- محاضرات خارجية
- /
- ٠23ندوات مختلفة - الأردن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :
أيها الأخوات الفضليات ، أيها الأخوة الأكارم ، بادئ ذي بدء هناك حقائق كبرى في الدين تسهم بشكل واضح في توجيه الطبيب حينما يحترف هذه الحرفة الراقية .
أولاً : أنت أيها الإنسان المخلوق الأول عند الله ، والدليل :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
لأنك أيها الإنسان قبلت حمل الأمانة في عالم الأزل :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾
تسخير تعريف وتكريم ، تسخير التعريف يقتضي أن تؤمن، وتسخير التكريم يقتضي أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك ، قال تعالى :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
ردّ فعل تسخير الكون تعريفاً أن نؤمن ، وردّ فعل تسخير الكون تكريماً أن نشكر، فإذا آمنا وشكرنا حققنا الهدف من وجودنا .
الحاجات الأساسية التي أودعها الله بالإنسان :
إلا أن الإنسان تقتضي حكمة الله عز وجل أن تكون له حرفة يرتزق منها ، هذه الحرفة إن كانت في نفع الآخرين ارتقى عند الله ، وأنا أهنئ كل من يعمل في الطب ، أو من يدرس الطب على اختيار هذه الحرفة لأنها حرفة عطاء ، هذا المريض يأتيك أيها الطبيب قلقاً فإذا عالجته وشفيته بحسب علمك وتوفيق الله لك ، قدمت له أكبر خدمة، فلذلك :
إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحا إذا هما لم يكرما
***
وفيما أسمع وأرى في هذه البلاد وفي بلاد الشرق الأوسط الطبيب له مكانة كبيرة ، وهذه نعمة كبيرة ، لكن الإنسان أودع الله فيه حاجات أساسية ، الحاجة الأولى إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائه كفرد ، و هناك حاجة ثانية حاجة الزواج شباباً وشابات ، نسأل الله لكم أيها الشباب والشابات زواجاً ناجحاً ، إن لم تكونوا متزوجين .
أودع الله فيه حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على وجوده، وأودع فيه حاجة إلى الطرف الآخر حفاظاً على بقاء النوع ، أما الحاجة الثالثة فسماها علماء النفس تأكيد الذات، وقد أسميها انسجاماً مع التعبيرات السابقة الحاجة إلى بقاء الذكر ، فأنت أكلت وشربت وتزوجت وأنجبت بقي عندك حاجة وهي أن يشار إليك بالبنان ، حاجة إلى التفوق ، أو إلى تأكيد الذات ، هذه حاجة عند الإنسان .
حرفة الطب حرفة راقية تقدم العون للآخرين :
لذلك الطبيب لأنه اختار هذه الحرفة الراقية فحينما يقدم الحاجات للناس ، حينما يسهم في شفائهم من أمراضهم ، يرتقي عند الله ، والبطولة أن تكون محموداً عند نفسك وعند الله وعند الناس
فالطبيب المخلص محمود عند نفسه لكن لا سمح الله ولا قدر لو أن هناك طبيباً ابتعد عن الله كلياً ، وجعل من الطب ارتزاقاً ليس غير ، يسقط من عين ذاته ، والإنسان لأن يسقط من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعه خير له من أن يسقط من عين الله ومن عين نفسه ، أنا أقول كلمة عن أخوتي الأطباء ، الطبيب لا يمكن أن يوصى ، لماذا ؟ يرى أن الله يشاهده ، وهذا الذي بين يديه عبد من عباد الله عز وجل ، فالإنسان حينما يخدم عباد الله يرقى عند الله ، فأنا أقول لكم مرة ثانية : اشكروا ربكم على أنه دخلتم في حقل بني على خدمة الإنسان ، والإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله ، هناك حرف أساسها هدم الإنسان و حرف أساسها بناء الإنسان.
حاجة المهن الراقية كالطب و التدريس إلى رقابة ذاتية :
أخوتنا الأكارم ، بادئ ذي بدء الحديث الشهير المتواتر المعروف :
(( إنما الأعمال بالنيات ))
فأنت حينما تدرس الطب وتتقنه ، ولا تفكر إلا في دخل كبير ، وبيت واسع ، وامرأة رائعة ، ومركبة فارهة ، واستمتاع بالحياة ، أنت أغفلت الجانب الإنساني في الطب ، أغفلت أنه رسالة ، أغفلت أن الطب خدمة راقية جداً ، أما إذا عرفت الله وكنت طبيباً فهذه الحرفة توظفها في التقرب إلى الله ، توظفها بخدمة الخلق ، فإذا خدمت الخلق كنت حبيب الحق .
(( الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))
إذاً أنا حينما أنطلق من إيماني ، أنا بالأساس رجل دين حينما أنطلق من إيماني أن العمل عبادة، أي عمل ؟ إذا كان العمل في الأصل مشروعاً ، الطب أرقى عمل مشروع ، الهندسة ، الصيدلة ، التعليم ، هناك مهن مشروعة بل أصحابها مبجلون ، إذا كان العمل في الأصل مشروعاً ، وسلكت به الطرق المشروعة ، لا يوجد به إيهام ، و لا ابتزاز ، و لا تكليف المريض ، والله مرة قال لي طبيب له مكانة كبيرة جداً في بلدنا : والله لثقة الطبيب التي أمتلكها بحكم بلادنا أقدر أن أتحكم بالمريض ليبيع بيته دون أن يشعر ، لأن المريض مستسلم ، وكلامك موثوق ، فلذلك يمكن أن يطلب منك اثني عشر تحليلاً ، هو بحاجة لواحد فقط يضع أول واحد، وينصحك بمحلل معين ، والفرق بين المحلل والطبيب ، ولا أحد يشعر ، لذلك الرقابة الإلهية على الإنسان تجعله يرقى عند الله ، أحياناً يأتيك إنسان له مشكلة بالقضاء وأنت محام كبير ، أنت حينما تطمنئه أن الدعوة رابحة ، ويمكن أن تمدها عشر سنوات تأجيل ، وأن تأخذ منه مبالغ فلكية ، و أنت موقن من البداية أن الدعوى خاسرة ، هذه طريقة من يكشفها ؟ الله فقط، فالمهن الراقية الطب والمحاماة والتدريس هذه حرف تحتاج إلى رقابة ذاتية ، أنا أقول : الطبيب يشعر أن الله يراقبه ، وأن بين يديه عبد من عباد الله ، وأن خصمه هو الله ، وأنا أقول كلمات سامحوني بها : الله عنده علاجات خطيرة ، مرة قلت لإنسان يستطيع أن يسوق للناس أذى كبيراً من عمله ، قلت له : لا تنس أن هؤلاء عباد الله ، الله عنده سرطان، فشل كلوي ، تشمع كبد ، رتبت له أمراضاً ليس لها حل ، تهد جبالاً ، الله كبير .
فكلما تعرفت إلى الله أكثر كان خوفك منه أكبر ، رأس الحكمة مخافة الله ، أن تشعر - وهذا كلام دقيق - أن الله يعلم وسيحاسب وسيعاقب ، والله قصة أرويها للموعظة فقط ، من حين لآخر أنا عندي في الشام أكبر تجمع أطباء ، كان لهم مني جلسة من الساعة العاشرة للحادية عشرة والنصف ، يحضر هذه الجلسة ثلاثمئة طبيب وكلهم قمم في الطب ، أنا تعاملي مع الأطباء قوي جداً ، يحدثني أحد الأطباء جاءه رجل من ريف الساحل زوجته معها سرطان ، فحصها وأخذ زوجها إلى غرفة ثانية وقال له : هذا سرطان ، قال له : كنا عند الطبيب الفلاني سنتين ولم يقل لنا إنه سرطان ، فهم الطبيب أن الطبيب الثاني يبتزه بهاتين السنتين ، هذا المريض - والله يا أخوان القصة تبكي – سقط على الأرض ثم قال : يا رب إذا كنت موجوداً انتقم منه ، لأن المرض كان جلدياً ومعالجته في البداية سهلة فلما قال له التهابات لا تعالج كسرطان تعالج كالتهاب ، فهذا الطبيب أمضى معه فترة وابتز أمواله ، و الطبيب الذي قال لي القصة حي يرزق ، في الشام من كبار الأطباء ، أقسم لي بالله أنه بعد عام جاء الطبيب إليه بالمرض نفسه ، الله كبير .
الطب والتّعليم أقرب حرف لعمل الآخرة :
أنت أمامك مريض هذا عبد لله ، وحينما تخلص له
وحينما تعالجه بإخلاص وباتقان وبمراجعة ، مرة طبيب في مصر القصة مؤثرة جداً عالج طفلاً وبعد أن خرج كتب الوصفة لكبير والدواء لكبير قاتل ، جاء إلى التلفزيون المصري وقال : أنا فلان الفلاني طبيب كان عندي منذ ساعة مريض ، أعطيته دواء عياره كبير فإذا أخذه يموت ، سبحان الله الأب علم بذلك قبل أن يعطي ابنه الدواء ، بحسب الظاهر هو ضحى بسمتعه ، لكن ارتقى في مصر رقياً وصار الطبيب الأول، وضع سمعته تحت قدمه انقاذاً لهذا المريض .
يا أخوان ، أقرب حرفة لعمل الآخرة الطب والتعليم :
إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحا إذا هما لم يكرما
***
أخواننا الكرام ، ما معنى أحبط أعمالهم ؟ أي إنسان أراد من الطب المال فقط ، حبط عمله ، أو لم يستخدم علمه الصحيح استخدمه إيهاماً حتى يجمع المال ، هذا معنى حبط عمله ، إن ارتكب خطأ أو نوى نية خطأ ، من شرح العلماء لكلمة حبط العمل ، فأنا أهنئ الأخوة الطلاب والطالبات والأساتذة الكبار على أن هذه الحرفة راقية جداً عند الله لكن تحتاج إلى رسالة .
من يؤمن أن الله يعلم و سيحاسب و سيعاقب ينضبط بمنهجه :
الحقيقة هذه الآية الجامعة المانعة :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾
أنا أقول دائماً : هذا المريض أمانة في عنقك أيها الطبيب ، هل نصحته ؟ هل اعتنيت به ؟ هل طلبت منه تحليلاً ينير لك الطريق في العلاج ؟ فالطبيب هذا المريض أمانة الله عنده ، والله عز وجل كبير وعليم ، وبيده الحياة والموت ، والصحة والمرض ، والغنى والفقر، بيده كل من حولك، وكل من فوقك ، وكل من تحتك ، الآية دقيقة جداً :
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ﴾
تحدٍّ :
﴿ ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾
لذلك :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾
هذه أمانة ، المريض أمانة عند الطبيب ، والطالب أمانة عند المعلم ، والموكل أمانة عند المحامي ، أمانة ، مفهوم الأمانة واسع جداً ، لا يوجد إنسان إلا وحمله الله الأمانة ، الأولاد أمانة في عنق أبيهم ، أمانة عند أمهم ، أنت حينما تفهم معنى الأمانة بشكل واسع جداً تشعر أن الله معك دائماً وسيحاسبك ، سيكافئ أو سيعاقب ، أنا رأيي الشخصي أن أغبى إنسان بحياتي هو الإنسان الذي لا يدخل الله في حساباته . يظن أنه هو بقوته ، بعلمه ، بمكانته ، بمصداقيته يمكن أن يفعل ما يشاء ، وأن يقول ما يشاء ولا أحد سيحاسبه، أنت حينما تؤمن أن الله يعلم وسيحاسب وسيعاقب تنضبط ، إذا الدين يتلخص عندك بثلاث كلمات ، يعلم وسيحاسب وسيعاقب ، صار هناك انضباط .
الإتقان جزء من الدين :
الإتقان دققوا جزء من الدين :
(( إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه ))
إتقان العمل جزء من الدين ، فالطبيب الذي يراجع ، أحياناً بذاكرته شيء درسه حول هذا المرض ، لكن ليس متأكداً من بعض التفاصيل يقول له : تعال غداً ليراجع ، فالمراجعة والمتابعة ، لذلك فيما أعلم هناك بعض الجامعات في أوربا لا تمنح ترخيصاً للطبيب إلا إذا حضر مؤتمرين في السنة ، ليجدد معلوماته، والله هناك أطباء تخرجوا من عام ثمانية و خمسين ولم يفتحوا كتاباً بعد ذلك ، في العالم الغربي يلزم الطبيب أن يخضع لدورتين أو مؤتمرين في اختصاصه .
أخواننا الكرام ، هناك آية قرآنية والله لو تأملناها لاستقمنا استقامة تامة :
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
الله بيده كل شيء ، بيده صحتك ، بيده علمك ، أولادك ، مكانتك ، سمعتك ، كله بيده ، أنا أضطر أن أحكي بعض الأمثلة ، عندنا طبيب في الشام ، هذا المريض يحتاج عملية يعملها له ، لا يحتاجها يعمل له عملية و لو كانت تضره ، كان دخله بالأسبوع بالملايين - عملية قلب - ثم كشف طبعاً ، الله موجود ولكن الله يرخي الحبل ، إذا الإنسان عمل خطأ والله لم يعاقبه لا يستهين بعظمة الله ، يكون الحبل مرخى ، دائماً وأبداً قال تعالى :
﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
نحن بالفيزياء نصف مقاومة قوى الشّد بالمتانة ومقاومة قوى الضغط بالقساوة ، فالألماس أقسى شيء بالأرض ، بعد الألماس مينا الأسنان ، المتانة الفولاذ المضفور ، المصاعد فولاذ مضفور ، التلفريك :
﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
لماذا اختار الله كلمة متين لكيده ؟ أنت مربوط بحبل لا يمكن أن تتفلت من قبضة الله ، فإذا كان هناك خوف من الله ، يجب أن ترى المريض عبداً لله والله رقيب ، أحياناً لا يوجد اهتمام بأسئلة المريض ، يكون عنده مواد يتحسس منها ، عملت له مشكلة ، مرة عندنا حالة في الشام : مريض تخرج من المستشفى ، الإضبارة بقيت على طرف السرير ، جاء مريض آخر لزمه دم ، الطبيب فتح الإضبارة أخذ زمرة الدم ، أعطوه دماً مات فوراً بانحلال الدم ، لأن الإضبارة ليست له ، أخطاء قاتلة ، أنا بحسب إيماني المتواضع أرى أن الله يحاسب على الآثار:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾
عدم الاهتمام ولّد موت المريض ، طبعاً بالمجتمع مات بأجله ، لكن عند الله عز وجل هناك من تسبب بموته ، لذلك من طبب ولم يُعلم منه طبٌ فهو ضامن ، أنا زرت طبيباً في أمريكا استغربت عيادته من الحائط إلى الحائط أضابير ، قلت له : ما هذا ؟ قال : هؤلاء كل مرضاي الذين ماتوا ، قلت له : لماذا ؟ قال لي : هناك قانون ممكن ابن هذا المريض يقيم دعوى عليّ بعد أربع سنوات ونصف من موته ، يجب أن أقول كيف عالجته ، هكذا النظام كان ثلاث سنوات عدلوها لخمس سنوات ، إذا قبل خمس سنوات بيوم الابن يستطيع أن يقيم دعوى على الطبيب ، نحن عندنا بفضل من الله إيمان وهذا الإيمان معه سذاجة ، مات بأجله وانتهى الأمر تنطوى أي قضية .
من طبب ولم يُعلم منه طبٌ فهو ضامن .
حاجة حرفة الطب إلى أخلاق عالية جداً :
أيها الأخوة الكرام ، هناك ملاحظة أحياناً نحن نقول: أخلاق الطبيب المسلم - والله شيء جميل - أنا أعرف طبيباً جراح عظام ، عنده ملاءة كبيرة لها فتحة ، تأتيه امرأة مثلاً يضع هذه الملاءة فوق المرأة أين يؤلمك ؟ عند الركبة ، انظر إلى هذه العفة ما أجملها ، هناك أطباء قالوا لي : في أمريكا يعروها كما خلقها الله وستة رجال أو سبعة يقفون ، والله ديننا عظيم ، هذا الطبيب بسبب إيمانه عمل ملاءة كبيرة وعمل فتحة دائرية مكان الألم ، وهناك طبيب في أمريكا في ديترويت حدثني قال لي: والله عندما يعالجون امرأة يتحدثون عن أعضائها ومفاتنها بشكل وقح ، هذا الطبيب الذي يسمع هذه القصص عربي ، كان طبيب احتياط لعملية معينة .
أخواننا الكرام : حرفة الطب تحتاج أخلاق عالية جداً ، وبعد ذلك عفواً كل مريض قد يأتي للطبيب يحكي له مشاكله الخاصة ، هذه ممنوع أن تحكى لأحد ، من أخلاق الطبيب الراقي جداً ، هذا عنده مرض معين ، هذا عنده ضعف معين ، هذا لا يصلح للزواج أو يصلح، لا نستطيع أن نتكلم بكل شيء ، فالطبيب والله لا أبالغ نصف علمه أخلاق ، هو متاح له أن يرى كل شيء بالإنسان ، أن يرى نقاط ضعفه ، نقاط قوته .
التواضع عند الطبيب شيء أساسي :
أيها الأخوة الكرام ، هناك شيء ثان بالطب هو التواضع ، الحقيقة التواضع لا يعني أنك وضيع ، أنت متواضع ، مثل التمارض لا يعني أنك مريض ، على وزن التفاعل تصنع الشيء ، فالطبيب له مكانة كبيرة ، لكن يجب أن يكون قريباً من المريض ، أحياناً يكتب الوصفة أولاً لا تقرأ ، تحتاج منجماً حتى يقرأها ، إذا سأله المريض سؤالاً يقول له : خذ الدواء فقط، والله أعرف طبيباً يشرح لك كل شيء عن حالته ، ويطمئنه ، وهذا الدواء من أجل الضغط ، وهذا من أجل الشيء الفلاني ، يعطيه معلومات عن الدواء ، وهناك طبيب أعرفه يكتب خلف الوصفة ما فائدة الأدوية ، حتى يقنع المريض أن هذا الدواء مهم جداً ، فأنت كلما تعتني بهذا الإنسان الله يحبك .
إذا إنسان اعتنى بابنه يكون التقدير للأب ، تكون ماشياً مع ابنك تشاهد صديقك ، يعطيه سكرة تقول له : شكراً ، هي لك أيضاً ، أنت حينما ترى المريض عبداً لله عز وجل ، والله مرة طبيب أسنان جاءت لعنده أخت كريمة ، معلمة عندها مشكلة في أسنانها ، والتقويم يكلف مبلغاً كبير جداً ، قال لي كما أذكر يكلف ستين ألفاً، معاشها كله ثلاثة آلاف في الشهر ، وهي تعبر تبتسم أمام الطالبات ، عندها خطأ بأسنانها مزعج ، قال لها : يكلف ستين ألفاً ، قالت له: شكراً ، قال لي : عجيب ما هان علي ، فقلت لها : ارجعي ، هذه المعالجة هدية مني ، أقسم بالله مرتين أو ثلاث وبكى ، قال لي : طوال معالجتها و أنا في قمة السعادة ، هذه لله ، هذا عمل لله عز وجل ، ليس كل شيء يحل بالمال ، هناك أعمال تفوق حدّ الخيال ، قصة سريعة وإن كانت خارج السياق العام خارج الطب ، عندنا حي بالشام حي تراثي ساروجة ، فيه جامع الورد يخطب فيه المفتي العام سابقاً ، هذا المفتي العام رأى النبي عليه الصلاة والسلام- أنا ليس من عادتي أن أروي منامات سامحوني - قال له النبي في الرؤيا : قل لجارك فلان - جاره بقال وغير متعلم وأمي ، وهو شريعة ودكتوراه وكذا ، فالبشارة ليست له ، لجاره البقال - قال : قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة ، النبي رؤيته حق ، هو في الحقيقة اختل توازنه ، أنا داعية ومنبر وفصاحة وبلاغة ونصوص وقرآن وسنة ، وهذا الأمي في الدكانة البشارة له فذهب إليه ، قال له : لك عندي بشارة لن أقولها لك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ فامتنع ، فبعد إلحاح شديد قال له : تزوجت إنسانة بالشهر الخامس من زواجي كان حملها في الشهر التاسع ، قال له : بإمكاني أن أسحقها ، وأن أفضحها، أهلها معي طبعاً ابنتهم زانية ، والدولة معي، والقضاء معي ، والشرع معي لكن أردت أن أعينها على التوبة، جاء لها بمن يولدها ، ولدت ، وحمل الجنين المولود تحت عباءته ، وتوجه إلى جامع الورد في دمشق ، وبقي واقفاً أمام الباب حتى نوى الإمام الصلاة ، دخل ووضعه إلى جانب الباب والتحق بالمصلين ، فلما انتهت الصلاة بكى هذا الصغير ، تحلق المصلون حوله ، وتأخر هو حتى يكتمل تحلق المصلين حوله ثم اقترب ، قال : ما القصة ؟ قال : تعال انظر ! جنين ، قال : أنا أكفله، فأخذه ، ودفعه إلى أمه من أجل أن تربيه ، أمام أهل الحي لقيط ، البشارة لهذا الرجل قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة ، علمتني هذه القصة الواقعية أنا الله يأمر بالعدل والإحسان ، أحياناً الإحسان مقدم على العدل ، العدل يفضحها ويطلقها لكن أنقذها من الذل وأصبحت إنسانة صالحة .
فالإنسان أحياناً عندما يقوم بعمل طبي جزء من علمه أخلاق ، مرة أذكر أنني أحضرت لوالدتي طبيباً الساعة الثانية ليلاً ، فقال لي بعد أن عالج الوالدة : أنت استهنت بي حين أحضرتني الساعة الثانية لعندك والمرض بسيط جداً ، أهذه تحتاج إلى طبيب ؟ لكن سبحان الله اطمأنت ، هو لا يكلمها إطلاقاً ، ما التفت لها إطلاقاً ، كلمني أنا ، قلت له : لا تؤاخذني لا أعرف ، والله كان التحسن تسعين بالمئة ، اطمأنت لا يوجد بها شيء ، أحياناً الوهم قاتل ، طبيب قال لمريض : أنت ستموت بعد أربعة أشهر ، انتبه لنفسك ، توفي في اليوم الثاني، لم يتحمل ، النبي علمنا : نفسوا له في الأجل ، قل له : هناك أمل كبير جداً .
الشفاء الذاتي لا علاقة له بعلم الطب :
والله عندي قصص والحقيقة لي نقد ، الشفاء الذاتي ليس له علاقة بعلم الطب ، لكن الشفاء الذاتي موجود ، قطعاً أنا عندي أخ من أخواني المقربين لي ، يعمل أستاذ علوم في ثانويات دمشق ، صار معه سرطان بالرئة - طبعاً الطبيب من أخواني هو الطبيب الأول في دمشق - بالدرجة الخامسة أخذوا خزعة إلى بريطانيا ، سرطان بالرئة زرته في البيت بكيت عنده ابن صغير ، والعملية تكلف ثمن بيته ، واحتمال نجاحها ثلاثون بالمئة ، تأثرت تماماً القصة من اثنتين و عشرين سنة والآن هو حي يرزق ، هناك حالات شفاء ذاتي لكن الطب ما أدخلها ببرنامجه عدها نوع من الخزعبلات ، وهي واقع :
﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾
وهناك قصص يقينية مئة بالمئة ، قال طبيب رئيس قسم كبير بالقاهرة لأحد الأطباء من أخواني : هناك إنسانة سوف تموت أحضر لها شهادة وفاة ، ثم قال للممرضة : أريد فنجان قهوة ، قالت له : أنا لست خادمة عندك أنا ممرضة فقط ، فقال : افعلي تحليلاً للمرأة ، أراد أن ينتقم منها ، فهذه الممرضة ماتت و هي تعمل لها شهادة وفاة ، و الثانية لم تمت ، قال لي : تتبعت أخبارها بقيت اثنتي عشرة سنة .
وهناك قصة ثانية حتى الإنسان لا يستعجل بالحكم ، أحد أخواني المقربين الذين لهم مكانة كبيرة في الشام ، له عمة مرضت قال لهم الطبيب : اكتبوا النعوة ، عاشت بعد اكتبوا النعوة خمساً و أربعين سنة ، فنحن نقول : إن شاء الله الأمر سهل ، الشفاء عند الله عز وجل ، هناك مريض عندنا مستشفى بالشام هي المستشفى العسكري حدثني طبيب من أخواني هذا المريض معه ورم بالأمعاء منتشر بكل جسمه ، كلما دخل عائد يقول له : اشهد أنني راض عن الله ، يا رب لك الحمد ، حالة جديدة ، هذا المريض استقطب المستشفى كلها ، غرفته منورة فيها سرور ، فيها سعادة ، لم يبق طبيب إلا و زاره كل يوم ، اشهد أنني راض عن الله ، يا رب لك الحمد ، بعد ذلك توفي ، جاء مريض معه نفس المرض ، لا يوجد نبي إلا و سبه ، فكل من في المستشفى رأى من هو المؤمن ومن هو غير المؤمن .
الطبيب المؤمن يعين على الشفاء :
لذلك أنا أقول : هناك بوابات للألم ، طريق الآلام معروف قد يكون من الجلد إلى الدماغ ، هذه البوابات إذا أغلقت الألم صار للنصف، للعشر ، وإن بقيت مفتوحة الألم عشرة أضعاف ، أغرب شيء الذي كتب الموضوع ليس له علاقة بالدين إطلاقاً، آخر كلمة قال في كتابه : ويتحكم في هذه البوابات الحالة النفسية للمريض ، فالمريض المؤمن والطبيب المؤمن يعين على الشفاء .
والحقائق الدقيقة أولاً الطبيب المؤمن يجب أن تكون نيته هي احتساب الأجر لأن العمل عبادة ، والعمل أمانة ، وإتقان العمل جزء من الدين ، وهذا الطبيب المؤمن يجب أن يطلب العلم بشكل مستمر ، والتواضع ، والصدق ، والرحمة ، والعدل ، والتعاون مع الأطباء الآخرين مهم جداً ، عندنا مصطلح شعبي اسمه عداوة كار ، لماذا عداوة الكار ؟ لأن زميلك عالج هذا المريض ؟ هناك بعض الأطباء فوراً يطعن بزميله : هذا لا يفهم شيئاً ، فدائماً هذه ليس واردة إطلاقاً .
أدعو لكم أن يحفظ الله لكم إيمانكم وأهلكم وأولادكم وصحتكم واستقرار بلادكم .