وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 02 - سورة النجم - تفسير الآيات 5-9 ، أمية النبي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
الآيات الأولى من سورة النجم وهي قوله تعالى:

﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾

 هاتان الآيتان تم شرحهما في الدرس السابق.

 

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)﴾

 الذي يعنينا اليوم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، نبيٌ أمي لا يقرأ ولا يكتب، لكن إياكم أيها الأخوة، أن تتوهموا أن الأمية في حق النبي متعلقة بالجهل، أبداً، لأن الله علمه، وإذا كان الله قد علمه فهو سيد العلماء، وضحت هذا بمثلاً سابق.
لو زارنا أكبر علماء الفيزياء في العالم، أنشتاين، وضعنا أمامه كتاباً في اللغة العربية، فلم يفق منه شيئاً، حدثناه بالعربية فلم يفهم شيئاً، نقول هذا العالم الكبير، الكبير، الذي جاء بالنظرية النسبية وهي من أخطر النظريات الفيزيائية، هذا العالم أميٌ في اللغة العربية لا يقرأ ولا يكتب.
فهل إذا قلنا هذا أمي ؟ معنى ذلك أنه جاهل، أعوذ بالله.
 الأمية تعني عدم الكتابة والقراءة، إلا أن الله جل جلاله، لحكمة بالغة بالغة بالغة بالغة، جعله أمياً، ليكون وعائه من الوحي فقط، لو كان يقرأ ويكتب، لطلع على ثقافات العصور، في ثقافة إغريقية، ثقافة يونانية، ثقافة فارسية، ثقافة مصرية، لو أنه يقرأ ويكتب لطلع على ثقافات الشعوب، ثم جاء الوحي تداخلت ثقافات الشعوب مع الوحي فإذا تكلم سيُسأل في كل لحظة، هل هذا من عند الوحي أو من عندك شاءت حكمة الله أن يكون نبينا علية الصلاة والسلام أمياً، أي لم يشوش عليه أي ثقافة من ثقافات العصر، فكل معلوماته وكل الحقائق التي نطق بها إن هي إلا وحي يوحى، من وحي الله عز وجل.
 لذلك الأمية في حق النبي وسام شرف، وفي حقنا وصمة عار نحن ليس هناك وحي يعلمنا، فإن لم نكن نقرأ ولا نكتب، من يعلمنا نبقى جاهلين، فإذا قلت فلان أمي يعني جاهل، أما إذا قلت هذا النبي العظيم أمي، يعني أبعده الله عن ثقافات العصر، وجعل كل علمه من عنده، جعله وحياً يوحى، هذا المعنى.
والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، ضل وغوى، الغواية السلوك، والضلال خطأ.
 الإنسان له عقل وله سلوك، أحياناً يخطئ في أفكاره، يعتقد خطأً يعتقد عقيدةً فاسدة، يتوهم أوهاماً، لا أصل لها، يؤمن بالخرافات يؤمن بالجن، وأثر الجن في حياة الإنسان، الفراعنة توهموا أنه بعد الحياة حياة، في القبر فملئوا الأهرامات بكل ما يشتهي الإنسان، حتى العربات، حتى الطعام، أنا رأيت خبز مقدد من عهد الفراعنة، ستة آلاف عام ، وجدت لحم مقدد بالأهرامات، الذهب الذي يوضع مع فراعنة مصر في الأهرامات لا يقدر بثمن، لكل إصبع غطاء من الذهب لفرعون، توهموا أن في القبر في حياة، وناس توهموا أن هذه الروح خرجت من إنسان ودخلت في حيوان، كلها أوهام، فالإنسان بدون وحي من الله عز وجل، يخطئ.
لذلك
ماضل صاحبكم
 ما أخطأ، يعني في شعوب ضالة 750 مليون بالهند يعبدون البقر، 750 مليون، في بوذيين، في سيخ في عُباد الشمس، في عُباد الفرج، في عُباد النار، في عُباد الشهوات.
ما ضل صاحبكم وما غوى
 ما انحرف، في ضلال فكري، انحراف سلوكي، فالنبي عليه الصلاة والسلام، عصمه الله عن أن يضل بفكره وعن أن ينحرف بسلوكه
ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى
تحدثت عنها البارحة
إن هو إلا وحيٌ يوحى.
 فالإنسان حينما يعتقد أن هذا نبيٌ عظيم، ليس عبقرياً، ولا مصلحاً ولا قائداً، إنما هو نبيٌ، يلقي علينا وحي السماء، لا من أفكاره ولا من تجاربه، ولا من خبراته، ولا من تأمله، ولا من إدراكه كلامه كله لا علاقة له بكل هذا، علاقته بالوحي، هو في الحقيقة أمين وحي السماء، تعريفه الدقيق، أمين وحي السماء، أمين على هذا الوحي، نقله كما هو، أما لو زاد عليه،

 

 

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) ﴾

 

( سورة الحاقة: 44 ـ 45 ـ 46 ـ 47 )

 وفي أدلة في السيرة النبوية دقيقة جداً، لما اتهمت السيدة عائشة رضي الله عنها، وهي أم المؤمنين، بأنها زنت.
مثلاً لو أن الوحي من عند رسول الله، بعد دقيقة يصوغ آيةً، يبرئها وتنحل المشكلة، كم يوماً تأخر الوحي ؟ تأخر الوحي أربعين يوماً !
ما معنى، ما مغزى تأخر الوحي في تبرأت السيدة عائشة ؟
 هناك معاني كثيرة من تأخر الوحي ! أولها أن الناس كشفوا على حقيقتهم، منهم من أحسن الظن بالسيدة عائشة، ما علمنا إلا خيراً ظنوا بأنفسهم خيراً، ومنهم من فرح بهذه الفضيحة وروجها، وأشاعها بالمدينة، لذلك فرز المؤمنون، بين مؤمنين صادقين، ومنافقين يحبون أن تشيع الفاحشة بالذين آمنوا،

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾

 

( سورة النور: 11 )

 أما أهم شيء في تأخير الوحي، أهم شيء، عرف الصحابة أن الوحي لا يملكه النبي، لا يملك له استقداماً ولا يملك له رداً، إذاً هو وحي يوحى مستقل عن مشيئة النبي علية الصلاة والسلام، والذي علمه هو الله والآية موضع خلاف بين المفسرين، بعضهم قال جبريل من جبريل من علم جبريل هو الله عز وجل تحصيل حاصل يعني.
 ذو مرة فاستوى، المرة القوة، يعني في علم قوي، لا يمكن أن يظهر خطأ منه في المستقبل، وهو بالأفق الأعلى، طيب لماذا علمه جبريل أو علمه رب جبريل، قال لأنه بالأفق الأعلى، من معاني هذه الآية الإشارية، أن النبي عليه الصلاة والسلام يعيش في أفق أعلى وعامة الناس يعيشون في أفق أدنى.
شق على صدري إنسان، همه طعامه، همه فرجه، همه شهوته همه أولاده وانتهى الأمر.
 بينما الأنبياء والصديقين، همهم الناس جميعاً، همهم نشر الحق همهم هداية الخلق، همهم السمو في الناس، إلى رب الناس، هموم منوعة، والمؤمن الصادق أيها الأخوة يحمل هموم المسلمين، يحمل هموم المسلمين، والإنسان التافه يحمل همه فقط.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
 سؤال دقيق الآن، أنت ما الذي يهمك ؟ يهمك أمره بيتك فقط يهمك دخلك فقط، ولا تعبئ بالمسلمين، بعيداً عن سنة النبي، هو بالأفق الأعلى، يسعى لترسيخ الحق، لهداية الخلق.
ثم دنا فتدلى، يعني الدنو من الله عز وجل، هو قمة السعادة
 ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وصل النبي عليه الصلاة والسلام إلى أعلى درجةٍ وصلها مخلوق فهو سيد الخلق، لا سيد البشر، وصل إلى أعلى درجة وصلها مخلوق على الإطلاق، هو سيد الخلق وحبيب الحق، وهو نبينا عليه الصلاة والسلام، وهو قدوتنا، وأسوتنا، وحياته خيرٌ لنا ومماته خيرٌ لنا، من يفسر مماته خيرٌ لنا ؟ سنته.

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

 

( سورة الأنفال: 33 )

 نحن في بحبوحة أن نعذب، كل واحد منكم إذا طبق سنة النبي في بيته، وسنته في عمله، وفي طعامه وشرابه، وفي إقامته وسفره، وفي أفراحه وأحزانه، وفي كسب ماله، وإنفاق ماله، إذا طبق سنة النبي فهو في بحبوحةٍ من أن يعذب،
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم
وإذا قال الله عز وجل:

 

﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾

 

( سورة الأنفال: 20 )

 مات، لا، أطيعوا الله في كتابه ورسوله في سنته،
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم

 

﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾

 

( سورة النساء: 65 )

 وين النبي نحكمه، نتمنى نحكمه، سنته بيننا بحكم سنته، فهو عاش عمر محدد ومات، أما الذي نطق به من الحق بين أيدينا، كتاب البخاري، ومسلم، وابن ماجة، والترمذي، والنسائي، والدارمي ، وأحمد، وابن حنبل، كله بين أيدينا.
إذاً، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى.
 إخوانا الكرام، قبل أن أنهي الدرس، أقول لكم هذه الكلمة إذا كان من الممكن أن يسعد إنسانٌ بغير الله، فهذا جهل كبير، عندها جنت المأوى، ثم دنا فتدلى، الله عز وجل كيف يدنيك منه ؟ باستقامتك على أمره وعملك الصالح، تستقيم على أمره وتعمل صالحاً، بقربك منه، فإذا اقتربت منه، هذه قمة السعادة.
ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى.
جنتك القرب من الله، ونارك البعد عن الله.
يعني ممكن بيت صغير، خمسين متر، ودخل قليل كثير، وأنت قريب من الله تكون أسعد إنسان، وبيت حقه خمسين مليون، ودخل كل يوم مليون، وأنت أشقى الأشقياء، مثلاً.
 السعادة القرب من الله، والقرب ثمنه واضح، طاعة الله ورسوله والعمل الصالح، فنحن قد يقول قائل، ماذا تعنينا هذه الآيات، تعنينا الدنو من الله، هو الجنة، وتعنينا إن كنت بالأفق الأعلى تحمل هموم المسلمين، فأنت عند الله مقدس، وتعنينا أنك إذا وجدت الله ما فقدت شيئاً، وإذا فقدت الله ما وجدت شيئاً.

 

تحميل النص

إخفاء الصور