وضع داكن
19-04-2024
Logo
الترغيب والترهيب - الدرس : 046 - كتاب الجمعة - الترغيب في قراءة سورة الكهف وما يذكر معها ليلة الجمعة ويوم الجمعة و الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

من قرأ سورة الكهف كل يوم جمعة أضاء الله له ما بين الجمعتين:

 أيها الأخوة الكرام:

(( النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ))

[ الحاكم عن أبي سعيد الخدري]

  هذه السورة مباركة، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه من قرأها كل يوم جمعة أضاء الله له مابين الجمعتين، فيها قصة الخضر وسيدنا موسى، وقد بيّن الله تعالى في هذه القصة أن ما كل شيء يزعجك هو شر، قد يكون هو الخير , خرق السفينة سبب نجاتها، قتل الغلام هو سبب سعادة أبويه، وبناء الجدار سبب حفظ مال اليتيم.
 فسيدنا الخضر يعلم حكمة الأمر التكويني، وسيدنا موسى يعلم الأمر التشريعي، فأنت تقيس على هذه الحوادث الثلاث، تستنتج منها:

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة البقرة )

 طوال الجمعة إن جاءك شيء تكرهه يجب أن تقيسه على سورة الكهف، ثم بيّن الله في هذه السورة صاحب الجنة الذي اعتدّ بجنته فأتلفها الله عز وجل، والذي افتقر إلى الله عز وجل فكسب الدنيا والآخرة، طبعاً هاتان القصتان فيهما أشياء كثيرة:

 

(( إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ))

 

[ الحاكم عن أبي سعيد الخدري]

  هذه واحدة.

ما من مسلم يحضر خطبة جمعة إلا عنده شيء من العلم لأن الجمعة عبادة تعليمية:

 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه ))

[ أبو داود و النسائي و الترمذي عن أبي الجعد الضمري]

  أي أغلق قلبه، أصبح لا يعي على خير، لأن الله سبحانه وتعالى أكرم المسلمين بهذه العباد التعليمية، عبادة تعليمة، فالإنسان لابدّ له من أن يصلي الجمعة، ولابدّ لخطيب الجمعة من أن يشرح آية أو حديث، أنت على صلة بالعلم طوال حياتك.
 سمعت أن في الاتحاد السوفيتي قبل أن ينهار كان هناك معرض للإلحاد، يدخله الأناس، يرون من أوهام الأديان وسخافات الأديان الشيء الذي ينفرهم من الأديان كلها، فسمي هذا المعرض معرض الإلحاد، إلا أن المسلمين إذا دخلوا إلى هذا المعرض ازدادوا إيماناً بالله، لأن المسلم له ثقافة سببها خطبة الجمعة , فمثلاً جاء في هذا المعرض أن كتاب المسلمين يقول: الأرض على قرن ثور , والثور على ظهر حوت , والحوت على سطح بحر، هذا ما قاله القرآن الكريم، القرآن قال:

﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾

( سورة القلم )

  هذا جاء في بعض التفاسير , فالمستمع يفرق بين أصل القرآن وبين التفسير، لذلك في آخر مرحلة منع المسلمين من دخول هذا المعرض، لأنه أعطى النتيجة العكسية، ما من مسلم يحضر خطبة جمعة إلا عنده شيء من العلم لأن الجمعة عبادة تعليمية:

 

(( من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه ))

 

[ أبو داود و النسائي و الترمذي عن أبي الجعد الضمري]

  أي أصبح قلبه لا يعي على خير، وفي رواية أخرى:

 

(( من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذرٍ فهو منافق ))

 

[الحاكم عن أبي الجعد الضمري ]

  أي يجب أن تحرص على خطبة الجمعة حرصاً لا حدود له، وكما ذكرت يجب أن تتحرى مسجداً تنتفع من خطبته، ابحث عن مسجدٍ تثق بعلم خطيبه، وبورعه، واستفد من هذا الخطبة.

 

عظمة خطبة و صلاة الجمعة:

 

 و قال النبي صلى الله عليه وسلم لقوم يتخلفون عن الجمعة:

(( لقد هممْتُ أن آمُرَ رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرِّقَ على رجال يتخَلَّفون عن الجمعة بيُوتَهم ))

[ أخرجه مسلم عن ابن مسعود]

  أي النبي عليه الصلاة والسلام همّ أن يجعل إحراق بيت الرجل بسبب ترك الجمعة، هل هناك وعيد أشد من هذا الوعيد ؟ يقول عليه الصلاة والسلام لقوم يتخلفون عن الجمعة:

 

(( لقد هممْتُ أن آمُرَ رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرِّقَ على رجال يتخَلَّفون عن الجمعة بيُوتَهم ))

 

[ أخرجه مسلم عن ابن مسعود]

  قلت لكم البارحة فيما أذكر: إن أحد كبار القادة الملحدين الذين يشيعون الإلحاد في بعض البلاد الإسلامية، يقول: لو أعطوني مساجد الجمعة لجعلت الناس في حالٍ آخر، يدرك عظمة هذه الخطبة، أن الناس جميعاً مهما اختلفت مراتبهم الاجتماعية، وثقافاتهم، لابدّ من أن يجلسوا في مسجد ليستمعوا إلى كلمةٍ , وهم منصتون.

 

جلوس المصلين بصمت على اختلاف ثقافاتهم وإمكاناتهم أثناء خطبة الجمعة:

 و هناك حديث آخر و هو:

(( إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ))

[ متفقٌ عليه عن أبي هريرة]

  والعجيب أي مدرس أكبر مشكلة يعاني منها ضبط الصوت، قبل أن يعلم، قبل أن يلقي العلم على الطلاب، قبل أن يشرع بالدرس، الطلاب لا ينضبطون، لكنك تجد من خلال حديث أو حديثين مساجد المسلمين في شتى بقاع العالم الإسلامي يجلسون بصمت مذهل، ما هذا النظام ! فقد تكون الخطبة لا تُستمع، فيها أخطاء كثيرة، فيها ضعف، فيها عدم تماسك، فيها تشتت، ومع ذلك مجموع المصلين على اختلاف ثقافاتهم، وإمكاناتهم، يجلسون يصمتون، من هذا الحديث:

 

(( إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ))

 

[ متفقٌ عليه عن أبي هريرة]

  لغا بمعنى شوش، طبعاً من لعب بالحصى فقد لغا ـ فقد كان المسجد أرضه من الحصى ـ يقابل الحصى مسبحة يلعب بها و لا يسبح بها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

 

(( من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا ))

 

[ أبو داود و ابن خزيمة عن ابن عمر]

 ولم تكن له جمعة .

على الإنسان أن يجلس حيث انتهى به المجلس و ألا يتخطى رقاب الناس:

 أهم شيء أن تجلس حيث ينتهي بك المسجد.
 ثانياً: ألا تلغوا، لا كلمة و لا حركة، وألا تتخطى رقاب الناس.
 " يروى أن أحد الخلفاء ـ كأنه هارون الرشيد ـ ذهب ليحج بيت الله الحرام، طلب أن يلتقي بعالم جليل من علماء مكة , وكان وقتها فيما أذكر الإمام مالك، فذهبوا إليه , وقالوا: أجب أمير المؤمنين , فقال هذا الإمام ويعرف قيمة العلم والعلماء: قولوا له يا هارون إن العلم يؤتى , ولا يأتي، فلما قالوا مقالته  للخليفة، قال: صدق، أنا آتيه، فلما أعلموه أنه سيأتيه، قال: قولوا له إذا جئت لا ينبغي لك أن تتخطى رقاب الناس، قال: صدق، سأجلس حيث ينتهي بي المجلس، فلما ذهب وجلس أعطوه كرسياً، فقال الإمام مالك: من تواضع لله رفعه , ومن تكبر وضعه، فقال: خذوا عني هذا الكرسي , وجلس على الأرض ".
 إذاً

(( من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا))

[ أبو داود و ابن خزيمة عن ابن عمر]

 ولم تكن له جمعة .
 وروى أبو الزاهرية فقال:

 

(( كنت جالساً مع عبد الله بن بسر يوم الجمعة فما زال يحدثنا حتى خرج الإمام فجاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: اجلس فقد آذيت وآنيت ))

 

[ أحمد عن أبي الزاهرية]

  آنيت ؛ أي تأخرت فتخطيت رقاب المسلمين فآذيتهم , فإن كنت حريصاً على مكان مريح فباكر إليه.

 

الترغيب في التبكير إلى الجمعة:

 

 الآن الترغيب في التبكير إلى الجمعة، سمعت أن في بعض البلاد الإسلامية الذي يعتاده المسلمون أن يأتوا إلى المسجد قبل ساعة من أذان الظهر، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( من اغْتَسَلَ يوم الجمعة غُسْلَ الجنابة، ثم راح فكأنَّما قَرَّب بَدَنَة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنَّما قرَّبَ بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنَّما قرَّبَ كَبْشا أقْرَنَ، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنَّما قَرَّبَ دَجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنَّما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرتِ الملائكةُ يستمعون الذِّكر ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 المقصود بالساعة أي وجبة بعد وجبة، أناس بعد أناس، الذين يأتون أول الناس هم في الساعة الأولى , في المرحلة الأولى، الذين جاؤوا بعدهم في المرحلة الثانية، وتبدأ من بدنة , إلى بقرة , إلى كبش أقرن، إلى دجاجة , إلى بيضة، أما إذا صعد الخطيب المنبر جلست الملائكة يستمعون الذكر، أما هذا الذي يأتي بعد الخطبة، أو يأتي في الركعة الثانية ويتوهم أنه أدرك الجمعة هذا إنسان ما فقه هذا الحديث.

 

المسلم نظيف ظاهراً وباطناً:

 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام:

(( إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك ))

[ رواه ابن خزيمة عن ابن عباس ].

  أي تنظيف الأسنان , والتطيب , والاغتسال , وطيب الرجال خيره كما قال النبي:

 

(( طِيبُ الرِّجال ما ظهر رِيحُهُ وخَفي لونه، وطيبُ النساء ما ظهر لونُه وخَفيَ رِيحُهُ ))

 

[ الترمذي عن أبي هريرة]

  فطيب الرجال لا ينبغي أن يظهر لونه، بل ينبغي أن يظهر ريحه ظن و:

 

(( غُسل الجمعة واجب على كل مُحْتَلِم، وسِوَاك، ويمَسُّ من الطِّيب ما قَدَر عليه ))

 

[ رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري ]

  هناك حديث ثان:

 

(( إن الغسل يوم الجمعة ليستل الخطايا من أصول الشعر استلالا ))

 

[أخرج بسند رجاله ثقات عن أبي أُمامة ]

  الحقيقة أن الإنسان قيمته الاجتماعية أحد أسبابها نظافته التامة، نظافته ظاهراً وباطناً , وهناك بعض الناس في الحضارات الغربية نظافتهم الظاهرة واضحة، أما الباطنة غير واضحة، فالمسلم نظيف ظاهراً وباطناً

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور