وضع داكن
20-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 58 - لقاء مؤسسة الحسين للسرطان - الصحة الوقائية من وجهة نظر دينية
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون كلمتي التي سألقيها كما تتمنون إن شاء الله .

الطب الوقائي سيد الطب البشري كله :

 الحقيقة الأول هي أن الطب الوقائي في الإسلام ينطلق من أن إزالة أسباب المرض أجدى وأهون من إزالة أعراضه ، وأن المرض وإن زالت أعراضه بالدواء فإن له أثاراً جانبية تأتي في وقت لاحق ، تظهر على أشكال أمراض قلبية ، ووعائية ، وكلوية ، من دون سبب مباشر ، لذلك يعد الطب الوقائي سيد الطب البشري كله ، لأن قوة الأمة تتجلى بقوة أفرادها ، وأن دخلها يقاس بدخلهم ، وأن الأمة التي تنزل بساحتها الأمراض ، أو تستوطنها الأوبئة تتعرض لخسران كبير ، فالطب الوقائي حفاظ على الصحة ، والوقت ، والمال ، والجهد ، سواء في هذه القوى البشرية المريضة المعطلة ، التي كان من الممكن أن تسهم جهودها في زيادة الدخل ، أو في هذه الأموال الطائلة التي تنفق في معالجة هذه الأمراض ، والتي كان من الممكن أن تنفق في بناء الوطن ، فتسهم في مناعته ، ورفعته ، ويضاف إلى هذا أن ثمن معظم الدواء يستهلك نقداً أجنبياً صعباً ، نحن في أشد الحاجة إليه لتنفيذ المشروعات الإنتاجية التي تعود بالنفع العام على الأمة .
 فمثلاً : إن أرباح شركات الدخان العملاقة في العالم هي أقل بكثير من تكاليف معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين ، الذي يحوي على عدد كبير جداً من السموم القاتلة ، وإن إدمان المدخنين 15 % ، ماذا يعني ؟ أي 85 % من هؤلاء لا يستطيعون ترك الدخان ، وإدمان الخمر 15 % ، المدخنون 85 ، والمدمنون 15 ، أي مئة مدخن يستطيع الدخان خمسة عشر ، ومئة شارب خمر يترك خمسة وثمانون ، هذه نقطة مهمة جداً ، نسب الإدمان .

النظافة من أهم وسائل الطب الوقائي :

 الآن النظافة من أهم وسائل الطب الوقائي ، والنظافة من الطب الوقائي ، فالإسلام يأمر بالنظافة ، فهي تقي من انتقال الكثير من الأمراض المعدية التي تنتقل بتلوث الأيدي كالكوليرا ، والزحار ، والالتهاب المعوي ، والكورونا التي نعيشها .
 والنظافة تنشط الدورة الدموية بتنبيه الأعصاب ، وتدليك الأعضاء ، وتحفظ وظائف الجلد من أن تتعطل ، فضلاً عن النظافة في بناء الشخصية ، وفي العلاقات الاجتماعية ، والله سبحانه وتعالى حثنا عليها ، وجعلها سبباً لمحبته قال تعالى :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 222]

مستويات الطهارة :

 الآن مستويات الطهارة : الإمام الغزالي ، العالم الكبير أبو حامد الغزالي فهم هذه الآية على أربعة مستويات : الأول : تطهير الظاهر من الأحداث والأخبار ، الثاني : تطهير الجوارح من المعاصي والآثام ، الثالث : تطهير النفس من الأخلاق الذميمة ، والرذائل المنقوصة ، الرابع: تطهير النفس مما سوى الله ، وهو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
 لقد أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام بغسل اليدين قبل الطعام ، فقال عليه الصلاة والسلام :

(( بركة الطعام الوُضُوء قبلَه ، والوضوء بعدَه ))

[أبو داود والترمذي عن سلمان الفارسي]

 طبعاً ما معنى الوضوء قبل الطعام ؟ أي غسل اليدين والفم ، الإسلام يأمر بالنظافة أمراً ، لا يخفى على أن وضوء الطعام هو غسل اليدين والفم قبل تناوله ، وقد جعل النبي الكريم غُسل الجمعة واجباً دينياً ، ولو كان مد الماء بدينار ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(( حقُّ اللهِ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً ، يغسل رأسَه وجسدَه))

[أخرجه زيادات رزين عن أبي هريرة ]

 وأهمية النظافة في الإسلام أنه جعلها شرطاً لأول عبادة فيه وهي الصلاة ، فقال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾

[ سورة المائدة: 6]

 وقد تفضل الله علينا بالماء الطهور ، أي الماء الطاهر المطهر كي تتطهر به ، فقال تعالى :

﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ﴾

[ سورة الفرقان: 48]

 وقال أيضاً النبي الكريم :

(( اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها ))

الصلاة وعلاقتها بالطب الوقائي :

 أما عن الصلاة وعلاقتها بالطب الوقائي فالآن الصلاة بحركاتها ، من قيام ، وركوع ، وسجود ، واعتدال نوع من الطب الوقائي ، فقد أكد علماء التربية الرياضية أن أحسن أنواع الرياضة ما كان يومياً ، ومتكرراً ، وموزعاً على أوقات اليوم ، وغير مجهد ، ويستطيع أن يؤديه كل إنسان من كل جنس ، وفي كل عمر ، وفي كل ظرف وبيئة ، وهذا كله متوافق في الصلاة، الصلاة رياضة ، طبعاً هي عبادة ، لها أهداف جانبية ، هذا وإن انخفاض الرأس في الركوع والسجود يسبب احتقان أوعية المخ بالدم ، وعند رفع الرأس فجأة ينخفض الضغط في الأوعية ، وتتكرر هذه العملية ست مرات في الركعة الواحدة ، وما يزيد عن مئتي مرة في اليوم ، وستة آلاف مرة في الشهر ، ومن انقباض الأوعية وانبساطها تزداد مرونتها .
 الحقيقة لو أن الإنسان لم يصب بأي مرض كيف يموت ؟ بتصلب الشرايين ، والصلاة أكبر مساهم في مرونتها .
 فلذلك بانقباض الأوعية وانبساطها تزداد مرونتها ، وتقوى جذرها وعضلاتها ، وهذا يبعد عنها خطر تصلبها ، أو انفجارها ، ولاسيما حينما ارتفاع الضغط ، والصلاة تحرك جميع عضلات الجسم ، القابضة والباسطة ، وتحرك جميع المفاصل حتى الفقرية منها ، وتنشط القلب والدورة الدموية ، وتقوي جذر شرايين المخ .
 وإن حسن تأدية وظائفه منوط بحسن ترويته بالدم ، وإن السجود يوفر له تروية مثلى ، وهذا فضلاً عن الطمأنينة والسعادة التي يشعر بها المصلي .
 هناك امرأة أنهكتها آلام الشقيقة ، فذهبت إلى بلد أوربي بغية المعالجة ، رومانيا ، قال لها الطبيب هناك : هل أنت مسلمة ؟ قالت : نعم ، قال لها : أتصلين ؟ قالت له : لا ـ قال لها : صلِي يذهب ما بك ، فامتلأت غيظاً ، وسخرت من هذه الوصفة ، وقالت : لقد تجشمت عناء السفر ، وبذلك عشرات الآلاف ليكون الدواء هو الصلاة ؟ ! عندئذٍ قال لها : إن أحد أسباب الشقيقة نقص في تروية الدماغ لسبب عصبي ، وإن الصلاة تحقق حالة نفسية تسهم في توسيع الشرايين ، والاعتدال في الطعام والشراب ، ووسائل المباحات .

الاعتدال بالطعام والشراب من الطب الوقائي أيضاً :

 من الطب الوقائي أيضاً :

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 نص الآية يأمر بالاعتدال بالطعام والشراب ، لكن النهي عن الإسراف لم يقيد بالطعام والشراب .

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 في أي شيء ، بل أُطلق ليشمل كل شيء ، والمطلق في القرآن على إطلاقه ، وقد بيّن النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم حدود هذا الاعتدال ، فعن النبي يقول :

(( ما مَلأ آدميّ وعاء شَرّا من بَطْن ، بِحَسْب ابن آدم لُقَيْمَات يُقِمنَ صُلْبَه ، فإن كان لا مَحَالةَ فَثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ، وثُلُث لنَفَسِه ))

[الترمذي عن مقدام بن معد يكرب رضي الله عنه]

 قال أحدهم : إن عشر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياء ، وإن تسعة أعشار ما نأكله يكفي لبقاء الأطباء أحياء ، نقطة دقيقة جداً .
 وقد بيّن النبي عليه الصلاة والسلام أن لذة الطعام لا تحصل باختيار أنفس الأطعمة وأطيبها ، ولكنها تحصل بتلامس الآتي ألا وهي الجوع ، فقال النبي الكريم :

(( نعم الإدام الجوع ))

 وقد كتب على مدخل إحدى المستشفيات الكبرى في بلد أوربي بألمانيا هذا الكلام : نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ، محمد بن عبد الله ، بألمانيا ، في برلين أكبر مستشفى مكتوب عليها :

(( نحن لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ))

 هذا أصل أيضاً بالطب الوقائي ، لأن الفائدة من الطعام لا تتحقق إلا بتمثله تمثلاً صحيحاً ، ولا يكون الهضم والتمثل صحيحين إلا إذا انهمرت العصارات الهاضمة على الطعام انهماراً ، وهي لا تنهمر إلا بالجوع .

(( نعم الإدام الجوع ))

 إذاً اجلس إلى الطعام ، وأنت تشتهيه ، وارفع يدك عنه وأنت تشتهيه ، وقد بيّن النبي الكريم أن في الطعام لذة نتذوقها ، وطاقة نستهلكها ، وفضلات نطرحها ، بعد الطعام :

(( الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى فيّ قوته ، وأذهب عني أذاه ))

 فالاعتدال في الطعام والشراب وسائر المباحات أصل في الطب الوقائي .
المذيع :
 فضيلة الدكتور ؛ هل سمحت لي ؟
الدكتور محمد راتب :
 تفضل .
المذيع :
 فضيلة الدكتور ؛ فضيلتك تتحدث عن أهمية الغذاء ، أي الدور الغذائي السليم في الوقاية من الأمراض ، إذا كنا نتحدث عن طب وقائي في الإسلام ، وخاصة فضيلة الدكتور هذا الموضوع الذي تعاني منه بعض النساء موضوع سرطان الثدي ، ما أهمية أن يكون هناك وعي صحي عند الأسرة ؟ الزوج يثقف أبناءه ، وأسرته ، الزوجة يكون لديها وعي صحي ، ماذا تحضر إلى بيتها من غذاء سليم حتى تقي هذه العائلة ؟ لأن بعض الأمراض خاصة هذا الموضوع موضوع السرطان - أبعدنا الله عن هذا المرض جميعاً - قد يكون له علاقة بالغذاء ، فما أهمية ذلك حتى ننشر الوعي الصحي بالأسرة لو سمحت لي ؟

نصائح مهمة في الطعام والشراب :

الدكتور محمد راتب :
 لي صديق ، طبيب كبير في الشام ، مرة في سهرة قال لي هذا الكلام : هناك أربع نصائح تقدم لكل إنسان في الطعام والشراب ؛ أول نصيحة : كُلْ كلَّ شيء ، ما من غذاء إلا ويغطي حاجة بالجسم ، أي الجوز ؛ غذاء الدماغ ، البامية ؛ غذاء الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي ، ما من غذاء إلا ويغطي حاجة أساسية في الجسم ، أول ملاحظة كُلْ كلَّ شيء ، الثانية : كُلْ قليلاً ، الثالثة : ابذل جهداً عضلياً ، اصعد درجاً ، امشِ ، الرابعة : ابتعد عن الشدة النفسية .
 كُلْ كلَّ شيء ، كُلْ قليلاً ، ابذل جهداً ، ابتعد عن الشدة النفسية .
المذيع :
 دكتور ، موضوع الضغط النفسي ، نتحدث هنا كثيراً عن دور الرجل بالأسرة ، بعض النساء التي تصاب بالأمراض أي قد يقوم الزوج ، وقد يتخلى عنها بالطلاق ، أو قد تحدث خلافات لا قدر الله ، هنا دور الرجل في تشجيع زوجته في حال أصابها المرض خاصة موضوع الفحص المبكر ؟

الإيمان صحة وسعادة وتواصل وتماسك :

الدكتور محمد راتب :
 هذا الضغط يا سيدي ، ضغط الدم هو القاتل الصامت .
المذيع :
 كيف الزوج يرفع معنوية زوجته ؟
الدكتور محمد راتب :
 دقيقة ، ضغط الدم هو القاتل الصامت ، هذا الضغط نوعان ، ضغط أوعية ضيقة ، وضغط الهم ، ضغط الدم من ضغط الهم ، أنا أقول ولا أبالغ : المؤمن إذا عرف الله ، عرف أنه المخلوق الأول ، خضع لمنهجه ، اتصل مع المؤمنين ، عمل عملاً صالحاً ، هذا ينجو من ضغط الهم ، وضغط الدم له علاقة بضغط الدم ، هناك سبب وعائي لضغط الدم ، وسبب نفسي، الهم يجلب ضغط الدم .
 فلذلك الإيمان صحة ، أنت أعقد آلة بالكون ، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة صانع عظيم هو الله ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرص الإنسان اللامحدود على سلامته ، وعلى صحته ، وعلى سعادته ، وعلى استمراره ، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع ، لذلك الله عز وجل قال :

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

 أي أنت مصمم تصميماً مطلقاً ، كمالك مطلق ، فأي خلل ابحث عن المشكلة ، يوجد مشكلة ، فلذلك الغذاء السليم أحد أسباب الوقاية من الأمراض .
 هناك نقطة دقيقة جداً ؛ أفضل الطعام ما كان دواء ، وأفضل الدواء ما كان غذاءً ، أي دائماً الأغذية متنوعة في فوائدها الطبية ، فلذلك الإنسان حريص على سلامته ، وسعادته ، وعلى استمراره ، لا يوجد غير حالة واحدة أن نتبع تعليمات الصانع ، الله عز وجل قال :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 إذا شخص عنده جهاز معقد جداً ، كمبيوتر ، وإلى جانبه بائع خضار يحبه كثيراً ، هل يسأل هذا الخضري عن إصلاح هذا الجهاز أم يحتاج إلى خبير ؟ يبحث عن الخبير ، الله قال :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 لذلك في نقطة دقيقة : هل يمكن أن اضغط دعوة الأنبياء جميعاً ، يعني فحوى دعوة الأنبياء جميعاً ، قال تعالى :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 العلماء قالوا : التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل ، فحوى دعوة الأنبياء جميعاً :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 لذلك هناك كلمات جامعة مانعة :

(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه ))

[سعيد بن منصور في سننه عن علي]

 فلذلك الإيمان صحة ، الإيمان طمأنينة ، الإيمان سعادة ، الإيمان تواصل ، الإيمان تماسك ، الإيمان قوة .

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :

 هناك ملاحظة دقيقة ، دقيقة جداً :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 كيف ؟ هذا الضعيف ؛ إن أطعمته إن كان جائعاً ، كسوته إن كان عارياً ، عالجته إن كان مريضاً ، آويته إن كان مشرداً ، دعمته إن كان مظلوماً ، يتفضل الله عليك فيكافئك مكافأة من جنس عملك ، ينصرك على من هو أقوى منك ، الحديث دقيق جداً .

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 فالمجتمع المتماسك قوي ، قوة تماسك ، والمجتمع الذي فيه عطاء وعمل صالح دائماً عندنا غنى وفقر ، أما الغني فيقدم جزءاً من ماله ، الفقير يأنس بهذا المال ، رفعنا من شأن الفقير بهذا العطاء ، وقربنا هذا الغني إلى الله من أجل سبب دفعه لهذا المال ، فالعمل الصالح علة وجودنا في هذه الدنيا ، الدليل ، الإنسان قبل أن يواجه الآخرة يقول :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 دقق ، لِمَ سمي العمل صالحاً ؟ قال : لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
 سيدي ؛ أنت إذا بعثت ابنك لباريس لينال الدكتوراه من السوربون ، أكبر مدينة بأوربا علة وجود الابن بباريس ما هي ؟ الدراسة ، هذا لا يمنع أن يشتري كتاباً ، أن يدخل لمطعم ، أن يقبع بحديقة ، لا يوجد مانع ، لكن الدراسة هي علة وجوده .
 ما علة وجود الإنسان بالأرض ؟ قال تعالى :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 والعبادة في أدق تعاريفها طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية ، طاعة طوعية ليست قسرية .

الحبّ نوعان ؛ حبّ في الله وحبّ مع الله :

 الذي خلقنا ، حياتنا بيده ، موتنا بيده ، الصحة بيده ، المرض بيده ، الغنى بيده ، الفقر بيده ، السعادة بيده ، الشقاء بيده ، مع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً ، قال :

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة: 256]

 بل أراد أن تكون علاقة الحب بيننا وبينه ، قال :

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة: 54]

 فلذلك هناك حب في الله ، وحب مع الله ، الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، أن تحب الله ، أن تحب رسله ، أن تحب أنبياءه ، أن تحب العلماء الربانيين ، أن تحب الدين ، أن تحب الإقبال على الله ، أن تحب العمل الصالح ، هذا من فروع محبة الله عز وجل ، وأما الحب مع الله فهو عين الشرك ، أن تحب جهة تمنعك أن تصلي ، أو أن تحب جهة تنتفع منها مادياً ، لذلك الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، وعلة وجودنا في الدنيا العمل الصالح ، سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟
المذيع :
 فضيلة الدكتور ؛ أنا آسف على المقاطعة مرة أخرى ، لكن حضرتك تتكلم عن جانب ديني رائع جداً، ونحن بحاجة إليه ، خاصة الجانب المعنوي ، والجانب النفسي ، لكن دكتور بخصوص هذه الأمراض ، أي الكثير ، سواء كن زوجات بخصوص هذا المرض ، أو كانوا رجالاً عموماً في المجتمع ، عندما يصيبه المرض قد يقول قائل : أنا لماذا أذهب إلى الطبيب ؟ هذا قضاء وقدر مكتوب عليّ ، هذه دكتور نواجهها في المجتمع بشكل كبير .

اتباع تعليمات الصانع جزء من العبادة :

الدكتور محمد راتب :
 تواجه بهذه الحقيقة .
المذيع :
 كيف نعالج هذه المسألة ؟
الدكتور محمد راتب :
 الطبيب الاختصاصي الذي يقدم لك نصيحة الأخذ بها من العبادة ، والإله العظيم خلقك وأعطاك الصحة ، وهذا الطبيب هو الخبير ، فأن تتبع تعليمات الطبيب جزء من عبادتك ، قال تعالى :

﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾

[ سورة النساء: 59]

 فالطبيب من أولي الأمر ، وطاعة الطبيب جزء من طاعة الله عز وجل .
 عفواً ؛ مظلي ، أعطيناه مظلة ، لو فرضنا جهل لونها ، جهل عدد الحبال ، جهل نوع الحبال ، بلاستيك أم صوف طبيعي ، جهل أشياء كثيرة ، إلا معلومة واحدة إذا جهلها نزل ميتاً ، طريقة فتحها ، هذا قال عنه العلماء : ما ينبغي أن يعلم بالضرورة ، فأي إنسان طبيب ، غير طبيب ، تاجر ، مدرس ، هناك حد من الدين لا بد من أن يعلم بالضرورة .
 يقول شخص معه دكتوراه من السوربون : أنا طبيب ، أنت طبيب فقط لكنك بالدين أميّ ، فلابد من طلب العلم ، طلب العلم فريضة على كل مسلم ، أن تعرف من أنت ، أنت المخلوق الأول ، أنت المخلوق المكرم ، أنت المكلف بتعليمات الصانع .
 راكب مرسيدس 2020 ، تألق ضوء أحمر على لوحة البيانات أمامك ، إن فهمته تألقاً تزيينياً احترق المحرق ، تحتاج إلى مئة ألف ، أما إن فهمته ضوءاً تحذيرياً أوقفت المركبة ، وأضفت لتر زيت ، سلم المحرك .
 البطولة ، والذكاء ، والنجاح ، والسعادة ، والفوز ، والتفوق أن تتبع تعليمات الصانع حفاظاً على سلامتك ، وعلى سعادتك .
المذيع :
 موضوع القضاء والقدر دكتور أي أن نأخذ بالأسباب في هذا الموضوع ؟

قضية القضاء والقدر :

الدكتور محمد راتب :
 القضاء والقدر أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، كيف ؟ لو أن هناك عطلة رسمية طويلة ، وأخ كريم مقيم بعمان أراد أن يقضي العيد بالعقبة فرضاً ، ما واجبه الشرعي ؟ أن يراجع المركبة ، العجلات ، المكابح ، الزيوت ، القشط مراجعة تامة ، أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، ما الذي حصل ؟ الغرب أخذ بالأسباب أخذاً مثالياً مذهلاً ، لكنه أشرك ، اعتمد عليها ونسي الله، والشرق لم يأخذ بها أصلاً ، فالغرب ألهها ، والشرق تركها ، وكلاهما مخطئ ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .

كليات الدين :

 أنا مرة كنت بمعمل سيارات بأمريكا ، بديترويت ، كاديلك ، قال لي المرافق المترجم : في هذه السيارة ثلاثمئة ألف قطعة ، أنا كراكب أرى أن فيها غلافاً معدنياً – غليسوري - ومحركاً ، وعجلات ، وبنزين ، ومقوداً ، ومقاعد ، سبعة أشياء ، أنا أردت بهذا المثل اللطيف أن أصل لكليات الدين ، يوجد في الدين مليون عالم ، مليون كتاب ، مليون بحث ، له كلياته الأساسية ، أول كلية العقيدة ، الفكر ، الأيديولوجيا ، التصور ، الجانب العقدي ، هذا لا بد من طلب العلم .
 الجانب الثاني الحركي ، هناك حركة سلبية استقامة ، ما أكلت مالاً حراماً ، ما كذبت، ما غششت ، وحركة إيجابية ، عملت عملاً صالحاً ، هذا جانب حركي ، الجانب الثمري الصلاة :

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

[ سورة طه: 14]

 أنت إذا اتصلت بالله أديت واجب العبودية ، لكن أعطاك نتائج مذهلة .

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة الأنعام: 82 ]

 أنت إذا صليت ذكرته ، أما إذا ذكرك منحك السكينة ، تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، أعطاك التوفيق ، أعطاك السعادة ، أعطاك الحكمة ، نتائج الصلاة يصعب تصورها .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 أرجو الله أن ينتفع الأخوة المستمعون والمشاهدون بهذه الحقائق لأنها أساسية في الدين .
المذيع :
 دكتور ؛ كلامك لا يمل منه ، ونود أن نبقى ساعات وساعات ، ولكن دكتور الوقت ، وفضيلتكم ، نريد أن نوجه بعض الأسئلة البسيطة .
الدكتور محمد راتب :
 أنا جاهز .
المذيع :
 أكرمك الله دكتور ، حتى نتنور ، أنت الحمد لله جزاك الله كل خير عالم من علماء الأمة ، وذكرت كلاماً جميلاً ، وفيه أيضاً كلام صحي وطبي ، ما دور العلماء كلّ في تخصصه في نشر الوعي الصحي عموماً من سائر الأمراض ؟ هل دكتور أنت راض عن دور العلماء بشكل عام كلٌ في تخصصه ، كلٌ يقوم بواجبه في نشر الوعي الصحي عند الناس؟ الحديث واجب مثلاً عن مرض كورونا ، وحلقتنا الحوارية عن موضوع سرطان الثدي ، وهذا جزء من التوعية ، هل نحن بحاجة لمثل هذه الدروس وجميع القصص حتى ننشر الوعي الصحي عند الناس ؟

من لم يتعامل مع الموضوعات الساخنة التي تهم البشر فقد خان الله ورسوله :

الدكتور محمد راتب :
 أريد أن أتكلم بكلام لكن أرجو ألا أكون قاسياً : إذا كان هناك جائحة ككورونا فهذه مشكلة كبيرة ، هناك بلد محتل القضية كبيرة جداً ، هناك اجتياح إن تكلم العالم في الحيض والنفاس فقد خان الله ورسوله ، لابد من أن تتكلم بالخط الساخن ، لو تكلم العالم في اجتياح بلد محتل ، وهناك مرض عضال ، أو وباء منتشر ، أو مصائب كبيرة جداً ، ترك هذه المصائب وتكلم بالفقه فقد خان الله ورسوله ، أي لابد من أن تعالج الموضوعات الساخنة ، وجهة نظر الإسلام بها ، طريقة الحفظ ، طريقة الوقاية ، طريقة النجاح ، هذه موضوعات أسميها الساخنة ، فأي عالم لا يتعامل مع الموضوعات الساخنة فنظر الشافعي خان الله ورسوله ، الإنسان يحب أن يفهم رأي الشرع في هذه الجائحة الكورونا ، هذه ليس لها حل ؟ لها حل ، هذه إن اعتقدت أنه لا حل لها فأنت كفرت بالله عز وجل ، الله عز وجل :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 ما من حركة ولا سكنة إلا بأمره ، هي مؤذية لكن منضبطة ، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، هذا الذي خلقك أمرك بيده ، الكورونا بيده ، والمرض بيده ، والعدوى بيده .

(( لا عَدْوَى ))

[البخاري عن عبد الله بن عمر ]

 هكذا قال النبي ، لكن يوجد عدوى ، أي لا عدوى إلا بإذن الله ، البطولة أن تتعاون مع الحق ، وأن تفهمه فهما عميقاً حتى تسلم وتسعد .
 الآن يوجد بالأرض ثمانية مليارات إنسان هل يوجد فيهم واحد يحب الفقر ؟ ولا واحد ، هل هناك شخص يحب المرض ؟ ولا واحد ، القهر ؟ ولا واحد ، هذا الإله العظيم هو الصانع الحكيم ، معه تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامتك ، وعلى سعادتك ينبغي أـن تتبع تعليمات الصانع .

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب: 71 ]

المذيع :
 جزاكم الله خيراً دكتور ؛ في ثنايا الحديث تحدثنا عن أن هناك رجالاً يساندون زوجاتهم عندما يصبن بالأمراض ، جزاكم الله الخير ، ما هو دور الرجل في تشجيع زوجته ورفع معنوياتها إذا أصابها مرض أو في بوادر مرض مثل هذا المرض سرطان الثدي ؟ أن يشجعها على الفحص المبكر ، أن تذهب إلى المستشفى ، إلى المراكز المتخصصة ، ونتخلى على ثقافة العائلة دكتور ؟

عقد الزواج أقدس عقد على الإطلاق :

الدكتور محمد راتب :
 سيدي ، هل تصدق أن أقدس عقد على الإطلاق في الأرض هو عقد الزواج .

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾

[ سورة النساء: 21 ]

 فالإنسان زوجته أقرب إنسان له ، زوجته ، طبعاً العلاقة بين الزوجين أمتن علاقة .

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾

[ سورة النساء: 21 ]

 فما لم يهتم الزوج ، والله زرت إنساناً بحمص طريح الفراش من ست وثلاثين سنة ، شلل رباعي وامرأته تخدمه ، والله ، الإسلام شيء عظيم ، هذه العلاقة بين الزوجين علاقة مقدسة ، أهم عقد .

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾

[ سورة النساء: 21 ]

 فلابد لأي زوج من أن يهتم بزوجته ، يعتني بها ، هذا جزء من دينه سيدي .
المذيع :
 دكتور ؛ سؤال أخير تحملنا .
الدكتور محمد راتب :
 أنا جاهز .
المذيع :
 أكرمك الله دكتور ، دكتور موضوع اقتصادي ، نحن حالياً الدول في موضوع جائحة كورونا تربط الاقتصاد بالصحة ، ونحن موضوع الفحص المبكر ، موضوع الجلسة الحوارية ، قوة الأمة والدولة هي بقوة أبنائها ، وأي دولة لن يقوى اقتصادها وأبناؤها إلا إذا كانوا أصحاء، بالتالي هذه الأموال التي تنفق على العلاج ، تجاوزنا موضوع الفحص المبكر ، وتأخرنا بالفحص المبكر ، هذه الأموال الأولى أن تنفق في نهضة الأمة والمشروعات ، ما واجبنا تجاه توعية جميع أفراد المجتمع والزوجات بخصوص هذا المرض لأن الفحص المبكر يوفر على الدولة الأموال الكثيرة ؟

بطولة الإنسان أن يعالج الأمور كلها قبل فوات الأوان :

الدكتور محمد راتب :
 سيدي ؛ لا بد من توعية الأخوة الكرام ، عندنا أولويات بحياتنا ، الصحة شيء مهم جداً ، إنسان يمكن أن يعيش بدخل محدود ، وصحته تامة ، لذلك الصحة أحد أبرز ركائز السعادة في الحياة ، صحيح ، مرتاح ، وقد يأكل أخشن الطعام ، وقد يسكن بأصغر بيت وهو سعيد ، أما إذا كان هناك مرض عضال فانتهت سعادته ، فالبطولة أن نعالج الأمر قبل فوات الأوان.
 دائماً وأبداً الدول النامية تعالج الأمر بعد فوات الأوان ، تتضاعف المصاريف ، أحياناً يكون الفحص له أجر محدد يعطيك إراءة للمستقبل ، فلذلك :

(( وداووا مرضاكم ))

[الطبراني عن عبد الله بن مسعود ]

 أمر نبوي ، وفي رواية :

(( بالصدقة ))

[الطبراني عن عبد الله بن مسعود ]

 أي أنت خذ الدواء ، ولا تعتقد أنه وحده يشفي ، لكن يشفي الله عز وجل ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وأنها ليست بشيء .
المذيع :
 دكتور ؛ في الخاتمة ، اسمح لي ببعض الكلمات قبل ما أودع حضرتك .
 نحن نقول : إن هؤلاء النسوة ، زوجات ، اللواتي يصبن بالمرض هن الناجيات ، والمنتصرات ، وهن يحاربن الألم بالأمل ، بروح وردية ، متسلحات بالإيمان والإرادة نحو إجراء هذه الفحوصات ، أمهاتنا وزوجاتنا لا مكان للخوف في الحياة ، بالكلام الطيب من فضيلة الدكتور لا مجال أن نتراجع في معركة الفحص ، أو معركة العلاج ، لأن هناك نساء وأخوات حولن بثقة نجاحهن هذه الشفقة إلى مساندة ، وإلى تكاتل ، والمستحيل إلى واقع ، الفحص المبكر عشر دقائق ، الفحص دوري قصير ، ابتداءً من سن الخامسة والعشرين ، لمدة عشر دقائق كل مرة ، طبعاً نتذكر أن اكتشاف سرطان الثدي المبكر ، والعلاج المبكر يؤدي إلى الشفاء التام بنسبة كبيرة ، والعلاج المتأخر يغلبنا ، لأن العلاج سوف يكون صعباً ، والأخوات لا يترددن على الرقم المجاني .
 طبعاً الكشف المبكر ينقذ حياتك ، في هذه الخاتمة في هذا المساء المبارك ، أتقدم بالشكر الجزيل ، وفضيلتك إذا عندك كلمة أخيرة قبل من أنهي تفضل سيدي .

الطبيب رحمة من الله لعباده :

الدكتور محمد راتب :
 كلمة واحدة : ربّ درهم سبق ألف درهم ، الفحص المبكر يعطي حقيقة مبكرة ، والحقيقة المبكرة سهل علاجها ، نحن أكثر مشاكلنا فوق أننا فقراء بشكل عام بالعالم الإسلامي نؤخر الفحوصات ، إن أخرناها انتقل الموضوع من شيء مقدور على شفائه إلى حالة صعبة جداً .
 أنا أذكر أن شخصاً باهمه أسود ، فوراً ذهب إلى الطبيب ، قال له : يحتاج إلى قطع، قطع الباهم تأخر قطع رجله ، قطع الساق ، قطع الفخذ ، هناك أشياء دقيقة جداً ، الطبيب كأن الله عز وجل جعله رحمة للعباد ، وهناك أطباء عندهم رحمة ، فهذا الطبيب مختص رحيم .

(( لا يَرْحَمُ اللهُ من لا يرحمِ ))

[البخاري ومسلم والترمذي عن رير بن عبد الله البجلي]

(( وإذا أردتم رحمتي ارحموا خلقي ))

[ حديث قدسي ]

المذيع :
 نحن نذكر الأخوات اللواتي يسمعوننا والأخوة أن بالشهر العاشر نحن على أبواب حملة الكشف المبكر، وهذا ينقذ حياتك ، كل سنة يكون الفحص بالشهر العاشر لمدة ثلاثة شهور أتمنى السلامة والعافية للجميع .
 في نهاية هذا اللقاء .

بطولة الإنسان أن يتحرك وفق منهج الله :

الدكتور محمد راتب :
 لحظة واحدة ؛ أنا حينما أؤمن بالآخرة تحل كل مشكلاتي ، إذا الإنسان أصابه شيء لا سمح الله عضال ، هناك آخرة ، وهناك جنة للأبد ، عندما ندخل الآخرة مع الدنيا تنحل معظم مشكلاتنا ، وتحل معظم مقاييسنا ، فإذا جمعنا الجنة مع الدنيا .

(( رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بالأبواب لو أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّه))

[مسلم عن أبي هريرة ]

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾

[ سورة الأنعام: 44]

 فالبطولة أن أتحرك وفق منهج الله .
المذيع :
 نهيتم كلامكم سيدي ؟
الدكتور محمد راتب :
 نعم .
المذيع :
 أيها الأخوة المستمعون والمشاهدون في هذا اللقاء المبارك في كل مكان تسمعوننا من الأردن أو غير الأردن أشكركم جميعاً على مشاهدتكم ومتابعتكم ، أيضاً أقدم الشكر الجزيل لفضيلة أستاذنا العلّامة الدكتور - أطال الله عمره- محمد راتب النابلسي على هذه الكلمات المباركة في موضوع الفحص المبكر ، والطب الوقائي في منظور ديني ، أسأل الله عز وجل أن يعطيك الصحة والعافية والعمر الطويل وأن ينفعنا بعلمكم سيدي .

نعم ألفت فنسيت :

الدكتور محمد راتب :
 لكن حقيقة واحدة أختم بها لقائي : هناك نعم أُلفت فنسيت ، هذا البلد الطيب له ثلاث خصائص أنا أعرفها تماماً ، لكن أهل هذا البلد قد تغيب عنهم .
 أول حقيقة دقيقة : التدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسب عليها ، أي لا يوجد هنا ضبط متلبساً بالصلاة .
 الشيء الثاني : هذا البلد أطياف ، يوجد هاشمي ، وأردني ، لا يوجد بين كل طيفين أحقاد تاريخية تقتضي القتل كما في بلد آخر .
 والثالثة : هناك حكومة قوية تحاسب وتعاقب لكن لا يوجد عندها قتل ، هذه نعم ألفت فنسيت والدعاء النبوي : " الله أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها " .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 الحمد لله أنعم الله عليك دكتور بالصحة والعافية والعمر الطويل ، ونحن سعداء جداً في مركز مكافحة السرطان ، والأخوة يشاهدوننا عبر تقنية زوم ، جلسنا مع حضرتك وسمعنا هذا الكلام المبارك سيدي .
الدكتور محمد راتب :
 والله الذي لا إله إلا هو أعرف عدداً يقترب من مئة ورم خبيث وتمّ شفاؤه ، حتى نعطي الأمل ، الأمل سلاح المؤمن ، الذي عند الله ليس عند العبد .
المذيع :
 اليقين بالله سيدي .
الدكتور محمد راتب :
 قال له : أنت منته ، اكتب وصيتك ، عاش بعدها اثنتين وعشرين سنة ، الذي عند الله ليس عند العبد ، عندما نعلق أملنا بالله الله بيده كل شيء .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور