المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الأخوة والأخوات الكرام ؛ رحمة حول العالم ترحب بكم ، وأرحب بضيفنا وأستاذنا وشيخنا درة علماء الشام ، الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي في لقاء من برنامج : "رحاب رمضان"، حياكم الله فضيلة الشيخ أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم .
حديثنا الشيق مع فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي حول رمضان ، وأثر رمضان ، وأثر عمر الإنسان في الحكمة من شهر الصيام ؟
العبادة علة وجود الإنسان :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
إنسان ميسور أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه من السوربون ، أكبر مدينة بأوروبا باريس ، مدينة عملاقة ، هذا الشاب علة وجوده في هذه المدينة ، سبب وجوده ، غاية وجوده الدراسة ، هذا لا يمنع أن يدخل لمطعم فيأكل ، أن يجلس في حديقة فيتنزه ، أن يقتني كتاباً يتصل باختصاصه ، أما علة وجوده فهي الدراسة ، افتح القرآن الكريم :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 ) ﴾
العبادة في أدق تعاريفها : طاعة طوعية ، ليست قسرية ، الله خلقنا ، حياتنا بيده ، الموت بيده ، الصحة بيده ، المرض بيده ، الغنى بيده ، الفقر بيده ، الراحة بيده ، الشقاء بيده ، ومع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً ، قال :
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾
بل أراد أن تكون المحبة أو الحب هو العلاقة الوحيدة بيننا وبينه ، قال :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾
الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك :
إذاً أنا حينما أفهم أن الدين دين عظيم ، من عند خالق الجمال ، والكمال ، والنوال ، من عند صاحب الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ، من عند الذي بيده كل شيء .
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) ﴾
هذه الألف واللام أل الجنس ، عنا أل العهد ، وأل التعريف ، أل الجنس تعني أي أمر بالقارات الخمس البعد المكاني ، من آدم ليوم القيامة بعد زماني يرجع إليه ، فعلاقتك معه ، علاقتك معه فقط ، فإذا أصلحت العلاقة معه الله أصلح لك العلاقة مع غيره .
" ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .
فحينما تبنى العلاقة على الحب شيء آخر ، لذلك الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك ، الحب في الله عين التوحيد أن تحب الله ، ورسوله ، والأنبياء جميعاً ، والرسل جميعاً ، والعلماء الربانيين جميعاً ، والمساجد ، أن تحب أهلك ، زوجتك ، أولادك ، هناك شرح طويل عن الحب في الله ، كل هذا يتصل بالله عز وجل ، أما الحب مع الله فأن تحب جهة تمنعك أن تصلي ، الحب مع الله عين الشرك .
نهاية العلم التوحيد ونهاية العمل الطاعة :
لذلك النقطة الدقيقة جداً أنت حينما توحد ، مثلاً هل يمكن أن تجمع فحوى دعوة الأنبياء جميعاً ؟
أنت تقول لطلاب الصف : لكل واحد منكم أيها الطلاب جائزة مني غداً ، هم اثنان وخمسون طالباً ، اثنان غائبان ، الاثنان الغائبان ليس لهم جائزة ، لو قلت : ما من واحد منكم هذه من لتعميم أجزاء الشيء ، ما من واحد منكم حتى الغائبين إلا وله جائزة ، اختلف الموضوع ، الآن دقق :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ﴾
أي رسول ، ولو لم يذكر في القرآن ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الآية دقيقة جداً ، أي أن نهاية العلم التوحيد ، ونهاية العمل الطاعة لله ، العبادة ، ملخص الملخص : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) هذه طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
الآيات هي القنوات الوحيدة الفريدة السالكة لمعرفة الله :
لكن :
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ( 5 ) ﴾
دخلنا بموضوع ثان الآن ، علم اليقين ، أي إذا كانت مصداقية الفكرة ثلاثين بالمئة وهم ، خمسين بالمئة شك ، سبعين بالمئة ظن ، تسعين غلبة ظن ، مئة بالمئة قطع ، الآن حقائق الدين كلها قطعية من عند المطلق ، من عند الخالق ، أما نحن ما سوى الله فهو ظن .
قاض يحكم أربعين سنة ، يصدر سبعمئة حكم ، إذا كان هناك حكمان افتقرا إلى المعلومات لم تصل إليه فجاء الحكم بخلاف ما ينبغي، اسمه في الأرض : القاضي العادل ، أما الله فلا يمكن أن يكون هناك خطأ ولا واحد بالمليار ، للتقريب : الله ماذا قال ؟
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) ﴾
معنى ذلك الآيات ، مطلق الآيات هي القنوات الوحيدة ، الفريدة ، السالكة لمعرفة الله ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الآيات ثلاثة أنواع ، آيات كونية ، وآيات تكوينية ، وآيات قرآنية ، الكونية خلقه .
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ( 190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾
ومضة أو ومضتان من هذه الآيات الكونية ؛ الأرض تسير حول الشمس بمسار إهليلجي ، أي بيضوي ، هذا البيضوي له قطران ، قطر أطول ، وقطر أصغر ، الأرض الآن بالأطول تتجه نحو الأصغر ، فإذا وصلت إلى القطر الأصغر المسافة قلّت ، والجاذبية ازدادت ، إذاً لابد من أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، فإذا انجذبت تبخرت في ثانية واحدة ، وتنتهي الحياة ، ما الذي يحدث ؟ ترفع الأرض سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة الأقل ، فتبقى على مسارها ، يد من ؟ رحمة من ؟ حكمة من ؟ قدرة من ؟ تابعت سيرها إلى القطر الأطول فالجاذبية قلّت ، لذلك لا بد من أن تتفلت الأرض من جاذبية الشمس ، وتنتهي الحياة ، الحرارة 260 تحت الصفر ، تنتهي الحياة إذا انجذبت ، وتنتهي الحياة إذا تفلتت ، يد من ؟ علم من ؟ قدرة من ؟ حكمة من ؟
فالتفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق إلى الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
نحن لابد من أن نعرف الله .
" ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .
المذيع :
سيدي ؛ هذا الشهر الكريم عندما يمضي على الإنسان في أعوام متكررة دائماً ، هل هناك ترقّ في هذا التكرار ، أي رمضان الأول ، ثم يأتي عليه رمضان في مرحلة متقدمة من التقوى ثم ينجز ؟
رمضان شهر القرب والحب والغفران :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
(( عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علماً فلا بورك في طلوع شمس ذلك اليوم . ))
لا بورك بي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله علماً ، ولا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله قرباً .
لابد من التدرج في الصعود ، لأن الله عز وجل ذات كاملة ، أصل الجمال ، والكمال ، والنوال .
" ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .
فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً .
لذلك نحن في هذا الشهر شهر القرب ، شهر الحب ، شهر فتح صفحة مع الله جديدة ، شهر التوبة ، شهر الغفران ، شهر رجوح الميزان ، ميزان الصالحات ، شهر أداء الزكاة ، شهر الصدقات ، شهر صلة الأرحام ، يوجد طاعات لا يعلمها إلا الله ، تصور إنساناً عليه ديون لا تحتمل ، أمواله كلها مصادرة ، العقارات مصادرة ، وعليه ملايين مملينة ، قيل له : افعل هذه الأعمال لثلاثين يوماً فقط وأنت معفى من هذه التبعات ، هل يتردد ؟ الحديث :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ الله له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ، ومن قام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ الله له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ. ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ]
إذاً نحن في رمضان نفتح مع الله صفحة جديدة ، لابد من نقلة نوعية في العلاقة مع الله ، نقلة نوعية في الأعمال الصالحة ، نقلة نوعية في أداء العبادات ، نقلة نوعية في وصل الأرحام ، نقلة نوعية في إنفاق الأموال ، أي شهر متميز ، شهر استثنائي ، شهر الصلح مع الله.
" إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله " .
بعض السلبيات في حياة المسلمين في رمضان :
لابد من ذكر بعض السلبيات في حياة المسلمين ، كأن رمضان فرغ من مضمونه ، أصبح شهر ولائم ومسلسلات ، ولابد من وقفة قصيرة جداً عند المسلسلات ، الحقيقة حينما لم ينجح الغرب في تفريغ إسلامنا من مضمونه رجع لا إلى الكلمة بل إلى الصورة ، قد يريك قصراً جميلاً جداً ، فرش أثاث منقطع النظير ، والنساء كاسيات عاريات ، ولقاءات مختلطة ، ويوجد بار بالبيت ، وعدة سيارات ، والرجال بأناقة بالغة ، ورشاقة عالية ، ويريك بعد حين شيخاً محصوراً في بيت صغير ، خلقه قاس جداً ، عنده ازدواجية بالألفاظ ، عنده انفصام شخصية ، وأولاده في الطرقات ، وزوجته عند الجيران ، هم ما فعلوا شيئاً ، قدموا لك أبشع صورة للدين وأحلى صورة للكفر ، هذا الإعلام كان قديماً سلطة تشريعية في كل بلد ، وسلطة تنفيذية ، وسلطة قضائية ، الآن يوجد فقط إعلام ، يوجد تلميع إعلامي وتضليل إعلامي ، وحجب إعلامي ، أما لذلك فلا بد من حقيقة .
الحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط :
الحقيقة ، عفواً ما هو الحق ؟ الحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط ، خط النقل الصحيح ، وخط العقل الصريح ، وخط العاطفة الصادقة ، وخط الواقع الموضوعي ، هذا هو الحق ، والحق هو الله ، الحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط ، خط النقل الصحيح ، يوجد نقل غير صحيح ، يوجد أحاديث موضوعة ، تأويل لآية غير صحيح ، النقل الصحيح ، مع العقل الصريح ، يوجد عقل موضوعي ، وعقل وصولي ، قد يأتي مستعمر كبير إلى بلد ينهب ثرواته ويقول : جئت من أجل الحرية ، كذب بكذب بكذب ، فالعقل الصريح ، والنقل الصحيح ، والفطرة السليمة ، يوجد فطرة منطمسة ، والواقع الموضوعي .
ما معنى الفطرة ؟ والدته الساعة الثانية بالليل قالت له : أنا متألمة جداً يا ولدي أريد هذا الدواء ، قال لها : الجميع أغلق ، كله مغلق ، لكنه يعلم علم اليقين أنه يوجد خمس صيدليات مناوبة ، ومعه سيارة ، لا ينام مرتاحاً ، هذه الفطرة ، لو ذهب لهذه الصيدليات الخمسة ووجد الدواء مفقوداً ، في الحالتين الدواء لم تأخذه أمه ، المرة الثانية ينام مرتاحاً ، هذه الفطرة ، أصلها في القرآن :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ﴾
أي ما من أمر أُمرت به إلا وُلفت ، أو جُبلت ، أو بُرمجت على محبته ، وما من أمر نُهيت عنه إلا وُلفت ، وجُبلت على كراهيته ، والدليل :
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) ﴾
هذه الفطرة ، الفطرة تتوافق مع الشرع مئة بالمئة ، والدليل : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) لكن الفطرة لا تعني أنك أنت تحب المعروف لا تعني أنك في معروف ، تحب الطاعة لا تعني أنك في طاعة ، محبة الشيء شيء ، وتطبيقه شيء ، أما الصبغة فاصطبغت بهذا الكمال .
﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) ﴾
الفطرة مقياس داخلي ، مقياس داخلي جداً ، ما الدليل ؟ يوجد دليل دقيق :
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) ﴾
إن فجرت ، تعلم أنها انفجرت من تلقاء نفسها ، وإن أحسنت تعلم أنها أحسنت .
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ ) معنى كلمة الفلاح ، يوجد نجاح بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين مليار دولار ، مؤسسة أبل سبعمئة مليار ، عفواً هذا كسب ، الكسب لم تنتفع به ولكن سوف تحاسب عليه درهماً درهماً ، أو دولاراً دولاراً ، هذا الكسب ، أما الرزق :
(( عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه : قال : أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ابنُ آدمَ : مالي ، مَالي ، وهَلْ لَك يا ابْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ . ))
[ أخرجه مسلم والترمذي والنسائي ]
الرزق ما انتفعت به لكن الطعام ، والشراب ، واللباس ليس لهما أثر مستقبلي ، ما بقي إلا العمل الصالح ، وعلة وجودنا في الدنيا العمل الصالح بدليل قوله تعالى :
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ﴾
وسمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
إذاً عندنا كليات للدين ، أول كلية الفكر ، إيديولوجية ، التصور ، هذه مجموعة بكلمة واحدة الجانب العقدي بالإسلام ، يوجد جانب حركي ، الحركة تبحث عن الطعام والشراب لتبقى حياً ، فأنت مفتقر في وجودك للطعام والشراب ، مفتقر أيضاً لثمن الطعام والشراب ، انظر إلى دقيق الوصف .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20) ﴾
الأنبياء ، كونك بشراً أنت مفتقر في وجودك إلى طعامك وشرابك ، مفتقر لثمن الطعام ، فأنت حينما تؤمن بالله إنسان آخر ، وصلت إلى أصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، وصلت إلى الذات الكاملة ، مع من بيده كل شيء .
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)﴾
المذيع :
سيدي ؛ تكلمت عن الفطرة الآن حكمة عقيدة تحديد أجر الصيام ، هل هو مقرون أي هل له دور في أن هذا الإنسان عندما يخلص في الصيام يحدد هذا الأجر ؟
(( عن أبي هريرة قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به الصيام عنه جنة ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك ، للصائم فرحتان : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه . ))
[ أخرجه البخاري وابن خزيمة ]
لم يحدد أجر الصيام مسبقاً ؟
الصيام عبادة التوحيد والإخلاص :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لماذا ؟ أنت حينما تغض البصر تحصن نفسك ، حينما تؤدي ما عليك تحرر ذمتك ، لا يوجد أمر إلا الصيام فإنه لي ، كيف ؟ أنت الساعة الثانية ظهراً ، والحر لا يحتمل ، والعطش لا يحتمل ، وأنت وحدك في البيت ، ولا أحد في الأرض يعلم لو أفطرت ، والثلاجة فيها ماء بارد ، فيها عصير ، وفيها كل شيء ، هذه العبادة عبادة التوحيد ، وعبادة الإخلاص ، لا تستطيع أن تضع قطرة ماء بفمك وأنت وحدك بالبيت .
مثل آخر : جارة غير ملتزمة ، انتقلت إلى الشرفة بثياب مبتذلة ، لك أن تملأ عينك من محاسنها ولا أحد يعلم إلا الله ، تغض البصر ، فغض البصر عبادة ، ما جاء بحديث ضعيف ، جاء بآية قرآنية :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) ﴾
طلب العلم فرض على كل إنسان :
أخواننا الكرام ؛ المستمعون والمشاهدون : إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، فأنا كأني بدأت أن العقيدة والإسلام العظيم له كليات .
مرة كنت بأمريكا ، ودُعيت إلى زيارة معمل جنرال موتورز كاديلاك ، قال لي المرافق مع المترجم كان معنا : هذه السيارة فيها 300 ألف قطعة أما أنا كراكب لها غريسوري ، أي غلاف معدني ، ومحرك ، ومقاعد ، وأبواب ، وعجلات ، وبنزين ، ومقود ، سبعة ، نزلوا من ثلاثمئة ألف لسبعة .
أردت من هذا المثل هذا الدين كم عالم فيه ؟! كم كتاب مؤلف ؟! كم معهد شرعي من وقت النبي إلى الآن ؟! كلهم بمئات الألوف ، هل يمكن أن يضغط إلى كليات ؟ يمكن ، أول كلية الجانب الفكري ، الإيديولوجية ، التصور العقدي ، أسماء متنوعة لمسمى واحد ، إن صحت العقيدة صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، لابد من طلب العلم ، حتى تضع إلى جانب اسمك د. 23 سنة دراسة ، وكي تستحق جنة الله التي فيها :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ . ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ]
ألا تحتاج إلى متابعة درس إيماني ؟ متابعة كتاب تفسير ؟ متابعة نصوص إسلامية ؟
إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
فكرة دقيقة جداً ؛ أهل النار في النار ما مشكلتهم ؟
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾
أزمة علم فقط ، لذلك العلم ، عفواً أنا أقول : هذه الطاولة التي أمامي لها طول ، عرض ، ارتفاع ، وزن ، حجم ، هذا الجماد بماذا يزيد عليه النبات ؟ بالنمو ، بماذا يزيد عليهما الحيوان ؟ بالحركة ، بماذا يزيد الإنسان على كل ذلك ؟ بقوة إدراكية ، هذه القوة الإدراكية الله عز وجل جعل غذاءها العلم .
لو أن الإنسان عزف عن قول الحق ، عزف عن طلب الإيمان ، عزف عن طلب طاعة الواحد الديان ، عزف عن تطبيق منهج الله ، استمع إلى القرآن قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)﴾
كيف ميت ؟ نبضه 80 ، مثالي ، ضغطه 8 ـ 12 مثالي ، عند الله ميت .
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) ﴾
خشبة .
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44)﴾
كله قرآن .
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾
فالدين ليس شيئاً تجميلياً ، هو شيء وجودي ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم .
المذيع :
نحن في شهر رمضان الآن ، وكثير من أخواننا وأهلنا بسبب جائحة كورونا ، وهذا البلاء الذي نزل ، وغلاء الأسعار يعانون ما يعانون ، نحتاج من فضيلتكم كيف يتحول الصيام صيامنا إلى عمل ؟ إلى شيء واقعي ؟ نحن امتنعنا عن الطعام والشراب ، لكن الآن يوجد شق آخر لهذا الفرد واجبه تجاه المجتمع ، تجاه الأمة ، تجاه دوره الفاعل ، كيف يمكن لصيامنا ولشهر رمضان أن يكون دافعاً لنا في هذا السلك ؟
الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
هذا الشهر شهر الصلح مع الله ، شهر فتح صفحة جديدة مع الله ، شهر نقلة نوعية ، شهر دفع الزكاة ، شهر دفع الصدقات ، شهر زيارة الأرحام ، شهر تربية الأولاد ، شهر التعاون .
أخي الكريم ؛ أنت تعيش في بلاد الغرب ، أحيانا مع الأسف الشديد يتعاونون تعاوناً مذهلاً علينا ، وبينهم 5% قواسم مشتركة ، ونحن لا نتعاون بل نتنافس ، بل نتقاتل ، وبيننا 95% قواسم مشتركة ، هذا الشيء واقع ، هذه حقيقة مرة ، ينبغي أن نقف عندها وقفة متأنية ، لا بد من التعاون ، الطرف الآخر يتعاونون تعاوناً مذهلاً ، وبينهم 5% قواسم مشتركة ، والمسلمون لا يتعاونون ، مع الأسف الشديد ، بل يتنافسون ، بل يتقاتلون ، وبينهم 95% قواسم مشتركة ، فلا بد من صحوة ، والصحوة حصلت ، لكن قد تستغرب من هم السبب في حصولها ، صحوة إسلامية عامة بالعالم كله ، أعداء المسلمين بقدر سفكهم للدماء ، وكذبهم ، وتدجيلهم ، ونفاقهم ، فلذلك ربّ ضارة نافعة .
المذيع :
أي يهيئ الله لهذا الدين أعداءه .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أبداً ، أي لا تقلق على هذا الدين ، إنه دين الله ، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أن تكون جندياً له ، وقد يستخدم أعداءه الألداء في تنميته .
عفواً ؛ اقبل مني هذه الفكرة ، ولعلك تقبلها ، حينما الطرف الآخر بالغ في الكذب ، وفي الدجل ، وفي القتل ، و ، و ، شيء لا ينتهي ، البديل بقي الإسلام ، فكأنهم دعاة إلى الإسلام من دون أن يشعروا ، الله استخدمهم دعاة للإسلام بشكل أو بآخر ، فلذلك كل شيء وقع أراده الله ، كل شيء أراده الله وقع ، الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً ، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله ، فكل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع ، الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق .
المذيع :
نعم سيدي ؛ فلذلك نحن في رمضان الذي هو شهر الإنفاق ، شهر القرب من الله ، يمكن للإنسان أن يستخدم كل ما أتاه الله من هبات ، من نعم عليه في التقرب إلى الله ، إضافة لصيامه ، وامتناعه عن الطعام والشراب من أجل أن يكون له أثر فاعل في هذا المجتمع تجاه الفقراء ، وتجاه المساكين ، أي أنا لا أكفي أن أصوم لله تعالى فقط ، لكن كما أوصى الله عيسى:
﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً (31) ﴾
حتى في شهر رمضان تتجلى هذه المعاني حتى يكون للمسلم أثر في إصلاح هذا المجتمع ، والنهوض به .
الصيام هو ترك كل شيء ما سوى الله :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بعضهم قال : صوم العوام ترك الطعام والشراب فقط ، صوم الخواص ترك المعاصي والآثام جميعاً ، صوم خواص الخواص ترك ما سوى الله .
المذيع :
الله ! ما شاء الله ! جميلة جداً هذه العبادة .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
فـلو شاهدت عيناك من حسننـــــا الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابــنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبــــــة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمــــة لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنــــــــــــا
ولــو لاح مـِــن أنـوارنــا لك لائــحٌ تـركــت جـمـيــع الـكـائـنـات لأجـلـنـــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعــــــى سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنــــــــــــــا
فأيسر ما في الحب للصب قتـلـه وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنـــا
المذيع :
سبحان الله ! بارك الله فيكم شيخنا الكريم ، وبارك الله لكم في وقتكم ، وهذه المداخلة القيّمة باسم العاملين في منظمة رحمة حول العالم التي بفضل الله تعالى انتشرت في العديد من البلاد الإسلامية تساهم في رفع المعاناة عن المعذبين ، وعن المحتاجين .
نشكركم جزيل الشكر ، ونريد منكم أن توجهوا كلمة لأهلنا المحتاجين تصبرهم فيها في شهر رمضان أن فرج الله قريب ، وأن كرم الله كبير .
كلمة لأهلنا المحتاجين في شهر رمضان :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
مثل بسيط : مريضان عند طبيب ، أحدهما معه التهاب معدة حاد ، أخضعه الطبيب لحمية قاسية جداً جداً جداً ، ستة أشهر على الحليب ، الثاني معه ورم خبيث منتشر في كل جسمه ، سأله الثاني : ماذا آكل ؟ قال له : كُلْ ما شئت ، أيهما أفضل ؟
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)﴾
فأنا أتمنى أن أكون مع من يصلحه التأديب ، وأنجو من الدنيا إلى الجنة ، أما الآخر : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ ) ما قال باب كل شيء ( أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ) طمأنينة ، ونظام ديمقراطي ، تكافؤ فرص ، وفرص عمل كثيرة ، وطيران ، وولائم ، أليس كذلك ؟ فلابد من العودة إلى الله .
المذيع :
تدعو لنا سيدي في ختام هذا اللقاء الله يكرمكم ويبارك فيكم ويجزيكم خيراً ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
اللهم احفظ لنا إيماننا ، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، واجعل صيامنا مقبولاً ، وعملنا مقبولاً أيضاً عند الله عز وجل .
(( من صام رمضانَ إيمانا واحتسابا غُفِرَ الله له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ، ومن قام رمضانَ إيمانا واحتسابا غُفِرَ الله له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ )) .
المذيع :
آمين ، اللهم آمين ، جزاكم الله خيراً شيخنا باسم منظمة رحمة حول العالم ، وباسم المتابعين والمشاهدين على صفحة رحمة نشكر فضيلة شيخنا الفاضل على وقته ، نسأل الله تبارك وتعالى على أن يبارك لنا في عمره ، وفي صحته ، وبدنه ، وأن ينفعنا بعلمه .
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل ، بوركتم ، ورمضان مبارك عليكم ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد رمضان بالفرج على أمة الإسلام جميعاً إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بارك الله فيكم ، ونفع بكم .
المذيع :
شكر لكم سيدي ، وسلام الله عليكم وبركاته .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته