- محاضرات خارجية / ٠21ندوات مختلفة - سوريا
- /
- ٠2ندوات مختلفة - سوريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، باسمكم جميعاً نرحب بالدكتور محمد راتب النابلسي لقبوله إجابة هذه الدعوة، ليلقي محاضرة أمامكم بعنوان: " الغزو الفكري وخطره على الشباب العربي ".
طلب الحقيقة هي الحاجة العليا للإنسان :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام؛ بادئ ذي بدء أشكر لكم من أعماقي دعوتكم تلك، وإن عبرت عن شيء فإنما تعبر عن وحدة الأخوة الكرام فيما بينهم، وفيما بيننا، فأنتم ضيوفنا ونحن أهلكم إن شاء الله، وهذه البلدة الطيبة معروفة في بقاع العالم أنها تحتضن طلبة العلم، وأن طالب العلم تضع الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع، ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة.
الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، العقل له غذاء وهو العلم، والقلب له غذاء وهو الحب، والجسم له غذاء وهو الطعام والشراب، فمن غذى هذه الجوانب الثلاثة مجتمعةً تفوق، ومن غذى أحدها تطرف، وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف، أنت إنسان لك عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، لابد من أن تحب، تحب من؟
بادئ ذي بدء: تحب الحقيقة، لأن طلب الحقيقة هي الحاجة العليا للإنسان، فيه حاجات عليا، وفيه حاجات دنيا، الحقيقة حاجته العليا، وأبرز ما في هذه الحقيقة أن لهذا الكون خالقاً عظيماً، ومسيراً حكيماً، ورباً رحيماً، وأن هؤلاء البشر جميعاً عباده.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾
اللام لام التعليل، علة تنوع الألسنة والألوان والخصائص علة التعارف والتكامل لا علة القتل والإيذاء، العالم اليوم يمتلئ جوراً وظلماً، العالم اليوم يضج بالجرائم، يضج بالعنصرية، يضج بالفوقية.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾
((كلكم لآدم وآدم من تراب، الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله))
أيها الأخوة الأحباب؛ نحن في أمس الحاجة إلى هذه المعاني التي تجمعنا، وفي اجتماعنا قوة، نحن في أمس الحاجة إلى هذه المعاني التي تؤلف قوتنا.
العبادة علة وجود الإنسان على سطح الأرض :
أيها الأخوة؛ الحقيقة الأولى: أنك إذا سافرت إلى بلد ونزلت في أحد فنادقه، واستيقظت في صبيحة اليوم الأول ثم قلت: إلى أين أذهب؟ نسألك نحن: لماذا جئت لهذا البلد؟ إن جئته طالب علم فاذهب إلى المعاهد والجامعات، وإن جئته تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، وإن جئته سائحاً فاذهب إلى المقاصف والمتنزهات، ماذا نفهم من هذا؟ لا يمكن أن يصح عملك إلا إذا عرفت سرّ وجودك، أنت هنا من أجل أن تعبد الله، لأن الله عز جل يقول:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
ما العبادة؟ يفهمها بعض الناس فهماً ضيقاً ساذجاً، العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، أنتم الآن في الشام، بلدكم الثاني إن شاء الله، لكن أليس هناك وضوح شديد في أذهانكم أنكم هنا للدراسة، فأي نشاط في الشام بعيد عن الدراسة مضيعة للوقت وخسارة، أنت هنا من أجل أن تدرس، لماذا أنت على سطح الأرض؟ من أجل أن تعبد الله، من هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها؟ إنها الجهة الصانعة، إذا عندك جهاز بالغ التعقيد غال جداً، مفيد جداً، وأصابه خلل، أنت تبحث عن إنسان لإصلاحه، هل تبحث عن صديق محب أم عن خبير؟ قال تعالى:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
فالذي خلقنا هو الخبير.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾
إذاً نحن على سطح الأرض من أجل أن نعبد الله، وعبادة الله تعني طاعته طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾
الإنسان هو المخلوق الأول و المكرم :
لأنك إنسان أنت المخلوق الأول، من عرف نفسه عرف ربه، لأنك إنسان أنت المخلوق الأول.
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾
إذاً إن أردت أن يصح عملك لا بد من أن تعرف سرّ وجودك، لماذا أنت على سطح الأرض؟ لماذا أنت مخلوق؟ أنت المخلوق الأول، أنت المخلوق المكرم:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
أنت المخلوق المكلف:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
من عرف نفسه عرف ربه، أنت مخلوق لجنة عرضها السموات والأرض، وجئت إلى الدنيا من أجل أن تدفع في الدنيا سبب دخول الجنة، فأي نشاط يبتعد عن أن يكون ثمناً للجنة نشاط ضائع.
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾
السعيد من عرف سرّ وجوده و جاءت حركته مطابقة لهدفه :
إذاً يصح عملك إذا عرفت سرّ وجودك في الدنيا، كما أنك تفلح في دمشق إذا عرفت أن سرّ وجودك فيها من أجل أن تدرس، الآن متى تسعد؟ أنتم الآن طلاب علم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن تكونوا أعلاماً في بلادكم، وأن تكونوا قادةً لأممكم، وأن تكونوا مشاعل نور في هذه الجاهلية الجهلاء، التي طغى فيها الشر على الخير، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً ))
كيف تسعد؟ لو أنك على مشارف امتحان مصيري، السنة الأخيرة، التخرج المادة الأساسية، وإذا نجحت يبنى على نجاحك أن تعود إلى بلدك رافع الرأس، أن تتسلم أعلى منصب رفيع، وجاء إخوانك الذين يحبونك وأخذوك إلى مكان جميل حول الشام، مناظر جميلة، طعام طيب، هل ترتاح أنت؟ الامتحان بعد أيام، والمكان جميل، والطعام طيب، والأصدقاء يحبونك، هل هذه الحركة- أن تذهب إلى نزهة، وأن تأكل أطيب الطعام، وأن تستمتع بأجمل المناظر- متناسبة مع هدفك الخطير؟ غير متناسبة، إذاً تتألم، أنت في مكان جميل متألم، تأكل أطيب الطعام متألم، تجلس إلى أصدقاء يحبونك متألم، أما إذا قبعت في غرفتك، وقرأت الكتاب المقرر وفهمته، فتشعر براحة، إذاً متى يرتاح الإنسان؟ إذا جاءت حركته متوافقة مع هدفه، متى يرتاح التاجر؟ إذا كان هناك بيع شديد، قد يقف ولا يجلس، قد ينسى أن يأكل، هو أسعد الناس، لأنه يبيع ويشتري، أما إذا لم يكن هناك زبائن، ولا بيع ولا شراء، وجالس على مقعد وثير، ويأكل أطيب الطعام، لماذا هو متألم؟ لأن هذا الركود في السوق يزعجه، إذاً: يصح عملك إذا عرفت سرّ وجودك، وتسعد إذا جاءت حركتك مطابقة لهدفك، هذه حقائق أساسية، ما كل ذكي بعاقل، قد تكون ذكياً جداً، وقد تستوعب كتاباً ضخماً، وقد تنال درجات عالية في الامتحان، وقد تكون الأول، ولست عند الله عاقلاً، من هو العاقل؟ الذي عرف ربه، والذي عرف سرّ وجوده، وعرف غاية وجوده، وعرف المنهج الذي ينبغي أن يسير عليه، وعرف الهدف الذي خلق له، هذا هو العاقل، لذلك مرّ النبي عليه الصلاة والسلام بمجنون، فسأل سؤال العارف: من هذا؟ قالوا: هو مجنون، قال: لا، هو مبتلى، المجنون من عصى الله.
منهج الله عز وجل ضمان لسلامتنا :
أخوتنا الكرام؛ أكرمكم الله ووفقكم في دراستكم، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في هذا الإسلام العظيم حرمان أبداً، إذاً ليس في الإسلام حرمان، أنت حينما تمشي في أرض ممتدة، ورأيت لوحة كتب عليها: انتبه حقل ألغام، هل تشعر بحقد على من وضع اللوحة أم بشكر وامتنان؟ بشكر، هل هذه اللوحة قيد لحريتك أم هي ضمان لسلامتك؟ ضمان لسلامتك، أنت حينما تفهم الأمر والنهي، حينما تفهم منهج الله عز وجل على أنه ضمان لسلامتنا تطبقه قلباً وقالباً، تطبقه في بلدك وفي غير بلدك، أعجبتني كلمة من أحد الطلاب قال: هناك أشخاص دينهم جغرافي، بمعنى أنهم يطيعون الله في بلدهم، فإذا سافروا إلى بلد آخر يعصونه، الله عز وجل وهو معكم أينما كنتم، هذه نقطة.
النقطة الأولى أن العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية.
جوانب العبادة :
في العبادة جوانب ثلاثة؛ كما أن الإنسان له جوانب ثلاثة في العبادة جوانب ثلاثة؛ فيها جانب معرفي، يجب أن تطلب الحقيقة، لأن العقل غذاؤه العلم، وفيها جانب سلوكي حركي، افعل ولا تفعل، الإسلام منظومة قيم، مجموعة أوامر ونواه، فلا بد من أن تعرف هذا، لأن هذا متعلق بسعادتك، أنت حينما تعد نفسك أعقد آلة في الكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، وأن لهذه الآلة صانعاً حكيماً، وأن لهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة، إقبالك على تنفيذ تعليمات الصانع عقل وأي عقل، ومصلحة وأية مصلحة، وعدل وأي عدل، لذلك ورد عند بعض العلماء أن الشريعة عدل كلها، مصلحة كلها، حكمة كلها، رحمة كلها، فأية قضية خرجت من الرحمة إلى القسوة، ومن العدل إلى الجور، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن الحكمة إلى خلافها، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل، أولاً: لابد من طلب الحقيقة.
أيها الأخوة؛ العلم هو الوصف المطابق للواقع مع الدليل، فأنت طالب علم ينبغي أن تعتقد ما هو علمي، وأن ترفض ما ليس بعلمي، لأنه لا يليق بالإنسان إلا أن يطلب الحقيقة، لكن هناك معتقدات فاسدة، عادات فاسدة، تقاليد، أشياء جاءتنا عن الغرب، وهذا محور المحاضرة.
مجابهة الغزو الفكري :
أيها الأخوة؛ صدقوني أن أهون شيء - وقد يبدو لكم هذا غير معقول- هو الغزو العسكري، لكن الغزو الثقافي الذي تفضل به الأخ الكريم عندما قدمني إليكم هو أخطر شيء، والآن هناك في العالم ما يسمى بالعولمة، العولمة أن تعمم نمطاً من السلوك، ثقافةً من الثقافات على العالم كله، ولم أر كلمةً تشبهها ككلمة الحيونة، أي أن يعود الإنسان حيواناً، أن تزول الفروق بين الذكر والأنثى، أن تنسف القيم التي آمنا بها جميعاً، فلذلك أيها الأخوة: أكبر مشكلة تواجه العالم اليوم مشكلة العولمة، مثلاً نحن معنا منهج، نحن معنا منهج السماء، نحن معنا تعليمات الصانع، نحن معنا منهج حكيم من عند خالق الكون، يطلعون علينا بمؤتمرات هذه المؤتمرات عقدت في مدن كثيرة، عقد أحدها في القاهرة، والثاني في بكين، والثالث في نيويورك، مؤتمرات السكان، يريدون أن يكون الزواج لا بين رجل وامرأة ولكن بين شخصين، مطلقاً، يريدون أن تكون المرأة حرة في أن تسكن في بيت غير بيت زوجها، وأن تسافر إلى حيث تشاء، وأن تعمل أي عمل تشاء، ولا سلطان للزوج على زوجته، يريدون الإجهاض الآمن، بنود مؤتمرات السكان يقشعر منها البدن، هذه عولمتهم يريدون أن يعمموها على شعوب مسلمة، على شعوب معها منهج الله، على شعوب معها وحي السماء، على شعوب عندها منهج دقيق افعل ولا تفعل، فلذلك لا نستطيع إلا أن نتسلح بالعلم
أقول لكم هذه الكلمة من أعماقي: قديماً قبل خمسين عاماً كان الفساد في بؤر محددة، كحديقة حيوان تقليدية، الوحوش في الأقفاص، تفهمون عليّ، والناس الزوار طلقاء، الآن وضع العالم اليوم كحديقة حيوان في إفريقيا، الوحوش طليقة، والزوار ينبغي أن يدخلوا إلى سيارات مصفحة فإن لم يفعلوا قتلوا، ونحن الآن هذه العولمة في الصحف، وفي الإذاعة، وفي التلفزيون، وفي الفضائيات، أينما ذهبت هناك من يريد أن يلغيك، أن يلغي مبدأك، أن يلغي اتجاهك الإسلامي، وأن يفرض عليك عولمته، وثقافته، واتجاهه، فلابد من أن نعتصم بهوتنا.
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
فلذلك هذه العولمة كما سماها الأخ الكريم الغزو الفكري، هذا لا يجابه إلا بتأصيل منهج السماء، بمعرفته، هذا منهج خالق الكون، هذا منهج الخبير، هذا منهج لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لو عكفتم على قراءة بنود هذا المنهج لوجدتم أنه المنهج الأمثل، منهج العدل، منهج الرحمة، منهج المصلحة، منهج الحكمة، فكيف نجابه هذا الغزو الثقافي؟ لا يجابه إلا بالتسلح بالعلم، الحقيقة يطرب الإنسان لها، الحقيقة غذاء الروح، أنت حينما تعرف الحقيقة كأنك ملكت الدنيا، أنت حينما تعرف لماذا أنت في الأرض كأنك ملكت الدنيا، أنت حينما تعرف أنك مخلوق لحمل رسالة كبيرة تشعر بقيمتك في الحياة.
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
الحقيقة ترون أن هؤلاء الطرف الآخر- أنا أسميهم الطرف الآخر في محاضراتي كلها- يريدون أن يعيشوا وحدهم، وأن يفرضوا على الشعوب الأخرى ثقافتهم، وعولمتهم، وحيونتهم، يريدون أن يستعبدوا الآخرين، ونحن لا نكون أحراراً إلا إذا عرفنا الله، إلا إذا عرفنا أن هذا الخالق العظيم لو أنه أوكلنا إلى غيره لا يستحق أن نعبده.
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾
الله مع المؤمنين بالنصر و التأييد :
أنت حينما تعرف الله، وتعرف منهجه، وتنطلق إلى عبادته تصبح كائناً عظيماً، كان أصحاب النبي الواحد بألف، والناس التافهون البعيدون عن منهج الله الألف كأف، أف، نفس بصوت مسموع، فحينما كان أحد قواد المسلمين سيدنا خالد بن الوليد في معركة احتاج إلى مدد خمسين ألفاً، أرسل له الصديق واحداً هو القعقاع بن عمرو، فلما وصل إليه قال له: أين المدد؟ قال له: أنا المدد، واحد! عجب، معه كتاب، قال له الصديق: يا خالد لا تعجب أن أرسلت إليك واحداً، و الذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يغلب، وأنتم ترون الآن أن كيف شاباً حفظ كتاب الله، أراد أن يقدم حياته لزعزعة كيان عدو، كيف أنه ألغى السلاح النووي، وألغى الطائرات، وألغى التكنولوجيا، وألغى كل شيء، الحرب بدأت بالإنسان وانتهت بالإنسان:
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
***
لكن لا بد من أن تعرف الله من أجل أن تستمد منه القوة، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟ ما معك أحد، أنت حينما تكون مع الله كان الله معك، ومعنى أن الله معك أن يؤيدك، وينصرك، ويحفظك، ويوفقك، وهذا معنى قوله تعالى: إن الله مع المؤمنين، إن الله مع المتقين، إن الله مع الصادقين.
﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
هو معك بالتأييد، ومعك بالحفظ، ومعك بالنصر، ومعك بالتوفيق، فإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟ أنتم طلاب وإن شاء الله تكونون في المستقبل القريب أعلاماً في أممكم، ولكن هذا الصحابي الشاب الذي اسمه أسامة بن زيد، أسامة بن زيد كان حب رسول الله، عينه قائداً للجيش، في هذا الجيش أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كبار الصحابة، أجلاء الصحابة، شيوخ الصحابة جنود تحت إمرة سيدنا أسامة، وكان حب رسول الله، مشى الصديق في ركابه، فاستحى، قال: والله يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن، قال: والله لا ركبت ولا نزلت، وما عليّ أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله، هذا هو الدين، صنع من شاب بطلاً، وصنع من شاب قائداً للجيش، والله أيها الأخوة لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
((إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء))
ضرورة أخذ ما في عقول الغرب و ترك ما في نفوسهم :
ولكن قد يقول قائل: ماذا نأخذ من الطرف الآخر وماذا ندع؟ أنا أقول لكم: خذوا ما في عقولهم، ودعوا ما في نفوسهم، إحساسنا ملكنا، وإحساسهم ملكهم، بينما الثقافة قدر مشترك بين كل الشعوب، إن ثقافة أي أمة هي بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرّ الأجيال، وهل إذا لدغتنا جماعة من النحل نقاطع عسلها؟ نأخذ ما رؤوسهم، نقوي بلدنا، نقوي أمتنا، نأخذ علمهم، وندع أخلاقهم، وقيمهم، وإباحيتهم، وثقافتهم، وضياعهم، وانحلال أسرهم، وتفككهم.
شاب أحب فتاةً في أمريكا، استشار والده قال: لا يا بني إياك إنها أختك وأمك لا تدري، فلما أحبّ ثانية استشار أباه قال له: أيضاً إنها أختك وأمك لا تدري، أحب الثالثة قال له أيضاً إنها أختك وأمك لا تدري فانزعج، وأسر إلى أمه بهذا الكلام، قالت له: خذ أياً شئت أنت لست ابنه وهو لا يدري، هذا هو مجتمعهم، أما المسلمون فهم في انضباط، وعفة، ووفاء زوجي، وأسرة متماسكة، وأب، وأم، وأولاد، نحن معنا وحي السماء، نحن معنا منهج الله، نحن معنا قيم رفيعة من عند خالق الأرض والسموات، لسنا بحاجة إلى ثقافتهم، ولا إلى عولمتهم، ولا إلى إباحيتهم، بل يوم كان المستعمر يحتل بجنوده أرض بعض البلاد كان الأمر أقل من هذا الغزو الثقافي، الذي هو محور هذه المحاضرة، لأن الإنسان حينما يجد أن هناك عدواً في بلده يستبسل، أما حينما ينهار أمام فيلم إباحي أو أمام محطة فضائية فلن يفيدنا بشيء.
أحد رؤساء فرنسا ماذا قدم لشباب إفريقيا؟ قدم هدية، توقعوا ما هذه الهدية؟ محطة إباحية، قدمها مجاناً لدول شمال إفريقيا، من أجل ماذا؟ من أجل أن ينهار الإنسان، أن يتخلى عن قيمه، الإنسان قوي إذا كان مع الله، أما إذا انحرف وسقط في شهوة محرمة فأصبح أضعف المخلوقات، وهذا المعنى قاله القرآن الكريم، قال:
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾
لما فسقوا ضعفوا، فأنتم إن شاء الله مستقبل أمامكم، وهذا المستقبل يحتاج إلى وعي، أنا أتمنى عليكم أن تتغذوا غذاءً صحيحاً، هناك مثل معروف، وعاء الماء الذي يحافظ على برودة الماء، هذا الوعاء له فتحة من أعلى، وله صنبور من أسفل، الشيء الذي تضعه في الأعلى تأخذه من الأسفل، والتغذية التي تتغذاها ثقافياً تنطق بها، أنت لا تنطق إلا بما غذيت، فحينما يغذى الإنسان بثقافة ماجنة، أو ثقافة منحرفة، ماذا أقول لكم؟ سفير دولة عظمى عين قبل شهر تقريباً في بلد أوربي، من تقاليد تعيين السفير أن يقام له حفل وداعي في بلده، يحضره وزير الخارجية ليعطى أوراق اعتماده، لتقدم إلى رئيس الدولة في البلد الذي هو سفير فيه، ومن عاداتهم هناك أن تأتي معهم زوجاتهم ليشهدن حفل تكريم أزواجهم، من كانت مع هذا السفير؟ لم يكن معه زوجة كان معه شريك جنسي، هذه عولمتهم، إنسان محترم يعين سفير بدولة عظمى في بلد أوربي، جاء ومعه شريكه الجنسي، وفي الإسلام الشذوذ غير الزنا، الزنا خلاف الحكم الشرعي، بينما الشذوذ خلاف الفطرة، وفرق كبير بين أن تجانب الفطرة وبين أن تجانب الحكم الشرعي، أنا أريد أن أقول لكم: لا بد من أن نستقي ثقافتنا وعقائدنا ومنهجنا من خالقنا، لأنه الجهة الصانعة، ولأن الجهة الصانعة الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها.
ضرورة شحن المؤمن بشحنة علميّة وروحيّة ليصبح قوياً :
أيها الأخوة الأحباب؛ الآن ترون الهواتف الخلوية، تسمعون بها وترونها، هذا الهاتف الخلوي إن لم يشحن هل يتكلم؟ هل يستعمل؟ هل يصلك بإنسان؟ لا بد من شحن، صدقوني أيها الأخوة وكذلك المؤمن لا بد من أن يشحن، إن شحنت شحنة روحية علمية ونفسية أصبحت قوياً.
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا﴾
كنت قبل عشرين عاماً أو أكثر أدرس صفاً في التعليم الثانوي، وكان هناك كتاب مقرر لفرانز فانون، تسمعون بهذا الكتاب؟ معذبو الأرض، يصف وحشية الغرب في إفريقيا، الحقيقة الكتاب يجب أن تقرأه أي جريمة ما بعدها جريمة، اضطهاد ما بعده اضطهاد، استغلال ما بعده استغلال، الإنسان إذا انحرف عن منهج الله يغدو وحشاً، وهذا الوحش الآن ظهر جلياً، ترونه جميعاً كيف أنه يحب أن يعيش وحده، وأن يستمتع بالحياة وحده، يحب أن يبني وجوده على أنقاض الآخرين، يحب أن يبني حياته على موت الآخرين، يحب أن يبني أمنه على خوف الآخرين، يحب أن يبني غناه على إفقار الآخرين، ليس فيه عدل إطلاقاً، والذي تعانونه أنتم في بلادكم كنا نعانيه نحن قديماً في بلادنا، فالهم واحد، فلذلك لا بد من أن تنهضوا أنتم، أن تنهضوا في معرفة الله، وأن تنهضوا في معرفة منهجه، وأن تنهضوا لحمل رسالة السماء إلى شعوب الأرض، وأن تنهضوا لحمل همّ المسلمين في شتى بقاع الأرض.
الرابطة الدينية أقوى رابطة في العالم اليوم :
الحقيقة الرابطة الدينية أقوى رابطة في العالم اليوم، أنت حينما ترى أخاً لك في أي مكان، الصحابة الكرام ضربوا أعلى مثل، لما جاء المهاجرون إلى المدينة كل أنصاري آخى مهاجراً، فكان الأنصاري يقول لأخيه المهاجر: عندي بستانان لك أحدهما، عندي دكانان لك أحدهما، وكان المهاجرون في أعلى درجة من العفة، كان أحدهم يقول: بارك الله لك في مالك ولكن دلني على السوق.
إذاً أنت حينما تنتمي إلى أمة عظيمة تشعر بالتعاون، تشعر بالقوة، وأنتم كما أتمنى يجب أن تنتموا إلى هذا الدين العظيم، وأن تنتموا إلى هذه الأمة التي جعلها الله وسطاً بين الأمم، وهي الآن مقصرة في أداء رسالتها، لكن أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الأحداث التي جاءتنا من الغرب سبباً في إيقاظنا وتفتحنا وصحوتنا من غفلتنا، أنا أدع لكم وقتاً للحوار والأسئلة فإلى مداخلاتكم إن شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين
أسئلة و أجوبة :
مواجهة الأعداء بكسب المال الحلال واستخراج الثروات وكفاية أنفسنا :
ج: شكراً جزيلاً، سؤال مهم جداً بارك الله بك ونفع بعلمك، أنا أرى أن الأعداء أو أن الطرف الآخر لا يستطيعون مواجهة الإسلام، لكن أرادوا تفجيره من داخله كما قلت تماماً، بأن يصطنعوا أناساً من بني جلدتنا، ولكنهم مستغربون، ثقافتهم غير ثقافتنا، قيمهم غير قيمنا، إنهم مصطنعون، لهم مظهر ولهم مخبر، هذه حقيقة صارخة، لذلك ألخصها بهذه المقولة: نحن نخشى على الإسلام لا من أعدائه بل من أدعيائه، من الذين حملوا شعائر الإسلام وفجروه من داخله، هذا الكلام صحيح مئة بالمئة، أما كيف نواجههم؟ أيها الأخ الكريم جزاك الله خيراً، الطرف الآخر إذا أراد إفقارنا، أول عبادة لنا أن نكسب المال، أن نصنع ثرواتنا، أن نكتفي ألا نستورد، أن نكتفي بثرواتنا، أن نصنعها، أن نستخرجها، إن أراد الطرف الآخر إفقارنا فعبادتنا الأولى كسب المال الحلال، واستخراج ثرواتنا، والحفاظ عليها، وتصنيعها، وكفاية أنفسنا.
الآن كلامك، إن أراد الطرف الآخر إضلالنا فالعبادة الأولى أن نوضح الحق، وأن نبين حقيقة هذا الدين، أن نرد عليهم باليقين، هم يعتمدون على الأكاذيب، وعلى الأضاليل، وعلى المغالطات، ينبغي أن نبين، حينما تجد في مجتمع ضلالات، وأفكار هدّامة، أول عبادة أن توضح الحق، أن تبين، أن تدرس، أن تتعلم أن تكون داعية، لأن معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية، فلابد من أن نقف ونوضح وهذه مهمة العلماء في الإسلام أن يوضحوا، لأنه لا يمكن أن تقوم للباطل حجة، لكن تقوم حجة عند الجاهل، أنت إذا نورت الجاهل وبينت له أن الإنسان خلق لكذا، هذا منهجه، وهذا يعود عليه بالخير، أي الشبهات تنجلي باليقين، والإفقار ينجلي بكسب المال، والإذلال ينجلي بالاعتزاز.
من دخل في هذا الدين العظيم هو منا ونحن منه :
سيدنا عمر جاءه ملك، اسمه جبلة بن الأيهم، كان يطوف حول الكعبة فداس بدوي من فزارة طرف ردائه فضربه ضربةً هشمت أنفه، هذا البدوي شكاه إلى عمر، عمر استدعاه، قال له أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟ - صيغت شعراً- قال: لست مما ينكر شيا، أنا أدبت الـفتى أدركت حقي بيدي، قال: أرضِ الفتى لا بد من إرضائه مازال ظفرك عـالقاً بدمائه أو يهشمن الآن أنـفك وتنال ما فعلته كـفك، قــال: كيف ذاك يا أمير هو سوقـة وأنا عرش وتاج؟ كيـف ترضى أن يخر النجم أرضاً؟ قال لـه: نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها وأقمنا فوقها صرحاً جديداً وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً، قال: كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، قال: عنق المرتد بالسيف تحز عالم نبنيه كل صدع فيـــه بشبا السيف يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.
سيدنا عمر وهو خليفة المسلمين، عملاق الإسلام، يخرج إلى ظاهر المدينة ليستقبل بلالاً، هذا هو الدين.
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
هذا هو الدين، خليفة المسلمين، عملاق الإسلام يخرج لظاهر المدينة ليستقبل بلالاً، لأن الإسلام أممي، كل من دخل في الإسلام هو منا ونحن منه، له ما لنا وعليه ما علينا، هذا أكمل شيء، كل من دخل في هذا الدين العظيم هو منا ونحن منه، له ما لنا وعليه ما علينا، سؤال وجيه جداً سؤالك جزاك الله خيراً، وعليكم السلام ورحمة الله.
تعريف العولمة :
ج: العولمة تعني أن تعمم ثقافتهم، وفكرهم، وأنماط سلوكهم على العالم كله، أنا أعني ما أقول، يعقدون مؤتمرات و هذه المؤتمرات تسن قوانين مثل تأخير الزواج إلى الأربعين، وأن يمارس الشباب العلاقات في بيوت آبائهم وأمهاتهم قبل الزواج، والإجهاض الآمن، والزواج عقد بين شخصين، بين ذكرين أو أنثيين، أو أنثى وذكر، هذه طموحاتهم يعممونها على العالم كله، فسميت اصطلاحاً العولمة، أي من العالم، شيء على العالم كله معمم، أنا لي رأي دقيق لعلي أوضحه لكم، تعرفون الخلاط- خلاط الفواكه، كوكتيل- الآن العالم كله في خلاط كبير، نحن كمسلمين عندنا ماء نقي، وعندنا طعام طيب، وعندنا لحم، نضعه في الخلاط، ويوجد خنزير، وخمر ومياه آسنة، وكله يدور، الآن بالعالم شيء اسمه خلط الثقافات، العالم كان كل أمة تحافظ على ثقافتها، وعلى خصائصها، الآن بهذا التواصل الإعلامي أصبح العالم كله قرية، ثم أصبح بيتاً، الآن أصبح غرفةً واحدة، طبعاً يوجد فوائد، وهناك سلبيات، السلبيات أن كل الشر في العالم والانحراف عمم على العالم كله، فالعولمة أن تعمم ثقافة الغرب، وإباحيتهم، وانهيار خلقهم، وتفكك أسرهم، وعبادتهم للشهوة، وبعدهم عن الدين، أن يعممونها على العالم كله، هذه العولمة، واضحة ؟
العولمة الإسلامية :
ج: هذه القارورة فيها ماء نظيف مئة بالمئة، ماء معدني جيد جداً، إذا كان هناك قارورة أخرى لا سمح الله فيها مياه مالحة، مياه قذرة، إذا عممنا هذه المياه القذرة على العالم عملنا جريمة، أما إذا عممنا هذا الماء النقي فنكون قد عملنا أعظم عمل
فالإسلام عولمة أيضاً، أنا معك مئة بالمئة الإسلام معه منهج خالق الكون، معه العدل، حينما هاجر أحد الصحابة قبض عليه بعض الكفار، قال لهم: عهداً لله إن أطلقتموني لن أقاتلكم، أطلقوه، ذكر هذا للنبي الكريم، بعد سنتين كان هناك غزوة فانخلط مع الغزوة، قال له: ارجع ألم تعاهدهم؟
العولمة الإسلامية تعني تعميم الحق، تعميم الخير، تعميم الجمال الحقيقي، تعميم الإنصاف، تعميم الرحمة، تعميم الخدمة، لذلك ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب، الإسلام أممي، والإسلام فيه عولمة، لكن أنت تعولم منهج خالق الكون، لا تعولم منهج إنسان ساقط بالشهوات، فنحن العولمة كمبدأ لا يوجد بها أي شيء، أنا أعولم لكن لا إكراه في الدين، لا أعولم بالقوة.
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾
فنحن عندنا عولمة، فإذا كنا متفهمين لديننا، و كنا مثلاً عليا، فإن عولمتنا تغلب عولمتهم، هناك صراع بين عولمتين عولمة الكفر، وعولمة الإيمان.
انتشار العولمة الإسلامية بالإقناع لا بالقوة :
ج: بارك الله، هذا الحق، فقط كفكرة، هل تعتقد أن منهج خالق الكون يمكن أن يضعف أمام منهج إنسان كافر؟ لكن نحن مقصرون، أنا معك، علماء المسلمون مقصرون أشدّ التقصير، حينما نتعلم، وحينما يتاح لنا أن ننطق، وأن نتكلم، وأن نؤلف، وأن نطبع الكتب، وأن نرسل بعثات، وأن نقيم مراكز إسلامية في العالم الغربي، جاء أمريكي إلى مكة حاجاً قال: نحن أقوى دولة بالعالم، لكن إذا أقنعتمونا بالإسلام قوتنا لكم، نحن كمسلمين مقصرون أشدّ التقصير، نحن معنا الحق، والحق قوي.
الآن شخص اسمه جيفري لانج أستاذ رياضيات في سان فرانسيسكو، أكبر ملحد في العالم، جاءته طالبة مسلمة شرق أوسطية في أيام الصيف الحارة محجبة بشكل كامل، هو ملحد قال: لا بد أن هذه الفتاة عندها قناعات قوية جداً حملتها على هذا الحجاب في بلد كأمريكا في الأيام الحارة، فإذا بها تحمل دكتوراه في الرياضيات، هذا الأستاذ الملحد عكف على كتب الإسلام فدرسها، الآن أكبر داعية إسلامي، إسلامنا قوي جداً، دليل عندي سيدنا خالد أسلم، قال له النبي الكريم: عجبت لك يا خالد أرى لك فكراً، لا يمكن لإنسان ذكي ألا يسلم، لأن الإسلام منهج خالق الكون، الإسلام وحي، والعقل يتوافق معه، والفطرة تتوافق معه، والواقع يتوافق معه، الحق إذاً دائرة يمر بها خط النقل الصحيح، والعقل الصريح، والفطرة السليمة، والواقع الموضوعي، أنا معك في أن هناك عولمة إسلامية ينبغي أن تنتشر، لكن لا بالقوة، بل بالإقناع، النبي يقول: " علموا ولا تعنفوا " والله قال:
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾
أكبر دولة بالعالم إسلامية أندونيسيا كيف فتحت؟ عن طريق التجار لا عن طريق السيف والسلاح.
معنى التجديد في الدين :
ج: لمجرد أن تريد أن تضيف على الإسلام شيئاً جديداً إذاً هو ناقص، إنك تتهمه بالنقص، لمجرد أن تضيف عليه شيئاً جديداً إنك تتهمه بالنقص، ولمجرد أن تحذف منه حكماً كقطع اليد مثلاً إنك تتهمه بالزيادة، ماذا قال الله عز وجل:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾
الإتمام عددي، والإكمال نوعي، أي عدد القضايا التي عالجها الدين تام عدداً، طريقة المعالجة كاملة نوعاً، إذاً أية إضافة، وأي حذفٍ يقتضي أن نتهم الدين بالزيادة أو النقص، لكن ما معنى التجديد؟ إذاً التجديد - دقق ماذا أقول- أن تنزع عن الدين كل ما علق به ما ليس منه، هذا هو التجديد، عندنا بناء في الحجاز، محطة الحجاز تعرفونها؟ بناء قديم، الحجر أصبح أسود اللون، فالدولة قبل سنوات جاءت بجهاز حديث ضربته بالرمل فأزاحت عنه هذه الطبقة السوداء، فعاد إلى لونه الناصع، هذا هو التجديد، أنا أنزع عنه كل ما علق به مما ليس منه، ليس هناك تجديد أن أضيف شيئاً، أو أن أحذف شيئاً، لأنه منهج الله عز وجل، أنا أتهم الله بالزيادة أو بالنقص، التجديد أن أحذف من الدين كل ما علق به مما ليس منه، واضح كلامي؟ هذا هو التجديد، لكن نحن حينما نذهب إلى نبع بردى الماء صاف، أما إذا وصلنا إلى مصب بردى فالماء أسود اللون.
إذاً نحن إن أردنا الدين علينا أن نرجع إلى ينابيعه الأصيلة، وهذا يجمعنا والإضافات تفرقنا، الإضافات التي أضيفت على الدين تفرقنا، بينما أصوله تجمعنا.
الغزو الثقافي :
ج: أتسمح لي أن أفسر ما معنى الغزو الثقافي؟
نحن عندنا مادة اسمها يوراينوم، هذه المادة صنعت منها القنبلة الذرية، هذه المادة يمكن أن تنفجر، فأنا حينما أضعها أمام مادة حارقة تنفجر، والله عز وجل أودع فينا الشهوات، مع هذه الشهوات عمل منهجاً دقيقاً، الغرب كيف يغزونا؟ هذه الشهوات التي أودعها الله فينا كي نرقى بها إلى رب الأرض والسموات، أودع فينا الشهوة الجنسية من أجل الزواج، التصميم الإلهي الزواج، فجاء الغرب وتلاعب بهذه الشهوة وفجرها بغير مكانها الصحيح، الشهوة تماماً كالبنزين بالسيارة، إذا وضع في مستودعاته المحكمة وسار في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب في المحرك، وفي المكان المناسب، ماذا ولّد؟ حركة نافعة نقلتك إلى مكان جميل، كيف تسير السيارة؟ بانفجارات، لكن الانفجار بالمكان الصحيح وفي الوقت الصحيح وبالزمن الصحيح، هم ماذا فعلوا؟ أعطوا لهذا البنزين في الوقود ناراً فاحترقت السيارة.
هذا هو الغزو، الغزو أنهم تلاعبوا بالشهوات التي أودعها الله فينا، أي الإنسان عندما يُعرض لإثارة عالية جداً في محطة فضائية أليس هذا غزواً ثقافياً؟ أليس الأصل أن الإنسان ينشأ في بيت متوازن معتدل فيه أب و أم و عفة و حياء و خجل و غض بصر و حجاب؟ أما حينما تعرض هذه المناظر في المحطات الفضائية فهذا غزو، أي هم تلاعبوا بمادة منفجرة عندنا، فبدل أن توظف هذا اليورانيوم في تسيير غواصة مدة عشرين سنة تفجر هذه الغواصة، هذا معنى الغزو الثقافي.
معرفة منهج الله :
ج: والله الأصوب أن نعرف منهج الله، منهج الله مصطلح أصوب منه.
تعريف كلمة الثقافة :
ج: كلمة ثقافة تعني عادات الأمة وتقاليدها، ليس معناها علمياً، معناها سلوكي، الثقافة غير الحضارة، ثقافة الأمة عاداتها وتقاليدها، وأنماط حياتها، وأفراحها وأتراحها، وزواجها وطلاقها، هذه الثقافة، الثقافة تعني عادات وسلوك، ممكن مثلاً خبير دولة أجنبي، يقيم حفلاً بمناسبة قدوم مولود له، هو له في دمشق أربع سنوات، زوجته هناك بباريس، فكيف يقيم حفلاً ويدعو أصدقاءه لأنه أنجب ولداً مثلاً؟ هذه ثقافتهم لا يوجد مشكلة، الآن تسعون بالمئة من الزواج في أمريكا زواج مساكنة، لا يوجد ورقة ولا كتاب، ولا زواج مدني، لا يوجد شيء أبداً، مساكنة فقط، هذه ثقافة، كلمة ثقافة سلوك، سلوك منحرف عندهم.
الإسلام عدل و رحمة :
ج: التفصيل أولاً العرب أصحاب رسالة سماوية، كلفوا أن ينشروها، ونشرها وفق المراحل التالية: لا يمكن أن تحارب قبل أن تعرض الإسلام، لذلك بسمرقند يوجد قائد مسلم حاربهم مباشرةً، وغزا بلادهم واحتلها، ثم علموا خفيةً أن غزوه لهم غير شرعي، فأرسلوا وفداً إلى عمر بن عبد العزيز، شكوه أن طريقة فتح البلاد غير إسلامية، فيقسم بالله أحد الذين نقلوا هذه القصة أنه كتب على قصاصة صغيرة يأمر قائد المسلمين أن يخرج من سمرقند، هم ما صدقوه، الآن إن أعطيت ورقة لليهود تأمرهم بالخروج من فلسطين هل يخرجون؟ ورقة، ممكن أن يخرجوا بورقة؟ فكتب ورقة هذا الخليفة وحملها الوفد، فلما أعطوها للقائد قبلها وانسحب، لا يمكن أن يغزو بلداً قبل أن يعرض عليه الإسلام، أبداً، عرض فكري، فإن رفض يكلف بدفع الجزية، دفع الجزية هي بمثابة البدل النقدي، لأن الحرب في الإسلام حرب عقائدية، هذا لا يحارب، فهذا يدفع الجزية، فإن رفض أن يسلم، ورفض أن يدفع الجزية عندئذٍ يقاتل، والقتال في الإسلام يقول عليه الصلاة والسلام: "الحرب خدعة". ليس القصد الإبادة كما هو الآن أبداً، في كل حروب المسلمين لم يقتل إلا ثلاثمئة إنسان من الفريقين، بينما الآن الحروب إبادة، فالإسلام عدل ورحمة، لكن ليس من المعقول أنت كإنسان ترى أخاك الإنسان غارقاً بالضلال، وغارقاً بالانحراف والزنا والخمر دون أن توقظه، فهذه البلاد حينما فتحت أصبح أهلها مسلمين، فنحن نقول: لا إكراه في الدين، بمعنى أنه يمكن أن تعتنق أي دين دون أن تمس، أما أن تحارب هذا الدين فهذا لا نسمح به، أي حينما تتخذ من الدين أداة لتحاربه عندئذٍ نقاضيك نحن، أما الإسلام فيتسع صدره للرعايا غير المسلمين، يأخذون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم أبداً.
العاقل من أراد الدنيا و الآخرة معاً :
ج: طبعاً عندهم تفوق عقلي كبير جداً، الله عز وجل قال:
﴿كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ ﴾
فالأوربيون أرادوا الدنيا.
﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾
الأوربيون قال عنهم الله عز وجل:
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴾
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
الإنسان أراد الدنيا له الدنيا، أراد الآخرة له الآخرة.
﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾
هم أرادوها.
﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾
مسافة كبيرة، الإنسان إذا أراد الدنيا له الدنيا فقط، أما إذا أراد الله له الدنيا والآخرة فيمكن أن يتفوق، العقل جهاز حيادي، قد يصنع طائرة، وقد يصنع صاروخاً، وقد يصنع حضارةً، الأنبياء أذكياء والطغاة أذكياء، لكن الأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم، والطغاة ملكوا الرقاب بقوتهم.
الفرق بين المؤمن و الكافر :
ج: الفرق بيننا وبينهم أنهم كانوا مع النعمة فقط، بينما المسلم الصادق مع المنعم، هم يستمتعون، يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام، يستمتعون بالدنيا إلى أعلى درجة، انظر إلى إعلاناتهم في صحفهم ومجلاتهم يستمتعون بالدنيا إلى أعلى درجة، هم مع النعمة لكن المؤمن مع المنعم، هذا الفرق بيننا وبينهم.
الإيمان قرار داخلي :
ج: أرادوا الشهوة، مثلاً لو كان هناك آلة تصوير غالية جداً لكن لا يوجد فيها فيلم، مهما أخذت صورة دقيقة، وأخذت وضعاً لكن لا يوجد فيلم، هم ما أرادوا الحقيقة، أرادوا الشهوة، يأتي إنسان يرى بعرة جمل يقول: البعرة تدل على البعير، والأقدام تدل على المسير، والماء يدل على الغدير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير؟
هم في محطة ناسا قاعدون، يرون الفضاء الخارجي، المجرات، وهناك مخابر تكبر - الميكروسكوب - أربعمئة ألف مرة، هم يرون آيات الله، لكن آلة لا يوجد فيها فيلم، أذكياء جداً لكن ما أرادوا الحقيقة، أرادوا الشهوة، هل الفكرة واضحة؟ أما المؤمن لو كان فكره أقل، لو كانت معلوماته متواضعة، لو كان مخبره بسيط، لكنه أراد الحقيقة فوصل إليها. أنت إذا خرجت من بيتك عندك مشكلة في البيت، لو فرضنا برميل الماء فيه خلل، البيت أصبح ممتلئاً بالماء، أنت خارج من البيت تريد فواشة ماء، لو وجدت شيئاً جميلاً لا تنتبه له، لا ترى إلا هذه الحاجة، فاندفاع الكافر إلى شهوته لا يرى إلا شهوته، هناك آيات كونية:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾
بالمناسبة مادام هنا تكلمنا، الإيمان قرار داخلي، إن أردت الحقيقة من الداخل كل شيء يدلك على الله، ولو أنها بعرة جمل، وإن لم ترد الحقيقة لو أنك بأكبر مخبر فضائي بمحطة ناسا الفضائية، لو أنك بأكبر مخبر جامعي لا ترى الحقيقة، والدليل قد تجد علماء كباراً يقترفون الآثام والفواحش ويزنون ويشربون الخمر، ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء.
ضرورة العناية بالشباب و توعيتهم :
ج: والله سؤال مهم جداً، الحقيقة أن هؤلاء الذين يدعون أنهم يروجون أيديولوجيات شبابية فرعية هدفهم تسويقي فقط، هدفهم استغلال عفوية الشباب وضعف ثقافتهم الدينية، من أجل مصالحهم المادية، هناك إذاعات شبابية، هناك محلات شبابية، هناك تسويق شبابي، هناك اتجاهات الآن شبابية خطيرة جداً في الإباحية مثلاً، فالشاب فيه شهوات ورد في بعض الأحاديث:
((أحب ثلاثاً وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين وحبي للشاب الطائع أشد))
شبابي لأن عنده شهوات مستعرة، أما هذا الشاب إذا كان مستقيماً فهذا شيء رائع جداً، إن الله ليباهي الملائكة بالشاب المؤمن، يقول: انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي، ما من شيء أكرم على الله من شاب تائب، الآن يوجد ثقافة شبابية، وثقافة شبابية فرعية، الطرف الآخر يستغل ثورة الشباب، شهوات الشباب، اندفاع الشباب لمصلحته، يدغدغ لهم عواطفهم، يعطيهم بعض شهواتهم ليأخذهم كلهم، ليأخذ مالهم، ويأخذ ولاءهم، ويأخذ ما عندهم من أجل مصلحته، لا بد من العلم، لابد من التوعية.
الحقيقة أقول لكم كلمة من أعماقي، إن رأيتم ضعفاً في الإسلام فمن تقصير المسلمين.
سيدنا عمر يمشي في قرية جل فعالياتها الاقتصادية في أيدي غير المسلمين، وبخهم توبيخاً عنيفاً وقال لهم: كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم؟ فعلاً يوجد ثقافة، يوجد أيديولوجية شبابية فرعية، هذه يعنى بها كثيراً، لكن لا يوجد بها قيود، لا يوجد بها حدود أبداً، طبعاً فيها إباحية، فيها اختلاط، فيها كل شيء، كل المنكرات، الآن مثلاً اليهود كيف يقاومون؟ عندهم ما يسمى بالكيبوتس، هذه مزرعة ما فيها زوج وزوجة، إباحية، كل رجل لكل امرأة، والطفل ليس له أب، فهذه النقطة مطبقة في إسرائيل، هذه دائماً الشاب عنده شهوات مضطربة، فإذا كان عنده جهل مع شهواته تأتي جهة قوية تستغل هذا الاندفاع الشهواني، وهذا الضعف الفكري فتأخذه وتستغله، لابد من التوعية، لا بد من تقريب الدين من الشباب، لا بد من دعوة شبابية، الذي ينبغي أي يقابل هذا دعوة إلى الله شبابية، سيدنا أسامة شاب، سيدنا عمر ك