- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (018)سورة الكهف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
علاقة السبب بالمسبب علاقة شكلية :
﴿ كَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا. سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا. وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا. وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا. قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا. وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا. وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا. وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا. أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس الرابع من سورة الكهف .
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
لذلك قال علماء التوحيد : علاقة السبب بالمسبب علاقة شكلية ، بمعنى أن الحكم العادي هو شيئان تلازم وجودهما وعدمهما ، وليس أحدهما علةً كافية لخلق الآخر ، أي الله عز وجل ممكن من دون طعام ولا شراب أن يقي الإنسان التلف والفناء ، فالله عز وجل على كل شيء قدير ، أي دائماً وأبداً هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن الأمور تقع عندها لا بها ، ما معنى عندها لا بها ؟ أي الأمر يقع عند وجود الإرادة الإلهية ، لا بالسبب ، السبب وحده غير كافٍ لحصول النتيجة ، لكن هناك ترافقاً شكلياً بين السبب والنتيجة .
أي من لوازم الشبع تناول الطعام ، تناول الطعام سبب لحدوث الشبع ، هذه علاقة سبب بنتيجة ، لكن الحقيقة في علم التوحيد أن الله عز وجل قادر على أن يخلق حالة الشبع من دون طعام ، النار تحرق ، هكذا العادة ، ولكن الله عز وجل قادر على إيجاد نار ملتهبة لا تحرق.
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) ﴾
انتهى الأمر .
صور الإعجاز في قوله تعالى : وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً:
1 ـ الصورة الأولى : الإعجاز العددي :
لذلك : المعجزة الأولى ، الإعجاز في قوله تعالى :
2 ـ الصورة الثانية : التقليب ذات اليمين وذات الشمال :
والشيء الثاني : ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ .
3 ـ الصورة الثالثة : حفظ الأجسام مدة ثلاثمئة عام :
والإعجاز الثالث هو أن الله عز وجل حفظ هذه الأجسام كما هي عليه ساعة نومها مدة ثلاثمئة عام ، لذلك عندما يسمع الإنسان أن فلانًا الفلاني بقي في قبره سنوات طويلة دون أن يفنى ، قد يكون صالحاً ، قد يكون ولياً لله عز وجل ، فليس شرطاً أن تفنى الأجساد بعد الموت ، هكذا العادة ، ولكن هناك استثناءات ، لأن حصول السبب غير كاف لحدوث النتيجة ، لابد من إرادة الله عز وجل ، إذا أراد الله كانت النتيجة بلا سبب ، فهذه القصة دليل على أن في الحياة أشياء ممكنة عقلاً ، وهناك أشياء مستحيلة الوقوع ، وهناك واجب الوجود وهو الله سبحانه وتعالى
التمكين في الأرض وعد إلهي محقق الوقوع :
﴿
التمكين في الأرض وعد إلهي محقق الوقوع ، يوجد آية ثانية :
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) ﴾
هذا كلام رب العالمين ، أنتم الأعلون ، الأعلون في عقيدتكم ، عقيدتكم هي الصحيحة ، أنتم على الحق ، أنتم الأعلون ، بالنسبة لكل من فكر في موضوع ما ، أنتم الذين اعتقدتم الحقيقة الصحيحة التي تؤكدها الوقائع اليومية ، أنتم الأعلون ، أعلون في عقيدتكم ، أعلون في أخلاقكم ، أعلون في مكانتكم ، أعلون في سمعتكم .
النهي عن اتخاذ القبور مساجد :
النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن تجعل القبور مساجد ، لماذا ؟ لئلا يصلى إليها ، لئلا يُتخذ القبر قبلة للمصلين ، لئلا يُعبد صاحب هذا القبر من دون الله ، لئلا تنشأ وثنية هي في الأصل قبر لرجل صالح ، النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن أن تُتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ، وفرق بين أن تصلي لله عز وجل ، وأن تصلي للقبر ، لا يمنع إذا دخلت مسجداً فيه قبر لصالح ، ليس القبر في جهة القبلة ، وأنت لا تصلي له ، إنما تصلي لله عز وجل ، فالأمر دقيق ، هناك أناس يؤكدون أن الدخول لمسجد فيه قبر لا يجوز ، لكن الذي لا يجوز أن تصلي لصاحب هذا القبر ، هذا الذي لا يجوز ، أن تتجه إليه ، أن تعظمه من دون الله ، أما إذا كنت متجهاً إلى الله عز وجل وإذا كنت تصلي لله عز وجل ، فهذا لا يمنع .
المسجد مكان العبادة والذكر والدعوة فيه لا تكون إلا لله عز وجل فقط :
لذلك :
﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) ﴾
من هذه الآية يفهم أنه لا يجوز أن تدعو إلا إلى الله عز وجل ، هذا المنبر منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا المكان مكان مقدس ، لا ينبغي أن تطرح فيه قضايا تمس زيداً ، أو عبيداً ، أو جهةً ، أو ملةً ، أو نحلةً
﴿
لم يكن مسجداً ،
الاهتمام بجوهر الدين والابتعاد عن الجزئيات :
الآن ننتقل إلى موضوع دقيق :
المغزى من هذه القصة :
المغزى من هذه القصة :
المغزى من هذه القصة :
المغزى من هذه القصة :
هناك أشياء كبيرة جداً هي الأهداف الكبرى التي أرادها الله سبحانه وتعالى من هذه القصة ، فكيف ينحرف فهم الناس لهذه القصة إلى وقوع في خلافٍ ، وأخذٍ ، وردٍ ، وتشددٍ ، واستخفافٍ ، ومماحكةٍ ، ونقاشٍ ، وجدالٍ ، في موضوع عددهم ؟ هذا الذي لا يريده الله عز وجل ؛ أن تبقى في الجزئيات ، أن تبقى في القشور ، أن تبقى في السفاسف ، أن تبقى في أشياء لا تقدم ولا تؤخر ، أن تمضي كل وقتك في قشور الدين لا في لبه ، هذا الذي لا يعرف جوهر الدين ينشغل بما حول الدين ، أي طوال حياته يناقش الناس ، ويحاججهم تارةً ، ويسألهم ، ويستفتيهم ، ويرد عليهم ، في أمور خارجية لا تمس جوهر الدين ، ربنا عز وجل في آيات كثيرة أشار إلى جوهر الدين قال تعالى :
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) ﴾
قال :
﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ
قال :
﴿
هذا جوهر الدين ، دائماً حتى في المركبة يوجد محرك ، ويوجد أشياء تزيينية ، إذا نسيت المحرك ، وصيانته ، احترق وأنت في غفلة عنه ، وترعى ، وتعتني بهذه الأشياء التزيينية ، فأنت لا تعرف حقيقة هذه المركبة ، في الدين أشياء جوهرية ، وأشياء ثانوية ، فإذا أبعد الله عبداً عن الهدى تعلق بالسفاسف ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ و أَشرافَها و يَكرَهُ سَفْسافَها . ))
إبهام عدد الفتية لعدم الفائدة في الذكر :
تعاريف جامعة مانعة للدين :
النبي عليه الصلاة والسلام في تعاريف جامعة مانعة ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
((
تعريف جامع مانع ، أي الدين كله نصيحة ، فإذا تخليت عن النصيحة لست ديِّناً ، انتهى الأمر ، ولو صليت ، وصمت ، وزعمت أنك مسلم ، لمجرد أن تخون إنساناً في نصيحة استنصحك بشيء فأشرت عليه بما لا تفعله لنفسك ، أشرت عليه بخلاف النفع ، خلاف الحقيقة ، خلاف الفائدة ، خلاف الجودة ، إذا أشرت عليه بشيء لا ترضاه لنفسك فلست ديِّناً ، الدين النصيحة ، رأس الدين الورع ، الورع أساس الدين ، من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله ، رأس الحكمة مخافة الله .
هذه التعريفات الجامعة والمانعة هي أساس الدين ، الدين المعاملة ، هذا قول ، أي من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته ، وحرمت غيبته ، الدين المعاملة .
قال له : هل حاككته بالدرهم والدينار ؟ قال : لا : قال : هل جاورته ؟ قال : لا ، قال : هل سافرت معه ؟ قال : لا ، قال : أنت لا تعرفه .
من سكت الله عنه على الإنسان أن يسكت عنه لأنه لا فائدة منه :
إذا قرأت القرآن فابحث عن هذه التعريفات الجامعة المانعة من أجل أن نفهم هذه الآية ، لا يعنينا أن يكونوا ثلاثة ، أو أربعة ، أو خمسة ، أو ستة ، أو سبعة ، أو ثمانية ، هذا الرقم لا يقدم ولا يؤخر .
مرة ضربت مثلاً كنت حريصاً على توضيحه ، مدرس أراد أن يعطي طلابه في الثانوية التجارية درساً في أصول التجارة ، فروى لهم قصة عن رجل اشترى محلاً تجارياً في مكان عليه ازدحام شديد ، واختار بضاعةً أساسيةً في حياة الناس ، واختارها من أجود الأنواع ، وجعل سعرها معتدلاً ، وباع نقداً ، وكان لطيفاً ، فربح أرباحاً طائلة ، واشترى بيتاً ، وعاش حياةً كريمةً ، في بحبوحة ويسر ، فأنا أريد أن أنبه هذا الطالب إلى أن أهم ما في التجارة الموقع ، ونوع البضاعة ، وجنس البضاعة ، والسعر المناسب ، والمعاملة الطيبة ، والبيع النقدي ، هذه عناصر ربح في التجارة ، فقال أحد الطلاب لهذا الأستاذ : هذا الذي تحدثنا عنه أهو أبيض أم أسمر اللون ؟ يا أخي لا علاقة لها هذه ، كونه أبيض ، أو أسمر ، طويلاً ، أو قصيرًا ، هذه الجزئيات ليست لها علاقة في القصة ، القصة هادفة ، هدفها أن نعلمك أصول التجارة ، وأن نعلمك أن التجارة قد تربح من خلالها إذا طبقت هذه الشروط ، تقول لي : ما لون هذا التاجر ؟ أين يسكن ؟ ما نوع الثياب التي يرتديها ؟ ما لون الطلاء في دكانه ؟ هذه أشياء جزئيات ليس علاقة بالقصة إطلاقاً .
هذا الذي أريد أن أوضحه لكم لما ربنا عز وجل ذكر أقوال الناس ، واختلافهم في عدد هؤلاء الذين سُموا أهل الكهف ، هو أراد أن يبين هذه الأشياء لا قيمة لها ، لذلك بعد هذا النقاش الطويل لم يذكر ربنا عز وجل عددهم ، ما ذكر لأنه لا جدوى من ذكر العدد ، العبرة أن تكون كهؤلاء الفتية
لذلك هذا الذي أتمناه عليكم وعلى نفسي ، كلما تَلَونا قصة في كتاب الله أن نقف عند مغزاها . سيدنا يوسف قصة طويلة ، بل هي أطول قصة في القرآن ، ما مغزاها ؟
﴿ لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ
الفعل فعله ، لا إله إلا هو ، لا معطي إلا الله ، لا مانع إلا الله ، لا معز إلا الله ، لا مذل إلا الله ، لا مغني إلا الله ، لا رافع إلا الله ، لا خافض إلا الله ، هذا هو المغزى ، أما أن نخرج عن فهمنا لهذه القصة لأشياء ؛ يا ترى سيدنا يوسف هل تزوج هذه المرأة التي راودته عن نفسها بعد أن مكنه الله في الأرض ؟ لا أعرف والله ، ولا ينبغي أن أعرف ، ولا أريد أن أعرف ، لأن الذي سكت الله عنه أنا أسكت عنه أيضاً ، لا جدوى منه .
من استنباطات الآية التالية عدم استفتاء أهل الكتاب أو أخذ المعلومات عنهم :
للإنسان الكسب والإرادة ولكن الفعل لا يقع إلا بأمر الله :
﴿
وجوب الذكر بعد النسيان لأن النسيان من طبيعة البشر عامة :
﴿
عن عبد الرحمن بن سليمان أبو الجون :
(( للَّهُ أفرَحُ بتوبةِ التَّائبِ مِنَ الظَّمآنِ الواردِ ، ومنَ العقيمِ الوالِدِ ، ومنَ الضَّالِّ الواجدِ فمَن تابَ إلى اللَّهِ توبةً نصوحًا أنسى اللَّهُ حافِظيهِ وجوارحَهُ وبقاعَ الأرضِ كُلِّها ، خطاياهُ وذنوبَهُ. ))
فإن تابوا فأنا حبيبهم ، وإذا لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، إذا تبت إلى الله عز وجل توبة نصوحاً فأنت حبيب الله ، إذاً :
﴿
(( اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمْحُها ، وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حَسنٍ . ))
(( صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ : الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقَصَتْ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ))
لم تقصر ولم أنسَ ، لكن تشريعاً .
من لم يكن في زيادة فهو في نقصان :
إذا طالب لم يدرس ، درس إلى السنة الثانية في الجامعة ، ولم يكمل هو ما زاد لكن في نقصان ، لأن كل من حوله سوف يَصِلون إلى درجات عليا ، إذاً هو نقصَ عنهم ، من لم يكن في زيادة فهو في نقصان ، والمغبون من تساوى يوماه.
من اعتمد على غير الله فقد أشرك :
النظر بنور الله لاتخاذ القرار الصحيح :
﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ
ولو نظر إلى هذا العمل بمنظار أهل الكفر لرآه غنيمة لا تفوقها غنيمة
الاستماع إلى الحق وترك أقوال الناس :
علاقة صحة النظر بالاطمئنان والأمل :
إذا نظرت إلى أية أزمة ، أو إلى أية مشكلة بنظر أهل الدنيا تزداد انقباضاً ، وتشاؤماً ، وسوداوية ، لكن إذا نظرت إلى أية مشكلة بنور الله عز وجل ، تقرأ الآية الكريمة :
﴿
انتهى الأمر ، وعد إلهي .
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) ﴾
إذا إنسان أصابه بمرض ، ونظر إلى هذا المرض بمنظار الأطباء فقط غير المؤمنين يعطونه يأساً ، لا يوجد دواء ، أي هذا المرض ليس له دواء ، أما إذا قرأت قوله تعالى :
﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾
يدخل إلى قلبك شعاع الأمل ، والله سبحانه وتعالى عند حسن ظن عبده المؤمن ، أنا عند حسن ظن عبدي بي ، فليظن بي ما يشاء ، كل قضية ، الزواج انظر له بمنظار أهل الدنيا ، الزواج متعة ، لذلك يجب أن تختارها جميلة ، وإلا ما أفلحت في نظرهم ، وبعد أن تختار هذه الجميلة تريك النجوم ظهراً هذه الجميلة ، عندئذ تكفر بالجمال كله ، وتبحث عن المرأة الصالحة ، تُنكح المرأة لجمالها ، من تزوج المرأة لجمالها أذله الله ، لجمالها فقط ، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءة ، ومن تزوجها لمالها أفقره الله ، فعليك بذات الدين تربت يداك ، بزواجك إذا نظرت إلى الزواج بنور الله بحثت عن المرأة الصالحة ، إذا نظرت في تجارتك بنور الله بحثت عن الربح الحلال ، بقية الله خير لكم ، لم تبحث عن ربح كثير حرام ، بل عن ربح حلال قليل ، أي موضوع في الحياة إذا نظرت إليه بنور الله أخذت منه موقفاً آخر ، بنور الله .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا . ))
يعيش ناعم البال ، هذه راحة البال لا تقدر بثمن ، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر ، وخذ من الدنيا ما شئت ، وخذ بقدرها هماً ، من أصبح وأكبر همه الدنيا ، جعل الله فقره بين عينيه ، وشتت عليه شمله ، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له ، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة ، جعل الله غناه في قلبه ، وجمع عليه شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، فالمشكلة أن تنظر إلى الشيء بنور الله ، ولن تستطيع أن تنظر إلى الشيء بنور الله إلا إذا كنت مع أهل الله ، سألتهم فأجابوك ، تنورت بهم فأناروا لك الطريق ، بحثت معهم هذا الموضوع فأعطوك حكم الله عز وجل ، لذلك:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾
كن معهم ، لا تعش وحدك ، وحدك يوجد وساوس ، يوجد سوداوية ، يوجد شرك ، يوجد وقوع في مزالق المعاصي ، يوجد وحشة ، يوجد انقباض ، الجماعة رحمة ، والفرقة عذاب ، إذاً :
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(41) ﴾
حكمه قطعي
كلمات الله قوانين وقواعد ثابتة :
﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾
هذه أصل .
﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) ﴾
ما دام الإنسان متلبساً بالفسق فلن يؤمن ، ينحاز في أفكاره مع الكفرة بشكل أو بآخر .
يوجد مجموعة آيات
﴿
من كلمات الله أيضاً :
﴿
من كلمات الله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا
من كلمات الله .
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ
من كلمات الله .
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
من كلمات الله ، كلمات الله تلك القواعد الأساسية ، هذه الآيات التي تأخذ شكل قوانين ، علاقات ثابتة .
الأسس التي ذكرها الله في القرآن ثابتة لا يضاف عليها ولا يحذف منها :
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ﴾
يوجد آية أخرى :
﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) ﴾
كنت في الدنيا تدّعي أنك عزيز ، كريم ، ذق العذاب الآن .
مصاحبة المؤمنين الذين يدعون ربهم صباحاً ومساء ولو كانوا ضعفاء وفقراء:
ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا هم السلاطين والسادات والأمرا
فاصحبهم وتأدب في مجالسهم وخلِّ حـظك مهما قدمـــــوك ورا
***
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ
﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
يدعون ربهم دائماً .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
الإخلاص في العمل :
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) ﴾
الإنسان أحياناً يبتغي بهذا المجيء السمعة ، له مصلحة ، إذا جاء للمجلس يصير له زبائن كثيرون ، يروجون تجارته ، كل إنسان يعلم لماذا هو هنا الآن ، طوبى لمن كانت نيته خالصه لوجه الله عز وجل .
﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) ﴾
من علامات الإخلاص أن يكون الله وحده ، أو أن يكون وجه الله عز وجل هو مبتغاك ، ولا مبتغى لك سواه .
علامة أهل الحق كثرة الذكر والإخلاص :
هؤلاء أهل الحق لهم علامتان ، يكثرون ذكر الله ، ويبتغون وجه الله ، برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله ، الإكثار من ذكر الله صباحاً ومساءً .
﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
والنية والابتغاء مرضاة الله عز وجل .
حِلق الذكر رياض الجنة :
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ما من قومٍ يقومونَ من مجلسٍ لا يذكرونَ اللهَ فيهِ إلا قامُوا عن مثلِ جيفةِ حمارٍ، وكان لهم حسرةٌ . ))
حِلق الذكر رياض الجنة .
المؤمن يتبع الحق وغير المؤمن يتبع الهوى :
﴿
الإنسان مخيَّر:
الحقيقة :
جزاء الكفار يوم القيامة :
استمعوا إلى يوم الدين :
زوال الكون أهون على الله من أن يضيع على مؤمن عمله الصالح :
شاب ناشئ جمّد مبلغ ثمانية آلاف ليرة ، والده فقير ، والدته أصيبت بحادث ، تحتاج إلى مبلغ لإصلاح أسنانها ، هو هيأ مبلغه لزواج أو حركة ، فلما رأى أمه هكذا أنفق المال كله من أجل معالجة أمه ، بعد سنوات عدة بقدرة قادر هيِّئ له منزل ، وفرش هذا المنزل ، وزوجة ، قلت : سبحان الله ! كل هذا العطاء لأنه فادى بماله من أجل أمه
﴿
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) ﴾
هل من المعقول مسلم مستقيم ، له استقامته ، له عمله الصالح ، له فهمه للدين ، أيعقل أن يُعامل كما يُعامل المجرم المنحرف العاصي ؟!!
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ
والحمد لله رب العالمين