- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠4موضوعات مختلفة في العقيدة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الشر الموجود في العالم ليس شراً مطلقاً ولكنه يؤدي إلى خير كبير :
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا مع الموضوع الجديد تجربة ملحد وصل إلى الله، فالحديث بالدرسين السابقين عن قصة إسلامه، وعن أول صلاة صلاها، وكيف كان شعوره وهو يستمع ويركع ويسجد ويسبح، الفصل الثاني في هذا الكتاب حول القرآن.
يا أيها الأخوة، الحق واحد صدقوني أن أي إنسان طلب الحقيقة بصدق لا بد من أن يصل إليها، وزوال الكون أهون على الله من أن تطلب الحق صادقاً ولا تصل إليه، هذا الإنسان الذي انتقل من الإلحاد إلى الإيمان يقول: مع قليل من التفكير العميق سوف نتوصل إلى نسبية الشر، ذلك أن الشر الموجود في هذا العالم ليس شراً مطلقاً، ألم تسمعوا مني هذه الكلمة كثيراً، الشر المطلق ليس موجود يوجد شر نسبي، أي شر موظف للخير، يوجد فقر، آلام، هموم، أحزان، موت أقارب، فقر مدقع، سجن، هذه الشرور نسبية موظفة للخير المطلق. هذا الإنسان اكتشف مع قليل من التفكير العميق سوف نتوصل إلى نسبية الشر ذلك أن الشر الموجود في هذا العالم ليس شراً مطلقاً ولكنه يؤدي إلى خير كبير، قال تعالى:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
إلى خير كبير، توبة، إلى الصلح مع الله، إلى أن تقف على أبواب الله على أعتابه، إلى أن تسعد بقربه، هذا هو الشر، وهو جزء أساسي من العقيدة، يجب أن تعتقد اعتقاداً جازماً أن الشر المطلق لا وجود له إطلاقاً هناك شر نسبي، أي بالنسبة إليك وهو موظف للخير المطلق.
الخير من الله والشر كفعل من الله أما كباعث فمن الإنسان :
يوجد نقطة دقيقة جداً وصل إليها هذا الإنسان لما قال تعالى:
﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ﴾
أي في سطر واحد في آية واحدة يبدو أن هناك تناقضاً، الله عز وجل يؤكد أن الخير من الله وأن الشر من الله، قال تعالى:
﴿ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ﴾
وبعد قليل يقول: الخير من الله والشر من نفسك، أدرك هذا الإنسان أن الشر كفعل من الله، أما كباعث، ككسب، كمسبب فمن الإنسان، مثلاً طالب رسب، إذا قلت: المدير رسبه بناءً على علاماته المتدنية، كلام صحيح، وإذا قلنا: الطالب رسب بسبب كسله، كلام صحيح، إذا قلنا: الطالب رسب أي قدم سبب الرسوب بسبب كسله وتخلفه رسب، وإذا قلنا الذي وقع قرار الترسيب أيضاً صحيح.
الأفعال كلها من حيث التنفيذ من الله ومن حيث الكسب من النفس البشرية :
النقطة الدقيقة وضع يده عليها، الأفعال كلها من حيث التنفيذ من الله لأنه لا يقع شيء في كونه إلا إذا سمح له، ومن حيث الكسب من النفس البشرية، قال تعالى:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
فالفعل سبباً من الإنسان، فعلاً من الله، هذه نقطة ثانية وضع يده عليها، وفي سورة يوسف يقول: تتكشف لنا إرادة الله التي هي الغالبة، أن أخوة كثر أرادوا لأخيهم كيداً، أرادوا أن يضعوه في غيابت الجب ليموت ليخلو لهم وجه أبيهم، بالنهاية، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
حينما تؤمن أن الله فعال لما يريد، حينما تؤمن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا يمكن أن تتوصل إلى هدف بمعصية، الفعل فعله، من ابتغى أمر بمعصية كان أبعد مما رجا وأقرب مما ارتقى، حينما تؤمن أن الفعل فعله وأن التوفيق من الله، وأن تحقيق الأهداف من الله، وأن الحفظ من الله، وأنه لا يقع شيء إلا بعلم الله، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، عندئذ ترى أن أقرب طريق إلى السعادة أن تطيعه، لأن كل المتغيرات بيد الله عز وجل.
قصص من القرآن تبين أن أشياء شريرة من حيث الظاهر يمكن أن تؤدي خيراً كبيراً:
حينما قرأ هذا الإنسان قصة سيدنا موسى والخضر قال: القارئ يجد نفسه قد حل لغزاً سرمدياً، ما هو هذا اللغز السرمدي؟ قال: كيف يمكن لأشياء شريرة من حيث الظاهر أن تؤدي خيراً كبيراً، سيدنا موسى مع الخضر، خرق السفينة، هذا شيء شر ظاهر، قتل الغلام، إنشاء جدار بلا أجر، هذا كله شر ظاهر، كيف أن الشر الظاهر ينطوي على خير عميم؛ هذا درس ثان.
في سورة الكهف يقول: تعلمنا هذه القصة قصة أصحاب الكهف أن لا نضيع وقتنا في تفاصيل لا تقدم ولا تؤخر، قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً ﴾
أي وضع يده على مغزى القصة، قال تعالى:
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾
حينما تبحث عن الحقيقة تصل إليها، حينما تلجأ إلى الله عز وجل يهيئ لك من رحمته الشيء الكثير، هذا درس أيضاً.
القرآن يعلمنا الأدب في مناقشة الأمور الدينية :
يوجد آية أخرى وقف عندها وقفةً متأنية، قال: هؤلاء الناس الذين يضلون عن الحقيقة في كل الظروف، يقول لك: أنا بعد أن أتزوج أتوب، ما تاب بعد الزواج، قبل الزواج عاصي وبعد الزواج عاصي، قبل الغنى عاصي وبعد الغنى عاصي، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
كل إنسان يتحجج أنني عندما أستقر، أتزوج، آخذ الشهادة العليا، أشتري بيتاً، حتى ترتاح نفسي أتوب كذاب، الذي يجمع التوبة يعقدها فور نيته، هذا مثل آخر.
يقول هذا المؤلف: القرآن يعلمنا الأدب في مناقشة الأمور الدينية، قال تعالى:
﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ*فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾
القرآن معجزة مستمرة لذلك التقدم العلمي يكشف جوانب من عظمة هذا القرآن :
أي أن القرآن الكريم يعطيك الدليل، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾
معنى ذلك أنه لا برهان على الباطل، هناك ألف برهان وبرهان على الحق، اكتشف هذا المؤلف ويجب أن نذكر أن هناك تعابير في القرآن الكريم يبدو كأنها تشير إلى تفاسير علمية مستقبلية، يقول الإمام علي كرم الله وجهه: في القرآن آيات لما تفسر بعد، القرآن الكريم أيها الأخوة معجزة مستمرة، كل معجزات الأنبياء السابقين الحسية معجزات وقعت مرةً واحدة، تألقت كعود الثقاب رآها من عاصرها ثم أصبحت خبراً يصدقها من يصدقها ويكذبها من يكذبها إلا معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام، معجزة مستمرة بدأت مع نزول هذا القرآن وإلى يوم القيامة كلما تقدم العلم كشف جانباً من عظمة هذا القرآن، فالقرآن معجزة مستمرة، لذلك التقدم العلمي يكشف جوانب من عظمة هذا القرآن.
الكون خُلِق واتسع أما نهاية الكون فهي عملية معاكسة لاتساعه :
حينما قال الله عز وجل:
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
هذه كل وبعض من الألفاظ المغرقة بالإبهام، أي كل شيء في الكون وهذه إشارة إلى الذرة، يقول الله عز وجل:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾
عندما يكون الإنسان معه لفافة من ورق ملفوفة ومربوطة، فإذا أفلت رباطها انتشرت، الله عز وجل قال:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾
خلق الكون واتسع، أما نهاية الكون، قال: عملية معاكسة لاتساعه، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾
هذه حقيقة في الكون، الكون خلق واتسع، والسماء بنيناها بأيدي وإنا لموسعون ثم طويت السماء كطي السجل للكتب، أي علماء الفلك يبحثون، ويفكرون، ويلاحظوا، ويسجلوا، لو أنهم قرؤوا هذا القرآن لوجدوا حلولاً لكل المعضلات التي يعانون منها.
في عهد النبي معطيات العلم محدودة جداً :
نظرية خلق العالم، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾
ونظرية انتهاء العالم، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾
ثم يذكر قوله تعالى:
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾
الله عز وجل استخدم ياء المؤنثة المخاطبة، يوجد نقطة مهمة جداً في عهد النبي معطيات العلم محدودة جداً، فالنبي عليه الصلاة والسلام أنزل عليه هذا القرآن وبيَّنه بحديثه الشريف.
إشارات من قِبل النبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن تفسر بثقافة العصر :
في إشارات من قبل النبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن تفسر بثقافة العصر، أضرب لكم مثلاً؛ النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا إن ذبحنا دابةً أن نقطع أوداجها فقط وأن نبقي رأسها متصلاً بجسمها، لا في عهد النبي، ولا في مراكز العلم في عهد النبي، لا عند الرومان، ولا عند اليونان، ولا عند الفرس، في علومهم ما يفسر هذا الإجراء، مضى مئة عام، مئتا عام، خمسمئة عام، ألف عام وليس في الأرض كلها معلومات تفسر هذا التوجيه، قبل خمسين سنة وجدوا أن القلب ينبض بتأثير كهربائي من داخل القلب في مركز تنبيه كهربائي ذاتي، هذا المركز إذا تعطل هناك مركز تنبيه كهربائي احتياط أول، ومركز تنبيه احتياط ثاني، ثلاث مراكز في القلب، القلب لا علاقة له بكهرباء الجسم إطلاقاً، كيف إذا عندنا مستشفى فيها غرفة عمليات لا ينبغي أن نعتمد على الشبكة الخارجية، مريض مفتوح قلبه والكهرباء قطعت معنى هذا أنه مات، لا يمكن لمستشفى أن تعتمد على الكهرباء الخارجية لا بد لها من التغذية الداخلية، وهذا القلب لخطورته يتلقى النبض من داخله وليس له علاقة بكهرباء الجسم، إلا أن هذه المراكز الذاتية تعطيه الأمر النظامي فقط ثمانين ضربة في الدقيقة، الإنسان أيام يصعد درجاً، يواجه عدواً يقتضي أن يركض، يلعب لعبة تحتاج إلى ركض، فالقلب لا بد له من أن يرتفع إلى مئة وثمانين نبضة، القلب السليم ينبض ثمانين نبضة في الدقيقة أما هذا القلب السليم أحياناً يرتفع إلى مئة وثمانين، والذي يفحص قلبه يمشي على بساط والبساط يسرع، فكلما يسرع البساط ارتفع النبض والضغط، وقد يصل النبض إلى مئة وثمانين ضربة في الدقيقة، قال: هذا النبض العالي يحتاج إلى أمر ناتج عن الكظر عن طريق الرأس، يأتي الأمر من الكظر عن طريق الرأس، مهمة القلب بعد ذبح الدابة إفراغ الدم إلى خارجها، ثمانين نبضة لا تكفي إلى إخراج الدم يبقى نصف دم الدابة في جسمها ترى اللحم أزرق، أما إذا بقي الرأس موصول مع الجسم جاء الأمر الاستثنائي من الكظر عن طريق الرأس فارتفع النبض إلى مئة وثمانين نبضة، القلب مهمته بعد الذبح أن يخرج الدم خارج الجسم، معنى ذلك أن الدابة لا تزكى إلى إذا بقي رأسها موصول بجسمها.
أكثر مسالخ العالم تعلق الدابة من قدميها ويقطع رأسها كلياً، بقي دمها فيها، الذي أمرنا أن لا نذبح دابة إلا بقطع أوداجها فقط ليبقى الأمر الاستثنائي الذي يرفع النبض إلى مئة وثمانين نبضة قائم، ترى اللحم المزكى شرعاً لونه وردي تشتهي أن تنظر إليه، واللحم الغير مزكى لونه أزرق والنفس تتقزز منه.
الحكمة من عدم تفسير النبي للآيات الكونية :
بربكم هذه الحقائق الدقيقة عن القلب أنه يوجد مركز كهربائي داخلي وعنده أمر استثنائي خارجي، والأمر يأتي من الكظر عن طريق الرأس، هل في عهد النبي معطيات علمية تفسر هذا الأمر؟ هذا الحديث من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، لذلك النبي الآيات الكونية ما فسرها وكان حكيماً حكمةً رائعة، أو أن الله عز وجل أوحى إليه وحياً غير متلو أن هذه الآيات لا تفسرها، لماذا؟ لو أنه فسرها تفسيراً بسيطاً يتناسب مع معطيات العلم المتواضعة في عصره لأنكرنا عليه هذا التفسير، ولو فسرها تفسير يتناسب مع التقدم العلمي لأنكروا عليه هم أيضاً، فمن الحكمة البالغة أن يدع هذه الآيات للتطور كلما تقدم العلم كشف جانباً من جوانب عظمة هذا القرآن الكريم.
بدقة قال: في القرآن إشارات إلى حقائق لم تكتشف بعد، حقائق مستقبلية، أيضاً هذه كما قال سيدنا علي: في القرآن آيات لم تفسر بعد، الآن حينما قال الله عز وجل:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾
العلماء قالوا: العلق هي جلطة، أو قالوا: شيء يعلق، اكتشفوا أن البويضة الملقحة تنمو لها استطالات كثيفة جداً وطويلة، هذه الاستطالات تنغرس في جدار الرحم والرحم جداره مخملي ثخين، فهذه البويضة حينما تنقسم إلى عشرة آلاف قسم في طريقها إلى الرحم، أي من المبيض إلى الرحم تنقسم عشرة آلاف قسم من دون أن يزيد حجمها، البويضة إذا وصلت إلى الرحم أرجلها، ذؤاباتها، نهاياتها، تنغرس في جدار الرحم والجدار ثخين ومخملي الملمس، حينما تنغرس تأخذ غذاءها من الجدار، الآية الكريمة قال: هذه البويضة حينما تعلق في الجدار لو صورناها تشبه قطعة لحم ممضوغة، يوجد لحم قطعة واحدة، لحم مفروم، أحياناً الإنسان يأكل قطعة لحم يمضغها يجعلها ناعمة ثم يكتشف فيها شيء يخرجها، هذه قطعة اللحم الممضوغة هي الوصف الدقيق الدّقيق للبويضة عندما تنغرس في جدار الرحم.
مثال على حقائق وردت في القرآن الكريم قبل أن يؤكدها العلم :
الآية الكريمة:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ*ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾
علقة، مضغة، عظام، عضلات، حدثنا أخ طبيب مختص بالعظمية درس في بريطانيا عندهم أستاذ كبير جداً في علم الأجنة، قال: مرة دخل علينا وقال: أيها الطلاب كتابي الذي تدرسونه ـ هذا الكتاب لاشتهاره كان واسع الانتشار ـ قال: اكتشفت خطأً في الكتاب أن العظام تشكل قبل العضلات، هو كان يتوهم أن العضلات أولاً ثم العظام ثانياً، فقام طالب باكستاني وقال: يا أستاذ هذه الحقيقة وردت في القرآن الكريم، فقال له: ليس من المعقول، فقال له الآية قال تعالى:
﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾
دهش، هذه القضية قضية عشرين سنة، أما العالم كله كان يعتقد أن بعد المضغة عضلات وبعد العضلات عظام والآية بالعكس، ثم اكتشف أن العظام أولاً ثم العضلات ثانياً.
إشارات وردت في القرآن الكريم على أن الأرض كرة :
قال تعالى:
﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾
يوجد نقطة ثانية في القرآن الكريم أن العرب يعيشون في أرض منبسطة ما خطر في بالهم أنها كرة، لو قال الله عز وجل بآية قطعية الدلالة أنها كرة لاضطربوا، فربنا عز وجل حكيم حكمة بالغة، ورد بالقرآن إشارات إلى أن الأرض كرة، من هذه الإشارات قوله تعالى:
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾
التكوير لف شيء حول شيء كروي، بالمعنى المعجمي الدقيق، لا يوجد شكل هندسي يمكن أن يتداخل الضوء مع الظلام أمام منبع ضوئي بعيد إلا الكرة، أما الشكل المكعب أو متوازي المستطيلات لو كان في منبع ضوئي هنا ودورته يأتي الضوء فجأةً بسبب الحروف، إلا الكرة لأنها كرة أثناء دورانها يأتي الضوء ويتداخل مع الظلام وهذا ما تجدونه ما بين الفجر والشمس وما بين المغرب والعشاء لأنها كرة الضوء والظلام يتداخلان،
إذا رجل مسافر غابت الشمس الدنيا مضيئة لو لاحظ كيف يمتد الظلام شيئاً فشيئاً، أنا أعتقد تقريباً عشرين دقيقة إلى أن يبدو لك أنه صار ظلام ولكن مع العشرين دقيقة تشعر أن الأمور واضحة، أما حينما يغيب الشفق الأحمر يكون قد دخل وقت العشاء.
الآية التالية دليل كروية الأرض :
قوله تعالى:
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾
هذا دليل كروية الأرض، سمعت ولم أقرأ في الكتاب أن مؤلف الكتاب وهو يقرأ القرآن وصل إلى قوله تعالى وهو يخاطب فرعون بعد أن أغرقه الله:
﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
قال: هذا خطأ، هو كان يقرأ القرآن قراءة نقدية يريد أن يجد فيه خطأً هكذا سمعت أنه اتصل بموريس بوكاي بباريس، قال له: هذه الآية لا تطابق الواقع، اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، موريس بوكاي فحص مومياء فرعون موسى بنفسه ووجد فطور بحرية في فمه وعلى جلده، ووجد أملاح بفمه، فرعون موسى والذي غرق في البحر الأحمر موجود في متحف مصر الفرعوني، وسمعت أنه أخذ إلى باريس لترميم جثته، انظر إلى هذه الآية الكريمة هذا كلام خالق الكون:
﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
هذه أيضاً نقطة انتبه إليها مؤلف الكتاب، وتحقق من صحتها عن طريق رجل فرنسي ألَّف كتاباً عن الأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله من هذه الآية، طبعاً هذا الكتاب كما تعلمون لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
لا يمكن أن تنشأ في حياتنا حقيقة علمية تناقض ما في القرآن أبداً لأنه كلام الله :
يوجد مشكلة يعانيها أصحاب المذاهب الوضعية؛ ترى شخصاً ذكياً وعاقلاً اعتنق مذهب مع مضي الزمن تنشأ ظروف ومفارقات تسفه مذهبه. ذكرت لكم سابقاً أنه يوجد رئيس وزارة فرنسي انتحر وهو من أرقى الأسر الفرنسية وغني، ولا يوجد عنده مشكلة إطلاقاً سمعته نظيفة، أكثر من مئة صحفي حاولوا الكتابة عن انتحار هذا الإنسان ما وجدوا شيء يدعو إلى الانتحار إلا صحفي واحد فسر انتحاره على الشكل التالي: أن هذا الإنسان اعتنق مذهب إلحادي سبعين سنة ثم اكتشف أنه كان مخطئاً فاحتقر نفسه، إنسان بهذا العقل والذكاء يعتقد بالإلحاد ثم يكتشف أنه كان في غلط كبير جداً.
لا يمكن للمسلم أن يأتي يوم يفاجأ بحقيقة علمية تخالف القرآن، والدليل صار هناك تطور علمي بالمئة سنة الأخيرة ـ هكذا يقول بعض العلماء ـ بما يوازي التطور الذي تم من آدم إلى قبل مئة عام، أي من آدم إلى قبل مئة عام بكفة، ومن مئة عام إلى الآن بكفة ثانية، تطور مذهل، لا يوجد حقيقة علمية على الإطلاق يمكن أن تصطدم مع آية لأن هذا كلام الله مستحيل، المسلم يعيش الحياة مهما تطور الزمان لمصلحته، لا يمكن أن تنشأ في حياتنا حقيقة علمية تناقض ما في القرآن الكريم أبداً لأن هذا الكتاب كلام الله. وذكرت مرة مثل عندما قال الله تعالى:
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
رجل يركب شبح الآن ما هذه؟ أتمم الآية:
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
معنى ذلك يتحجم، هذا الكلام كلام الله، لو كان كلام النبي لوقفت عند لتركبوها وزينة، ماذا رأى؟ خيلاً، وبغالاً، وحميراً، لتركبوها وزينة، لأن الله يعلم أن سيكون طائرات، ومراكب بحرية، وحوامات، ومراكب فضائية، ويخلق ما لا تعلمون.
كلما تعمقنا في فهم الآيات الكونية والدقائق التشريعية كلما ازددنا يقيناً وإيماناً :
والله أيها الأخوة، هذا الكتاب كلام الله عز وجل، هذا الكتاب منهج حياتنا كلها، وكلما تعمقنا في فهم آياته الكونية وفي فهم دقائقه التشريعية كلما ازددنا يقيناً وإيماناً، والنبي عليه الصلاة والسلام يدعونا إلى أن نجدد إيماننا.
يقول المؤلف: هناك إشارات غريبة في الآية الثانية والتسعين قال تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
قال: إن التحقق من هوية فرعون والخروج كان موضوع تفكير وبحث طويلان، وبعد دراسة مفصلة يناقش موريس بوكاي هذه المسألة على نحو مقنع ويقول: إن فرعون موسى هو نفسه موجود في المتحف الفرعوني وسمى مكان وجوده، وهناك أدلة قطعية في جسمه على أنه مات غرقاً.
طبعاً قد يقول قائل: لماذا أبقى الله جثته؟ لأن فرعون ادَّعى الألوهية، لو أن الله أغرقه واختفت جثته لقالوا صعد إلى السماء، أراد الله أن يؤكد للذين ألهوه أنه إنسان عادي يموت وهذه جثته على الساحل، قال تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
بإمكاني أن أقول لكم أن إنساناً بعيداً عن الأجواء الدينية، مهما كان بعيداً عن القرآن الكريم، أنت نشأت في بلد عربي تقرأ القرآن ببساطة، هذا الإنسان لا يفقه كلمة واحدة في اللغة العربية يقرأ ترجمات القرآن ووصل إلى هذه القناعة والتقى مع كبار المفكرين الإسلاميين. معنى ذلك أن الحقيقة واحدة في الكون إن أردتها صدقاً لا بد من أن تصل إليها، وأنت حينما تتصل بالله تنتابك المشاعر والأحاسيس، ويملأ قلبك الإيمان والثقة والشعور بالسعادة بحيث يتساوى الناس جميعاً في كل بقاع الأرض، وصار الدين كما قلت قبل قليل عامل توحد وليس عامل تفرقة، ما الذي يسمى عامل تفرقة؟ هو التعصب للدين، أما حقيقة الدين لن تكون إلا عامل توحد وعامل وحدة بين المؤمنين، أرجو الله سبحانه وتعالى في درس قادم أن نتابع موضوع القرآن الكريم الذي ورد في هذا الكتاب وهو تجربة ملحد وصل إلى الله عز وجل.