وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 17 - سورة النساء - تفسيرالآيتان 33 – 34، درجة القوامة والمرأة الصالحة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نتآخى اثنين اثْنين :

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع عشر من دروس سورة النساء، ومع الآية الثالثة والثلاثين، وهي قوله تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾

الموالي جمع مولى، والمولى في هذه الآية الذي واليته في ظرف استثنائي، المولى في اللغة العبد، أو السيد، وهو من ألفاظ التضاد، كأن تقول: شرى، باع أو اشترى، تقول يا مولاي، تخاطب الله عز وجل، وتقول لعبدك: يا مولاي، أي أنت مولاي بمعنى أنه مملك لك، لكن هنا حينما قدم النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار، آخى أصحابه اثنين اثنين، هذه المؤاخاة تعني علاقات متينة جداً، تعني أن هذا الأخ مع هذا الأخ يتعاونان، يتناصحان، يتناصران، سلمهم واحدة، حربهم واحدة، يتوارثان، يتوارثان في مرحلة محددة، لذلك بعضهم قال: هذا هو الفقه الاستثنائي، فالله عز وجل يقول:

﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ﴾

يعني كل واحد منكم أيها المؤمنون جعل له مولى، أي أخاً في الله، وأنا أتمنى على كل أخ كريم في هذا المسجد أن يوالي أخاً، الحد الأدنى أن يتفقد حضوره، ما أروع أن يتصل بك أخ كريم يقول لك: لم تكن في هذا الدرس، نحن قلقون عليك، الأمور إن شاء الله صحيحة، تتفقده، تزوره، يزورك، تنصحه، ينصحك، تقرضه، يقرضك، تستشيره، يستشيرك، تأخذ بيده، يأخذ بيدك، النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نتآخى اثنين اثنينِ، هكذا فعل النبي الكريم، لو أن الواحد منكم آخى مؤمناً فهو مسؤول عنه، مسؤول عن وضعه، يا ترى وضعه الصحي جيد، لعلك تعرف طبيباً له اختصاص بارع في مشكلته الصحية، يا ترى هو متزوج، عنده مشكلة عائلية، عنده مشكلة اجتماعية، عنده مشكلة مالية، هذا هو الإيمان، أن يتولى كل واحد منكم أخاه، فهذا منهج من منهج النبي عليه الصلاة والسلام.

 

الأخوان في عهد النبي يتوارثان وهذا حكم استثنائي :

حينما قدم النبي المدينة آخى بين أصحابه، آخى أنصارياً مع مهاجر، لكن هذه المؤاخاة بلغت إلى درجة أن الأنصاري يقول لأخيه المهاجر: عندي بيتان خذ أحدهما، وعندي دكانان خذ أحدهما، وعندي بستانان خذ أحدهما، إلى هنا فقط، فصار الأخوان في الله يتعاونان، يتناصران، يتناصحان، يتباذلان، يتزاوران، يتحابان في الله، هناك حكم استثنائي؛ كان الأخوان في عهد النبي يتوارثان، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾

أي ينبغي أن تعطوا هذا الولي حصته من الميراث وكانت السدس، إلا أن هذا الحكم نسخ في آية كريمة:

﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾

[ سورة الأنفال: 75 ]

هذا حكم استثنائي، كيف أن قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾

[ سورة النساء: 43 ]

هذا حكم استثنائي، ثم حرمت الخمر كلياً، لا بين الصلوات، ولا في أثناء الصلاة.

 

أصل كلمة (قوَّام) :

قال تعالى:

﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾

هذا يعني أن المسلمين عند شروطهم، أنت حينما تتفق مع أخ على شرط وفق كتاب الله ينبغي أن تنفذه قال:

﴿ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾

أيها الأخوة، ثم ننتقل إلى الآية التي تليها، وهذه الآية أصل في العلاقات الزوجية الله عز وجل يقول:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

قوامون مفردها قوّام، وقوّام صيغة مبالغة، لا نقول قائم: بل قوّام، مثلاً الذي يغفر مرة واحدة اسمه غافر، أما الذي يغفر الذنوب الكثيرة اسمه غفّار، على وزن فعّال، فهذه صيغة مبالغة، قوّامون فهو قائم دائماً على هذه الأسرة ليلاً ونهاراً، يسعى لتأمين رزقها، ويسعى لصيانة زوجته وأولاده من كل خلل، يصون علمهم، يصون أخلاقهم، يصون تربيتهم، يصون أولاده، كلمة قوّام تعني أنه لا يستريح أبداً، وثمة نقطة دقيقة أشار إليها الخليفة عمر رضي الله عنه حينما قال: لست خيراً من أحدكم، ولكنني أثقلكم حملاً، الحقيقة بالمفهوم الإسلامي الصحيح الأب رب الأسرة، ليس خيراً من أحد أفراد أسرته، لكنه أثقلهم حملاً، ينبغي أن يسعى لكسب رزق حلال، وما أصعب تحصيل الرزق الحلال، وينبغي أن يعود إلى البيت، وأن ينتبه إلى زوجته وإلى أولاده، إلى صحتهم، وإلى علمهم وتحصيلهم، وإلى تربيتهم، وإلى أخلاقهم، وإلى دينهم، وإلى صلاتهم، هذا الأب في الأساس، الأبوة مسؤولية كبيرة جداً.

 

الفهم الخاطئ لكلمة (قوامة) :

حينما يقول الله عز وجل:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

أي هم يتعبون بلا كلل وبلا ملل بشتى الاتجاهات في كسب الرزق، وفي مراقبة الأسرة، وفي صون الأخلاق، وفي ترسيخ القيم، وفي متابعة تحصيل الأولاد، وفي العناية بالزوجة، كلمة قوّام تعني شديد القيام، لا يرتاح إلا إذا رأى أولاده في أعلى مقام، لا يرتاح إلا إذا رأى زوجته قد عرفت ربها، واستقامت إليه، هذا معنى القوامة

لكن مع الأسف الشديد هناك من يفهم القوامة أنه أعلى منها، يستطيع أن يذلها، يستطيع أن يطلقها، يستطيع أن يستخدمها، يستطيع أن يستهين بها، ليست هذه القوامة إطلاقاً، ولأن المسلمين فهموا القوامة استعلاء، وفهموها تعسفاً، وقهراً، وإذلالاً، واحتقاراً، لذلك خرجت المرأة عن الطوق، وكالت للزوج الصاع صاعين، القوامة رحمة، القوامة علم، القوامة بذل جهد كبير، القوامة سهر على مصالح الأسرة، القوامة قلق على مصير الأبناء، القوامة بذل الجهد، والوقت، والمال، والعلم للأولاد، إذا فهم الأزواج القوامة هكذا كانوا في أعلى مرتبة في أسرتهم، أما إذا فهم الأزواج أن القوامة استمتاع بالزوجة، واستعلاء عليها، وأن يجلس، ويرتاح، وهي تعمل، ولا سيما في بعض المناطق، وهو لا يعمل شيئاً، هي تذهب، وهي تعمل، وهي تجهد، وهي تحصد، وهي تحلب الحليب، وهو مرتاح في البيت، ليست هذه هي القوامة:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

قد يفهم أحدنا أن القوامة قوامة الزوج على زوجته، لا، قوامة الزوج على زوجته، وقوامة الأب على أولاده، وقوامة الأخ الأكبر على أخواته، وقوامة أي مؤمن على من أناطهم الله بهم، لك إخوة صغار، أنت قيوم عليهم، لك أخوات عوانس أنت قيوم عليهن، ينبغي أن ترعاهن، أن تكرمهن، كي يتقربوا إلى الله عز وجل، هذه القوامة لا تعني قوامة الرجل على زوجته فحسب، بل تعني قوامته على من أناطهم الله به، على أخوته الصغار، وعلى أخواته البنات، على أخواته الكبار، على من أناطه الله به.

 

وجود صاحب قرار في كل مؤسسة مهما كانت صغيرة أمر ضروري :


قال:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

كرامة كل من في المركبة في مستوى واحد، لكن لا بد لها من قائد، الكرامة واحدة، انظر إلى أسرة نموذجية، الأب في عمله، والأم تطبخ الطعام، والابن يأتي بالأغراض من السوق، والبنت تنظف البيت، وفي الساعة الثانية ظهراً الأربعة على مائدة واحدة، وفي مكانة واحدة، وفي كرامة واحدة، وفي محبة متبادلة، وفي إخلاص فيما بينهم، توزيع الأدوار لا يعني انتقاص الإنسان من كرامته، البيت المسلم؛ الزوجة، والابن، والبنت، والأخت، إن كانت في البيت فهي كرامة واحدة، لكن كل واحد له دور، فإذا أناط الله القيادة بإنسان في هذه الأسرة فينبغي أن يطاع، فلا بد في كل مؤسسة، في كل مركبة، في كل عمل، من صاحب قرار، والله سبحانه وتعالى جعل الزوج صاحب قرار، قد نكون في ثكنة عسكرية فيها رتب كثيرة، وفيها رتبتان متساويتان تماماً، فلا بد من أحد الرتبتين أن يكون قائداً لهذه السرية، أبداً، نبحث عن القدم عندئذٍ، قد يكون رتبتان متشابهتان، لكن لا بد من أن يكون أحدهما أقدم من الآخر، أو علاماته أعلى، يتسلم هذا الأول رتبة القيادة، في الإسلام نظام، هذه الأسرة فيها محبة، فيها مودة، فيها تبادل، فيها تناصح، فيها حب، لكن فيها واحد صاحب قرار، إذا قال لا يعني لا.
أيها الأخوة، مما يشكو منه المسلمون أن معظم الأسر ليس فيها صاحب قرار، العلاقات ليست واضحة، كلام الزوج لا ينفذ، أحياناً كلام الزوجة هو النافذ:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

القيادة لهم، لكن بينهم وبين النساء كم درجة؟ درجة واحدة.

﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾

[ سورة البقرة: 228 ]

القوامة درجة واحدة هي درجة القيادة :

ثمة أزواج والعياذ بالله يرون أن الزوج هو كل شيء، وأن الزوجة لا شيء، ليست هذه القوامة، القوامة درجة واحدة، هي درجة القيادة، وقد وجهتُ أزواجاً إلى أن يتشاوروا مع زوجاتهم، قال تعالى:

﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾

[ سورة الطلاق: 6 ]

أي تأمرها وتأمرك، تستشيرها وتستشيرك، تأخذ وجهة نظرها وتأخذ وجهة نظرك، لكن لك الكلمة الأخيرة، لك القرار، ألم يقل الله عز وجل:

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

ما قال: فإذا عزمتم.

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾

أي أنت هيِّئ مجلساً استشارياً، واسأل أصحابك في كل شيء، أما القرار فهو لك، والزوج كذلك قد يسأل زوجته، وقد يستشيرها، وقد يستشير ابنه، وقد يستشير ابنته، لكن في النهاية هو صاحب القرار، إذا قال: لا أو نعم، فهو كذلك .

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

فضَّل الله الرجل بكسب الرزق وإنفاق المال والقوامة وفضَّل المرأة عليه أنها سكن له :

هذه الباء باء السبب..

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾

أعود وأكرر: إن كلمة (بعضهم على بعض) تعني معاني دقيقة جداً، هو مفضل عليها أنه صاحب قرار، مفضل عليها أنه هو الذي يكسب الرزق، مفضل عليها أنه هو الذي يخرج من البيت، الأصل أنه يخرج من البيت، هي مفضلة عليه أنها سكنٌ له، يجب أن يعود إلى البيت ليرى بيتاً مرتباً، ليرى زوجة تنتظره، ليراها مزينة له، ليرى طعامه جاهزاً، ليرى أولاده في حالة جيدة، ليرى مرافق البيت نظيفة، هي سكن له، الإنسان يتعب كثيراً، أما إذا رأى في بيته راحة، رأى طمأنينة، رأى زوجة مخلصة، تعتني بنفسها، وبأولادها، وببيتها، هي عبادتها الأولى أن تحسن القيام بزوجها وأولادها:

((اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله))

[ ورد في الأثر ]

إذاً فضَّل الله الرجل بكسب الرزق، وفضله بإنفاق المال، وفضله بالقوامة، وفضلها عليه أنها سكن له، ومعنى السكن أن الرجل يكمل لزوجته ما نقص فيه، تنقصه عاطفة جياشة، ينقصه قلب كبير، ينقصه عطف شديد، ينقصه حب، يجد الزوج المؤمن بزوجته المؤمنة ما ينقصه، إذاً هي سكنٌ له، هي مكلفة إذاً، فهذه التي تهمل بيتها وأولادها، وتهمل زوجها، هي أخذت ولم تعطِ، المرأة ينبغي أن تأخذ وأن تعطي، أخذت ولم تعطِ.

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

الفرق الكبير عند الموازنة بين حجم دين المرأة و حجم دين الرجل :

كسب المال شيء صعب جداً، بل إن كسب المال الحلال صعب جداً جِداً، الحياة معركة أيها الأخوة من أجل أن تكسب رزقاً حلالاً، فتأتي بطعام وشراب وثياب ووقود وعلاج للأولاد المرضى، وبحاجات أساسية للبيت، أنت تبذل جهداً كبيراً، وتدخل في منافسة مع بقية الناس، وبمفاجآت، وبصعوبات، لو وازنا بين حجم دين المرأة مع حجم دين الرجل لوجدنا فرقاً كبيراً جداً جِداً بينهما، المرأة:

(( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ))

[أحمد عن عبد الرحمن بن عوف ]

أربعة بنود، أعتقد أن الزوج أمامه مئة ألف بند، ينبغي أن يغض بصره، وأن يحرر دخله، وأن يصدق في البيع والشراء، وألا يغش، وألا يدلس، وألا يكذب، وألا يوهم، وأن يبتعد عن كل علاقة ربوية، أمامه عشرات، بل مئات، بل ألوف الأحكام الشرعية، ينبغي أن يطبقها، ثم عليه أن يعتني بأولاده وزوجته، وتأمين حاجاتهم، وسلامتهم، وتربيتهم، وإيمانهم، ودينهم:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

لذلك لماذا هم يعترضون؟

﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

[ سورة النساء: 11 ]

لأنه يكسب المال، وينفق المال، ويعطي المهر، هي تقبع في البيت تربي الأولاد، وتأخذ المهر، وليست مكلفة أن تعطي زوجها شيئاً ولو كانت غنية، هو يعطي، وهي تأخذ، شيء طبيعي جداً أن يكون:

﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

[ سورة النساء: 11 ]

القرآن الكريم رسم أدواراً للذكر والأنثى حينما نحترمها نقطف ثماراً يانعة :

لكن المشكلة أن الإسلام منهج كامل، فإذا أردنا أن نأخذ من الإسلام بعض بنوده، ومن الحياة المعاصرة التي لا ينتظم الإسلام دقائقها بعض البنود نقع في إشكال، فالتي تعمل، وتأتي إلى البيت الساعة الثانية منهكة القوى، أعصابها متوترة، تعاني ما يعاني الرجل من مشكلات في العمل، ومن منافسة، ومن قضايا تحتاج إلى معالجة، ومن تجبر بعض الأشخاص، وغير ذلك... فتأتي إلى البيت منهكة متعبة، وعليها أن تطبخ أيضاً، وعليها أن تربي، فأعصابها متوترة دائماً، لم تعد سكناً له، الآن الدخل من يأخذه، هو أم هي؟ تقول له: هذا لي، وهو لها، لكن لم يأخذ منها كل اهتمامها، أربعة أخماس اهتمامها لعملها، فهناك تداخل، الحياة المعاصرة فيها تداخل، لو أن النساء كن متفرغات لأزواجهن، متفرغات لتربية الأولاد، حينما تدفع المرأة بابن إلى المجتمع صحيحة عقيدته، صحيح جسمه، سليمة أخلاقه، إنها تقدم أكبر خدمة للمجتمع، بل إن أرقى مرتبة تكتب على بطاقة المرأة في بعض البلاد، أرقى رتبة تكتب على بطاقة المرأة سيدة منزل، إنها متفرغة لتربية أولادها، هذا الطفل سيغدو عالماً، سيغدو قائداً، سيغدو باحثاً، سيغدو مصلحاً، من يربيه في البيت، أيعقل أن يُترَك للطريق؟ لأصدقاء السوء؟ لخادمة لا تفقه في التربية شيئاً؟ لذلك أيها الأخوة حينما تتفرغ المرأة لتربية أولادها تكون قد حققت الهدف الذي من أجله خلقت، للتقريب فقط.
لو قال الطيار: أنا ضقت ذرعاً بهذه الغرفة الصغيرة، ضاقت نفسي، ينبغي أن أكون كالركاب متمتعاً بالحركة، والذهاب، والإياب، والجلوس على مقعد خلف الطائرة، أنت في رقبتك أربعمئة راكب، هنا مكانك الصحيح، أنت حينما تقبع في هذه الغرفة، في قيادة الطائرة، أنت تؤمن السلامة للأربعمئة راكب، ليست هذه الغرفة حداً لحريتك، ولكنها ضمان لسلامة الركاب.
يفهم كثير من الناس أن جلوس المرأة في البيت يعني أنها جاهلة، لا، قد تكون الزوجة في أعلى مستوى ثقافي، وقد تكون في أعلى درجات الإيمان، لكنها متفرغة لزوجها وأولادها، لذلك الابن يتعلم من أمه كل شيء، قالت: يا رسول الله: إن تركتهم إليه ضاعوا، هو لا يربيهم، وإن ضممتهم إلي جاعوا، هو ينفق عليهم، لذلك هناك أدوار رسمها القرآن الكريم، حينما نحترمها نقطف ثماراً يانعة، أما حينما لا نحترمها، ونريد أن تنافس المرأة الرجل في كل شيء تفقد شيئين؛ تفقد السباق، وتفقد أنوثتها:

﴿ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

المرأة تكون في أعلى درجات القرب من الله حينما تحسن رعاية زوجها وأولادها :

قال تعالى:

﴿ فَالصَّالِحَاتُ﴾

أي الزوجات الصالحات.

﴿ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾

قانتة أي متفرغة لله عز وجل، طاعة ربها، وتربية أولادها، والعناية بزوجها، هذا هو قمة نجاحها في حياتها، زواج المرأة كل فصول حياتها، بينما زواج الرجل أحد فصول حياته، فالمرأة التي تعرف ربها، والتي تعرف حق زوجها، وتعرف حق أولادها، وينبغي للرجل أن يعرف حق زوجته، وحق أولاده، فالمرأة التي تعرف المهمة الخطيرة التي أنيطت بها، وأنها في أعلى درجات القرب من الله حينما تحسن رعاية زوجها وأولادها، والحديث أعيده عليكم:

((اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله))

[ ورد في الأثر ]

هذه المرأة عبدت الله فيما أقامها، ماذا أقامها؟ أقامها امرأة، أقام هذا الإنسان عالماً أول عبادة له تعليم العلم، أقام هذا الإنسان غنياً أول عبادة له إنفاق المال، أقام هذا الإنسان قوياً أول عبادة له إنصاف المظلوم، وأقامكِ امرأة أول عبادة لكِ حسن رعاية الزوج والأولاد.

 

فضل المرأة التي تحسن تربية أولادها ورعايتهم :

هل تصدقون أيها الأخوة أنه ورد في بعض الكتب، كتب الحديث، وهو الأدب المفرد للبخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( أول من يمسك بحِلَق الجنَّة أنا))

[ مجمع الزوائد عن أبي هريرة ]

أي أول إنسان يدخل الجنة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((فإذا امرأة تنازعني ـ عجيب ـ تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة مات زوجها، وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهن))

كم هي تربية الأولاد عند الله عظيمة! شهد الله أيها الأخوة أنا حينما أستمع إلى قصة أخت كريمة متفرغة لأولادها، تعتني بأخلاقهم، تعتني بتربيتهم، تعتني بتحصيلهم العلمي، تعتني بصحتهم، تعتني بطعامهم، بثيابهم، بنظافتهم، والله هناك أخوات يأتون بأولادهم إلى المعهد، وينتظرون ثلاث ساعات في الطريق ليضمنوا أن الابن أمسكته يد أمه، وسلمته إلى المعهد، وهي تنتظره ساعات ثلاثاً، تعيده إلى البيت، هذه امرأة، والله أيها الأخوة، المرأة التي تعرف حق زوجها وأولادها، والله قلامة ظفرها تساوي مليون رجل شارد عن الله عز وجل، قلامة ظفرها، وهناك ملمح ذكرته في الخطبة اليوم، حينما قال الله عز وجل:

﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيْبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾

[ سورة النساء: 32 ]

حينما تعبد المرأة الله فيما أقامها يمكن أن تصل إلى أعلى مرتبة في الجنة، والرجل حينما يعبد الله فيما أقامه يمكن أن يصل إلى أعلى مرتبة في الجنة، فيا أيتها المرأة لا تتمني أن تكوني كالرجل، ويا أيها الرجل لا تتمنَّ أن تكون كالمرأة، لأن الله هيأ لك أعمالاً صالحة تصل بها إلى أعلى درجة في الجنة، ويا أيتها المرأة، لك أعمال صالحة هيأها الله تصلين بها إلى أعلى مرتبة في الجنة، إذاً العبرة أن تصل إلى الجنة، ذكراً كان أو أنثى.

 

المرأة الصالحة هي حسنة الدنيا :

قال تعالى:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

أي ملتفتات إلى الله، منقطعات لله عز وجل، كانت الصحابية الجليلة تقف على باب البيت قبل أن تودع زوجها، تقول له: اتقِ الله فينا، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام، كم من زوجة الآن تضغط على زوجها إلى أن تحمله على كسب المال الحرام، إلى أن تحمله على أن يرتشي من أجل أن يلبي غرورها، تبدل فراش البيت، تقول له: اتقِ الله فينا، نحن بك، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام، ولا تقوم إلى صلاة الليل حتى تستأذن زوجها، تقول له: ألك بي حاجة، وكم من امرأة تهمل زوجها، وتجلس عند بناتها أسابيع وأسابيع، ولا تعبأ بزوجها، ولا بطعامه، ولا بشرابه، ولا براحته، هناك تقصير كبير، هذا الفساد الذي ترونه من تطلُّعِ الأزواج إلى غير زوجاتهم هو بسبب تقصير الزوجات، وهذا الفساد الذي ترونه من تفلت الزوجات بسبب تقصير الأزواج، لو أن الزوج عرف مهمته، وعرفت مهمتها، وتعاونا على تأسيس عش مسلم ينتج عناصر مؤمنة للمجتمع لكنا في حال غير هذا الحال:

﴿ فَالصَّالِحَاتُ﴾

فهذه المرأة الصالحة هي حسنة الدنيا، قال تعالى:

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ﴾

[ سورة البقرة: 201 ]

خير النساء :

قيل: ما حسنة الدنيا؟ قيل: هي المرأة الصالحة، التي إذا نظرت إليها سرتك، بعضهم يظن أن الجمال وحده هو سبب سعادة الزوج، الحقيقة المرأة لها عدة مقومات، أحدها الجمال، أما حينما يسعى الإنسان إلى مقوم واحد إلى الجمال البدني فقط، وينسى الإخلاص، وينسى التقوى، وينسى خوف الله، وينسى الصدق، وينسى الأمانة، وينسى الحكمة، وينسى المنبت الراقي، يقع في وهم كبير، لأن هذا المقوم البدني عمره قصير، وسريعاً ما يزول هذا الجمال، ثم سريعاً ما يزول تأثيره بالزوج، هو يزول سريعاً، وقد يسبق زواله نقص تأثيره في الزوج، فكل إنسان يسعى فقط إلى هذا المقوم دون غيره، فبعد حين يألف هذا الشكل، ثم يفاجأ بعدم الصدق، وعدم أمانة، وعدم التربية، وعدم الإخلاص، فضَاحة، تتحدث عن زوجها بما تريد في غيبته، لا تشكره، إن أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً قالت: لم أر منك خيراً قط، فما الذي حمله على الزواج منها؟ مقوم واحد، إنه شكلها، ثم اكتشف أن شكلها بدأ بالتناقص، أو بدأ تأثيره بالزوال، وبقيت أخلاقها السيئة، ورفع صوتها عليه، ولؤمها، وإهمالها لأولادها، وطلبها للمظاهر الفارغة.
ورد في بعض الآثار: من تزوج المرأة لجمالها أذله الله، ومن تزوجها لمالها أفقره الله، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءة، فعليك بذات الدين تربت يداك، أنا أقول لكم أيها الأخوة، وأنصح الشباب المسلمين على الزواج، ألصق شيءٍ في حياتك زوجتك وعملك، فإذا وفقت فيهما فقد وفقت في خير الدنيا والآخرة، إنها حسنة الدنيا، التي إن نظرت إليها سرتك، في رواية التي إن نظرت سرتك، ليس لها، دخلت إلى المطبخ فإذا هو نظيف، نظرت إلى أولادك يرتدون ثياباً نظيفة، نظرت إلى غرفة النوم مرتبة، نظرت إلى الجدران نظيفة، نظرت إما إليها أو نظرت سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، صدقوني أيها الأخوة، ما من سؤال يأتيني من حيث الكثافة كسؤال أنه حلف عليها ألا تفعل ذلك، فلا بد أن تكسر يمينه، ليس لها شهوة إلا أن تكسر يمينه، ولسبب تافه؛ لا تذهبي إلى بيت أختك، تضحي بزوجها، وتضحي بارتباطها بزوجها، يقع الطلاق، لا بد أن تكسر كلامه، وأن تذهب إلى بيت أختها:

((خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك))

[أبو داود عن أبي هريرة]

مالك محفوظ، يكون في البيت حاجات غالية جداً، وأنت دخلك محدود، يأتي أهلها فتعطيهم من دون إذنك، تأخذ بلا أذن، تحفظ مالك في غيبتك، وتحفظ نفسها في غيبتك.

 

المرأة المؤمنة تحفظ نفسها وفق منهج الله :

إذا كان عند إنسان زوجة وذهب إلى عمله ذهب مطمئناً إليها، فهذه من نعم الله الكبرى، من نعم الله الكبرى أنها لا تكذب، من نعم الله الكبرى أنها أمينة، من نعم الله الكبرى أنها ترعى مال زوجها قال:

﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾

يعني يحفظن أنفسهن في غيبة أزواجهن، والله مرة كنت آتياً بالطائرة من بلد بعيد، ووراء مقعدي امرأة كلها تفلت في الحديث، وفي الثياب، منقطع النظير، المسافة طويلة، ساعات طويلة عشر ساعات، ويجلس بجانبها إنسان لا تعرفه ولا يعرفها، حديث، ومزح، وضحك، ومباسطة لا تكون إلا بين زوجين، وهو أجنبي، وصلنا إلى المطار ارتدت معطفاً، ووضعت على رأسها خماراً، واستقبلها أهلها وهم محجبون، إذاً العبرة أن تحفظك في غيبتك، حالات كثيرة إذا غاب الزوج لم يعد في البيت قيد يفتح الباب على مصراعيه، بثياب مبتذلة، أين الورع؟ من هي المرأة المؤمنة قال:

﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾

هنا المعنى الدقيق:

﴿ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ ﴾

لا باجتهادها مثل: هذا أخي، لا ليس مثل أخيك:

﴿ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾

الاجتهادات السخيفة من الناس: هذا مثل أخي، تربينا معاً، لا فرق بيني وبينه، يجب أن تحفظ نفسك وفق منهج الله، هذا أجنبي لا يجوز أن يدخل عليك في غيبة زوجك.

 

على المرأة أن تحفظ زوجها وفق منهج الله وليس باجتهادها الشخصي :

قال:

﴿ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾

أي وفق منهج الله هذا أجنبي، هذا محرم، حتى المحرم نرتدي ثياب الخدمة، الثياب المحتشمة، لا الثياب الشفافة، ويقوم في البيت بثياب فاضحة، يجب أن تحفظ المرأة زوجها وفق منهج الله وليس باجتهادها الشخصي:

﴿ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾

أيها الأخوة الكرام، هناك نقطة دقيقة أرجو الله أن يوفقني بشرحها، في الحياة قانون هو الإدراك، ثم الانفعال، ثم السلوك، هذا قانون، تمشي أنت في بستان، رأيت أفعى، أنت تعلم أن الأفعى سمها قاتل، وسمعت عن هذا عدة قصص، وفوق ذلك عندك مفاهيم قديمة عن الأفعى، ولك مشاهدات، فحينما رأيت الأفعى أدركت أنك في خطر، بعد الإدراك يأتي الانفعال، تخاف، بعد الانفعال يأتي السلوك، أبداً، لا يمكن أن تسلك إلا إذا انفعلت، ولا يمكن أن تنفعل إلا إذا أدركت.
مرة قال لي طالب: إنه لا يخاف من الله، قلت له: معك حق، استغرب الطلاب، قلت له: أحياناً الأخ الكريم المزارع يذهب إلى المزرعة، يأخذ معه طفلاً صغيراً يضعه بين القمح، يأتي ثعبان طوله عشرة أمتار، فلا يخاف منه، ليس فيه إدراك، فليس فيه خوف طبعاً، فالذي لا يخاف الله لا يعرف الله إطلاقاً، فأنت لا تتحرك إلا إذا انفعلت، ولا تنفعل إلا إذا أدركت، الآن منهج الله عز وجل أين يحاسبنا؟ على البند الثالث فقط، أنت تمشي في الطريق، شاهدت بيتاً جميلاً جداً، أدركت أن البيت جميل، موقع ممتاز، بناء فخم، له إطلالة جميلة، تمنيت أن يكون لك هذا البيت، هل تحاسب على أنك استوعبت جمال هذا البيت؟ لا طبعاً، تحاسب؟ لا تحاسب، هل تحاسب على أن يكون لك هذا البيت؟ لا تحاسب، أما إذا دخلت إلى البيت من دون إذن أهله تحاسب، أصبحت سارقاً، متى تحاسب؟ على السلوك، إلا مع المرأة، هنا الشاهد، مع المرأة.

 

في علاقة الرجل بالمرأة الإنسان محاسب عن أول خطوة :

أنت قد تنظر إلى وردة جميلة جداً، استوعبت أنها جميلة، لكن لم تقطفها، لم تدخل إلى صاحب الحديقة، وتقطفها من دون إذنه، أنت لا تحاسب إلا على العمل، إلا مع النساء فتحاسب على أول بند، على النظر، السبب لأنه في أجهزة بالجسم حينما تنظر تتحرك هرمونات معينة، ويحدث ما يسمى بالإثارة، فأنت إذا نظرت، فالنظر قادك قسراً إلى الانفعال، والانفعال قادك قسراً إلى السلوك، في علاقتك بالمرأة أنت محاسب عن أول خطوة، نحن بكل حياتنا أول خطوة معفى عنها، ثاني خطوة معفى، الثالثة محاسب، أحدهم رأى شيئاً جميلاً، لم يتكلم كلمة، استوعبه، وانفعلت نفسه به، لكن ما تحرك، لا يحاسب، أما إذا نظر إلى المرأة، وانطبعت صورتها في مخيلته، ففي أجهزة معينة تتحرك هرمونات كلها مع الحركة، فصار الرجل في شهوة، ومع الشهوة صارت حركة سلوك، لذلك بمنهج الله عز وجل لا يمكن أن تكتفي بالسلوك الثالث، لا بد أن تغض بصرك عن محارم الله، من هنا قال الله تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30 ]

﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾

أيضاً هذه القسم الثاني من الآية يحتاج إلى تأنٍّ في الشرح، لأن معالجة مشكلات الأسر تتم وفق هذا المقطع من الآية. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور