- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (023)سورة المؤمنون
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الله سبحانه وتعالى يُمهل ولا يهمل :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس الخامس من سورة المؤمنون .
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) ﴾
ورودُ القصة للعبرة لا لمجرد الحدَثِ :
طبعاً ليست العبرة أن نقرأ هذه القصة ، ولكن العبرة أن نستخلص منها دروساً تفيدنا في تعاملنا مع الله سبحانه وتعالى ، ربنا سبحانه وتعالى عفوٌ غفور :
﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) ﴾
﴿
العبرة أن نستنبط درساً بليغاً من خلال هذه القصة ، أما إذا أصرَّ الإنسان على المعصية ، وركب رأسه ، واستحكمت به شهوته ، ولم يبالِ بأوامر الله ، ولا بوعده ، ولا بوعيده ، عندئذٍ تنطبق عليه هذه الآية :
الله تعالى لحرصه ورحمته ما من أمة إلا وقد خلا فيها نذير :
وبعد قصة نوحٍ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا
أي لابدَّ من الرسول ، لابدَّ من النبي ، لابدَّ من العالِم ، لابدَّ من الداعية ، لابدَّ ممن يحذِّر ، لابدَّ ممن ينذر ..
الدعوة إلى التوحيد :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) ﴾
فكانت دعوة هذا الرسول الذي أُرسل إلى هؤلاء الذين جاؤوا بعد سيدنا نوح ..
اقتران الترف بالكفر :
(( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلا فَقْرًا مُنْسِيًا ؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ؟ أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ ؟ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ؟ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ .. ))
الرسل بشر تجري عليهم خصائص البشر :
﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ
ما دام الإنسان يأكل الطعام فهو عبدٌ لله ، ويمشي في الأسواق فهو عبدٌ أيضاً لرزقه ، أي هو عبدٌ مرتين ، مفتقرٌ إلى الطعام ومفتقرٌ إلى كسب ثمن الطعام ، فحينما رأى هؤلاء الكفار أن هذا النبي الكريم يدعوهم إلى الله عزَّ وجل ، رأوه يأكل كما يأكلون ، ورأوه يشرب كما يشربون ، فظنّوا أن تناوله للطعام وشربه للماء مما يقلل من شأنه ، قال : لا ..
عن أنس بن مالك :
(( كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ -وَهي أُمُّ أَنَسٍ- فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اليَتِيمَةَ ، فَقالَ : آنْتِ هِيهْ ؟ لقَدْ كَبِرْتِ ، لا كَبِرَ سِنُّكِ . فَرَجَعَتِ اليَتِيمَةُ إلى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي ، فَقالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : ما لَكِ يا بُنَيَّةُ؟ قالتِ الجَارِيَةُ : دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنِّي ، فَالآنَ لا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا - أَوْ قالَتْ : قَرْنِي- فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا ، حتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ، فَقالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ : ما لَكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ ؟ فَقالَتْ : يا نَبِيَّ اللهِ ، أَدَعَوْتَ علَى يَتِيمَتي ؟! قالَ : وَما ذَاكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ ؟ قالَتْ : زَعَمَتْ أنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنُّهَا ، وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا ، قالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قالَ : يا أُمَّ سُلَيْمٍ ، أَمَا تَعْلَمِينَ أنَّ شَرْطِي علَى رَبِّي ، أَنِّي اشْتَرَطْتُ علَى رَبِّي فَقُلتُ : إنَّما أَنَا بَشَرٌ ، أَرْضَى كما يَرْضَى البَشَرُ ، وَأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ ، فأيُّما أَحَدٍ دَعَوْتُ عليه مِن أُمَّتِي بدَعْوَةٍ ليسَ لَهَا بأَهْلٍ؛ أَنْ يَجْعَلَهَا له طَهُورًا وَزَكَاةً ، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بهَا منه يَومَ القِيَامَةِ . ))
سيدنا سعد قال :
طاعة الرسول طاعةٌ لله :
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ
إرضاء رسول الله هو عين إرضاء الله ، وإرضاء الله هو عين إرضاء رسول الله ، ولا فرقَ بينهما لأن هذا باب الله.
سيدنا الصديق رضي الله عنه ألقى خطبة الولاية فقال :
استهزاء الكفار بالبعث :
عقيدة الكفار أن الدنيا هي كل شيء :
رميُ الكفار أنبياءَ الله بالكذبِ :
أما هذا النبي الكريم الذي يدعوهم إلى الصراط المستقيم ..
استهزاء الكفار بأهل الدين ولكن البطولة من يضحك آخراً :
الكُفَّار يَهزؤون من أهل الدين ..
﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) ﴾
أحياناً يكون الطالب مجتهداً ، رفض أن يذهب إلى نزهة حفاظاً على مستوى اجتهاده ، رفاقه الكُسالى يهزؤون منه ، يقولون : قابضها ، حينما ينجح بتفوق ، وحينما يرسب هؤلاء ، ويبكون الدمع دماً ، عندئذٍ هذا المتفوِّق يضحك من زملائه الكُسالى ، فالبطولة من يضحك آخر ، لا من يضحك أولاً ،
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)﴾
﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا
﴿ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)﴾
﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
ليست العبرة بالأسماء ولكن العبرة بالحقائق :
لكلّ أمةٍ أجل :
عباد الله تأخذهم الصيحة فجأة ويصبحوا أحاديث :
﴿ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)﴾
صيحة واحدة ، ومعنى واحدة ، أي أنت إذا شاهدت حشرةً لا تزيد على نملة .. حشرة صغيرة ، كم ضربة تحتاج منك حتى تميتها ؟ هل تقول : لقد قاتلتها ؟ لا .. لا .. تقول : لقد قتلتها ، إن هي إلا دوسةٌ واحدة ، ربنا عزَّ وجل يقول :
القدوة يحاسب مرتين ؛ يُكافأ مرتين ويعاقب مرتين :
﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32)﴾
كل إنسان له مكانة على مجموعة أشخاص :
سيدنا عمر كان إذا أراد إنفاذ أمرٍ جمع أهله وخاصته وقال :
(( مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فلهُ أجرُها ، وأجرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أُجورِهمْ شيءٌ ، ومَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها ، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيءٌ . ))
﴿
تحريم الجنة على فرعون وملئه لأنهم قوم مستكبرون :
(( لا يدخلُ الجنَّةَ من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من خردلٍ من كبرٍ ، ولا يدخلُ النَّارَ من كانَ في قلبِه مثقالُ حبَّةٍ من إيمانٍ . ))
لماذا ؟ أيعقل أن يحرم الإنسان الجنة لأن في قلبه مثقال حبةٍ من كبر ؟! نعم ، لأن مثقال حبةٍ من كبر يتناقض مع العبودية لله ، فمن كان في قلبه كبر فهو ليس عبداً لله ، لذلك هؤلاء :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) ﴾
كلام فيه بعض التحفظ . ثم قال :
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
فربنا عزّ وجل قال :
﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) ﴾
لماذا ربنا عزّ وجل بدأ بالآخرة ؟ لمَ لمْ يقل : فأخذه الله نكال الأولى والآخرة ؟ قال :
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾
ثم تبعهم فرعون في اليم فأغرقه الله عزّ وجل .
عودة عيسى عليه السلام إلى الأرض وعودته من أشراط الساعة :
﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)﴾
أي الرسول ، فهذه الآية وآياتٌ أخرى كثيرة تؤكِّد أن سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام له عودةٌ :
﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)﴾
ولادة عيسى عليه السلام آية من آيات الله :
الله طيب لا يقبل إلا طيباً :
(( أَيُّها النَّاسُ ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ ، فقالَ :
يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ..
إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المُرسلين :
شيءٌ آخر ؛ عندنا قاعدة ، أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فإذا كان هناك خطابٌ إلى هؤلاء الرُسل الكرام في أن يأكلوا من الطيبات وليعملوا صالحاً ، هذا الخطاب موجَّهٌ أيضاً بالتبعية إلى كل المؤمنين :
كل الشرائع والكُتب السماوية مفادها واحد وفحواها واحدة :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ﴾
﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) ﴾
الشرع واحد ، والإله واحد ، وهذا التعامل رائع جداً ؛ أن تعلم أن لك رباً واحداً بيده كل شيء ، عندئذِ ينتهي الشرْك ، ينتهي النفاق ، ينتهي الخوف ، ينتهي التملق ، ينتهي الكذب ، ينتهي الخوف ، ينتهي الوجل ، ينتهي القَلَق ، هذه أمراض وبيلة ، أمراض مدَمِّرة ، القلق مرض أسبابه الشرك ، النفاق مرض أسبابه الشرك ، الكذب مرض أسبابه الشرك ، الوجل مرض أسبابه الشرك .
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) ﴾
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) ﴾
تفرّقُ الناس أحزاباً شتى يُضعف الأمة :
﴿
أي إذا كان المؤمنون جميعاً متفقين على أصول الإسلام ، واختلفوا في الفروع ، هذا الخلاف لا يقدِّم ولا يؤَخِّر ، يجب أن تتفق مع أخيك في الأصول ، ولو اختلف معك في الفروع ، وهذه الفروع اختلافها رحمةٌ واسعة ، واتفاقها حجةٌ قاطعة .
بعض الأئمة يرى أن الزكاة يجب أن تدفع نقداً ، وبعضهم يرى أن الزكاة يجب أن تدفع عيناً ، فالإمام الذي عاش في الريف ، ورأى حاجة الريفيّ إلى القمح أجاز أن تدفع الزكاة عيناً ، أما الذي عاش في المدينة ، ورأى قيمة المال المتداول ، رأى أن تدفع نقداً ، فهذا ليس خلاف ، هذا خلاف غنى ، خلاف تنوّع ، خلاف وسْعَة ، خلاف يُسر ، خلاف رحمة : " اختلاف أمتي رحمة " الخلاف غير الاختلاف : " واتفاق الأئمة رحمة ، حجةٌ قاطعة " فسبحان الله ! الأصول واحدة ، أما عندما تمتدُّ الأيام والشهور يصبح هذا الدين فرقاً ، وأحزاباً ، ومللاً ، ونِحلاً ، وكل حزبٍ لما لديهم فرحون ..
كلٌ يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
* * *
الخير في معرفة رب الأرض والسماوات :
رأس الحكمة مخافة الله :
الآن ما هو الخير ؟
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)﴾
هذه الآية فيها مفارقة رائعة جداً :
صفات المؤمنين المفلحين :
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)﴾
يخافون هذا الموقف الفظيع ، والموقف العظيم ..﴿أُولَئِكَ﴾ من هم ؟
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين