- محاضرات خارجية
- /
- ٠22ندوات مختلفة - لبنان
مقدمة :
المذيع:
الحمد لله وكفى، وسلام على أحبابه وصفا، صاحب الفضيلة صاحب الدار فضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي، أصحاب الفضيلة العلماء، أيها الحضور الكريم؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عذراً على التأخير، وأمام هذا الصرح وفي بداية هذا اللقاء العلمي لابد أن نذكر من كان له دور في نشر العلوم والمعرفة مع المرحوم الشيخ يوسف الحسيني رحمه الله، وأسأل الله تعالى أن يكون ما قدم في ميزان حسناته.
أيها الأخوة الكرام؛ الشباب باكورة الأمم، منهم العلماء والشباب، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالشباب خيراً، وقدم أسامة بن زيد قائداً على الجيش على الرغم من حداثة سنه، وهذا الشأن أبرز دور الشباب، واليوم شباب أمة الإسلام في هذا الوقت بعضهم في زمن الفتنة والبلاء، وجعلوها على المنكرات واللهو، وحول هذا الواقع لدراسة هذا الموضوع الشباب والإسلام شرفنا صاحب الفضيلة اليوم، ونحن نتشرف بحضوره في كل لحظة، وكل آن، لأنه علم من أعلام هذه البلاد، يشرفنا أن يكون في دارنا، ونحن مستمعون له إن شاء الله، عنيت به فضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي، ولد في دمشق عام 1938، التحق بمدارس دمشق الابتدائية والثانوية ثم بدار المعلمين، بعد ذلك التحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، ونال شهادة الليسانس في آداب اللغة العربية وعلومها، وفي عام 1966 نال دبلوم التأهيل التربوي بتفوق، ثم التحق بجامعة ليون، ونال شهادة الماجستير في الآداب، وإلى درجة الدكتوراه حيث نالها من الجامعة البريطانية، وكانت تحت موضوع: تربية الأولاد في الإسلام، ضيفنا الكريم لزم دراسة العلم الشرعي في وقت مبكر من حياته، ونال إجازة في رواية الحديث الشريف من الدكتور مفتي الصالح رحمه الله، عمل في حقل التعليم الثانوي والجامعي، وهو أستاذ محاضر في كلية التربية في جامعة دمشق، ومدرس ديني في مساجد دمشق، وخطيب في مسجد العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله منذ عام ألف و تسعمئة و أربع و سبعين، وهو أيضاً مدير معهد تحفيظ القرآن في معهد جامع النابلسي، وعضو في العديد من اللجان التي شكلتها وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية، مثّل الجمهورية العربية السورية في العديد من المؤتمرات، وله العديد من الاطلاعات التلفزيونية على العديد من قنوات العالم العربي، متزوج، له ابنان وثلاث بنات، أسأل الله أن يجعلهم قرة عين له إن شاء الله، قبل أن ننتقل لمحاضرنا ننوه لأخواننا أهل الدعوة - ولهم منا كل الشكر - أهل العلم والمعرفة، ونأمل لكل أخواننا من جمعيات وروابط أن يكون لهم هذا الدور، وكل إن شاء الله يتنافسون على عمل الخير، ونحث على أيديهم جميعاً، وإلى محاضرنا الذي رأته العيون والقلوب، كلنا في شوق لسماع كلام يخترق القلوب، فالمنبر لك صاحب الفضيلة تفضل مشكوراً.
الناس على اختلاف مللهم و نحلهم نموذجان :
الدكتور راتب :
بارك الله بك.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد... فإنني أيها الأخوة أشكر من أعماق قلبي القائمين على هذا المجمع، وأنا أسميه قلعة من قلاع الإيمان، فهي إن دلت على شيء فعلى حسن الظن بي، وأسأل الله سبحانه وتعالى ألا أخيب ظنكم.
أيها الأخوة الكرام: قبل كل شيء إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيم استعملك؟ لأن الناس على اختلاف مللهم ونحلهم وأجناسهم ودياناتهم وطوائفهم ومذاهبهم لا يزيدون عن نموذجين، نموذج عرف الله، وعرف منهجه، وانضبط بمنهجه، وأحسن إلى خلقه، فسعد في الدنيا والآخرة، ونموذج آخر غفل عن الله، وتفلت من المنهج، وأساء إلى الخلق، فشقي في الدنيا والآخرة، ونسأل الله جلّ جلاله أن نكون من النموذج الأول، قال تعالى:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
سعي متنوع بشكل لا يحصر، لكن هذا السعي المتنوع ينصب في حقلين:
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
صدق بالحسنى، أي أنه مخلوق للجنة، بناء على هذا الاعتقاد اليقيني اتقى أن يعصي الله، وبناء على سعيه لهذه المرتبة العالية في الجنة بنى حياته على العطاء، مكافأة الله له أنه يسره لما خلق له من سعادة الدنيا والآخرة.
﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾
وأما النموذج الثاني الذي بخل واستغنى وكذب بالحسنى، كذب بالجنة وآمن بالدنيا، يعبد شهوته من دون الله، يعبد المال، كذب بالحسنى وآمن بالدنيا، بناء على هذا الاعتقاد أو التوهم بخل، وبناء على هذا استغنى عن طاعة الله، صدق بالدنيا لم يصدق بالحسنى، واستغنى عن طاعة الله، وبنى حياته على الأخذ.
لذلك الأنبياء جاؤوا إلى الدنيا أعطوا كل شيء ولم يأخذوا شيئاً، والطغاة أخذوا كل شيء ولم يعطوا شيئاً، والناس جميعاً أتباع نبي أو قوي، أتباع الأنبياء سلاحهم مكارم الأخلاق، ملكوا القلوب، والأقوياء ملكوا الرقاب، وشتان بين من يملك القلوب وبين من يملك الرقاب، فإذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيم استعملك؟ يقول الله عز وجل:
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾
((عَنْ عُثْمَانَ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ))
السلامة و السعادة مطلب كل إنسان على سطح الأرض :
أيها الأخوة الكرام؛ على وجه الأرض ستة آلاف مليون إنسان، ليس فيهم واحد إلا ويتمنى السلامة والسعادة، هذه فطرة، وتلك جبلة، وهذه خصيصة، ولكن لماذا يكون الشقاء؟ لأن هناك نقصاً في العلم، أهل النار وهم في النار ماذا يقولون:
﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾
ما منا واحد إلا ويحب وجوده، وسلامة وجوده، ويحب كمال وجوده، واستمرار وجوده، لكن وجوده وسلامة وجوده وكمال واستمرار وجوده يبنى على تطبيق تعليمات الصانع، الإنسان أعقد آلة في الكون، والتعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولهذا المخلوق الأول صانع حكيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، فانطلاقاً من فرط حبك لذاتك ينبغي أن تطيع الله عز وجل.
أيها الأخوة الكرام؛
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾
ما من إنسان على وجه الأرض إلا ويتمنى السلامة والسعادة، ماذا ينبغي أن نعمل؟ ينبغي أن نبحث عن خالقنا، وربنا، ومسيرنا، وعن واجب الوجود، وينبغي أن نتعلم أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى، ينبغي أن نتعلم منهجه القويم الذي يوصلنا إلى أهدافنا بسلام وراحة.
من عرف سرّ وجوده و غاية وجوده صحت حركته :
أيها الأخوة الكرام؛ سؤال دقيق: كل إنسان في الحياة له حركة، ومصيره متعلق بحركته، قد تكون حركة خيرة معطاءة نافعة، وقد تكون حركة شريرة مخربة، وترون وتسمعون كيف أن الإنسان قد يفعل فعلاً تضج منه السموات والأرض، متى يصح عمل الإنسان أو حركته في الحياة؟ سأقرب هذه الحقيقة بمثل: ذهبت لبلد أجنبي ونزلت في أحد الفنادق، واستيقظت في اليوم الأول، وسألت: إلى أين أذهب؟ نسألك نحن: لماذا جئت إلى هنا؟ إن كنت جئت طالب علم فاذهب إلى المعاهد والجامعات، وإن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، وإن جئت سائحاً فاذهب إلى المقاصف والمتنزهات، متى تصح حركة الإنسان؟ إذا عرف سرّ وجوده، لو كبرنا هذا المثل لماذا نحن في الأرض؟ لا تصح حركتنا إلا إذا عرفنا سرّ وجودنا وغايته، لو فتحنا قرآننا الكريم ماذا يقول خالق السموات والأرض؟ يقول:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
والعبادة في أدق تعاريفها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، العبادة علة وجودنا، وهي الهدف الأكبر من وجودنا.
أيها الأخوة؛ إذا عرفنا سرّ وجودنا جاءت أعمالنا منسجمة مع هدفنا، أرأيت إلى طالب يذهب إلى بلد أجنبي، فإذا كان الهدف واضحاً جداً، كل حركته في هذا البلد، وكل جزئيات تصرفاته مربوطة بهذا الهدف، إن أراد أن يستأجر بيتاً فسوف يستأجره قريباً من الجامعة، هدفه نيل الشهادة العليا، فاختيار مكان البيت متعلق بالهدف، إن أراد أن يصاحب صديقاً يصاحبه ليتقن لغة هذا البلد، يتعلم منه، فاختيار الأصحاب متعلق بهدفه، لو أراد أن يشتري مجلة يشتري مجلة متعلقة باختصاصه لينتفع بها، لو أراد أن يأكل يأكل طعاماً يعينه على الدراسة، فإذا توضح الهدف جاءت كل جزئيات الحركة منسجمة ومتفقة مع هذا الهدف.
أيها الأخوة الكرام؛ أيها الأخوة الشباب؛ نحن في البدايات حينما يتعلم الشاب حقائق الكون، والحقائق الكبرى في الحياة، هذا التعلم لا يعلو عليه هدف، لأنه سيحدد مصيره.
أيها الأخوة؛ للتوضيح مظلي قد يجهل شكل المظلة، أهو بيضوي أم دائري أم مستطيل أم مربع؟ وقد يجهل عدد الحبال ونوع القماش، يجهل أشياء كثيرة، لكن شيئاً واحداً إذا جهله نزل ميتاً، طريقة فتح المظلة، في الحياة علم يجب أن يعلم بالضرورة، وهو فرض عين على كل إنسان من أجل سلامته وسعادته، هناك من يتوهم يقول: إنني مهندس، ذاك يقول: إنني طبيب، الطبيب والمهندس ومن يحمل أعلى الشهادات قد يكون أمياً في حقائق الكون الكبرى، في سرّ وغاية وجوده، كما أن العالم الكبير في الدين أمي إذا أطلعته على تخطيط قلب، لا يفقه فيه شيئاً، فلابد من معرفة ما ينبغي أن يعرف بالضرورة، قد تجهل أشياء كثيرة ولا تجهل حياتك بجهلها، لكنك إذا جهلت لماذا أنت في الدنيا لا تأتي الحركة متفقة كما ينبغي.
أيها الأخوة الكرام؛ الحقيقة الأولى في هذا اللقاء الطيب متى تصح حركة الإنسان في الحياة؟ إذا عرف سرّ وغاية وجوده، إما أن يستنبط ذلك من تفكره في خلق السموات والأرض، وإما أن يفتح كلام الله ليقرأ قوله تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
العبادة كما قلت قبل قليل طاعة طوعية، لو أنها قسرية ليست عبادة، ممزوجة بمحبة قلبية، من أطاع الله وما عبده لن يحبه، ومن أحبه ولم يطعه ما عبده.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعتــــــه إن المحب لمن يحب يطيــــع
***
السؤال الثاني: متى يسعد الإنسان؟ وسوف أضع بين أيديكم مثلاً واقعياً لتقريب المعنى المجرد؛ طالب على مشارف التخرج، وعنده مادة أساسية من أهم مواد التخرج، ويبنى على تخرجه تعيينه في وظيفة مرموقة، ويبنى على تعيينه في وظيفة مرموقة زواجه ممن يحب، جاء أصدقاؤه قبل الامتحان بيومين، وأخذوه لمكان جميل جداً، مناظر رائعة، إطلالة رائعة، وأطعموه أطيب الطعام، وآنسوه أطيب المؤانسة، لماذا يشعر بالانقباض؟ لأن هذه الحركة لا تتناسب مع هدفه، هذا الطالب لو جلس في غرفة قميئة مظلمة، ومعه الكتاب المقرر، وقرأه واستوعبه لشعر براحة ما بعدها راحة، متى يشعر الإنسان بالسعادة؟ إذا جاءت حركته مطابقة لهدفه، التاجر إذا كان البيع قليلاً، والأسواق راقدة، والبضاعة مكدسة في المستودعات، وهو مرتاح يشرب الشاي والقهوة، ويقرأ الجرائد، لماذا يشعر بضيق لا يحتمل مع أنه مرتاح؟ أما حينما يقف على قدميه، وينسى أن يأكل لشدة البيع، فهو في قمة سعادته، حينما تأتي حركتك مطابقة لهدفك تسعد.
تصح حركتك إذا عرفت سرّ وجودك، وتسعد إذا جاءت هذه الحركة مطابقة لهدفك.
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة :
أيها الأخوة الكرام؛ الإنسان ينبغي أن يعرف نفسه، هو المخلوق الأول رتبة، ركّب الملك من عقل بلا شهوة، وركّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فهذا الذي شرد عن الله شرود البعير، ولم يتعرف إليه، ولم يقف عند دقائق منهجه، وأساء على خلقه، شقي في الدنيا والآخرة.
أيها الأخوة الكرام؛
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
دقق واحد في الأرض وأصفار إلى الشمس كل ميليمتر صفر، كم هذا الرقم؟ واحد في الأرض ومئة وستة وخمسون مليون كيلو متر أصفاراً، وكل ميليمنر صفر، هذا الرقم - وأخوتنا الذين درسوا الرياضيات يعرفون الحقيقة- إذا نسب للانهاية قيمته صفر:
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
الدنيا أحقر من أن تكون عطاء أو عقاباً لإنسان:
((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
اعتماد القرآن على قيمتي العلم و العمل للترجيح بين البشر :
لكن بآية ثانية:
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
لي وقفة متأنية عند هذه الكلمة، كلمة عظيم لو قالها طفل صغير، قال لك: أنا معي مبلغ عظيم، كم تقدر هذا المبلغ؟ بمئتي ليرة، خمسمائة ليرة، ألف ليرة، لو قال مسؤول كبير بالبنتاغون: رصدنا لحرب العراق مبلغاً عظيماً، كم تقدر هذا المبلغ؟ بمئتي مليار، من مئتي ليرة إلى مئتي مليار بحسب القائل أليس كذلك؟ إذا قال خالق السموات والأرض:
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
قيمة العلم أعلى قيمة، نحن في الحياة الدنيا هناك قيم نعتمدها في الترجيح بين الناس، من هذه القيم قيم المال، والذكاء، والوسامة، والقوة، لكن القرآن الكريم اعتمد قيمتين ليس غير، اعتمد قيمة العلم وقيمة العمل قال:
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾
وقال:
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾
وقال:
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
ليس في القرآن الكريم كله من آية اعتمدها خالق الإنسان للترجيح بين البشر كقيمتي العلم والعمل، لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإن أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإن أردتهما معاً فعليك بالعمل، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، والجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.
تكليف الإنسان بحمل الأمانة بعد أن أعطي مقوماتها :
أيها الأخوة الكرام؛ كلفك الله حمل الأمانة قال تعالى:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
ما هي الأمانة؟ هي نفسك التي بين جنبيك.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
تتزكى النفس بتعريفها بربها، وتتزكى بتعريفها بمنهج ربها، وباتصالها به.
﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
أبقاها جاهلة، وجعلها متفلتة من منهج الله، وحملها على إيذاء خلق الله، فشقي في الدنيا و الآخرة.
أيها الأخوة الكرام؛ ما كلفك الله حمل الأمانة إلا بعد أن أعطاك مقوماتها، من أولى مقومات حمل الأمانة هذا الكون الذي بين أيدينا، والكون يقابله في القرآن الكريم السموات والأرض، والسموات والأرض مصطلحٌ قرآني، أي الكون، والكون ما سوى الله، الله واجب الوجود وما سواه ممكن الوجود، هذا الكون يكاد ينطق بكل شيء فيه أن الله موجود وواحد وكامل، لكن نحتاج إلى تفكر قال تعالى:
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾
هناك أمر إلهي، بل جاء هذا الأمر على شكل خبر، وهو عند علماء البلاغة أبلغ من أن يكون إنشاء:
﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾
صيغة الخبر أبلغ من صيغة الأمر، لو أن الهل قال للنساء: يا أيتها النساء أرضعن أولادكن حولين كاملين لما كانت في مستوى أنه شيء واقع لا يمكن أن نحيد عنه.
﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾
هذا شأن الأم، وشأن الإنسان أن يتفكر في خلق السموات والأرض.
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
آيات الله الدالة على عظمته :
أيها الأخوة؛ بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، لو أردت ن تصل لهذا الكوكب الصغير القريب بمركبة أرضية لاحتجت لخمسين مليون عام، من أجل أن نصل لأقرب نجم ملتهب، متى نصل لنجم القطب؟ نحتاج إلى أربعة آلاف سنة ضوئية، متى نصل إلى المرأة المسلسلة؟ بعد مليوني سنة ضوئية، متى نصل إلى بعض المجرات التي تبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية؟
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
يقسم الله عز وجل، إن أقسم فبالنسبة إلينا، وإن لم يقسم فلذاته العلية.
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
أيها الأخوة؛ بين الأرض والشمس مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر، يقطعها الضوء في ثماني دقائق، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي أن جوف الشمس يتسع لمليون وثلاثمئة ألف أرض، و في برج العقرب نجم صغير أحمر اللون، متألق، اسمه قلب العقرب، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، هذا الإله العظيم هل يعصى؟
أيها الأخوة الكرام؛ شيء آخر – الله جل جلاله وعزّ نواله – قال:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾
يا ربي بعوضة في القرآن؟
((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))
استمعوا لما قاله العلماء وما قدموا من صور إلكترونية عن البعوضة، قالوا: في رأسها مئة عين، في فمها ثمانية وأربعون سناً، في صدرها ثلاثة قلوب؛ قلب مركزي، وقلب لكل جناح، وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسامان، وتملك البعوضة جهازاً لا تملكه الطائرات التي قصفت، جهاز استقبال حراري، البعوضة لا ترى الأشياء لا بشكلها، ولا بحجمها، ولا بلونها، ترى الأشياء بحرارتها، جهاز الاستقبال الحراري حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية، لو أنها في غرفة مظلمة لا ترى إلا النائم، لأن حرارته سبعة وثلاثون تأتي إليه، ما كل دم بناسبها، معها جهاز تحليل دم، فقد ينام أخوانه على سرير واحد يستيقظ الأول وقد ملئ جبينه بلسع البعوض، والثاني لا شيء عليه، معها جهاز استقبال حراري راداري، ومعها جهاز تحليل للدم، لكن الإنسان إذا وقعت عليه بعوضة وغرست خرطومها في جلده يقتلها، معها جهاز تخدير، لا تشعر بوخز خرطومها إلا بعد أن تطير، لأنها استخدمت جهاز التخدير، ومعها جهاز تمييع للدم، لأن لزوجة الدم قد لا تسري في خرطومها، من جهاز رادار إلى تخدير إلى تحليل إلى تمييع، ولو فحصت خرجومها لوجدت فيه ست سكاكين، أربع سكاكين تحدث جرحاً مربعاً وسكينان يلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم، وفي أرجل البعوضة مخالب إذا وقفت على سطح خشن، ومحاجم إذا وقفت على سطح أملس، يقول الله عز وجل:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾
آيات القرآن الكريم يجب أن يكون لك منها موقف، إذا قرأت آية أمر ماذا تقتضي هذه الآية؟ أن تطيع الله، وإن قرأت آية نهي ماذا تقتضي هذه الآية؟ أن تترك ما نهاك الله عنه، وإذا قرأت آية كونية تقتضي هذه الآية أن تتفكر في خلق السموات والأرض.
﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
أيها الأخوة؛ قبل شهر أو أكثر وقع تحت يدي بحثاً عما يسميه علماء الطب: المشيمة، ويسميه العوام: الخلاص، الطفل حينما يولد ينزل معه قرص من اللحم يسمى خلاصاً، يوضع في الحاوية أو يدفن، من يصدق أن في هذه المشيمة من آيات الله الدالة على عظمته ما لا يصدق؟ وظائف المشيمة لو أوكلناها إلى أعلم علماء الطب لمات الجنين في ساعة واحدة، ماذا يوجد في المشيمة؟ في المشيمة تلتقي دورة دم الأم مع دورة دم الجنين تلتقيان ولا تختلطان، لأنك إذا أعطيت إنساناً دماً من غير زمرته يموت فوراً لانحلال دمه، لابد من ألا يختلط دم الجنين ودم الأم، بينهما غشاء عاقل، هذا الغشاء يأخذ من دم الأم ما يحتاجه الجنين بنسب تتبدل كل يوم، ثم يأخذ من دم الأم الأوكسجين ليحرق السكر في دم الجنين، هو جهاز هضم وتنفس، ثم يأخذ هذا الجهاز العاقل من دم الأم كل مناعة الأم لتقي الجنين من إصابته بأمراض الأم، ثم يعيد هذا الغشاء إلى دم الأم ثاني أكسيد الكربون، ناتج احتراق المواد السكرية مع الأوكسجين، وحمض البول، والمواد السامة، هو كلية وتنفس للجنين، وهناك أبحاث طويلة تتحدث عن الغشاء العاقل.
العلم أخطر شيء في حياة الإنسان :
أيها الأخوة الكرام؛ نحن نتحدث عن هذا الشاب الناشئ في طاعة الله، ينبغي أن يعرف سرّ وجوده وغايته، فما لم تكن هناك مناهج تعرفه بسرّ وغاية وجوده، وما لم تكن هناك مناهج تعطيه الوسائل الصحيحة والدقيقة والمتفق عليها لوصوله إلى هدفه لن يجدي التعليم العشوائي، ولا التعليم الذي لا ينطلق من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم شيئاً.
أخوتنا الكرام؛ أخطر شيء في حياة الإنسان العلم، حينما تعرف تتحرك وفق الصواب، وإن لم تعرف تتحرك حركة عشوائية، فإن كان من ورقة رابحة بأيدينا هي أولادنا، وشبابنا هم الطاقة الكبيرة، من يصدق كما تفضل الأستاذ الجليل أن صحابياً لا تزيد سنه عن ثمانية عشر عاماً كان قائداً لجيش فيه أبو بكر وعثمان وعلي؟ الإسلام يرعى كل الأعمار، طفل صغير يلعب مع رفاقه مرّ بهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفرق الصغار وبقي هذا الطفل واقفاً بأدب، لفت نظر سيدنا عمر قال له: لمَ لم تهرب مع من هرب؟ قال: أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك، ولست مذنباً فأخشى عقابك، والطريق يسعني ويسعك.
الشباب قوة الأمة و درعها الحصين :
أيها الأخوة؛ والله الذي لا إله إلا هو ما من عمل على وجه الأرض أخطر بالنسبة لهذه الأمة وما أصابها من محن من تربية أولادها، ومن توجيه شبابها، فالشباب قوة الأمة، هم القوة المتطلعة الفاعلة، إذا ضاع الشباب ضاعت الأمة.
أيها الأخوة الكرام؛ كل الإنجازات الضخمة خلفها شباب، وريح الجنة في الشباب، والإسلام رعى الشباب.
يروى أن رجلاً كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محسوب على المسلمين، جاءت غزوة مؤتة فلم يقدم شيئاً، بينما الصحابة الكرام تنافسوا على تقديم أموالهم وما عندهم في سبيل هذا الجيش، لفت نظره أن عمه وهو زوج أمه لا يتبرع، فالنتيجة قال له: والله يا عم ما على وجه الأرض من إنسان أحب إليّ بعد رسول الله منك ولكنك لا تتقدم ولا تتأخر، فقال كلمة قال: والله لو أن محمداً صادقاً فيما يقول لكنا شراً من الحمر.
نطق بكلمة الكفر، لو أنه صادق لكنا كذا، هذه الكلمة ساءت هذا الغلام حرصاً قال: والله لا أستطيع إلا أن أنقلها للنبي، لأنك معدود أنك من أصحابه، فلما دعاه النبي حلف أيماناً كاذبة وشدد على أن هذا الطفل يكذب، ثم نزل الوحي يصدق هذا الغلام، فأمسك النبي عليه الصلاة والسلام بأذن الغلام وقال له: صدقك الله يا غلام، الغلام له شأن كبير في الحياة الإسلامية، وهذا الرجل عاد إلى الله، وتاب توبة نصوحة، وضاعف إكرامه لهذا الغلام، وكان كلما ذكر هذا الغلام يقول: هو سبب توبتي، هذا الإسلام مبني على التناصح.
أيها الأخوة الكرام؛ عمير بن وهب له ابن وقع أسيراً عند المسلمين، فقال لصفوان بن أمية: والله لولا أطفال أخشى عليهم العنت من بعدي، ولولا ديون ركبتني ما أطيق سدادها، لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه، فانتهزها صفوان مناسبة فقال: أما أولادك فهم أولادي ما امتد بهم العمر، وأما ديونك فهي عليّ بلغت ما بلغت، وقم بما أردت، تروي القصة أنه سقى سيفه سماً، وركب راحلته، وذهب للمدينة، والظاهر ليأخذ ابنه من قيد الأسر، فلما وصل إلى هناك سيق إلى النبي فقال له النبي الكريم: يا عمير ما الذي جاء بك إلينا؟ قال: جئت أفدي ابني من أسره، قال: وهذه السيف التي على عاتقك؟ قال: قاتلها الله من سيوف وهل نفعتنا يوم بدر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: يا عمير ألم تقل لصفوان لولا ديون ركبتني ما أطيق سدادها، ولولا أطفال أخشى عليهم العنت من بعدي لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه؟ فوقف وقال: أشهد أنك رسول الله، إن هذا الذي جرى بيني وبين صفوان لا يعلمه أحد إلا الله وأنت رسوله، بقي صفوان ينتظر خبراً ساراً فإذا بالركبان يأتونه بخبر إسلام عمير بن وهب.
الحرص على تربية الأولاد بالتغذية الصحيحة المبنية على منهج الله و نبيه :
أيها الأخوة الكرام: نحن بحاجة لتغذية صحيحة، هذا البراد الذي يوضع فيه الماء في السيارة له فتحة علوية، وصنبور سفلي، الذي تضعه في فتحته العلوية تأخذه من صنبوره السفلي، أليس كذلك؟ كل إنسان يتغذى، اسأل نفسك هذا السؤال: أنت ماذا تغذي أولادك؟ الذي تغذيهم به سينطقون به، ويتغذون من خلاله، فما لم نحرص على تربية أولادنا صغاراً وشباباً بالتغذية الصحيحة المبنية على منهج الله عز وجل ومنهج نبيه صلى الله عليه وسلم فإن التغذية الخاطئة الأخرى لن تجعلنا نرضى عنهم إطلاقاً، لكن المشكلة أن معظم الناس إما لانشغالهم وإهمالهم، أو جهلهم بخطورة تقصيرهم، قد يدعون أولادهم لتغذيات ليست إسلامية، ثم يفاجؤون أن أولادهم قد انحرفوا، ما لم تكن فوق ابنك من وقت مبكر وتلزمه وتحرص على صديقه فإن النتائج لن تكون مرضية، ثبت أن تأثير الصديق على صديقه يصل لستين بالمئة، وما يأخذه من أمه وأبيه ومعلمه لا يرقى لأربعين بالمئة، فما لم تعلم من هو صديق ابنك ولم تتأكد من حسن التغذية الثقافية التي ينهلها ابنك فإن الأمر جد خطير.
كيفية إصلاح الشباب :
أيها الأخوة الكرام؛ لابد من ربط الكليات بالجزئيات، كيف نصلح شبابنا؟ حينما نكون قدوة لهم؟ القدوة قبل الدعوة، أقول لكم كلمة صريحة أيها الآباء و أيتها الأمهات: لا تطمعوا أن يكون ابنكم كما تريدون قبل أن تكونوا قدوة له، لأن الأولاد يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، فيكفي أن تكذب الأم أمام زوجها على مسمع من ابنتها، إنها لقنتها درساً في الكذب دون أن تشعر، وحينما يدخن الأب فكأن ابنه يرى أن الدخان شيء مقبول، فلذلك ما لم نكن قدوة لأولادنا لا سبيل لإصلاحهم.
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾
هذه واحدة القدوة قبل الدعوة.
الشيء الثاني: الإحسان قبل البيان، قبل أن تلقي محاضرة عليه يجب أن يشعر بعطفك ورحمتك وحنانك، كل أب محترم، وكل أم محترمة، لكن ما كل أب يحب، وما كل أم تحب، لا يحب الأب إلا إذا كان محسناً، فالقدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، الأصول قبل الفروع، قبل أن تضربه على الصلاة هل عرفته بالله الذي يصلي له؟ ما لم تربط كليات الدين بالجزئيات فلا سبيل لإصلاح الابن، كل جزئية من سلوكه ينبغي أن تربط بهدف كبير، وهذا شيء مهم في التربية، فالأصول قبل الفروع، والقدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، المضامين لا العناوين، لا تكن شكلياً بمعنى أنك تضحي بالأهداف الكبرى من أجل شكليات لا تقدم ولا تؤخر، المضامين لا العناوين، والمبادئ لا الأشخاص، في أصول التربية يجب أن تعطي ابنك الأصول والمبادئ قبل أن تجعله يعظم زيداً وعبيداً وهو لا يفقه لما يعظم.
أيها الأخوة الكرام: هذه بعض المبادئ التي لا بد من أن يؤخذ بها في موضوع تربية الأولاد، لكن ألح وأركز على أنه ما لم يكن الأب والأم والمعلم والمعلمة قدوة لمن يعلم فلا يرجى من التربية والتعليم شيئاً، وما لم تكن المناهج مستقاة من وحي السماء ومن كتاب الله وسنة رسول الله فإن الأمر جد خطير، ولا تقولوا ماذا نفعل؟ هذه حقائق مرة، وهي أفضل ألف مرة من الوهم المريح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع:
نشكر فضيلة الدكتور على ما أجاز به، وأرجو من الجميع إعطاء الفرصة بكتابة أي سؤال، لأن وجود فضيلة الدكتور بيننا هو أمر لا يعوض في كل دقيقة.
قد وردنا سؤال في البداية وأظنه يحتاج لمحاضرة كاملة: ما هو دور الشباب المسلم في ظلّ المتغيرات الدولية وملاحقة الأنظمة على ما وصفها السائل؟
بناء النفس ينتهي بالنصر الأكيد :
الدكتور راتب :
أيها الأخوة؛ أنا مؤمن إيماناً لا يتزعزع أنه ما لم يبن كل منا بناء صحيحاً، وما لم يحتل موقعاً صحيحاً يعمم خبرته ويطورها ثم يقدمها لأمته فلن نرجو خيراً، هؤلاء الذين ملكوا زمام المبادرة في العالم من مئتي عام يبنون أنفسهم بناء دقيقاً موضوعياً، فما لم نبن أنفسنا كيف؟ جميع الأخوة المواطنين لهم مواقع في الحياة، إذا كل واحد أقام الإسلام في نفسه، ثم أقامه في بيته، ثم في عمله، وأتقن عمله، وطوره، وقدمه هدية لأمته، هذا اسمه البناء، العمل البنائي ينتهي بالنصر الأكيد، أما أن نكتفي بمتابعة الأخبار وتوزيع الألقاب و التهم على الآخرين ولا نفعل شيئاً فهذا سلوك المنهزمين.
أيها الأخوة؛ حقيقة أتمنى أن تكون واضحة لديكم: هناك أناس ضيقو الأفق رسموا أهدافاً شبه مستحيلة، فإما أن تحقق أو لا يفعلون شيئاً، وبإمكانك أن تفعل مليون شيء، وأهدافك الكبرى غير محققة، هذا الدين كالهواء للإنسان، هذا دين الله عز وجل، يمكن أن تقيم الإسلام في بيتك وعملك ونفسك، وأكثر من ذلك إذا أقمت الله فيما تملك كفاك ما لا تملك، وإبليس من تلبيسه على المسلمين أن الأعمال التي بقدرتهم أن يفعلوها لا يفعلوها، وأن الأشياء المستحيلة يدفعهم إليها، في النهاية لم يفعلوا شيئاً، بقي الإسلام ظاهرة صوتية.
المذيع:
السؤال الثاني: من المعروف أن الأهل هم الذين يحثون أولادهم على العبادة وخاصة الصلاة، ولكن كيف يمكن للأبناء أن يحثوا أهلهم على إقامة الصلاة؟
العبادة لله والإحسان للوالدين :
الدكتور راتب :
والله لا أعتقد أن الابن الذي أنجبه أبوه يستطيع أن يأمره أو ينهاه، لكنه بإحسانه لوالديه يستطيع حثهم بشكل أو بآخر على الصلاة، لا يمكن أن تؤثر بوالديك إلا إذا كنت عالي المستوى في الإحسان إليهم، لذلك الله عز وجل قال:
﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾
العبادة لله والإحسان للوالدين، والله أذكر رجلاً في الشام واقع في مشكلة مالية كبيرة جداً فوق طاقته، ولا ينام الليل، دخلت عليه ابنته الصغيرة وقالت له: يا أبت قم فصلِّ، واخز الشيطان، وادع الرحمن أن يحل هذه المشكلة، أقسم لي بالله أنه تاب على يد ابنته الصغيرة، في الروضة قبل الابتدائي، فإذا كان الطفل قريباً من والديه ومعه منطق وحجة يمكن أن يقنع، بعض المعاهد في دمشق تسأل الأب: هل يصلي ابنك في البيت؟ فالأب يقع في إحراج شديد، أحياناً يصلي كي لا يفتضح أمام أولاده.
المذيع:
السؤال عن قضية فلسطين ذكرتم في حواراتكم والأخ الثاني يسأل عن حديث الإسلام الجهاد فنرجو منك التركيز.
جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي :
الدكتور راتب :
أيها الأخوة؛ الجهاد من السذاجة وضيق الأفق أنه إذا قلنا جهاداً تصورنا القتال، تصور أن الإنسان ينبغي أن يجاهد نفسه وهواه أولاً، هذا الجهاد كيف يوجد في التعليم تعليم أساسي ثم ثانوي ثم جامعي ثم دكتوراه، جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي، والمهزوم أمام نفسه وشهواته وغرائزه ومصالحه ورغائبه لا يستطيع أن يواجه نملة، فقبل كل شيء جهاد النفس والهوى، النبي ربّى أصحابه أعواماً مديدة، الجهاد الثاني الجهاد الدعوي:
﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾
يجب أن تعرف هذا الإنسان لماذا خلقت، ولماذا جيء بك إلى الدنيا، وما الذي يسعدك ويشقيك.
﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾
بالقرآن،
﴿جِهَاداً كَبِيراً﴾
فبدءاً بجهاد النفس والهوى ومروراً بالجهاد الدعوي ثم البنائي:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ ﴾
يجب أن نبني هذه الأمة والوطن، كل في موقعه، إتقان العمل جهاد، والصدق والأمانة والإنصاف والتواضع جهاد، فحينما تبني وطنك وأمتك بناء صحيحاً إذا صح جهادنا الدعوي، وصح جهاد النفسي والهوى، وإذا صح الجهاد البنائي ينتظر أن ننجح في الجهاد القتالي، أما هذا الذي يقفز من الجهل والتفاهة والانسياق وراء الغرائز إلى الجهاد يزعم أنه الجهاد الوحيد فهذا لا أرى أنه قد ينجح في هذا الجهاد.
المذيع:
خطورة التعليم في عالمنا الإسلامي أنه لم يوضح حسب المنهج الإسلامي، والأخ السائل يقول إنه لا يرى موقفاً موحداً من العلماء لهذا الأمر فهل هذا خوف أو تقصير؟
ضرورة التوافق بين مناهج التعليم وبين وحي السماء :
الدكتور راتب :
والله أيها الأخ الكريم والسائل ما من مشكلة أراها أكبر من هذا الانفصال بين ما ينبغي أن نعلمه لأولادنا وبين ما يعلمون، الطفل أحياناً يشعر بانفصام في شخصيته، يذهب للمدرسة فيتعلم أن أصل الإنسان قرد، يأتي إلى الجامع فيتعلم أن البشرية بدأت بسيدنا آدم، فحينما يتعلم شيئاً في المدرسة وشيئاً في البيت حصل انفصام في شخصية المتعلم، فأتمنى أن يكون هناك توافق بين مناهج التعليم وبين وحي السماء، ولكن إن كان هذا مستحيلاً فينبغي أن يعتني الأب بأولاده عناية فائقة جداً من أجل أن يرمم هذا النقص، ويوضح ذاك التناقض.
المذيع:
كيف يمكن للشاب الذي تخطى العشرين عاماً من العمر أن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى أمام المتغيرات في هذا الزمن؟
إقناع الشاب بالأدلة و الإحسان إليه ليعود إلى الطريق القويم :
الدكتور راتب :
قيل: لاعب ولدك سبعاً، وأدبه سبعاً، وراقبه سبعاً، ثم اترك حبله على غاربه، أول مرحلة لا يجدي إلا الإكرام، لكن بعد الوعي وترسيخ القيم يجدي التأديب، أما في سن المراهقة فهناك حساسية كبيرة راقبه، لكن بعد الواحد والعشرين اجعله صديقاً لك، حاول أن تقنعه بالأدلة الدقيقة، وأن تحسن إليه، ولا تملك فوق ذلك، وإن نجحت في المراحل الثلاث الأولى يغلب على الظن أنك تنجح في المرحلة الثالثة الأخيرة.
المذيع:
ما حكم الاستهزاء بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
حكم الاستهزاء بأمر الله ورسوله :
الدكتور راتب :
هذا نوع من الكفر، هناك كفر اعتقادي، وكفر كلامي، وكفر عملي، يمكن أن يقع الإنسان في معاصي كثيرة، لكنه لا يستهزئ، هذا مغلوب على أمره، لكن حينما يستهزئ ويخف ويحقّر وينتقد هذا وقع في حالة أرجو الله أن ينجي شبابنا منها.
المذيع:
﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
طالب جامعي يتعلم العلم الدنيوي ليس الشرعي يسأل عن هذه الآية؟
انسجام كيان الإنسان مع سرّ وجوده يكون بالتعرف إلى الله واتباع منهجه :
الدكتور راتب :
العلم المعني بالقرآن الكريم أن تعرف الله، ومنهجه، وسر وجودك، وغاية وجودك، وأن يأتي عملك مطابقاً لمعتقدك، أما حينما أتقن اختصاصاً أنتفع به، وأنفع به الناس، لكن هذا الاختصاص لا ينجيني، ذكرت في مقدمة الكلمة أنك قد تجد أعلم علماء الدين أمام تخطيط قلب أمياً، وقد تجد إنساناً يحمل أعلى شهادة أمام حقائق الدين أمياً، فلا ينجي الإنسان أن يتعلم العلم المادي فقط، هذا نوع من الحرفة الراقية يسمونها: اختصاصات راقية فكرية، لكن هذه تبقى في الدماغ، أما حينما تتعرف إلى الله، وتتعرف لمنهجه، وتزكي نفسك بالاتصال به، يصبح كل كيانك منسجماً مع سر وجودك.
المذيع:
ما وصية فضيلتكم بالنسبة للآباء الذين يتركون أولادهم أمام فعل المعاصي كشرب الخمور بحجة أنهم سيقلعون عنها عندما يتذوقونها لأول مرة بأنفسهم؟
الابتعاد عن المعاصي و اتباع حدود الله :
الدكتور راتب :
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النهم
***
يوجد مشكلة خطيرة جداً، أحياناً يوجد معاص إذا توهمت أنك تفعلها وتتذوقها ثم تقلع عنها قد تكون واهماً، تماماً كما لو رأيت قنبلة تتساءل قنبلة ليست قنبلة فأمسكتها فإذا هي قنبلة فانفجرت، لم تبق لك وقت كي تنتفع من هذا الدرس، هناك معاص فيها صفة الإدمان، قال تعالى:
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ ﴾
تيار عال يكتب وزير الكهرباء أمامه: ممنوع الاقتراب من هذا التيار، لو قال: ممنوع مس التيار يوجد خطأ كبير، لأنك إذا اقتربت من التيار إلى مسافة أقلّ من ثمانية أمتار تصبح قطعة من الفحم، فهناك معاص تجذب، لو لم يعبأ الإنسان وانجذب قد لا تبقى عنده الإرادة على ترك المعصية، وقد يقع ضحية لها، وقد لا تبقي له وقتاً ينتفع بهذه التجربة، فأعظم شيء في الحياة أن تستخدم خبرة الخالق لكي تنجو.
﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾
المذيع:
شاب جامعي يقول: إذا ترك العلم من أجل الوظيفة فهل يحاسب على ترك العلم؟ وما السبيل إلى التوفيق بين العلم والوظيفة في آن معاً؟
قضية العلم قضية مصيرية :
الدكتور راتب :
فكرة دقيقة: سائق شاحنة يحمل عشرين طناً، مرّ على جسر مكتوب: الحمولة القصوى عشرة أطنان، نظر هل يوجد شرطة؟ الموضوع ليس موضوع شرطة، الموضوع موضوع سقوطك في النهر، فعندما يسأل نفسه: هل أنا آثم؟ الموضوع ليس إثماً، العلم الشرعي إن لم تتعلمه ستخطئ، وستقع بالظلم والعدوان، وستدفع ثمن المعصية كبير جداً، وستزل قدمك، فقضية العلم قضية مصيرية، طلب العلم فرض على كل مسلم كائناً من كان، لكن قلت: أي علم؟ العلم الذي يعلم بالضرورة، فإن لم تتعلم فتح المظلة نزلت ميتاً، الموضوع هالك أم ناج.
المذيع:
البعض يسأل عن قسوة القلب، ما نصيحتكم؟
قسوة القلب علامة البعد عن الله :
الدكتور راتب :
القرب من الله، علامة البعد عن الله قسوة القلب.
﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾
علامة قربك من الله رقة القلب، الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء:
(( إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي ))
المذيع:
قال تعالى:
﴿ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ﴾
نرجو أن تتكرم علينا بربط الإحصاء بين القرآن وعلم الإحصاء اليوم؟
الفرق بين العد و الإحصاء :
الدكتور راتب :
عندي في الصف خمسون طالباً أما الإحصاء فالمتفوقون كم واحد؟ الذين عندهم قدرة كلامية من؟ المتفوقون بالرياضيات من؟ من أمه مطلقة؟ من أبوه مثقف؟ من يوجد في بيته مكتبة؟ عندما تعرف وضع طالب طالب بكل ملابسات حياته، بتربيته المنزلية، بأمه، بأبيه، بأخواته، بصفاته، بقدراته العامة والخاصة، واللغوية، والفكرية، عندما تعرف كل شيء عنهم هذا أحصاهم، العد غير الإحصاء، عندما أقول: سكان لبنان كذا مليون فقط هذا عد، لكن أعرف الطاقة المنتجة، نسب الشباب، نسب الشيوخ، والمهن الصناعية والتجارية، كم واحد يحمل دكتوراه بالألف، أعطيك دراسات مطولة جداً عن بنية الشعب اللبناني هذا اسمه إحصاء، فالله عز وجل خبير بكل ما نفعل:
﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً﴾
العد شيء والإحصاء شيء.
المذيع:
ما هو حكم لبس البنطال تحت الجلباب وأليس حقاً ما ندعو به: اللهم بحقنا به أو بجاهنا به نسألك كذا وكذا؟
حكم لبس البنطال تحت الجلباب :
الدكتور راتب :
قبل البنطال الله عز وجل خصّ الرجال بعبادة يحضرون الجمع والجماعات ويحضرون الجهاد، وخص النساء بعبادة لا تقل خطورة عن عبادة الرجال، خصهم بعبادة أقترح أن تسمى عبادة إعفاف الشباب، حينما تستر المرأة مفاتنها، وتحفظ شبابنا من الفتنة والانحراف، تكون قد عبدت ربها بطريقة لا نشعر بها، إنها أبعدت من في الطريق عن أن يفتتنوا بها، هي تقول: لا يستطيع أحد أن يكلمني كلمة، صحيح، لكن ماذا فعلت بشاب بينه وبين الزواج عشرين سنة وأنت أظهرت مفاتنك أمامه؟ من أولى عبادات المرأة أن تعف الشباب عن الحرام بستر مفاتنها، فثياب المرأة متعلقة بدينها.
المذيع:
عملية الاستغاثة بالنبي عليه الصلاة والسلام أو السؤال بحقه أو بجاهه عليه السلام.
حكم الاستغاثة بالنبي أو بحقه :
الدكتور راتب :
حينما تتوهم أن للنبي إرادة مستق