وضع داكن
26-04-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 33 - خان أرنبة - كلمة توجيهية لخطباء المساجد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 أيها الأخوة الكرام:
 أشكركم من أعماق قلبي على اهتمامكم لدعوتي، وتفضلكم لسماع كلمتي.
 أيها الأخوة الكرام:
 مرةً قال لي أحدهم أتدري من دعا الناس إلى جامعك ؟ قلت والله لا أدري، قال الله عز وجل، قلت كيف ؟ قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

( سورة الجمعة الآية: 5 )

 شهد الله منذ تلك الفترة التي ذكرني أحدهم بهذا وأنا أعتني بالخطبة، لأن الداعي إلى جوامعكم هو الله عز وجل، الله دعا الناس إلى جوامعكم، فيجب أن تهتم بالخطبة على قدر مقام الداعي عندك، هذه واحدة.
 أيها الأخوة الكرام:
 لا شك أنه ما من عمل أفضل في تاريخ البشرية وإلى نهاية الحياة من الدعوة إلى الله بدليل قول الله عز وجل:

 

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾

 

( سورة فصلت )

 ولكن ما من عمل يتذبذب بين أن يكون عملاً خطيراً مقدساً، يرتقي أن يكون في مستوى صنعة الأنبياء، وبين أن يكون عملاً تافهاً لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة كالدعوة إلى الله، فالذي يموت من أجلها بمعنى يعطيها كل طاقته، وكل فكره، وكل اهتمامه، وكل إخلاصه، وكل خدمته، وبين أن يرتزق بها، فرق كبير بين من يموت من أجلها، وبين من يرتزق بها، كالفرق بين أن تكون دعوة خطيرة تمشي على قدم صنعة الأنبياء، وبين أن تكون دعوة لا تستأهل إلا ابتسامة ساخرة.
 أيها الأخوة الكرام:
 النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن السنة القولية والعملية التي نحن مأمورون أن نأخذ بها، له سنة دعوية، هذه خاصة بالدعاة، كيف دعا إلى الله، كيف عامل أصحابه كيف ألقى عليهم نصائحه، كيف اهتم بشؤونهم، كيف تفقدهم، كيف كان في خدمتهم سأوضح لكم في هذه الكلمة بعض ملامح السنة النبوية في الدعوة، الذي أراه أيها الأخوة أن الإحسان قبل البيان، إذا كنت محسناً فتح قلب المسلم إليك قبل أن يفتح لك عقله.
 فالخطيب ينبغي أن يكون محسناً، أن يتفقد إخوانه، أن يرعى شؤونهم، أن يسألهم عما هم فيه، أن يحاول حل مشكلاتهم، أن يألف بينهم، أن يكون وسيطاً في خلافاتهم أنت حينما تحسن تفتح القلوب قبل العقول لمواعظك الثمينة، الإحسان قبل البيان، بدليل أن الله سبحانه وتعالى حينما قال:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾

 

( سورة فصلت الآية: 30 )

 لا قيمة للإيمان من دون استقامة

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾

 فلا قيمة لإيمان بلا استقامة، كما أنه لا قيمة لدعوة إلى الله من دون إحسان، من دون عمل صالح، فحينما يتوهم الخطيب أن مهمته أن يلقي هذه الكلمات وتنتهي مهمته لا يكون مطبقاً لسنة النبي الدعوية.
 كان عليه الصلاة والسلام بتفقد أصحابه، يسأل عن أحوالهم، كان يتفقد غائبهم كان يعينهم على شؤون حياتهم، كان في خدمتهم.
 فحينما يرى الإنسان نفسه في خدمة من حوله يكون فعلاً في موضع يرضى الله عنه، فلعل مهمتك الإحسانية هي أن تكون أباً لهؤلاء، أن تكون أخاً، أن تكون محسناً.

 

(( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ))

 

[ أخرجه البراز والطبراني عن أبي هريرة ]

 الشيء الثاني:
 القدوة قبل الدعوة، البند الأول الإحسان قبل البيان، الشيء الثاني القدوة قبل الدعوة، لن يلتفت إليك طفل إن رأى مفارقة بين أقوالك وأفعالك، أن ترضى من طبيب لا تقتنع بسلوكه لكنك قانع بعلمه، ترضى من طبيب أن تكتفي بعلمه، ترضى من مهندس أن تكتفي بعلمه، ولكن لا يمكن أن يقتنع أحد من عالم دين أن يكتفي بعلمه وهو يعلم لا يطبق علمه، لذلك إذا عاهدت الله عز وجل ألا تنطق بكلمة إلا وأنت مطبق لها فالله سبحانه وتعالى يهب كلامك قوة تأثير عجيبة، الحقيقة كلنا يخطب، والخطباء كثر، ولكن لماذا يخص الله بعض الخطباء بقوة تأثير عجيبة ؟ أنا أحلل هذا بشيئين:
 1 ـ تطبيق ما يقول الخطيب.
 2 ـ والإخلاص في الـدعوة.
 إذا كنت مخلصاً في هذه الدعوة لا تبتغي سمعة، ولا جاهاً، ولا مالاً، ولا مكانة وفضلاً عن ذلك إذا كنت مطبقاً لما تقول هذه منحة من الله يهب الله كلامك قوة تأثير عجيبة فلذلك المعلومات في الدعوة ليست هي كل شيء، كل شيء الإخلاص، كل شيء التطبيق القلب الكبير، لمجرد أنك مطبق لما تقول، ومخلص فيما تقول، فالله سبحانه وتعالى يجعل قلوب الناس تهفو إليك، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة ))

 

[ أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]

 يعني والله أهل الأرض يتمنون أن يكون لهم منابر كمنابر المسلمين، يعني هؤلاء حينما يأتون إلى بيت من بيوت الله، يستمعون إلى كلمة واعية مخلصة صادقة فأنت أب روحي لهم، الناس يحتاجون إلى رجل الدين كما يحتاجون إلى الهواء، لأن الإنسان من دون عقيدة صحيحة تفسر له ما يجري، ومن دون ركن ركين يلجأ إليه يضيع لذلك أكبر مرض يعاني منه العالم الغربي هو القلق، قال تعالى:

 

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾

 

( سورة الأنعام )

 المؤمن يتمتع بنعمة ينفرد بها، نعمة الأمن.

 

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ﴾

 

( سورة الأنعام )

 كما أنك تتمتع بنعمة الأمن لطاعتك لله، وإخلاصك له، وتوحيدك إياه، هذه النعمة يمكن أن تهبها للناس الذين يصدقون مقولتك، ويتبعون نهجك في الدعوة إلى الله عز وجل، يعني الخطيب الناجح مصدر توازن للناس، ولاسيما بالمحن التي نمر بها، المحن صعبة جداً، محن الله من أصعب المحن، يقوي الكافر يقويه، يهدم، يضرب، يقتل، حتى يقول ضعيف الإيمان أين الله، مهمتكم الكبرى في هذه الأيام أن يبقى عدم النصر من الخارج أما من الداخل نحن واثقون أن الله لن يتخلى عنا، والدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو في طريق الهجرة مهدور دمه، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، تبعه سراقة قال له يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى، معناها أنا سأصل، سأؤسس دولة، وسأحارب أكبر دولتين، وسأنتصر عليهم، وسوف تأتيني الغنائم، ويا سراقة لك سواري كسرى.
 ممكن الحرب سجال، لكن أن نكرس الهزيمة من الداخل هذا شيء خطير جداً لازم المصلي يأتي يوم الجمعة لترتفع معنوياته، من خلال خطبة فيها توحيد، الأمر بيد الله:

 

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)﴾

 

( سورة آل عمران )

 فلذلك في المحن ينبغي أن يؤكد الخطيب على التوحيد.

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾

 

( سورة هود الآية: 123 )

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾

( سورة الكهف )

 فالإحسان قبل البيان، القدوة قبل الدعوة، الأصول قبل الفروع، في عنا مرض بين المسلمين الغرق في الجزئيات إلى درجة أننا ننسى الكليات، وننسى مقاصد الشريعة فهذا الذي يضرب ويدفع ليقبل الحجر الأسود هذا غرق في الجزئيات، هو من أجل سنة ينتهك حرمة مسلم، من أجل سنة يدع فريضة، فأنا لا أريد شخصية غير متوازنة، فدائماً اربط التفاصيل بالكليات، اربط الأحكام الفقهية الجزئية بمقاصد الشريعة، من أجل التوازن، فهناك من يغرق بالجزئيات إلى درجة أنه يرى مثلاً أن أحكام التجويد هي كل شيء في الدين، هذا تطرف، وهذا غلو في الدين، أحكام التجويد ضرورية جداً، وعلى العين والرأس، لكن لا ينبغي أن أجعل الدين كله تجويد، الدين استقامة، الدين اتصال بالله عز وجل، الدين عمل صالح، الدين اهتمام بهموم المسلمين، فينبغي أن يكون هناك توازن بين فروع الدين، لا أن يأخذ أحد فرعاً وأن يضخمه حتى يجعله أصلاً ويقاتل في سبيله، وأن يوزع تهم الشرك وعدم الشرك من أجل فرع هو أتقنه، ينبغي أن نكون متوازنين، إذاً: الأصول والفروع معاًُ، لا نكتفي بالفروع وندع الأصول.
 الشيء الثالث:
 لا ينجح الداعية بدعوته إلا إذا خاطب العقل والقلب معاً هناك من يخاطب العقل يعني موضوع أكاديمي فقط، والقلب متصحر، وهناك من يخاطب القلب على حساب خرافات وقصص ومنامات وكرامات ما أنزل الله بها من سلطان، لا، كيف أن الله عز وجل يقول:

 

﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)﴾

 

( سورة الانفطار )

 هو يخاطب قلبه:

 

﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)﴾

 

( سورة الانفطار )

 هو يخاطب عقله، أروع ما في القرآن الكريم أنه يخاطب العقل تارةً والقلب تارةً أخرى.

 

﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾

 

( سورة الحديد الآية: 16 )

 يخاطب القلب.

 

﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

 

( سورة يونس الآية: 101 )

 يخاطب العقل، أنا أرى أنك في الخطبة إذا هيأت موضوعاً متكاملاً في جانب نصي، نص قرآني أو نبوي صحيح شرحته شرحاً أصولياً، هذا جانب، ثم فكرة بالعقيدة أساسية كالتوحيد، ثم قصة ممتعة تشد الناس إليك، ثم قضية علمية تري الناس أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل القرآن، إذا جمعت في الخطبة بين نص مشروح شرحاً أصولياً، وبين فكرة في العقيدة مريحة للإنسان، وبين بحث علمي يدعم أن هذا القرآن من عند الله عز وجل ثم تعرج بقصة تشد الناس إليك فقد جمعت أركان الخطبة من كل أطرافها.
 إذاً: الإحسان قبل البيان ـ القدوة قبل الدعوة ـ الأصول قبل الفروع ـ مخاطبة العقل والقلب معاً ـ
 أخوانا الكرام:
 أعدائنا يلعبون بورقة خلافاتنا، فلذلك يمكن أن تدعو إلى الله ستين عاماً بالمتفق عليه، ابتعد عن الخلافيات، ابتعد عن إثارة الأفكار التي تمزق المسلمين.

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

 

( سورة الأنعام الآية: 159 )

 النبي عليه الصلاة والسلام كان يؤلف ولا يفرق، أنت يمكن أن تدعو إلى الله سنوات طويلة من دون أن تثير مشكلة، لا تكون متطرفاً، لا تكن مغالياً، لا تكن نصياً، لا تكن كلياً فقط، أنت يمكن أن تدعو إلى الله هذا الكلام أترجمه بهذه المقولتين، المضامين لا العناوين، العنوان لا يهمني، يهمني المضمون، والمبادئ لا الأشخاص، لذلك ما من فرقة ضالة في الأرض إلا ولها أربع سمات تأليه الأشخاص، تخفيف التكاليف، اعتماد النصوص الموضوعة، النزعة العدوانية، هذه صفات كل الفرق الضالة في الأرض، فأنت اعتمد المبادئ لا الأشخاص، المضامين لا العناوين، يعني ينبغي أن يلتئم على خطبتك كل الفئات كل الجماعات الإسلامية، أنت مع الجزع الواحد الموحد، أنت مع القواسم المشتركة، أنت مع المتفق عليه، لا مع المختلف عليه، أنت تمثل الدين كله، لذلك كل فئة أخذت من الدين جانباً، أما الخطيب الذي يخاطب كل الناس ينبغي أن يخاطبهم بكل الدين، يعني الدين ليس فقط تصوفاً، وليس فقط نصاً، الدين نص صحيح، واتصال بالله مخلص، وتزكية نفس وعمل صالح، هناك من يكتفي بالفكر فقط، لا يعمل شيئاً، هناك عمل بلا فكر، هناك نقد.
 بالمناسبة أخوانا الكرام قال بعض العلماء: الشيطان له مهمات عديدة يبدأ بأصعب واحدة، يبدأ بأن يحمل الإنسان على الكفر، فإن رآه مؤمناً حمله على الشرك، فإن رآه موحداً حمله على أن يبتدع، فإن رآه على سنة حمله على أن يرتكب كبيرة، إن رآه على طاعة حمله على صغيرة، إن رآه على ورع، بقيت معه ورقتان رابحتان يحمله على التحريش بين المؤمنين، وأكبر مشكلة يعاني منها المسلمون في مشرقهم وفي مغربهم التحريش بين المؤمنين، ممزقون، بأسهم بينهم، والعدو لا يفرق فئة عن فئة، يستهدفنا جميعاً، فلذلك المؤمن الصادق يبقى في المتفق عليه، يبقى في القواسم المشتركة، لا يثير مشكلة.
 مرة سئلت في الإذاعة عن صلاة التراويح 8 أم 20 ؟ وهذه مشكلة كبيرة جداً فكان جوابي، قلت له لن أجيب عن هذا السؤال، صلِ 8 ـ 12 ـ و20 ـ وصلٍ ببيتك وصلٍ بالمسجد ولا تفعل مشكلة، أنا هذا رأي، إذا السؤال يخلق مشكلة، يعمل تفرقة، يعمل انشقاق أنت مع من تؤلف لا مع من تفرق.
 مرة سألوا أحد علماء مصر أن يكون رئيس حزب فخري، قال لهم أنت كم ؟ قالوا له مليون ( الشعراوي ) قال لهم أنا لخمسين مليون، أنت لكل الجامع، لكل الفئات حينما تنحاز إلى فئة انتهيت، فينبغي أن تكون لكل الفئات مع القواسم المشتركة، مع الخط العريض، مع المتفق عليه.
 والله أقول لكم مرة ثانية يمكن أن تدعو إلى الله ستين عاماً في المتفق عليه، وما لك خصم، القصد أن هذا الذي يستمع إلى خطبتي أن يتعرف إلى الله، وأن يستقيم على أمره وأن يسعد بعبادته في الدنيا والآخرة، وانتهت المهمة.
 أيها الأخوة:
 إذاً: المضامين لا العناوين، والمبادئ لا الأشخاص، كلما كبر المبدأ صغر الشخص، النبي سيد الخلق قال:

 

(( إن أتبع إلا ما يوحي إلي ))

 

[ أخرجه الطبراني عن ابن عباس ]

 سيد الخلق قال:

 

﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾

 

( سورة الكهف الآية: 110 )

 سيد الخلق قال:

 

﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)﴾

 

( سورة الأنعام )

 لكن واحد بالقبر وجاء الملكان ليسألانه يأتي الملكين رفسة من شيخ هذا المتوفى قال مثل هذا يسأل ؟! هذه خرافة هذه، في توجيهات غير صحيحة، في توجيهات فيها تعظيم لأشخاص، سيد الخلق قال:

 

﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾

 

﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً (21)﴾

( سورة الجن )

 أنا سمعت شريط قال كنا قاعدون في الجنة وفي هيصة، ما الأمر، قال اثنتين نساء أنه والله نحن من جماعة فلان دخلونا قاموا دخلوهم، هذه قصة هذه، انظروا إلى توجيه النبي يا أخوان، كان ببيت وتوفي صاحب البيت، سمع امرأة تقول هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، انظر إلى الأدب، قال لها :

((ومن أدراكِ أن الله أكرمه ؟ قولي أرجو الله أن يكرمه وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم.))

 كلما كان توجيهك وفق الكتاب والسنة أنت على أرض صلبة، ولا أحد يستطيع أن يقول كلمة، أما إذا بدأت الشطحات، والكرامات والقصص، والخرافات، دخلت في متاهات كبيرة، وصار حول الخطيب لغط كبير، وصار في حوله جدل كبير، وصار في عنده مشكلة كبيرة في الدعوة، كان يؤلف صار يفرق.
 أيها الأخوة الكرام:
 أنت لست وصياً ولكن داعياً إلى الله، لسنا أوصياء لكننا دعاة، هذه نقطة دقيقة جداً، حينما نفهم أنني لست أمثل كل المسلمين، أنا أمثل هذا الدين، هؤلاء الذين أمامي لعلي أنصحهم، أقدم لهم شيئاً ثمنيناً، أما أن أحاسبهم وكأنني قاضٍ، لسنا قضاة ولكننا دعاة.
 إذاً التربية لا التعرية، يعني أنا هذا المنبر أيها الأخوة شهد الله لي كلمة خاصة أنه أنا أشعر أن هذا منبر رسول الله، فالذي يعتلي هذا المنبر ويريد أن يتشفى من جهة أو من جماعة من خلال خطبة، والله الله له بالمرصاد، لا تلعب بدين الله، هذا المنبر منبر رسول الله.

﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)﴾

( سورة الجن )

 اجعل هذا المنبر خالصاً لله عز وجل، أما في خلافات شخصية، في انتقادات أبداً، أنا أعتقد اعتقاداً جازماً أن هذه المحافظة الطيبة التي شرفها الله بمن يرعى العلم والعلماء بريئاً من كل هذه الملاحظات، لكن من باب التذكير.
 أيها الأخوة الكرام:
 آخر كلمة أقولها إن أردت أن يكون لكلامك تأثير كبير فاعتني بالإخلاص واعتني بالتطبيق لأنك عندئذٍ تتوازن أمام نفسك، أما إذا كان ما في إخلاص، وما كان في تطبيق تشعر بانهدام داخلي، وهذا الانهدام يشعر عليه المستمعون، يجد مستمع مشدود إلى خطيب يقول له والله فلان صالح، فلان أظنه صالحاً ولا أزكي على الله أحدا، أما إذا كان في خطأ.
 مرةً في مصر جلست جلستين مع الشيخ الشعراوي فسألته عن نصيحة أوجهها للدعاة أنا كنت أظن أنه سيتكلم نصف ساعة، قام وتكلم كلمة واحدة، قال لي احذر أن يراك المدعو بخلاف ما تدعوه، يعني بيت الداعية جزء من الدعوة، إذا في ببيته أخطاء والأخطاء تمشي بالقرية، إذا في أخطاء ببيته هذه الأخطاء تسبب له إخفاق الدعوة.
 فأنت أول شيء ينبغي أن تكون قدوة، يمكن أن أعيد بشكل موجز الإحسان قبل البيان ـ القدوة قبل الدعوة ـ الأصول قبل الفروع ـ التدرج لا الطفرة ـ المبادئ لا الأشخاص ـ المضامين لا العناوين ـ مخاطبة العقل والقلب معاً، بارك الله بكم ونفع بكم.

 

تحميل النص

إخفاء الصور