وضع داكن
08-05-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 54 - مكالمة مع الدكتور عمر عبد الكافي‎ - الحكمة من الابتلاء.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور محمد راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 بارك الله بك مولانا ، أنت عندما تُرى على الشاشة أو تُرى وجهاً لوجه والله تضع السكينة في قلوبنا ، والأمن في أرواحنا ، بارك الله بك أنت ومضة النور الموجودة في حياتنا ، بارك الله في عمرك ، ونفعنا بعلمك .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بك .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 أكرمك الله .
الدكتور محمد راتب :
 وأعلى قدرك ، شاكر جداً .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 رضي الله عنك .

السلام و الأمن مطلب كل إنسان :

الدكتور محمد راتب :
 أستاذنا الجليل ؛ الدكتور عمر عبد الكافي ، الحقيقة من باب الخواطر ، خطر في بالي مرة لماذا شرع الله لنا عدم الحرب في الأشهر الحرم ؟ معنى هذا لا علاقة له برمضان إطلاقاً ، لأن الناس حينما يشتد أوار الحرب ، ثم يذوق الناس طعم السلام ، يتمنون أن يستمر ، إذا ذاق الناس طعم الحرب ، وأوار الحرب ، وقسوة الحرب ، والقتل في الحرب ، والشهداء في الحرب ، والدمار في الحرب ، ثم ذاقوا طعم السلام يتمنون أن يستمر .
 الآن رمضان له علاقة بهذا المثل بطريق أو بآخر ، أي الله عز وجل بشهر أذاقنا طعم القرب ، أذاقنا القرآن ، أذاقنا التراويح ، أذاقنا الفجر في وقته ، أذاقنا إيجابيات كثيرة جداً ، تواصل الرحم ، أذاقنا الإنفاق ، أذاقنا دفع الزكاة ، هذه الإيجابيات في رمضان المذهلة ذقناها في شهر ، فالإنسان يتمنى أن تستمر ، فالذي أتمناه أن نكون بعد رمضان كما كنا في رمضان، لا يفطر منا إلا الفم فقط ، أما الاستقامة ، والصدق ، والورع ، والتواصل الاجتماعي ، وبر الوالدين ، والبقاء في البيوت ، الحقيقة الآية معروفة :

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾

[ سورة الأحزاب : 33]

 لكن ذقت طعم وقروا في بيوتكم ، الآن صار هناك علاقات أسرية نامية جداً ، عرفت من هي زوجتك ، تكلمت معها ، رأيت أولادك ، الحقيقة كشفنا إيجابيات كثيرة .

 

من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فالمصيبة في نفسه أكبر :

 أنا كان فهمي المتواضع أن العالم الآن قوي جداً ، وغني ، ومتملك ، فكأن الدين نُحي جانباً في العالم كله ، إما بإنكاره كلياً بمعسكر ، أو بتحجيمه بمعسكر ثان ، فصارت القوة ، والتقنية ، والفضائيات ، والإعلام ، كان هناك تشريع وتنفيذ وقضاء ، بقي إعلام ، يركز الإعلام على شيء يقوم العالم ولا يقعد ، يعتم على شيء الجريمة تكون مليون ضعف عن جريمة واحدة، العالم ساكت ، فهذا الوضع وضع غير طبيعي .
 فالله عز وجل أرسل رسالة إلى أهل الأرض قاطبة ، عن طريق كائن ليس حياً ، لا يرى بالعين ، عطل الطيران ، والبواخر ، والإعلام ، والمعامل ، والعمل ، والموظفين ، والدوام ، والله رأيت منظراً لنيويورك وبرلين ولندن وباريس شيء لا يصدق ، الله أرسل رسالة مفادها :

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

[ سورة طه: 14]

 إن شاء الله نستفد ، والذي لا يتعظ من المصيبة صار هو المصيبة ، من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فالمصيبة في نفسه أكبر .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 عافانا الله ، بارك الله بك مولانا ، والله هذا كلام سماوي ، رمضاني كبير ، والله هذا كلام ليلة القدر ، الله أكبر ، ربنا يفتح عليك يا رب ، دائماً تغذينا ، وتنورنا ، وتفتح آفاقنا ، وتثير فينا آليات الإيمان بفضل الله سبحانه وتعالى ، بارك الله لنا بك .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بك نحن بعض ما عندكم سيدي .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 العفو سيدي ، بارك الله بك .
الدكتور محمد راتب :
 والله ليس تواضعاً لا والله ، حقيقة .

 

الدكتور راتب النابلسي ومضة النور في حياتنا :

الدكتور عمر عبد الكافي :
 الله أكبر أنت أهل هذا التواضع مولانا ، أعزك الله وأعلى قدرك ، أنا آخذ طرف الخيط منك ، أولاً أهنئك على أن قضينا بفضل الله رمضان تعبداً ، وخشوعاً ، وخضوعاً لله عز وجل ، وتصبراً على هذه الحالة التي نحن والعالم كله فيها ، بارك لله بك أنت عندما تُرى على الشاشة ، أو تُرى وجهاً لوجه والله تضع السكينة في قلوبنا ، والأمن في أرواحنا ، بارك الله لنا بك أنت ومضة النور في حياتنا ، بارك الله لنا في عمرك ، ونفعنا بعلمك .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بك ، و أعلى قدرك ، شاكر جداً .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 رضي الله عنك .

للمصائب أثر إيجابي :

الدكتور محمد راتب :
 ونحن سيدي نهنئ الأمة الإسلامية بأكملها بهذا العيد القادم ، ونتمنى لها أن تكون بعد هذا العيد بوضع آخر ، بفهم آخر ، بموقف آخر ، بقيم أخرى ، بتماسك آخر ، بوحدة أخرى، لابد أن المصائب لها أثر إيجابي ، الناس كلهم يأخذون من المصائب الأثر السلبي ، اختر أنت الإيجابي ، والله عز وجل لولا أن لها أثراً إيجابياً ما كان سمح بها ، كل شيء وقع بالقارات الخمس أراده الله .
 نحن نهنئ الأمة العربية والإسلامية بعيد الفطر السعيد القادم ، إن شاء الله نكون بعد هذا العيد غير ما كنا قبل هذا العيد ، بتماسكنا ، بتراحمنا ، بإنصافنا ، بموضوعيتنا .

الموضوعية قيمة أخلاقيّة وعلميّة :

 دكتورنا الكريم ؛ الموضوعية قيمة أخلاقية ، وقيمة علمية ، إذا كنت موضوعياً فأنت عالم ، إذا كنت موضوعياً فأنت أخلاقي ، تلتقي قيم الأخلاق مع قيم العلم بالموضوعية ، والموضوعية أن تعطي الشيء الحجم الحقيقي ، لا مبالغة ولا زيادة ، فنحن بحاجة إلى قيم حضارية مستمدة من ديننا .
أرجو الله أن نكون متعاونين ، والتعاون حضارة .
 أخي الكريم ؛ الطرف الآخر يتعاون تعاوناً مذهلاً ، وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة، والمسلمون لا يتعاونون وبينهم خمسة وتسعون قواسم مشتركة .
الدكتور عمر عبد الكافي :
 هذا سوء فهم يا مولانا ، للأسف نعم ، صدقت .
 بارك الله بك على هذا التوضيح ، وأنا أضيف لكلام فضيلتك ، وكلامك لا يحتاج إلى إضافة لكن دائماً أنتم المتن ، ونحن الحاشية ، نحن سامحنا نحن نتطفل على موائد علمك ، والعلماء الكبار أمثالك ، بارك الله بك .
الدكتور محمد راتب :
 هذا من تواضعك سيدي .

إعادة الحسابات و ترتيب الأولويات والعودة الصادقة إلى الله :

الدكتور عمر عبد الكافي :
 أنا أريد أن أقول للأمة الإسلامية ، ونهنئهم كما هنأهم أستاذنا بعيد الفطر .

﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

[ سورة يونس: 58]

 الله عز وجل كما قال أستاذنا الفاضل ، الابتلاء الأخير في هذه الأشهر الأخيرة يعلي راية :

﴿ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾

[ سورة القصص: 30 ـ 31]

 ألقِ حضارتك ، ألقِ مدينتك ، ألقِ ما عندك ، وارجع إلى ربك تكن كبيراً في هذا الكون ، تكون سيداً في هذا الكون ، أما أن تقول :

﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً ﴾

[ سورة الكهف: 35 ـ 36]

 هذا كلام يجب أن يزول ، كلام :

﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾

[ سورة القصص: 78]

 ربنا سبحانه وتعالى قال :

﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾

[ سورة القصص : 81]

 الذي قال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

[ سورة القصص: 38]

 فأغرقناه وجنوده في اليم ، إذاً القضية سبحان الله يجب إعادة حسابات وترتيب أولويات العقل الإسلامي ، والعقل الإسلامي مرة أخرى ، ما هي أولوياتنا ؟ هل أولوياتنا الرؤوس النووية أم الرؤوس الإيمانية ؟ هل أولوياتنا ترسانة الأسلحة أم ترسانة الإيمان ؟ هل أولوياتنا الفتك بأخي في الإنسانية أم الفتك بالشيطان وأعوانه ، أو الشيطان ووساوسه ، أو الشيطان ونوازغه ؟ هل الأولويات تلك البوارج العملاقة وحاملات الطائرات أم حاملات الإيمانيات واليقينيات ، وإعانة الضعيف ، وإغاثة الملهوف ، والإحسان إلى الجار ، والتعامل مع الزوجة ، وتقليل نسب الطلاق ، وحسن التربية للأولاد ، وأن نكون لهم قدوة ، وأن نأكل من الحلال ؟ سبحان الله ! نعود مرة أخرى بدلاً من إنفاق هذه المليارات الممليرة والملايين المملينة على إهلاك الإنسان لأخيه الإنسان ، لماذا لا نستخدمها لمحاولة إحياء الإنسان لأخيه الإنسان ؟

﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾

[ سورة المائدة : 32]

 متى نقدم الذي تأخر ومتى نؤخر الذي للأسف قدمناه ؟ نحن قدمنا عصر الركل بالقدم ، متى نقدم عصر الفكر والقلم ؟ نحن قدرنا هذه الإباحيات التي تسمى فناً أو غير ذلك ، متى نقدم أهل العلم وأهل الفضل ، وأهل الطب ، وأهل الاختراعات ، وأهل التقنيات الذين يحاولون إسعاد البشرية ؟ إن إسعاد البشرية فريضة غائبة علينا أن نصب فيها كلنا بدلائنا حتى يمتلئ بحر الإنسانية بالإنسانية ، وبحر الإيمان بإيماننا بالله ، وأنت تكون عودة صادقة لله رب العالمين ، هنا يكون عيد الفطر فرحة حقيقية .

﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

[ سورة يونس : 58]

 نهنئكم بعيد الفطر ، وأهنئ نفسي أنا بوجودي في معية أستاذنا وعالمنا الجليل الذي دائماً نحن نسير خلفه .

 

بطولة الإنسان أن يعرف الحقيقة في الوقت المناسب :

الدكتور محمد راتب :
 أستغفر الله سيدي .
 كلمة واحدة سيدي ؛ دائما وأبداً خياراتنا مع الإيمان ، الإنسان دائماً له مليون رفض ، مليون ، هذا البيت لم يعجبه لا يشتريه ، هذه الزوجة لم تعجبه أخلاقها لا يتزوجها ، هذه الحرفة دخلها قليل ، دوامه كثير تركه ، إلا مع الإيمان معه خيار وقت ، أكفر كفار الأرض آمن بعد فوات الأوان ، لذلك يوم :

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ﴾

[ سورة يونس : 58]

 أنا معي مليون خيار رفض ، إلا مع الإيمان خيار وقت ، فإما أن أؤمن بالوقت المناسب أو بعد فوات الأوان .
 دخل طالب الامتحان ولم يدرس شيئاً ، أخذ صفراً بجدارة ، عاد إلى البيت قرأ الموضوع فهمه ، رجع حتى يكتب فمنعوه .

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ﴾

[ سورة يونس : 58]

 فالبطولة أن أعرف الحقيقة في الوقت المناسب ، فرعون عرف الحقيقة بعد فوات الأوان ، فرعون نفسه وهو أكفر كفار الأرض عرف الحقيقة بعد فوات الأوان .

 

الدكتور عمر عبد الكافي :
 هذا لا ينفع .
الدكتور محمد راتب :
 بارك لله بك ، قال :
الدكتور عمر عبد الكافي :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا ﴾

[ سورة المؤمنون : 99 ـ 100]

 بارك الله بك مولانا .
الدكتور محمد راتب :

﴿ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾

[ سورة المؤمنون : 100]

خاتمة و توديع :

الدكتور عمر عبد الكافي :
 سعدنا بك ، وبصحبتك ، وبمعيتك ، ولا تنسانا من صالح الدعاء .
الدكتور محمد راتب :
 أرجو الله أن تنال مرادك ، ويجعلك الداعية الأول بالعالم إن شاء الله .
المذيع :
 نحن في المؤخرة ، نتمسك بذيلكم ، نتمسك بثيابكم ، بارك الله بكم ، وشكر الله لك .
 نستودعكم الله ، بارك الله بك ، الأولاد كلهم والبنات وأمهم يسلمون عليك سلاماً خاصاً، بارك الله بك .
الدكتور محمد راتب :
 والله وكل من حولي يسلمون عليكم ، محبة الأبناء من محبة الآباء .
المذيع :
 رضي الله عنك ، جزاكم الله خيراً ، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور