- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (011) سورة هود
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الهدى القسري لا قيمة له إطلاقاً ولا يرفع من شأن الإنسان :
أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الثامنة عشرة بعد المئة ، والتاسعة عشرة بعد المئة من سورة هود ، وهي قوله تعالى :
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾
هذه الآية أيها الأخوة ؛ من الآيات المتشابهات ، التي قد يتوهمها الناس في معنى ، وهي في الحقيقة في معنى آخر .أما معنى قوله تعالى :
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) ﴾
أي أن الله سبحانه وتعالى لو ألغى اختيارهم ، وألغى تكليفهم ، وألغى الأمانة التي حملهم إياها ، وطبعهم على شكل واحد ، وطريقة واحدة ، هذا الهدى الذي يلغي اختيارهم لا قيمة له ، ولا يسعدهم .وأوضح مثل على هذه الفكرة أن رئيس الجامعة لو أراد أن يجعل كل الطلاب ناجحين ، وزع عليهم الأوراق وعليها الإجابة التامة ، مطبوعة طباعة ، وكلف الطالب أن يكتب اسمه ورقمه والعلامة مطبوعة مئة على مئة ، مادام وزع أوراقاً عليها الإجابة معنى هذا أن كل الطلاب ناجحون ، لكن هذا النجاح لا قيمة له إطلاقاً لا عند الطلاب ، ولا عند الناس ، ولا عند رئاسة الجامعة ، نجاحهم تافه لأنه لا علاقة له بجهد الطالب ولا باختياره .
فربنا عز وجل كان من الممكن أن يلغي اختيار الإنسان ، ويلغي الأمانة التي حمله إياها ، ويلغي التكليف الذي كلف به ، وأن ينزع من نفسه الشهوات ، وأن يجعله على طريقة واحدة متشابهة مع كل المخلوقات ، كان هدى جميع الناس ، ولكن هذا الهدى عطل فيهم الاختيار ، وعطل فيهم التكليف ، وعطل فيهم الأمانة ، ولم يجعل منهم أناساً بذلوا جهداً ، ولا اختاروا عبادةً ، ولا طاعةً ، إذاً هذا الهدى القسري لا قيمة له إطلاقاً ، كما أن ذلك النجاح الذي يصطنعه رئيس الجامعة للطلاب من دون جهد ، من دون دراسة ، من دون امتحان ، من دون تصحيح أوراق ، من دون تفاوت بين الطلاب ، هذا النجاح الاجتماعي ليس له قيمة إطلاقاً ، أحياناً يزور إنسان بلداً يعطونه دكتوراه فخرية ، يكتب دكتور ، لكن لا تشعر أن هذه الدكتوراه لها قيمة ، لأنها عمليه برتوكولية ، أما حينما يؤلف الإنسان كتاباً فريداً من نوعه ، يبذل فيه سبع سنوات دراسة ، وتنقيباً ، وبحثاً ، وكتابة ، وتصحيحاً ، وطبعات ، ثم ينجح هذا الكتاب ، ويقول الناس عنه : دكتور ، تشعر أن هذا اللقب يتناسب مع هذا الجهد ، إذاً حيثما وردت في القرآن الكريم هذه الآيات :
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) ﴾
معنى ذلك أن الله عز وجل إذا سلب الاختيار ، وسلب الأمانة والتكليف ، ونزع الشهوة ، أصبح البشر دمى ، هذا الهدى ليس له قيمة إطلاقاً ، ولا يرفع من شأنهم ، ولا يسعدهم في الآخرة .لذلك الروعة لا أن يتشابه الناس ، بل أن تأتي النتائج وفق المقدمات ، الذي استقام له الجنة ، الذي انحرف له النار ، الذي تحرى الرزق الحلال له رزق وفير ، الذي أكل أموال الناس بالباطل يتلف ماله .
أروع ما في الحياة أن تأتي النتائج مطابقةً للمقدمات ، لا أن تكون النتائج كلها علامات عالية ، الآن الجامعة المحترمة عندها رسوب ، لكن أروع ما فيها أن الطالب الجيد علامته عالية ، والسيئ راسب ، تطابق النتيجة مع المقدمة هو العدالة ، هو الشيء الطيب والرائع واللطيف .
المؤمنون مبادئهم واحدة وقيمهم واحدة وأهدافهم واحدة :
إذاً :
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)﴾
لماذا هم مختلفون ؟ لأن الله أعطاهم حرية الاختيار ، ولو ألغى هذه الحرية لما اختلفوا ، فاختلافهم دليل حريتهم ، إلا من رحم ربك ، لكن هؤلاء الذين اختاروا الهدى ، وتجلى الله عليهم لا يختلفون ، المؤمن إذا دخل على مئة منافق وفيهم مؤمن واحد يميل إليه .المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون ولو ابتعدت منازلهم ، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ولو اقتربت منازلهم .
فالاختلاف دليل الاختيار ، أما لو مئة إنسان اختاروا الله ورسوله فيتشابهون ، أخلاق رفيعة ، صدق ، أمانة ، عفاف ، استقامة ، غض بصر ، دخل حلال ، إنفاق ، إحسان ، فانعدام الاختلاف دليل المشرب الواحد ، إذا كان هناك مشارب متعدد فهناك اختلاف ، الإنسان مخير ، واختلاف الناس دليل أنهم مخيرون ، واتفاقهم دليل أنهم ينهلون من مشرب واحد .
فالمؤمنون مبادئهم واحدة ، قيمهم واحدة ، أهدافهم واحدة ، وسائلهم واحدة ، تجد مؤمناً في الشام يتلاقى مع مؤمن في أقصى الصين ، يشعر أنه أقرب له من أخيه ، مؤمن يلتقي مع مؤمن بالمغرب ، بجنوب إفريقيا ، بشمال أوروبا ، بكندا ، تجد توافقاً عجيباً ، مبادئ واحدة ، هدف واحد ، استقامة ، طهر ، عفاف ، حياء ، خجل ، أدب ، ذوق ، إحسان ، رحمة ، إنصاف، عدل .
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)﴾
لأنهم مخيرون ، واختاروا أشياء متفاوتة ، أما لو أنهم اختاروا شيئاً واحداً وهو :﴿ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) ﴾
لو اختاروا جهةً واحدة إذاً يتفقون ، لا يختلفون .الله تعالى خلق الإنسان ليتعرف إليه فيسعد بقربه :
إذاً الله لماذا خلقهم ؟ قال : خلقهم ليتعرفوا إليه ، وليسعدوا بقربه ، وليرحمهم .
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119( ﴾
هذه الآية واضحة وضوح الشمس ، هذه الآية المحكمة التي تبين سرّ وجودنا على وجه الأرض .﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119( ﴾
خلقهم ليرحمهم .المعاصي التي يقترفها الإنسان هي من اختياره :
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 119) ﴾
هذه الآية أيضاً مشكلة ، إذا فهمناها فهماً سطحياً نقع بإشكال كبير جداً ، معقول نحن نبني سجناً مركزياً فخماً حديثاً ، وفق المواصفات العالمية الحديثة ، لكن لا يوجد أحد يرتكب ذنوباً ؟ نعمل حاجزاً بالطريق ، الكل إلى السجن ، لماذا هو فارغ نريد أن نملأه ، هذا المعنى مقبول على ذات الله الكاملة ؟﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين(119)﴾
نريد أن نملأ جهنم لا يوجد فائدة ، إذا لم يكن هناك أحد ينب ، كيف سنملؤها ؟ هذا ساذج ، هذا معنى لا يليق بكمال الله .لكن الإنسان إذا توهم أن الله أجبره على المعصية ، هو واهم ، لو أن الله أراد أن يجبره لما أجبره إلا على الهدى ، أما هذه المعاصي التي تقترف فهي من اختيار الإنسان ، ومن كسبه ، لذلك سيدخل النار من أجلها ، هذا المعنى الدقيق ، لو أن الله أراد أن يجبر عباده على شيء ما لأجبرهم على معرفته .
﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) ﴾
لو شاء أن يسلبهم اختيارهم لأجبرهم على طاعته ، أما هذه المعاصي ، والموبقات ، التي تقترف فهذه ليست من إجبار الله ، هذه من كسب الإنسان ، لذلك سوف يدفع الإنسان ثمن هذه المعصية باهظاً وهو دخول النار ،﴿ وَتَمَّتْ ﴾
أي قانون ربنا قرر أن المعاصي من كسب البشر ، هم مخيرون ، وهم مسؤولون ، وسوف يدفعون ثمن هذه المعاصي باهظاً :﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119 (﴾
أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وضحت هذه الآية ، هذه الآية مشكلة .حسن الظن بالله ثمن الجنة :
هناك آية لو الإنسان قرأها ، وأخذها على ظاهرها ، ربما أساء الظن بالله عز وجل ، لأن الآية الكريمة هي :
﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾
حسن الظن بالله ثمن الجنة .أي لو أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجبر عباده على شيء ما ، على ماذا أجبرهم ؟ على طاعته .
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾
لو شئنا أن نلغي اختياركم ، لو شئنا أن نلغي تكليفكم ، لو شئنا أن نلغي الأمانة التي حملتموها ، وأجبرناكم على شيء ما ، لما أجبرناكم إلا على الهدى .﴿لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾
لكنكم إذا توهمتم أن هذه الأفعال التي تفعلونها هي من إجبار الله فأنتم واهمون هي من كسبكم ، ومن اختياركم ولهذا الكسب ، والاختيار جزاء عادل وهو النار .إذاً معنى الآية .
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ(118)﴾
لأنهم مخيرون ، أما لو أن فئةً من الناس اختاروا الله ورسوله والدار الآخرة وأقبلوا عليك لما اختلفوا ، لاتفقوا واجتمعوا وتحاببوا .﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119 (﴾
تلخيص لما سبق :
الهدف الإلهي الكبير من خلق الإنسان أن يرحمهم ، وأن يسعدهم في الدنيا والآخرة ولذلك خلقهم .
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
قانون ربنا أن :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) ﴾
لكل سيئة عقاب ، السيئات التي تقترف ليست من إجبار الله ، إنما هي من كسب الإنسان .﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)﴾
عقيدة أهل الشرك .﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) ﴾
أخي ألا تصلي ؟ الله ما أراد لي الهدى ، سبحان الله ! الله ما أراد لي الهدى ، أيضاً يسبح الله عليها ، الله ما أراد لي الهدى ، الله عز وجل أراد الهدى لكل الخلق ، فأنت مخير .إذاً:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
إن الأعمال السيئة هي من كسب الإنسان ، من اختياره ، يتحمل نتائجها .﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
من هؤلاء الذين يزعمون أن الله أجبرهم على المعصية ؟!آخر قول لسيدنا الحسن البصري : لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، اختفت الجنة .
لو فرضنا شخصاً قدمت له أوراق بالامتحان مكتوبة جاهزة ، هو لا يقرأ ولا يكتب ، أمي ، قدمت له أوراق وأخذ أعلى علامة بالقطر مثلاً ، وعملنا احتفالاً ضخماً من أجل تكريمه على هذا التفوق ، هذا التفوق له معنى ؟ لا معنى له إطلاقاً .
لو كان الله أجبر العباد على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، لماذا فعلت كذا ؟ أنت أجبرتني أنا لا علاقة لي ، ولو أنه تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يطع مكرهاً . الآية تمت .
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾