- محاضرات خارجية / ٠21ندوات مختلفة - سوريا
- /
- ٠2ندوات مختلفة - سوريا
مقدمة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد أيها الأخوة ؛ شرفنا جميعاً بأن أوينا إلى بيت من بيوت الله عز وجل ننهل العلم ، وننهل الفضيلة ، من جميعة مباركة جمعية إعفاف ، جمعية دار الإيمان ، التي تعنى غاية ما تعنى بنشر الفضيلة بين الناس ، وإعانة الأسر عموماً والشباب على وجه الخصوص ، ومن فضل الله على هذه الجمعية أن القائمين عليها من الشباب، فترى ما أنجزته في سنتين ونصف أكثر مما أنجزه غيرها بعشرات السنين ، نسأل الله أن يبارك لنا فيها ، ويبارك لنا بعلماء الشام خاصة ، وبعلمائنا في العالم الإسلامي كافة ، إنه سميع مجيب ، نشرف أيها الأحبة أن يكون بيننا أستاذنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي وهو غني عن التعريف ، حتى لا آخذ من كلمته القيّمة أسأل الله أن يفتح قلوبنا إلى أستاذنا .
آيات الله عز وجل في السماء :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام الأحباب ؛ بادئ ذي بدء أشكر لجمعية إعفاف الشباب هذه الدعوة الكريمة ، وأشكر لكم هذا الحضور ، فهذا إن دل على شيء فعلى حسن الظن بي ، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم ، كما أسأله إن وجدتم في محاضرتي ما كنتم تتوقعون فالحمد لله رب العالمين ، وإن لم تجدوا ما كنتم تتوقعون فحسبكم الله ونعم الوكيل .
بادئ ذي بدء قال علماء اللغة : العطف يقتضي المشاركة والمقاربة ، تقول مثلاً: مصر وسوريا ولا تقول : مصر وعربين ، لا يوجد تناسب ، بلدة مقابل دولة ، هذه مقدمة أردت من خلالها أن ألفت النظر إلى آيتين الآية الأولى ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
السموات والأرض مصطلح قرآني يعني الله بهما الكون ، والكون ما سوى الله ، زارنا قبل أيام عالم جليل من علماء الإعجاز العلمي ودار بيني وبينه حوار حول حجم الكون ، فقال: المجرات التي رصدتها مراصدنا تزيد عن ثلاثمئة مليون مجرة ، ومجرتنا متواضعة جداً درب التبابنة ، تعد مجرة متوسطة أو أقل ، والمجموعة الشمسية بأكملها لا تزيد عن نقطة على هذه المجرة ، لذلك أيها الأخوة ؛ إذا قال الله عز وجل :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
أي أن الكون كله من آيات الله الدالة على عظمته ، ويكفي أن أذكركم أن بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية ، لو أننا أردنا أن نصل إلى هذا النجم الذي يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ، وكان هناك طريق إلى هذا النجم ، ومعنا مركبة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام ، وكلمة أربع سنوات ضوئية تعني خمسين مليون عام ، وأي واحد من الشباب الطيبين اليوم مساء يضرب ، الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر ، في الدقيقة ضرب ستين ، بالساعة ضرب ستين ، باليوم ضرب أربع وعشرين ، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين ، أربع سنوات ضرب أربع ، هذه الرقم قسمه على سرعة السيارة ، الناتج كم ساعة ، على أربع وعشرين كم يوم ، على ثلاثمئة وخمسة وستين كم سنة ، من أجل أن نصل إلى أقرب نجم ملتهب يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ، نحتاج إلى خمسين مليون عام ، متى نصل إلى نجم القطب ؟ بعده عنا أربعة آلاف سنة ضوئية ، بعد الأرض عن مجرة المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية ، وسألت هذا الأستاذ في الإعجاز العلمي : ما هو أبعد نجم تمّ رصده ؟ قال لي : أربعة وعشرون مليار سنة ضوئية ، أربع سنوات ضوئية تحتاج إلى خمسين مليون عام فأربعة وعشرون مليار سنة ضوئية كم تحتاج ؟ دقق معي بقوله تعالى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
ذلك الله رب العالمين ، هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته؟ وقد يقول أحدكم : ما علاقة هذا بموضوع الأسرة ؟ بعد قليل تعرفون العلاقة .
الآن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، أي جوف الشمس يتسع لمليون وثلاثمئة ألف أرض ، والأرض كما نعلم فيها خمس قارات ؛ أمريكا الشمالية والجنوبية ، أوربا، آسيا ، أستراليا ، كل هذه القارات خمس الأرض ، والبحر أربعة أخماس ، مليون وثلاثمئة ألف أرض تتسع لها الشمس ، بين الشمس والأرض مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر ، برج العقرب ، فيه نجم صغير متألق ، أحمر اللون ، اسمه قلب العقرب ، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره؟ هذا في السماء ، فماذا في الأرض ؟
آيات الله عز وجل في الأرض :
أحقر مخلوق عند الإنسان البعوضة ، إذا قتلت بعوضة هل تحس أنك قاتل ؟
(( لو كانت الدنيا تَعْدِلُ عند الله جَناح بعوضة ما سَقَى كافراً منها شَربة ماءٍ ))
هذه البعوضة مئة عين برأسها ، ثمانية و أربعون سناً بفمها ، ثلاثة قلوب بصدرها، قلب مركزي وقلب لكل جناح ، بكل قلب أذينان ، وبطينان ، ودسامان ، معها جهاز استقبال حراري ، ترى الأشياء لا بأشكالها ، ولا بأحجامها ، ولا بألوانها ، ولكن ترى الأشياء بحرارتها، حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية ، معها جهاز تحليل دم ، تملك جهاز تحليل للدم، فما كل دم يناسبها ، ينام أخوان على سرير واحد ، يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض ، ويستيقظ الثاني سليماً معافى لم يصب بشيء ، تملك جهاز تخدير لئلا تقتل أثناء امتصاص الدم، حينما يشعر بوخز البعوضة انتهى مفعول التخدير ، هي فوق في جو الغرفة تضحك على من ضربها .
معها جهاز تخدير ، وجهاز تحليل ، وجهاز استقبال حراري ، وجهاز تمييع للدم ، دم الإنسان سمج لا يسري بخرطومها ، في خرطومها ست سكاكين ، أربع سكاكين تحدث جرحاً مربعاً ، وسكينان تلتئمان على شكل أنبوبين لامتصاص الدم ، وفي أرجلها محاجم ومخالب ، إذا وقفت على بلور على سطح أملس على الضغط ، وفي أرجلها مخالب إذا وقفت على سطح خشن ، الآن :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
الأسرة أكبر آية من آيات الله الدالة على عظمته :
كما أن الكون من آياته الأسرة ، من آياته الدالة على عظمة الله ، للتقريب قال تعالى :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
الكون في كفة ، والقرآن في كفة ، خلق الأكوان ونورها بالقرآن ، الأكوان خلقه والقرآن كلامه ، الأكوان آيات كونية ، والقرآن آيات قرآنية ، لذلك تعد الأسرة أكبر آية من آيات الله الدالة على عظمته ، وكأنها تقترب مما سوى الله من الكون ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾
امرأة إنسانة تشعر بما تشعر ، تحس بما تحس ، ترضى بما ترضى ، تسمو كما تسمو ، تعبد ربها كما تعبد ربها ، ترقى إلى الله كما ترقى إليه ، تحجب عنه كما تحجب عنه .
﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾
ما علة السكنى ؟ أن الرجل له خصائص فكرية ونفسية واجتماعية وجسمية ، تناسب المهمة التي خلق من أجلها ، والمرأة لها خصائص فكرية ونفسية واجتماعية وجسمية هي كمال مطلق للمهمة التي أوكلت إليها ، هما متكاملان وليسا متشابهين لقوله تعالى :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
يتكاملان ، الرجل يكمل نقصه العاطفي بزوجته فيسكن إليها ، والمرأة تكمل نقصها القيادي بزوجها فتسكن إليه ، الأصل في العلاقة الزوجية المودة ، الرحمة :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
والمودة والرحمة من خلق الله عز وجل ، وأية أسرة لا يكون بين طرفيها مودة ورحمة هي أسرة بخلاف منهج الله ، ويستطيع كل شاب إن شاء الله إذا وهبه الله زوجة صالحة ، تسره إذا نظر إليها ، تحفظه إن غاب عنها ، تطيعه إن أمرها ، أن يعيش معها عمراً مديداً في حب متنام ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))
وكانت هذه السيدة الشابة الكريمة تسأل النبي من حين لآخر كيف حبك لي ؟ يقول لها : كعقدة الحبل ، أصبحت هذه العبارة مصطلحاً بينه وبينها ، تسأله من حين لآخر كيف العقدة ؟ فيقول : على حالها .
المجتمع بناء شامخ والأسرة لبنة بهذا البناء :
مقدمتي حول الكون لأصل إلى أن نظام الأسرة آية من آيات الله الدالة على عظمته، لذلك أنا أهنئ أخوتنا الكرام الأعضاء المؤسسين لجمعية إعفاف الشباب ، لأنهم يعملون في حقل يعد آية من آيات الله الدالة على عظمته ، ولم يمر على المسلمين فيما أعلم وقت شباب المسلمين وشابات المسلمين في أمس الحاجة إلى تفعيل هذه الأسرة كي تكون درءاً للمفاسد كهذا الوقت ، الزواج أغض للبصر وأحصن للفرج ، أنا مع الزواج المبكر ، وأنا مع كل جمعية تشجع الزواج ، لأن شرائع السماء تدعم الأسرة ، المجتمع بناء شامخ والأسرة لبنة بهذا البناء ، فإذا تماسكت الأسر تماسك البناء ، وإذا اضطربت الأسرة اضطرب البناء ، وشرائع الأرض تسعى لإحلال الأسرة بانحلالها .
أخوتنا الكرام ؛ ثقافة الغرب ثقافة انحلال ، مؤتمرات تعقد في أنحاء العالم من حين إلى آخر ، وقد حضرت آخر مؤتمر في أندونيسيا قبل أشهر ، مؤتمر السكان المنبثق عن هيئة الأمم المتحدة ، هذا المؤتمر من توصياته أن الزواج عقد بين شخصين لم يقل ذكراً وأنثى ، أي هذا المؤتمر بتوصياته الآثمة التي صدرت بالقاهرة قبل عشر سنوات تبين أن الزواج عند الأمم المتحدة عقد بين شخصين قد يكونا ذكرين أو أنثيين ، أو ذكراً وأنثى ، أما في إسلامنا العظيم فالزواج أن يقترن رجل بامرأة ، لإنجاب الولد ، شرائع السماء تدعم الأسرة ، ومؤتمرات الأرض تريدها انحلالاً وإباحية ، طبعاً لا مجال للحديث عن توصيات هذا المؤتمر ، العبد الفقير متخصص بهذا المؤتمر من خمسة عشر عاماً وأنا أتابع توصياته ، توصياته كلها تتناقض مع القرآن ، الهدف أن يكون الشعب المسلم قليل الإنجاب ، من أجل أن يكون سوقاً لهم لا أن يكون نامياً نمواً اقتصادياً ، هناك بحث طويل ولا يعنيني أن أخوض به في هذه المحاضرة ذات الموضوع المحدد .
لذلك أيها الأخوة ؛ الحقيقة الأولى ، ما من شهوة أودعها الله بالإنسان وشهوة المرأة من هذه الشهوات ، لقوله تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، ليس بالإسلام حرمان إطلاقاً .
مرة ثانية ؛ ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس بالإسلام حرمان هناك تنظيم ، الشهوة حيادية ، بإمكانك أن تتحرك بدافع منها مئة وثمانين درجة ، الشرع سمح لك بمئة درجة ، سمح لك بالزواج ولا سبيل آخر إلا الزواج ، أما عند أهل الكفر والضلال فهناك ألف سبيل وسبيل للوصول إلى هذه اللذة من دون زواج ، الآن يوجد مساكنة بأوربا ، لا عقد ولا قيد ولا شرط ، هناك مساكنة ، أنواع الانحراف لا يعرفها إلا الله ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾
الشهوة حياديّة :
أيها الأخوة ؛ الشهوة كالوقود السائل في المركبة إن وضع في المستودع المحكم ، وسار في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، ولّد حركة نافعة ، أقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل ، فما الذي يجري في السيارة ؟
انفجارات لكنها منضبطة ، أما إذا صبّ هذا الوقود على المركبة ، وأصابته شرارة ، أحرق المركبة ومن فيها ، فالشهوات حيادية يمكن أن تكون سلماً نرقى بها ، أو دركات نهوي بها ، الشهوة حيادية بحسب استخدامها ، ولكن أنا أخاطب الشباب ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل قناة نظيفة تسري خلالها ، ليس في الإسلام حرمان، والدليل:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
المعنى المخالف : الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، اشتهى المرأة فتزوج ، اشتهى المال فعمل عملاً مشروعاً ، ليس في الإسلام حرمان في الإسلام تنظيم ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل قناة نظيفة تسري خلالها .
الزواج خير و سعادة و عطاء :
إذاً الشهوات قوة دافعة أو قوة مدمرة ، هكذا شهوة الجنس ، إما أن تتزوج فيكرمك الله بزوجة تسرك إن نظرت إليها ، وتحفظك إن غبت عنها ، وتطيعك إن أمرتها ، تنجب لك الولد يملأ البيت بهجة وهو صغير ، ويعينك إذا كان كبيراً ، وهو استمرار لك ، وقد يرزق الإنسان من الذرية الملايين إلى يوم القيامة ، والله عز وجل أكرمنا فقال :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾
أولادك ، وأولاد أولادك ، وذريتك إلى يوم القيامة ، كل أعمالهم الصالحة في صحيفة الأب ، الزواج كله خير ، كله سعادة ، كله عطاء ، كله نمو ، لذلك أنا أشكر ثانية هذه الجمعية الكريمة التي ترعى الزواج ، جمعية إعفاف الشباب ، وأنا والله ما من عبادة تلفت نظري - وهو مصطلح حديث - خاصة بالبنات بالنساء ترقى بها الفتاة إلى أعلى عليين كأن تمارس عبادة إعفاف الشباب ، أي ستر مفاتنها عن الشباب كي يهيأ للشباب جو من الطهر والعفاف ، اذهب إلى مكة المكرمة أو إلى المدينة تبقى عشرين يوماً لا يأتيك خاطر نسائي واحد ، بسبب الحجاب، مرة في فرنسا حينما منعوا الحجاب ، عدّوا الحجاب رمزاً للدين ، فالصليب رمز للنصارى ، والقبعة رمز لليهودية ، وعدّوا الحجاب الإسلامي رمزاً للإسلام ، هذا خطأ كبير ، المركبة الشهيرة مرسيدس لها شارة في المقدمة ، لو نزعته لا تتأثر ميزاتها بشيء ، رمز ينزع ، لكن مكبح السيارة ليس رمزاً يعد جزءاً أساسياً منها ، لذلك الإنسان حينما يتزوج ويكرمه الله بزوجة تسره إن نظر إليها ، وتحفظه إن غاب عنها ، وتطيعه إن أمرها ، تنجب له الأولاد ، يقول سيدنا عمر : " أقوم إلى زوجتي وما بي من شهوة إلا ابتغاء ولد صالح ينفع الناس من بعدي ". بل إن دافع الأمومة أقوى دافع في الجنس البشري ، أي إن المرأة عندها دافع يعد أقوى دافع في النساء والرجال معاً إلى أن تكون أماً من أن تربي وليداً ، لذلك المجتمع الإسلامي مبارك ، هناك أزواج و زوجات و أولاد ، العلاقة بين الأولاد والآباء علاقة أرادها الله علاقة رحمة ، لذلك لم يرد في القرآن الكريم ولا آية عدا المواريث توصي الآباء بأبنائهم .
أخواننا الكرام ؛ هل يعقل أن يصدر مرسوم تشريعي يلزم المواطنين بتناول طعام الإفطار ؟ مستحيل ، لذلك لا يوجد أية آية توصي الآباء بأبنائهم ، لأن عناية الآباء بأبنائهم فطرة في أصل بنيتهم ، ولكن بر الأبناء بآبائهم ، قال تعالى :
﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾
ارتقاء الإنسان بالشهوات إلى رب الأرض و السموات :
أخواننا الكرام ؛ بالإسلام لا يوجد حرمان
ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، بل والله الذي لا إله إلا هو لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسموات ، دقق كيف تتقرب إلى الله ؟ لو أن المال لا قيمة له عندك ، لأن المال شيء ثمين عندك أودع الله فيك محبته ، ترقى عند الله بإنفاق المال ، ولأن الفتاة والمرأة محبوبة عند الرجل حينما يغض بصره عن امرأة لا تحل له يرقى إلى الله صابراً ، وحينما يمتع نظره بمن تحل له يرقى إلى الله شاكراً ، بالحالتين إما أن ترقى إلى الله صابراً ، وإما أن ترقى إلى الله شاكراً ، كالمنشار تماماً بالصعود ترقى وفي النزول ترقى ، إن غضضت بصرك عن امرأة لا تحل لك ترقى إلى الله صابراً ، وإن متعت عينيك بمن تحل لك ترقى إلى الله شاكراً .
لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسموات ، إطلاقاً أيها الأخوة .
الشأن الكبير للشباب في الإسلام :
شيء آخر ؛ صدقوا أنا من أسعد الناس حينما أطل عليكم ، وأنتم شباب ، ريح الجنة في الشباب ، الصحابة الكرامة كانوا شباباً ، سيدنا أسامة بن زيد شاب في الثامنة عشرة كان قائداً لجيش من جنوده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، مشى أبو بكر في ركابه قال : يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن ، قال : والله ما ركبت ولا نزلت وما عليّ أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله .
الشاب في الإسلام له شأن كبير ، ريح الجنة في الشباب .
(( ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ))
واللهُ عزّ و جل يباهي الملائكة بالشاب التائب ، يقول : انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي . اسمحوا لي أبشركم ، ما من شاب منكم يغض بصره عن محارم الله إلا وله مكافأة ثمينة جداً جداً جداً يوم زواجه ، تصور صندوقاً كلما غضضت بصرك عن محارم الله أودع في هذا الصندوق ليرة ذهبية ، ويوم يكون عقد قرانك يفتح هذا الصندوق فتجد فيه ملايين مملينة من هذه الليرات مقابل عفتك قبل الزواج ، كل شيء بحسابه ، ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه .
بالمناسبة كل سن له عبادة أولى ، التاجر عبادته الأولى كسب الحلال ، المرأة العبادة الأولى الحجاب .
أول عبادة للشباب غض بصرهم عن محارم الله :
وأقول لكم أيها الشباب ؛ العبادة الأولى في هذا الزمن الصعب ، في زمن الفضائيات والشاشة الآثمة الإباحية ، في زمن الانترنيت والمواقع الإباحية ، في زمن المجلات الخلاعية ، في زمن المحمول ، في زمن الطرقات التي تمتلئ بالغاديات والرائحات والمائلات والمميلات ، في هذا الزمن الصعب أول عبادة لكم أيها الشباب غض بصركم عن محارم الله ، والله في غض بصر ترقى إلى الله مرتين ، لذلك عبادتكم الأولى سيدنا يوسف قدوتكم ، شاب في ريعان الشباب في مقتبل العمر ، غريب ، دعته سيدته وليس من صالحها أن يعلم أحد ، وهو غريب ، وشاب ، وغير متزوج ، قال تعالى :
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾
حينما أصبح عزيز مصر مرّ موكبه أمام جارية تعرفه عبداً في السجن ، فقالت : سبحان من جعل العبيد ملوكاً بطاعته ، أبشروا أنت حينما تطيع الله ، والله آية قرآنية لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية لكفتكم ، قال تعالى :
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
ممكن شاب تائب مؤمن مصل يغض بصره عن امرأة لا تحل له صادق أمين ، يعمل عملاً بإخلاص ، أصبح في سن الزواج خطب امرأة مؤمنة طاهرة عفيفة أن تكون حياة هذا الشاب كحياة المتفلت ؟ والله لو تساوت حياة شاب مؤمن مع شاب غير مؤمن هذا التساوي يتناقض مع وجود الله ، قال تعالى :
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
أبشروا أنا أخاطب شباباً في مقتبل الحياة ؛ الخير مديد من لم يكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة ، هذا الشاب الذي يرتاد المساجد يجلس على ركبته ، يطلب العلم ، يغض بصره ، يضبط سمعه ، يضبط يده ، يضبط رجله ، هذا إنسان له مستقبل كبير ، حسبك هذه الآية :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
والله زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، لذلك قال بعض العلماء : الورع حسن لكن في العلماء أحسن ، و العدل حسن لكن في الأمراء أحسن ، والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن ، والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن ، والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن ، والحياء حسن لكن في النساء أحسن .
أنت التوبة ، الصدق ، الأمانة ، والإخلاص .
تسهيل الزواج أعظم عمل في هذه الظروف الصعبة :
نحن كنا نشبه حديقة حيوان تقليدية ، الوحوش في الأقفاص مقيدة ، والزوار طلقاء، بكل بلد يوجد بؤرة فساد أو بؤرتان فقط ، وضع العالم الإسلامي الآن حديقة حيوان إفريقية الوحوش طلقاء والزوار إن لم يلجؤوا إلى سيارة مصفحة يؤكلون
إذا لم تحصن نفسك بمسجد ، لك شيخ تثق بعلمه وإخلاصه وورعه تلقى عنده العلم ، أقول لكم بكل صراحة : المؤمن الآن كهذا الهاتف المحمول إذا ما شحنته تنطفئ شاشته ويسكت ، تحتاج إلى شحن أسبوعي ، يجب أن يكون لك درس علم تنهل منه المبادئ ، القيم والحقائق والأحكام ، لذلك :
((...وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا حفتهم الملائكة ، ونزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده ....))
جلسة أخرى فيها غيبة ، نميمة ، حديث عن النساء ، مشاهدة فيلم ، و ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار . لذلك صاحب المؤمن ، كن مع الصالحين ، ليكن بيتك كهفك ، ليكن جامعك كهفك ، قال تعالى :
﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا ﴾
ما من عمل في هذه الظروف الصعبة ، في ظروف الفساد ، والتفلت ، والفلتان الأخلاقي ، والإباحية ، والشاشة ، والانترنيت ، والمجلات ، والصحف ، والطرقات ، والمحمول ، ما من عمل أعظم من تزويج الشباب .
مرة ثانية ؛ ما من عمل أعظم من تزويج الشباب ، هذا الكلام موجه لمن ؟ لأولياء الشباب ولأولياء الشابات ، قال تعالى :
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾
أمر إلهي ، وكل أمر يقتضي الوجوب ، أي سهلوا الزواج ، لا تضعوا عراقيل أمام الزواج ، يسروا البيوت ، يسروا الأثاث ، خففوا المهر :
(( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ))
لا بد من حركة ، لا بد من حركة جماعية لإنقاذ الموقف ، أنا سمعت من هذه الجمعية المباركة في يوم إشهارها في حفل كبير ، سمعت من أحد أعضائها أن نصف سكان سوريا من النساء بلا زواج ، العنوسة خمسون بالمئة ، وهذه وصمة عار في حق الأمة ، في بلاد أخرى ثمانية عشر بالمئة ، في بلاد أخرى اثنان بالمئة ، هذه واحدة ، أما الطلاق فكان في بلدنا بنسبة خمسة عشر بالألف ، فلما اتسعت الصحون على السطوح أصبحة خمسة عشر بالمئة ، والآن بإحصاء من قصر العدل قبل أشهر تأملت أرقاماً بعيني ؛ خمسون بالمئة نسب الطلاق ، لأنه كلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء ، وكلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن ، وكلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة ، يقول لك : غلاء شديد ، نقص بالمواد ، هناك أسباب دقيقة ، قال تعالى :
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾
حاجة الشباب إلى فرص عمل :
النقطة الدقيقة جداً جداً في هذا اللقاء الطيب أن العلاقة بين الذكور والإناث لو أننا وضعنا عقبات كأداء أمام تزويج الشباب ما الذي يحصل ؟ الشباب غير المؤمنين ليس لهم منهج ، يحل السفاح محل النكاح ، كلما وضعنا العراقيل اتسعت دور الدعارة ، كلما وضعنا العراقيل حلّ السفاح محل النكاح ، الدليل من حديث رسول الله :
(( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ... ))
هناك أب عنده بنت جاءه خاطب قال له : يا بني أنا عندي خبرات عالية لا أسمح لخاطب ابنتي أن يلعب عليّ أو أن يضحك عليّ ، عندك بيت ؟ قال : نعم ، قال له : أرني الأوراق ، عندك عمل ؟ قال : أنا عندي معمل ، ائتني برخصة المعمل ، عندك سيارة ؟ ائتني بالميكانيك ، تأكد من رخصة المعمل ومن ملكه لبيت وسيارة ، وافق الآن بالخطبة له محل بالحريقة جاء خاطب ابنته إلى المحل ، عنده عدد من التجار قال لهم : هذا صهرنا ، فتغير لون أحدهم ، ثم قال له : هذا غير مسلم ، قال له : تعال أنت ألست مسلماً ؟ فقال له : أنت لم تسألني عن ديني ؟ أبداً ما سألتني عن ديني إطلاقاً.
في الغرب شاب أحبّ فتاة هناك فاستأذن والده من الزواج منها ، قال له : لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري ، فلما أحبّ ثانية قال : يا أبي هذه فتاة أحببتها ، قال له : أيضاً هذه أختك وأمك لا تدري ، الثالثة كذلك ، فضجر من أبيه ، وشكا إلى أمه ، قالت له : خذ أياً شئت أنت لست ابنه وهو لا يدري .
هذه نهاية الطريق إذا ما تداركنا ، وانتبهنا ، وراعينا شبابنا ، وزوجناهم ، ويسرنا ، والله هناك قرية بالغوطة أكبرها ، اجتمع أعيان القرية وقرروا المهر خاتم سحب وساعة فقط .
(( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ))
الآن بالتعبير المعاصر عندنا قنبلة موقوتة يمكن أن تدمر كل شيء ، الشباب يحتاجون إلى فرص عمل ، عندي أخ صاحب معمل استأذنني أن يغلق المعمل لأنه لا يربح ، و المواد الأولية صعبة جداً ، ولا يوجد أرباح ، والمصاريف عالية جداً ، و من سنتين لم يربح شيئاً ، قلت له : كم عامل عندك ؟ قال : ثمانون عاملاً ، قلت له : هل غاب عنك أنك تفتح ثمانين بيتاً وأن هذا عند الله أكبر ربح ؟ فسكت واستمر ، لما أنت تعمل عملاً ، تهيئ فرص عمل ، هذا الشاب تزوج ومعاشه ثمانية آلاف في الشهر ، أخذ بيتاً بأربعة آلاف وأكل بأربعة آلاف ، عنده زوجة ، تحصّن ، جاءه ولد ملأ البيت فرحة .
حدثني أخ ذهب إلى ألمانيا يريد أن ينشئ معملاً ، صعق أنه لا يوجد تعقيدات ، بل صعق من التسهيلات ، ليس مطالباً إلا بشيئين ، تصريح بالحفاظ على البيئة من التلوث ، وتصريح بتأمين فرص العمل ، سيقدمون له كل دونم أرض بمارك واحد ، لما تتيسر الأعمال يتيسر الزواج ، لذلك الفرق بين الربا والعمل ، العمل ينتج المال أما أي مشروع ، أي مؤسسة ، فنصف أرباحك مصاريف ، محل تجاري يحتاج إلى فواتير ، فأمن بهذا عملاً للمطبعة والورق ، يحتاج إلى مركبة ، صار هناك تصليح وميكانيك ، عنده مستودع صار هناك بناء ، أقل مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي يشغل مئتي مؤسسة بشكل غير مباشر ، لذلك ما هو الكسب الحلال ؟ أن تلد الأعمال المال ، ما هو الكسب الحرام ؟ أن يلد المال المال .
لذلك مشكلة الشباب أنهم يحتاجون إلى فرص عمل ، أنا والله لا أكتمكم عندي أخوان كثر ، بالآلاف لكن هناك أخاً حاملاً معي ، عنده مؤسسة ضخمة ، عنده معمل ، عنده مشروع يعين موظفين ، يحل مشاكل الأخوة المؤمنين ، وعندي أخ أنا حامله ، إنسان يحمل معك و آخر تحمله ، يوجد إنسان لا يوجد عنده إمكانية ، يجب أن نؤمن له زواجاً وبيتاً ومعاشاً و عملاً ، لذلك النبي الكريم طلب النخبة :
(( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين ))
العمر الأول سيدنا حمزة لما أسلم توقفت قريش عن إيذاء المسلمين ، والعمر الثاني لما أسلم صلى المسلمون ببيت الله الحرام .
حاجة الإسلام اليوم إلى النخبة من الشباب :
أنا أخاطب الشباب ؛ كن الأول ، أنا أريد النخبة ، الأول في الجامعة ، كن شيئاً مذكوراً ، كن بطلاً .
كنت في الجزائر ، أحد كبار العلماء واجه فرنسا بأكملها ، وناضل كل حياته حتى انتزع الاستقلال ، وهو على كل لسان ، عقب قراءة حياته الإنسان له حد أدنى ، لكن ليس له سقفاً ، قد يكون واحداً بمليون ، سيدنا الصديق جاءته استغاثة من سيدنا خالد يريد المدد ، يريد خمسين ألفاً ، معه ثلاثون ألفاً ، واجه ثلاثمئة ألف ، أرسل له سيدنا الصديق واحداً اسمه : القعقاع بن عمرو ، لما وصل إلى عنده قال له : أين المدد ؟ قال : أنا ، ما أنت ؟ أنا لا يوجد غيري وهذا الكتاب ، فتح الكتاب يقول سيدنا الصديق : والذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم .
وانتصروا ، الآن عشرة ملايين مسلم بأف وليس بواحد ، هناك واحد بمليون وواحد بعشرة ملايين ، وواحد بألف ، و هناك ألف كأف ، كان الصحابة معهم تمرات وعلى الجياد ومعهم سيفهم إلى الجهاد ، الآن معه همبرغر وبيبسي وإلى الملعب .
يوجد عالم بمصر ، خطيب مسجد مشهور توفي رحمه الله ، عليه إقبال شديد ، و في يوم لم يجد أحداً فسأل ؟ فقالوا اله : هناك لاعب كرة اعتزل اللعب فزحفت القاهرة كلها لمشاهدة آخر مباراة له ، ما هذا ؟ قال : ما اسم هذا اللاعب ؟ قالوا : زيزو ، فصعد المنبر وقال : ماذا فعل زيزو هل وحد المسلمين ؟ قالوا : لا ، هل حقق أهداف الأمة المستحيلة ؟ هل حرر القدس ؟ ماذا فعل ؟ قالوا : اعتزل اللعب ، قال : إذاً اللهم اجعلنا في بركات زيزو ، اللهم احشرنا مع زيزو ، اللهم لا تحرمنا من كرامات زيزو ، هذه الأمة دينها كرة القدم أصلاً .
كنت مرة بالعمرة ، هناك سائق كنت معه من مكة إلى جدة ، أقسم لكم بالله كاد يخرج من جلده حينما عرف أن الفريق الفلاني أدخل هدفاً على الفريق الفلاني ، انفعالاته واهتماماته ومشاهره ووجدانه من أجل كرة دخلت إلى شبكة ، فالرياضة أصبحت ديناً .
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للشباب :
أيها الأخوة الكرام ؛ قال تعالى :
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾
أمر إلهي وكل أمر يقتضي الوجوب ، لكن أنا أخاطب الشباب :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
والله زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للشباب ، اتق الله ، أحد علماء دمشق ذكر لي هذه القصة ، جاء لعنده طالب لا يعرفه قال له : أنا من تلاميذك ، و لا يوجد عندي رأس مال ، ولا وظيفة مرموقة ، ولا بيت ، وعمري ثلاث وعشرون سنة ، و ليس عندي أمل أن أتزوج لخمسين سنة قادمة ، ماذا أفعل ؟ قال له : اتق الله ، قال له : هذه أين تصرف ؟ طبعاً مستهزئ ، قال : يا بني هذا الذي عندي .
ذهب بعدما وقف الموقف الغير مؤدب من شيخه ، هو موظف بشركة اعتبر المحل التجاري له ، داوم بشكل دقيق ، كلما يأتي زبون يعتني به كثيراً و يقنعه ، لاحظ صاحب المحل أن الوضع ليس طبيعياً ، الغلة ارتفعت ودوامه جيد ، إذا ذهب للصلاة في الجامع يستغرق ثماني دقائق فقط ، يصلي السنة والفرض ويعود ، لا يبقى ساعتين ، تابعه صاحب المحل أكثر من سنة ، يتق الله ، عند صاحب المحل بنت رائعة جداً شاهده أنسب شخص لها ، فعمل معه تمثيلية أخذ له بيتاً في كفرسوسة بأرقى البيوت ، ثم قال له : أنا أريد أن آخذ رأيك بالسيراميك ، اختر لي أنت والشاب لا يعلم ، بعد ما انتهى من كسوة البيت ، قال له : هذا البيت لك أنا اخترتك زوجاً لابنتي ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
والله الكون يزول وهذه الآية تتحقق :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
حقّ العباد على الله إن عبدوه :
أخواننا الكرام ؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ما حقُّ العباد على الله إذا هم عبدوه ؟ قلتُ : الله ورسوله أعلم ، قال: حقُّ العباد على الله ألا يعذِّبهم ))
اسمعوا أيها الشباب الله عز وجل أنشأ لكم حقاً عليه ، في الجامع الصغير افتحوا على قسم حق الوالد على ولده ، حق المولود على والده ، حق الزوجة على زوجها ، حديث طويل ، و هناك حديث تقرؤه يقشعر جلدك ؛ حق المؤمن على الله أن يعينه إذا طلب العفاف ، أتسمعون أيها الشباب ، أيها الأخوة ؛
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
خاتمة :
آخر شيء أقوله في هذا اللقاء الطيب لعل هناك بعض الأسئلة ، آخر شيء :
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾
وأسأل الله أن يهب كل واحد منكم غير متزوج زوجة صالحة ، تسره إذا نظر إليها ، تحفظه إن غاب عنها ، تطيعه إن أمرها ، وأشكر هذه الجمعية الكريمة على هذه الدعوة ، وأشكر لكم حضوركم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ذكر الله لك يتجلى بمنحك الأمن و الطمأنينة :
ورد في الأثر القدسي :" إنّ بيوتي في الأرض المساجد ، وإن زوّارها هم عمّارها ، فطُوبى لِعَبْد تطهّر في بيته ثمّ زارني ، وحُقّ على المزور أن يُكْرم الزائر، بربكم إن جاءكم ضيف هل من الممكن ألا تضيفه ؟ غير معقول ، إله عظيم أكرم الأكرمين دخلت إلى بيته هل معقول أن تخرج بلا ضيافة ؟ طبعاً لا يوجد كأس شاي ، و لا كرسي مريح ، بل الجلوس على الأرض، سأقول لكم آية دقيقة جداً :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء َالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾
قال علماء التفسير : ذكر الله أكبر ما فيها ، أي ذكر الله لك وأنت تصلي أكبر من ذكرك له في الصلاة ، كيف ؟ إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية ، لكنه إن ذكرك - أخاطب رواد المساجد ، دخلت إلى بيت الله وصليت أنت تذكره تقول : الله أكبر ، الحمد لله رب العالمين، هذا ذكرك له - منحك الأمن ، الأمن أثمن نعمة على الإطلاق ، قال تعالى :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
الأمن مريح جداً أما أي إنسان عاص ، قال تعالى :
﴿ َقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾
منحك السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، يمنحك الحكمة :
﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾
يمنحك الرضا ، هذه عطاءات لا تقدر بثمن ، عطاءات يفتقد لها الأذكياء العمالقة، يرتكب الإنسان غير المؤمن الذكي حماقة لا يرتكبها الأغبياء ، أما إذا صليت فيمنحك السكينة ، السعادة ، الوقار ، لذلك :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء َالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾
لكن مجيئك إلى المسجد له مهمتان ؛ من أجل أن تأخذ تعليمات الصانع بالدروس ، ومن أجل أن تقبض الثمن بالصلاة ، أما دينك في بيتك ، بعملك ، بمكتبك التجاري ، بدكانك ، بعيادتك ، بمكتب المحاماة ، بمكتب الهندسة ، فالدين بالتطبيق .
(( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام ))
أسئلة و أجوبة :
أي سؤال آخر ؟
كيف يكون العفاف بين الزوج وزوجته ؟
الزوجة مباحة لزوجها ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ﴾
العفاف بينه وبين زوجته ألا يحدث الناس بما كان بينه وبينها ، والله ما كنت أن أصدق بحياتي أن أقرأ كلمة بمجلة مصرية سياسية أسبوعية ، كلمة لممثلة فرنسية مشهورة جداً سألوها ما شعورك وأنت على خشبة المسرح ؟ قالت : شعور الخزي والعار ، وهذا شعور كل أنثى تعرض مفاتنها على الجمهور ، إن الحب يجب أن يبقى بين الزوجين وفي غرف مغلقة ، فالإعفاف بين الزوجين أن يكون الحب بينهما في غرف مغلقة .
س: يقول البعض : إن الزواج المبكر للشاب يذهب من قدراته العظيمة .
ج : أبداً هذا ليس صحيحاً ، وراء كل رجل عظيم امرأة ، ووراء كل حيوان امرأة أيضاً .
للمساواة ، المرأة تعين زوجها ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ﴾
أنا الآن مع أنصار الزواج المبكر ، لأن الشاب إذا تزوج ملك نصف دينه .
هذه القصة آلامتني حتى العظم ، أن الأب يخلق العقبات الكأداء أمام تزويج بناته ، اسمعوا هذه الآية ، قال تعالى :
﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾
في العالم الإسلامي كله أب يكره ابنته على الزنا ؟ هذه الآية :
﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾
قال العلماء : أنت حينما لا تزوج ابنتك ، وكلما جاء خاطب وضعت الأعذار والعقبات الكأداء كي تبقى لك ، وليبقى دخلها لك ، وكي تخدمك ، هذه الفتاة حيتما تزل قدمها أنت الذي أجبرتها على ذلك ، يوم القيامة تقف أمام رب العزة ، تقول : يا رب ، لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي .
أنا والله أعاني من هذا معاناة كبيرة ، شابة مؤمنة جاءها خاطب لا يسكن بالشام ، ما المانع إذا كان يسكن جانب دمشق ، من أنت ؟ المشكلة الكبيرة عضل الآباء والأمهات ، عندي باليوم عدة مكالمات ينقطع لها القلب ، أب يمنع تزويج ابنته لأسباب غير معقولة ، لذلك في الشرع حينما يعضل الأب ابنته بإمكانها أن تذهب للقاضي الشرعي ، وأن تعرض أمرها عليه، والقاضي يستدعي الأب يسأله عن سبب الممانعة ، إن اقتنع القاضي ضمّ صوته إلى صوت الأب ، وإن لم يقتنع يزوجها من الشخص الذي اختارته .
أنا لي قريب خطب فتاة من المالكي ، الزوج كان عنده بيت بمشروع دمر و لكن الزواج على سفر ، فقالوا : والله نحن لسفر لا نزوج بناتنا .
إنسان آخر خطب ، عنده بيت في المالكي ما سألوا عن دينه ولا عن شيء انتهى كل شيء وعملوا العقد فإذا البيت في ببيلا في شارع المالكي .
أنصح الطالب الجامعي أو كل طالب يسكن الجامعة ، والله الذي لا إله إلا هو أنا دخلت إلى كلية الآداب أربع سنوات كنت أغض بصري غضاً حازماً جداً ، أكبر عبادة للشباب غض البصر ، من غض بصره عن محارم الله - أو عن محاسن المرأة - أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه .
آية بالقرآن :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
أنا أنصح الشاب الجامعي أن يغض بصره ، إذا وضعت الورقة بالشمس تحترق ؟ مستحيل ، لكن إذا وضعت عدسة تحرق ، ماذا يوجد في العدسة ؟ تجمعت أشعة الشمس بالمحرق فحرقت ، الشاب المستقيم مثل العدسة ، طاقاته كلها بمحل واحد ، يحقق إنتاجاً كبيراً .
مرة شركة حلويات وضعوا صور الناجحات بالبكالوريا كلهم محجبات عدا واحدة ، المؤمن المستقيم يغض بصره ، كل طاقاته لبؤرة واحدة ، أما إذا كان موزعاً بأودية الدنيا وشهواتها فسيقع .
س : لماذا لا نشجع زواج المسيار ؟
ج : مجمع الفقه الإسلامي أقره ، له جلسة طويلة .