وضع داكن
24-04-2024
Logo
الترغيب والترهيب - الدرس : 041 - كتاب النوافل - الترغيب في قيام الليل - 2 وقت السحر وقت القرب من الله عز وجل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد   الأمين.

الموت ينتظر كلّ حي:

 عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:

 

(( جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ))

 

[ الطبراني عن سهل بن سعد]

فالموت ينتظر كلّ حي، وكلّ حي محكوم عليه بالموت مع وقف التنفيذ.

((عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من أحببت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))

[ الطبراني عن سهل بن سعد]

  أحبب ما شئت، لابد من أن تفارق هذا الشيء المحبوب، لابد من أن تفارقه أو أن يفارقك.

 

(( واعمل ما شئت فإنك مجزي به ثم قال يا محمد شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس ))

 

[ الطبراني عن سهل بن سعد]

  احتج إلى الرجل تكن أسيره، واستغنِ عنه تكن نظيره، وأحسن إليه تكن أميره.
 سُئل الإمام الحسن البصري: بِمَ نلت هذا المقام؟ قال: باستغنائي عن دنيا الناس وحاجتهم إلى علمي.
 دخل أبو حنيفة النعمان على المنصور، فقال: يا أبا حنيفة لو تغشيتنا، قال: ولِمَ أتغشاكم وليس لي شيء أخافكم عليه؟ وهل يتغشاكم إلا من خافكم على شيء؟ إنك إن قربتني فتنتني، وإن أبعدتني أزريت بي، فلِمَ أتغشاكم؟.
 لقي أحد خلفاء بني أمية عالماً جليلاً في الحرم المكي فقال له: سلني حاجتك؟ قال: والله إني أستحي أن أسأل غير الله في بيت الله، فلما لقيه في الطريق قال: سلني حاجتك؟ قال: والله ما سألتها من يملكها أأسألها من لا يملكها؟ فلما ألح عليه قال: حاجتي أن أدخل الجنة، قال: هذه ليست عندي، قال: إذاً ليس لي عندك حاجة.

 

(( شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس ))

 

[ الطبراني عن سهل بن سعد]

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

 ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير.

 

عزة النفس أساسها الاتصال بالله عز وجل:

 عزة النفس أساسها الاتصال بالله عز وجل، لأن الذي أعطاه يعطيك، والذي أكرمه يكرمك، والذي رفعه يرفعك، والذي قربه يقربك، وليس بين الله وبين عباده حاجز، وليس بينهم وبينه وسيط، لأن القرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة.

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾

[ سورة الأنفال الآية: 1 ]

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 219]

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 222 ]

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 189 ]

  اثنتا عشرة آية تبدأ بيسألونك، وفيها قل، ثم يأتي الجواب، إلا آية واحدة:

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾

  لا يوجد قل.

 

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾

 

[ سورة البقرة الآية: 176 ]

  بين الله وبين عباده ليس هناك وسيط، كلنا عباده وهو ينتظرنا، ينتظر توبتنا، ينتظر إقبالنا، ينتظر صلحنا معه.

 

لكل حسنة ثواب ولكل سيئة عقاب:

(( يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ))

 أعرف رجلاً يعمل في الفن في مصر، سمعت عنه هذه القصة، كان حريصاً على حياته حرصاً يكاد لا يوصف، ما ركب طائرة في حياته خوفاً من أن تحترق في الجو، ما تناول طعام العشاء في حياته أبداً، لم يأكل إلا الفواكه، ما أكل ظهراً إلا لحم السمك ولحم الدجاج، لأنه خفيف، رياضة، فيتامينات، برنامج غذائي صارم، كل شيء، وعمّر طويلاً لكنه في النهاية قد مات.

 

(( يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))

 

 

[ الطبراني عن سهل بن سعد]


 إن لكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، كل شيء بثمن.
 وأحبب من شئت، من تحب؟ هذه الزوجة؟ إما أن تفارقها وإما أن تفارقك، هذا البيت الفخم؟ إما أن تخرج منه، وإما أن يزول من بين يديك، دقق فيمن تحب، لابد من أن تفارقه، فارقه قبل أن يفارقك، فارقه في نفسك قبل أن يفارقك، والعناية الزائدة في الحياة الدنيا تجعل الموت أكبر مصيبة.

 

 

(( واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس ))

 

[ الطبراني عن سهل بن سعد]

﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً * وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾

[ سورة الإسراء ٍ]

وقت السحر وقت القرب وقت السحر وقت القرب من الله عز وجل:

 وقتقرب من الله عز وجل:حديث آخر:

 

(( أقرب ما يكون الربُّ عز وجل من العبد جَوفُ الليل الآخر ))

 

[ النسائي عن عمرو بن عبسة]

 جوف الليل الآخر يعني وقت السحر، هذا وقت القرب من الله:

 

وسر نحونا في الليل لا  تخشَ               وحشتنا فالأنس في طيب ذكرنا

وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـل            وأخلص لنا تلقى المسرة والهنا

* * *

(( أقرب ما يكون الربُّ عز وجل من العبد جَوفُ الليل الآخر فإن استَطعّتَ أن تكونَ ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكُنْ ))

[ النسائي عن عمرو بن عبسة]

       هذا وقت الصحوة، التقيت البارحة بأخ كريم درس بفرنسا، لقيه إنسان يهودي قال له: نحن لا نخافكم أبداً ـ يقصد المسلمين ـ إلا في حالة واحدة أن يكون رواد المساجد في الصلوات الخمس كما هم في صلاة الجمعة.
   تجد سبعة أشخاص في المسجد أثناء صلاة الفجر، أما يوم الجمعة ففيه خمسة آلاف، هذا التفاوت الكبير بين الصلوات الخمس، وبين صلاة الجمعة، هذا دليل ضعف المسلمين، قال له: حينما نرى مساجدكم تمتلئ بالصلوات الخمس نبدأ نخافكم ونحسب حسابكم.
 الشام فيها خمسة ملايين ونصف، يقول لك: صحوة إسلامية، ويقول لك: جوامع ممتلئة، كل رواد المساجد بالإحصاء الدقيق لا يزيدون عن خمسمئة ألف، أي عشر سكان دمشق، يوم الجمعة المساجد تغص بالمصلين، الناس يُصلّون في صحن المسجد، ليس لهم مكان، كل هذا الازدحام الذي ترونه يقدر بخمسمئة ألف، وبقي تسعة أعشار سكان دمشق لا يصلون الجمعة، فهناك إحساس، أو شعور خاطئ أنه أخي الحمد لله لا يوجد مكان بالمسجد، ما بالك في الصلوات الخمس؟ تجد بناء مؤلفاً من اثني عشر طابقاً، ست شقق، إذا صلوا الفجر بالمسجد لما وجد مكان تجلس فيه، ونحن ـ الحمد لله ـ عندنا عدد كبير جداً بالقياس إلى غير مساجد، هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( أقرب ما يكون الربُّ عز وجل من العبد جَوفُ الليل الآخر فإن استَطعّتَ أن تكونَ ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكُنْ ))

[ النسائي عن عمرو بن عبسة]

 هذا وقت الرحمة، وقت الصحوة، وقت الإقبال على الله عز وجل، وربنا عز وجل قال:

 

﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً ﴾

 

[ سورة المزمل ]

صلاة الليل أفضل صلاة على الإطلاق بعد الصلوات الخمس:

 

 

وعن إياس بن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل ))

[ رواه الطبراني عن إياس بن معاوية ]

 ولو ركعتان يركعهما الإنسان في جوف الليل عُدّ من الذاكرين، وهناك حديث آخر:

 

(( لا تدَعْ قيام الليل فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَدَعُهُ وكان إِذا مَرِض أو كَسِلَ صلى قاعداً ))

 

[ أحمد عن عائشة]

 أيها الأخوة، هذه الأحاديث كلها أكثرها متفق عليه، ورد في صحيح البخاري ومسلم، وهما أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور