وضع داكن
23-11-2024
Logo
مختلفة - مؤسسة رحمة حول العالم - برنامج رمضان أجر وإحسان : 01 - كيف نحافظ على الإرادة وصدق العزم طوال رمضان؟.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ ، اللهم لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم .
 

كلما ارتفع مقام الإنسان اتسعت رؤيته وعاطفته  :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
الحقيقة الدقيقة ؛ إذا عرفت الآمر وهو الله ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، وقويت إرادتك ، واشتد عزمك ، لأنك تعرف من خلال رؤيتك الأولى عظمة الله ، أي إذا طفل صغير عقب العيد قال : أنا معي مبلغ عظيم ، أي مئة دينار ، فإذا قال مسؤول كبير في دولةٍ قويةٍ : أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً ، مئتا مليار ، فإذا قال خالق الأكوان ورب الأرض والسماء:  

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) ﴾

[ سورة النساء ]

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾

إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، الإرادة تقوى بالرؤية الصحيحة . 
أذكر مرَّة كنت في المغرب عدت إلى الشام بالطائرة ، الطيار كان تلميذي ، رأيت بعيني طرطوس وصيدا ، رأيت خمسمئة كيلو متر ، فكلما ارتفع مقام الإنسان اتسعت رؤيته ، واتسعت عاطفته ، فلذلك الإرادة تأتي من الرؤية ، إن رأيت ما ينتظر المؤمن من عطاء ، من جنة الخلد .
 

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل البعيد :

لذلك أهل الإيمان إذا شارفوا على الموت يقولون : لم نر شراً قط ، حياتهم كلها متاعب، ابتلاءات، ضغوط ، ومع ذلك لم نر شراً قط ، بينما أهل الدنيا الذين غرقوا في النعيم والرفاه يقولون: لم نر خيراً قط ، الشعوب الآن تعيش لحظتها، همها الرفاه ، الرفاه ينتهي بالموت ، الموت ينهي كل شيء ، قوة القوي وضعف الضعيف ، غنى الغني وفقر الفقير ، فالبطولة أن نعيش المستقبل البعيد ، أهل الأرض كلهم يعيشون حاضرهم وماضيهم، أما المؤمن فيعيش المستقبل ، هناك مغادرة من بيت إلى قبر ، من مكانة اجتماعية إلى قبر ، من زوجة وأولاد إلى قبر ، من مكانة كبير إلى قبر ، فلذلك البطولة أن نعيش المستقبل ، فكل جهد أهل الدنيا تفكيك المبادئ والقيم ، وكل جهد أهل الأيمان أن تعود إلى المبادئ والقيم ، نحن عندنا شهوات وشبهات ، بالفكر شبهات ، بالحركة شهوات ، أما عند أهل الإيمان فالمبادئ والقيم .
المقدم  :
في شهر رمضان تكثر الدعوة إلى المسلسلات وإلى متابعة الشاشات ، وفي سورة النساء الله تبارك وتعالى يقول : 

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) ﴾

[ سورة النساء ]

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾

كيف نُقوِّم إرادة الصائم نحو أن يتجه متوافقاً إلى إرادة الله تبارك وتعالى؟
 

كيفية تقويم إرادة الصائم :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
وَاللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لا أبالغ إذا اهتممنا بالولائم والمسلسلات فرَّغنا هذا الدين من مضمونه، فرَّغنا هذا الشهر من مضمونه، جعلناه من العادات والتقاليد، وإذا عدنا بعد رمضان إلى ما كنا قبل رمضان والله كأننا ما صمنا رمضان :   

رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقي       مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ

***


فالعبرة أن أتابع إيجابيات رمضان من صدقٍ ، وأمانةٍ ، وغضِّ بصرٍ ، وكفٍّ عن الغيبة والنميمة ، كل الفضائل والإيجابيات في رمضان ينبغي قطعاً أن تستمر بعد رمضان إلى نهاية العام ، ما الذي يفطر في العيد ؟ فمي فقط ، أما حينما أعود إلى ما كنت عليه قبل رمضان فكأنني لم أصم رمضان ، فلذلك انقلب هذا الشهر إلى شهر عادات وتقاليد كما تفضلت ولائم ومسلسلات .
 

الإعلام حيادي :


والمسلسل فيه شيء خطير جداً ، المسلسل قادر أن يفكك القيم ، يريك الغني ببحبوحة، ببيت فخم جداً ، عنده مركبتان ، تفلت لا يوجد انضباط أبداً ، يريك قصداً إنساناً متديناً ، أفقه ضيق ، بيته صغير ، عصبي المزاج ، زوجته عند الجيران ، وأولاده في الحارة ، لم يهاجموا الدين أبداً ولكن أعطوك أسوأ صورة ، أي هم تركوا الكلمة إلى الصور ، كل الإعلام الآن صور ، فهناك شيء خطير جداً الإعلام الآن قادر أن يفكك كل الأشياء الثابتة عندنا ، يفكك ، والإعلام أيضاً يبني ، الإعلام حيادي ، إما أن يستخدم لبناء القيم ، بناء المبادئ ، أو لتفكيك هذه المبادئ ، فالبطولة أن نضبط الشاشة ، لا أصدق إطلاقاً أن هناك بيتاً الشاشة فيه غير مضبوطة يستطيع أهله أن يصوموا رمضان كما أراد الله ، انقلب إلى شهر مسلسلات وولائم ، كأن هذا الشهر فُرِّغ من مضمونه .
 

أكبر زلة قدم بالحياة أن يكون الإنسان غافلاً عن مصيره :


أنت بحاجة إلى صديق مؤمن ، إلى سهرة مع مؤمنين ، والدليل :

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

[ سورة التوبة ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية. 
آية ثانية : 

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) ﴾

[ سورة الكهف ]

﴿  وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا ﴾

دقق : 

﴿ أَغْفَلْنَا ﴾

لا تعني أننا جعلناه غافلاً ، "عاشرت القوم فما أبخلتهم"  أي لم أجدهم بخلاء ، "عاشرت القوم فما أجبنتهم" ، 

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا ﴾

وجدناه غافلاً ، والحقيقة أكبر زلة قدم بالحياة أن تكون غافلاً عن مصيرك ، عن ساعة لقاء الله عزَّ وجلَّ ، عن القبر ، القبر مصير كل إنسان ، فالحقيقة المرَّة دائماً أفضل ألف مرَّة من الوهم المريح ، رمضان صحوة ، رمضان صلح مع الله ، رمضان شهر العمل الصالح ، شهر أداء الزكاة ، شهر غض البصر ، شهر ضبط الشاشة ، شهر صلة الأرحام ، شهر إنفاق المال ، أداء الزكاة ، أي صلح مع الله ، شهر استثنائي ، شهر فيه نقلة نوعية إلى الله والدار الآخرة .
المقدم  :
وكأن الله تبارك وتعالى يريد أن يبين للناس أن هناك إرادة صادقة لمن أراد الآخرة :    

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا.  ﴾

 

الإيمان بالله واليوم الآخر أكثر ركنين من أركان الإيمان جاءا معاً :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
قال :

﴿ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا ﴾

لها سعي خاص ، ما دام أراد الآخرة ، بالحقيقة الأركان خمس : ركنان يأتيان متلازمين دائماً : الإيمان بالله واليوم الآخر ، الإيمان بالله كي لا تعصيه ، وباليوم الآخر كي لا تؤذي مخلوقاً ، أهم شيء أن تطيعه وألا تؤذي مخلوقاً حولك ، هذا ملخص الملخص ، فالإيمان بالله واليوم الآخر أكثر ركنين من أركان الإيمان جاءا معاً .

وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا ، وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً ، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه ، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه ، واجْعلنا ممن يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه ، وأدْخِلنا بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور