وضع داكن
26-04-2024
Logo
برنامج ربيع القلوب 2 - الحلقة : 10 - البر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، حياكم الله مستمعينا الكرام عبر أثير إذاعة القرآن الكريم من الدوحة في برنامج : " ربيع القلوب " .
  في هذه الحلقة الجديدة أنقل لكم في البداية تحية فريق العمل ، من الإعداد محمود الدمنهوري ، الهندسة الإذاعية معتصم السلامة ، ومني في التقديم مصابر الشهال .
 نتوقف مستمعينا الكرام ، ونتدبر آية من آيات الله عز وجل من سورة البقرة ، وسورة البقرة مستمعينا الكرام هي أطول سورة في القرآن ، وهي سورة مدنية ، ويكاد يتفق جمهور المعاصرين على أن محور السورة يدور حول الخلافة في الأرض ومقوماتها وأهلها .
 والناظر في السورة الكريمة يجد أن خطابها وموضوعاتها تنقسم إلى قسمين اثنين ؛ الأول خطاب اليهود ، أو عن اليهود ، وهذا يمثل الشطر الأول في السورة تقريباً ، أما القسم الثاني في السورة فإنه يتوجه للمسلمين بالخطاب ، ويكلفهم بجملة من أحكام العبادات والمعاملات المالية والأسرية والدولية ، ثم تتوج السورة بختامها العظيم الذي يبين استجابة المؤمنين لأمر ربهم ، وتضرعهم له أن يتم عليهم أمرهم وخاصة بشؤونهم وعامتهما .
 في حلقة اليوم مستمعينا الكرام من برنامج ربيع القلوب نتناول آية من آيات سورة البقرة في قوله تعالى :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 نتدبر هذه الآية مع ضيفنا الدائم فضيلة الداعية الإسلامي الدكتور محمد راتب النابلسي حياكم الله شيخنا ، وأهلاً وسهلاً بكم من جديد .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 شيخنا الفاضل ؛ اليوم نتوقف عند هذه الآية العظيمة من سورة البقرة ، وربما لو بدأنا بتعريف محور هذه الآية الذي هو البر ، ما المقصود بالبر في هذه الآية ؟ وهل ينحصر على هذه الأصناف ؟

بطولة الإنسان أن يعتني بالأساسيات :

الدكتور محمد راتب :
 البر ؛ الإحسان ، والبر ؛ التفوق ، والبر ؛ النجاح ، والبر ؛ تحقيق الهدف ، هذه كلها معان مشتقة من كلمة بر ، ولكن المشكلة أن الله سبحانه وتعالى لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة حينما حوّل القبلة إلى بيت المقدس هذا التحويل أحدث مشكلة في المجتمع ، قالوا :

﴿ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾

[ سورة البقرة: 142]

 الله عز وجل لحكمة بالغة حوّل هذه القبلة ، لذلك :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 مثلاً : السيارة فيها محرك ، فيها بنزين ، فيها عجلات ، فيها مقاعد ، فيها مقود ، فيها أشياء تزيينية ، أحياناً يكون فيها صورة مثلاً ، أو فيها أشياء لا تقدم ولا تؤخر ، أنا ممكن أخلق مشكلة كبيرة بالتزيينات ، أساسها مركبة بمحرك ، وعجلات ، وبنزين ، ومقود ، وسائق ، هذه أساسيات السيارة ، فلذلك توجه المسلمين من قبلة إلى قبلة هذه لا تقدم ولا تؤخر ، قال :

﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 دقق :

﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هذا العقدي ، الجانب العقدي .

﴿ وَآتَى الْمَالَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 العملي :

﴿ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 لكن يوجد ملمح دقيق قبل أن أتابع : آتى الزكاة ، وآتى المال على حبه ، كل شيء له معنى ، الزكاة فرض ، لكن الذي يرقى به الإنسان ما ينفقه غير الزكاة ، والحقيقة الدقيقة في المال حق سوى الزكاة ، هناك :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 و :

﴿ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هنا .

﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 يوجد شكليات بالدين ، يوجد اتجاه القبلة ، يوجد أشياء لا تقدم ولا تؤخر ، أحياناً يرتدي مثلاً ثياباً معينة ببلد أوربي ، لم يستطع أن يلبس ثياباً إسلامية فرضاً ، هناك أشياء ممكن أن يكون لصاحبها دور ، أما نطالب إنساناً مثلاً بشيء يفعله لا يقدم ولا يؤخر ، لكن عليه متاعب كبيرة فلابد من أن نفهم كليات الدين ، أساسيات الدين ، إيمان بالله واليوم الآخر ، استقامة ، دخل حلال، إنفاق حلال ، علاقة نسائية صحيحة مع زوجته فقط مثلاً ، وهناك أشياء ثانوية ، أي يوجد أشياء تزيينية ثانوية لا تقدم ولا تؤخر وأشياء أساسية ، فالبطولة أن نكون بالأساسيات ، لأنه يوجد تطورات تكون بالمجتمع قد تصيب الثانويات وليس الأساسيات .
المذيع :
 فضيلة الدكتور ؛ هل هنا هذه الأنواع أنواع البر هي محصورة بها أم هذه الأساسية و مع ذلك يتفرع عنها ؟

للإيمان خمسة أركان يتكرر اثنان كثيراً :

الدكتور محمد راتب :
 لا والله ، هو ذكر ، معظمها ذكر ، لكن نحن يوجد عندنا قاعدة ؛ القرآن لا يوجد فيه مطلق مئة بالمئة ، أي نماذج ، أعطاك نماذج لكن واسعة جداً ، أولاً : آمن بالله ، أصل ، الحقيقة هناك خمسة أركان للإيمان ، الاثنان الأول والثاني يكثر التكرار بهما .
 الحقيقة يوجد خمسة أركان للإيمان ؛ يوجد ملائكة ، وكتب ، إلى آخره ، أما هو فيوجد إيمانان ، إيمان بالله ليحملك على طاعته ، وإيمان باليوم الآخر ليحملك على أن تستقيم على أمره ، لا تؤذي أحداً ، واحد ذاتي ، وواحد غيبي ، لذلك حيثما ترد أركان الإيمان بالقرآن يرد الإيمان بالله واليوم الآخر ، واحد يمنعك أن تعصيه ، والثاني يمنعك أن تؤذي غيرك ، آمن بالله ، أطاعه ، باليوم الآخر ما أكل مالاً حراماً ، ما غش ، ما كذب .
 فحينما تتكرر أركان الإيمان في الأعم الأغلب يأتي هذان الركنان فقط ، آمن بالله واليوم الآخر ، الأول ليحملك على طاعته ، والثاني ليمنعك أن تؤذي مخلوقاً .
المذيع :
 بعد الحديث عن الغيبيات شيخنا والأمور العقدية ، آمن بالله ، واليوم الآخر ، والملائكة، والكتاب ، والنبيين .

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور محمد راتب :
 الآن العمل الصالح .
المذيع :

﴿ وَآتَى الْمَالَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 انتقل مباشرة لموضوع مادي .
الدكتور محمد راتب :
 دقيقة ، أنت قبل أن تغادر الدنيا تقول :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 معنى ذلك أن علة وجودك في الدنيا التي تحاسب عليها أشد العذاب العمل الصالح .

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ]

 لم يقل : لعلي أتم بناء البيت ، لعلي أنال الدكتوراه .

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 100]

 لِمَ سميّ العمل صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، لذلك السؤال الوحيد :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 سميّ العمل صالحاً مرة ثانية لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
المذيع :

﴿ وَآتَى الْمَالَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي :

﴿ عَلَى حُبِّهِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 أشرتم في بداية الحلقة أنه غير الزكاة التي ورد :

﴿ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هنا الأصناف التي تستحق أو التي أشارت إليها الآية في قوله :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 ستة أصناف أو ستة أنواع .

ترتيب مصادر الزكاة على الأولوية :

الدكتور محمد راتب :
 مصادر الزكاة ومصارف الأموال .
المذيع :
 هل الترتيب شيخنا على الأولوية ؟
الدكتور محمد راتب :
 والله أغلب الظن .
المذيع :
 لماذا ؟ لأنه بدأ بذوي القربى قبل المساكين ، قبل اليتامى .
الدكتور محمد راتب :
 أي أمك من لها غيرك ؟ قبل أن تخدم إنساناً آخر الأم أولى والأب .

﴿ ذَوِي الْقُرْبَى ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 يوجد قرابة ، عفواً الأم والأب يوجد ثلاثة حقوق ، لو فرضنا شخصاً له جار مسلم وهو قريبه ، هذا الجار المسلم القريب له ثلاثة حقوق ، حق الجوار ، وحق القربة ، وحق الإسلام ، لو أن له جاراً مسلماً لكن ليس قريبه فله حقان ، حق الجوار ، وحق الإسلام ، لو له جار غير مسلم أساساً له حق الجوار ، شيء دقيق جداً ، فهنا القربى الأم والأب ، ممكن يخدم إنساناً آخر ؟

الله عز وجل رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته :

 بالمناسبة :

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

 دقق :

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

 رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته .
 أنت تقول مثلاً : اشتريت مزرعة وملعقة ؟ مستحيل ! مزرعة ومركبة ، الواو بلاغة تفيد التماثل .
 الله رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته ، لأن الله خلقك من عدم والسبب أمك وأبوك .

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

 لذلك :

﴿ ذَوِي الْقُرْبَى ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 اليتيم فقد الأب ، والأب أكبر عامل لإنجاح الطفل ، الأب غير موجود ، ليس له أب والنبي كان يتيماً .

﴿ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هذا معه إعاقة ، المعاق سكن عن الحركة .
المذيع :
 وأنا كنت أسأل الفرق بين المسكين والسائل ، الفرق بين المساكين والسائلين؟

الفرق بين المساكين والسائلين :

الدكتور محمد راتب :
 السائل سأل .

﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾

[ سورة المعارج: 24 ـ 25]

 من هو المحروم ؟ عنده كرامة لم يأل ، استحى يسأل ، فالناس دائماً يهتمون بالذي يسأل ، أنا والله أرى زكاة الأموال إن دفعت إلى من لا يسأل أقوى بكثير ، يوجد أشخاص عندهم كرامتهم ، عندهم تجملهم ، لا يوجد عنده إمكان أن يسأل ، لكن يوجد إنسان يسأل بإلحاح ، تعطيه حتى ترتاح منه ، لذلك :

﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾

[ سورة المعارج: 24 ـ 25]

 الذي له مكانته وكرامته ، أعطِ هذا ، أكثر التجار ، أو أصحاب الأموال همه الزكاة ينفقها فقط ، لا يدقق أين تنفق ، يأتي إنسان ذكي محتال يأخذ منه الأموال ، أنا لي رأي شخصي لو أن الإنسان أدى زكاة ماله بالتمام والكمال بشهر رمضان ، لا يوجد عليه شيء ، أنصح الأخوة المستمعين يفتح حساب الزكاة ، أحياناً تأتيه حالة واضحة جداً ، مريضة تحتاج لعمل جراحي ، طالب فقير يحتاج لقسط جامعة ، تفتح باب الزكاة سلفاً ، يأتيك حالات من أوضح ما يكون ، لا تحتاج إلى تحقيق ، تأتيك حالات صارخة تدفعها من زكاة العام القادم ، تفتح حساب الزكاة ، أنت خلال سنة دافع ثمانية آلاف ، زكاتك عشرة آلاف ، بقي عليك ألفان ، تكون قد وزعت الزكاة على مدى العام لأشخاص بحاجة ماسة ، لأمر قاهر ، لأمر تعليمي ، لأمر علاجي ، أما بيوم واحد أو يومين عليّ دفع مئة ألف يوجد محتالون كثر ، أناس يدعون الفقر ، أناس أذكياء جداً في أخذ هذه الأموال ، فالزكاة البطولة لا أن تخرج منك ، لا ، أن تأتي في مكانها المناسب ، عند من يستحقها ، وعند من يملك كمالاً وحياء .

﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾

[ سورة المعارج: 24 ـ 25]

 المحروم لا يسأل .
المذيع :

﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 شيخنا هو المسافر المنقطع ؟

ابن السبيل هو المسافر المنقطع :

الدكتور محمد راتب :
 نعم ، نفسه ، هذا مسافر لكن لا يوجد معه مال ، هذا أيضاً حالة مهمة جداً ، لا يوجد عنده حل ثان ، يحتاج لفندق ، ولأجرة ركوب لبلده .
المذيع :

﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 إعتاق الرقاب الآن انتهت ؟

ما يقابل إعتاق الرقاب في عصرنا الحالي :

الدكتور محمد راتب :
 هذه قضية مرحلية .
المذيع :
 ما المقابل الآن برأيك شيخنا ؟ المقابل لها الآن ؟
الدكتور محمد راتب :
 والله أنا أرى الخادمات بالبيوت ، أحياناً لهن معاملة سيئة جداً ، وهناك حالات انتحار ، سيدة منزل بعيدة عن الرحمة ، تكلفها ما لا تطيق ، ثم تطعمها من بقايا الطعام القديمة ، أما الخادمة حينما تكرمها فلعلها تكون زادك إلى الله عز وجل .
المذيع :
 أي ممكن الشخص ينفق على من يعمل عنده بشكل شخصي ؟
الدكتور محمد راتب :
 والله أنا زوجت بناتي وأولادي كلهم ، مضطر لخادمة ، جاءتنا خادمة ليست مسلمة ، من معاملتي الطيبة أسلمت والله ، واستأذنت أهلها والله ، هذه إنسان أتت من عشرة آلاف كيلو متر يجب أن تُعامل معاملة طيبة جداً ، لأنها هي تركت أهلها وتخدمك ، ودوام للساعة العاشرة يكفي وليس للساعة الثالثة ليلاً ، هذه الخادمة قربى إلى الله من خلال خدمتها .
المذيع :
 أتى بعد ذلك شيخنا :

﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 تعودنا دائماً شيخنا أن الصلاة تكون قبل الإنفاق ، هنا لماذا تأخرت ؟

العمل الصالح هو الهدية بين يدي الله في الصلاة :

الدكتور محمد راتب :
 هذا موضوع ثان ، أي استطاع أن يحدث مع الله صلة ، باستقامته وأعماله الصالحة ، العمل الصالح هو دليل أنك تستحق أن يقبل الله عليك بالصلاة ، كما أنك تقبل عليه يقبل عليك ، كيف يقبل عليك ؟ يلقي نوراً ، نور يريك الحق حقاً والباطل باطلاً .
 أنا أقول : العمل الصالح هو الهدية بين يدي الله في الصلاة ، لم تؤذ أحداً ، لا يوجد عندك دخل حرام ، لا يوجد سهرة لا ترضي الله ، لا يوجد لقاء لا يرضي الله ، لا يوجد صفقة فيها كذب ، لا يوجد مادة محرمة أدخلتها بالصناعة ، مادة بنزوات الصوديوم هذه مادة حافظة ، مسموح ثلاثة بالألف يضعون ثلاثة بالمئة ، لذلك عندنا ظاهرة غريبة ، ارتفاع السرطان عشرة أضعاف صار ، كل هذا من انعدام الانضباط ، الدين فقط صلاة وصوم ، الدين بمعملك ، هل يوجد مادة مسرطنة ؟ هل هناك متابعة صحية للبضاعة ؟ هل هناك أسعار غير معقولة ؟ هل هناك كتابة خلاف واقع البضاعة ؟ البطولة في بيعك وشرائك ، وحرفتك ، ووظيفتك ، وعملك ، هذا الذي يرقى بك عند الله .
المذيع :

﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ﴾

[ سورة البقرة: 177]

الإنسان عهده مقدس :

الدكتور محمد راتب :
 الإنسان عهده مقدس أبداً ، من هو المؤمن ؟
المذيع :
 هل المقصود بالعهد العادي أم العهد الذي هو الإيمان ؟
الدكتور محمد راتب :
 أي عهد ، الإنسان مسؤول عن توقيعه ، العقد شريعة المتعاقدين ، أنت بحاجة إلى من يملك خبرة معينة في موضوع ، شاركته معك ، الشراكة على التأبيد ، أنت عندما تعلمت منه أسرار هذه المصلحة ضيقت عليه ، أهنته أمام الموظفين فتركك ، هذا كله صار حراماً ، أنت مفتقد لخبرته، أتيت به شريكاً ، والشريك على التأبيد ، فأنت عندما ملكت الخبرة ضيقت عليه الخناق حتى خرج من الشركة ، الله كبير ، معنى كبير ؛ عنده مرض خبيث ، عنده أمراض عضالة ، عنده حادث سير مدمر ، فالإنسان كلما زاد خوفه من الله كلما كان أعقل ، وأصح لسلامته وسعادته .
المذيع :
 لا إله إلا الله ، فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي نتابع هذه الآيات :

﴿ وَالصَّابِرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 الموفون كانت مرفوعة ، الآن والصابرين أتت على النص لها دلالة تفسيرية ؟

الدلالة التفسيرية لكلمة -وَالصَّابِرِينَ- :

الدكتور محمد راتب :
 طبعاً ، لها ميزة ، دائماً الاستثناء له ميزة ، هنا :

﴿ وَالصَّابِرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 تشمل الكل ، بر بوالدته ، بر بأولاده ، بر بزبائنه ، فهذه أتت تغطي الكل تقريباً ، هذا الملمح الخاص بها .

﴿ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

المذيع :
 ما الفرق ؟

﴿ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

الفرق بين الضراء والبأساء :

الدكتور محمد راتب :
 الضراء ؛ مرض ، البأساء ؛ فقر .

﴿ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 الحرب .

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هنا الصدق ليس له علاقة بالصدق ، متأكد من طلب الحق .

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

[ سورة الأنعام: 115]

 أي يا عبادي كلمتان تنظم العلاقة بيني وبينكم ، منكم الصدق ومني العدل ، أي تتفاوتون عندي بصدقكم وأنا أعدل بينكم .

﴿ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة الأحزاب: 23]

 عفواً ؛ أنت أتيت بشريك وأنت بنيتك حينما تأخذ خبرته تصرفه ، هو ما أخذ هكذا ، فهم أنها شراكة دائمة ، هنا صار خيانة ، صدق بما عاهد ، صدق ، صدق بعقوده ، صدق بوعوده .
المذيع :

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

العين لا ترى الأشياء إلا بنور وسيط والعقل لا يرى الحق إلا بنور إلهي :

الدكتور محمد راتب :
 اتقوا الله ، التقوى الفكرة دقيقة ، الآن أنا لي عين ، ومن فضل الله جيدة ، ما قيمتها من دون نور يتوسط بيني وبين المرئي ؟ ليس لها قيمة إطلاقاً ، أدخل لغرفة إنساناً أعمى ، وإنساناً بصيراً ولا يوجد ضوء إطلاقاً ، ظلام دامس ، سيان ، إذاً لابد لهذه العين من نور يتوسط بينها وبين هذه المرئي ، واضحة تماماً ؟
 العقل أعقد جهاز بالحياة ، العقل ؛ الدماغ أي مئة وأربعون مليار خلية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد ، أبداً ، الذاكرة سبعون مليار صورة فيها ، حجمها بحجم حبة العدس ، في الدماغ شيء الآن يفوق حدّ الخيال ، هذا الدماغ ؛ الدماغ لا يرى الحقيقة إلا بنور الله ، كما أن العين لا ترى الشيء إلا بنور أرضي وسيط بينهما .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد: 28]

 هذه النقطة ، فكما أن العين لا ترى الأشياء إلا بنور وسيط العقل لا يرى الحق إلا بنور إلهي ، هناك أذكياء ألحدوا لأنهم بعيدون عن الله عز وجل ، فكما أن النور شرط أساسي لرؤية العين نور الله شرط أساسي لإدراك الحقائق ، والآية دقيقة جداً :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد: 28]

المذيع :
 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ؛ لو توقفنا عند الاستنباطات الأخلاقية والآداب في هذه الآية ما الجانب الأخلاقي في هذه الآية سواءً من ناحية إيتاء المال ، الإيفاء بالعهد ، وكيف نستنبط منها هذه الآداب شيخنا ؟

الاستنباطات الأخلاقية والآداب في آية اليوم :

الدكتور محمد راتب :
 الكرم ، الكرم شيء أساسي في الآية ، الصبر ، الوفاء بالعهود ، هذه كلها مكارم أخلاق، هذه آية دقيقة جداً ، أنا أشكر من اختارها لهذا اللقاء الطيب ، آية جامعة مانعة ، طبعاً الإنسان قيمته بأخلاقه ، النبي الكريم كم صفة الله أعطاه إياها ؟ والله آلاف ، ينفرد بها ، لكن حينما مُدح ، بماذا مُدح ؟ قال له :

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4]

 الأخلاق أساسية ، ما قيمة الإيمان بلا أخلاق ؟ ليس له قيمة إطلاقاً ، وقد يكون غير المؤمنين أذكى من المؤمنين ، لكن كونهم لم يؤمنوا ما عرفوا سرّ وجودهم ، ولا غاية وجودهم فما انتفعوا بهذا الذكاء .
المذيع :
 في قوله تعالى شيخنا :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هنا تقرير الإيمان بتفاصيله ؟

أركان الإيمان دعائم المسلم :

الدكتور محمد راتب :
 جانب عقدي ، مع التفاصيل .
المذيع :
 التفاصيل الإيمان :

﴿ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هنا هذه أركان الإيمان شيخنا ، أي هل مع ذلك لابد من تحقيق جميع هذه الأركان حتى يكون تاماً ؟
الدكتور محمد راتب :
 أبداً ، أركان سيدي مثل الدعائم ، أربع دعائم ، ثلاث يقع البناء ، اسمها أركان .
المذيع :
 تأخير الصلاة شيخنا ، نحن توقفنا عندها .

العمل الصالح أساس الصلة بالله :

الدكتور محمد راتب :
 لها ملمح دقيق ، أنت عندما يكون عملك صالحاً يكون لك مع الله خط ساخن ، إذا كان هناك عمل سيئ مقطوع عن الله ، عندنا اتصال وعندنا صلاة ، الاتصال أن تنعقد لك صلة مع الله، هذه تحتاج إلى عمل صالح ، الاتصال بالله أي أن تنعقد لك مع الله صلة ، كذا ، وكذا ، وكذا ، كليات إيمانية ، وكليات سلوكية .
المذيع :
 لكن سؤالي كان شيخنا أن البعض العلماء فسروا :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 المقصود به الصلاة فقط ؟

الخلاف على القبلة من فروع الصلاة الصغيرة :

الدكتور محمد راتب :
 لا ، المقصود به الخلاف على القبلة فقط ، وليس الصلاة ، هناك خلاف على القبلة ، القبلة عندما تحولت صار هناك خلاف ، وليس المقصود الصلاة ؛ المقصود القبلة ، وهذه من فروع الصلاة الصغيرة ، وليس الكبيرة .
المذيع :
 وفي قوله تعالى :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 هناك تفاسير عديدة شيخنا على شرح المقصود بحبه هنا شيخنا ؟

الإنسان يؤتي المال إما محبة لله أو محبة للمال :

الدكتور محمد راتب :
 أنه هو يحب المال ، أو على حب الله ، هذا المعنى ، إما آتى المال محبة بالله هؤلاء عباده ، أو آتى المال على أنه يحب المال ، أنفقه .
 أنت قدمت حفنة تراب لإنسان يعد هذا إنفاقاً ؟ أنت تقدم مالاً ، والمال شيء ثمين جداً، والإنسان متعلق بالمال ، إما أنه آتى المال على محبة المال ، والمال غال جداً عليه وأنفقه ، أو آتى المال على حب الله ، إما حباً بالله آتى هذا المال ، أو على الرغم أنه يحب المال آتى هذا المال .
المذيع :

﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 شيخنا ؛ البعض ربما فسر ذلك بأنه الضيف ليس الفقر، حتى أن إكرام الضيف يدخل في هذا الجانب ؟

إكرام الضيف المسافر :

الدكتور محمد راتب :
 ممكن ، طبعاً المسافر أكثر شيء ، الضيف المسافر ، هذه والله واضحة جداً عندي ، يأتي أخ لعندي من حلب ، أهيئ دائماً طعاماً للضيوف ، هذا قادم من مكان بعيد ، ويوجد مودة بالغة بينك وبينه ، ألا يتلقى إكراماً يليق بهذه المسافة التي قطعها ؟ الضيف تأتي أيضاً واضحة .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي على هذا اللقاء ، وعلى هذه الكلمات الطيبة .
 إذاً توقفنا مستمعينا الكرام مع آية من آيات سورة البقرة في قوله تعالى :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 177]

 أشكركم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي على هذا الحضور .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور