- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (023)سورة المؤمنون
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من أراد أن يرث الفردوس فعليه التعرف إلى الله عن طريق الكون والتفكر بآياته :
أيها الإخوة الأكارم ؛ مع الدرس الثالث من سورة المؤمنون .
وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
السؤال الآن : ما العلاقة بين هذه الآيات الكونية وبين قوله تعالى :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) ﴾
﴿
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) ﴾
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) ﴾
الله سبحانه وتعالى يبيِّن لنا أن طريق الإيمان بالله عزَّ وجل أن تتأمل في هذه الأكوان ، وأن تقف عند كل آية مستجلياً وجه العظمة فيها ، فكلما ارتقت معرفتك خشع قلبك :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ
وهذه (إنما ) أداة قصر ، بمعنى أن العلماء وحدهم ، وليس أحد سواهم يخشون الله عزَّ وجل ، فإذا أردت أن تكون في صلاتك خاشعاً فتأمَّل في ملكوت السماوات والأرض ، الإنسان أحياناً يمرُّ على آيات الله مروراً سطحياً ، ربنا عزَّ وجل وصف الكفار فقال :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
الإنسان يشرب كأساً من الماء ، هل أعمل فكره في هذا الماء ؟ ما مصدر هذا الماء ؟ كيف كان مِلحاً أجاجاً فصار عذباً فراتاً ؟ هل عرف أن الشمس ، والقمر ، والسماء ، والأرض ، والبحار ، والهواء ، والسحب ، والغيوم ، وطبقات الأرض كلها ساهمت في هذا الكأس من الماء ؟ قد يأكل طعاماً ، قد يأكل فاكهةً ، قد ينظر إلى ابنه الصغير ، قد ينظر إلى جبل شامخ ، قد يمتِّع عينيه ببحر صاخب ، قد يرى جبلاً أخضر ، قد يرى وادياً جميلاً ، قد يشمُّ رائحةً عطرة ، قد يرى زهرةً فوَّاحة ، هذا الذي يمرُّ على آيات الله مرور المتمتع ، مرور المستغل ، مرور التاجر ، من دون أن يقف عند خالق هذه الآية ، وعند عظمته ، وعند أمره ، هذا إنسان شأنه كشأن البهائم ، لذلك نعى ربنا عزَّ وجل على هؤلاء الذين يمرُّون على الآيات في السماوات والأرض وهم عنها غافلون ، فربنا عزَّ وجل أيقظنا بهذه الآيات ، أي أنت أيها الإنسان لا تُفلح إلا إذا كنت مؤمناً خاشعاً في صلاتك ، معرضاً عن اللغو ، فاعلاً للزكاة ، حافظاً لفرجك ، راعٍ لأمانتك ، حافظاً لصلواتك ، من أجل أن تكون مؤمناً هل فكَّرت في هذه الآيات ؟
خَلْقُ الإنسانِ آية من آيات الله الدالة على عظمته :
التفسير آخر ، السلالة بمعنى السلسلة ، أي من طين ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، أي يوجد مراحل مرّ بها خلق الإنسان ، فإما أن تكون السلالة الأخلاط ، وإما أن تكون السلالة السلاسل ، على كل الإنسان الأول خُلِقَ من طين ، ولكن مشيئة الله سبحانه وتعالى شاءت أن تجعل تكاثر ذُرِيَّته عن طريق التوالد ، وعن طريق النطفة ، وعن طريق البويضة ، وعن طريق الرحم ، وعن طريق الجنين ، كما تعلمون من تفصيلاتٍ مررت عليها في درسٍ سابق
﴿
أي لا يستحقُّ العبادة إلا الخالق ، غير الخالق لا يستحق العبادة .
﴿
الخالق وحده هو الذي يستحق أن تعبده ، والعبادة أن تطيعه طاعةً طوعيِّة مبنية على معرفةٍ يقينية ، منتهية بسعادة أبدية ..
نسي الطين ساعةً أنه طينٌ حقيــر فصـال تيهاً وعَرْبَد
وكسا الخَزَّ جسمه فتباهـــــى وحوى المال كيسه فتمرَّد
* * *
أي الإنسان أحياناً يعلو ، وينسى أنه من طينٍ من صلصال ، ينسى أنه من ماءٍ مهين ، خرج من عورةٍ ، ودخل إلى عورةٍ ، ثم خرج من عورة ، وسمي الماء مهيناً لأن الإنسان يستحيي به .
نظام التوالد أساسه النطفة :
اكتشف العلماء مؤخراً أنَّ في رأس كلِّ حوين منوي مادةً نبيلةً ، هذه المادة النبيلة تشبه خلط العين المائي ، هذه المادة النبيلة تذيب جدار البويضة ، فإذا ارتطم هذا الحيوان .. الحوين المنوي .. بجدار البويضة ذاب جدارها فإذا دخل إليها أُغْلِقَ الباب وانتهى الأمر ، فحوين منوي واحد من ثلاثمئة مليون حوين يلَقِّح البويضة ، أما كيف تختار البويضة أقوى هذه الحوينات فهذا لا يعلمه إلا الله ، تختار البويضة أقوى هذه الحوينات من بين ثلاثمئة مليون حوين .
الرحم قرار مكين :
على كل ..
شيءٌ آخر هو أن الرحم في بدايات الحمل يكون هناك خطر على الحمل ، لذلك جعله الله في قرار مكين ، أي مهما كان الحادث أليماً فإن الرحم في مراحله الأولى وقد علقت عليه النطفة لا يمس بأذى ، انظر إلى حكمة الله عزَّ وجل كيف أن الله سبحانه وتعالى جعل الدماغ محفوظاً في الجمجمة ، والجمجمة عُلْبَةٌ عظميِّة فيها مفاصل ثابتة ، هذه المفاصل تمتصُّ الصدمات ، لو نظرت إلى جمجمة ترى أن هناك خطوطاً منكسرة تفصل بين أجزائها ، هذه الخطوط هي المفاصل الثابتة ، لكن فيها بعض الفراغات البينية ، فإذا ارتطم الطفل بالأرض ،وسمعت دويَّ رأسه إلى مكانٍ بعيد فاطمئن ، إنه في سلامة ، لأن هذه الفراغات البينية تراصَّت فامتصَّت الصدمة ، إذاً الدماغ شيء خطير جداً في الجمجمة ، ولا يقل عنه خطراً النخاع الشوكي في سلسلة ، والعين مهمة جداً في محجر ، والقلب هو المضخة الأساسية في القفص الصدري ، ومعامل الدم ، وهي أخطر ما عند الإنسان داخل العِظام ، والجنين داخل عظم الحوض ، ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴾ أولاً : معنى قرار مكين ، أي أن الرحم محاطٌ بجدرانٍ عظميةٍ من كل الجهات في مراحله الأولى ، أي عظام الحوض في المرأة تحيط بالرحم من كل جانب ، فهو في قرارٍ مكين .
الشيء الآخر ؛ إن النطفة تعلق على جدار الرحم بعد أن تلقِّح البويضة بشكلٍ مكين ، فالبويضة الملقحة مستقرةٌ على جدار الرحم بشكلٍ مكين ، والرحم في مكانٍ مكين ، ومحاطٍ بِجُدُرٍ من العظام ، وهناك أربطةٌ تربط الرحم من كل الجهات بحيث لا يتأثَّر بحركة الأم ، هذا معنى قوله تعالى :
مراحل تطور الجنين :
1 ـ تحوّل النطفة إلى علقة :
2 ـ تحوّل العلقة إلى مضغة :
3 ـ نشأة العظام :
4 ـ نشأة الجنين خَلقاً متميزاً كاملاً :
أي حيوان يتكاثر عن طريق الولادة ؛ له نطفة ، وله بويضة ، وهناك تلقيح ، وتصبح هذه البويضة المُلَقَّحة علقة ، فمضغة ، فعظام ، فعضلات ، ولكن هذا الإنسان ..
﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾
هذا الإنسان خلق لمهمة عالية جداً .. خلقت السماوات والأرض من أجلك ، وخلقتك من أجلي ، فبحقي عليك لا تتشاغل بما ضمنته لك عمَّا افترضته عليك .
معاني قوله تعالى : ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ :
المعنى الثاني ؛ هناك صفات أُخرى ، تجد الطفل الصغير إذا أراد أن يلعب يمتطي عصاه ، وكأنه فارسُها ، الطفلة الصغيرة إذا أرادت أن تلعب تأخذ وسادةً ، فتجعلها ابنتها ، وتربت عليها ، وتسكتها ، معنى ذلك يوجد فروق نوعية بين الذكور والإناث ، هذه تُعنى بهندامها ، بشكلها ، هذه مطواعة ، هذا الطفل الصغير يحاول إثبات شخصيته بوسائل عديدة ، فكأن هناك فرقاً نوعياً بين الذكور والإناث ، قد لا ترى فرقاً ظاهراً في بُنية الطفل أو الطفلة ، ولكن في البُنى النفسية والنواحي الاجتماعية يوجد فرقٌ شاسعٌ بينهما ، هذا معنى آخر .
المعنى الثالث ؛ حتى لو توقَّعت أن يكونطبعاً هناك بعض المعلومات حول آلية كون الجنين ذكرًا أو أنثى ، أي بالعُرَى الملوَّنة ، بالمورثات ، يوجد ثلاثة وعشرون زوجًا ، الزوج الأخير إما على شكل : (X )إكس ، أو على شكل واي (y) ، فإذا كان على شكل (y )فهو ذكر ، أو على شكل (X ) فهو أنثى ، فهناك بعض الحالات التي ترى تحت المجهر ، وعن طريق أجهزة بالغة التعقيد .. ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ حدثني أخ فقال : طبيب من أكبر أطباء الأمراض النسائية في بلاد متقدمة مادياً - يجب أن نقول : متقدمة مادياً ، أما من حيث الأخلاق والنواحي الأخرى فهي متخلفة جداً - فهذا الطبيب أراد أن يجري تجربة فشقَّ بطن زوجته ، وعرف نـوع الجنين ، وحين الولادة كان الجنين خلقاً آخر ، شقّ بطن زوجته ، وفتح الرحم ، وعرف نوع الجنين ، ثم أعاد كل شيء إلى نصابه ، وعند الولادة كان الجنين خلقاً آخر ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ فإما أن الإنسان له مكانة عند الرحمن فهو خلقٌ آخر من بنية أُخرى ، وإما أن هناك صفات نفسية اجتماعية ، هذه لا تُرى بالعين ، يوجد خلق آخر ، وإما أنه لو توصَّلت إلى معرفة نوع الجنين ، ربما كانت الولادة خلقاً آخر .
الله سبحانه وتعالى خلقه قمة في الإتقان :
﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
ربنا خاطب سيدنا عيسى :
﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ
أحياناً مركبة تكون أحدث مركبة ، أحدث موديل ، توقف فجأةً لسبب تافه جداً .. بسبب قشة وقفت .. هل يوجد إنسان وقف وجمد بأرضه وصار به عطل ؟ يظل الإنسان ماشياً ، حتى ولو كان جائعاً لا ينقطع الإنسان ، إذا كانت الساعة بالمركبة لم تنتبه لها يحترق المحرك ، ما انتبهت لساعة الحرارة ، أدير حديثاً ممتعاً مع صديقي ، صار هناك خطأ بالمحرك ، ارتفعت الحرارة فاحترق المحرق ، إذا كان هناك ساعةٌ صوتية تبلغك ، وكان السائق ضعيف السمع يحرق المحرق ، أما الجوع يا ترى ما هذا الجوع ؟ ساعة مرئية أم ساعة صوتية ؟ ما هذا الجوع ؟ جهاز دقيق جداً ، يقول لك : أنا جائع سأموت من جوعي
وبعضهم يقول : سمي الإنسان خالقاً من باب المُشاكلة .
وبعضهم يقول : الخلق بمعنى صنع شيءٍ من شيء ، أما ربنا عزَّ وجل خالق وبارئ ، الخالق البارئ المصور .
الحياة تمضي ولا يستطيع الإنسان الموازنة بين خلق الله وبين ما يصنعه هو :
على كل الآية لا تزيد عن أن تلفت النظر إلى صنع الإنسان ، صنع الإنسان يتكامل ، لأن الإنسان بالأساس ضعيف خبرته تأتي من التجربة ، والدليل : إذا اطلعت على صورة سيارة عام 1912 مثلاً ، انظر ، وأجْرِ موازنة ، تجد فيها حركة واحدة أول فقط ، الإضاءة فوانيس ، يفتح الفانوس يشعل عود الثقاب يملأ الزيت ، ثم يشعل الضوء ، هكذا كانت السيارة سابقاً ، لها صوت يملأ الدنيا ضجيجاً ، سرعتها قليلة جداً ، حَدَّثني رجل أن القطار الأول صنع ببريطانيا عينوا له موظَّفاً يمشي أمامه لينبِّه الناس لكيلا يدهسهم ، يا أخوان ابتعدوا ، وراءنا يوجد قطار ،
عندنا سؤال دقيق : هذا الخلق العظيم خلق مذهل ، وبعد ذلك يموت الإنسان ؟!! مثل إنسان عمَّر بناء خلال عشرين سنة ؛ وضع الأساسات ، وحفر ، وبعد هذا طلع بأول طابق والثاني ، وكسا ، وبَلَّط ، ودهن ، وعمل مدخلاً فخماً ، وبعدما انتهت سكنها خمس سنوات ، وبعد هذا أحضر آلات وهدمها ، تقول : إن هذا الإنسان يوجد بعقله شيء ، لماذا هدمها ؟ فالموت هدم للإنسان ، فالإنسان خُلِقْ بأبدع صورة لماذا الموت ؟
الموت مصير كلّ مخلوق :
حتى الإنسان لا يتساءل لماذا الموت ؟ قال تعالى :
الليل مهما طـال فلابدَّ من طـلوع الفجر والعمر مهما طـال فلابدّ من نزول القبر
* * *
الأنبياء يموتون ، والأغنياء يموتون ، والفقراء يموتون ، والذين يعتنون بصحتهم العناية الفائقة يموتون ، والذين لا يعتنون يموتون ، والذين يغامرون يموتون ، والذين لا يغامرون يموتون ، الموت حق ، فلما كشف سيدنا الصديق رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن وافاه الأجل قال : " طبت حياً وميتاً يا رسول الله ، أما الميتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها " لا يوجد غيرها ، فإذا المؤمن اجتهد في الحياة الدنيا حتى استحق مرضاة الله عزَّ وجل يوجد له ميتة واحدة فقط ، وبعدها في جنَّات الفردوس إلى أبدِ الآبدين .
البعثُ والحساب :
الله تعالى ما كان غافلاً عن السماوات خلقها فأبدعها وجعلها محكمةً :
والطبقة الثانية فيها مواد كبريتية تلقِّح الأمطار ، وعن طريقها يصبح الغيم مطراً ، وبعدها توجد طبقة الأوزون ، بعدها توجد طبقة كل جسم من السماء إذا وقع على الأرض يتشهَّب في هذه الطبقة ، بعدها توجد طبقة السحب القطبية ، إلى ما هنالك من معلوماتٍ دقيقة يختصُّ بها بعض علماء الفلك ، على كل ربنا عزَّ وجل جعل السماء فوقنا طبقاتٍ ، وكل طبقةٍ لها وظيفة ، وهذه الوظائف جمعت في قوله تعالى :
﴿
أي حافظاً للأرض من كل جسمٍ خارجي عنها ، ومن كل أشعةٍ قاتلة ، فالأشعة القاتلة تمتصُّها طبقة الأوزون ، والأجسام الكوكبية في السماء إذا وقعت على الأرض فإن الطبقة التي تزيد حرارتها عن ألف وخمسمئة درجة كفيلةٌ أن تجعلها متشهِّبة ، وأن تجعلها رماداً لا يُرى ولو تحت عدسة الميكروسكوب :
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) ﴾
كل هذه السماوات العُلا :
وبعضهم يقول : إن الله سبحانه وتعالى ما كان غافلاً عن السماوات ، خلقها فأبدعها وجعلها محكمةً ، وربنا سبحانه وتعالى يقول :
﴿
تيسير اللهِ تعالى لخَلْقه الانتفاع بالماء :
﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) ﴾
من بعض تفسيراتها أن البحار تصبح نيراناً يوم القيامة ، فهذا الماء عبارة عن ذرتين من الهيدروجين ، وذرة من الأوكسجين ، عنصر مشتعل ، وعنصر يعين على الاشتعال ، ويوجد معه مواد أخرى ، مواد منحلة من الصخور تناسب طبيعة الإنسان ، والماء المُقَطَّر لا ينفع الإنسان وحده ما لم يخلط بمياه الآبار ، لذلك وحدات التقطير التي على سواحل البحار يُضاف إلى مائها ماء بعض الآبار كي يكون صالحاً للشرب .
بِقَدَر أي نسب المواد ، بالعشرة آلاف ذرة من الفلور بالماء من أجل وقاية الأسنان ، يوجد فلور ، يوجد كالسيوم ، يوجد مغنزيوم ، هناك مجموعة معادن في الماء ، فهذا الماء بقدر أي بنسب مقدَّرة .
والمعنى الثاني ؛ بحجم مناسب ، فالماء له حدّ مفيد جداً ، يوجد حدّ آخر يصبح الماء مدمِّراً :
﴿
يهطل في هذا البلد مئتا ميليمتر ، وفي هذا مئة وخمسون ، وفي هذا خمسون ، هذا خط المطر خارج الجفاف ، هذه المنطقة ألف ميليمتر ، هذه ألف وخمسمئة ، هنا جبال خضراء ، هنا ساحل ، كل منطقة لها كمية أمطار مناسبة :
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) ﴾
الله سبحانه وتعالى .
لو اطلع رجلٌ على ما يدرسه الإخوة الجيولوجيون لوجد أن بنية الأرض شيءٌ يأخذ بالألباب ، جزيرة فيها نبع ماء كأرواد مثلاً ، هذا الشيء يقتضي أن يكون هناك تمديدات تحت سطح البحر إلى جبال طرطوس ، لا يمكن إلا أن تكون هكذا بحسب مبدأ الأواني المستطرقة ، نبع في جزيرة منبسطة تحتاج إلى خزَّان في مكان مرتفع في الطرف الثاني من اليابسة ، ولابدّ من تمديدات تحت سطح البحر ، هكذا ، في بعض البلاد توجد أربعة آلاف جزيرة ، أو خمسة آلاف ، أو عشرون ألف جزيرة ، كل جزيرة لها نبعها الذي يكفي أهلها .
هناك شيء آخر ؛ بعض الجبال فيها حيوانات مثل الوعول تعيش في رؤوس الجبال ، ربنا عزّ وجل جعل لها ينابيع ، هناك ينابيع في قمم الجبال ، وليس هناك من تفسيرٍ لهذه الينابيع إلا أن تكون خزَّاناتها في جبالٍ أخرى أكثر ارتفاعاً ، لا يمكن ، إذا وُجِدَ نبع في قمة جبل معنى هذا أن خزانه في جبل آخر أعلى منه ، أبداً ، هذه كلها آيات دالَّة على عظمة الله عزّ وجل :
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ
من الذي خزنه ؟ أنت عليك أن تفتح الصنبور ، وتملأ كأس الماء ، لكن هل تعلم من الذي خزَّنه لك طوال العام ؟ كيف كان بخاراً ، فصار سحاباً ، فساقه الله إلى بلادنا ، فجعله مطراً أو ثلجاً ، ثم غار في أعماق الأرض ، فتجمَّع في هذا الحوض ؟ الحوض بالمعلومات الأولية مساحته إلى حمص ، ومن نصف لبنان إلى سيف البادية ، هذه المعلومات الأولية ، وهناك معلومات أوسع بكثير ، من جعل هذا الخزان من الماء ؟
قدرة الله لا يمكن لأحد أن يحيط بها :
نعم الله جميعها خلقت خصيصاً للإنسان :
(( كان إذا وضع يدَه في الطعامِ قال: بسمِ اللهِ ويأمرُ الآكلَ بالتسميةِ ، ويقولُ : إذا أكل أحدُكم فليذكرِ اسمَ اللهِ تعالى فإن نسيَ أن يذكرَ اسمَ اللهِ في أولِه فليقلْ: بسمِ اللهِ في أولِه وآخرِه . ))
وإذا انتهى قال : الحمد لله رب العالمين .
النبات أنواع منوعة وكله يسقى بماء واحد :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ
هذا خوخ دُب ، هذا أبو ريحة ، هناك فرق كبير جداً بينهما ،
الزيتون آية دالة على عظمة الله تعالى :
(( نِعمَ الإدامُ الخلُّ . ))
فالإدام المائع يقال له : صبغ ..
في الأنعام عبرة لنا :
القرآن مُعْجِز يُغَطِّي كل الأزمان والأمكنة :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) ﴾
القرآن مُعْجِز يُغَطِّي كل الأزمان والأمكنة :
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين