- الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
- /
- ٠4الزكاة
الحمد للَّه ربِّ العالمين ، والصّلاة والسلام على سيِّدنا محمّد الصادق الوعد الأمين اللهمَّ لا علم لنا إلاَّ ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علَّمتنا وزْدنا علماً ، وأرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الزكاة :
أيها الأخوة الكرام ، تحدّثنا من قبل عن موضوع الزكاة ، وقد وعدْتكم اليوم أن أتحدَّث عن مصارف الزكاة وقبل أن أدخل في التفاصيل لا بدّ من كلمة عامة .
منذ أول رمضان أكثر الأسئلة تنصب حول موضوع واحد كيف يؤتي الإنسان زكاة ماله لأقرب الناس إليه ؟ وأحد الأسئلة الغريبة أنّ شخصاً معه مليون ليرة يستثمرها في عمل تجاري ، ودخلُه خمسة عشر ألفاً ، وهي لا تكفيه ، هل أعطيه زكاة مالي؟
الملاحظة الأولى ، الشيء العجيب أنَّ دافع الزكاة يريد أن تتجه الزكاة إلى أقرب الناس إليه ، ولو كان غنياً ، ولو كان له دخْل يمنع أن يأخذ الزكاة .
مصارف الزكاة :
أما الحكم الشرعي المُستَنبط من قوله تعالى وهي آية مصارف الزكاة .
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ﴾
بيّن الاستنباط أن الزكاة يجب أن تتجه إلى كل هذه المصادر ، فإذا كان معك مئة ألف زكاة فيجب أن توزعها بين كل هذه المصارف ، إذا كان هناك مصرف معطل - إن لم يكن هناك مؤلفة قلوبهم - لا مانع من ذلك ، أما أن توجَّه الزكاة كلها لمصرف واحد ، فهذا مما نهى عنه الفقهاء ، ولو تصورنا أن كل هذه المصارف موجودة ، فالأَولى أن توزَّع الزكاة إلى كل هذه المصارف مجتمعةً ، فإذا كان بعضها غير متوافر فالباقي .
لنأخذ احد هذه المصارف: للفقراء -جمع - لِمَ لمْ يقل الله عز وجل للفقير و قال للفقراء ؟
أيضاً استنبط العلماء من الجمع أن تتجه الزكاة إلى أحد هذه المصارف لأكثر من اثنين ، للجمع لثلاثة ، فالأَكمل أن تُنفَق الزكاة لكل هذه المصارف ، ولثلاثة أشخاص للمصرف الواحد ، هذا هو الأصل ، وهذا هو الأكمل .
ملاحظات متعلِّقة بمصارف الزكاة :
على كلٍّ هناك ثلاث ملاحظات متعلِّقة بمصارف الزكاة : حيثما كانت الزكاة توفيراً لك في الإنفاق فهي ليست زكاة ، فمثلاً ابنك في البيت ، وطبعاً الأصل أنَّ الأصول مهما علَت ، والفروع مهما دنَت ، والزوجة ، لا تجوز على هؤلاء الزكاة لأنك مكلَّف بالإنفاق عليهم شئت أم أبَيت ، فإذا أدَّيت لهؤلاء زكاة مالك فقد وفَّرت في مصروفك ، فإذا كان من المفروض أن تصرِف على أولادك خمسة آلاف ، و دفعت عليهم زكاة مالك ، فهذا معناه أنك لم تَدفع الزكاة إطلاقاً ، إذاً الأصل أن الزكاة إذا دُفِعَت إلى من تلزمك نفقته ، فأنت قطعاً لم تدفع الزكاة ، لأنك وفرت في مصروفك .
لكن هناك حالات نادرة ، وأنا لا أحب أن أفتي بها دائماً ، فمثلاً: أحياناً ابن مستقل عن أبيه في النفقة ، أي متزِّوج ، وله بيت ، وله أولاد ، والأب وضعه المادّي وسَط، لكن معه نصاب الزكاة ، وهذا الابن غارم عليه دين ، وهو بحاجة ماسَّةٍ للمال ، فهناك حالات نادرة جداً يمكن أن تعطى فيها الزكاة إلى من يستَقلّ عنك في النفقة .
وهناك حالة معاكسة ، مثلاً أختك في بيتك ، مُلزمٌ أن تُنفِق عليها ، فإذا أعطيتها الزكاة تكون قد وفَّرت في النفقة ، رغم أنَّ الأُصول مهما علَت ، والفروع مهما دنَت ، والزوجة ، لا تجوز لهم الزكاة ، إلا أن هناك حالات نادرة ، لو أنَّ أختك ، وطبعاً الأخت المستقلِّة في النفقة لا خلاف فيها ، لك أن تعطيها من الزكاة ، أمَّا ابنتك المتزوِّجة ، فالزكاة هنا ليست لابنتك بل لزوجها ، إذاً المقصود ألاَّ تكون الزكاة توفيراً في الإنفاق ، فإن كانت توفيراً في الإنفاق ، أي إنفاقاً من الإنفاق ، فهي ليست زكاة .
وهناك قاعدة ثانية أتمنَّى أن تأخذوا بها وهي : " الأقرَبون أَولى بالمعروف" ، أمَّا كَلمة الأقربون فهي قاعدة وليست حديثاً شريفاً ، إنَّما هي قاعدة فقهيّة ، الأقربون أي الأقربون من ثلاث زوايا ، الأقربون إلى الفقْر ، و الأقربون إلى الإيمان ، و الأقربون نسباً ، إذاً أمامك ثلاثة عوامل ، فبإمكانك لو تساوى عاملان أنْ تجعل الثاني مُرجِّحاً ، ولو تساوى أربعة عوامل تجعل الثالث مُرجِّحاً وهكذا . .
شخصان تساويا في الفقر ، نُرجِّح الأكثر إيماناً ، وقد سمعتُ قصَّة منذ مدة أنَّه عندما دُفعَت زكاة المال لإنسان اشترى بها قبل كلّ شيء فيديو ، فهل يصحّ أنه بمالِك الذي جنيتَه بتعبك وأنت مؤمن مستقيم أن تعطيه لشخص ليشتري به جهازاً له فيه فساد كبير !!
وهناك إحدى الجمعيّات لا أذكُر اسمها ، ومن دون أن تعلم قد اشترت بيتاً لإنسان فكان هذا البيت وكر دعارة في النهاية ، وهذه قصّة أعرفها تماماً .
الاجتهاد في وضع المال في مكانه الصحيح لا يقل عن دفع الزكاة :
أخواننا الكرام . .إذا ظننتَ أنه بمجرّد أن تلقي بهذا المال لجهة ما وانتهيت - لا لم تنته - فاجتهادك في وضع المال في مكانه الصحيح لا يقل عن دفع ، يوجد كثير من الناس يريد أن يدفع هذا المبلغ كيفما كان - قصص أعرفها تماماً - فقبل أن تدفع الزكاة لإنسان ، اسأل ربنا عزَّ وجل الذي قال :
﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾
وهذا لأنّهم مؤمنون ، لأنّهم أعزّة ، فالشخص الأخلاقي المؤمن الدَّيَّن الذي يمتلك الحياء ، الذي عنده خجل ، الذي عنده كرامة ، الذي عنده عزّة ، الذي لا يسأل ، الذي لا يلحّ، الذي لا يُلحِف ، أعطه هذا الزكاة ، إذاً يحتاج الأمر لاجتهاد ، لا تعرف اسأل ؟ أمّا أن يُلقي الإنسان بهذا المال جُزافاً فهذا أمر غير صحيح .
الأقربون إلى الفقر ، تساوَيا في الفقر ، الأقربون إلى الإيمان ، تساوَيا في الفقر و الإيمان ، فمن الممكن إذا تساوى معك عاملان أن تستخدم العنصر الثاني مرجّحاً بينهما ، فإذا تساوى الأول والثاني تستخدم الثالث مُرجّحاً بينهما ، إذاً الأَكمل أن تُدفَع الزكاة إلى كلّ مصارفها إن وُجدَت ، فإن لم توجد فللمصارف الموجودة ، والأَولى أن تُدفع لكل مصرف ثلاثة أشخاص ، لأنّ الصيغة صيغة جمع ، وهذا الأكمل .
عن زياد بن الحارث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته ، فأتى رجل فقال : أعطني من الصدقة ؟ قال : وزّع الصدقة ثمانية أجزاء ، وقال له: إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ، وهذا يعني أنّ النبي أراد أن تكون الصدقة موزّعة إلى كلّ مصارفها ، فهذا دليل .
قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها ))
فهو لم يقل اِدفعوا الصدقات لمن ترونه مناسباً ، معنى ذلك أنّ الله فوّض الأمر للنبي ، ولكن في هذا الموضوع لم يفوّض الله الأمر لأحد ، إن الله تعالى لم يرضَ بحكم نبيٍّ ولا غيره في الصدقات حتّى حكم هو فيها ، أو حتّى حكم فيها هو ، فجزّأها ثمانية أجزاء ، وقال له : إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتُك .
انتقاء ألطف العبارات عند إعطاء أخيك الزكاة :
أريد قبل أن أدخل في التفاصيل أن أوضّح بعض المبادئ العامّة وهي مهمّة جداً فالنقطة الثانية كما قال النبيّ عليه الصّلاة والسّلام:
(( لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلا اللُّقْمَةُ وَلا اللُّقْمَتَانِ ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ . وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ: لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ))
تجد أحدهم مرتدياً ثياباً أنيقةً ، ومرتّباً ، وبيته مرتّب ، لكن دخلُه أقلّ بكثير من مصروفه ، فلمَ لا نتركه بعزّته وكرامته وشأنه بين الناس وذلك بأسلوب لطيف جداً وبتواضع ؟ فأنا أحياناً أقول للأخ : إذا قبلت فقد فَضّلت عليّ ، وجَبرت خاطري ، وأنا إن شاء اللّه مكنني واحتجت فسأسألك ، فيشعر أنه مثلك تماماً ، لست أعلى منه بأيّ درجة ، وأنه فضّل عليك عندما أخذ منك ، وجبر خاطِرك ، فيقول : الحياة دَين ووفاء .
فواجبك أن تنتقي ألطف عبارة ، وأجمل أسلوب ، لتُشعر أخوك بأنك غال علينا وأننا أسرة واحدة ، وأنّ حاجتك هي حاجتنا .
مكافحة التسول و وضع الزكاة في مكانها الصحيح :
ونحن كما تحدّثنا في الدرس السابق يوجد كثير من المتسوّلين ، والتسوّل يجب أن يُكافَح ، في بعض البلاد والمدن وفي بلدنا لا يوجد فيها أي متسوّل ، والتسوّل ظاهرة غير حضاريّة ، فإنسان فقير له مأوى يأكل فيه ويشرب ، أمّا أن يتّخذ من التسوّل مهنة ، وقد سألوا صحابياً يبدو حالتك الماديّة جيّدة جداً ، فقال : إنّها قضيّة مبدأ ، فهو أربح من أيّ شيء، قد لا تصدّق أنّ أحدهم يمدّ يده فيقبض في يومه حوالي ثمانمئة ليرة ، ألف ، ألف وخمسمئة، ثمّ يغيّر ملابسه و يتّجه إلى بائع الحلويات ويطلب خمسة كيلو تواصي ، وقد كان قبل قليل متسوّلاً ثمّ غيّر كل ملابسه ، ويطلب الفواكه ، ومن دون حساب يعطيه خمسمئة ليرة ولا يطلب الباقي فهو لم يتعب في الحصول عليها ، فقط يمدّ يده ، ونحن نريد أناساً كرماء ، أناساً أعزّة ، لا تسأل ، تتعفّف ، وأقولها مرّة أُخرى : لو أنفقت أو دفعت زكاة مالك عشوائيّاً ، من دون اجتهاد ، من دون دراسة ، من دون سؤال ، فإنّ المشكلة لا تُحلّ ، لأنّ أجرك في اجتهادك في المكان المناسب لا يقلّ عن أجر دفع الزكاة أصلاً ، ونحن نحلّ مشكلة بالزكاة ، وقد قلت لكم مرّة : هذا الذي ذهب إلى الحجّ واشترى هدياً وذبحه وتركه في مِنى ، فتخيّل حوالي خمسمئة ألف غنمة مذبوحة ، و الحرارة ستّ وخمسون درجة ، وبعد فترة من الزمن أصبحت رائحة التفسّخ تسدّ الأنوف ، هل هذا هو الإسلام ؟ لا هذا ليس بالإسلام ، هذا الهدي أو هذه الدابّة يجب أن تصل إلى أفواه جائعة ، هذا هو الدِّين ، ومثله الزكاة ، يجب أن يصل هذا المال إلى مُستحقّ ، فهناك أشخاص بحاجة لعمليّات جراحيّة ، وأشخاص بحاجة لأساسيّات البيت ، إلى طعام ، إلى شراب ، وقد سمعت قصّة يُعتَصر لها القلب ، فتاة في المدرسة صفراء -لونها أصفر – تشعر بدوار دائماً ، وعندما سألوها قالت : نحن نأكل بالدّور ، الوجبة الصباحيّة يأكل فيها اثنان من أربعة ، واليوم لم يكن دوري بالطعام ، لا يوجد طعام يكفي كلّ الأولاد ، فهكذا أسرة تعيش بلا طعام ، بلا شراب ، ونحن نلقي المال جُزافاً .
إذاً أوّل فكرة يجب أن تجتهد في إعطاء المال لمن يستحقّ ، والشيء الثاني يجب أن تنوّع مصارف الزكاة ، والشيء الثالث المصرف الواحد ثلاثة أشخاص حدّ أدنى .
مقدار الزكاة :
أمّا المقدار ، فهذه نقطة دقيقة جدّاً ، قيل من مقاصد الزكاة كفاية الفقير وسدُّ حاجته فيُعطى من الصّدقة القدْر الذي يُخرجه من الفقر إلى الغنى ، ومن الحاجة إلى الكفاية على الدوام وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، أمّا أن حاجته ثلاثة عشر ألفاً وتقول له : خذ هذه الخمسمئة ، ماذا فعلتَ له إذاً ؟ أبقيتَه شحّاذاً ، البطولة أن تحوّل هذا الفقير من قابض زكاة إلى دافع زكاة ، أي إن استطعت أن تؤمّن له عملاً كآلة صغيرة ليعمل عليها ، أو درّاجة ناريّة ليوزّع عليها بضاعة مثلاً ، أو أن تُؤمّن له ماكينة صغيرة ليعمل تريكو ، أنا أرى هذا أكمل أنواع الزكاة ، أن تحوّله من قابض إلى دافع ، أن تفجّر هذه الطاقة المخبئة فيه، لا تبقه متسوّلاً ، لمرّة واحدة ، ممكن أن تساعِده لمرّة واحدة ، أمّا أن تُبقيه دائماً على بابك ، يأخذ خمسمئة ثمّ خمسمئة ثمّ مئتين ، ماذا سيفعل له هذا ؟ لن تحلّ له المشكلة ، أمّا إن أمنت له ثمن بسْطة ، أو عربة ليبيع عليها خضاراً ، فهذا جيّد ، بحيث مهما كان دخْله قليلاً فسيكفيه .
فمن مقاصد الزكاة كفاية الفقير وسدّ حاجته سواءً كان من الصدقة القدْر الذي يُخرجه من الفقر إلى الغنى ، ومن الحاجة إلى الكفاية على الدوام ، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، وسيّدنا عمر يقول:
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَعْطَيْتُمُ الزَّكَاةَ فَلا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا : اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا ))
أصحاب المذاهب اختلفوا فأَغنوا .
وقت الزكاة :
أيّ وقت مقصود بها ؟ الشافعي قال : على الدوام ، أعطِه عطاء يصبح بكفاية دائمة ، الحنفي قال : لِسنة يجب أن تعطِيه عطاءً يكفيه ِلسنة ، وهذا في أصعب المذاهب ، في أشدّ المذاهب - الحنفي -والشافعي على الدوام .
لكن سبحان الله في عصر الازدهار كان سيّدنا عمر بن عبد العزيز عندما يجمع الزكاة ، لا يجد إنساناً ليأخذها ، هذه مشكلة ، كلّ الناس في كفاية ، أحياناً يكون التسعون في كفاية ، والعشرة في حاجة ، وهذه قضيّة سهلة ، الثمانون في كفاية والعشرون في حاجة ، أيضاً سهلة ، سبعون وثلاثون ، أيضاً سهلة ، ستّون وأربعون ، خمسون وخمسون ، إذاً يوجد صعوبات وأزمة صعبة ، العشرة في كفاية والتّسعون في حاجة ، عندها لن تستطيع أن تكفي الشخص على الدوام طوال حياته ، فوق طاقة الإنسان ، لا يكفي ، يحتاج بيتاً ، أو دكّاناً ، وهذا يحتاج ملايين ، لقد أصبح الوضع صعباً جداً الآن ، وعلى كلّ حال الزكاة تخفّف من بعض المتاعب ، والعمل شرفُ الإنسان أيّها الأخوة .
من أكل أموال الناس أغلق عليه باب الرزق :
بالمناسبة ، هناك موضوع ليس له علاقة ، لكن عندما ينطلق الإنسان أساساً من أكل أموال الناس يُغلَق عليه باب الرِّزق .
(( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلاثٌ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ لا يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا وَلا يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا ، و قَالَ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ: إِلا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلا يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ))
لأنّ الإنسان إذا قال: يا ربي أسألك من فضلك ، يا ربّ ، فإنّ اللّه لا يخيّبه ، لا يخيّبه أبداً .
((عن قُبَيسة بن مُخارق الهلاليّ قال : تحمّلتُ حمّالةً ، أي دَينا لإصلاح ذات البَين - تحمّل مبلغاً فوق طاقته - فأتيتُ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أسأله فيها ، فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ، ثمّ قال يا قبَيسة : إنّ المسألة لا تحلّ إلّا لأحد ثلاثة . . . .))
وهنا نقطة ثانية : العطاء لا يحلّ لغني ، ولا لذو مِرّةٍ قوي ، فإنسان شاب مفتول العضلات بإمكانه أن يسعى لا تحلّ له الصدقة ، أي إنسان غني عنده كفايته ، فلا يحلّ لغني ولا لذو مِرَّة قوي ، إلاّ أنه أنت أيها الدافع لا يجوز أن تُعطي إلا وفق شروط .
لا يحق للإنسان أن يسأل إلا في ثلاث حالات :
لكن هناك موضوعاً آخر ، أنّ الإنسان لا يحقّ له أن يسأل إلا في ثلاث حالات؛ الشخص يسأل و ليس له حقّ أن يسأل ، يسأل فيريق ماء وجهه ، يسأل من دون حقّ :
(( . . . .قال لا تحلّ المسألة إلا لأحد ثلاثة ، فرجلٌ تحمّل حمّالة ، فحلّت له المسألة حتّى يُصيبها ثمّ يمسك ، ورجلٌ أصابته جائحة - أي أتلفت ماله ، اجتاحت ماله - فحلّت له المسألة حتّى يُصيب ِقوامٌ من عيش - سددٌ من عيش - ورجلٌ أصابته فاقة ، حتّى يقول ثلاثةٌ من غير حِجا - العقول ، ونستنبط من هذا القول - حتى يقول ثلاثة من غير حجا من قومه لقد أصابت فلانٌ فاقة ، فحلّت له المسألة))
وردّاً على سؤال من الأخوة حول هذا الموضوع ، لابدّ من السؤال عنه ، فقد يكون كاذباً ، نقول له : أعطني عنوانك ، واسأل عنه ، وهذه أيضاً لها مضاعفات ، فقد حكى لي أحد الأخوة : امرأة فقيرة جدّاً طلَبت ، فقالوا لها : نريد عنوانك ، فأعطتهم إيّاه ، وعندما ذهبوا رأوا مشهداً مستحيلاً ، غرفة على الطينة ، غاز طراز قديم عليه سطل ، وبساط من قصاصات القماش ، وأولاد تجلس على الأرض ، وكانت هذه اللجنة مؤلّفة من أربعة أو خمسة أشخاص ، أحدهم راوده الشكّ في هذا المنظر ، فذهب اليوم التالي إلى البيت فلم يجد أحداً ، طرق كثيراً فردّ عليه الجيران ، وعندما سألهم عن أصحاب البيت ، قالوا : هذا ليس بيتهم إنّما هو ذلك البيت ، فإذا به برّاد وتلفاز وغسّالة ، فهذه الجماعة اتّخذوا من ذلك البيت مصيدة - البساط والغاز القديم والسّطل - إذاً هذه مشكلة أيضاً ، فالنفوس ضعُفَت ، النفوس مرضت ، وماء الوجه ذهَب .
((فعن عُبَيد الله بن عديّ ، قال أخبرني رجلان أنّهما أتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجَّة الوداع ، وهو يقسم الصدقة ، فسألاهُ منها ، فرفع فيهما البصر وقتّبه ، فرآنا جَلدَين أي رجلَين قويَّين ، قال لو شئتما أعطيتكما ولا حظّ فيها لغنيٍّ ولا لقويٍّ مُكتسِب . . .))
الزكاة لا تحْلّ لقوي و لا لغني :
- ولا حظَّ فيها لغنيّ ولا لقويّ مكتسب - كالسؤال الذي طُرح عليّ ، معه مليون يستثمرها ، ودخلُه خمسة عشر ألفاً في الشهر ، لكنّها لا تكفيه ، هل نعطيه زكاة ؟ كالمثل الشعبي - المزاريب للداخل يريدها – لا شيء للخارج ، كلها للداخل يريدها . وهناك حديث آخر صريح ، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ ))
أي صحيح البدن الذي يقوى على الاكتساب ، وهنا لدينا حالة يجب ألا تَنسَوها أحياناً تجد إنساناً شاباً ، قوياً ، مفتول العضلات ، ليس لديه عمل - بلا عمل - أحياناً هناك ظاهرة خطيرة هي البطالة ، هذا الرِبا يؤدي إلى البطالة ، فإذا المال ولَد المال ، والمفروض أنّ العمل يلد المال ، فإذا فتحت دكاناً ، حانوتاً صغيراً ، تجد أنّك شغّلت ألف شخص وأنت لا تشعر ، فمثلاً تحتاج فواتير ، إذاً شغّلت مطبعة ، المطبعة تحتاج إلى حبر ، اشتريت حبراً نقل الحبر يحتاج إلى سيارة ، إذاً يمكن أن تُشغّل عشرة آلاف شخص وأنت لديك محل صغير وأنت لا تدري ، لأنّ الحياة متشابكة ، أمّا إذا وضع الإنسان أمواله في المصرف ، يوجد فائدة ، إذاً المال ولد المال ، لا وساطة بالعمل ، العمل إذا ولد المال يلغي البطالة ، أمّا إذا المال ولد المال تنتشر البطالة ، والآن أكبر مشكلة في العالم الغربي ، عالم البنوك الربويّة البِطالة ، فهناك سبعة ملايين إنسان بلا عمل ، ثمانية ملايين ، عشرة ملايين ، ستة ملايين وكلّما كان هناك تضخّم بالأموال ، واستخدمنا الأسلوب غير الشرعي في كسب المال ، تقلّ فرص العمل ، حتى الآن يوجد نقطة لم ينتبه لها أحد ، أننا نجلب أجهزة و نحن مسرورون بها ، لكن من دون الجهاز كنّا نحتاج مئة عامل ، الآن الجهاز ألغى المئة عامل ، كنّا نحتاج على كل نول عاملاً ، لدينا ألف نول إذاً نريد ألف عامل ، الآن كل مئة نول كاميرا تلفزيونية وعامل واحد على الشاشة ، فإذا انقطع خيط ، رقم ثلاثة عشر ، عامل آخر يصلحه ، فكلّما تطوّرت الأجهزة ، هذا مريح ، لكن فرص العمل قلّت ، وانتشرت البطالة ، ورافق البطالة جريمة ، وسرقة ، ومخدّرات ، وتهريب .
ألم يقل سيدنا عمر: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارقٍ أو ناهبٍ ؟ قال : أقطع يده قال: إذاً إن جاءني من رعيّتك من هو جائع أو عاطل ، فسأقطع يدك ، يا هذا إنّ الله قد استخلفَنا على خَلقه لنسدّ جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفّر لهم حرفتهم ، فإن وفّينا لهم ذلك ، تقاضَيناهم شكرها ، إنّ هذه الأيدي خُلقَت لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً ، التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة ، قبل أن تشغلك بالمعصية .
ممكن بزمن الرخاء أن تجد بالشهر سارقاً واحداً ، لكن في أيام الشِدّة تجد باليوم ألف سارق ، ألف جريمة سرقة باليوم الواحد في المدن الكبرى ، طبعاً في المدن الكبرى ملايين السرقات ، ستة عشر مليون جريمة سرقة سنَة خمس وستين في أمريكا ، الآن الإحصاء بالثواني ، في كل عشر ثواني الآن -كان كل ثلاثين ثانية - تُرتَكب جريمة سرقة ، أو قتل ، أو اغتصاب ، فعندما يكون كسب المال غير مشروع ، وكميّة المال غير مشروعة ، أي المال يولد المال ، إذاً لدينا بطالة ، لكن لَو أن المال يولد عن طريق العمل ، إذاً لدينا فرص عمل كبيرة جدّاً ، وهذا يخفّف من البطالة ، ربّما دخْل قليل ، لكن حسبما أوجّهه .
النصاب :
نقطة مهمّة جدّاً ، فمن ملك نِصاباً ، والنصاب سبعة آلاف ، من أي نوع من أنواع المال ، وراتبه لا يقوم بكِفايته ، لكثرة عياله ، أو لغلاء السعر ، فهو غني ، لأنه مَلَك النصاب ، من حيث أنه يملك نصاباً ، فتجب الزكاة في ماله ، و فقير ، لأن راتبه لا يكفيه ، فيُعطى من مال الزكاة .
أحدهم قال لي: إن شخصاً دخْله ألف وخمسمئة ليرة ، وعنده تسعة أولاد ، وزكاة الفطر خمسون ليرة ، إذاً خمسمئة ليرة نقصت منه ، ثلث معاشه ، وبقي ألف ، فالله سبحانه وتعالى يرصد له زكاة فطره - مقبول - تدفع وتأخذ ، فالحكم دقيق جداً ، الآن لأسباب استثنائية ، من ملك النصاب ليس غنياً ، لكن بحكم نفس الشرع تجب عليه الزكاة ، يدفع الزكاة ، وله حق أن يأخذ الزكاة .
((عن عبْد الله بن السّعدي ، أنه قدِم على عُمَر بن الخطّاب رضي الله عنه بمصْر فتُعطى عليه عمالةً ، فلا تقبلُها ، قال: أجل ، إنّ لي أفراساً وأعبُداً ، وأنا بخير ، وأريد أن يكون عملي صدقةً على المسلمين ، فقال عُمَر: إني أردتُ الذي أردتْ ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يعطيني المال ، فأقول له: أعطِ المال لمن هو أفقر إليه منّي ، وإنه أعطاني مرة أعطاني مالاً ، فقلت له: أعطِه من هو أحَوج إليه مني ، فقال: ما أعطاك الله عزّ وجلّ من هذا المال ، من غير مسألةٍ ولا إشرافٍ ، فخُذْه ، فتناولْهُ ، أو تصدَّق به ، وما لَم ولا تُطِعه نفسك ))
فأحياناً أخوك اجتَهد ، وأحبّ أن يعطيك مبلغاً ، وأنتَ معك ، تقول له : أنا معي ، أعطِه من هو أفقر مني - شيء جميل - إذاً خُذْه وأعطِه مَن هو أفقر منك ، فالحل سهل ولطيف ، هو أحبّ أن يُكرمَك ، وأن يٌودّك ، وأنت معك ، ويوجد أفقر منك ، لا تقل له أعطِه لمن هو أفقر مني ، بل قُل له: جزاك الله خيراً ، وأنت أعطِه لمن هو أفقر منك ، لأنك أخذته حلالاً ، فهُنا - ما أعطاكَ الله عز وجل من هذا المال ، من غير مسألةٍ ، ولا إشرافٍ - أي لم تتمناهُ ، ولم تُلمِّح ، ولم تُصرِّح ، ولم تسأل ، ولم تتوقّع ، فخُذْه ، فتناولْه ، أو تصدّق به ، إذاً هكذا السنّة أن نفعل .
على من تحرم الصدقة ؟
تحرُم الصدقة على الكفَرَة والملاحِدة ، المقصود بالصدقة : الزكاة ، الزكاة تُؤخَذ من أغنيائهم وتُرَدُّ إلى فُقرائهم ، إذا الإنسان غير مسلم ، ألا يوجَد مجال لمساعدته إطلاقاً ؟ ساعده من مال الزكاة ، من مال الصدقة ، ولدينا دليل قرآني .
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾
الأسير غير مسلم ، إذاً أنت رقيق المشاعر ، وهذا إنسان ، هذا عبْد لله عز وجل، وهو عبْد الإحسان ، فإذا أحسنت له ، لعلّه يميل إليك وإلى ديِنِك ، فيُسلم ، لكن لدينا باب الصدقة ، إذا أردت أن تُكرم إنساناً غير مسلم ، فينبغي أن يكون هذا من مال الصدقةِ ، لا من مال الزكاة ، لكن هناك استثناء وحيداً وهو المؤلّفة قلوبهم ، إذا إنسان قوي جدّاً ، وبإمكانه أن يلحق أشدّ الأذى بالمسلمين ، فإذا دفعتَ له شيئاً من المال استرضاءً له ، وحدّاً لأذاه ، من مال الزكاة ، فهو من مصارف الزكاة - والمؤلّفة قلوبهم - هذه الآن غير موجودة ، إنما في ظروف أوّل الإسلام تقريباً ، الآن الحمد لله ، الناس كلّهم مسلمون ، فلا مشكلة ، إذاً هذه حالة استثنائيّة ، تُدفَع الزكاة على أساس مصرف المؤلّفة قلوبهم من الزكاة .
بنو هاشم ، والمراد بهم آل عَديّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل العدّاس ، وآل الحارث ، هؤلاء أهل بيت النبيّ ، لقَول النبي عليه الصلاة والسلام:
((إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ))
ثم الآباء كما قلت قبل قليل ، و الزوجة ، و لا يجوز أن تُدفع الزكاة قُربةً إلى الله لغير الفقراء ، لجامع ، الجامع من مال الصدقات ، الآن الجوامع لها الحمد لله إيرادات جيّدة ، وعلى الملأ ، وعلى المنبر ، ومنظّمة ، وجمعيات ، وإيصالات ، لا مشكلة ، فلا يجوز أن تصل الزكاة إلى بناء المساجد ، لأنّ أساس الصدقة أن تذهب إلى كبدٍ جائعة ، لإنسان محتاج، فالمساجد تُبنى من أموال الصدقات ، لا من أموال الزكاة .
قال: لا يجوز أن يُكفَّن الموتى بمال الزكاة ، نفقات تكفين الموتى ، ولا أن تُسَدَّد ديون الميّت من الزكاة ، فالحيّ أَولى من الميّت .
استحباب إعطاء الزكاة للصالحين :
استحباب إعطاء الصدقة أي الزكاة للصالحين ، وهذا شيء مهم جدّاً ، إنسان يصلي ، صائم ، مستقيم ، ليس في بيته حَرام إطلاقاً ، وفقير ، فهذا أَولى إنسان أن يُعطى الزكاة ، لأنك حفظتَ له ماء وجهه ، وأكرمته ، أمّا الإنسان الفاسق فهناك اِحتمال كبير أن يصرِف الزكاة في المعصية .
النهي عن شراء الزكاة أو نقلها من بلد لآخر :
هنا نَهى الشارع الحكيم المُزكِّي أن يشتري صدقتهُ ، فأنت أوعى بحيَل ما أنزل الله بها من سلطان ، يضع الزكاة في رغيف خبز ، ويقدّمه للفقير ، على أنه صدقة ، ثمّ يقول أتبيعني هذا الرغيف بألف ليرة ؟ يجيب طبعاً أتمنى ، فاشتراه بألف ليرة وهذه حيلة شرعيّة ما أنزَل الله بها من سلطان .
الزكاة في الأصل لا ينبغي أن تُنقَل من بلد إلى بلد ، ويوجد تفسير اقتصادي رائع جداً ، أنتَ جمعتَ المال من البلدة ، فتحت محلاً تجارياً تبيع الناس ، مَن ربَّحك ؟ هؤلاء الناس ، ففقراء هؤلاء الناس أَولى بالمال الذي أخذتَه من أغنيائهم . أمّا في حالات نادرة ، أن يكون الإنسان مُقيماً في بلد أجنبي ، وكلّهم كفّار ، وهناك بحبوحة كبيرة جدّاً ، ممكن أن يدفع زكاة ماله في بلده ، تُنقَل الزكاة ، ولكن هناك حالات خاصّة ، الأصل ألاّ تُنقَل ، الأصل أن يأخذ فقراء البلدة مال الزكاة الذي حُصِّل من هذه البلدة بالذّات .
اتجاه الزكاة لطالب العلم لا للعابد :
وهناك توجّه - أمر إرشادي - أنّ طلبة العلم دون العُبّاد أَولى بالزكاة ، لَدَيك عابد وطالب علم ، العابد إنسان لا يعمل ، يعبد الله ، أمّا طالب العلم فيطلب العلم لغيره ، وسوف يكون منارة للأمّة ، أمّا العابد فلنفسه ، فالأَولى أن نقول للعابد: اِذهب واعمل قال - مَن يُطعمك ؟ قال : أخي ، قال : فأخوك أعبَد منك ، أنتم من يُطعمكم ؟ قالوا : نحن ، قال فكلّكم أفضل منه - فالنبي عندما شكا له شخص على شريكه طالب العلم ، قال له النبي: فلعلّك تُرزَق به ، فلمّا رأى رجلاً يعبد الله ولا يعمل ، قال : مَن يُطعمُك ، قال : أخي ، قال: فأخوك أعبَد منك ، فَفُهِمَ من ذلك أنّ الزكاة يجب أن تتجه لطالب العلم لا للعابِد .
نقاط هامة حول الزكاة :
الآن نقطة دقيقة بالزكاة ، أنّ لك مع شخص خمسة آلاف ، لا يدفعهم ، تقول له : حسبناهم من الزكاة ، مُسامَح ، هذه فيها فَتوى ضعيفة جدّاً ، أمّا أكثر العلماء فعلى أنّه لا يجوز إلاّ أن تُعطيَه إياها ، وتأخذ دَينك منه ، فقال بعض العلماء : ليس إلاّ أن تُدخلَه إلى غرفة ، وتُقفل عليه ، ومعك قضيب ، وتُعطيه المبلغ ، فإمّا أن تُعيده ، أو أمامك الضرب . . لابدّ من أن يتملّك هذا المال ثمّ بعد ذلك لِتأخُذ منه دَينك .
يجوز و يُستحبّ أن تُعطي المرأة زكاة مالها لزوجها الفقير - لزوجها - والعكس غير صحيح .
ويُستَحب أن تخصّ الأقارب بالزكاة ، لكن لم نقل الأقارب الأغنياء ، بل الفقراء ولذلك في بعض الأقوال : لا تُقبل زكاة المرء ، وفي أقربائه محاويج .
لكَ عمّة ، لك خالة ، لك ابن عمّ ، فقير في طرف المدينة ، قبل أن تُعطي الغريب أعطِ القريب .
لك أن تُظهِر الزكاة ، ولك أن تُخفيَها ، إنْ أظهرتها فينبغي أن يكون هذا لعلّةٍ تريدها ، لحكمةٍ تريدها ، وإن أخفيتها فهو أطْهر لقلبك ، وأرْوح لنفسك ، وبهذا نكون قد أنهينا مصارف الزكاة .