ، فإذا مات خافوا أن يدخلوا إلى غرفته .
 أحيانا أهل البيت تظل الغرفة التي مات فيها أبوهم مهجورة شهرين أو ثلاثة ، يخافون ، هنا كان ملقًى مسجًّى ، وكان إذا دخل الأب كان مصدر أنس ، ومحبة ، وعند الموت صار مخيفا ، حتى إنهم لا يبقون شيئًا من ملابسه حتى يتذكروه ، ويوزعونها ، لا يبقوا حاجة يتذكرونه بها .
 كيف صاروا بعد الأنس بهم ، والتسلي بحديثهم إلى النفار من رؤيتهم ، والوحشة من مشاهدتهم ، وليتفكر أيضاً في انشقاق الأرض وبعثرة القبور ، وخروج الموتى وقيامهم مرة واحدة ، حفاةً عراةً غرلا .
 يقول سيدنا رسول الله :

(( يحشر الناس يوم القيامة حفاةً ، عراةً ، غرلاً ))

[ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ]

 يعني غير مطهرين .
 السيدة عائشة تصورت أن هؤلاء الناس كلهم عراة ، رجالا ونساء ، قالت : يا رسول الله ، أينظر بعضنا إلى بعض ؟ قال : يا أم المؤمنين ، الأمر أفظع مما يعنيهم ذلك .
 حتى أوضحها لكم : لو أن واحدا ساقوه للشنق ، هو في السيارة لها نافذة صغيرة ، رأى امرأة ثيابها فاضحة فهل ينظر لها ؟ انتهى .
 الأمر أفظع من أن يعنيهم ذلك ، قد تقع عين الأم على ابنها ، تقول الأم لابنها : يا بني ، جعلت لك صدري سقاء ، وبطني وعاء ، وحضني وطاء ، فهل من حسنة يعود عليّ خيرها ؟ يقول لها ابنها : يا أمي ، ليتني أستطيع ذلك إنما أشكو مما أنت منه تشكين ، لذلك قال تعالى :

﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾

( سورة المؤمنون )

 لي قريب بمصر لما حدث زلزال القاهرة ، زوجته من شدة الفزع والخوف حملت ابنها ، وخرجت للطريق ، في الطريق نظرت إلى ابنها ، ابنها رضيع ، فإذا في يديها حذاء زوجها عوض ابنها .

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾

( سورة الحج )

 نحن سمعنا أخبار لبنان ، لكن ما عانينا القصف ، والدمار ، وتحت الأنقاض ، والدفن أحياء .

﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾

﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾

( سورة الحج )

 عن محمد بن صُبيح قال : بلغنا أن الرجل إذا وضع في قبره فعذب أصابه ما يكره ناداه جيرانه من الموتى : يا أيها المتخلف في الدنيا بعد إخوانه ، أما كان لذلك فينا معتبر ، أما كان في تقدمنا إليك فكرة ؟ أما رأيت انقطاع أعمالنا ، وأنت في المهل ، فهلا استدركت ما فاتك إخوانك ؟.
 مُر على مقبرة ، وتأكد ما مِن واحد مات إلا عنده قائمة أعمال ما انتهت ، كل واحد له جدول أعمال ، وما مِن إنسان يموت إلا عنده هموم ما تحققت .

 

لا تكن مثل هذا :

 والله الذي لا إله إلا هو أروي هذه القصة لشدة تأثري بها لأنها وقعت بشكل يقيني :
 كنت مدرسا بمدرسة ثانوية ، نشأ ساعة فراغ فجائية ، وبيتي بعيد لا يحتمل أن أذهب إلى البيت لا بد من أن أمضي هذه الساعة في المدرسة ، اخترت أن أمضيها عند مدير المدرسة ، وهو صديقي ، لما دخلت عليه شكا همومه ، وأنه متضايق من هذا البلد ، ويريد أن يسافر ، وقد طلب إعارة للجزائر ، ووافقوا له ، قال لي : أذهب إلى هناك ، وأرتاح قليلاً ، قال لي : المعاش مضاعف ، أريد أن أبقى خمس سنوات ، لا أريد الرجوع في الصيف ، أريد أن أمضي صيفاً في باريس ، وصيف في إسبانية ، وصيفا في إيطالية ، وصيفا في بريطانية ، قال لي : أريد أن أرى البلاد ، وأرى متاحفها ، وأرى ريفها ، حضارتها ، وبعد خمس سنوات أرجع فأقدم استقالتي وآخذ التقاعد ، وأنا أتيت معي بمبلغ بهذا السفر ، افتح محل تحف ، قال لي : هذا لا علاقة له بالتموين ، وأقيم فيه منتدى أدبيا ، هو درس الفلسفة ، قال لي : وأصدقائي يجلسون ، يكبر أولادي ، وأنا أسمع له ، هو متحدث لبق ، وكلامه لطيف ، رسم لي والله فيما أذكر عمل عشرين سنة قادمة ، كبر أولاده ، وزوجهم من هذا المحل ، وقال لي : أنا آتي بعد الظهر ، والله انتهى اللقاء ، وضيفني كأس شاي ، وذهبت للبيت ، وتغديت ، وعندي عمل بمركز المدينة مساء ، قلت : أذهب مشيا إلى البيت من أجل الرياضة ، والله الذي لا إله إلا هو قرأت نعيه في اليوم نفسه ، وفي ذلك اليوم كنت عنده ، لذلك :

الموت يأتي بغتة  والقبر صندوق العمل
***

سؤالات القبر ومقاماته :

 عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال :

(( إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ . فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ ، غَيْرَ فَزِعٍ ، وَلاَ مَشْعُوفٍ ـ أي غير خائف ـ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : فِيمَ كُنْتَ ؟ فَيَقُولُ : كُنْتُ فِي الإِسْلاَمِ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا هذَا الرَّجُلُ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ رَأَيْتَ اللهَ ؟ فَيَقُولُ : مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ ؛ فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، فَيُقَالُ لَهُ : انْظرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا ، فَيُقَالُ لَهُ : هذَا مَقْعَدُكَ ، وَيُقَالُ لَهُ : عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ . وَعَلَيْهِ مُتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ ، إِنْ شَاءَ اللهُ ))

 لذلك المؤمن يرى مقامه في الجنة فيقول من شدة الفرح : ما رأيت شراً قط .

انقلْ اهتمامك إلى الآخرة :

 أعطوني قصة قرأتها لعالم كبير ، والعالم كان ورعا وصالحا جداً ، ألّف كتابًا عن حرمة تقليد الأجانب في لبس البرنيطة ، والكتاب أخذ موافقة على تأليفه ، وموافقة على طبعه ، وعنده موافقة ثالثة على التداول ، قبل ما يؤلف يأخذ موافقة ، أخذ موافقة على التأليف ، وعلى الطبع ، وعلى التداول ، أُصدر قرارا بمنع اللباس الإسلامي كلياً ، حتى رجال الدين ، الجبة واللفة في الجامع ، أما في الطريق فممنوع ، وجدوا كتابا يحرم تقليد الأجانب ، أخذوا صاحبه ووضعوه في السجن ، هو بريء ، لأن هذا القرار لاحق ، وفي الدساتير كلها في العالم القوانين لا تطبق بمفعول رجعي ، فكتب مذكرة ، يقول جاره في السجن : كتب ثمانين صفحة ، أنا آخذ موافقات ، أنا ما عندي علم ، القرار لاحق ، والحقيقة أنه مظلوم ظلما شديدا ، يقول جاره في السجن : في يوم من الأيام استيقظ في حالة من الفرح لا تصدق ، يكاد يرقص من الفرح ، ومسك هذه المذكرة ، ومزقها ، لماذا فعلت ، هذا اشتغلت فيه عشرين يوما ؟ قال له : انتهى ، رأيت رسول الله ، قال لي : أنت ضيفنا غداً ، ثاني يوم شنقوه ، على الشبكية شُنِق ، لكن هو أين ؟ حسب ما رأى هو عند رسول الله .
 لما تنقل اهتماماتك للآخرة لم يعد الموت مخيف جداً .
 سيدنا سعد بن الربيع تفقده النبي في معركة ، بعث من يسأل عنه ، فإذا هو بين الموتى ، لكن لم يمت بعد ، قال له : يا سعد ، لقد بعثني إليك النبي عليه الصلاة والسلام لأرى هل أنت مع الموتى أم مع الأحياء ؟ قال له : مع الموتى ، ولكن أبلغ رسول الله مني السلام أن جزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته ، وبلغ أصحابه أنه لا عذر لكم إذا خُلص إلى نبيكم ، وفيكم عين تطرف .

الموت تحفة المؤمن :

 إخواننا الكرام ، قرأت تقرياً 70 ـ 80 ـ سيرة للصحابة الكرام ، ودرّستها ، فوجدت فيها قاسما مشتركا واحدا ، أنه ما من صحابي إلا كان في أعلى درجات سعادته عند الموت ، كل هذا التعب لهذه الساعة ، الموت ليس مصيبة ، الموت كما قال عليه الصلاة والسلام للمؤمن :

(( تحفة المؤمن الموت ))

[ أخرجه الطبراني ، وأبو نعيم ، والحاكم ، والبيهقي ، عن ابن عمر ]

 الموت عرس المؤمن ، أحيانا نفسُ الإنسان تتعبه ، تتشبث بالمخالفة ، بالتقصير ، لا أريد حضور درس ، كفانا دروسا ، مللنا ، اجلس لنرى أفلاما ، مثلاً ، لما تحرن نفسك كثير تضايقك عليك بالموت ، فهو أكبر رادع .
فلذلك كلما شعر الإنسان بأن نفسه بدأت تدعوه إلى تقصير ، أو إلى مخالفة قال :

(( أكثروا ذكر هادم اللذات ، فإنكم لا تذكرونه في كثير إلا قلله ، ولا قليل إلا كثره ))

[ رواه الطبراني عن ابن عمر ]

 إذا كان وضع نفسه بالقبر يقول :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِي لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

 فيجيب نفسه : قد رجعت يا ربيع ، فيرى فيه ذلك أياماً ، أن يرى فيه العبادة والاجتهاد ، وما من ميت إلا وترفرف روحه فوق النعش ، تقول : يا أهلي يا ولدي ، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حل وحرم ، فأنفته في حله وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة علي .
 طُلب من رجلٍ قرضا ، 300 ألف ليرة ، القصة قديمة ، فطالبُ القرض أعطاه رهنا مزرعة فخمة ، فيها بيت ، ومسبح ، وحديقة ، وأشجار مثمرة ، فطوّبها له ، وأخذ 300 ألف منه ، بعد 6 ـ 7 ـ سنوات أمّن المبلغ ، قال له القرِض : كل واحد أخذ حقه ، المزرعة ثمنها مليونان ، فتألم ألما لا حدود له ، وانتهى ألمه بالموت ، قبل أن يموت حدث معه احتشاء قلب ، فجاء بابنه الكبير ، وكتب رسالة لهذا الذي اغتصب منه المزرعة ، هو أخذها رهنا ، فلما راقت له رفض أن يرجعها لصاحبها ، وبيته في المهاجرين ، وهذا الذي اغتصب المزرعة بيته جانب باب توما ، قال لابنه : تمشي الجنازة من المهاجرين إلى باب توما ، و الدفن في المهاجرين ، تمر أمام محل الذي اغتصب المزرعة ، توقف الجنازة ، وتدخل فتعطيه هذه الرسالة ، كتب له رسالة ، فماذا في الرسالة ؟ قال له : " أنا ذاهب إلى دار الحق ، فإن كنت بطلاً لا تلحقني ، وسأقاضيك هناك يوم القيامة " ، يروى أنه أرجع المزرعة ، الدنيا فيها حلول ، عند الموت انتهى كل شيء .

 

اسمعْ يا عبدَ الله : إنك ترى في قبرك مقعدك من الجنة أو النار :

 وعن أنس رضي الله عنه ، قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم :

(( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، حتى إنه يسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد ، فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقال : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، فقال عليه الصلاة والسلام : فيراهما جميعا ))

 يرى مكانه في النار لو لم يكن مؤمناً ، ويرى مكانه في الجنة .

(( وأما الكافر أو المنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس . فيقال له : لا دريت ولا تليت . ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ))

الموت يناديك كل يوم حتى تجيبه يوما :

 سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يقول في إحدى خطبه : << يا عباد الله ، الموتَ الموت ـ يعني احذروا الموت ، مفعول به منصوب على التحذير ، الموتَ الموت ، ليس منه فوت ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، الموت معقود بنواصيكم ، فالنجاة النجاة ، إن وراءكم طالباً حسيساً ، وهو القبر ، ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران ، ألا وأنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات ، فيقول : أنا بيت الظلمة ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الديدان ، ألا وإن وراء ذلك اليوم يوماً أشد من ذلك اليوم ، يوم يشيب فيه الصغير ، ويسكر فيه الكبير >> .

﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾

( سورة الحج )

 لذلك يقول سيدنا علي : << الغنى والفقر بعد العرض على الله >> .
 يقال : إن الأرض تنادي الإنسان كل يوم تقول : يا ابن آدم تمشي على ظهري ومصيرك في بطني ، يا ابن آدم ، تأكل الألوان على ظهري ، وتأكلك الديدان في بطني ، يا ابن آدم ، تضحك على ظهري ، فسوف تبكي في بطني ، يا ابن آدم ، تفرح على ظهري ، فسوف تحزن في بطني ، يا ابن آدم ، تذنب على ظهري ، فسوف تعذب في بطني .

 

زوروا القبور :

 لذلك في بعض الأدعية : اللهم ارحمنا نحن فوق التراب ، وتحت التراب ، سيدنا النبي الكريم يقول :

(( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ))

[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]

 وفي حديث آخر يقول :

(( يقول كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها ، فإن في زيارتها موعظة وعبرة ))

 وكان إذا دخل على المقبرة يقول :

(( السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الدّيارِ مِنَ المؤْمِنِينَ ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ ، أسألُ اللَّهُ لَنَا ولَكُمُ العافيَةَ . وزاد بعد قوله : للاحقون : أنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ ))

من فوائد زيارة القبور :

 إخواننا الكرام ، بعض العلماء قال : في زيارة القبور فوائد كثيرة ، منها :

1 – تذكُّر الموت والآخرة :
 تذكر الموت والآخرة ، في بعض البلاد بأمريكا لا يمكن أن ترى للموت أثراً ، نحن نرى النعي ، ونسمع أحياناً إعلاما بالمئذنة ، أما هناك فلا شيء يذكرك بالموت إطلاقاً ، لذلك زيارة القبور تذكر الموت والآخرة .
 مرة مررت بمدينة اسمها دربون ، طبعاً هم يعتزون بدنياهم ، وما عندهم من منشآت ، وحضارة ، مررت بمقبرة ، فأنا تجاهلت وقلت : أنتم تموتون ؟ ما دام الموت سوّى بيننا فكل هذا التقدم مصيره إلى القبر .
 تذكر الموت والآخرة .
2 – تقصّر الأمل :
 تقصر الأمل .
3 – تزهّد في الدنيا :
 تزهد في الدنيا .

4 – ترقّق القلوب :

5 – تدمع العين :

6 – تدفع الغفلة :

7– تورث الخشية :

 

بأيِّ سبب يُعذَّب الإنسان في القبر :

1 – معاصي القلب والجوارح :
 ذكر ابن القيم رحمه الله " أن أهل القبور يعذبون على جهلهم بالله ، وإضاعتهم لأمره ، وارتكابهم لمعاصيه ، فإن عذاب القبر ، وعذاب الآخرة أثر من غضب الله وسخطه على عبده ، فعذاب القبر يكون على معاصي القلب ، والعين ، والأذن ، والفم ، واللسان والبطن ، والفرج ، واليد ، والرجل ، والبدن كله ، فمن أغضب الله ، وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ، ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه ، فمستقل ومستكثر ، ومصدق ومكذب " .
2 – الغيبة والنميمة :
 ورد في عذاب القبر على النميمة والغيبة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ))

[ البخاري]

3 – عدم الاستبراء من البول :

 

4 – الصلاة بغير طهور :

5 – الكذب :
6 – تضييع الصلاة :

7 – التثاقل عن الصلاة :

8 – ترك الزكاة :

9 – الزنا :

10– الغلول من المغنم :

11– الخيانة :

12– السعي في الفتنة بين المسلمين :

13– أكل الربا :

14– تركُ نصرة المظلوم :

15– شرب الخمر :

16– إسبال الثياب تكبرا :

17– القتل :

18– سب الصحابة :

19– الموت على غير السُّنة :

حكمة وعظة بالغة فاعتبروا يا أولي الأبصار :

 هناك كلمة رائعة ، يقول بعض الإخوة العلماء : كم من ظالم تعدى وجار ، فما راعى الأهل ولا الجار .
 والله لا أجد إنساناً أغبى من الطغاة ، يقتلون ، ويقصفون ، ما تركوا جسرا ، ما تركوا بيتا ، ما تركوا معملا ، هم في زهو ، هم والله أغبى بني البشر ، لأنهم ما أدخلوا حساب الله في حساباتهم .
 كم من ظالم تعدى وجار ، فما راعى الأهل ولا الجار ، بين هو في عقد الإصرار حل به الموت فحل من حلته الأزرار .

﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾

( سورة الحشر )

 ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن ، لو رأيته وقد حلت به المحن ، وشين ذاك الوجه الحسن ، فلا تسأل كيف صار .

﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾

 أين مجالسه العالية ؟ أين عيشته الصافية ؟ أين لذاته الخالية ؟ كم تسفى على قبره سافية ، ذهبت العين وأخفيت الآثار .

﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾

 تقطعت به جميع الأسباب ، وهجره القرناء والأتراب ، وصار فراشه الجندل والتراب ، وربما فتح له في اللحد باب إلى النار .

﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾

 نادم بلا شك ، ولا خفا ، باكٍ على زال وهفا ، يود أن صافي اللذات ما صفا ، وعلم أنه كان يبني على شفا جرف هار .

﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾

من أسباب النجاة من عذاب القبر :

 ذكر ابن القيم رحمه الله ذكر أن من أسباب النجاة من عذاب القبر هو أن يفعل ما يلي :
1 – محاسبة النفس كل يوم :
 أن يحاسب المرء نفسه كل يوم على ما خسره وربحه في يومه ، ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، وتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة ، أن يحاسب المرء نفسه كل يوم على ما خسره وربحه في يومه .
2 – تجديد التوبة النصوح :
 ثم يجدد التوبة النصوح بينه وبين الله ، فينام على تلك التوبة ، فإن مات في ليلته مات على توبة .
 والله إن كثيرا من الأشخاص أيضاً في هذه الستة اشهر ماتوا في الليل .
 لي صديق أستاذ بالجامعة ، دخل إلى مكتبه ليؤلّف ، قال لهم : أنا داخل أشتغل ، استيقظوا صباحاً ، وصلوا ، وضعوا الأكل ، قالت لابنه : نادِ والدك ، دخل فوجده ميتا .
 لذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ يقول :

(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

 إذا فتح الرجل عينه معنى ذلك أن الله سمح له بيوم جديد ، وهذه نعمة ، يستطيع أن يصلح فيه أشياء كثيرة ، وإن استيقظ استيقَظ مستقبلاً للعمل ، مسروراً بتأخير أجله ، حتى يستقبل ربه ، ويستدرك ما فاته .
3 – النوم على طهارة تاليا للأذكار :
 ولا ينام إلا على طهارة ذاكراً لله عز وجل ، مستعملاً الأذكار والسنن التي رويت عن رسول الله ، حتى يغلبه النوم ، فمن أراد الله به خيراً وفقه إلى ذلك .
 طبعاً مما ينجي من عذاب القبر :
4 – الرباط في سبيل الله :

 

5 – الشهادة في سبيل الله :

6 – قراءة القرآن :

عدَّ عمرك عدًّا تنازليا :

 إخواننا الكرام ، هذا حديث خطير ، لأن الموت مصير كل واحد حي ، والإنسان البطل يعد عمره عدا تنازليا لا عدا تصاعديا ، يسأل : كم بقي لي ؟ فإذا مضى أربعون عاما والنبي قال : معترك المنايا بين الستين والسبعين ، في الأعم الأغلب الذي بقي أقل من ما مضى ، فإذا مضى الذي مضى كلمح البصر ، يقول لك : البارحة كنا بالابتدائي ، ما شاء الله ، الآن وزنه 80 كيلوا ، وعمره 55 ، يقول لك : البارحة كنا بالابتدائي ، الموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور