وضع داكن
26-04-2024
Logo
الترغيب والترهيب - الدرس : 116 - كتاب القضاء - الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم ورحمت
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

من لا يرحم الناس لا يرحمه الله:

 قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( مَن لا يَرحمِ الناسَ لا يَرحمهُ اللهُ ))

 

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن جرير بن عبد الله ]

 كم نحن مفتقرون إلى رحمة الله ؟ الله عز وجل أعطى الإنسان كليتين بلا صوت، بلا نفقات، بلا جلوس ثماني ساعات، يعملان بانتظام، لو تعطلتا لأصبحت حياة الإنسان جحيماً، فالكلية من رحمة الله بالإنسان، أعطانا القلب يضخ له الدم، لو ضاقت أوعية القلب، لو تعطل دسام القلب، كم يعاني هذا الإنسان ؟ فنحن مفتقرون لرحمة الله، قلبنا سليم، مفتقرون لرحمة الله بزوجاتنا، بأولادنا، برزقنا، بمكانتنا، فإذا كنت مفتقراً إلى رحمة الله ارحم الناس، و إلا لن يرحمك الله.

 

(( مَن لا يَرحمِ الناسَ لا يَرحمْهُ اللهُ ))

 

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن جرير بن عبد الله ]

 كلام دقيق، إن أردت رحمة الله، إن أردتم رحمتي فارحموا خلقي، لا تفرق كل الناس خلق الله، لا تقل له من أنت ؟، هذا عبد لله عز وجل ارحمه.

 

(( مَن لا يَرحمِ الناسَ لا يَرحمْهُ اللهُ ))

 

أوسع كلمة لعطاء الله عز وجل هي رحمته:

 الحديث الثاني:

(( الرَّاحِمُونَ يرحمهم الرحمن، ارحَمُوا مَن في الأرض، يرحمْكم من في السماءِ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]

 أنا أتيت بأمثلة قريبة، أما رحمة الله أوسع، رحمة الله الطمأنينة، رحمة الله شعور بالأمن، رحمة الله شعور بالسعادة، رحمة الله تيسير الأعمال، رحمة الله أن ترزق عملاً صالحاً ترقى به في الجنة، هذه رحمة الله عز وجل، أي أوسع كلمة لعطاء الله عز وجل هي رحمته، والنبي كان أديباً مع الله، قال:

 

(( اللهم إني أسألكَ موجباتِ رحمتكَ ))

 

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى ]

يا رب ارحمني، و أنت لا ترحم أحداً ؟ موجبات الرحمة، أي يا رب أكون عابداً، أكون مطيعاً، أكون محسناً، ارحم خلقك حتى ترحمني.
 فالإنسان يقدم ثمن الرحمة، أنا أذكر أشياء، قال لي إنسان: والله أنا ما أكلت حراماً بحياتي، ولا أعرف الحرام من النوع الثاني ـ موضوع الزنا ـ عمره ست و تسعون سنة عمل تحليلاً كاملاً، الآن الإنسان بالأربعين عنده خمسين علة، ست و تسعون سنة لا يوجد عنده أي مشكلة.

(( مَن لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ))

[أخرجه زيادات رزين عن جابر بن عبد الله ]

 ثم يقول أبو هريرة:

 

(( سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ـ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ ـ لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِن شَقيٍّ ))

 

[ الترمذي و أبو داود و ابن حبان عن أبي هريرة]

الشقي هو الذي لا يوجد في قلبه رحمة.
 أقول لكم كلمة دقيقة: يكاد يكون مؤشر الإيمان هو الرحمة، أنت ترحم الناس بقدر إيمانك، وكلما خفّ الإيمان تخف الرحمة.
 امرأة جاءت لعندي تشكو لي زوجها الذي طردها و أولادها ـ أربع بنات وصبيان ـ هو يشرب خمر فيريد البيت فارغاً من أجل ملذاته، فطرد أولاده، و عندما ذهبوا إلى بيت جدهم طردهم، فذهبوا إلى بيت جدتهم فلم يجدوا مكاناً، طرقوا بعض الأبواب فلم يرد أحد عليهم، فجاؤوا لعندي و طلبوا مني أن يناموا في الجامع ؟ هذا الأب وحش، كل إنسان قاس شقي.

الأنفضاض والألتفاف:

 لذلك سأقول لكم كلمة دقيقة:

 

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 159 )

 لينك لأنك رحيم، ورحمتك لأنك موصول، عندما وصلت بالله صار في قلبك رحمة، كنت ليناً معهم، فأحبوك، والتفوا حولك، بالعكس، لو كان الإنسان مقطوعاً يصبح قلبه قاسياً، يصبح فظاً، غليظ القلب، ينفض الناس من حوله، قانون، تتصل رحمة، لين، التفاف، تنقطع قسوة، فظاظة، انفضاض، هذا القانون، فأنت مؤمن بقدر ما أنت رحيم، وكلما امتلأ قلبك إيماناً يمتلئ رحمة.

 

﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾

 

( سورة الزمر الآية: 22 )

 قاسي القلب هذا له ضربة قوية جداً من الله عز وجل:

 

(( لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِن شَقيٍّ ))

 

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]

ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء:

 سيدنا معاوية يقول: رجل سأل النبي قال: إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: " إن رحمتها يرحمك الله ".
وابن عباس يقول: رجل أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال له النبي:

 

(( أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ))

 

[أخرجه الحاكم عن عبد الله بن عباس ]

 تدري الشاة أنها ستذبح، فأنت مرة واحدة اذبحها، أما أضجعها جهزها للذبح ثم بدأ يسن السكين أمامها، وإنسان آخر ذبح شاة أمام أختها فالنبي نهاه عن هذا و قال له: هلا حجبتها عن أختها.
آخر حديث:

 

(( مَا مِن إِنسان يَقْتُلُ عُصْفُورا فما فوقها بغير حَقٍّ إِلا سَألَهُ اللهُ عز وجل عَنها قيل: يا رسولَ الله، وما حَقُّها ؟ قال: يَذْبَحُها فيأكُلُهَا، ولا يَقْطع رأسها ويَرمِي بِهَا ))

 

[أخرجه النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]

 كم صياد يذهب ليصيد وكل الذي يصيده يرميه بالطريق ؟ طير يسبح الله عز وجل، ذبحه ورواه ! إذا أكلته لا يوجد مانع، أما إذا كان للتسلية، هواية الصيد بالإسلام غير مشروعة، قتل الحيوان أولاً: إتلاف للمال، ثانياً: إزهاق روح بلا سبب، الإنسان مكرم لو جاع وكاد يموت جوعاً يصطاد ويأكل لا يوجد مانع، فالحيوان له أجر، أنت عاملته بدون أجر.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور