- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠31برنامج الإيمان هو الخلق - قناة سوريا الفضائية
مقدمة:
الأستاذ علاء:
أيها السادة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق، يسعدنا أن نكون بمعية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ.
الدكتور راتب:
بكم أستاذ علاء جزاك الله خيراً.
الأستاذ علاء:
سيدي الأستاذ بدأنا منذ حلقات عدة نعاين ونسلط الضوء على أسباب الشقاق الزوجي مبتدئين بقوله تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (21) ﴾
الله عز وجل خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، ولتكون المودة والرحمة بيننا، لكن أفعال الإنسان هي التي تؤثر بل وتفسد هذه العلائق التي وضعها الله عز وجل، وبدأنا خلال الحلقات الماضية نتحدث عن أسباب الشقاق الزوجي، تحدثنا مطولاً عن بنود لابد من أن نستكملها، قلت لنا: من هذه البنود عدم احترام الزوج لعائلة الزوجة، أو عدم احترام الزوجة لعائلة الزوج، بداية نبتدئ بهذا البند لو سمحت.
الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع:
الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أستاذ علاء كنت أقول دائماً: إن النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شاملاً، وأركان النجاح نجاحك مع أهلك وأولادك، نجاحك مع ربك، نجاحك مع صحتك، نجاحك مع عملك، فكأن النجاح في الأسرة أربعة أركان هو أحد أركانها، نجاحك مع أهلك وأولادك ربع النجاح الشمولي، لذلك إذا شبهنا المجتمع ببناء كبير، الأسرة هي اللبنة، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، إذا تماسكت الأسرة تماسك المجتمع، إذا نمت الأسرة نما المجتمع، إذا طهرت الأسرة طهر المجتمع، إذا تكافلت الأسرة تكافل المجتمع.
اجتماع الشرائع السماوية على تدعيم الأسرة و قدسيتها:
كأن النظم الإلهية، الشرائع السماوية تجتمع على تدعيم الأسرة، وعلى قدسيتها، وعلى الحفاظ عليها، وعلى الوئام، بل إن الله عز وجل حينما قال وجعل المودة والرحمة بين الزوجين من خلق الله عز وجل:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (37) ﴾
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (22) ﴾
ومن آياته الدالة على عظمته:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (21) ﴾
وجعل بمعنى خلق بينكم مودة و رحمة.
كل إنسان فطر على حبّ أمه وأبيه:
إذاً بخطأ الإنسان، بتقصيره في أداء واجباته، بخروجه عن منهج ربه في معاملة أهله ينشأ الشقاق، الفساد أصله من الإنسان، يوجد دليل قوي جداً:
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) ﴾
أصل التصميم كمال مطلق، الفساد يتأتى من خطأ يرتكبه الإنسان، انظر إلى مركبة سحبت من الوكالة لتوها رائعة جداً، لو قادها إنسان مخمور فنزل بها في الوادي هذا الذي حصل هو سبب خطأ في قيادتها، أنا بشكل صريح أعزو أي مشكلة بين الزوجين إلى خطأ في السلوك من أحدهما أو من كليهما، الحقيقة فطر الإنسان على حبّ أمه وأبيه، أي ما بين الأب والأم وما بين الأب وأولاده وما بين الأم وأولادها شيء من صنع الله عز وجل، هي رحمة الله أودعها في قلوب الأمهات، هي محبة الله أودعها في قلوب الآباء.
من أراد أن يحافظ على ود زوجته عليه أن يتجنب السخرية من أمها و أبيها:
إذا أراد الزوج أن يسخر من أم زوجته يحطم زوجته، كما أن أمه مقدسة عنده أمها مقدسة عندها، بصرف النظر عن أخطائهما، هذا موضوع آخر، أنت أحياناً ولاؤك لأمك وأبيك لكن قد لا تعجب بتصرفاتهم موضوع آخر، لكن أنت منهما، لهم رعاية، لهم حق البر، الزوج حينما يتطاول على أم زوجته أو على والد زوجته يحطم زوجته لماذا ؟ لأنه أبوها ولأنها أمها، وهو زوجها، فبطولة الأزواج أن يضعوا خطوطاً حمراء أمام عائلات زوجاتهم، تبقى الزوجة على مودة ولن تستطيع أن تقطع فتاةً عن أمها وأبيها، في أزواج بحمق ما بعده حمق يمنعوها من زيارة أمها أو يمنعوا أمها من زيارتها، ماذا فعل بزوجته ؟ كيف تريد أيها الزوج أن تحبك زوجتك ؟ ردّ نفسي عنيف جداً، كيف تنتظر أن تحبك زوجتك وقد أصبتها بأقدس ما عندها ؟ كيف تحب أن تواليك هذه الزوجة وقد طعنتها بالظهر حينما طعنت بأبيها ؟ أنا لا أتحدث الآن عن أن الأب والأم على صواب أو على خطأ، قد يكونان على خطأ لكن أنت يجب أن تعامل والد زوجتك وأم زوجتك كما تعامل أباك وأمك.
ينبغي على الزوج ألا يقطع زوجته عن أمها وأبيها ولو كان هناك خطأ:
أنا كنت أقول دائماً هناك أب أنجبك، وأب زوّجك، وهناك أب دلّك على الله، فهذا الأب والد الزوجة اعتنى بابنته عشرين عاماً، اعتنى بحجابها وثقافتها، ثم قدمها لك هدية له حق عليك.الأستاذ علاء:
سيدي من يسمع الآن ويشاهد قد يتساءل وهو يمارس هذه المسألة أنني أنا منعت زوجتي من زيارة أهلها، أبيها، أمها، نتيجة تصرفات هذه التصرفات أنا جعلت من منع الزيارة كحرز ماذا نقول له ؟
الدكتور راتب:
أزور أهلها وأنا معها، هو يتوقع توجيهات معينة سوف تبث من قبل الأم لزوجته الحل أنا أزورهم كل أسبوع أنا وهي معاً، لن يستطيعوا في حضرتي أن يقولوا شيئاً، هذا حلّ، لا ينبغي أن أقطعها عن أمها وأبيها ولو كان في خطأ، الخطأ يصحح، الخطأ يعالج، أما مبدأ قطيعة الأم عن أمها وأبيها خطأ أكبر من أي خطأ آخر ينتج عن اتصالها.
الأستاذ علاء:
سيدي اسمح لي أن أقف عند هذه المسألة، هنالك كي يتجاوز الأمر الخطأ إلى مفسدة ربما تكون الأم في وضع معين إذا زارت البنت أمها ارتشفت من فسادها، هنا هل يحلل الشرع هذا ؟
درء المفاسد مقدم على جلب المنافع:
الدكتور راتب:
هذه حالة أخرى، قالوا: دع خيراً عليه الشر يربو. قالوا: درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، هذه حالة خاصة إذا يمكن أن تكون هذه الصلة سبباً لفساد بيتك، يجب أن تقنع زوجتك أولاً بأن هناك خطر من زيارتك لأهلك، البطولة بالإقناع القمع لا يجدي، أنا أرى دائماً الأزواج إما أن يقمع وإما أن يقنع، البطولة أن تقنعها أن هذه الأفكار تفسد علاقتنا، تفسد بيتنا، تفسد تربيتنا لأولادنا، تفسد سعادتنا، تفسد سلامتنا، نحن لسنا مكلفين أن نكون أوصياء على الآخرين، فأنت حينما تقنع زوجتك وأنا أرى في الأعم الأغلب إذا كان الزوج محسناً لزوجته تقنع بكلامه، وتستجيب له، وهي تبادر فإذا جاءت المبادرة منها المشكلة خفيفة جداً، أنا كل ما جئت إليكم أفسدتم علاقتي مع زوجي، أنا سأبتعد عنكم قليلاً بالهاتف أطمئن عن صحتكم بالهاتف ممكن، طبعاً هذه حالة نادرة.
الأستاذ علاء:
قد يتساءل المشاهد أن هناك حالة تقتضيها هذه المسألة ما هو موقف الشرع ؟ الآن تبين.
الإدارة تقتضي أن تقنع الذين حولك لا أن تلزمهم بما تريد:
الدكتور راتب:
أريد دائماً، علموا ولا تعنفوا، أنا مع الإقناع ولست مع القمع، أحياناً الإله العظيم لما أمرنا أعطى التعليمات، سر في التربية رائع:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (103) ﴾
المطلق الذي كن فيكون، زل فيزول، أعطاك الأمر مع التعليل، أنت لا تعطي الأمر من دون تعليل، أنت لما تعطي التعليل تجعل الطرف الآخر ما هو مأمور تجعله شريكاً بالقرار، بطولة القيادة الذكية في المدارس، في الجامعات، في المؤسسات، من إدارة الأعمال أن تجعل هذا الذي معك شريكاً لك في اتخاذ القرار لا تجعله متلقياً للقرار، يوجد فرق كبير جداً، أنت إذا بينت له المشكلة، وأبعادها، والأخطار الناجمة عنها، تبنى معك هذا القرار، ونفذه عن قناعة، ونفذه بكرامة، ونفذه بروحه لا بنصه، فأنا أعد الإدارة تقتضي أن تقنع الذين حولك لا أن تلزمهم بما تريد.
الأستاذ علاء:
سيدي هذا إذا كان من الزوج، وهذه الصور غالبة على أن تكون من الزوجة تجاه عائلة زوجها، هنالك تسمح لي أن أبحث بالتعبير العامي زوجة قاطوعة، يعني تقطع زوجها عن أهله، وتكسر رجل أهل زوجها عن البيت، ماذا نقول في هذه الحالة ؟
الزوجة العاقلة تسعى لتكون العلاقة بين زوجها وأهله علاقة طيبة تنعكس عليها استقراراً:
الدكتور راتب:
تخسر زوجها، لأن الإنسان حينما يعق أهله يضطرب، هذا يعود عليها، الزوجة العاقلة تسعى لتكون العلاقة بين زوجها وأهله علاقة طيبة، إن هذه العلاقة الطيبة تنعكس عليها استقراراً وراحة نفسية، فإذا جهدت في قطع زوجها عن أهله اضطرب الزوج لم يعد طبيعياً، أصبحت ردود فعله قاسية جداً، صار لأتفه سبب يثور، عنده خلل داخلي، أحياناً نجد في خلل داخلي عميق جداً قد لا ننتبه له وراء قسوتنا، وراء التطاول، وراء الكلمات القاسية، وراء الاضطراب، وراء سرعة اتخاذ القرار، هذا كله وراءه اضطراب داخلي، الإنسان لو كان عنده صحة نفسية، متوازن هادئ، قراره هادئ، تصرفه معقول، ردود فعله معقولة، متزنة، أما لما أنا أقطع زوجي عن أهله وأستطيع أن أفعل ذلك لما لي عنده من مكانة ؛ هو يستجيب لي إرضاء لي لكنني أوقعته في اضطراب، أوقعته في انهيار داخلي، ما ينتج عن هذا الانهيار الداخلي من آلام انعكس عليها، أنا أقول من ذكاء الزوجة أن تسعى لحسن علاقة زوجها بأهله، ومن ذكاء الزوج أن يسعى لحسن علاقة البنت مع أهلها مع الضوابط.
الأستاذ علاء:
الآن جاءت إلى بيت زوجها فوجدت هناك علاقة مضطربة من أخته، مع أخيه، مع أمه، مع أبيه، أصلحت هذه العلاقة، الزوجة، وبنت علاقة متوازنة فيها ينتفي العقوق، تمسك بقلبه.
من بنت علاقة متوازنة بين الزوج و أهله أبعدت زوجها و أولادها عن العقوق:
الدكتور راتب:
هذه زوجة لا تقدر بثمن لكنها ذكية جداً وعاقلة جداً، هذه مبادئ ثابتة بالحياة الزوجية، هذا الابن ليس من شجرة، ليس من الحائط، له أب وأم، له أخوة، فحينما أقرّ بما هو فطري، بما هو طبيعي، بما هو مألوف، أنا أوظفه لمصلحتي.
الأستاذ علاء:
سيدي الآن جئنا إلى أسرة فيها تفاهم بين الزوجين، وفيها مودة، وفيها محبة بين الزوجين، وهذه العلاقة مشت مشياً هادئاً و رائعاً بعد فترة يدب الشقاق والخلاف، بالنظر نجد أن هناك تدخل من الآباء والأمهات في علاقة الزوجة ماذا نقول عن هذه الزاوية التأثيرية عن علاقة الزوجة ؟
أكثر مشاكل الأسر تتأتى من تدخل الآباء والأمهات من كلا الطرفين:
الدكتور راتب:
الحقيقة إذا كان الأب والأم ناضجين يتركان أولادهما مع أهلهم على ما يريدون، لا يتدخلون، أحياناً تتدخل الأم بوضع الأثاث في بيت ابنها، لها أذواقها، الزوجة أنت عمرك سبعين سنة، هي عمرها ثماني عشرة سنة، لها أذواقها هذا بيتها، تجدها تتدخل في كل شيء، هذا التدخل يخلق مشكلات كبيرة، أنا حينما أتدخل ألغي شخصية الزوجة لماذا قال الله عز وجل دقق أستاذ علاء:
﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ (1) ﴾
لماذا عزي البيت في القرآن للزوجة مع أنه ملك الزوج ؟ عزي إليها إشرافاً، الزوج يحقق ذاته في عمله، له مجالات عديدة يحقق ذاته فيها، أما الزوجة أين تحقق ذاتها ؟ في بيتها، في ترتيبه، في تنظيمه، في إدارته، في مملكتها، لذلك نسب البيت في القرآن الكريم إلى الزوجة لا نسبة تملك بل نسبة إشراف، فأنا أرى أن الأب العاقل لا يتدخل في تفاصيل حياة ابنه مع زوجته إلا إذا كان في خروج عن مبدأ، عن قيمة، عن سمعة عائلة، عن اتجاه، عندئذ تدخله تدخلاً مشروعاً، تدخلاً يشكر عليه، أما له نمط خاص بترتيب الأثاث، نمط خاص بالطعام والشراب، نمط خاص بترتيب البيت، هذه الأشياء لا أتدخل بها.
الزوجة العاقلة ترضي أهلها من طرف وترضي زوجها من طرف آخر:
أنا بحكم عملي في الدعوة أكثر مشاكل الأسر تتأتى من تدخل الآباء والأمهات من كلا الطرفين، أحياناً أقرباء الزوج، أحياناً أقرباء الزوجة، الأم أحياناً، أستاذ علاء عند الإنسان حاجة اسمها تأكيد الذات، هي أم، ابنتها تزوجت أصبحت تابعة لزوجها كأنها خسرت
فحينما تأمر ابنتها أن تفعل مع زوجها كذا وكذا تشعر أنها ما زالت مسيطرة وأن زوج ابنتها بيدها، وأنا أقول البنت غير الناضجة تستجيب لضغوط الأم أو الأب على زوجها فتغدو غبية، هذا البيت بيتك، وهذا الزوج زوجك، وليس من رجل أقدس عندك من زوجك هذا بنص كلام النبي عليه الصلاة والسلام حينما سئل:
(( مَن أعظم الرجال حقاً على المرأة ؟ قال: زوجها، فلما سئل: مَن أعظم النساء حقاً على الرجل ؟ قال: أمه ))
فهذا توجيه نبوي، فأنا حينما أرى زوجة عاقلة جداً، مصيرها مع زوجها، سعادتها مع زوجها، تألقها مع زوجها، تتلطف مع أهلها لا تزعجهم لكن لا تستجيب لهم، وقد تسلك طريقاً فيه ذكاء ترضيهم من طرف وترضي زوجها من طرف.
على الزوج ألا يسرف في مدح زوجته أمام أمه:
أحياناً الزوج يبالغ بمدح زوجته أمام أمه قد لا تحتمل ذلك، هذا خطأ أيضاً، يبالغ كان ملكها فأصبح بيد زوجته، أنا أتمنى على الزوج ألا يسرف في مدح زوجته أمام أمه ما شي الحال نصيبنا.الأستاذ علاء:
والزوجة يجب أن تعرف مؤدى هذه العبارة، هو ليس انتقاصاً في حقها، باتفاق مسبق
الدكتور راتب:
الإنسان حينما يتقدم بالسن ينشأ حالات أنا أسميها تقلصاً عقلياً، أو أسميها ثبات على شيء غير صحيح، أنا أعذر أب متقدم بالسن أو أم متقدمة بالسن أنا يجب أن أداريها لا أن أجابهها.
الأستاذ علاء:
سيدي الكريم هنالك من يقول من الأزواج أنا أشتغل والحياة صعبة، لقمة العيش يجب أن نسعى لها، وهذا جهاد بكل معنى الكلمة، ويغيب غياباً طويلاً عن البيت، هل هذا مبرر له أن يغيب وماذا يتأتى من الغياب ؟
أحد أكبر أسباب الخيانة الزوجية هو غياب الزوج الطويل عن البيت:
الدكتور راتب:
والله لئلا أكون مبالغاً أنا عندي دراسة مؤصلة وعميقة جداً أنه أحد أكبر أسباب الخيانة الزوجية هو الغياب الطويل، كلمة قاسية وخطيرة، أحد أكبر أسباب الخيانة الزوجية هو الغياب الطويل، المرأة إنسانة أستاذ علاء تريد من يؤنسها، من يلاطفها، من يثني على جمالها أحياناً، من يثني على إدارة بيتها، من يثني على طبخها، من لها غير زوجها، هل لها غير زوجها يقدر وضعها ؟ أحياناً يذهب قبل شروق الشمس، يأتي الساعة الثانية عشرة على الطعام والنوم، هذا إنسان ؟ لا يحكي معها كلمة، لا يسألها عن صحتها، لا عن أولادها، لا يسمع لها، أحياناً النبي عليه الصلاة والسلام سمع للسيدة عائشة فترة طويلة عن أبي زرع وأم زرع، وحدثته عن شجاعته وكرمه، لكنها تأسفت أشد الأسف حينما أعلمته في النهاية أنه طلقها، فكان عليه الصلاة والسلام رفيقاً بها، فقال لها: أنا لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلقك.
المرأة إنسانة تريد من يؤنسها و يلاطفها:
هذه الزوجة تاركها أنت ثماني ساعات وحدها في البيت، رتبت، نظفت، طبخت، غسلت، اعتنت بأولادها، الآن تنتظر زوجها، لها حاجة عند الزوج أستاذ علاء، حاجة عاطفية، اترك العلاقة الجنسية، هي بحاجة من يقدرها الله يعطيك العافية، الله يخلي لي إياكِ، ماذا تكلفك هذه الكلمات ؟ ترى ملأت قلبها سعادة ولو ربع ساعة، أنا عندي قاعدة إن لم تصغِ إلى زوجتك بالحد الأدنى عشرين دقيقة كل يوم تنشأ مشكلة، لا يتكلم معها و لا كلمة، الجرائد، الأخبار، العشاء، النوم، أهو دابة ؟ مشكلة كبيرة، أحياناً أنت في المكتب اتصل بها الساعة العاشرة كيف حالك يلزمك شيء، اتصال، الحياة كلها ذكاء، إما أن يعيش بذكائه أو بإيمانه، أحياناً سافر يأتي الساعة العاشرة، صارت الساعة الحادي عشر، قل لها إنك متأخر، يوجد سبب قاهر، طمئنها إنسانة تنتظرك، الاتصال ولو هاتفياً، أحياناً تسافر خبرها مرتين ثلاثة، أيام ولا هاتف، أخبرها مرة، يلزمك شيء ؟ كيف الأولاد بخير ؟الأستاذ علاء:
عندما لا تجد لهذه الساحة العاطفية من زوجها ما يسقيها سوف تبحث عمن يسقيها.
الزواج فن:
الدكتور راتب:
والله اليوم اتصال هاتفي أنه بحياته ما تكلم معها كلمة لطيفة، ذهبت إلى الطبيب تكلم معها كلمة لطيفة تعلقت به، سبب تعلقها بالطبيب أنه تكلم معها كلمة لطيفة، هي يجب أن تسمعها من زوجها هذه الكلمة، أستاذ علاء أنا عملي بالدعوة أتلقى مئات الاتصالات واضع يدي على المشكلة، يعني زوج لا يتكلم، ولا ينطق بكلمة طيبة، ولا يبتسم، وكل قسوته وتجهمه لزوجته، وكل نعومته لأصدقائه أو أهله، هذا زوج لن ينجح في علاقته مع زوجته، أنا عندي قصص والله تبكي الحجر والله يندى لها الجبين، إهمال، زوجة صالحة مستقيمة مؤمنة طاهرة تخدمك مالها منك نصيب، تقول لها كلمة طيبة، كلمة ثناء، كلمة محبة، عبّر عن محبتك لها، في مشكلة كبيرة، الحقيقة الزواج فن والذي يسعد بزوجته، أنا أقول الحب بيدك، بيدك أن تصنعه صناعة.
الأستاذ علاء:
لذلك مجموعة من الرجال يقولون إن الرجل لا يفصح عن مشاعره، وإن أفصح عن مشاعره رخى الحبل لزوجته هكذا أسمع، وبالتالي تصبح تتدلل عليه كثيراً.
بطولة الإنسان لا أن يكون ليناً فيعصر و لا قاسياً فيكسر:
الدكتور راتب:
أستاذ علاء سهل جداً أن تكون قاسياً، لا تحتاج إلى بطولة، و سهل جداً أن تكون مسيب الأمور، البطولة أن تقع في حيرة تحبك إلى درجة مذهلة وتخشاك إلى درجة مذهلة، أن تمسك العصا من نصفها، دائماً التطرف صعب.
الأستاذ علاء:
أن تحترمك.
الدكتور راتب:
لا تكن ليناً فتعصر أو قاسياً فتكسر، إن أردت أن تطاع فائمر ما يستطاع، فأنت حينما تجاوزت حدها سكت، أعرضت عنها إلى حين، أدبتها أنت من دون سباب، من دون رفع صوت، حينما تجاوزت حدها سكت، سكوتك موقف، رسالة، انتبهت هي، وحينما تجاوزت أنت حدك معها همدت لم تتكلم أيضاً رسالة، يمكن أن أبعث رسالة وأتلقى رسالة من دون كلام، فلما هي تتجاوز حدها سكت أنت لك مكانتك وهناك خطوط حمراء، ولما هي تتجاوز حدّها أيضاً هناك خطوط حمراء، أنا لما أرى مودة أقابل المودة بمودة، وجدت في تجاوز اعمل طريقة معينة، أبلغ رسالة، دائماً التساهل سهل والقسوة سهلة، بينهما يحتاج إلى جهد كبير ودائماً الفضيلة وسط بين طرفين.
الأستاذ علاء:
الغياب الطويل سبب أساسي في الشقاق الزوجي.
الغياب الطويل سبب أساسي في الشقاق الزوجي:
الدكتور راتب:
أستاذ علاء، قد ينتهي إلى خيانة أحياناً، إذا لم يكن هناك روادع دينية، لا يوجد قيم أخلاقية، إذا في تربية غير عميقة، هو في تفلت شديد وغائب عن البيت ليلاً نهاراً يكون هو السبب في هذه المسألة.
الأستاذ علاء:
هناك أسرار وخصوصية بين الزوجين، هنالك قضايا يفضي كل طرف إلى الطرف الآخر، أحياناً الزوج يفشي هذه الأسرار وأحياناً الزوجة، هل هذه تؤثر على العلاقة؟
أسرار الزوجية لا يمكن أن يفضى بها دائماً:
الدكتور راتب:
شيء مؤلم إلى درجة غير معقولة أن تكون أسرار الزوجية على كل لسان، في زوجة فضاحة، في زوجة ستيرة، والنبي عليه الصلاة والسلام أثنى على الزوجة الستيرة وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة، يوجد للبيت حرمة، أنا أرى أن هناك أسرار يجب ألا يعلمها أحد، لا أم الزوجة ولا والد الزوجة ولا أم الزوج ولا والد الزوج، هذه أسرار يجب أن تبقى في البيت، فكلما كان الزوجان على فهم عميق وعلى نضج كبير جعلوا منطقة من المعلومات لا يمكن أن يفضى بها.الأستاذ علاء:
سيدي بعض التصرفات يحلو للزوج أن لا يحترم زوجته أمام الضيوف وأمام الأقارب والعكس بالعكس.
الدكتور راتب:
الاحترام المتبادل بين الزوج و الزوجة مطلوب دائماً:
أحياناً تؤدب ابنك بدافع محبتك له، ورحمتك، وحكمتك، وفضلك عليه، يقبل هذا التأديب وقد يبقى على مودة عالية معك، أما إذا أهنته أمام صديقه يمكن المشكلة ضرب مليون صارت، هذا مبدأ عام أنا أرى أن توجه للزوجة كلمة قاسية أمام أهلها، أو أمام أقربائها، أو أمام أولادها، أو أمام بناتها، هذا عمل خطير جداً، هذا عمل يسبب مضاعفات كثيرة، كما تفضلت قبل قليل يرضها رضاً عنيفاً، يزلزل كيانها.
لذلك الإنسان يجب أن يحترم الآخر، الإنسان لا يعيش بالخبز فقط، كلمة السيد المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، أنا أحضر أكل طيب، تتمنى منك كلمة طيبة وأن تحترمها وأن تأكل أخشن الطعام، أستاذ علاء الإنسان بحاجة إلى أن يأكل حفاظاً على وجوده الفردي، بحاجة إلى زوجة حفاظاً على النوع، هو بحاجة إلى كرامته أن تكون مصونة، بحاجة إلى تأكيد الذات، بحاجة إلى أن يعيش حياة فيها احترام متبادل.
خاتمة وتوديع:
الأستاذ علاء:
سيدي وما بني على الاحترام يدوم ولا يزول، كنا نتمنى أن نتمم بعض هذه النقاط لكن الوقت أدركنا، لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة على كل ما قدم وشرح، وإن شاء الله نتمم موضوعنا في حلقات قادمة.