وضع داكن
29-03-2024
Logo
الإيمان هو الخلق - الندوة : 87 - الكذب سبب من أسباب الشقاق الزوجي يهدم كيان الأسرة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة:

الأستاذ علاء:

أيها السادة المشاهدون: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق، يسعدنا أن نكون بمعية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ.

الدكتور راتب:

بكم أستاذ علاء جزاك الله خيراً.

الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع:

الأستاذ علاء:

سيدي الأستاذ مبحث هام في حياتنا الاجتماعية الذي يؤسس لبناء لبنة صالحة وهي الأسرة، ومثلت هذه في حلقات سابقة إذا كان لدينا بنيان كبير هذا البنيان إن كان يشد بعضه بعضاً، وإن كان متيناً لا يهتز ولا يستجيب لأي عارض من عوارض الدهر تكون لبناته صحيحة، فيها موادها المتماسكة، وشبهت لنا بأن اللبنة هي الأسرة، وأن المجتمع هذا البنيان الكبير، وتحدثنا في حلقات سابقة عن أسباب الشقاق الزوجي وهو من فعل الإنسان وكما تفضلت في الحلقة الماضية ومن خلال قوله تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (21) ﴾

( سورة الروم )

وقلت وجعل أي خلق بينكم مودة ورحمة، هذه العلائق الربانية الذي يفسدها تصرفات الإنسان، والذي يفسدها ويؤثر عليها وتستحيل هذه الأسرة من المودة والرحمة إلى الشقاق والشجار من خلال فعل أحد الزوجين أو المحيط بالزوجين، ومررت على الكثير من النقاط التي تؤثر على العلاقات الزوجية، الآن سيدي من هذه المسائل التي تؤثر على علاقة الزوجين بندت لنا عنوان الكذب، هل الكذب من قبل أحد الزوجين على الطرف الآخر هو من القضايا التي تهدم بنيان الأسرة ؟

عدم اجتماع الإيمان مع الكذب:

الدكتور راتب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أستاذ علاء هناك أشياء متناقضة، وهناك أشياء متعاكسة، المتعاكسة تجتمع والمتناقضة وجود أحدها ينقض وجود الآخر، أنا ممكن أطلي الجدار بأبيض وأسود كالنمط الشامي القديم، فالأبيض والأسود يلتقيان ويجتمعان في جدار واحد، لكن الضوء والظلام لا يجتمعان وجود الضوء يلغي وجود الظلام، ووجود الظلام يلغي وجود الضوء، أؤكد لك بكل صراحة وبكل إصرار أن الإيمان والكذب لا يجتمعان الدليل ورد في بعض الأحاديث:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

هناك مؤمن أنيق جداً، مؤمن أقل أناقة، مؤمن اجتماعي، مؤمن يميل إلى الجلوس في البيت، مؤمن مرح، مؤمن يأخذ وضع الهيبة الزائدة، هذه كلها طباع مقبولة:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

فإذا كذب وخان ليس مؤمناً أصلاً.

 

الكذب يهدم الثقة بين الزوجين:


لذلك ما من شيء يهدم الثقة بين الزوجين، الإنسان يعيش بالثقة، الثقة كنز، أحياناً إنسان يكون غنياً بثقة الناس به، تكون الزوجة قوية شخصيتها كثيراً لأن زوجها واثق بها، كلامها عنده لا يتطرق إليه الشك إطلاقاً، فأية زوجة تبدأ بالكذب تنتهي عند زوجها، وتنتهي عند أولادها، وتعلم أولادها الكذب، لا بالتلقين بل بالممارسة وهذا أخطر من التلقين.
لذلك الزوجة التي تكذب تخسر زوجها، والزوج الذي يكذب يخسر زوجته، والكذب معول يهدم السعادة الزوجية، لكن في استثناء لو أنها سألته أتحبني ؟ وكان حبه لها ليس كاملاً فاتراً، ما كل بيت يبنى على الحب الجامح، الحب الصاعق، فإذا قال لها وأكد لها أنه يحبها من أعماق أعماقه هذا كذب لكنه مطلوب، هي تطمئن على محبته لها، طبعاً النبي عليه الصلاة والسلام له وضع آخر سألته السيدة عائشة: كيف حبك لي ؟ يقول لها كعقدة الحبل، تسأله من حين لآخر: كيف العقدة ؟ يقول: على حالها.
هذا وضع ثان لا علاقة له بموضوعنا، موضوعنا إذا ما كان الحب كما ينبغي هو عبّر عنه كما ينبغي يكون ذكياً جداً، يكون حكيماً جداً، لو أنه سألها أتحبينني ؟ هو زوجها وأبو أولادها يقدم لها كل شيء، والحياة فيها متاعب، وفيها ابتلاءات، فقالت والله أحبك من لي غيرك، ما كذبت عند الله مع أن الواقع ليس كذلك، لكن أنا أتألم ألماً شديداً ممن يفهم الكذب على الزوجة بالأسعار، تكشفك، تطلع كذاب، ليس هذا المجال، أحياناً تحب أن تطمئن على محبتك لها، طمئنها، وأحياناً يحب الزوج أن يطمئن على محبة زوجته له. الأستاذ علاء: كأن جرت حادثة لسيدنا عمر.

من أنجب أولاداً عليه أن يضع حظه تحت قدمه من أجل أولاده:


الدكتور راتب: سيدنا عمر قال ما كل بيت يبنى على الحب، في بيت يبنى على المصلحة في أولاد، نريد أن نربي أولادنا، نعلمهم، يصبحوا أبطال المستقبل، هذه رسالة، أنا أقول دائماً كلمة حينما ينجب الزوجان الأولاد يجب أن يضعا حظوظهما من بعضهما تحت قدميهما، حينما ينجبان الأزواج الأولاد ينبغي أن يضعا حظوظهما من بعضهما تحت أقدامهما من أجل أولادهما، أنا أقول كلمة أخرى من خلال معاناة طويلة في الدعوة ما رأيت طلاقاً حلت به المشكلة، بل بدأت به المشكلة طبعاً إذا في أولاد، أنا أقول إذا ما في أولاد موضوع ثان، بل بدأت به المشكلة، فلذلك ما كل بيت يبنى على الحب الصارخ، قالوا لو أن روميو تزوج جوليت لطلقها بعد حين.
الأستاذ علاء: قالوا إن قيس وليلى لأنهم لم يتزوجوا الحب اشتد واشتد، لذلك هذه الحالات الرومانسية والحالات الصارخة.
الدكتور راتب: شيء مضحك.

 

الحب الجارف الصارخ إذا استمر بين الزوجين توقفت الحياة:


لي رأي ثان لو أن هذا الحب الجارف الصارخ يستمر تقف الحياة، لحكمة بالغة بالغة بالغة الحرارة بين الزوجين بالخطبة معقول لكن على طول ليس معقولة، نريد أن نبني حياتنا، نربي أولادنا، نشتغل، نعمل إنجازاً للأمة، يصبح عندك أهداف ثانية، الحب موجود أما الحب المتأجج هذا مستحيل يستمر. الأستاذ علاء: هذه صور خيالية كما قال عنترة:

ولقد رأيتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
* * *

هذه حالة شاعر لا نعممها.
الدكتور راتب: أذكر أنه في مكالمة بين خطيبين ثلاث عشرة ساعة، بعد بسنة ما عاد تكلم كلمة.
الأستاذ علاء: استنفذ كل طاقته بهذه المكالمة.

من كذب مرة فقد مصداقيته دائماً:

الدكتور راتب:

إذاً الكذب يهدم السعادة الزوجية، ما عاد واثقاً منها، المشكلة أن الإنسان يكذب مرة، لكنه أفقد مصداقيته صار لو صدق مليون مرة يتهم بالكذب، هذه مشكلة، إنسان كذب مرة أخذت عنه أنه يكذب، الآن تكلم صواباً في شك، لا يوجد تأكد، عندما يتكلم الإنسان كلاماً غير مصدق هذه مشكلة كبيرة جداً، هو السبب فضلاً، عن تعليم الكذب للأولاد.

الأستاذ علاء:

سيدي كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

وفي حديث آخر: هل يسرق المؤمن، المؤمن لا يكذب.

الدكتور راتب:

عفواً أنا أقول لكل إنسان في مؤسسة اقتصادية أنا أتحمل من موظف عندي آلاف الأخطاء، لكن لا أدعه عندي دقيقة لو كذب أو خان، إذا كذب انتهى، ممكن أتحمل منه آلاف الأخطاء، ما دام في خطأ مبرر في سوء خبرة، سرعة اتخاذ قرار كله مقبول أما إذا كذب قصداً أو خان انتهى.

الأستاذ علاء:

سيدي الكذب من القضايا الأساسية التي تفقد المصداقية.

الصدق مفتاح النجاة:

لدكتور راتب:

الصدق منجاة، أحياناً يتوهم الإنسان أن الصدق يعمل له مشكلة كبيرة، الصدق يكون مفتاح النجاة، الصدق له تأثير السحر.

(( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدي إِلي البِرِّ، وإِن البِرَّ يهدي إِلى الجنةِ، وإِن الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتى يُكتَب [ عند الله ] صِدِّيقا، وإِن الكذبَ يهدي إِلى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يهدي إِلى النارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليكذبُ حتى يكتبَ عندَ اللهِ كذَّابا ))

[ أخرجه البخاري، ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صحيح]

الأستاذ علاء: سيدي هنالك بين الزوجين يصير خلافات الزوج لا يحب تصرفات من زوجته لكن كما قلت في حلقة سابقة، القمع سهل لكن الإقناع يحتاج إلى جهد، التهديد بالطلاق، التهديد بالزواج الآخر، هذه المسائل بين الأزواج قضية إشكالية وتفصم العلاقة بين الزوجين في لحظة معينة.

التألق عند الزوجة مبعثه وشحنه من الزوج:

الدكتور راتب:

أستاذ علاء أكاد أقول إن الرجل يوجد بحياته فصول عديدة منها زواجه، منها عمله، منها دعوته، منها اختصاصه، منها دراسته، ومع أن المرأة لا تقل عنه إطلاقاً لكنها لحكمة بالغة بالغة الزواج عندها كل فصول حياتها فإذا خطبت نجحت في الحياة، وحينما يهددها الزوج بالطلاق أو بزوجة أخرى وهو لا ينوي ذلك يقع في حماقة كبيرة، لأنه خسرها من دون أن يكسب شيئاً، أصبحت قلقة، صدق أحياناً الزوجة تكون متألقة جداً وجميلة جداً إذا كانت مطمئنة إلى محبة زوجها إليها، وأحياناً تظهر عوامل القلق على محياها لوناً باهتاً، تكون لها لون متألق جداً يبهت لونها حينما تفقد ثقتها بزوجها، هي إنسانة تتألق وتكمد، تتألق وتتراجع، فأنت حينما لا تفكر بالزواج من غيرها ولا تفكر بطلاقها لماذا تمزح هذا المزاح ؟ أليس هذا المزاح حماقة ؟ في ألف موضوع.
الأستاذ علاء: التألق عند الزوجة مبعثه وشحنه من الزوج.

الزوجة هدية الله لك عليك أن تشعرها بأنك لن تتخلى عنها أبداً:

الدكتور راتب:


أنا حدثني أخ، أقول أخ تجاوزاً، كل حياته يهدد زوجته بالطلاق، قلت له إما أن تفعل أو اسكت. يا أخي طلق أو اسكت، أما لا طلقت ولا تزوجت غيرها أنت أفقدتها الثقة فيك، حالة اضطراب دائمة، صدق شاب يتزوج زوجة رائعة، مستقيمة، من بيت أصيل، تربيتها عالية، لا يحلو له من أنواع المزاح إلا الزوجة الثانية أو الطلاق، في مليون موضوع للمزاح، كأنه يعرف المنطقة الحساسة عندها يحب أن يستفزها، أمنها أنا لا أتخلى عنك مدى الحياة، دعها تشعر أنها هي أحد أركان البيت، هي شريكة حياة، لا تطلق المرأة إلا للريبة أستاذ علاء بسبب كالخيانة الزوجية أما للأسباب تافهة هذه أم أولادك، هذه هدية الله لك، هذه قدرك عند الله وأنا أقول كلمة بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة الخامسة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، لذلك قال تعالى: 

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾ 

( سورة البقرة الآية: 269 )

الأستاذ علاء:

سيدي الآن هنالك وسائل إعلام منتشرة تمطرنا بها الفضائيات من خلال السواتل التي تدخل كل بيت، وهذه الفضائيات في كم كبير منها ليس منضبطاً بفكر ولا قيمة ولا بأخلاق وتأتي إلى بيوتاتنا ماذا عن دور وسائل الإعلام السلبية التي تمطرنا بها السواتل ؟

وسائل الإعلام تطرح أحياناً قيماً لا ترضي الله عز وجل:

الدكتور راتب:

أنا أنقل كلمة قالها أحد كبار النقاد في الأدب العربي قال: يحق للأديب (طبعاً العمل التمثيلي عمل فني والقصة فن والمسرحية فن والمقالة فن ) قال: يحق للأديب أن يصور الرذيلة (مسموح له، جزء من مهمته)، لكن على نحو نشمئز منها، نحتقرها، أما إذا صورها على نحو نعجب بها .

أحياناً أسرة متفلتة فيها كل المعاصي والآثام، بيت فخم جداً، امرأة جميلة جداً، متبذلة جداً مع أصدقاء زوجها، ما في عندها شيء محرم، همها أناقتها، همها زينتها، همها متعتها، همها أن تفتخر بزوجها، هكذا رأت بالأفلام، هي عندها زوج مستقيم منضبط له مبدأ، عندها خمسة أولاد، طبعاً الإنسانة حينما تتخلى عن أهدافها النبيلة في الحياة قد تكون متعة رخيصة للآخرين، حينما نتابع هذه الأفلام الهابطة التي تزين الانحراف والرذيلة والتفلت ما الذي يحصل ؟ هذا يعد المثل الأعلى، أي إنسانة توازن نفسها مع إنسانة بيت فخم أربعمئة متر مثلاً، صالونات، غرف جلوس، وفي خادمين أو ثلاثة، وحدائق، هي عندها بيت خمسة وخمسين متر، كرهت زوجها، كرهت دخله، كرهت أولادها، فأحياناً المسلسلات لها آثار سلبية كبيرة جداً تعطي صورة كاذبة غير صحيحة، كل منا سافر إلى بلاد الغرب، الحياة بسيطة جداً، بيوت عادية جداً، فأحياناً هذه الأعمال الفنية تسبب، وهناك شيء أخطر الشيء الآخر أنها تطرح قيماً لا ترضي الله عز وجل، تطرح قيماً أقسم لي رجل أنه تابع مسلسلاً قال ثلاث عشرة خيانة زوجية في المسلسل الواحد، ماذا تفعل مع المشاهدات والمشاهدين ؟ مشكلة كبيرة في قيم هي هويتنا، هي سبب تقدمنا، أنت حينما تحطم هذه القيم في مسلسل، أنت حينما تزدري هذه القيم، أنت حينما تصور من يحمل هذه القيم إنسان محدود، غبي، غير متألق، أنت حينما تطرح من يحمل هذه القيم بهذا الشكل تكون أعلنت حرباً على القيم التي نؤمن بها جميعاً، مشكلة كبيرة.

 

الأستاذ علاء:

سيدي مسألة المخدرات، إذا تناول الإعلام مسألة المخدرات، يجب أن يتناوله بالزاوية السلبية لا أن يظهر هذه المسألة كيف ينتشي. 

 

ينبغي على كل كاتب أن يصور الرذيلة كمرض اجتماعي نشمئز منه: 

الدكتور راتب:

إذا صورت الرذيلة على نحو نعجب بها، ونقدر أصحابها، ونطرب لها، صدق ولا أبالغ تتمة النص، فإن مجتمعاً بأكمله يمكن أن ينهار من خلال هذا الفن.

الأستاذ علاء:

سيدي من خلال القص القرآني الرفيع عندما أتى على حديث الأقوام الذين فسقوا وانحرفوا أتى إلى فعلهم بعبارات معينة ثم بين النتيجة.

الدكتور راتب:

ينبغي أن أصور الرذيلة كمرض اجتماعي، أنا أديب، كاتب مسرحي، كاتب سيناريو، على نحو نحتقرها، ونشمئز منها، ولا نلتفت إليها، يكون عالج الموضوع معالجة حقيقة، لو أنت صورت إنساناً سارقاً كيف يعيش ؟ نوع سيارته، ما الذي فعلت مع المشاهدين ؟ رأيت السرقة طريقاً إلى المجد، هذه مشكلة كبيرة جداً، يجب أن تريني إنساناً مستقيماً متألقاً.

الأستاذ علاء:

هذه المحطات لها أخطارها وهي وجدت للتأثير على الثقافة والهوية.

ما يأتينا من الفضائيات أخطر من الغزو الثقافي:


الدكتور راتب: والله أكاد أقول أستاذ علاء هذا الذي يأتينا من الفضائيات، من فضائيات ليست منضبطة إطلاقاً والله أخطر من الغزو الثقافي بالضبط، الأمة بقيمها، بمبادئها، الأمة تتماسك بهدف نبيل تسعى إليه كيف تبني الأمة ذاتها ؟ من خلال منظومة قيم، فإذا حطمتها قيمة قيمة، هناك فضائيات تطرح الدجل والشعوذة والسحر هذه خطيرة جداً، الطروحات كلها غير علمية.
الأستاذ علاء: ليس للدين علاقة فيها تطرحها والاتصالات تأتي من كل حدب وصوب وهي كلها ابتزاز.
الدكتور راتب: لذلك قلت مرة على المنبر خذوا دينكم عن الأرضيات ولا تأخذوها عن الفضائيات.
الأستاذ علاء: الحمد لله الله أكرمنا بفضائية سورية لها هدفها وتوجهها.
الدكتور راتب: كنت في ألمانيا قبل أيام أثر هذه الندوة رائع جداً في الجاليات السورية في جميع أنحاء ألمانيا.
الأستاذ علاء: سيدي أنا الآن سوف أتجرأ وأدخل إلى موضوع هام، كثير من الذين يشتغلون في الدعوة أو من السادة العلماء يتجنبون أو يتجافون أو يرمزون له، لكن في الحقيقة هو شيء أودعه فينا وهو واقع، أحد الزوجين أو كلا الزوجين يجهل جهلاً تاماً الثقافة الجنسية الشرعية، هل الجهل بالثقافة الجنسية الشرعية المنضبطة هي من القضايا التي تفرق بين الزوجين.

الجهل بالثقافة الجنسية الشرعية المنضبطة من القضايا التي تفرق بين الزوجين:

الدكتور راتب:

الأساسية، نعم، ذلك أن الله عز وجل أودع في الإنسان حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على وجوده، وأودع فيه حاجة أخرى حاجة إلى الجنس حفاظاً على النوع، وهو حاجة أساسية متغلغلة في أعماق الإنسان، وحاجة أساسية متغلغلة في أعماق المرأة والرجل، الحديث عنها أو عدم الحديث لا يلغيها، هي موجودة وصارخة، الدليل:

(( إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا))

[ الترمذي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ]

يا ترى إلا تفعلوا ألغيت هذه العلاقة بين الذكر والأنثى ؟ لا تلغى، تأخذ طريقاً منحرفاً، تأخذ طريقاً شاذاً، تأخذ طريقاً سفاحاً لا نكاحاً:

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوه تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ ﴾

هذا دافع متغلغل بأعماق الإنسان، فالإنسان حينما يكون أنانياً في علاقته الجنسية مع زوجته، وينصرف عنها قبل أن تقضي حاجتها كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الدين الإسلامي منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، فإذا انصرف عنها قبل أن تقضي حاجتها حرمها حقها الطبيعي، وإذا لم تلبِ حاجته وهو بحاجة إليها حرمته حقه الطبيعي، كم من بيت ينهار لأن الزوجة لا تلبي حاجة زوجها الجنسية، وكم من بيت ينهار لأنه لا يلبي حاجة زوجته الجنسية.

أكبر أسباب نجاح الزواج العلاقة الجنسية المتوازنة الطبيعية:

لو إنسان قرأ الشرع التفصيلي لرأى فيه ما يغنيه، لو اشترى أي كتاب منضبط في العلاقة الجنسية لقرأ فيه توجيهات رائعة جداً، الله عز وجل في القرآن الكريم قال:

﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ (223) ﴾

( سورة البقرة)

أنا أقول في جنس البهائم وفي جنس الإنسان، جنس البهائم من دون مقدمات.

الأستاذ علاء:

خبط لزق.

الدكتور راتب:

جنس الإنسان مع مقدمات:

﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ (223) ﴾

( سورة البقرة)

وأنا قرأت كثيراً في كتب علم النفس أن أحد أكبر أسباب نجاح الزواج العلاقة الجنسية المتوازنة الطبيعية، التي تحقق هدف كل واحد من الطرفين، هذا شيء لابد من ذكره والنبي ذكره، النبي صلى الله عليه وسلم ما أخفى.

الأستاذ علاء:

في كتب الفقه، هذا موجود ؟

الدكتور راتب:

أبداً، تفاصيل.

الأستاذ علاء:

قضية المداعبة.

النبي صلى الله عليه وسلم زوجاً ناجحاً جداً علمنا النجاح حتى بالعلاقة الجنسية:

الدكتور راتب:

أبداً بالقرآن:

﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ (223) ﴾

( سورة البقرة)

وكان النبي صلى الله عليه وسلم زوجاً ناجحاً جداً، وعلمنا النجاح حتى بالعلاقة الجنسية، ومنهجنا كما قلت قبل قليل يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية.

الأستاذ علاء:

قالوا كيف نرسل رسولاً ؟ الرسول بين الرجل والمرأة قال قدم لها بالقبل.

الدكتور راتب:

هذا كله مطلوب أي كتيب صغير بالمكتبات ممتلئة به عن العلاقة الجنسية بين الزوجين، كتاب منضبط طبعاً، سيجد فيه كل التوجيهات التي ينبغي أن تكون بين الزوجين.

الأستاذ علاء:

هذه قضية أساسية.

الدكتور راتب:

أحد أكبر أسباب الشقاق الزوجي إخفاق العلاقة الجنسية، من كليهما، أو من أحدهما، أو عدم اهتمام الطرف الأول بالطرف الآخر، زوجاً كان أو زوجة.

الأستاذ علاء:

تتزين له.

عدم اهتمام الطرف الأول بالطرف الآخر يعد عدواناً بحقهما:

الدكتور راتب:

والله تتزين له بأبهى منظر ولا ينظر إليها، أو بأمس الحاجة إليها تغيب عن البيت، تنشغل بأولادها قصداً، طبعاً هذا التصرف أنا أعده عدواني على الزوج، والزوج حينما يهمل زوجته عدوان على الزوجة، وهذه ناحية خطيرة جداً أنأ أشكرك على أنك جرؤت وتكلمت بها.
الأستاذ علاء: والتي تأتي إلى زوجها ورائحة الطبخ المفترض هذا إنسان.
الدكتور راتب: والله حينما تستطيع الزوجة أن تلبي حاجة زوجها ليس الحاجة الجنسية فقط حاجة زوجها إلى أن تكون أنيقة (الروحية) متزينة، أن تكون أنيقة، أن تلبس ثياباً عصرية يراها بالطريق، والله هي في أعلى عبادة، الصحابية كانت قبل أن تصلي قيام الليل تقول له ألك بي حاجة ؟ تستأذنه، لأنها حينما تعبد ربها وتهمل حاجة زوجها إنها تعتدي عليه فحتى يقبلها الله في الصلاة يتجلى على قلبها تسأله قبل أن تصلي الليل ألك حاجة بي ؟ هكذا الصحابيات

(( دَخَلَتْ عَلَيَّ خُوَيْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ، وَكَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَتْ: فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَاذَةَ هَيْئَتِهَا، فَقَالَ لِي: يَا عَائِشَةُ، مَا أَبَذَّ هَيْئَةَ خُوَيْلَةَ ! قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا، يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَهِيَ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، فَتَرَكَتْ نَفْسَهَا، وَأَضَاعَتْهَا، قَالَتْ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ، أَرَغْبَةً عَنْ سُنَّتِي ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ، قَالَ: فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ ))

[ أحمد عَنْ عَائِشَةَ]

(( وجاءت في اليوم التالي عطرة نضرة، فسألتها السيدة عائشة، ما الذي حصل ؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس )) 

[ الطبراني عن أبي موسى الأشعري ]

خاتمة وتوديع:

الأستاذ علاء:

كل هذه المسائل يجب أن نتنبه إليها وأن نضعها في حسباننا بكل معنى الكلمة، لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، على كل ما قدم وشرحت، وإن شاء الله نتمم موضوعنا في حلقات قادمة. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور