وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة عبس - تفسير الآيات 01 - 16 ، منهج الإنسان في الدعوة إلى الله .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

مكانة الإنسان عند الله بحجم طلبه للعلم :

 أعزائي المشاهدين ؛ أخوتي المؤمنين ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، لازلنا في تفسير الجزء الثلاثين من القرآن الكريم ، واليوم في سورة عبس ، قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾

[ سورة عبس : 1-4 ]

 أيها الأخوة ؛ هذه قصة والأدق من ذلك أنها حكاية قصيرة جداً ، حدث واحد ، الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾

[ سورة عبس : 1-2 ]

 كان في لقاء مع علية القوم ، جاءه الأعمى فعبس وتولى ، الحقيقة أن هذا وصف وليس تقييماً ، النص لم يقيّم عمل النبي صلى الله عليه وسلم لكنه وصف ما فعل ، ولا شك أن كل واحد منا إذا كان جالساً مع شخص يُعَلق أهمية كبيرة على إيمانه لأنه من المتبوعين ، فإذا آمن آمن من حوله ، فالنبي باجتهاد صحيح وراق ويرفع من مكانه عند الله عبس وتولى أن جاءه الأعمى ، لكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يلفت نظرنا إلى شيء آخر ، فلذلك بادئ ذي بدء الكلام خبر ، والخبر يقابله الإنشاء ، الأمر إنشاء ، النهي إنشاء ، التمني إنشاء ، الترجي إنشاء، أما أن تذكر شيئاً وقع فهذا خبر ، فلذلك أخبرنا الله عن موقف النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاءه الأعمى فعبس وتولى أن جاءه الأعمى .
 الآن درس بليغ أراد الله أن نتعلمه من هذه السورة ، أو من تلك الحكاية إن صح التعبير .
 النقطة الدقيقة أن هذه الحكاية تبين أن الذي يطلب الحق هو الذي يسمو عند الله ، والذي يعرض عنه مهما يكن ذا شأن كبير لا وزن له عند الله ، لأن الحق هو الله ، فالذي يسعى لمعرفة الحقيقة هذا الإنسان مكرم ، هو المخلوق الأول ، خلقه لجنة عرضها السموات والأرض ، سخر الله عز وجل له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه تسخير تعريف وتكريم ، فهذا الإنسان إذا تحرك هو كائن متحرك ، الذي يحركه الحاجة إلى الطعام والشراب ، والحاجة إلى الشريك - الزواج - والحاجة إلى تأكيد الذات ، هذه الحركة إما أن تكون وفق منهج الله ، فيسلم ويسعد ، أو أن تكون هذه الحركة بخلاف منهج الله فيشقى ويهلك ، فالموضوع بالتعبير المعاصر مصيري ، إما إلى جنة عرضها السموات والأرض أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، فكأن هذه القصة اللطيفة القصيرة تبين لنا أن مكانة الإنسان عند الله لا بحجمه المالي ، ولا بمكانته الاجتماعية ، ولا بقدرته ، ولا بقوته ، ولا بسلطته ، لكن حجمه عند الله بحجم طلبه للعلم ، لذلك أعلى وصف يوصف به الإنسان أنه طالب علم ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم .
 الشيء الذي ينبغي أن نذكره الآن سريعاً ، الجماد شيء يشغل حيزاً ، وله ثلاثة أبعاد ، وله وزن ، النبات يزيد عليه بالنمو ، والحيوان يزيد عليه بالحركة ، إلا أن الإنسان يزيد على كل أولئك بقوة إدراكية أودعها فيه ، هذه القوة الإدراكية ما لم تلبَّ بطلب العلم ، هبط الإنسان عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، لذلك ما لم تطلب العلم ، ما لم تبحث عن الحقيقة ، ما لم تسأل لماذا أنا في الدنيا ، ما لم تسأل ما سر وجودي في الدنيا ؟ ما الذي ينبغي أن أفعله في الدنيا ؟ كيف تنتهي الدنيا ؟ ما الموت ؟ ما حقيقة الموت ؟ ماذا بعد الموت ؟ ما لم تنتقل من الشأن الخاص ؛ من الطعام والشراب والزواج والإنجاب وتزويج الأولاد هذا شأن خاص يعنى به جميع أهل الأرض ، ما لم ترتق من الشأن الخاص إلى الشأن العام من خلقني ؟ لماذا خلقني ؟ ماذا يريد مني ؟ كيف أسلم من عقابه ؟ كيف أتقرب إليه ؟ ما لم تشغل نفسك بالشأن العام هبطت عن مستوى إنسانيتك إلى مستوى لا يليق بك .

 

أسعد حالة يعيشها الإنسان شعوره أنه أفلح عند الله و حقق الهدف من وجوده :

 هذه القصة القصيرة ، قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾

[ سورة عبس : 1-2 ]

 لكن الله عز وجل يلفت النظر ، قال تعالى :

﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾

[ سورة عبس : 3]

 بالمناسبة الآية الوحيدة في القرآن الكريم ولها آية مثيلة ، قال تعالى :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 9]

 ما معنى أفلح ؟ لا تعني أفلح أنه نجح ، أرقى من النجاح ، أفلح أي أنك حققت الهدف من وجودك ، أنت خلقت لجنة عرضها السموات والأرض ، فإذا سعيت نحو الجنة ، أنت من المفلحين الذين حققوا هدف وجودهم ، لذلك أسعد حالة يعيشها الإنسان أن يشعر يقيناً أنه أفلح عند الله ، حقق الهدف من وجوده . قال تعالى :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 والعبادة علة وجودنا في الأرض ، وهي طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .

 

تزكية النفس بطاعة الله و الإقبال عليه :

 فلذلك أيها الأخوة ؛ قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾

[ سورة عبس : 1-3]

 وما يدريك يا محمد لعله يزكى - هذا الأعمى - فإذا زكى نفسه بمعرفة الله ، وزكى نفسه بطاعته ، وزكى نفسه بالإقبال عليه ، ارتقى عند الله إلى أعلى عليين ، قال تعالى :

﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾

[ سورة عبس : 2-4 ]

 الآن الذكرى أنت إذا ذهبت إلى مكان جميل وعدت إليه بعد سنوات عدة تقول : أنا أذكر ذلك ، ماذا تفيد هذه الآية هنا ؟

﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾

[ سورة عبس : 4 ]

 أي الحق أودع في نفوسنا قديماً فالإنسان إذا اهتدى نقول : تذكر ، تذكر العهد الذي قطعه لله في عالم الأزل ، تذكر أن الله خلقه لجنة عرضها السموات والأرض ، تذكر أن الله كرمه لأنه قبل حمل الأمانة ، هذه كليات الحياة .
 أخواننا الكرام ؛ عندنا مرض خطير اسمه الغرق في الجزئيات ، كل واحد يفتح دفتر أعمال اليوم ، دفع الهاتف ، دفع الكهرباء ، الالتقاء بفلان ، توكيل المحامي فلان ، هذه أعمال يومية قد تستهلكنا ، وقد نموت ولا تنتهي ، لكن هناك سؤالاً كبيراً ، من أنت ؟ أنت المخلوق الأول ، لماذا خلقت ؟ للسعادة ، قال تعالى :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود:119]

 فهذه القصة القصيرة تلفت النظر إلى علة وجودنا ، قال تعالى :

﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾

[ سورة عبس : 3]

 أي يعرف الله ، يقبل عليه ، تطهر نفسه ، هذه الطهارة النفسية ، هناك طهارة وهناك تزكية ، الطهارة أن تطهر نفسك من كل عيوب النفس ، من الحسد ، من الكبر ، من ... ثم أن تتحلى بالكمالات الإلهية ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 أنت حينما تتخلق بخلق من أخلاق الله الكاملة هذا التخلق بخلق الله عز وجل يعينك على أن تقبل عليه ، قال تعالى :

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

الحكمة من ترك هامش اجتهادي ضيق للنبي الكريم :

 إذاً الآن عندنا بحث آخر متعلق بهذه الآيات ، الله عز وجل قال عن نبيه الكريم :

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم : 3-4]

 كلام النبي صلى الله عليه وسلم بأكمله وحي يوحى ، لذلك العلماء قالوا : هناك وحي متلو هو القرآن ، وهناك وحي غير متلو هو السنة ، كلام النبي وحي يوحى ، إذاً كل أقوال النبي وحي يوحى ، إلا أن حكمة إلهية كبيرة أنها تركت للنبي هامشاً اجتهادياً ضيقاً جداً ، هذا الهامش الاجتهادي ، النبي كلف أن يجتهد ، وأن يتخذ قراراً ، فإذا جاء اجتهاد النبي وفق الشرع، وفق الوحيين ، سكت الوحي عن اجتهاده إقراراً ، وإن جاء اجتهاد النبي بخلاف ما ينبغي الوحي صحح له ، قال تعالى :

﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة التوبة: 43]

 تصحيح ، قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾

[ سورة عبس : 1-2 ]

 تصحيح ، لماذا هذا التصحيح ؟ هناك ملمح دقيق جداً في هذه الآية ينبغي أن يكون هناك فرق كبير بين مقام الألوهية المطلق وبين مقام البشرية ، لو أن الوحي لم يصحح له لاختلط على الناس مقام الألوهية مع مقام البشرية ، وربما عبد من دون الله ، فلذلك أراد الله من هذه القصة أن يظهر طبيعة الإنسان ، وأن يبين عظمة الواحد الديان ، قال تعالى :

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾

[ سورة عبس : 1-4 ]

 هذا الهامش الاجتهادي ترك للنبي ليكون هناك فرق واضح جداً بين مقام الألوهية ومقام النبوة .

 

تمتع المؤمن بنعمة الأمن لأن الله معه :

 أخواننا الكرام ؛ الحقيقة أنه لا يوجد كلمة يمكن أن تسعد الإنسان كأن يكون فالحاً ، أي حقق الهدف من وجوده ، لذلك الإنسان إذا ابتعد عن الله ، وغفل عنه ، يعاني من قلق متنام مع تقدم السن ، يسكن في بيت مع زوجة ، مع أولاد ، له مكانة اجتماعية ، له دخل معقول ، عنده مركبة ، له علاقات اجتماعية طيبة ، هذه الحياة تنتهي إلى القبر ، فالموت شيء مخيف من كل شيء إلى حفرة تحت الأرض ، من بيت كبير ، من أهل ، من أولاد ، من كنائن ، من أصهار ، من مكانة اجتماعية ، من منصب رفيع أحياناً ، من دخل كبير إلى القبر ، هذه النقلة الخطيرة ينبغي أن يستعد الإنسان لها ، إن استعد لها دخل في حالة أمن مع الله ، لذلك قال تعالى :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 81-82]

 دقة اللغة العربية ، لم يقل الله عز وجل : أولئك الأمن لهم ، لو قال : أولئك الأمن لهم أي لهم و ولغيرهم ، لكنه قال :

﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾

  حينما قدمنا وأخرنا في المبتدأ والخبر، صار هناك حالة اسمها القصر ، أي الأمن لهم وحدهم .
 بالمناسبة لا يتمتع بنعمة الأمن إلا المؤمن ، وأما أي مشرك ، قال تعالى :

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة آل عمران: 151]

 أكبر قوة في الأرض إذا أشركت يقذف في قلبها الرعب ، وأي إنسان مهما يكن ضعيفاً إذا آمن ألقى الله في قلبه الأمن ، وأنا أعلق تعليقاً لطيفاً : بقلب المؤمن من الأمن ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم ، ألا ينبغي أن تتمتع بنعمة الأمن ؟ الأمن غير السلامة ، نعمة السلامة ألا تصاب بمكروه ، لكن نعمة الأمن أبلغ من ذلك ألا تتوقع المكروه ، لذلك قال تعالى :

﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾

[ سورة التوبة : 51 ]

 قل يا محمد لأصحابك ليقولوا أيضاً معك : لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا.
 والله أيها الأخوة ؛ يتمتع المؤمن بنعمة الأمن بشكل لا يوصف ، يشعر أن الله معه، إذا كان الله معه فمن عليه ؟ وإذا كان عليه فمن معه ؟ إذاً قال تعالى :

﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ﴾

[ سورة عبس : 4 -5]

 قوي له مكانة في قبيلته ، قال تعالى :

﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ﴾

[ سورة عبس :5-7]

التبليغ مهمة النبي الأساسية :

 لذلك قال تعالى :

﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾

[ سورة البقرة :272]

 أي أنت يا محمد لا تحاسب عن عدم هدايتهم ، أنت بلغ ، قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾

[ سورة المائدة : 67 ]

 المهمة التبليغ ، لذلك هذا الذي أدار ظهره للدين ، أعرض عن الدين لا تعبأ به ، اعبأ بمن التفت إليك ، كنت أقول دائماً : الذي أقبل عليك أعطه روحك ، والذي أعطاك جنبه أدر له ظهرك ، الإيمان فيه عزة ، المؤمن عزيز النفس ، لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه ، قال تعالى :

﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾

[ سورة عبس :8-10]

 عتاب رقيق لماذا ؟ لأن هذا المقام مقام النبي الكريم مقام البشر ، والإله مقامه مقام المطلق ، فالإله المطلق عاتب نبيه الكريم ليكون هناك فرق بين المقامين ، إلا أن هناك ملاحظة قالوا : لا معصية من دون تكليف . أنت حينما تكون في بناء و هناك أبواب ثلاثة ، كتب على إحداها : ممنوع الخروج من هذا الباب ، هذا تكليف ، فإذا خرجت من هذا الباب أنت في معصية ، الموضوع ليس له علاقة بالمعاصي إطلاقاً ، لكن له علاقة بتوجيه الله عز وجل توجيهاً دقيقاً جداً لنبيه ، لا تعبأ بالأقوياء المعرضين ، ولكن التفت للمؤمنين الصادقين ، وهذا من شأن الدعاة أيضاً ، أحياناً الداعية يظن أنه إذا التقى مع شخص كبير يرقى ، لا ، التق مع هؤلاء الذين يريدون وجه الله ، هؤلاء ولو كانوا ضعافاً الضعاف للدنيا فقط .
 أخواننا الكرام ؛ قال تعالى :

﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾

[ سورة عبس :12-16]

 أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بهذه الآيات الكريمة ، وأن تكون منهجاً لنا في الدعوة إلى الله .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور