وضع داكن
18-04-2024
Logo
الترغيب والترهيب - الدرس : 043 - كتاب النوافل - الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد   الأمين.

العبرة من الصلاة أن تعقل و تدرك و تتفاعل مع ما تقول:

 أيها الأخوة الكرام، تعلمون أن:

 

(( ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها ))

 

[ورد في الأثر]

 وقد بُني هذا على قول الله عز وجل:

 

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾

 

[ سورة النساء الآية: 43 ]

 طبعاً هذه آية منسوخة.

 

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾

 

[ سورة النساء الآية: 43 ]

 معنى ذلك أنه يجب على الإنسان أن يعلم ما يقول، وأن يعقل ما يقول، فمن صلى صلاةً ولا يعلم ما يقول، ولم يعقل ما يقول، كأنما هو سكران، أو في حكم السكران.
 هذا المعنى المستنبط من هذه الآية، ومن ذاك الحديث، يؤكده الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 

(( إذا نعس أحدكم أي شعر بحاجة إلى النوم، ونعس كلمة فصيحة في صلاته، فليرقد ـينام حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعسٌ لعله يريد أن يستغفر فيسب نفسه ))

 

[ متفق عليه عن عائشة ]

 هذا ورد في البخاري ومسلم، العبرة من الصلاة أن تعقل ما تقول، أن تدرك معاني ما تقول، أن تتفاعل مع ما تقول، أن تُحكم الصلة بالله عز وجل، فلو أن إنساناً أصابه نعاس شديد إذاً هو لا يعقل ما يقول، لا يفهم ما يقول، لا يتفاعل مع ما يقول، فقدت الصلاة جوهرها وحكمتها.

 

(( إذا نعس أحدكم في صلاته، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعسٌ لعله يريد أن يستغفر فيسب نفسه ))

 

[ متفق عليه عن عائشة ]

 وفي رواية أخرى، رواية البخاري:

 

(( إِذَا نعَسَ في الصَّلاة فَلْيَنَمْ، حتى يَعلم، ما يقرأ ))

 

[ البخاري عن أنس]

 وفي رواية ثلاثة:

 

(( إذا قام أحدكم من الليلِ فاسْتَعْجَمَ القرآنُ على لسانِه ))

 أخطأ بالقراءة لشدة تعبه.

 

 

(( فلم يدْرِ ما يقول، فَلْيَضْطَجِعْ ))

 

[ مسلم عن أبي هريرة]

 إذاً الحكمة من الصلاة أن تعلم ما تقول

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾

 

العلاقة بين دورة القمر وفورة الدم في الإنسان:

 شيء آخر: يقول أبو هريرة رضي الله عنه:

(( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيامِ ثلاثةِ أيام من كلِّ شهر، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِرَ قبل أن أَرقُد َ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 وفي رواية ابن خزيمة:

 

(( لست بتاركهنَّ َ))

 أيها الأخوة، من أدق ما قرأت: أن رجلاً باحثاً اجتماعياً في أمريكا، طاف على عدد كبير من مراكز الشرطة، وعلى عدد كبير من مراكز الإسعاف، وأخذ التقارير التي وردت إلى هذه المخافر، وتلك المراكز، وبحساب دقيق قلب تواريخها إلى التاريخ الهجري ففوجئ أن عدد الحوادث ـ حوادث العنف ـ في اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من الشهر الهجري يزيد 60% عن بقية الأيام.
 وقد أثبت العلم أن هناك علاقة بين دورة القمر وفورة الدم في الإنسان، وقد أوصانا النبي عليه الصلاة والسلام، كما قال أبو هريرة:

 

 

(( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيامِ ثلاثةِ أيام من كلِّ شهر َ))

 

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 هذه الأيام البيض، أيام الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، يبدو أن الدم يفور، وأن الإنسان في هذه الأيام يكون أكثر توتراً، وأشد انفعالاً، وأسرع استجابة في ردود أفعاله، فلذلك:

 

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾

 

[ سورة النجم ]

 وهذا القول الذي قاله سيدنا سعد بن أبي وقاص: "ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس، ما صليت صلاةً وشغلت نفسي حتى أقضيها، ولا سرت في جنازة بغير ما تقول حتى أنصرف منها، وما سمعت حديثاً من رسول الله حتى علمت أنه حق من الله تعالى".

 

ما يقوله النبي إنما هو وحي يوحى:

 

 يجب أن نعلم أن الذي قاله النبي لا علاقة له لا بثقافته، ولا بخبرته، ولا باجتهاده، إنما هو وحي يوحى.

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم ]

 فالذي صمم الإنسان، وجعل علاقة ما بين فورة دمه وبين دورة القمر، هو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرع لنا صيام الأيام البيض، لذلك:

 

(( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيامِ ثلاثةِ أيام من كلِّ شهر، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِرَ قبل أن أَرقُد َ))

 

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 الحفاظ على صلاة الوتر، والوَتر والوِتر بمعنى واحد.

 

(( وركعتي الضُّحى ))

 

من خطّ لنفسه خطة و لم ينفذها في أحد الأيام فليقضها:

 شيء آخر:

 

(( مَنْ نامَ عَنْ حِزْبِهِ من الليل، أو عن شيءٍ منه، فقرأَه ما بيْنَ صَلاةِ الفجرِ وصَلاة الظُّهرِ، كُتِبَ له كأنما قَرأَهُ من الليْلِ َ))

 

[ رواه مسلم وأصحاب السنن عن عمر بن الخطاب ]

 إذا الإنسان ألزم نفسه أن يقرأ جزءاً من كتاب الله، أو نصف جزء، أو ربع جزء، ولسبب قاهر لم يتمكن أن يقرأه فيما بين صلاة الفجر وشروق الشمس، ماذا ينبغي أن يفعل؟ النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نقضيه فيما بين الفجر والظهر، فالإنسان إذا خطّ لنفسه خطة وفي أحد الأيام لم تنفذ، حتى لا يحدث خلل، أو يحدث ضعف ثقة بالنفس، كما أنك تقضي الصلوات اقضِ ما عليك من قراءة قرآن.

 

(( مَنْ نامَ عَنْ حِزْبِهِ من الليل، أو عن شيءٍ منه، فقرأَه ما بيْنَ صَلاةِ الفجرِ وصَلاة الظُّهرِ، كُتِبَ له كأنما قَرأَهُ من الليْلِ َ))

 

[ رواه مسلم وأصحاب السنن عن عمر بن الخطاب ]

 معنى ذلك إذا الإنسان له برنامج ديني، عليه أن يحافظ عليه حفاظاً شديداً، ولو فاته لأسباب قاهرة، يمكن أن يقضيه استناداً لهذا الحديث الصحيح.

فضل صلاة التسابيح:

 وعن عباس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( يا عمَّاهُ، ألا أُعطيكَ، ألا أمنَحُكَ، ألا أُجِيزُكَ، أَلا أفعلُ بكَ عشرُ خِصال إِذا أنتَ فعلتَ ذلك غَفَرَ اللهُ لكَ ذَنبَكَ: أَوَّلَهُ وآخِرَهُ، قديمَه وحديثَه، خطأَه وعمْدَه، صغيرَه وكبيرَه، سِرَّه وعلانيتَه عشرُ خصال: أن تُصلِّي أربع ركعات، تقرأُ في كلِّ ركعة فاتحةَ الكتاب، وسورة، فإذا فرغتَ من القراءةِ في أوَّلِ ركعة وأنتَ قائم، قلتَ: سبحانَ الله والحمدُ لله، ولا إِله إِلا الله، واللهُ أكبر خمسَ عَشْرَةَ مرة، ثم تركعُ فتقولُها وأنتَ راكع عشراً، ثم تَرفَعُ رأْسك من الركوعِ فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولُها وأنتَ ساجد عشرا، ثم ترفعُ رأسَكَ من السجود فتقولُها عشراً، ثم تسجدُ فتقولها عشراً، ثم ترفع رأْسك فتقولُها عشرا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعلُ ذلك في أربع ركعات. إن استطعتَ أن تُصَلِّيَها في كلِّ يوم مرة فافعلْ، فإن لم تفعلْ ففي كلِّ جمعة، فإن لم تَفْعَل ففي كلِّ شهر مَرَّة، فإن لم تفعلْ ففي كلِّ سَنَة مَرَّة، فإِن لم تفعلْ ففي كُلِّ عمرِكَ مَرَّة ))

 

[ رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس ]

 وقال المصنف: روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة، وأمثلها هذا الطريق، وقد صححه جماعة، وقال أبو داود: سمعت أبي يقول: ليس في صلاة التسبيح صحيح غير هذا.
 نحن نصليها في كل عام مرة إن شاء الله برمضان، ولو صلاها الإنسان في العمر مرة تصح، صلاة التسابيح، التفصيل واضح جداً، نقرأ الفاتحة وسورة ثم سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم بالركوع، وبعد الركوع، وقبل السجود، ومع القعود، إلى تكون هذه الصلاة تامة تامة.
 طبعاً نحن في الصلوات، هذه التسابيح، وتلك الضحى، وتلك صلاة الليل، فنحن في الصلوات التي ندبها النبي صلى الله عليه وسلم.

عدم قبول النوافل إذا لم تؤدَ الفرائض:

 لكن أيها الأخوة، النوافل لا تقبل إلا إذا أُديت الفرائض، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

 

(( ذُكِرَ عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقيل: ما زال نائما حتى أَصبحَ، ما قام إلى الصلاة، فقال: ذاك رجل بالَ الشيطانُ في أُذُنِه أو قال: في أُذُنَيه َ))

 

[ متفق عليه عن ابن مسعود ]

 إذا الإنسان نؤوم ولا يصلي هذا كأن الشيطان بال في أذنه.
 و يوم السبت ـ إن شاء الله ـ نتابع هذه الأحاديث التي تَُرََغب في صلوات النوافل، وسوف نأخذ صلاة التوبة، وصلاة الحاجة، وهذه من أهم الصلوات، وصلاة الاستخارة، وسجود التلاوة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور