- ٠2كتاب الله أكبر
- /
- ٠2كتاب الله أكبر
لقد خطب النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع خطبة جامعة مانعة، تضمنت مبادئ إنسانية سيقت في كلمات سهلة سائغة، كيف لا وقد أوتي جوامع الكلم.
لقد استوعبت هذه الخطبة جملة من الحقائق الذي يحتاجها العالم الشارد اليوم المعذب ليرشد ويسعد.
﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾
لا يضل عقله ولا تشقى نفسه، إن الله جل وعلا ربى محمداً صلى الله عليه وسلم ليربي به العرب، وربى العرب لمحمد صلى الله عليه وسلم ليربي بهم الناس أجمعين،
قال تعالى:
﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)﴾
الآية الدقيقة:
﴿ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾
فمن المبادئ التي انطوت عليها خطبة النبي صلى الله عليه وسـلم في حجة الوداع:
الإنسانية متساوية القيمة في أي إهاب تبرز، وعلى أية حالة تكون، وفوق أي مستوى تتربع.
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ:
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ))
الناس سواسية لا فرق بين أحمرهم وأبيضهم وأسودهم، وغنيهم وفقيرهم، وقويهم وضعيفهم ووسيمهم، لا فرق بين واحد منهم إن أكرمكم عند الله أتقاكم، هذا أول مبدأ لحقوق الإنسان، البشرية متساوية في أي إهاب، من أي جنس، من أي طائفة، من أي لون، من أي ثقافة، الكبير والصغير، والحاكم والمحكوم، والقوي والضعيف، والوسيم والدميم.
النفس الإنسانية ما لم تكن مؤمنة بربها، مؤمنة بوعده ووعيده، مؤمنة بأنه يعلم سرها وجهرها، النفس الإنسانية إن لم تكن كذلك تدور حول آثرتها، ولا تبالي بشيء في سبيل غايتها، بل ربما بنت مجدها على أنقاض الآخرين، ربما بنت غناها على فقرهم، بنت عزها على ذلهم، بنت حياتها على موتهم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع:
(( فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ظ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ))