وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدين والحياة - الحلقة : 5 - الإنفاق سمة من سمات المؤمن
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

الإنفاق سمة من سمات المؤمن :

أعزائي المشاهدين ... أخوتي المؤمنين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المؤمن بالإنفاق يتقرب إلى الله عز وجل و يتصل به :

في أول آية من سورة البقرة يقول الله عز وجل :

﴿ الم (1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾

( سورة البقرة)

فالإنفاق سمة أساسية من سمات المؤمن ، ركن كبير من أركان هذا الدين ، لأن المؤمن آمن بالله ، آمن به واحداً وكاملاً وموجوداً ، آمن به خالقاً ورباً وإلهاً ، آمن بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى ، وآمن أن الله خلقه لجنة عرضها السماوات والأرض ، وأنه جاء به إلى الدنيا ليدفع ثمن هذه الجنة أعمالاً صالحة ، وبذلاً ، وإنفاقاً ، فلذلك جزء كبير من استراتيجية المؤمن هو الإنفاق ، لأن المؤمن يرى أنه بالإنفاق يتقرب إلى الله عز وجل ، وبالإنفاق يتصل به ، وبالإنفاق يحقق علة وجوده في الدنيا .

الإنفاق في سبيل الله سمة أساسية من سمات المؤمن :

لذلك المؤمن يعطي أكثر مما يأخذ

الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، الأنبياء ملكوا القلوب ، والأقوياء ملكوا الرقاب ، الأنبياء عاشوا للناس ، والأقوياء عاش الناس لهم ، فلذلك الفرق الصارخ بين المؤمن وبين غير المؤمن ، المؤمن يعطي وغير المؤمن يأخذ ، يبني حياته على العطاء لأنه بهذا العطاء يتقرب إلى رب الأرض والسماء ، لأنه بهذا العطاء يدفع ثمن اتصاله بالله ، لأنه بهذا العطاء يدفع ثمن دخول الجنة ، فلذلك سمة أساسية وحركة أساسية وبذل طبيعي من خصائص المؤمن الإنفاق في سبيل الله :

﴿ الم (1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾

( سورة البقرة)

عبدي :

(( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ))

[ ابن ماجه عن أبي هريرة ]

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا ))

[ الطبراني في المعجم الكبير والأوسط بسند حسن عن أبي هريرة ]

(( صدقة السر تطفئ غضب الرب ))

[ الجامع الصغير بسند صحيح ]

(( الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير ))

[ الطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف ]

(( باكروا بالصدقة ، فإن البلاء لا يتخطاها ))

[ الجامع الصغير بسند ضعيف ]

أداء الزكاة أحد أكبر أبواب الإنفاق :

أيها الأخوة ، الإنفاق واسع جداً ، أحد أكبر أبواب الإنفاق أداء الزكاة ، قال تعالى :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾

( سورة التوبة الآية : 103 )

قال العلماء هذه الآية أصل في فريضة الزكاة ، لو وقفنا عند كلماتها ، وحركاتها ، وسكناتها ، وقفة متأنية لأن هذه الآية أصل في فرضية الزكاة ، الله عز وجل كما قال بعض المفسرين يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام بكلمة خذ لا على أنه نبي هذه الأمة على أنه ولي أمر هذه الأمة ، فلابدّ من أن تدفع الزكاة من قبل المؤمنين ، وليس لهم خيار في دفعها وعدم دفعها .

 

وجوب الزكاة على كل المسلمين دون استثناء :

﴿ خُذْ ﴾

الزكاة تؤخذ ولا تعطى ، تؤخذ من قِبل المؤمن لأن حق الفقير تعلق بها ، لأن سلامة المجتمع تعلقت بها ، لأن أمن المجتمع تعلق بها ، وأنا أؤمن لو أدى المسلمون زكاة أموالهم أداءً صحيحاً بالتمام والكمال لحلت مشكلات الفقر في العالم الإسلامي ،

﴿ خُذْ ﴾

أي يا ولي الأمر يجب أن تأخذ الزكاة منهم .
أما

﴿ مِنْ ﴾

تفيد التبعيض لا تأخذ كل أموالهم ، ليس في الإسلام ما يسمى بالمصادرات التامة ، خذ من بعض أموالهم ، يعني اثنين ونصف بالمئة ، أما كلمة ( أموال )جاءت الكلمة جمعاً ، ما قال خذ من مالهم ، خذ من أموالهم ، لذلك الزكاة تجب فيما أنتجته الأرض ، تجب في الأنعام ، تجب في الذهب والفضة ، تجب في الركاز ، تجب في كل ما يسمى مالاً :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103)﴾

( سورة التوبة)

أما

﴿ أَمْوَالِهِمْ ﴾

لأنها جاءت جمعاً تفيد كل أنواع المال ، ولأن هاء الغائب اقترنت بميم الجمع أي الزكاة لا يعفى منها أحد ، أحياناً تطوى الضريبة على بعض الناس تملقاً لهم أو محاباة لهم ، ولكن الزكاة تجب على كل المسلمين دون استثناء ، فخذ من ، خذ لها معنى ، ومن لها معنى ، وجمع المال لها معنى ، والهاء لها معنى ، والميم لها معنى .

 

من أنفق من ماله الذي يحبه أكّد محبته لله عز وجل :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103)﴾

( سورة التوبة)

هي آية الزكاة ولكن الله عز وجل سماها صدقة لحكمة بالغة بالعة ؛ وهي أن كلمة صدقة تشير إلى أنها تؤكد صدقهم في محبة الله ، تؤكد صدقهم في طاعته ، لأن أعمالاً كثيرة يأمر بها الدين لا تكلف شيئاً ، ولكن الله عز وجل أودع في الإنسان محبة المال ، فحينما ينفق من هذا المال الذي أحبه يؤكد محبته لله عز وجل ، وهذا المعنى ورد في آية أخرى ، قال تعالى :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (177)﴾

( سورة البقرة)

مع أنه يحب المال ، يحب أخذه لا يحب إنفاقه ، يحب كنزه لا يحب إعطاءه ومع ذلك :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (177)﴾

( سورة البقرة)

أي أنه أكّد لنفسه أولاً ولمن حوله ثانياً ولربه ثالثاً أنه يحب طاعة الله .

 

الصدقة تؤكد صدق الإنسان و محبته لربه :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103)﴾

( سورة التوبة)

صدقة تؤكد صدقهم ، ماذا تفعل هذه الصدقة ؟ قال هذه الصدقة تطهرهم ، من ماذا ؟ تطهره الغني من الشح والشح مرض خطير ، كيف أن الورم الخبيث مرض خطير قاتل ينهي حياة الإنسان ، وكذلك الشح مرض خبيث ينهي سعادة الإنسان ، الإنسان الشحيح إنسان مريض ، ومرضه خبيث ، ومرضه ينهي سعادته ، لذلك الغني حينما يؤدي زكاة ماله يؤكد بهذا الأداء أنه ليس بخيلاً ، وليس شحيحاً ، وكأن أداء الزكاة طهره من مرض الشح لذلك ورد في بعض الأحاديث :

(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))

[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله ]

وأي كنز مهما كان كبيراً إذا أديت زكاته ليس بكنز ، وأي مبلغ مهما كان صغيراً وحقيراً إن لم تؤدَ زكاته فهو كنز .

 

النار مصير من يكنز الذهب و الفضة و لا ينفقها في سبيل الله :

الله عز وجل يبين مصير هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله :

﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)﴾

( سورة التوبة)

الزكاة تطهر الغني من الشح والفقير من الحقد و المال من تعلق حق الغير به :

أيها الأخوة الكرام ، تطهر الغني من مرض خبيث هو مرض الشح أما الفقير فتطهره من الحقد ، الفقير عندئذ لا يحقد 

لماذا ؟

لأن الله عز وجل بين له من خلال هذا الدين أنه كريم على مجتمعه ، هناك من أعطاه حاجته ، هناك من أدى له زكاة ماله اشترى بها طعاماً وشراباً وثياباً وهكذا ، إذاً تطهر الغني من الشح ، والفقير من الحقد ، وتطهر المال من تعلق حق الغير به ، قال تعالى :

﴿ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾

الزكاة هي النماء ، تنمو بهذا الإنفاق نفسه ، يشعر بقيمته في المجتمع ، يشعر أن أمواله التي أنفقها في سبيل الله رسمت البسمة على قلوب الصغار ، يشعر هذا الغني أنه في قلوب المئات الذين أعطاهم زكاة ماله ، هؤلاء الذين أعطاهم زكاة ماله أصبحوا حراساً له ، بعد أنه كان من الممكن أن يكونوا أعداء له ، لذلك تنمو نفس الغني ، وتنمو نفس الفقير ، يشعر بقيمته في المجتمع ، يشعر أن المجتمع يرحمه ، يهتم به ، يتعاطف معه ، يشاركه ألمه ، لذلك :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾

( سورة التوبة الآية : 103 )

الزكاة حصن أموال الإنسان :

يقول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( حصنوا أموالكم بالزكاة ))

[رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود]

(( ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة ))

[ أخرجه الطبراني عن أبي هريرة ]

أيها الأخوة الأحباب هذا غيض من فيض متعلق بآية الزكاة التي هي أصل في فرضية الزكاة ، قال تعالى :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾

( سورة التوبة الآية : 103 )

وإلى حلقات قادمة إن شاء الله تعالى . 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور