- الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
- /
- ٠4الزكاة
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الزكاة تؤخذ و لا تعطى :
أيها الأخوة الكرام ، من أقرب الموضوعات إلى رمضان موضوع الزكاة ، وقد مضى الحديث عن الزكاة مرات عديدة في حكمتها ، وفي فضائلها ، وفي التحذير من منعها، وأريد أن أدخل مباشرةً في موضوع تفاصيل الزكاة لأننا في أمس الحاجة إلى هذا الموضوع، ولاسيما ونحن في رمضان ، ولكن لا مانع أن نبدأ الدرس بآية كريمة هي قوله تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
الحقيقة هذه الآية موجهة للنبي عليه الصلاة والسلام لا على أنه نبي ورسول ، بل على أنه ولي أمر المسلمين ، فالزكاة تؤخذ ولا تعطى ، لو ترك أداؤها للمسلم يؤديها أو لا يؤديها ، وقد علقت مصالح المسلمين على أدائها ، لذلك جاء التوجيه الإلهي يخاطب النبي على أنه ولي أمر المسلمين فقال له:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
أما من أموالهم فتشير إلى أن كل أنواع المال ، جاءت الكلمة جمعاً كل أنواع الزكاة تجب فيها الزكاة ، ما قال : خذ من مالهم ، الزروع ، العسل ، عروض التجارة ، الثروات الطبيعية ، الركاز ، الحلي ، في بعض الحالات أما كلمة أموالهم ، هم هذه تفيد ضمير الجمع ، إذاً لا يستثنى واحد من المسلمين من دفع الزكاة ، من مَلَك النصاب ، لا يسمح لإنسان أن تطوى عنه هذه الفريضة لسبب أو لآخر ، خذ من أموالهم ، أما كلمة صدقةً فتشير إلى أن الإنسان قد يفعل أفعالاً كثيرة تتوافق مع الشرع لكنها تعود إلى صالحه بالنهاية وهذه الأفعال لا يرقى بها مع أنها متوافقة مع الشرع ، أما حينما يفعل فعلاً يتناقض مع طبعه لا مع فطرته ، فالطبع يميل إلى قبض المال والأمر بالزكاة أمر بدفع المال لذلك الإنسان يتأكد صدقه في إيمانه من دفع ماله ، يوجد أشياء كلام ، وأشياء حركات ، الأقوال لا تكلف شيئاً ، أما حينما يدفع الإنسان من ماله الذي كسبه بكده وعرق جبينه ، دفع هذا المال يؤكد صدق إيمانه فلذلك الله عز وجل في هذه الآية عدل عن كلمة الزكاة إلى كلمة الصدقة ، خذ يا محمد لا تنتظر أن يدفعوا لك ، يجب أن تأخذ منهم لأن الزكاة تتعلق بها مصالح المسلمين ، خذ من أموالهم ، من تعني التبعيض ، لا تعني خذ كل أموالهم ، خذ بعض أموالهم ، وبنسب معقولة جداً ، أموالهم كل أنواع المال ، وهم تعني كل المسلمين ، خذ من أموالهم صدقةً تؤكد صدقهم تطهرهم وتزكيهم بها ، نفس الفقير تطهر من الحقد ، نفس الغني تطهر من الشح ، المال يطهر من تعلق حق الغير به ، وتزكيهم : نفس الفقير تنمو ، الزكاة تنمو بإحساسه العميق بأن مجتمعه لم ينسه ، مجتمعه مهتم به ، تنمو نفسه ، يشعر بثقة بنفسه ، والغني حينما يرى أن ماله أصبح حاجات انتفع به الناس وشكروا له عطاءه وأحبوه تنمو نفسه ، والمال نفسه ينمو بأداء الزكاة بطريقتين ، طريقة وفق قوانين الله عز وجل، وطريقة مبهمة وفق العناية الإلهية المباشرة . هذه الآية تجمع قال تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
وجوب الزكاة على المسلم الحر المالك للنصاب :
أيها الأخوة ، تجب الزكاة على المسلم الحر المالك للنصاب ، من أي نوع من أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة ، نصاب الذهب والفضة هو أقرب شيءٍ إلينا ، الفضة تقريباً نصابها سبعة آلاف ، والزكاة تقريباً نصابها يقدر بخمسين ألفاً ، فمن ملك سبعة آلاف ليرة فائضةٍ عن حاجته الأساسية في المسكن والمأكل والمشرب والآلة والدابة فهذا المبلغ على نصاب الفضة تجب فيه الزكاة ، أو من ملك خمسةً وأربعين ألفاً فائضاً عن حاجاته الأساسية تجب فيه الزكاة على اعتبار أن هذا النصاب نصاب الزكاة ، إلا أنه الأولى والأكمل والأتقى و الأورع أن تدفع زكاة مالك على أساس الفضة لا على أساس الذهب وهذا لصالح الفقراء .
شيء آخر طبعاً هذا المال النصاب أن يكون فائضاً عن حاجته الضرورية التي لا غنى للمرء عنها ، كالمطعم ، والمشرب ، والملبس ، والمسكن ، والمركب ، وآلات الحرفة ، سبعة آلاف زيادة عن هذه الأساسيات ، أو خمسة وأربعون ألفاً فما فوق زيادة عن هذه الأساسيات ، هذا هو النصاب الذي تجب فيه الزكاة ، ويجب أن يحول عليه الحول الهجري أي يمضي عام على وجود هذا المال ، ويعتبر هذا الحول بدءاً من امتلاك النصاب واستمراراً لسنة هجرية بالتمام والكمال ، لكن أخواننا الكرام هذا الموضوع فيه آراء فقهية متعددة ، أي أكمل ، وأدق ، وأصح رأي أن تضع تاريخاً معيناً مثلاً واحد رمضان ، أو الخامس عشر من رمضان ، أو الخامس عشر من شوال ، والأولى في رمضان ، والأولى في أول رمضان كما يرى الإمام الشافعي ، في هذا الوقت كم معك من مال تدفع عليه الزكاة ، أما أن تدخل في متاهات الحسابات ، هذه المئة ألف بقيت تسعة أشهر وعشرة أيام إذاً لم يحل الحول عليها ، وهذه العشرة آلاف بقيت سنة وشهرين ، هذا العمل ليس له نهاية ، عملية معقدة جداً وتدخل الإنسان في شبهات لا تنتهي .
أما أبو حنيفة فقال: " المعتبر وجود النصاب في أول الحول وآخره " ، واحد شوال مجموع ما تملك تدفع عليه الزكاة ، أما بعد شهر المبلغ قلّ أو تضاعف ثلاثة أضعاف ، ليس لك علاقة ، لواحد شوال الثاني كم تملك من المال تدفع عليها الزكاة ، هذا أكمل حساب ، وأدق حساب ، وأجمل حساب ، وأبسط حساب ، أما الحسابات الأخرى فعمليات معقدة تدخل في متاهات لا تنتهي .
لو ترك النصاب كله في أثناء الحول وعاد النصاب مرتين لأول الحول الثاني تجب الزكاة في المال المضاعف مرتين ، فأنت لا تهتم إطلاقاً بما يجري أثناء العام عليك أن تهتم بواقع ما تملك في واحد من شوال من كل عام .
اختلاف الفقهاء حول الزكاة في مال الصبي والمجنون :
الزكاة في مال الصبي والمجنون مختلف عليها ، بعض العلماء يرى أنها تجب في المال لا في صاحب المال ، إذا قلنا : في صاحب المال ، صاحب المال ليس مكلفاً ، لا الصبي مكلف ، ولا المجنون مكلف ، أما إذا قلنا : تجب الزكاة في المال إذاً يجب أن يدفع ولي الصبي وولي المجنون زكاة مال الصبي والمجنون ، بعضهم قال: لا هذا الإنسان غير مكلف لكن الرأي الوجيه الذي ورد في كتاب القرضاوي حول موضوع الزكاة أن مال الصبي الصغير أو مال المجنون إذا كان مستثمراً تجب فيه الزكاة قولاً واحداً أما إذا كان غير مستثمر فلا تجب فيه الزكاة ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ ))
أمر نبوي أن يتجر المسلم في مال اليتيم كي لا تأكله الزكاة ، ولا يوجد أروع من الزكاة كرادع لأكل المال إن لم يستثمر ، هناك أشخاص كثيرون يضعون أموالهم في بيوتهم في حرز حريز وانتهى الأمر ، هذا المال أولاً تنقص قيمته كل سنة سبعة عشر بالمئة ، هذا رقم التضخم ، في الدول النامية التضخم فيها عال جداً ، أي سبعة عشر بالمئة من قيمة المال تنزل ، أي القيمة الشرائية ضعيفة ، في عام ألف و تسعمئة و أربعة و ستين كان ثمن الملحق بالمهاجرين ستة آلاف ليرة أو القبو ، أفخر بيت مئة وخمسون متراً، أربع غرف وصالون بالمهاجرين بعشرين ألفاً ، والذي يملك عشرين ألفاً قبل عشرين سنة ، الآن لا يشترون لك بيتاً، ولا أربعمئة ألف ، ولا أربعة ملايين ، معنى هذا أنه يوجد تضخم ، وهذا التضخم كل سنة تقل قيمة المال سبعة عشر بالمئة ، فإذا الإنسان كنز ماله ولم يؤدِ زكاته أولاً التضخم يأكله ، وثانياً الزكاة تأكله ، يؤكل مرتين ، يؤكل من التضخم ويؤكل من الزكاة ، ففريضة الزكاة أكبر حافز لصاحب المال على استثماره ، و إلا يأكله التضخم والزكاة ، قال عليه الصلاة والسلام:
(( اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ ))
فريضة الزكاة أكبر باعث لاستثمار المال :
الحقيقة يوجد سؤال دقيق هو أن الزكاة لا تجب إلا في المال النامي الذي يزداد ، قطيع الغنم ينمو بالولادة ، مد القمح ينمو بالزراعة ، فالبذور تنمو بالزراعة ، والمواشي تنمو بالولادة ، لكن المال لا ينمو ، لو أنك وضعت المال في صندوق ، وضعت مئة ألف لن تجد هذا المال مئتي ألف بعد عام فكيف أمر الشارع الحكيم دفع الزكاة للمال النقدي أي الذهب والفضة والورق؟ قال : هذا الأمر فيه حكمة بالغة ، وهذه الحكمة هي أن هذا المال إن لم يوضع في التداول ، إن لم يستخدم مشاريع ، إن لم تحل به مشكلات المسلمين ، فسوف يصبح هذا المال معدوماً أو متناقصاً مع مرور الأيام ، فأكبر باعث يبعث الإنسان لاستثمار ماله ونفع المسلمين به ووضعه في مشروعات نافعة هو فريضة الزكاة .
يوجد عندنا نقطة مهمة إذا إنسان معه مئة ألف عداً ونقداً ، عليه دين بستين ألفاً وعليه أن يدفعها بعد أسبوع ، لا تجب الزكاة إلا في الأربعين ، الدين الثابت الذي يجب أن تدفعه يطرح مما تملك من المال ، الباقي تجب فيه الزكاة .
وجوب الزكاة على مبالغ السلف :
لكن الآن أخواننا يطرحون سؤالاً دقيقاً أحياناً رجل سجل على سيارة فرضاً ودفع سلفة خمسين ألفاً ، يوجد على المبلغ زكاة؟ نقول له : نعم ، كل مبالغ السلف يوجد عليها زكاة إلى أن يتحدد البيت ، هذا هو البيت ، الطابق الثالث ، ثمنه ثمانمئة ألف ، دافع منهم أربعمئة وعليك أربعمئة ، إذا البيت تحدد مكاناً وجهةً وسعراً وتقييماً وعليك دين الآن هذا الدين الثابت يطرح مما تملك في البيت ، أما دافع سلفة مئة ألف لشيء غير محدد ، لا نوعاً ، ولا ثمناً ، ولا قيمةً ، ولا عدداً ، فكل مبالغ السلف عليها زكاة ، هذه نقطة يجب أن تكون واضحةً عندكم.
من مات و عليه زكاة يدفع ورثته زكاته :
الإنسان إذا مات وعليه زكاة عليه أن يدفعها ، على ورثته أن يدفعوها عنه لأن دين الله أحق أن يؤدى ، بل إن بعض العلماء يرى أن زكاة المال التي لم تدفع تؤخذ قبل كل شيء من مال المتوفى ، قبل ديونه ، قبل تنفيذ وصيته ، قبل توزيع ميراثه ، قبل الوصية وقبل الديون ، حق الله أحق أن يؤدى ، إذا عليك دين يطرح من مال الزكاة فإذا كنت تملك مالاً ولم تؤد زكاته فلابد من أداء زكاته تحت طائلة المحاسبة الشديدة .
من شروط الزكاة النية :
النية شرط أساسي في أداء الزكاة لقوله تعالى:
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾
و :
(( إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))
الإمام الشافعي والإمام مالك اشترطا أن تكون النية عند الأداء ، أبو حنيفة رحمه الله تعالى يرى النية تجب عند الأداء أو عند عزل المبلغ ، أنت أجريت حساباتك وعليك ثمانية آلاف وليس أمامك من تعطيه هذه الزكاة ، تضع الزكاة في ظرف وتكتب عليه : زكاة المال ، تعزله في مكان في الصندوق ، وحينما عزلت هذا المال انوِ أن تقدمه للفقراء المستحقين فعند أبي حنيفة النية تكون عند الأداء أو عند عزل المال ، أما عند الإمام الشافعي فالنية تكون عند الأداء .
دفع الزكاة فور وجوبها و تحريم تأخيرها :
ومن أحكام الزكاة الضرورية أن الزكاة يجب أن تدفع فور وجوبها ويحرم تأخيرها عن وقت الوجوب إلا إذا لم يتمكن من أدائها فيجوز التأخير حتى يتمكن ، الأصل أن تدفع عند الوجوب ، الإمام أحمد والبخاري رويا عن عقبة بن الحارث:
((عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلاةِ تِبْرًا عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِيَ أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ ))
أي يجب أن تدفع الزكاة فور وجوبها ، أما إذا تأخرت في دفعها فلعذر يقبله الشرع .
هناك حديث والله مخيف أيها الأخوة ، روى البخاري والشافعي عن عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( ما خالطت الصدقة مالاً قط إلا أهلكته ))
أي هذا المال مال زكاة موضوع في الصندوق مع مالك وتساهلت في دفعه للفقراء ، أي هذا المال خالط مالك ، الحرام المجمد دون أن يعطى للفقراء يهلك الحلال كما ورد في هذا الحديث ، أما أروع ما في الموضوع أنه يجوز أن تؤديها سلفاً ولو قبل عامين ، إذا فعلت هذا نجوت من خطر تأخيره ، وهذه أكمل طريقةٍ في أداء الزكاة ، أديت زكاة مالك في رمضان وانتهى الأمر ، جاء أول شوال تفتح صفحةً في حساباتك حول مال الزكاة ، أنت الآن بهدوء ، بتأن ، ببحث ، بتدقيق ، بمعالجة هادئة ، كلما رأيت مصرفاً للزكاة صحيحاً مفيداً هذا المال يأتي في مكانه الصحيح ادفعه سلفاً ، سجل ثلاثة آلاف ، أربعة آلاف ، خمسمئة إلى أن ينقضي العام ، جاء رمضان أجريت الجرد بحسابات دقيقة ، رأيت أن عليك أن تدفع عشرة آلاف ليرة وأنت دافع ثمانية على التراخي طوال العام بهدوء ، بتأن ، بقي عليك ألفان ، يدفع هذا المبلغ للمستحق بلا مشقة ، فأكمل طريق للزكاة أن تبدأ بدفعها في أول العام سلفاً بهدوء ، وبتأن ، بالمكان الصحيح ، يوجد عملية جراحية ، طالب علم ، أسرة تحتاج إلى مساعدة على موسم الشتاء ، هؤلاء يحتاجون وقوداً ، على موسم المدارس ألبسة للأولاد ، ثمن كتب ، في الوقت المناسب من حولك من أقربائك ، هذا أكمل شيء في أداء الزكاة أن تفتح صفحة لحسابات الزكاة بدءاً من أول العام ، أول العام الهجري تدفع على مهلك.
كما أنه يحظر على من تجب عليه الزكاة أن يؤخرها ، سمح لك أن تدفعها سلفاً وفي هذا تتلافى خطورة تأخيرها ، وتكسب أجر دفعها سلفاً ، والآن الضرائب إذا دفعتها سلفاً يوجد خصم في الواحد ستة تدفعها بقدرها ومن ثم يصبح هناك غرامات .
وجوب الدعاء للمزكي عند أخذ الزكاة :
قال: يجب أن تدعو للمزكي عند أخذ الزكاة لقول الله عز وجل:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
((عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ))
وروى النسائي:
(( عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَاعِيًا فَأَتَى رَجُلاً فَآتَاهُ فَصِيلاً مَخْلُولاً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلانًا أَعْطَاهُ فَصِيلاً مَخْلُولاً اللَّهُمَّ لا تُبَارِكْ فِيهِ وَلا فِي إِبِلِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَجَاءَ بِنَاقَةٍ حَسْنَاءَ فَقَالَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ ))
دعاء مأثور ، رجل قال لك : سأدفع لك زكاة مالي ، قل له : اللهم بارك لك وفي مالك ، والإمام الشافعي يقول: إذا دفعت له زكاة المال أجرك الله فيما أعطيت وبارك الله لك فيما أبقيت .
الأشياء المستهلكة معفاة من الزكاة :
أي إذا الإنسان قدم زكاة ماله من السّنة أن تدعو له ، إذاً تجب الزكاة في النقدين الذهب والفضة ، الذهب خمسة وأربعون ألفاً فما فوق ، والفضة سبعة آلاف فما فوق ، لكن أخواننا التجار إذا أجروا الجرد في رمضان ، لكن البيت وأثاثه ، والمركبة وحاجاتها ، والأرض والمعمل والدكان وآلات الحرفة هذه كلها معفاة من الزكاة إلا إذا اشتريت بقصد الاتجار بها ، إنسان اشترى أرضاً ليبيعها بعد حين فيربح بها بعد حين ، اشترى محلاً تجارياً ليبيعه وينتفع بتفاضل السعرين هذه صارت تجارة ، إذا اتجرت بالبيوت والأراضي والدكاكين وآلات الحرف ، اشترى مكنة جوارب ليبيعها بسعر مرتفع ، أما إذا اشتريت محلاً تجارياً كي تستهلكه ، البيت مستهلك ، عندك بيت ساكن به ، اشتريت بيتاً آخر ، تريد أن تضع المال في شيء يربح فاشتريت البيت صار على البيت زكاة ، وآلات الحرفة ، والسيارة ، اشتريت سيارة وخزنتها على ثمنها زكاة .
الأشياء المعفاة إن كانت موضوعةً للاستهلاك معفاة أما إذا وضعت للتجارة فأصبح عليها زكاة .
متى يصير المال عروضاً تجارية تجب فيها الزكاة ؟
قال: متى يصير المال عروضاً تجارية تجب فيها الزكاة ؟ قال: بشرطين ، أن يملكه والثاني أن ينوي عند تملكه للتجارة ، رجل اشترى بيتاً لابنه وابنه سافر وأقام ببلد أجنبي ولن يعود ، فغير نيته وقال : أبيعه وأنتفع ببيعه ، فلما نوى أن يبيعه دخل في الزكاة ، أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة ، أما إذا نوى أنه للاستهلاك فلا زكاة عليه .
طبعاً أخواننا التجار البضاعة تقيّم بسعر السوق أو الكلفة أيهما أقل ، أخواننا التجار يغفلون عن حالة مهمة جداً ، شاري وجبة ألبسة بمئة ألف موديلها انتهى عرضها للسوق فكانت تساوي ثلاثين ألفاً ، يؤيدها على ربه بمئة ألف ، لا يصير هذا ، إذا أردت أن تدفع الزكاة عيناً ينبغي أن تقومها بسعر السوق الحالي أو بكلفتها أيهما أقل ، هذا نظام الزكاة إن أردت أن تدفع هذه الحاجات زكاة مالك .
تملك سندات ، أوراق مالية تجوز فيها الزكاة ، لك ديون ثابتة تجب فيها الزكاة ، عليك ديون تطرح من الزكاة ، في الصندوق يوجد مال نقدي يجوز فيه الزكاة .
الزكاة في علة المحاصيل لا في عينها :
كما تعلمون أن زكاة الزراعة في أوجه الآراء وأصوبها تجب فيها الزكاة ، لأن العلماء حينما ذكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تجب الزكاة في القمح ، والشعير ، والتمر ، والزبيب " ، هذه المحاصيل التي كانت على عهد رسول الله ، فمن السذاجة وضعف التفكير ، والغباء ، أن تحصر الزكاة فيها ، العلماء قالوا : تجب الزكاة في علتها لا في عينها ، علة هذه المحاصيل أنها محاصيل ذات قيمة تجب فيها وفي مثيلاتها ، الزكاة ، مزرعة تفاح ، كرز ، كيوي ، بطيخ ، أي إنتاج زراعي مما أنتجته الأرض العشر إذا كانت الزراعة بعلية ، ونصف العشر إذا كانت الزراعة مروية ، يوجد مصاريف ولا يجوز حسم المصاريف من ثمن الإنتاج .
الله عز وجل عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام من خلال السنة حسب لك نصف الزكاة مصاريف فلا ينبغي أن تدفع الزكاة على ثمن المحصول دون اعتبارٍ للمصاريف لأنه في الأساس مادام هناك مصاريف يوجد ماء مستخرج بمحرك ، ثمن نفقات ، وقود ، صيانة ، ماء مشترى شراءً ، زكاة هذه المحاصيل نصف العشر ، وكذلك العسل إما أن تدفع العشر إذا كان العسل طبيعياً ، خلايا طبيعية في الكهوف ، أما إذا كان خلايا مشتراة من أماكن ولها ثمن وتكاليف فنصف العشر .
يوجد مرض يصيب خلايا العسل من يحفظ اسمه ؟ قراض النحل ، وهذا مرض خطير ، من سبع سنوات جاء القراض فأكل معظم خلايا النحل ، فمرة قال لي أحدهم : يوجد على العسل زكاة ؟ فقلت له: طبعاً ، قال: أكيد ؟ قلت له: نعم فإذا لم تدفع الزكاة يوجد قراض وهو جاهز .
لا أحب أن أدخل في تفاصيل خلاف العلماء ، أعطيكم الرأي الوجيه من كل المذاهب في هذا الموضوع .
وجوب زكاة الإنتاج الزراعي عند الحصاد :
زكاة الإنتاج الزراعي لا يشترط فيها حولان الحول ، بل تجب عند الحصاد قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾
إذاً تجب الزكاة في المواسم الزراعية مع كل موسم .
وجوب تأدية الزكاة من الفاكهة الجيدة :
لكن أيضاً في موضوع المحاصيل يوجد فاكهة من الدرجة الخامسة ، يوجد شيء يسقط من الشجر ، وشيء مضروب، يوجد أناس يأخذون هذه الفاكهة غير الجيدة ويدفعونها زكاة مالهم ، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾
يجب أن تؤدى الزكاة من الفاكهة من الدرجة الأولى .
وجوب الزكاة في الذمة لا في العين :
وننتقل إلى موضوع دقيق وهو أن الزكاة تجب في الذمة لا في العين ، وفرق كبير جداً بين أن تجب الزكاة في الذمة وبين أن تجب في العين ، مئة ألف ليرة موضوعة في الصندوق صاحبها لم يدفع عنها الزكاة لعامين الآن تَذكّر أن يدفع الزكاة ، هذه ألفان وخمسمائة ، لا ، لو أن الزكاة تجب في العين يكتفى أن تدفع مرة واحدة ، مادامت الزكاة تجب في الذمة إذاً عليك أن تدفع عليها الزكاة مرتين ، عن كل عام مرة ، أي كل عام تجب الزكاة في ذمتك مرة ، فهذه نقطة مهمة جداً وهي أن الزكاة تجب في الذمة لا في العين .
ملاحظات هامة حول الزكاة :
قال : إذا تلف المال كله بدون تعدّ من صاحبه سقطت الزكاة ، وإن هلك بعضه سقطت حصته ، بناءً على تعلق الزكاة بعين المال ، أما إذا هلك بسبب تعدّ منه فإن الزكاة لا تسقط ، معه مئة ألف سرقت ، هلك المال قال : تسقط معها الزكاة ، لكن إذا كان هناك تقصير أو تعدّ حتى تلف هذا المال فالزكاة تبقى ثابتة ، طبعاً إذا الإنسان حدث معه ذلك قضاء وقدراً الله سبحانه وتعالى رحيم ، أما إذا كان هناك تعدّ فالزكاة تبقى ثابتة .
الآن عزلت الزكاة فضاعت قبل أن تؤديها ، الزكاة ثابتة لا تسقط مادام أصل المال موجوداً ، وزكاته هذا الظرف فيه خمسة آلاف ضاع منك ، أو ذهب إنسان ليعطي الزكاة في الطريق سرق منه هذا الظرف ، الزكاة ثابتة لا تسقط ، تلف أصل المال من دون تعدّ سقطت الزكاة عن المال ، أما إذا تلفت الزكاة المعزولة فالزكاة تبقى ثابتة ، ويجب أن تؤدى مرةً ثانية ، وتأخير الزكاة لا يسقطها عشر سنوات يجب أن تدفع ثمن عشر سنوات .
إذا كان هناك مال مشترك بين شريكين ، بإمكان كل شريك أن يدفع الزكاة عن نصيبه ، هذا المال مقوم بأربعة ملايين تدفع عن حصتك ، والطرف الثاني هو حر ، لا تعلق أهمية على الدفع المشترك ، لك مشروع ، لك منه مئة ألف هذا المبلغ يمكن أن تدفع عنه الزكاة وحدك ، وأكثر الناس الذي يضعون أموالهم عند أشخاص كاستثمار ، المستثمر عنده المال ليس مكلفاً بدفع الزكاة إلا إذا فوضته بدفع الزكاة يدفعها عنك وهو ليس مكلفاً لأن المال مالك ، وتجب الزكاة على صاحب المال ، وأنا أقول لأخواني الذين يضعون أموالهم عند أناس مطمئنين لهم ، إما أن تدفع الزكاة من مالك الأصلي عن هذا المال المودع عند فلان ، أو أن تأخذ منه دفعة توازي زكاة مالك عندها تدفعها لأقاربك ، أو أن توكله بدفع الزكاة ، وإما أن تدفعها من جيبك لهذا المال الذي عند فلان ، فهذا أيضاً خيار في الزكاة .
الكنز :
طبعاً هذا الذي يفر من دفع الزكاة قبل حولان الحول بيوم أو يومين يهب ماله لفلان ، بعد أسبوع يقول له : أوهبني إياه مرة ثانية ، هذه كلها حيل لا تنطلي على الله عز وجل وصاحبها جاهل جهلاً مطبقاً ، ومقصر ، وبالمناسبة أي مال لن تؤدى زكاة ماله فهو كنز ، سبعة آلاف كنز والمليار إذا أوديت زكاة ماله ليس بكنز ، فقوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
هذه الآية العلماء أكدوا أن تعريف الكنز هو المال الذي لن تؤدى زكاة ماله ولو كان قليلاً ، وإن تعريف المال الذي بارك الله به هو المال الذي تؤدى زكاته مهما كان كثيراً.
لذلك النبي الكريم ينهى عن أن نصف أحداً بالشح إذا أدى زكاة ماله ، برأ من الشح من أدى زكاة ماله.
الزكاة تدفع عيناً أو نقداً :
يمكن أن تدفع الزكاة نقداً أو عيناً ، لكن أخواننا الكرام دفع الزكاة عيناً يجب أن تكون هذه المواد مما ينتفع بها الفقير انتفاعاً شديداً ، عصفر ، لا يريد أن يأكل عصفراً ، هل من المعقول أن توزع أوقية أوقية على الماشي ، العصفر ليس مادة أساسية ، نكاشات أسنان لا يأكل شيئاً حتى ينكش أسنانه !! ألبسة نوفوتيه هكذا يسمونها ، شيء نادر ، والمسرفون يلبسونها كقميص وزنه عشرة غرامات مشكوك لم يبع معه ، يريد أن يقدمها زكاة ، أحياناً كفوف جلد ولا يوجد برد ، يجب أن تعطي الفقير شيئاً أساسياً ، ممكن أن تعطيه حراماً ، رزاً لحماً ، جوخاً ، شيء يستفاد منه في الدرجة الأولى ، أما أشياء للمترفين فلا ينبغي أن تؤدى زكاةً للفقراء ، حياة الفقير معروفة يحتاج إلى مواد أولية ، غذائية ، ألبسة ، تدفئة ، إلى آخره، يجوز أن تدفع عيناً أو نقداً لكن نحن بحاجة إلى حكمة ، والحكمة تقتضي إذا هذا الإنسان إنسان فقير يمكن مبلغ من المال يحل به كل مشاكله ، أعطه ألفين على العيد ، يريد أن يؤمن لأولاده ثياباً وطعاماً ، وكل إنسان متلاف للمال ، قريب ولكن لا يوجد فيه دين ، يدخن مثلاً أو يشرب وأولاده جائعون لمثل هذه الحالة الأولى أن تعطيه الزكاة عيناً ، وأنا والله أعلم أخوان في هذا الجامع أنا أجلهم جداً يهيئون مؤونة شهر لأسرة من خمسة أشخاص ، سمنة ورز وسكر في علبة من الكرتون ، مؤونة شهر لخمسة أشخاص ، والفقير خففت عنه عبء الشراء ، وأنت تأخذ كمية كبيرة تأخذها بسعر أقل وتأخذها نوعية جيدة ، يوجد أناس يجولون بمركباتهم بعد صلاة الفجر ويوزعون مواد عينية على الفقراء ، وأبواب الخير لا يعلمها إلى الله .
أحياناً من الصعب أن تعطي إنساناً في دمشق كيساً من القمح وتقول له : هذه زكاة مالي ، أين يطحنه ؟ وأين يخبزه ؟ يعمر تنوراً في البيت مساحة البيت سبعين متراً !! ليس معقولاً ، ليس كل شيء يدفع عيناً ، أما أعطي كيس قمح لرجل في الريف فهذا شيء ثمين جداً ، الطاحونة جاهزة والتنور موجود ، والأهل جاهزون ، تحتاج إلى حكمة .
على الإنسان أن يبحث عن المصرف الصحيح أثناء تأدية الزكاة :
لي ملاحظة على بعض أخواننا ، يهمه فقط أن يدفع زكاة ماله ، هذه عبادة ، وأنت بارك الله لك ، دفعت زكاة مالك ولكن ينبغي أن تبحث عن المصرف الصحيح ، ثلاثة أشخاص ، اثنان مؤمنان أيهما أفقر ، اثنان فقراء أيهما أقرب إلى الإيمان ، اثنان فقراء ومؤمنان أيهما أقرب نسباً ، اثنان أقرباء أيهما أشد إيماناً ، وكلما وجدت مساواة بشرط حرك الثاني ، تساويا في الشرطين حرك الثالث ، اجعل الشرط الثاني هو المرجح ، تساويا بشرطين اجعل الثالث مرجحاً ، طبعاً الأقربون أولى بالمعروف هذه قاعدة ، وليست حديثاً شريفاً ولا آية ، هذه قاعدة ، قالوا: الأقربون نسباً وفقراً وإيماناً ، اثنان فقراء أيهما أقرب إلى الإيمان ، اثنان مؤمنان أيهما أقرب إلى الفقر ، اثنان قريبان أيهما أفقر ، أبداً كلما أخذت اثنين حرك الثاني اجعل الشرط الثاني هو الحكم والمرجح .
لزكاة الدّين أربعة أحكام :
أما زكاة الدين ففيها أربعة أحكام ، أولاً : الدين نوعان ، دين ثابت واحتمال أن يعود إليك قائم ، و دين ليس ثابتاً ، شرطان ، أحياناً يوجد خلاف على موضوع الدين ، دينك ليس ثابتاً وهو عدّه أجرة ، أنا لي معه ، دفعت له دفعة وكلفته بعمل وهو عدّ المبلغ كله أجرته ، وأنا لي معه عشرة آلاف هذا الدين ليس ثابتاً ، الدين فيه عنصران الثبات والأداء ، إذا كان الدين ثابتاً وأداؤه محققاً فحكم زكاته أربعة أحكام ، أولاً : تجب عليه الزكاة ولو لم تقيده ، رجل ميسور أدان مئة ألف ومعه مليون ، يدفع على المئة ألف زكاته .
الحالة الثانية دين ثابت وأداؤه ثابت يمكن أن تدفع زكاته حينما تقبضه ، أما إذا قبضته فتدفع الزكاة عن الأعوام السابقة هذا الحكم الثاني .
الحالة الثالثة : حينما تقبض المال تدفع زكاته عن العام الحالي فقط ، الحكم الرابع: لا زكاة على الدين لأنك لم تنتفع به ، انتفع به المدين ، فالقضية متعلقة بحالة الإنسان إذا كانت حالته المادية جيدة جداً ، وأقرض إنساناً مبلغاً ثابتاً وأداءه ثابتاً ، ادفع عنه زكاة وتقرب إلى الله ، ورجل معه مئة ألف لا يملك غيرها قدمها دين لآخر ، حينما يستردها يدفع عنها الزكاة إما عن الأعوام السابقة ليرقى بها عند الله ، أو عن عامها الأخير ، وإذا قال : أنا لم أنتفع بهذا المال بقي معه خمس سنوات ، أنا لا يوجد عليّ زكاة ، نقول له : يوجد مذهب يغطي حالتك ، أربعة مذاهب في موضوع الدين الثابت ، أما الدين غير الثابت وغير المتوقع الأداء فهذا الدين لا تجب فيه الزكاة إلا إن دفع ، عندما تقبضه تدفع زكاته .
أرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون قد ألممنا إلمامة سريعة في أحكام الزكاة التفصيلية ، وإن شاء الله في درس سابق نتابع مصارف الزكاة وهذا درس هام جداً .