وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 4 - سورة المؤمنون - تفسير الآيتان 23 – 33 ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

 

إرسال الرسل من رحمة الله بعباده :


 أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس الرابع من سورة المؤمنون .

وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ .. ربنا سبحانه وتعالى رحمةً بعباده ، وإكراماً لهم أرسل إليهم الأنبياء والرسل ، كما لو أنَّ أباً أعطى ابنه حرية الاختيار ، ومع ذلك نصحه ، وبيَّن له ، ووجَّهه ، فالله سبحانه وتعالى إذا أعطانا حرية الاختيار ، لقول الله عزَّ وجل :  

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) ﴾

[ سورة الكهف  ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) ﴾

[  سورة الإنسان  ]

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)﴾

[  سورة البقرة  ]

مع أن الله سبحانه وتعالى أودع فينا حرية الاختيار ، لكنه منَّ علينا بأن بعث فينا نبياً رسولاً يعلمنا الكتاب ، والحكمة ، ويزكينا ، ويعلمُنا ما لم نكن نعلم ، فالأنبياء وما جاؤوا به من كتبٍ سماوية إنما هم رحمةٌ مهداة للبشرية . 


تسخير الكون للإنسان تسخير تعريفٍ من أجل أن يؤمن وتسخير تكريمٍ من أجل أن يشكُر :


لذلك : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ﴾ ، فربنا عزَّ وجل عرض علينا الأمانة ، وحملها الإنسان ، بينما السماوات والأرض أشفقن من حملها ، فلما حملها الإنسانُ سخر له ما في السماوات والأرض تسخير تعريفٍ ، وتسخير إكرام ، فالسماوات والأرض من جهةٍ تتعرَّف بها إلى الله سبحانه وتعالى لأنها تجَسِّد أسماءه الحُسنى ، وصفاته الفُضلى ، ومن جهةٍ هي إكرامٌ كبيرٌ لهذا الإنسان ، فالإنسان حينما حمل الأمانة سخر الله له ما في السماوات والأرض تسخير تعريفٍ ، وتسخير تكريم ، لذلك رد الفعل يجب أن يكون هو الإيمان والشكر ، تسخير التعريف يجب أن تؤمن به ، وتسخير التكريم يجب أن تشكره ، فلذلك يقول سبحانه وتعالى :  

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)﴾

[ سورة النساء ]

لماذا إن شكرتم وآمنتم ؟ لأن الله سبحانه وتعالى سخَّر لنا ما في السماوات وما في الأرض تسخير تعريفٍ من أجل أن نؤمن ، وتسخير تكريمٍ من أجل أن نشكُر .

 

العقل قوةٌ إدراكيةٌ كبيرة نعرف الله من خلاله :


بعد أن سخَّر لنا ما في السماوات والأرض منحنا العقل ، العقل قوةٌ إدراكيةٌ كبيرة .

﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)﴾

[  سورة الرحمن  ]

ما قيمة السماوات والأرض دون هذا العقل ؟ لا نعرف الله إلا من خلاله ، وما قيمة هذا العقل دون السماوات والأرض ؟ إذاً وتفضَّل علينا أيضاً بأن منحنا تلك الجوهرة الثمينة التي هي العقل ، ولولاها لما ارتقينا إلى الله ، سخَّر لنا ما في السماوات والأرض ، ومنحنا قوةً إدراكيةً هي نعمة العقل .

 

الشهوات نرقى بها إلى الله صابرين وشاكرين :


أودع فينا الشهوات من أجل أن نرقى بها إلى ربِّ الأرض والسماوات . 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)﴾

[  سورة آل عمران  ]

هذه الشهوات نرقى بها إلى الله على حدَّيها ، على حدِّ الشكر وعلى حدِّ الصبر ، فمن غضَّ بصره عن محارم الله ، وقد أودع الله فيه حب النساء ارتقى صابراً ، ومن سلك الطريق التي رسمها الله عزَّ وجل الشرعية ارتقى إلى الله شاكراً ، من كَسِبَ المال الحلال فتنعَّم به في الدنيا ارتقى ، هذا الإنسان بسبب حبه للمال ارتقى إلى الله شاكراً ، ومن ترك المال الحرام ، وهو في أمسِّ الحاجة إليه ارتقى إلى الله صابراً .

 

مقومات التكليف :


إذاً منحنا الكون ، ومنحنا العقل ، ومنحنا الشهوات ، كلُّ هذا من أجل أن نرقى به ، وتفضَّل علينا بأن أرسل إلينا الأنبياء والمرسلين ، وأنزل معهم الكتاب بالحق ، إذاً الكون ، والعقل ، والشهوة ، وحرية الاختيار ، لولا أن الإنسان مخيَّر لما ارتقى إلى الله عزَّ وجل ، لو أنَّه مُكْرَه لا يرتقي إلى الله ، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، إنما خيرهم .

إذاً مقومات التكليف ، المقومات تسخير الكون ، ومنحة العقل ، وإيداع الشهوة ، والتخيير ، والرُسل والأنبياء ، والشرع ، هذه الكتب التي أنزلها على أنبيائه ورسله .

 

الغاية من خلق الإنسان معرفة الله والاصطباغ بكمالاته الإلهية :


لذلك ربنا عزَّ وجل في هذه الآية يَذْكُر لنا بعضاً من مِنَنه على عباده : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ والله هو المرسِل ، ومن لوازم الحكيم أن أفعاله كلَّها حكيمة ، وهذا الذي أرسله صفوة الخلق ، لأن الله عزَّ وجل قال : 

﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)﴾

[ سورة آل عمران  ]

وصفوة الصفوة سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء الأنبياء مُصْطَفَوْن ، أخيار ، عبادٌ مكرمون ، مُثل عُليا ، نماذج بشرية كاملة ، كأن هؤلاء الأنبياء قد حققوا الهدف الذي من أجله خُلِق الإنسان ، خُلِقَ الإنسان ليعرف الواحد الديَّان ، خُلق الإنسان ليتَّصف بالأخلاق الحِسَان ، فإذا اكتفى بالطعام والشراب فهو ما ارتقى عن مستوى الحيوان ، إذا كانت حياة الإنسان طعاماً وشراباً ، وعملاً ورفاهيةً ، ومُتعاً رخيصةً ، هذه الحياة على غناها ، وعلى تنوعها ، وعلى ما تحتاج إليه من أموالٍ طائلة لا ترتقي فوق مستوى الحيوان أبداً ، لن يكون الإنسان إنساناً إلا إذا كان قد عرف الله عزَّ وجل ، واصطبغ بالكمالات الإلهية حتى ينعَم بقرب الله عزَّ وجل .

 

نوح عليه السلام أولُ رسلِ اللهِ :


﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ﴾ .. سيدنا نوح أوَّل الرسل الذين هم من أولي العزم ، الأنبياء كثيرون ، والرسل أقل منهم ، وأولي العزم بعض الرسل ، وهذا أول رسولٍ من رسل الله عزَّ وجل الذين وصفوا بأنهم من أولي العزم ، ﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ﴾ والرسول معه رسالة ، وهذه الرسالة موجَّهة إلى أمته ، وإلى قومه ، وإلى كل من عاصره . 

 

من لوازم العبادة ألا نعبد إلا الله :


﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ .. علماء التوحيد قالوا :  لا تسمَّى عبادة الله عبادةً إلا إذا كانت عبادةً قاصرةً على الله عزَّ وجل ، من عبد الله ، وعبد غيره لا يسمى عابداً لله ، يسمى مشركًا ، أي من لوازم العبادة ألا تعبد إلا الله ، والدليل في سورة الفاتحة قوله تعالى :  

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾

[ سورة الفاتحة  ]

لم يقل الله عزَّ وجل :  نعبد إياك ، قال :  ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ، ومعنى :  ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ حينما يتقدم المفعول به على الفعل فهذا من أجل القصر ، والقصر يعني أن تَقْصُرَ شيئاً على شيء ، ﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ ، والعبادة في أدقِّ مفاهيمها التوجُّه إلى الله بعد طاعته ، تطيعه وتتوجَّه إليه ، ولن تطيعه إلا إذا عرفته ، ولن تعرفه إلا إذا فكَّرت في ملكوت السماوات والأرض ، إذا فكَّرت في آياته الدالة على عظمته تعرفه ، فإذا عرفته تطيعه ، فإذا أطعته توجَّهت إليه ، فإذا توجَّهت إليه سعدت بقربه في الدنيا والآخرة :  

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾

[ سورة الذاريات  ]

عِلَّة الخلق أن تعبد الحق :  

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) ﴾

[  سورة الحجر ]

فلذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى : ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ لو كان هناك إله آخر كان هذا شيئاً آخر ، لكن لا إله إلا الله ، لا مسيَّرَ بحق إلا الله ، لا معبودَ بحق إلا الله ، هذا الذي خلق السماوات والأرض ، هذا الذي يُربِّي مخلوقاته رب العالمين ، هذا الذي يسيِّر كل شيء هو الإله ، فلابدَّ من أن تؤمن بالإله خالقاً ، ولا بدَّ من ن تؤمن به مربياً ، ولا بدَّ من أن تؤمن به مسيراً ، إذا آمنت به خالقاً ، وآمنت به مربياً ، وآمنت به مسيراً ، لابدَّ من أن تعبده ، أمرك كله معه ، أنت كموظف في دائرة إذا أيقنت أن الحل ، والربط ، والمنع ، والسماح ، والموافقة ، والرفض ، وكلها مجمَّعة بيد واحد ، عندئذٍ لا تتجه إلى غيره ، لا تُرضي غيره ، لا تكسب ودّ غيره ، تجعل علاقتك كلها مع هذا الإنسان ، في المنطق الاجتماعي اليومي ، فإذا أيقنت أنه لا إله إلا الله ، إذا أيقنت أنه إليه يُرجع الأمر كله ، إذا أيقنت أن الله خالق كل شيء ، وهو على كل شيءٍ وكيل ، إذا أيقنت أنه بيده ملكوت السماوات والأرض ، إذا أيقنت أنه :  

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)﴾

[ سورة فاطر ]

إذا أيقنت أنه لا حركة ، ولا سكنة ، ولا رفع ، ولا خفض ، ولا عزَّ ، ولا ذُلَّ إلا بيد الله عزَّ وجل ، لذلك المؤمن يُجمّع كل طاقاته ، ويتوجه بها إلى الله وحده ، علاقته مع الله عزَّ وجل ، أمر جسدك ، وأمر أسرتك ، وأمر عملك ، وأمر تجارتك ، وأمر دراستك ، وأمر معملك ، وأمر جيرانك ، كلها بيد الله عزَّ وجل ، فَعَلامَ التشتُّت ؟ علامَ التبعثر ؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول :  

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) ﴾

[ سورة الشعراء ]

عندئذ تعذِّب نفسك ، أن ترى أن أمرك بغير يد الله ، وأن هذا الإنسان لا يحبك ، يكيد لك ، يتمنَّى زوالك ، وأمرك بيده ، هذا شيءٌ لا يحتمل ، سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه يقول :  << والله واللهِ ، مرتين ، لحفر بئرين بإبرتين ، وكنس أرض الحجاز في يومٍ عاصفٍ بريشتين ، ونقل بحرين زاخرين إلى أرض الصعيد بمنخلين ، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين ، أهون عليَّ من طلب حاجةٍ من لئيمٍ لوفاء دين >> .

 هذا الإمام الكريم سُئل :  ما هو الذل ؟ فقال :  << أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يردّه >> .

 لما يتوهَّم الإنسان أن أمره بيد فلان ، ورزقه بيد فلان ، ورفعته بيد فلان ، وأن فلاناً بإمكانه أن يوقع به الأذى ، وأن فلاناً بإمكانه أن ينفعه ، وأن فلاناً بإمكانه أن ينقله ، وأن فلاناً بإمكانه أن يرقيه ، وأن فلاناً بإمكانه أن يأخذ ما عنده ، وأن فلاناً بإمكانه أن يعطيه ما ليس عنده  ، هذا هو الشرك  ، أن اعبدوا الله ، يجب أن تعرفوه أولاً ، فإذا عرفتموه أطعتموه ، وإذا أطعتموه توجَّهتم إليه ، وإذا توجهتم إليه سعدتم بقربه في الدنيا والآخرة .. ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾  علَّة الخلق أن تعبده ، فإذا عبدته فقد فعلت كل شيء ، وإن لم تَعْبُده لم تفعل شيئاً ، وخسرت الدنيا والآخرة ، وخسرت نفسك .

 

التوحيد فحوى دعوة الأنبياء جميعاً :


لذلك ربنا عزَّ وجل في آيات أخرى يُلَخِّص دعوة الأنبياء جميعاً ، في آيات أخرى يلخِّص الله سبحانه وتعالى رسالات الأنبياء جميعاً إذ يقول :  

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ﴾

[  سورة الأنبياء  ]

في سوَرٍ أخرى يجعل الله سبحانه وتعالى هذه الآية ترِد على لسان جميع الأنبياء والمرسلين :  ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ أن تعرف أنه لا إله إلا الله هذه هي العقيدة ، وأن تعبده هذا هو العمل ، ولابدَّ من عقيدةٍ وعمل ، لا بدَّ من أن تعرفه ، ولا بدَّ من أن تطيعه.

 

حاجة العبد إلى الله في كل حياته :


﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ إذا كان الله هو الذي لا إله إلا هو ، ولا إله سواه ، فكيف تطيع غيره وتعصيه ؟ كيف تتقي غضبه ؟ كيف تتقي عذابه ؟ كيف تتقي ناره ؟ قال أحد العلماء :  قرأت أربعمئة ألف حديث ، بعض كتب الحديث فيها ستمئة ألف ، لكن بعض العلماء الإمام الشبلي رحمه الله تعالى قال : قرأت أربعمئة ألف حديث ، أنت محتاج لله عزَّ وجل في ضربات قلبك ، في الدسَّام ، في الشرايين ، في الأوردة ، في العضلات ، بأن تكون شرايين الدماغ كلها سالكة ، لو أن نقطة دمٍ إذا تجمدت في شريان بهذا المكان شلل ، بهذا المكان عمى ، بهذا المكان صمم ، نحن بحاجةٍ إلى الله عزَّ وجل في كل ثانية ، يد من تدخل إلى الدماغ ؟ فتح الدماغ عملية معقدة جداً ، القلب كذلك ، الرئتان مثلها ، المعدة ، الأمعاء ، الإنسان فيه أجهزة معقدة جداً ، فربنا عزَّ وجل كل هذه الأجهزة بيده ، توقف فجائي في الكليتين ، هبوط مفاجئ في وظيفة الكليتين ما معنى ذلك ، معنى ذلك أن الإنسان يتسمم دمه ، إذا لم يغسل كليتيه كل أسبوع مرتين يتسمم دمه ، ومع الغسيل يبقى في الدم رواسب من السموم تجعل الحياة كالجحيم ، فالإنسان بحاجة إلى الله عزَّ وجل ، وهو معكم أينما كنتم : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ أشخاصٌ كثيرون ناموا أصحِّاء استيقظوا مرضى ، نام سليمًا معافى استيقظ فاقد البصر ﴿أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ كيف تعصونه وتتقون غضبه ؟ كيف تتقون عذابه ؟ كيف تتقون المصائب ؟ 

 

عادة الكفار ردّ دعوةِ الأنبياء لكونهم بشَرًا :


﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ .. دائماً الذين كفروا هؤلاء يصدُّون عن سبيل الله ، ويبغونها عوجاً ، يصدون الناس عن سماع الحق ، ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ هذا إنسان عادي مثلكم ، لكنه يحب الزعامة ، ﴿يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾ لو أن الله سبحانه وتعالى أنزل مكان هذا النبي الكريم ملكاً ، وأمرهم بغض البصر ، ماذا يقولون له ؟ أنت ملك ، نحن عندنا شهوة ، نحن بشر ، أنت ملك ونحن بشر ، لا .. لا بدَّ من أن يكون النبي من بني البشر ليكون هو بذاته حجة على قومه ، الله سبحانه وتعالى أودع في نفس النبي عليه الصلاة والسلام من الشهوات ما أودع في كل إنسان ، لماذا هذا ضبطها وارتقى بها إلى الله ؟ ولماذا فلان انساق معها فألقته في الهاوية ؟ هو الاختيار ، فلذلك لا يمكن أن يكون الرسول ملكاً ، لو أنه ملك لاحتجَّ الناس بأن هذه الدعوة دعوة مثالية غير واقعية ، لأن الذي يدعو بها ملك ليس فيه هذه الشهوات التي أودعت في الإنسان .

 

اتهام الكفار الأنبياء بالجنون :


﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾ هذا شيء افتراء ، شيء مختلق ، هل يعدُّ العدم السابق دليلاً على العدم الطارئ ؟ هذه حجة واهية ، وهذه حجة فيها مفارقة ، وفيها أغلوطة .. ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ ..

﴿ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6)﴾

[  سورة القلم ]

ابن آدم أطع ربك تسمَّ عاقلاً .. كفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، وكفى به جهلاً أن يعصيه  . 

أطع أمرنا نرفع لأجلك حُجبنا           فـإنا منحنا بالرضا من أحـبـنـــا

ولُذ بحـمانا واحتــــــــــم بجنابنا           لـنحميك مما فيه أشـرار خلقـنـا

وعن ذكرنا لا يشغلنَّك شاغلٌ           وأخلص لنا تلقَ المسـرة والـهنا

* * * 

﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أي مجنون بنظر المجانين ، أما بنظر العقلاء فهو أعقل العقلاء .

 

التلازم بين صحة الاعتقاد وصحة السلوك :


عندما أسلم سيدنا خالد رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام : " عجبت لك يا خالد أرى لك فكراً " ، أنت مفَكِّر ، أنت ذكي ، كيف لم يهدك ذكاؤك إلى الإيمان ؟ لماذا أنت متأخر في الإيمان ؟ هناك لوازم ، من علامات العقل الراجح الإيمان وطاعة الله عزَّ وجل ، ومن علامات الحمق الزيغ ، والضلال ، والمعصية .

قلت البارحة لإنسان :  إذا رأيت إنساناً له عملٌ طيِّب فأغلب الظن اعتقاده بالله جيد ، وإذا رأيت إنساناً زائغ العقيدة فأغلب الظن أن له عملا سيِّئًا :   

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) ﴾

[ سورة الماعون  ]

هو نفسه :  

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾

[ سورة القصص ]

هناك تلازم بين صحَّة العقيدة وبين صحة العمل ، عقيدةٌ سليمة عملٌ صالح ، عقيدةٌ زائغة عملٌ سيئ ، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أي به جنون ، وقال بعض المفسرين :  دخل فيه جِنِّي ، إما أنه به جنون ، مصدر جَنَّة ، أو به جِنَّة أي جِنِّي مفرد الجِنة ..﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ﴾ غداً يموت وترتاحون منه ، يموت وتنحل المشكلة ، أي تربصوا موته ، انتظروا موته حتى حين . 

 

استعانة الأنبياء بالله تعالى لنصرتهم :


﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ .. هؤلاء كذبوني يا رب ، هؤلاء سخروا مني ، هؤلاء ردُّوا دعوتي ، هؤلاء لم يستجيبوا لي ، لم يؤمنوا بي ، أعرضوا عن دعوتي ، انصرني عليهم ، بيّن لهم صدق دعوتي يا رب : ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)﴾ .

 

الله تعالى أوحى إلى نوح صنع سفينة :


﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ أي أنت بأعين الله ، أنت مُراقب من قبل الله عزَّ وجل .. ﴿اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ .. الوحي هنا الأمر ، الله سبحانه وتعالى أمر هذا النبي الكريم أن يصنع سفينةً ، أمره أن يصنعها والله سبحانه وتعالى رقيبٌ عليه ، أحياناً الإنسان يصدر أمراً ، لكن لا يوجد عنده إمكانية أن يتابعه ، هكذا طبيعة الإنسان ، يصدر أمراً مثلاً بمنع زراعة هذه المادة بالمنطقة الفلانية - وزير الزراعة - ولكن يحتاج هذا الوزير إلى جهاز يتابع هذا الأمر ، فإذا هذا الجهاز قصَّر في المتابعة قد يخالف هذا الأمر ، ولا يُطاع ، لكن الله سبحانه وتعالى مع كل مخلوق :  

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)﴾

[  سورة الحج  ]

﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)  ﴾

[  سورة طه  ]

 فإذا أمر أمراً فهو يراقب هذا الإنسان .

 

فوران التنور من علامات بدء هلاك الكفار من قوم نوح :


﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ أمر الهلاك ، هلاك هؤلاء القوم .. ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ .. كانت علامة بدء الهلاك أنَّ التنور الذي هو موقد الخبز يفور بالماء ، أي ينبع من قعره الماء فيفور من التنور ، وهذه علامة بدء الهلاك .. 

 

مبادئ الحفاظ على النوع والنسل :


﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا﴾ في السفينة .. ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ .. أي من كل حيوانٍ أليفٍ تحتاجه ، بعضهم فهم هذه الآية فهماً مغلوطاً فجمع الحيوانات فقال :  إن هذه السفينة يجب أن يكون طولها عشرة كيلومتر ، وهذا شيء مستحيل ، فالقصة غير صحيحة ، فربنا عزَّ وجل لم يقل : من كُلِّ زوجين اثنين ﴿مِنْ كُلٍّ﴾ مقطوعةٌ عن الإضافة .. ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أي من كل حيوان أنتم بحاجةٍ إليه اسلكْ فيها زوجين اثنين ، ﴿وَأَهْلَكَ﴾ ، هناك آية أخرى تقول في سورة هود ، سيدنا نوح ركب في السفينة أهله ومن كان معه من المؤمنين ، هنا أهله فقط ، هذه إشارةٌ إلى أن المؤمنين هم أهله ، حينما اكتفى ربنا عزَّ وجل في هذه الآية بكلمة وأهلك ، أي أهلك هم المؤمنون ، والمؤمنون هم أهلك ، وفي بعض الأحاديث الشريفة :  عن أنس بن مالك  : 

(( إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا :  يا رسولَ اللَّهِ  ، من هُم ؟ قالَ :  هم أَهْلُ القرآنِ  ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ . ))

[ صحيح ابن ماجه  :  خلاصة حكم المحدث  :  صحيح ]

 

مغزى الآية بيان سبيل النجاة وسبيل الهلاك :


﴿ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾ .. معنى هذه الآية أن الإنسان الذي أعرض عن الله إعراضاً كلياً ، ورفض الحق ، رفض هذه الدعوة ، رفض هذه الرسالة ، وأَكَبَّ على الدنيا ، هذا اختار الهلاك ، عندئذِ سبق عليه القول ، كالطالب الذي لم يقدم امتحاناً .. رفض تقديم الامتحان .. في أثناء إعلان النتائج طبعاً يُذكر أسماء الناجحين ، أما الذين سبق عليهم القول بأن لم يتقدموا إلى الامتحان إطلاقاً هؤلاء لم ينجحوا ، طبعاً لم ينجحوا ، لأنهم رفضوا تقديم الامتحان كلياً ، فهؤلاء الذين سينجون هم أهل سيدنا نوح أي أقرباؤه ، والمؤمنون ، ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ ..

﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)﴾

[ سورة الرعد ]

ربنا رحيم ، وربنا حليم ، فحينما يأمر الله عزّ وجل بإهلاك قومٍ فمعنى ذلك أنه قد نبَّههم ، وذكَّرهم ما فيه الكفاية ، فلا خير من تذكيرهم :  

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)﴾

[ سورة الأنعام  ]

المؤمن الله يتلطَّف فيه ، كل غلطة صغيرة وراءها عقاب صغير ، أما المؤمن فيُحِسُّ على الله عز وجل أنه قد أذنب ، فيأتي العِتابُ سريعاً ، بل إن بعض المؤمنين من دون أن تأتيهم العقوبة يحسون على تقصيرهم ، مؤمنٌ أذنب وهو ينتظر عقاب الله عزّ وجل ، وعقاب الله لم يأتِ ، وهو بانتظاره ، إلى أن صلى ، وناجى ربه وقال :  " يا رب ، لقد عصيتك فلم تعاقبني ، فوقع في قلبه أن يا عبدي لقد عاقبتك ولم تدرِ ، ألم أحرمك لذَّة مناجاتي ؟" بعض المؤمنين يختلف عليه حاله مع الله عزّ وجل ، كان مُقْبِلاً فشعر بالجفوة ، شعر بالحجاب ، كأن حجاباً بينه وبين الله ، هذا الحجاب وحده عقوبة ، الابن المربّى لو أن أباه نظر إليه نظرةً غاضبة فإن هذه النظرة تجعله يبكي ، ولكن الوقح إلى أن يضربه ، أما الذي رُبِّي تربيةً عالية ربما كان إعراضُ الأب عنه كافيًا لأن يوقِعَه في شقاءٍ كبير .

 

الظّلم سببٌ للهلاك :


﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ .. إذا كان هناك طبيب فَتَحَ البطن فرأى أن المرض الخبيث منتشر في كل أنحاء البطن ، يقول لك :  لا يوجد أمل ، ولا تخاطبني في هذا الموضوع ، أحياناً يكون مرض الموات .. الغرغرين .. وصل إلى الركبة ، دكتور ألا يوجد مجال للعلاج ؟ مثلاً أدوية ؟ مراهم ؟ الكلام مرفوض .. ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ لابدّ من بتر الساقين .. صاحب معمل حلويات دخل إلى المعمل ، ولم تعجبه طريقة عجن العجينة ، فأمسك قطعة العجين المعدة للمعمول ، ووضعها على الأرض ، وعركها بقدميه ، بحذائه ، ليعَلِّم بعض الموظفين كيف يتم عرك هذا العجين تجبراً وتكبّراً ، فقال بعضهم : يا سيدي إنك تعرك هذا العجين بقدميك ! فقال :  الناس يأكلون من تحت قدمي .. لم يمضِ عليه شهران حتى بُتِرَت رجلاه من فوق ركبتيه ، ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ ، إذا ارتكب الرجلُ جريمة ، وحكم عليه بالإعدام ، وصدِّق القرار ، وسيق إلى المشنقة ، سواءٌ بكاؤه ، أو رجاؤه ، أو توسُّله ، انتهى الأمر ، الحكم صدق والآن التنفيذ ، فالإنسان لا يحوج نفسه أن يصل إلى طريق مسدود ، طريق اللاعودة ، اجعل مع الله طرقاً مفتوحة ، اجعل لله واعظاً من نفسك ،﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ ، الإنسان ببحبوحة :  

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾

[  سورة الأنفال  ]

ما دامت محبتك في نفوسهم فالله لن يعذبهم ، وما دامت سنتك قائمةٌ في حياتهم فلن يُعَذَّبوا ، أما عندما يهجر الإنسان هذا الدين ، ويدير ظهره للقرآن ، ويلتفت للدنيا ليأكل من مالها حلالاً أو حراماً ، وليؤذي عباد الله ، وليبني مجده على أنقاض الناس ، وليبني غِناه على فقرهم ، عندئذٍ تأتيه ساعةٌ لا ينفع فيها الندم : ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ يا لطيف ، عندما يقرر ربنا عزَّ وجل إهلاك إنسان ، تزلزل من تحته الأرض ، ربنا يمهل ، يُرخي الحبل ، فإذا جاء الأجل ، واستحق العقاب شدَّ من تحت أرجله البساط ، أنا أقول : إن الناس الفسقة والفجَّار يتوهَّمون أنه لا رقيب عليهم ، ولكنهم مربوطون بحبلٍ متين ، فإذا آن الأوان شُدَّ الحبل فوقعوا ضحية أعمالهم الخسيسة ، الإنسان لا يسترسل في المعصية ، لا يسترسل في الفجور ، لا يعتدي على أموال الناس ، ولا على أعراضهم ، لا يتكلَّم كلمة كبيرة ، لا يسخر من شرع الله ، لا يسخر من دين الله ، عندئذِ يأتيه العلاج المُر : ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ يا رب ، يقول له : أبداً ، انتهى الأمر .

 

على الإنسان الانتباه إلى قلبه لأن النفس مسؤول عنها الإنسان :


ربنا عزّ وجل يرسل الأنبياء ، والرسل ، والدعاة ، ويحذر ، وينذر ، ويسوق بعض المصائب :  

﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)﴾

[ سورة فاطر ]

الشيب نذير ، سن الأربعين نذير ، موت الأقارب نذير ، سن الستين نذير ، المصائب نذير ، القرآن نذير ، النبي الكريم نذير ، ﴿ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ﴾ أنا أريد من هذه الآية أن الإنسان لا يوصل علاقته بالله إلى درجة أن يُقال لمن يرجو ربَّه به : ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ ، ربنا عزّ وجل ضربته :  

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) ﴾

[  سورة البروج ]

الإنسان دائماً ينتبه إلى قلبه ، إذا شعر أن هناك ذبابة بعينه ، يحس نقطة سوداء تمشي  أثناء النظر ، يقول لك : لا يوجد لعب مع العين ، رأساً إلى الطبيب ، يقول لك : بعد شهر ونصف ، يقول : أقبل ، يقال له : الدفع مبلغ كبير ؟ يقول : موافق ، لماذا ؟ لحرصه على بصره ، يجب أن تكون النفس أغلى عليك من أي شيءٍ آخر ، النفس فيها انحراف ، فيها علو ، فيها أثرة ، فيها حبّ للذات ، لئلا نصل لهذا الموقف الصعب : ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ ، يروَى مِن القصص التي تروى ، ولا ندري مبلغ صحتها ، أنّ امرأة جاءت إلى سيدنا نوح قالت له : يا نوح متى الطوفان ؟ قال لها سيدنا نوح : حينما يكون الطوفان أبعث إليكِ بخبر ، يبدو أن هذا النبي نسيها ، وهو في السفينة ، والسفينة تمخر عباب الأمواج ، وقد هلك كل الناس من دون استثناء ، ولم ينج إلا هذا النبي وقومه ، تذكر هذه المرأة ، وتألم لنسيانه ألماً شديداً ، فلما استوت السفينة على الجودي ، واستقر كلُّ شيء ، جاءته هذه المرأة العجوز ، وقالت له :  يا نوح متى الطوفان ؟ إن الله لا ينسى ، كن مع الله ولا تبالي .. " كن مع الله ترَ الله معك " .

 

النجاة عامة لكل المؤمنين :


﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ .. هذه النجاة أيها الإخوة ليست خاصةً بأُناسٍ دون آخرين ، إنها عامةٌ لكل المؤمنين ، لقول الله عزّ وجل :  

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

[  سورة الأنبياء  ]

عندما دخل سيدنا يونس إلى بطن الحوت :  

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾

[  سورة الأنبياء  ]

في كل زمانٍ ومكان ، وفي كل عصرٍ ومصر ، الله سبحانه وتعالى يتفضَّل ، وينجي المؤمنين من كل كَربٍ عظيم .


نعم الله لا تعد ولا تحصى علينا شكرها دائماً :


﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) ﴾ .. إذا دخل الإنسان بيته ، ووجده مريحاً ، زوجته في البيت ، وأولاده ، والصحة جيدة ، ويوجد طعام يأكله ، والبيت دافئ في الشتاء ، وعنده ثمن وقود ، ويلبس ثياباً يستر بها عورته ، فإن هذه نعم كبيرة جداً ، نعمة الصحة ، ونعمة الأمن ، ونعمة الاستقرار ، ونعمة الطعام ، ونعمة الشراب ، ونعمة الماء البارد ، بعض العلماء قال في تفسير قوله تعالى :  

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) ﴾

[ سورة التكاثر  ]

قالوا :  " الماء البارد من النعيم " ، الذي عنده برَّاد شرب كأس ماء بارد في الصيف هذا من النعيم الذي سوف يُسأل عنه يوم القيامة ، أشكرنا هذه النعمة ؟ 

 

جوهر الحياة في الابتلاء :


﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ ، الحياة كلها ابتلاء ، جوهر الحياة في الابتلاء ، سيدنا نوح والذين آمنوا معه ابتلوا ، فآمنوا ، واستقاموا ، فنجوا ، والذين عاصروه من الكفار ابتلوا ، فكفروا ، وأعرضوا ، وكذبوا ، فخسروا الدنيا والآخرة ﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ .. الدعوة واحدة ، هذه فحوى دعوات الأنبياء جميعهم : ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ الذي يلفت النظر أن هذه القصة الثانية لم يُذكر فيها اسم القوم ، ولا اسم النبي الذي أُرسل إليهم ، وقد يستنبط من هذا أن الأسماء لا قيمة لها ، العبرة المغزى .

 

عدم التباهي بالترف والبذخ لأن هذا من صفات الكفار :


 هناك قومٌ جاؤوا بعد هذا النبي الكريم ، وأرسل الله لهم رسولاً فكذبوه : ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ﴾ .. دققوا جيداً ﴿وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ .. أحصيت كلمة أترفناهم في القرآن الكريم فوجدتها أتت حصراً في سبعة مواضع ، سبحان الله ! المترفون في المواضع السبع كُفَّار ، فالإنسان لا يتباه بالترف ، لا يتباه بالبذخ ، لا يظن الترف شيء مكرم عند الله ، الشيء المكرَّم أن تكون مقتصداً ، وأن تكون متواضعاً ، وأن تحفظ هذا المال ، فتأخذ منه حاجتك ، وتنفق الباقي في سبيل الله ، في سبيل نصرة الضعيف ، وعون المحتاج ، وإطعام الجائع ، وإكساء العاري ، وتأمين حاجات الناس ، فالمترف في سبع آياتٍ حصراً ، طبعاً تأكدوا أنتم ، افتحوا المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم على مادة ترف ، سبع آيات وردت في هذا المعجم ، أو في القرآن الكريم كلها تربط بين الترف وبين الكفر ، فلا أحد يفتخر بالترف إنه من صفات الكفَّار . 

 

المؤمن وسطٌ بين الإسراف والبخل :


أما المؤمن ليس مترفاً ، ينفق باعتدال :   

﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) ﴾

[  سورة الإسراء ]

كما أن الله سبحانه وتعالى ذمّ الشُحَّ والبُخل فقال :  

﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)﴾

[  سورة الحشر ]

وقال : ليس منا من وسَّع الله عليه ثم قتَّر على عياله ، وفي الوقت نفسه ذمّ الإسراف فقال :   

﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)  ﴾

[ سورة الإسراء ]

أي محاولة إظهار ما عندك للناس من أجل أن تستعلي عليهم ، محاولة الإنفاق غير المعقول من أجل أن تتميز ، أخي هذا الكتاب كلفني مليون ونصف ، مليون ونصف يزوِّج مئة شاب ، مئة إنسان يتزوجون بمليون ونصف ، مئتان يتزوجون .

 

من لوازم الكافر أنه يُكَذِّب بالآخرة ومن لوازم المؤمن أنه يؤمن بالآخرة :


﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾ .. هناك ملاحظة : ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أولاً : كفروا بالله بمعنى أنهم كذَّبوا ، وأعرضوا ، من معاني الكفر الدقيقة التكذيب والإعراض ، التكذيب باللسان ، والإعراض بالقلب ﴿وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ﴾ من لوازم الكافر أنه يُكَذِّب بالآخرة ، لو آمن بها لانضبط سلوكه ، ومن لوازم المؤمن أنه يؤمن بالآخرة ، ﴿وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ، ما دام قد كفر بالآخرة بقيت الدنيا هي كلُّ شيء ، لا شيء إلا الدنيا ، لذلك يُقْبِلُ عليها إقبال النهِم .

 

استنكار الكفار بشريةَ الأنبياء :


﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ .. طبعاً وجدوا أن النبي رجل كالرجال ؛ له عينان ، له أذنان ، له يدان ، يأكل ويشرب ، وعندهم أن الحياة طعامٌ وشراب ، وأن الإنسان حيوان يتكلَّم ، ويأكل ، ويشرب ، فما دام هذا النبي يأكل ويشرب إذاً هو إنسان ، وغَفَلوا عن أن هناك حياةً نفسيةً عاليةً جداً ، هناك حياة عقلية ، إذا شخص التقى مع أعلى طبيب في العالم ، التقى مع أعلم علماء الأرض ، التقى مع أعظم إنسان في الأرض ، الإنسان يأكل ويشرب ، له صفة كغيره من الناس ، لكن هو عنده معلومات ، وعنده آفاق فكرية ، وعنده مشاعر نفسية فوق التصور ، فمن ظنَّ أن الإنسان يسمَّى إنساناً لأنه يأكل ويشرب فقد كان في ضلالٍ مبين ، فهؤلاء ظنوا أن هذا النبي بشرٌ مثلنا .. ﴿يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾ لذلك قالوا :  

محمدٌ بشرٌ وليس كالبشر                فهو جوهرة والناس كالحجر

* * *

إذا كنت تريد أن تميز المؤمن عن البشر فهو مثل الجوهرة ، وغير المؤمن مثل الحجر ، والجوهر حجر أساساً ، والحجر حجر .

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور