- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠18برنامج الدين والحياة - قناة الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
القصص :
أعزائي المشاهدين ... أخوتي المؤمنين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إليكم هذه القصة هي قصة جابر أحد أصحاب رسول الله وكان شاباً وقد اشترك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة اسمها غزوة ذات الرقاع ، وفي طريق العودة حصلت هذه القصة ، و إليكم هذه القصة حتى نرى ما مقام النبوة ؟ ما مقام النبي عليه الصلاة والسلام ؟
قصة جابر بن عبد الله مع النبي الكريم :
عن جابر بن عبد الله قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع ، مرتحلاً على جمل لي
ضعيف (جمله ضعيف)
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جعلت الرفاق تمضي ( أي تسبقني ) وجعلت أتخلف عنهم( لأن جمله ضعيف ) ، إذاً شاب يركب جملاً ضعيفاً في طريق العودة تخلف عن أصحابه .
حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان النبي عليه الصلاة والسلام يتفقد أصحابه جميعاً وهذا من رحمته على أصحابه ، لأن مقام النبوة مقام متعدد النواحي ، علم ، وصلة ، ورحمة ، وتواضع ، الآن جرى حوار بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين هذا الشاب الذي اسمه جابر .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام ما لك يا جابر لماذا أنت متخلف عن الركب ؟ قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ، قال : فأنِخْهُ ، وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم جمله ، وأنخت جملي ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك ففعلت ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخس بها الجمل نخسات ( أي وخزه بها ) ، ثم قال : اركب ، فركبت ، فانطلق جملي ، والذي بعثه بالحق صار جملي يجاري ناقة رسول الله ، وتحدث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
صفات النبي الكريم :
من صفات النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان من رآه هابه ، ومن عامله أحبه ، ومن صفات النبي عليه الصلاة والسلام أن كل صحابي كان يظن أنه أقرب الناس إلى رسول الله ، هؤلاء العظماء كل من خالطهم ، وجلس إلى جانبهم ، وعاملهم ، يشعرونه أنه أقرب الناس إليهم ، فهذا الشاب الصغير جابر ، النبي عليه الصلاة والسلام اهتم بجمله ، وأناخ جمله ، ووكز جمله، وسأله عن أحواله ، الذي حصل قال : صار جملي يجاري ناقة رسول الله ، وتحدث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ ما أدري لماذا قال النبي ذلك ؟ قلت يا رسول الله ، بل أهبه لك ، قال لا ولكن بِعنيهُ ، قلت فسُمْني به ، قال أخذته بدرهم ، قلت : لا ، إذاً يغبنني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فبدرهمين ، قلت : لا ، فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن حتى بلغ الأوقية .
أرحم الخلق بالخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أرأيت إلى هذا الحوار ، والمداعبة ، والتواضع ، لهذا الشاب
فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن حتى بلغ الأوقية . فقلت : قد رضيت ، قال : قد رضيت ، قلت : نعم هو لك ، ثم قال لي : يا جابر هل تزوجت ؟ الأب يسأل أولاده عن أحوالهم ، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما قال الله عز وجل :
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) ﴾
حتى قال بعض العلماء : إن أرحم الخلق بالخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال لي : يا جابر هل تزوجت ؟ قلت : نعم يا رسول الله ، قال أثيباً أم بكراً ؟ قلت : بل ثيباً ، قال أفلا تزوجت بكراً ؟ قلت : يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد ، أي استشهد ، وترك سبع بنات له ، فتزوجت امرأة جامعةً تجمع رؤوسهن ، كلام رائع يعني أنا بحاجة لا إلى زوجة بكر بحاجة إلى زوجة خبيرة بشؤون البيت ترعى أخواتي .
فتزوجت امرأة جامعةً تجمع رؤوسهن ، وتقوم عليهن ، فقال : قد أصبت إن شاء الله ، انظر إلى الحوار ، تمنى عليه شيئاً سمع شرحه فقبله ، فقال : قد أصبت إن شاء الله .
ثم وصل سيدنا جابر إلى بيته وأخبر امرأته بما جرى بينه وبين رسول الله ، وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت سمعاً وطاعة ( أي بع جملك لرسول الله ).
التفاهم بين الزوجين أساس الحياة الزوجية :
أرأيتم أيها الأخوة إلى التفاهم بين الزوجين ، أحياناً حينما يأخذ الزوج قراراً ويأتي إلى البيت ويُبلغ زوجته تقيم عليه النكير ، كيف بعت الجمل نحن بحاجة إليه ؟ ما الذي حملك على هذا ؟ قالت سمعاً وطاعة ، هذه المرأة المؤمنة المطواعة التي تحب زوجها ، تكون معه ، تعينه ، لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( انصرفي أيتها المرأة ، وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ـ أي يعدل الجهاد في سبيل الله ))
قالت سمعاً وطاعة ، أي بع جملك لرسول الله ، قال : فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنَخْته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسب الاتفاقية والحوار الذي جرى بينهما ، باعه بأوقية ، ثم جلست في المسجد قريباً منه ، قال : وخرج النبي عليه الصلاة والسلام فرأى الجمل ، قال ما هذا ؟ قالوا هذا جمل جاء به جابر ، قال : فأين جابر ؟ فدعيت له ، فقال : تعال يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك ، ودعا بلالاً فقال : اذهب بجابر ، وأعطه أوقية من الذهب ، يعني داعبه في مساومته .
على كل مؤمن أن يتأسى بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام :
أرأيت إلى هذه النفس الرضية ، إلى هذه النفس المتواضعة ، إلى هذه النفس المحبة
مقام النبوة مقام رائع ، يقول مرة أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام سيدنا حنظلة رآه الصديق سيدنا حنظلة جلس يبكي ، فرآه الصديق عليه رضوان الله فقال : ما لك يا حنظلة تبكي ؟ قال : نافق حنظلة ، نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين ، فإذا عافسنا الأهل ننسى . فانطلقا إلى رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام :
(( إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ))
((يا حنظلة لو أنكم كنتم أبدا على تلك الحالة لصافحتكم الملائكة في الطريق وعلى فراشكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ))
معنى ذلك أن هذا المقام العظيم ، هؤلاء الصحابة الذين كانوا معه ، والتقوا به وتعاونوا لنشر هذا الدين ، كانوا من أسعد الناس .
لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : اذهب بجابر أعطه أوقية ، فذهبت معه ، وأعطاني أوقية وزادني شيئاً يسيراً ، قال : فو الله ما زال ينمو هذا المال عندنا ونرى مكانه في بيتنا .
الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان :
أيها الأخوة ، هذه أخلاق النبوة ، وينبغي أن يكون المؤمنون متأسين بأخلاق نبيهم عليه الصلاة والسلام ، هذا المنهج الذي جاء به النبي وهذه الأخلاق العلية التي عامل بها أصحابه هي منهج لنا ، وعلى كل مؤمن أن يقلد النبي عليه الصلاة والسلام في أخلاقه ، فبالأخلاق ترقى الأمم ، والإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.
ولعلي أعتقد أن رسالة النبي عليه الصلاة والسلام رسالتان ؛ رسالة قولية وأعطانا سنة افعل ولا تفعل ، ورسالة عملية طريقة معاملته لأصحابه ، معاملته لهم ، تواضعه لهم ، خدمته لهم ، هو منهج لنا أيضاً ، فينبغي أن نقلد النبي عليه الصلاة والسلام في محبتنا ، وفي تواضعنا ، وفي خدمتنا لمن حولنا ، إلى حلقات قادمة إن شاء الله تعالى .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .